لا مـفـر
الوضع الخطير للفلسطينيين في العراق
عشت في بغداد ثمانيةً وخمسين عاماً، وهذه هي المرة الأولى التي أغادرها. إن تركي العراق أشبه باقتلاع جذوري. لقد ولد جميع أطفالي هناك، لكنني أخرجتهم معي جميعاً؛ أبنائي الستة عشر وأحفادي أيضاً. لم يعد بوسعنا الخروج إلى الشارع بعد أن خنقوا ابن شقيق زوجتي. لم يعد العيش في العراق ممكناً أبداً. تركت بيتي وأثاثي كله، لكني لم أترك سيارتي لأنها سرقت منذ سنة. لم نكن نعرف أين نذهب، فقد كان هدفنا هو الخروج وحسب، للنجاة بأنفسنا وبأطفالنا.
- لاجئ فلسطيني، مخيم طريبيل على الحدود العراقية،30 أبريل/نيسان 2006.
I. ملخص
شهد الوضع الأمني لما يناهز 34000 لاجئاً فلسطينياً في العراق تدهوراً حاداً منذ سقوط حكم صدام حسين في أبريل/نيسان 2003. وتقوم جماعات مسلحة، جلّها من الشيعة، باستهداف هذه الأقلية التي يغلب عليها الطابع السني. فهم يهاجمون مبانيهم، ويقتلون عشراتٍ منهم، ويتوعدونهم بالأذى إن لم يغادروا العراق فوراً. وفي خضم العنف السياسي والإجرامي في العراق، تم استهداف الفلسطينيين أكثر من الأقليات الأخرى بسبب الاستياء من المكاسب التي حصلوا عليها إبّان حكم صدام حسين، وكذلك للاشتباه بأنهم يناصرون المقاومة.
تتحمل الحكومة العراقية شطراً كبيراً من المسؤولية عن محنة الفلسطينيين في البلاد. ويساهم عناصر وزارة الداخلية في ما يصيب الفلسطينيين من اعتقالات تعسفية وتعذيب وقتل وحالات "اختفاء". ورغم تمتعهم بصفة اللاجئين، فإن فلسطينيي العراق يخضعون إلى شروط تسجيل جديدة شديدة الوطأة تفسح المجال أمام العداوة البيروقراطية. وعلى النقيض من المواطنين العراقيين المعرضين للخطر، والذين يتمكن معظمهم من إيجاد ملجأ خارج البلاد، فليس أمام الفلسطينيين مكانٌ يفرون إليه. فدول المنطقة (مع استثناءاتٍ قليلةٍ عارضة) تغلق حدودها بإحكامٍ أمام الفلسطينيين الفارين من العراق. ولا يكاد المجتمع الدولي يفعل شيئاً لتخفيف هذه المحنة.
لقد أضحى اللاجئون الفلسطينيون في العراق هدفاً للعنف والمضايقات والطرد من المنازل عقب سقوط الحكومة العراقية عام 2003 على يد قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة. حيث دأب مهاجمون مجهولون على إطلاق أسلحتهم الهجومية وقذائف الهاون على أماكن سكن الفلسطينيين، وإلقاء القنابل داخل بيوتهم. ولعل من الأسباب الهامة للعداوة قيام الحكومة العراقية السابقة بتقديم السكن المدعوم للفلسطينيين، وغالباً على حساب المالكين الشيعة الذين كانت الحكومة تدفع لهم بدلات إيجار زهيدة. وفور سقوط حكومة صدام، قام المالكون الشيعة بطرد المستأجرين الفلسطينيين.
ومنذ ذلك الحين استمرت ظروف اللاجئين الفلسطينيين في العراق بالتدهور. وأدى تفجير 22 فبراير/شباط 2006 الذي دمر واحداً من أقدس الأضرحة الشيعية، وهو جامع الإمام العسكري في سامراء، إلى موجةٍ من القتل الطائفي لازالت مستمرةً حتى اليوم. حيث هاجم مسلحون قيل بأنهم من الشيعة أماكن سكن الفلسطينيين في بغداد فقتلوا عشرة منهم على الأقل كان بينهم شقيقا الملحق الفلسطيني السابق في بغداد، واللذين اختطفا من منزل والدهما يوم 23 فبراير/شباط ثم وجدا مقتولين في أحد برادات الجثث بعد يومين. وعشية تفجير سامراء، قتل أشخاصٌ مجهولون سمير خالد الجيّاب، وهو فلسطيني في الخمسين، بأن ضربوه على رأسه بالسيف وأطلقوا عليه أكثر من 20 طلقة. وفي 16 مارس/آذار، قام مسلحون مجهولون في حي الشعلة ببغداد بخنق الحلاق الفلسطيني محمد حسين صادق البالغ 27 عاماً حتى الموت، إضافةً إلى اثنين من العراقيين السنة.
وفي أواسط شهر مارس/آذار، وزعت جماعةٌ مقاتلة تدعو نفسها " سرايا يوم الحساب" منشورات في مناطق سكن الفلسطينيين متهمةً إياهم بالتعاون مع مجموعات المتمردين. وقالت تلك المنشورات: "ننذركم بأننا سنطردكم جميعاً إذا لم تغادروا المنطقة نهائياً خلال عشرة أيام". وقد أدت حوادث القتل والتهديد به إلى جعل الفلسطينيين يعيشون "حالة صدمة" كما يقول مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين. كما دعت تلك الحوادث رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس والمفوض السامي للاجئين أنطونيو غوتيريس إلى مناشدة الرئيس العراقي جلال الطالباني التدخل لوقف أعمال القتل بحق الفلسطينيين. ومازال الذعر يحيط بتجمعات الفلسطينيين في بغداد، وهناك آلافٌ من فلسطينيي العراق يتلهفون لمغادرته. ومازال القتل مستمراً، فقد أفادت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن مقتل ما لا يقل عن ستة فلسطينيين عراقيين في بغداد وعن تجدد تهديدات القتل الموجهة إلى الفلسطينيين في الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو/أيار.
ولم تفعل الحكومات العراقية في مرحلة ما بعد صدام شيئاً يذكر لحماية الفلسطينيين العراقيين (الذين منحوا جميع حقوق المواطنين ما عدا المواطنة الفعلية وحق التملك). كما ساهم بعض العناصر داخل الحكومة مساهمةً فعلية في انعدام الأمن الذي يعيشونه. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2005، دعت وزيرة الهجرة والمهجرين الحكومة إلى إبعاد جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى غزة متهمةً إياهم بالمشاركة في الأعمال الإرهابية. وقد تلقت هيومن رايتس ووتش إفاداتٍ متطابقة من فلسطينيين عراقيين تتحدث عن قيام جهات تابعة لوزارة الداخلية بمضايقة اللاجئين الفلسطينيين في العراق وممارسة التمييز بحقهم واستهدافهم بالاعتقال واتهامهم بالإرهاب. وتحدث فلسطيني احتجز ثمانيةً وستين يوماً في قاعدة الكوت العسكرية جنوب بغداد عن التعذيب الذي يعتقد أنه تعرض له لمجرد كونه فلسطينياً: كان الحرس يدخلون غرفة الاحتجاز ويسألون عن "الفلسطيني"؛ وكانوا يضربونه بانتظام ويعرضون قضيبه للتيار الكهربائي. وقد قال محامي مجموعة من الفلسطينيين اعتقلوا في مايو/أيار 2005 بتهمٍ تتعلق بالإرهاب أن موكليه تعرضوا للضرب بالسلاسل الحديدية وللصدمات الكهربائية ولحرق الوجه بالسجائر، ووضعوا في غرفةٍ تغمرها مياهٌ مكهربة. كما اعتقلت وحدات الحرس الوطني العراقي في أبريل/نيسان 2005 فلسطينياً في الخامسة والسبعين من العمر؛ ومازال الرجل "مختفياً"، مع وجود شكوك بقيامهم بقتله أثناء الاحتجاز.
وبعد أن كان اللاجئون الفلسطينيون يتمكنون بسهولةٍ من تجديد إقامتهم في العراق فيما مضى، أصدرت وزارة الداخلية تعليماتها لهم بالحصول على تصاريح إقامة قصيرة الأجل معاملةً إياهم بوصفهم أجانب غير مقيمين بدلاً من معاملتهم كلاجئين معترفٍ بهم. كما أن إجراءات الحصول على الإقامة شاقةٌ ومرهقة، إذ تتطلب أن يُحضر اللاجئ الفلسطيني جميع أفراد أسرته إلى مكتب تابع لوزارة الداخلية بغية تجديد تصاريح الإقامة، وهو أمر قد يستغرق أياماً أو أسابيع. كما أن تصاريح الإقامة الجديدة تكون صالحةً لشهرٍ أو شهرين فقط.
ويواجه الفلسطينيون الذين يحاولون الفرار من العراق عقباتٍ أكبر بكثير مما يواجهه المواطنون العراقيون بمن فيهم أفراد الأقليات الأخرى المعرضون للخطر كالمندائيين والكلدان. حيث ترفض البلدان المجاورة كالأردن والكويت والسعودية وسوريا استقبالهم، ولا تسمح إسرائيل عموماً بعودتهم إلى أراضيها أو إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. أما فرص إعادة توطينهم في بلدانٍ أخرى فهي محدودة جداً.
لقد أدت الهجمات التي استهدفت اللاجئين الفلسطينيين العراقيين عام 2003 إلى تشريد الآلاف منهم داخلياً، إضافةً إلى فرار المئات إلى الأردن. وقد أغلق الأردن حدوده في البداية، ثم سمح بدخول عدة مئات منهم إلى مخيم الرويشد المعزول القاحل الذي يقع على مسافة 85 كم داخل الحدود الأردنية. أما بقية الفلسطينيين العراقيين فظلوا أكثر من سنتين في مخيم الكرامة الذي لا يقل قسوةً والواقع داخل المنطقة العازلة على الحدود العراقية الأردنية، إلى أن قامت السلطات الأردنية بإغلاقه عام 2005 ونقلهم إلى مخيم الرويشد. وخلال السنوات الثلاث الماضية، كان عدة مئاتٍ من الفلسطينيين بمثابة سجناء في مخيم الرويشد. وقد فضل قرابة 250 منهم العودة إلى الوضع الخطير الذي كانوا يعيشونه في العراق على البقاء في المخيم دون بارقة أمل بإيجاد حلٍّ لمحنتهم.
لقد بقيت مجموعةٌ من الفلسطينيين العراقيين يناهز عددها 200 شخصاً عالقةً على الجانب العراقي من الحدود مع الأردن منذ مارس/آذار حتى مايو/أيار 2006، بعد أن رفض الأردن إدخالهم وقامت قوات حرس الحدود العراقية بإعادتهم قسراً إلى الأراضي العراقية. وعلى إثر طلبٍ قدمه وزير خارجية السلطة الفلسطينية، سمحت سوريا لهؤلاء اللاجئين الفلسطينيين بدخول أراضيها ثم عادت فأغلقت حدودها أمامهم على الفور.
إن هيومن رايتس ووتش تدعو الدول المجاورة للعراق إلى فتح حدودها أمام اللاجئين الفلسطينيين القادمين من العراق ومنحهم نفس فرص النجاة من الاضطهاد والعنف المعمم التي تمنحها للعراقيين. إن أزمة اللاجئين الفلسطينيين الراهنة في العراق تستدعي حلاً إقليمياً، وعلى جميع دول المنطقة (بما فيها إسرائيل ودول الخليج) المساهمة في تحمل عبء قبول اللاجئين الفلسطينيين الفارين من العراق وإيوائهم. كما ينبغي على المجتمع الدولي كله مساعدة حكومات المنطقة والمساهمة في حمل ذلك العبء إما بالمساعدة المالية أو من خلال توطينهم في بلدان أخرى.
II.توصيات
إلى السلطات العراقية، بما فيها وزارة الداخلية ووزارة الهجرة والمهجرين:
التأكيد العلني على التزام العراق باستضافة اللاجئين الفلسطينيين ضمن شروطٍ إنسانيةٍ آمنة، وعدم التسامح مع الانتهاكات التي يتعرضون لها، وكذلك التحقيق فيها وإحالتها إلى القضاء؛
توفير إجراءات أمنية خاصة في الأحياء والمخيمات التي يقيم فيها الفلسطينيون العراقيون؛
اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإنهاء حالات التعذيب و"الاختفاء" والتصفية الفورية وغيرها من الانتهاكات التي تقوم بها قوات الأمن العراقية، والتحقيق مع مرتكبيها ومعاقبتهم؛وكذلك التحقيق فيما إذا كان يتم استهداف فلسطينيي العراق بالانتهاكات بغية اتخاذ التدابير اللازمة بحق مرتكبيها؛
ضمان تلقي الفلسطينيين العراقيين المعاملة الرسمية المتناسبة مع وضعهم كلاجئين معترف بهم، وإلغاء شروط التسجيل المضنية التي تفرضها مديرية الإقامة في وزارة الداخلية.
إلى الولايات المتحدة والقوات متعددة الجنسيات في العراق:
مساعدة الحكومة العراقية على توفير الأمن للاجئين الفلسطينيين في العراق، ومراقبة معاملة القوات العراقية لهؤلاء اللاجئين. والعمل على ضمان إجراء التحقيق في الانتهاكات التي ترتكبها القوات العراقية بحق الفلسطينيين العراقيين، ومعاقبة مرتكبيها من قبل السلطات المعنية.
إلى حكومات الأردن وسوريا وباقي دول المنطقة:
الاعتراف بأن فلسطينيي العراق مجموعة سكانية مهددة بشكلٍ خاص، وفتح الحدود أمام الفلسطينيين الفارين من العراق؛
ضمان عدم تعرض أي لاجئ فلسطيني عراقي إلى الإبعاد القسري، سواءٌ على الحدود (برفض السماح له بالدخول) أو بعد دخوله البلد المضيف؛
ضمان معاملة الجهات الحكومية اللاجئين الفلسطينيين العراقيين، ضمن حدود كل دولة، معاملةً كريمة واحترام حقوقهم الإنسانية بما فيها حقهم في الانتقال داخل البلد المضيف؛
توفير الحماية والمساعدة لجميع الفلسطينيين العراقيين ضمن حدود كل دولة، وذلك مع وجود تعاون ومساعدات مالية من جانب المجتمع الدولي؛
على بلدان المنطقة التي لا تستضيف لاجئين فلسطينيين عراقيين مشاركة البلدان المضيفة في تحمل العبء عن طريق المساعدات الإنسانية والمساهمات المالية؛
السماح للفلسطينيين العراقيين المتزوجين من مواطنات من دول المنطقة بدخول بلد الزوجة مع بقية أفراد الأسرة.
إلى حكومة إسرائيل:
في ظل عدم وجود حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين عموماً، السماح للاجئين الفلسطينيين العراقيين الذين لهم صلاتٌ مباشرة بقطاع غزة بالعودة إلى المناطق التي تديرها السلطة الوطنية الفلسطينية الآن.
إلى مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين:
بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، المراقبة اللصيقة والإبلاغ عن الهجمات والانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في العراق، وكذلك مراقبة مدى تمكنهم من الحصول على حق اللجوء وغير ذلك من الجوانب المتعلقة بمعاملتهم في المنطقة؛
مواصلة الدعوة إلى التزام الدول المجاورة بالسماح للاجئين الفلسطينيين العراقيين بدخول أراضيها ومعاملتهم معاملة منسجمة مع المعايير الدولية؛
تأمين أماكن لإعادة التوطين خارج المنطقة، وذلك بتعاونٍ فاعلٍ من جانب المجتمع الدولي وخاصةً حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة؛ وتمكين اللاجئين الفلسطينيين العراقيين الذين لا يستطيعون الاندماج في دول المنطقة من العودة إلى وطنهم أو إلى العراق، أو توفير أماكن لإعادة توطينهم في بلدانٍ أخرى؛
الإصرار على اتخاذ السلطات المعنية في العراق، بما فيها قوات الأمن العراقية والقوات متعددة الجنسية بقيادة الولايات المتحدة، جميع الخطوات اللازمة لضمان سلامة اللاجئين الفلسطينيين العراقيين وحماية حقوقهم.
إلى المانحين والمجتمع الدولي:
حث حكومات الدول المجاورة للعراق على إبقاء حدودها مفتوحةً أمام الفلسطينيين العراقيين الفارين من الاضطهاد والعنف في العراق، والإصرار على معاملة الفلسطينيين العراقيين الفارين من العراق بما ينسجم مع المعايير الدولية؛
على الدول المانحة الالتزام بواجبها القانوني والإنساني في المساهمة بتحمل مسؤولية اللاجئين من خلال تقديم الدعم المالي والإنساني لنشاطات حماية ومساعدة الفلسطينيين العراقيين الفارين من العراق؛
على المجتمع الدولي توفير فرص إعادة التوطين في بلدانٍ أخرى للفلسطينيين العراقيين غير القادرين على، أو غير الراغبين في، العودة إلى العراق أو إلى وطنهم الأصلي، أو الذين لا يتمكنون من البقاء سالمين بصفة لاجئين في بلدان المنطقة.
III. خلفية: اللاجئون الفلسطينيون في العراق
كان العراق، كما هو حال الأردن وسوريا ولبنان ومصر، من البلدان التي استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين منذ الحرب العربية الإسرائيلية في 1948 1949 التي سببت تهجيراً واسعاً للفلسطينيين من إسرائيل.[1] وعلى خلاف الدول الأخرى، لم يوقع العراق اتفاقيةً مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) التي أنشئت عام 1949 إذ فضل معالجة احتياجات اللاجئين الفلسطينيين بنفسه. ولا توجد إحصائياتٌ دقيقة لعدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق، لكن معظم صناع السياسة، بمن فيهم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين والسلطات العراقية، يقدرون عددهم قبل الحرب في عام 2003، بأربعةٍ وثلاثين ألفاً.[2]
ويمكن تقسيم هؤلاء إلى أربع مجموعات رئيسية: (1) اللاجئون الذين فروا أو طردوا أثناء حرب 1948 1949؛[3] (2) الذين فروا أو طردوا أثناء حرب 1967؛ (3) الذين فروا أو طردوا من الكويت ودول عربية أخرى في أعقاب حرب الخليج عام 1991 عندما أثار تأييد ياسر عرفات العلني لغزو العراق للكويت مشاعر معادية للفلسطينيين؛ (4) عدد كبير من فلسطينيي الدول العربية الأخرى الذين جاؤوا إلى العراق للعمل أو استقروا فيه.
وتعيش الغالبية الساحقة من فلسطينيي العراق في العاصمة بغداد. وقبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، كان قرابة 4000 فلسطيني يقيمون في مدينة الموصل الشمالية. كما كان نحو 700 فلسطيني يقيمون في مدينة البصرة الجنوبية.[4] وتقيم نسبةٌ كبيرة من فلسطيني العراق في الأحياء التالية ببغداد: المشتل، وبغداد الجديدة، والسلام، والدورة، والكرادة الشرقية، والبتاوين، والزعفرانية، والبلديات، والحرية؛ إضافةً إلى وجود عددٍ منهم في منازل خاصة موزعة في أنحاء المدينة. ويقطن معظم الفلسطينيين في مبانٍ قليلة الارتفاع بنتها الحكومة العراقية. وتتخذ بعض الأسر مباني حكومية ملجأ لها (كالمدارس السابقة). ففي حي الزعفرانية مثلاً، كانت ثماني أسر تقطن في مدرسة كانت للمكفوفين، كما كانت ثماني أسر أخرى تقطن في ملجأ سابق للأيتام. وهناك أسر فلسطينية تستأجر منازل خاصة في بعض الأحياء.[5]
لقد قاتل الجيش العراقي في المنطقة الممتدة من حيفا إلى جنين أثناء حرب 1948 1949. وعند انسحابه اصطحب عدداً من اللاجئين الفلسطينيين (وهذا ما يفسر كون كثير من العائلات الفلسطينية في العراق تنحدر من حيفا الموجودة في إسرائيل الآن). وقد قامت الحكومة العراقية بإسكان آلاف اللاجئين الفلسطينيين في المدارس ومعسكرات الجيش كتدبيرٍ عاجل. وسرعان ما بدأت تبني "أنظمة إيواء" مؤقتة لإسكانهم. وفي السبعينات أقامت الحكومة لهم مجمعاتٍ سكنية مزودة بالخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والصرف الصحي. لكن شروط المنازل المؤقتة كانت سيئة، كما أن المساكن التي بنتها الحكومة لم تكن كافيةً لاستيعاب النمو السريع في أعداد الفلسطينيين. واستجابةً لحاجة هؤلاء إلى السكن، بدأت الحكومة العراقية استئجار منازل خاصة من أجلهم وإسكانهم فيها مجاناً. ويقدر أن 63% من اللاجئين الفلسطينيين في العراق استفادوا من هذا الإسكان الذي وفرته الحكومة.[6]
وعندما أدت العقوبات الدولية المفروضة بعد حرب 1991 إلى إضعاف الاقتصاد العراقي مسببةً تضخماً هائلاً، جمدت الحكومة الإيجارات التي كانت تدفعها لمالكي المنازل التي يسكنها الفلسطينيون، وذلك على غرار كثيرٍ من المدفوعات الحكومية. وفي أواخر التسعينات، صار مالكو المنازل، وأغلبهم من الشيعة، يتلقون مبالغ زهيدة جداً كأجور للمنازل التي يسكنها الفلسطينيون (وقالالعديد من الفلسطينيين الذين تحدثت هيومن رايتس ووتش إليهم عام 2003 بأن إيجارات بيوتهم، التي كانت تدفعها الحكومة، لم تكن تعادل أكثر من دولار أمريكي واحد في الشهر). ويمنع القانون العراقي المالك من إنهاء علاقة الإيجار.[7] وبالتالي فإن المالكين الذين أجبروا على تأجير بيوتهم للفلسطينيين مقابل مبالغ تافهة قد جردوا من تلك العقارات عملياً. وفي عام 1999، حاول عددٌ من المالكين الشيعة في حي الطبجي ببغداد حل مشكلة الإيجار عن طريق القضاء. لكنهم خسروا القضية.[8]
لكن ترتيبات الإسكان المواتية التي تمتع بها الفلسطينيون لم تكن السبب الوحيد في عداء بعض العراقيين لهم. ففي سبيل تعزيز صورته كقائدٍ عربي، أعلن صدام حسين عام 2001 عن تشكيل قوة شبه عسكرية جديدة هي "جيش القدس" بهدف "تحرير" القدس. وكان الذكور العراقيون ممن بلغوا سن التجنيد، وخاصةً من الشيعة والأكراد، غالباً ما يجبرون على "التطوع" للخدمة في تلك القوة. كما كان صدام حسين يمنح علناً تعويض "الشهيد"، والذي يعادل 25000 دولار، لأسر الفلسطينيين الذين ينفذون تفجيرات انتحارية، وكذلك مبلغ 10000 دولار لأسر غيرهم من الفلسطينيين الذين قتلوا في الانتفاضة.[9] وكانت التقارير تشير إلى أن العراقيين والذين يعانون من نظام العقوبات الصارم، أبدوا الاستياء من قرار صدام حسين بإرسال مليار يورو كمساعدةٍ للفلسطينيين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.[10]
وكانت الحكومة العراقية تعفي الفلسطينيين من الخدمة العسكرية، بما في ذلك الخدمة في جيش القدس، لكنها كان تخضعهم لبعض القيود. فمنذ عام 1950، منحت الحكومة الفلسطينيين العراقيين وثائق السفر الخاصة باللاجئين دون إعطائهم جوازات سفر عراقية.[11] وقد بقي من وفدوا في أعقاب حرب 1948 1949 وأحفادهم المولودين في العراق مسجلين بصفة لاجئين، ولم يصبحوا مواطنين. (كان ذلك هو الممارسة السائدة في بلدان الشرق الأوسط باستثناء الأردن الذي منح اللاجئين الفلسطينيين الجنسية الأردنية).[12] وقد جعلت وثائق السفر الخاصة باللاجئين من سفر العراقيين إلى الخارج أمراً شديد الصعوبة؛ كما أخضع الفلسطينيون العراقيون إلى نفس القيود المفروضة على السفر إلى الخارج والتي فرضتها الحكومة العراقية على جميع العراقيين في التسعينات، وذلك من قبيل دفع 400,000 دينار عراقي (قرابة 200 دولار) للحصول على تأشيرة خروج. وفي أوائل عام 2000، أعلنت حكومة صدام حسين عن سياسةٍ جديدة تتضمن منح الفلسطينيين المقيمين في البلاد منذ 1948 حق الملكية العقارية في بغداد.[13] لكن الفلسطينيين العراقيين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش أثناء إعداد هذا التقرير قالوا أن القيود القانونية التي تمنعهم من تسجيل المنازل والسيارات والخطوط الهاتفية بأسمائهم ظلت ساريةً حتى عام 2002.[14]
IV. حرب 2003 ورد الفعل تجاه فلسطينيي العراق
إننا خائفون دائماً. وعلينا حراسة منازلنا ليل نهار. نحن ننتظر حدوث أمرٍ ما، وكلما طال بقاؤنا هنا كلما زاد حدوث ذلك الأمر احتمالاً. لماذا ننتظر؟ نحن لا نريد البقاء هنا بكل صراحة. نحن نريد الذهاب إلى بلدٍ آخر ونحتاج مساعدةً عاجلة من الأونروا.
صحيحٌ أننا كنا نشعر بالأمان عندما كان صدام هنا، لكننا لم نكن نعيش في الجنة كما يتخيل البعض. أنظروا إلى بيوتنا؛ إنها غير صالحة لمعيشة أسرنا، وهذه هي المنازل الأفضل من بين منازلنا. فبإمكاننا أن نريكم منازل أسوأ منها بكثير حيث يعيش الأطفال بجوار مياه الصرف. وفي الشتاء، تصل المياه في بيوتنا حتى الركبة بسبب عدم وجود صرف صحي.
صحيحٌ أن الحكومة العراقية أجبرت العراقيين في الماضي على تأجير منازلهم لنا بمبالغ منخفضة، لكن ذلك ليس ذنبنا. وفي ذلك الوقت [1958 - 1963]، عندما كان عبد الكريم قاسم[15] هنا، كنا ندفع 5 دنانير شهرياً. وقد كان ذلك مبلغاً محترماً، لكنه فقد قيمته تدريجياً وخاصةً بعد عام 1991 بفعل العقوبات والضائقة الاقتصادية وصار عديم المعنى. لم ترفع الحكومة العراقية قيمة الإيجار، ونحن نستطيع أن نفهم سبب إحساس مالكي البيوت بالغضب. لكن تلك ليست بالطريقة المناسبة للتعامل مع هذه المشكلة. من فضلكم أوجدوا حلاً لنا قبل أن يقع أمرٌ خطيرٌ حقاً.[16]
وبمجرد سقوط الحكومة في أبريل/نيسان 2003، بدأ فلسطينيو العراق وغيرهم ممن لا يحملون الجنسية العراقية (كالأكراد الإيرانيين، والسودانيين، والصوماليين، وغيرهم) يتعرضون لمضايقاتٍ شديدة وهجماتٍ عنيفة، إضافةً إلى الإخلاء القسري من منازلهم. والظاهر أن للمضايقات والعنف سببين رئيسيين: الأول هو غضب العراقيين إزاء ما يرونه معاملةً تفضيلية للفلسطينيين من جانب الحكومة (يشعر كثيرٌ من العراقيين الفقراء بالغضب من الحكومة العراقية لأنها قدمت السكن المدعوم للاجئين الفلسطينيين وتركتهم هم يتدبرون أمورهم بأنفسهم)؛ والثاني هو محاولات مالكي المنازل (ومعظمهم من الشيعة) استعادة عقاراتهم التي أجبرتهم الحكومة على تأجيرها للفلسطينيين مجاناً بالمعنى الفعلي.
الهجمات والتهديدات
اشتكى الفلسطينيون العراقيون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش عقب سقوط حكومة صدام حسين عام 2003 مباشرةً من الهجمات التي تعرضت لها بيوتهم، ومن التهديدات ومختلف أشكال المضايقة من جانب العراقيين. وقد رافقت الهجمات شتائم تنبئ بكره الفلسطينيين بسبب ما تلقوه من معاملةٍ تفضيلية في ظل صدام حسين وتدعو إلى طردهم من العراق.
وعلى سبيل المثال، روت نظيمة سليمان، وهي امرأةٌ في الخمسين تقيم في حي الحرية ببغداد، أن 15 رجلاً مسلحاً جاؤوا إلى منزلها يوم سقوط بغداد وقالوا لأسرتها: "هذا المنزل ملكٌ للعراقيين؛ وأنتم لا تملكون شيئاً. لقد كان صدام يحميكم. اذهبوا الآن واطلبوا من صدام أن يعطيكم بيتاً آخر". وبعد يومين من ذلك التهديد، أي في 11 أبريل/نيسان 2003، ألقى أشخاصٌ مجهولون قنبلتين داخل منزل نظيمة فدمروه وقتلوا حفيدتها ذات الأشهر السبعة راوند محمد سليمان. كما جرح ثلاثةٌ من أبنائها وثلاثةٌ من أبناء عمومتها جراحاً خطيرة استدعت نقلهم إلى المستشفى.[17]
وقد أبلغ فلسطينيون آخرون عن حدوث تهديداتٍ وهجماتٍ مماثلة في أنحاء متفرقة من بغداد. وهو ما تبينه الحالات التالية.
يروي مرتضى م، وهو سائق سيارة أجرة يسكن في "بنايات الفلسطينيين" التي تضم حوالي 80 أسرة فلسطينية في حي الزعفرانية ببغداد، كيف جاء أربعة رجال مسلحين إلى المجمع السكني يوم 22 أبريل/نيسان ودخلوا المدرسة. وقد صد السكان الفلسطينيون الهجوم بإطلاق النار على المسلحين. لكن مدنيين مجهولين جاؤوا إلى المجمع محتجين وصائحين: "اتركوا الزعفرانية كما تركتم فلسطين".[18]
وروى سمير، وهو خباز يسكن في "بنايات الفلسطينيين" في حي البلديات، أن مسلحين جاؤوا إلى المجمع السكني بعد سقوط بغداد بخمسة أيام، وكانوا يصيحون مطالبين الفلسطينيين بالرحيل ويحملونهم مسؤولية الحرب. كانوا يصيحون: "أنتم السبب"، "لقد أعطاكم صدام مليون يورو ولم يعطنا شيئاً". ثم انتقل سمير مع أسرته إلى حي الحرية، لكنه تعرض للهجوم ثانيةً من قبل مسلحين جاؤوا يحتجون خارج مركز اللاجئين ويقولون للفلسطينيين أن "يخرجوا".[19]
أما محمد، وهو موظف جمارك يعيش مع أسرته في شقةٍ بأحد "بنايات الفلسطينيين" الثلاثة في حي التأميم ببغداد (وهي تؤوي 45 أسرة فلسطينية)، فتحدث كيف تعرضوا لعشرة أيام من التهديدات وإطلاق النار قبل أن يقرروا الفرار يوم 21 أبريل/نيسان 2003. وقال محمد لهيومن رايتس ووتش:
"كانوا يحملون بنادق كلاشنكوف ويطلقون النار على المباني. كنا في الداخل، وكانوا يدخلون إلى ممر المبنى أحياناً... لقد كانوا سكارى. وكانوا يهددوننا قائلين بأنهم سيجلبون القنابل، ويقولون: 'سنحرقكم'. 'نريد أن ترحلوا. هذا البلد لنا. كنتم تحبون صدام، وهو قد ذهب الآن'".[20]
طرد الأسر الفلسطينية من منازلها
قال كثيرٌ من الأسر الفلسطينية العراقية التي تحدثت هيومن رايتس ووتش إليها عام 2003 أن التهديدات والمضايقات والعنف الذي كان يحدث أثناء النزاع على الإيجار هي السبب الرئيسي لمغادرتهم بغداد أو لانتقالهم إلى أحياء أخرى ضمن المدينة. وقد بدأ طرد اللاجئين الفلسطينيين من منازلهم بمجرد بدء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة تقريباً. وفي كثيرٍ من الحالات، قام مالكو المنازل المسلحون من الشيعة بطرد مستأجريها؛ أما في حالاتٍ أخرى فقد حاول عراقيون مسلحون طرد الفلسطينيين من المنازل الحكومية بغية الاستيلاء عليها لأنفسهم.
وقال إبراهيم خليل إبراهيم لهيومن رايتس ووتش، وهو رجل أعمالٍ متقاعد في الستين من عمره فقد المنزل الذي يستأجره منذ 22 عاماً:
اغتنم العراقيون فرصة الحرب لإخراجنا من منزلنا. لقد جاؤوا منذ بداية الحرب، حيث كان المالكون مسلحين، وقالوا: 'اخرجوا من بيتنا. لم تعد هناك حكومة، ونحن نريد بيتنا. وسنضع الآن رصاصةً في رأس كل واحد منكم'. كانوا يقصدون رأسي ورؤوس أولادي... فقلنا في أنفسنا أن هناك حرباً، وما من أحد يحمينا إن أرادوا قتلنا. وهكذا رحلنا. لم نكن وحدنا، فقد رحل كثيرٌ من الناس. لقد طردوا كل من لم يكن عراقياً مع عائلته... لم يعد لدينا من يحمينا بعد رحيل صدام.[21]
كما تركت أسرة خيرية شفيق علي شقتها العائدة للحكومة في بغداد بعد أن هددتهم مجموعاتٌ من الرجال الشيعة المسلحين جاءت أربع مرات إلى شقتهم: "هددوا بإفراغ أسلحتهم في رؤوسنا. وقد بدأوا [يأتون] يعد سقوط الحكومة؛ بعد أسبوعٍ من سقوطها تقريباً... وقد أطلقوا الرصاص على المنزل. وقالوا لنا: 'لقد رحل صدام، وأنتم لا تساوون شيئاً هنا. أنتم لا تملكون شيئاً في العراق، فإن أردتم الرحيل خذوا ملابسكم فقط'".[22]
وقدم جهاد ج. البالغ 24 عاماً روايةً شبه مطابقة عن قيام مجموعة من المسلحين بإخلاء أسرته من منزلها المعفى من الأجرة في حي الطبجي ببغداد والذي كانت تسكنه منذ الثمانينات. فبعد يومين من سقوط حكم صدام حسين جاءت مجموعة من خمسة مسلحين فحطمت باب المنزل ودخلت:
"قالوا لنا بأن نخرج من المنزل وإلا قتلونا. وكانت أسلحتهم موجهةً صوبنا. وكانوا يطلبون منا مغادرة [العراق] ويقولون أن العراق بلدهم. وقد شتموا صدام قائلين أنه عذبهم بسببنا، وأشياء أخرى من هذا القبيل. ثم أمهلونا 24 ساعة للرحيل".[23]
حدثت حالات الإخلاء القسري للفلسطينيين في جميع أنحاء بغداد، بل طالت أيضاً الفلسطينيين القلائل الذين يسكنون منازل خاصة يدفعون أجورها حسب أسعار السوق. وقال وسام أ. لهيومن رايتس ووتش، وهو سائق رافعة يعيش مع زوجته وأطفاله الأربعة، أنه أجبر على مغادرة منزله المستأجر في حي الخضراء ببغداد حيث يقطن عددٌ قليلٌ من الفلسطينيين. وكان وسام يدفع إيجاراً كبيراً يبلغ 400000 دينار عراقي سنوياً (200 دولار). وقد تعرض منزله للحصار من قبل رجالٍ مسلحين ثلاث مرات، وكانوا يطلقون النار في الهواء مطالبين الأسرة بالرحيل. ورغم تمكن وسام مع أحد جيرانه الشيعة من إخافة المسلحين بإطلاق نيران أسلحتهما الآلية في الهواء، فقد قرر مغادرة المنزل بعد الهجوم الثالث في 25 أبريل/نيسان 2003.
كما أنذر كثيرٌ من مالكي الشقق التي يسكنها فلسطينيون سكانها بالإخلاء عقب سقوط حكومة صدام حسين مباشرةً قائلين بأنهم يريدون الحصول على إيجار شققهم وفقاً لسعر السوق. وروت فاطمة (اسم مستعار)، البالغة 42 عاماً والتي تقطن في مبنى من سبعة شقق في بغداد الجديدة وتشغله أسرٌ فلسطينية، كيف كانت تعيش مع ست أسر أخرى في شقةٍ تدفع الحكومة لمالكها إيجاراً سنوياً قدره 20000 دينار عراقي (10 دولار تقريباً). وبمجرد سقوط الحكومة، طالب المالك جميع الأسر الفلسطينية بالرحيل.[24]
وأجبر صابر جميل شاهين، وهو أبٌ لثلاثة أطفال يبلغ 36 عاماً، على ترك شقته المؤلفة من ثلاث غرف في حي المشتل عندما قام المالك بزيادة الإيجار من 20000 دينار عراقي (10 دولار) إلى 100000 دينار (50 دولار) بعد شهرٍ من الحرب: "قال للآخرين أنه يريد التخلص منا. لذلك قررت الرحيل قبل أن يحدث ما هو أسوأ".[25]
وتبعاً لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بغداد، فقد تعرض نحو 344 أسرة فلسطينية في بغداد تضم 1612 فرداً للطرد أو لمغادرة منازلها قسراً بين 9 أبريل/نيسان و7 مايو/أيار 2003.[26] وقامت جمعية الهلال الأحمر العراقية، وغيرها من المنظمات الإنسانية، بتأمين إقامة مؤقتة لكثيرٍ من العائلات في مركزٍ مؤقت في نادي حيفا الرياضي بحي البلديات. وكان هذا النادي يوفر في 7 مايو/أيار 2003 إقامةً مؤقتة لحوالي 107 أسر تضم نحو 500 فرداً، وذلك في خيامٍ قدمتها جمعية الهلال الأحمر العراقية ونصبت في ملعب كرة القدم بالنادي.[27] وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2003، بلغ عدد الفلسطينيين المشردين المقيمين في نادي حيفا الرياضي حوالي 1500 شخصاً يسكنون في 400 خيمة.[28]
V. فرار الفلسطينيين من العراق عام 2003 ورد فعل الأردن
الفرار الأول وإقامة مخيمي الرويشد والكرامة
أدت المضايقات والهجمات التي تعرض لها الفلسطينيون ومواطنو دولٍ أخرى في العراق عقب بدء الحرب إلى جعل الكثيرين يلتمسون اللجوء إلى الأردن. وكان معظم الفلسطينيين الفارين من العراق يفضلون الذهاب إلى الأردن بسبب قربه النسبي وتشابه العادات والروابط العائلية، وكذلك بسبب ما يتمتع به من انفتاح وحرية نسبيين؛ إضافةً إلى أن معظم الدول المجاورة للعراق أقفلت حدودها بإحكام في وجه الفلسطينيين خاصةً.[29]
وكان الأردن قد استعد قبل حرب 2003 لاستقبال موجةٍ من اللاجئين، وذلك بمساعدة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمات الإغاثة المحلية والدولية.[30]ومع أن الأردن ليس طرفاً في معاهدة اللاجئين لعام 1951 والبروتوكول الملحق بها عام 1967،[31] فإن عليه التزامات بموجب القانون الدولي الخاص بمعاملة اللاجئين. وينص القانون العرفي حول حماية اللاجئين على أن الحظر المفروض على الإبعاد (الإعادة) "يسري حتى لحظة تقدم طالب اللجوء للدخول"، وهو يتضمن عدم رفضه عند الحدود.[32]
وبموافقةٍ من السلطات الأردنية، أعدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمات الإنسانية المشاركة مخيمين داخل الحدود الأردنية وجهزتهما لاستقبال 10000 لاجئ: واحدٌ للاجئين العراقيين -مخيم الرويشد (أ)- والثاني لمواطني الدول الأخرى الفارين من العراق -مخيم الرويشد (ب) والذي تديره منظمة الهجرة الدولية. وبدأ مواطنو الدول الأخرى، كالسودانيين والإثيوبيين والإريتريين وغيرهم، يصلون المخيم منذ 20 مارس/آذار 2003، حيث كانوا ينقلون سريعاً إلى مخيم الرويشد (ب). ولأن مواطني الدول الأخرى كانوا يخرجون من الأردن دون تأخير، فقد أغلق المخيم ب بعد فترةٍ وجيزة ولم يبق في الرويشد إلا مخيم واحد للاجئين العراقيين.
ومع تزايد العنف ضد الفلسطينيين في العراق، بدأ مئات منهم بالتحرك صوب الحدود الأردنية مع لاجئين أكراد إيرانيين تعرضوا لهجماتٍ مماثلة في مخيم الطاش للاجئين قرب الرمادي. لكن الأردن أغلق حدوده أمام هاتين الفئتين من اللاجئين مجبراً إياهم على البقاء في المنطقة العازلة على الحدود العراقية الأردنية. وبحلول 20 أبريل/نيسان، كان ما لا يقل عن 1000 فلسطيني وكردي إيراني عالقين في المنطقة العازلة.
وبعد احتجاج المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وأطراف دولية أخرى، سمحت السلطات الأردنية لنحو 550 فلسطينياً بدخول الأردن في 1 مايو/أيار 2003 ووضعتهم في مخيم الرويشد (أ). لكنها، وقبل أن تسمح لهم بالدخول، أرغمتهم على توقيع تعهد غامض الصياغة ينص على أنهم سوف يعودون إلى العراق بمجرد انقضاء الأزمة الحالية واستقرار الأوضاع.[33] ولم يسمح الأردن بدخول الأكراد الإيرانيين الذين بقي حوالي 1136 منهم في المنطقة العازلة حيث يقيمون في مخيمٍ مؤقت صار يعرف باسم مخيم الكرامة، نسبةً إلى نقطة الحدود الأردنية، واستمر هذا المخيم حتى عام 2005. كان فتح الحدود تنازلا قدمته السلطات الأردنية لمرةٍ واحدة، فبعد السماح للفلسطينيين بالتوجه إلى مخيم الرويشد سرعان ما عاد الأردن فأغلق حدوده أمام فلسطينيي العراق. أما القلة التي نجحت في اجتياز الحدود العراقية بعد ذلك فظلت في مخيم الكرامة داخل المنطقة العازلة.
مخيم الرويشد
منذ دخولهم مخيم الرويشد في مايو/أيار 2003، يعيش الفلسطينيون الذين فروا من بغداد عيشةً صعبة في الصحراء الأردنية حيث لا يملكون كبير أملٍ في الإفلات من سجنهم داخل ذلك المخيم المحروس. والفلسطينيون معتادون على الحياة في المدينة، وهم غير مستعدين لحياة الصحراء؛ كما يشكل الأطفال نحو 60% من سكان المخيم.
وشروط المعيشة في المخيم الصحراوي صعبةٌ وقاسية. حيث تهب عواصف رملية كثيرة تقذف بالرمل الناعم داخل جميع الخيام. وقد لجأ بعض عمال الإغاثة الإنسانية إلى وضع نظارات واقية للتمكن من العمل في تلك الظروف الصعبة. ويعاني سكان المخيم من تفشي المشكلات التنفسية إضافةً إلى حرّ الصيف الذي لا يحتمل. ومازال هؤلاء، وبعد ثلاث سنوات من وصولهم، يقطنون في خيامٍ بسيطة وأكواخٍ مصنوعة من إطاراتٍ خشبية وبطانيات خيطت إلى بعضها البعض. وخلال الزيارة التي قامت بها في أبريل/نيسان 2006، شهدت هيومن رايتس ووتش أعقاب هبوب عاصفة رملية قلبت مقطورةً يقيم فيها موظفو الحدود الأردنيون مما استدعى نقل ثلاثةٍ منهم إلى المستشفى.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، كان سكان مخيم الرويشد سجناء من الناحية العملية؛ إذ يحيط بالمخيم سورٌ تحرسه الشرطة الأردنية. وينال اللاجئون إذناً بمغادرة المخيم والذهاب إلى بلدة الرويشد للتسوق، لكنهم لا يستطيعون مغادرة المخيم لغير ذلك. أما عندما يحتاج اللاجئ علاجاً في المستشفى، فإن الشرطة تخفره باستمرار حتى وهو في سرير المستشفى. وأما زيارة أي شخصٍ لمخيم الرويشد (الأقارب والأصدقاء والصحفيين ومسئولو الإغاثة أو حقوق الإنسان) فتحتاج موافقة مسبقة من وزير الداخلية الأردني. وتضطر أمٌ أردنية لثلاثة أبناء فلسطينيين عراقيين (اثنان منهم قاصرون)، لا تسمح لهم السلطات بالانضمام إلى أمهم في عمان، إلى الحصول على هذه الموافقة حتى تتمكن من زيارة أبنائها في المخيم (يرد أدناه وصفٌ لمحنة هذه العائلة، وهي عائلة حدّة، أثناء احتجاز الأبناء الثلاثة في مخيم الكرامة).[34]
ويشكل الحظر الشامل المفروض على مغادرة اللاجئين للمخيم خرقاً لالتزامات الأردن بموجب القانون الدولي. فالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأردن طرفٌ فيه، يعترف بحق اللاجئين وطالبي اللجوء بحرية الحركة على قدم المساواة مع المواطنين.[35] وليس لأية دولة أن تقيد حق هؤلاء الأشخاص في حرية الحركة إلا عندما يمثلون خطراً على الأمن القومي وعندما تفرض تلك القيود عليهم بموجب القانون.[36]
وقد أدت شروط المعيشة البدائية والقاسية في المخيمات الحدودية إلى حالة وفاة واحدة على الأقل، عندما احترقت آية لؤي عوني وهدان البالغة ثلاث سنوات حتى الموت يوم 9 أبريل/نيسان 2005. كما تعرضت والدتها وإحدى الجارات إلى حروقٍ شديدة، بعد أن دفعت ريحٌ قوية بالنار فأحرقت أربع خيام. وكانت آية قد أمضت الشطر الأكبر من حياتها القصيرة في مخيم الرويشد.[37]
وقد صدر أمرٌ ملكي عام 2003 نال بموجبه 386 فلسطينياً في مخيم الرويشد، مع أزواجهم الأردنيين، لجوءاً مؤقتاً مع عائلاتهم في الأردن (لكنه منعهم من العمل).[38] أما الفلسطينيون الآخرون الذين سمح لهم بمغادرة مخيم الرويشد فهم الذين اعتقدوا أن من الأفضل لهم أن يعودوا إلى بغداد (أنظر أدناه).
مخيم الكرامة، 2003 2005
تجلت سياسات التقييد الأردنية تجاه فلسطينيي العراق بأوضح صورها في مخيم الكرامة الواقع في المنطقة العازلة التي يبلغ عرضها 2 كم وتفصل بين الأردن والعراق. وعادةً ما تستخدم هذه المنطقة كفسحة لوقوف الأعداد الكبيرة من السيارات والشاحنات التي تنتظر إنجاز معاملات مرورها في أيٍّ من المركزين الحدوديين. ومع أن القوات الأردنية والعراقية والأمريكية تعمل داخل المنطقة العازلة، فإن أياً من الأردن أو العراق لا يمارس السيادة أو الولاية عليها، رغم أن لكل طرفٍ وجوداً في الشطر الذي يليه من هذه المنطقة. وتحتاج زيارة المنطقة العازلة إلى تنسيقٍ بين المسئولين العسكريين الأردنيين والعراقيين والأمريكيين.
وبعد أن فتح الأردن حدوده لفترةٍ وجيزة أمام فلسطينيي العراق في مايو/أيار 2003، كما ورد أعلاه، عاد فأغلقها تاركاً جميع من وصلوا بعد ذلك عالقين في المنطقة العازلة، أو رفض دخولهم عند الحدود (وكان التخفيف الوحيد لهذه القيود هو السماح المحدود بدخول الأشخاص بعد إغلاق مخيم الكرامة في أبريل/نيسان 2005 ـ أنظر أدناه). وقد أدت سياسات الأردن تجاه فلسطينيي العراق، بما فيها الإبعاد القسري من مخيم الرويشد إلى مخيم الكرامة (وهو يعتبر طرداً من الأردن في واقع الأمر)، إلى تشتيت شمل العائلات.
وعائلة حدّة، التي ورد ذكرها سايقا، واحدةٌ من تلك العائلات. فخالد (21 عاماً)، وشقيقه يوسف (17)، وشقيقتهما آلاء (14)، أبناءُ لأمٍ أردنية هي سماح عودة وأبٍ فلسطيني عراقي توفي عام 2002 في العراق. وكانت الأم وأبناؤها فروا من العراق في مايو/أيار 2003 فوضعتهم السلطات الأردنية في مخيم الكرامة عندما وصلوا إلى الحدود. وهناك بقيت سماح ثمانية أشهر مع أبنائها قبل أن تذهب إلى عمان للعيش لدى أقاربها. ولم تستفد سماح وأبناؤها من الأمر الملكي الذي صدر في 2003 وسمح للأردنية المتزوجة من لاجئ فلسطيني عراقي بدخول الأردن مع أبنائهما، وذلك ببساطة لأنهم كانوا في مخيم الكرامة لا في مخيم الرويشد. (نقل الأبناء إلى مخيم الرويشد عندما أغلق مخيم الكرامة في أبريل/نيسان 2005).[39]
كما وصل زهير إبراهيم، وهو سائق سيارة أجرة من حي الدورة ببغداد ويبلغ 59 عاماً، إلى مخيم الرويشد مع أسرته في مايو/أيار 2003. وفي 27 مايو/أيار، طلب زهير من إدارة المخيم الأردني السماح له بمغادرة المخيم لزيارة ابنه عند الحدود العراقية الأردنية ليحصل منه على بعض المال، فوافقت الإدارة. وعندما أراد العودة، رفض مسئولو مخيم الرويشد السماح له بالدخول وأرسلوه إلى مخيم الكرامة. وظل زهير عامين كاملين مفصولاً عن أسرته الموجودة في مخيم الرويشد، وذلك حتى إغلاق مخيم الكرامة في أبريل/نيسان 2005، ولم يتمكن من زيارتهم أو الإقامة معهم. وقد شاهد أسرته مرةً واحدة لمدة 15 دقيقة عندما نقل إلى مستشفى الرويشد البلدي عام 2004.[40] وفي حالةٍ أخرى، وصل ولدا "أبو حنان" إلى مخيم الرويشد في أبريل/نيسان 2003. وعندما وصل أبو حنان وزوجته وابنتاه إلى الحدود بعد شهرٍ من ذلك، رفضت السلطات السماح لهم بالدخول وظلوا في مخيم الكرامة. وظلت العائلة تعيش مشتتة الشمل لعامين كاملين. ولم يتمكن أحد شطريها من زيارة الآخر رغم أن المسافة الفاصلة لم تكن أكثر من ستين كيلومتراً. ثم اجتمع شمل العائلة عند إغلاق مخيم الكرامة.[41]
وفي أبريل/نيسان 2004، وقع صدامٌ بين مجموعةٍ من الشباب في مخيم الرويشد وبين الشرطة الأردنية أدى إلى إصابة نقيب في الشرطة الأردنية إصابةً طفيفة بأحد الحجارة. وفي 21 يوليو/تموز 2004، قامت السلطات الأردنية على نحوٍ تعسفيّ بترحيل (طرد) ثلاثة عشر لاجئاً من مخيم الرويشد إلى مخيم الكرامة بحيث فصلت الشباب عن ذويهم. وقد قال أحد المبعدين لهيومن رايتس ووتش أن الشرطة قالت للمجموعة: "ستقيمون الآن في مخيم الكرامة ولن تعودوا إلى الأردن أبداً". وبقيت تلك المجموعة من اللاجئين في مخيم الكرامة إلى أن أغلقته السلطات الأردنية. وقبل السماح للشباب بمغادرة المخيم، حذرهم مسئول من وزارة الداخلية الأردنية بقوله: "إذا تنفستم بطريقة خاطئة ثانيةً، فسنعيدكم إلى بغداد بالقوة".[42]
عدم قبول اللاجئين في المخيم مرة ثانية بعد أن تبين لهم عدم جدوى العودة إلى بغداد
دفعت الظروف غير المحتملة في مخيمي الرويشد والكرامة ما لا يقل عن 250 فلسطينياً إلى تفضيل العودة لمواجهة مستقبل غير واضح في بغداد بدلاً من البقاء في المخيمين.[43] وقد حدثت معظم حالات العودة عام 2004. وصرح ناصر حسين البالغ 53 عاماً، وهو دهان، عند عودته:
لقد مضى على انتظارنا زمنٌ طويل جداً بحيث صرنا نفضل العودة إلى بغداد لنموت أحراراً بدلاً من البقاء في مخيم اللاجئين حيث لا يمكننا العيش وسط الأفاعي والعقارب والحر القاتل والعواصف الرملية... فبعد انتظاري هنا عاماً كاملاً صرت أعرف أن لا حل هنا من أجلنا، فلا أمل يمكن انتظاره في أي مكان.[44]
لكن كثيراً من الفلسطينيين العراقيين الذين كانوا يقيمون في مخيم الرويشد ثم عادوا "طوعاً" إلى بغداد عام 2004، ما لبثوا أن عادوا ففروا من الاضطهاد في بغداد في أبريل/نيسان 2006 قاصدين الأردن من جديد. لكن الأردن أغلق الحدود في وجوههم هذه المرة، كما منعهم حرس الحدود العراقيين من مغادرة العراق. وقد قال محمد عبد الله حسن، وهو أحد الفلسطينيين العالقين عند الجانب العراقي من الحدود العراقية الأردنية، لهيومن رايتس ووتش أن الأمر الملكي الصادر عام 2003 (ورد ذكره أعلاه) سمح له بمغادرة مخيم الرويشد ليلتحق بزوجته الأردنية بعمان، لكنه منعه من العمل. ولأنه لم يتمكن من إعالة أسرته عاد إلى بغداد في يوليو/تموز 2004 ليكسب بعض المال فيرسله إلى زوجته وأطفاله في عمان فيتمكن أطفاله من الذهاب إلى المدرسة. لكن، وبعد تفجير سامراء، كان على محمد الفرار من العراق مجدداً بسبب انعدام الأمن وعدم قدرته على تأمين العمل والمأوى. وقد ذهب لينضم إلى أسرته، لكنه مُنِع من دخول الأردن منعاً كاملاً هذه المرة. وقد قال لهيومن رايتس ووتش وهو جالسٌ في المخيم الصحراوي المؤقت: "لا عمل لدي الآن، ولم أعد قادراً على إعالة أطفالي".[45]
VI. تجدد العنف ضد الفلسطينيين
منذ سقوط حكم صدام حسين في أبريل/نيسان 2003، عصفت بالعراق موجة شديدة من العنف سواءٌ بفعل أعمال حركة التمرد أو الجرائم العادية. وكثيراً ما استهدفت الهجمات ذات الدوافع السياسية أو العنف الإجرامي مختلف الجماعات الإثنية والدينية. وفي بيئةٍ كهذه يصعب على المرء غالباً أن يحدد في كل حالةٍ بعينها ما إذا كان الفلسطينيون العراقيون الذين يقعون ضحايا للعنف مستهدفين لأنهم فلسطينيون تحديداً أو لأنهم من السنة أو لمجرد وجودهم في مكانٍ معين وفي لحظةٍ معينة. لكن الأدلة المتوفرة تشير إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في العراق يمثلون مجموعةً مهددة على نحوٍ خاص.
ويكاد جميع الفلسطينيين العراقيين الذين تحدثت هيومن رايتس ووتش إليهم يعتقدون أن مهاجميهم يستهدفونهم تحديداً لأنهم فلسطينيون. كما أن رواياتهم توحي بنوعٍ موجهٍ من العنف والتهديد. فقد تحدثوا عن كيفية قيام جماعات مسلحة مجهولة الهوية، أو يعتقد بأنها من المسلحين الشيعة، بمهاجمة واختطاف عدد من أصدقائهم أو أقاربهم أو جيرانهم، بل وقتلهم أحياناً. كما استهدفت منازلهم بنيران الهاون. ويقول ممثل منظمة التحرير الفلسطينية أن الجماعات المسلحة قتلت ما لا يقل عن 55 فلسطينياً في بغداد منذ أبريل/نيسان 2003، لكنه لم يتمكن من إعطاء معلومات محددة عن تفاصيل حالات القتل هذه.[46]
أما ما فعلته الحكومة العراقية لوقف هذه الهجمات الموجهة فكان قليلاً جداً. كما أن وزارة الداخلية نفسها متورطة في الاعتقالات التعسفية وفي قتل اللاجئين الفلسطينيين وتعذيبهم. وقد تحدث من احتجزتهم قوات الأمن العراقية عن استهدافهم بالمعاملة السيئة والتعذيب لأنهم فلسطينيون تحديداً (أنظر أدناه).
وقد تحدث إلى هيومن رايتس ووتش كلٌّ من أم عمر، وهي من حي الدورة وأمٌّ لطفلين يبلغان 10 سنوات وسنة واحدة، وشقيق زوجها رائد علي حسين البالغ 29 عاماً، فوصفا كيف قامت جماعةٌ مسلحة بملابس الشرطة باختطاف زوج أم عمر، وهو محمد علي حسين، من متجره بمنطقة شيخ عمر التي تسكنها غالبيةٌ من الشيعة، وذلك في 24 يوليو/تموز 2004. ثم اتصل المختطفون برائد طالبين فديةً قدرها 10000 دولار لإطلاق سراح أخيه، فقام رائد بجمع المبلغ من أصدقائه وأقاربه ودفع الفدية. لكن أم عمر ورائد وجدا جثة محمد علي حسين في أحد برادات الجثث ببغداد يوم 26 يوليو/تموز. وقالت أم عمر أن جثة زوجها كانت تحمل آثار تعذيب.[47]
وتحدثت فاطمة أحمد، التي تقطن في حي البلديات، إلى صحيفة نيويورك تايمز قائلةً أن مسلحين اختطفوا زوجها (لم يذكر اسمه في المقالة) في 15 يناير/كانون الثاني 2006 من محل الحلاقة الذي يملكه. وروت المقالة كيف عثرت الأسرة على جثته في برادٍ للجثث في شهر مارس/آذار، "وكانت مصابةً بطلقاتٍ في الرأس وجروح ناجمة عن التعذيب في الجسم". وقالت فاطمة لنيويورك تايمز: "كان معروفاً بنشاطه في العمل وبجديته، لكن جريمته الوحيدة كانت هي أنه فلسطيني".[48]
الأوضاع بعد تفجير سامراء
بعد تفجير مرقد الإمام العسكري في سامراء يوم 22 فبراير/شباط 2006، انفجرت أعمال القتل الطائفي والعنف بين مختلف الجماعات الإثنية في العراق، وفي بغداد خاصةً.[49] وقامت جماعاتٌ مسلحة من الشيعة والسنة بقتل المئات عبر كثيرٍ من الهجمات التي كادت تصبح حرباً مفتوحة. وفي خضم حالات القتل الطائفية المتزايدة، قام مسلحون من الشيعة مع بعض عناصر قوات الأمن العراقية باستهداف الفلسطينيين. وكما قال الناطق باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين آنذاك رون ريدموند، فإن "بعض الأطراف العراقية تعتبر الفلسطينيين، بوصفهم من المسلمين السنة، من جملة أعدائها، رغم عدم مشاركتهم في الصراعات الداخلية".[50]
وبعد تفجير مرقد الإمام العسكري بوقتٍ وجيزٍ جداً، هاجمت جماعاتٌ مسلحة مجهولة بنايات الفلسطينيين في حي البلديات ببغداد مستخدمةً البنادق وقذائف الهاون. وقد تحدث شخصٌ قابلته هيومن رايتس ووتش في مخيم طريبيل للاجئين كيف أنه، وفي يوم تفجير سامراء "واليوم الذي تلاه، جاء رجالٌ يرتدون ملابس سوداء [إشارةٌ إلى المسلحين الشيعة المتشددين] إلى المواقع المعروفة بسكن الفلسطينيين فيها مهددين بأعمال العنف. جاء هؤلاء الرجال بملابسهم السوداء إلى وحداتنا السكنية فرددناهم بإطلاق النار". وقد أرسل الجيش الأمريكي قواتٍ لصد الهجمات على مباني حي البلديات التي تضم أكبر كثافةٍ فلسطينية في بغداد (كان على القوات الأمريكية أن تتدخل في مناسباتٍ كثيرة لإيقاف الهجمات ضد المناطق الفلسطينية[51])، لكن هجمات الهاون تواصلت.[52] وقالت نوال علي (58 عاماً) لهيومن رايتس ووتش أنها قررت الفرار من بغداد بعد أن أدى قصفٌ شقتها بمدفعية الهاون أواخر فبراير/شباط إلى جرح ابنها محمد علي حسن (26 عاماً) في وجهه ويديه.[53]
وطبقاً لرياض منصور، المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة، فقد قتل 10 فلسطينيين على الأقل في أعقاب تفجير سامراء مباشرةً. وقد تمكنت هيومن رايتس ووتش من الحصول على معلومات مفصلة بشأن عدد من حالات القتل هذه.
وروى فلسطينيون فروا من العراق أن مهاجمين ضربوا بالسيف رأس سمير خالد الجياب، وهو فلسطيني في الخمسين وله ساق اصطناعية، ثم أفرغوا فيه 20 رصاصة. وكان سمير ذاهباً لإحضار ابنه من المدرسة مساء يوم 22 فبراير/شباط، كما قال بعض أقربائه.[54]
وفي صبيحة اليوم التالي لتفجير سامراء، أي في 23 فبراير/شباط، اختطف مسلحون زياد عبد الرحمن محمود ونمير عبد الرحمن محمود، وهما شقيقا الملحق الفلسطيني السابق ببغداد نجاح عبد الرحمن محمود. وقد عثر على جثتيهما في أحد برادات بغداد بعد يومين وكانتا مشوهتين تشويهاً كبيراً.[55] وفي الأسبوع ذاته اختُطِف إمامٌ فلسطيني اسمه نواف موسى من جامعه وقتل.[56]
وفي مساء 16 مارس/آذار، قتل الحلاق الفلسطيني محمد حسين صادق الذي يبلغ السابعة والعشرين في حي الشعلة ببغداد المجاور لحي الغزالية الذي يقطن فيه. وكان محمد قد ذهب إلى هناك، رغم وقوع هجوم بالقنابل في حي الشعلة الليلة السابقة، من أجل حزم حقائبه استعداداً للفرار إلى الحدود السورية. وقد قال أقاربه أن جماعة من المسلحين قامت بخنقه حتى الموت بعد أن عرفت أنه فلسطيني من الوثائق الشخصية التي بحوزته. كما أفيد بأن هؤلاء المسلحين قاموا تلك الليلة بقتل اثنين من السنة في نفس الحي.[57]
وطبقاً للأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، قام مسلحون مجهولون بتهديد الفلسطينيين في أماكن مختلفة من بغداد وبتوزيع منشورات تأمرهم بمغادرة العراق فوراً وإلا قتلوا. كما وزعت جماعةٌ تدعوا نفسها "سرايا يوم الحساب" منشوراتٍ على منازل الفلسطينيين في أحياء الحرية والدورة والزعفرانية والبلديات؛ وجاء فيها ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنذار ـ إنذار ـ إنذار
إلى الفلسطينيين الخونة المتعاونين مع التكفيريين[58] والوهابيين[59] والغاصبين[60] والبعثيين الموالين لصدام، وخاصةً من يقطن حي الدورة منهم.
ننذركم بأننا سنطردكم جميعاً إن لم تغادروا المنطقة بأنفسكم خلال 10 أيام. وقد أعذر من أنذر.
-سرايا يوم الحساب.[61]
وقد تحدث عدد من الفلسطينيين عن تلقيهم رسائل مماثلة على هواتفهم الخليوية تأمرهم بمغادرة بغداد فوراً وإلا قتلوا.[62]
وفي أحياء أخرى، علم الفلسطينيون من جيرانهم أن غرباء مشبوهين كانوا يتجولون في الجوار ويسألون عن أماكن سكن الفلسطينيين. وقد نصح الجيران الفلسطينيين بمغادرة منازلهم على الفور.[63]
تردد صدى الصدمة الناتجة عن تزايد الاعتداءات والقتل والتهديد في أوساط الفلسطينيين العراقيين. وصرحت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين علناً أن فلسطينيي بغداد "في حالة صدمة" وأن "هذا الرعب يمكن أن ينتشر مؤدياً إلى فرار مزيدٍ من الفلسطينيين من بغداد".[64] فقد كتب أنطونيو غوتيريس المفوض السامي للاجئين في الأمم المتحدة إلى الرئيس العراقي جلال الطالباني يوم 14 مارس/آذار معبراً عن قلقه جراء تصاعد العنف ضد اللاجئين الفلسطينيين، وخاصةً في ظل "محدودية قدرة قوات الأمن العراقية على توفير حمايةٍ فاعلة"، ودعا إلى إقامة مكتب خاص لحماية اللاجئين الفلسطينيين من العنف.[65] كما دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصياً الرئيس الطالباني إلى وقف أعمال القتل.[66]
وفي 30 أبريل/نيسان، أصدر المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني فتوى تحرم مهاجمة الفلسطينيين وممتلكاتهم وتقول: "يجب ألا تؤذوا الفلسطينيين، حتى من كان منهم متهماً بجريمةٍ. وعلى السلطات المدنية حماية الفلسطينيين ومنع مهاجمتهم".[67] وقد تقيد معظم الشيعة بفتوى السيستاني، لكن بعض الجماعات المقاتلة، التي ترتبط برجال الدين المنافسين مثل مقتدى الصدر، لم تلتزم دوماً بتلك الفتاوى.[68]
وعلى الرغم من الاهتمام الدولي، كانت الاعتداءات ضد الفلسطينيين ما تزال متواصلةً حتى صدور هذا التقرير. ففي 1 يونيو/حزيران 2006، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن وجود "موجة جديدة من القتل والخطف في بغداد"، حيث قتل في بغداد ستة فلسطينيين على الأقل في الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو/أيار.[69] ومن بين حوادث القتل الست التي أبلغت المفوضية عنها هناك حادثة قتل رجل فلسطيني في 28 مايو/أيار حيث أخرجته من منزله مجموعةٌ من 20 مسلحاً وأعدمته أمام أسرته؛ وكذلك حادثة اختطاف وقتل فلسطيني من سكان بغداد على يد مسلحين مجهولين في 15 مايو/أيار. وتحدثت المفوضية العليا أيضاً عن توزيع منشورات أكثر تهديداً في أوساط الفلسطينيين تنذرهم بمغادرة العراق خلال 10 أيام أو "مواجهة المصير الذي واجهه المجرمون في أماكن أخرى".[70]
وقد عبر معظم الفلسطينيين الذين اتصلت بهم هيومن رايتس ووتش في بغداد عن رغبةٍ ملحة في الرحيل. وقال فلسطينيٌّ من بغداد في حديث هاتفي: "الوضع سيئ، سيئ جداً. أريد أن أرحل إلى أي بلد فيه شيءٌ من الاستقرار. أريد حلاً سريعاً فأنا لا أستطيع الانتظار شهراً أو شهرين". وبعد دقائق قليلة تحول إلى الحديث بالإنكليزية وقال: "أنا خائفٌ جداً، هل تفهمون ذلك؟ يمكن لأي أحد أن يأتي ويقتلني. يمكن أن يحدث أي شيءٍ لي". ثم طلب إنهاء المكالمة.[71] وقد أكد ممثلو الفلسطينيين في بغداد، وكذلك الصحفيون الدوليون، أن كثيراً من الفلسطينيين يسعون إلى مغادرة بغداد.[72]
VII. شروط التسجيل التي تفرضها وزارة الداخلية العراقية،والمضايقات الرسمية للفلسطينيين
التعذيب و"الاختفاءات"
اشتكى معظم الفلسطينيين العراقيين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش من أن وزارة الداخلية العراقية تمارس التمييز بحقهم فتنتقص من حقوقهم الإنسانية الأساسية. ويتراوح سوء المعاملة الذي يلقونه على أيدي موظفي الداخلية من استخدام لغة مسيئة عند ذهابهم لتسجيل إقامتهم إلى استهدافهم بالتعذيب. ويعزو الفلسطينيون ذلك إلى كون الوزارة واقعة تحت نفوذ الفصائل السياسية الشيعية. وقال البعض أن معاناتهم مع الوزارة ازدادت سوءاً بعد تولي حكومة الجعفري عقب الانتخابات الانتقالية في يناير كانون الثاني 2005.
ففي 15 مايو/أيار 2005 على سبيل المثال، أغارت "فرقة الذئب" سيئة الصيت، وهي وحدةٌ شبه عسكرية تابعة لوزارة الداخلية، على بنايات الفلسطينيين بحي البلديات فاعتقلت أربعةً منهم كان من بينهم ثلاثة أشقاء، وادعت أنهم إرهابيون. وطبقاً لمحامي المعتقلين الأربعة، قامت "فرقة الذئب"، بتعذيب هؤلاء الرجال على نحوٍ منتظم 27 يوماً، وكانت تحتجزهم في مقرها العائد لوزارة الداخلية: "كانوا يضربونهم بالكابلات الكهربائية ويعرضونهم لصدماتٍ كهربائية في أيديهم ومعاصمهم وأصابعهم وأقدامهم وكعوبهم، ويحرقون وجوههم بالسجائر، ويزجون بهم في غرفةٍ يغمر الماء أرضها ثم يصلون الماء بالتيار الكهربائي".[73]
وتحدث عبد الله عمر (اسم مستعار)، وهو فلسطيني يسكن في قريةٍ بمنطقة المدائن ببغداد، كيف اعتقله رجال الأمن العراقيون في الثانية من صباح 27 مارس/آذار 2005. ووصف كيف جاء رجال الأمن إلى القرية يحملون قائمةً بأسماء من يريدون اعتقالهم، لكنهم اعتقلوه هو أيضاً بعد أن شاهدوا ثبوتياته الشخصية. وقال أنهم احتجزوه 68 يوماً في قاعدة الكوت العسكرية جنوب بغداد حيث ظل مقيد اليدين معصوب العينين على الدوام باستثناء أوقات الوجبات والذهاب إلى المرحاض. ومن بين 120 محتجزاً في القاعدة، كان عبد الله هدفاً خاصاً لسوء المعاملة: "كانوا يعاملونني بأسوأ من غيري لأنني فلسطيني. وكلما كانوا يدخلون إلى الغرفة كانوا يقولون: 'أين الفلسطيني؟' ثم يضربونني". وقال عبد الله عمر أنهم كانوا ضربوه مرات كثيرة على أسفل قدميه وعلى ظهره، كما عذبوه بوضع الكهرباء على قضيبه عدة مرات.[74]
وقال الفلسطينيون الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش أن كثيراً من أبناء جلدتهم "اختفوا" بعد أن اعتقلتهم قوات الأمن العراقية. وفي حالةٍ وثّقتها المنظمة، تحدث ابنٌ عن اعتقال قوات الحرس الوطني العراقي لوالده شهدا عبد الله سليم أبو خوصة، البالغ 75 عاماً من منزله الكائن بمشروع خالصة الوحدة السكني ببغداد. كما اعتقلوا معه واحداً من أبنائه، وذلك يوم 27 أبريل/نيسان 2005. وعندما ذهب بعض الأقارب للبحث عن الرجلين المفقودين في قاعدة الكوت العسكرية، أكد أحد ضباط الحرس الوطني اعتقالهم قائلاً: "إننا نحتجزهم للاشتباه بهم. إنه تحقيق روتيني". وبعد أسبوعٍ من ذلك اتصل أحد ضباط الحرس الوطني من قاعدة الكوت بالأسرة قائلاً بأنهم يعذبون الأب و"عليكم مساعدته"؛ وهي محاولةٌ مكشوفة للحصول على فديةٍ من الأسرة. وبعد يومين، اتصل نفس الضابط قائلاً أنه سمع بأن شهدا قد مات في الحجز. وقد أطلق سراح الابن، لكن شهدا ظل مفقوداً لأكثر من عامٍ بعد اعتقاله دون أي خبر يؤكد موته في الحجز أو بقاءه على قيد الحياة. أما الابن الذي تحدث إلينا فقد فر من العراق بحثاً عن إجابة: "قررت الرحيل لأنني أريد أن أجعل من والدي قضيةً دولية. لا أستطيع الحصول على العدالة في العراق. وقضية والدي هي أهم قضيةٍ بالنسبة لي".[75]
الإجراءات المضنية لتسجيل اللاجئين الفلسطينيين
كان الفلسطينيون في ظل حكم صدام حسين يحصلون على الإقامة في العراق دون عقبات. وبعد سقوطه بدأت وزارة الداخلية التي تغير كادرها تعامل اللاجئين الفلسطينيين العراقيين بوصفهم أجانب غير مقيمين، وتطالبهم بالحصول على تصاريح الإقامة وتجديدها من خلال مديرية الإقامة. ومع أن كثيراً من البلدان تفرض إجراءات التسجيل هذه على الأجانب غير المقيمين، فإن هناك اعترافاً رسمياً بأن فلسطينيي العراق لاجئون، أي أشخاصٌ لا يستطيعون العودة إلى وطنهم ولا يجوز تعريضهم إلى احتمال الترحيل في أي لحظة. وقد شرح فلسطينيٌّ عراقي هذه المشكلة لهيومن رايتس ووتش:
عندما كنا في بغداد كنا نعاني مشاكل بشأن إقامتنا. كانت لدينا بطاقة إقامة في السابق. لكن، وبعد صدام، لم يعودوا يقبلون بنا كمقيمين. وصار علينا تجديد إقامتنا كل شهرين. علينا أن نذهب إلى مديرية الإقامة في بغداد [في مقر وزارة الداخلية]. وعلينا أن نحضر الأسرة كلها في كل مرة من كبيرها حتى الطفل الذي عمره يومٌ واحد. وتتفاوت مواقف الموظفين تجاهنا حسب أمزجتهم. فهم يقولون لنا أحياناً أن نراجعهم ثانيةً بعد أن نكون قد انتظرنا هناك. لا يكلف تجديد الإقامة مالاً، لكنه يكلف 7 دولار أمريكي لكل شخص عن كل يوم تأخير".[76]
إن هذه الشروط الجديدة المفروضة على اللاجئين الفلسطينيين مرهقةٌ جداً. إذ يجب حضور جميع أفراد الأسرة إلى مديرية الإقامة كل شهر إلى ثلاثة أشهر من أجل تجديد تصريح الإقامة. وتضطر الأسر للانتظار فترات طويلة من أجل الحصول على التصاريح أو تجديدها. وهي تضطر أحياناً إلى الذهاب إلى المديرية يومياً لمدة أسبوعين قبل استلام التصريح. وقد تحدث الأشخاص الذين قابلناهم عن قيام موظفي مديرية الإقامة بتوجيه كلماتٍ مسيئة إلى الفلسطينيين، بل وبمصادرة وثائقهم الشخصية أحياناً، وهي الثبوتيات الوحيدة التي تشهد بأنهم لاجئون فلسطينيون. وحتى عندما يتمكن الفلسطيني من تجديد الإقامة، فإنها لا تكون صالحةً إلا لفترة تمتد من شهر إلى ثلاثة، مما يجعلهم يشرعون بمعاملة تجديدها ثانيةً فور الحصول عليها تقريباً.
ووصف محمد حسن، وهو فلسطيني عراقي في السادسة والعشرين ومتزوجٌ من أردنية وأبٌ لطفلين، كيف رفضت مديرية الإقامة تجديد تصريحه في أوائل 2006 لأنه لم يحضر ابنته البالغة شهراً واحداً من العمر. وقال أن الموظف سبّه وقال: "لماذا ما تزال هنا؟ لماذا لا تعود إلى فلسطين؟ أنتم مجموعةٌ من الإرهابيين، فلماذا تظلون هنا؟".[77] وتحدثت نوال علي (58 عاماً) عن محاولتها تسجيل أسرتها في 15 يونيو/حزيران 2005. فقد ظلت مع أسرتها ثلاثة أيام تنتظر دورها من السابعة صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر. وأخيراً حصلت على تصريح لمدة شهر واحد. وقالت: "المعاملة هناك سيئةٌ جداً. إنه مكانٌ مخيف". وبعد تجديد التصريح عدة مرات كفت نوال عن الذهاب إلى المديرية في أواخر عام 2005، فقد بات أطفالها خائفين جداً من الذهاب إليها.[78] كما حاول شهاب أحمد طه الحصول إلى تصاريح إقامة لأسرته، لكنه كف عن المحاولة بعد عدة أسابيع: "ظللت أذهب إلى مديرية الإقامة مدة شهرٍ ونصف. وكانوا كل مرة يطلبون شيئاً جديداً: أن أحضر زوجتي، وأن أحضر أطفالي. لذلك كففت عن الذهاب للتسجيل".[79]
ويعتبر كثيرٍ من الفلسطينيين الذهاب إلى وزارة الداخلية مخاطرة كبيرةً بسبب موقفها المعادي من الفلسطينيين وما قيل عن تورطها في حوادث الاعتقال والتعذيب والقتل. وقال محمد سليم علي لهيومن رايتس ووتش: "ثمة شروطٌ للتسجيل الآن. وأنا لم أذهب إلى هناك لأنهم يعاملون الفلسطينيين معاملةً سيئة".[80] وفي الآونة الأخيرة كف كثيرٌ من الفلسطينيين عن الذهاب لتجديد تصاريحهم بعد سريان إشاعات تقول أن مديرية الإقامة سوف تصادر أوراقهم وتصدر أوامر ترحيل بحقهم.[81] ويبدو أن هناك أساساً لتك المخاوف؛ فقد قال لاجئٌ فلسطيني لهيومن رايتس ووتش أن مديرية الإقامة صادرت جميع وثائقه عندما ذهب لتجديد تصريح الإقامة وأصدرت مذكرة ترحيل بحقه. وقد نجح في تمديد إقامته واستعادة وثائقه بعد أيامٍ من مصادرتها، لكن ذلك لم يحصل إلا بعد رشوة موظفي المديرية.[82]
لا يقتصر التمييز وسوء المعاملة على وزارة الداخلية. فقد أظهرت وزارة الهجرة والمهجرين، وهي التي تقدم خدماتٍ هامة للأجانب القاطنين في العراق وللأشخاص المشردين داخلياً، عداءً خاصاً تجاه الفلسطينيين. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2005، عقدت وزيرة الهجرة والمهجرين سهيلة عبد الجعفر مؤتمراً صحفياً صرحت فيه أنها طالبت مجلس الوزراء ووزارة الداخلية بإعادة اللاجئين الفلسطينيين في العراق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث قالت: "يجب أن تبادر وزارة الداخلية إلى طرد الفلسطينيين الذين لجأوا إلى العراق ولا يحملون جنسيةً عراقية إلى أرضهم في غزة بعد أن انسحبت إسرائيل منها". كما صرحت أيضاً أن مطالبتها بطرد الفلسطينيين من العراق جاءت بعد تورطهم في الهجمات الإرهابية خلال العامين الماضيين؛ وهو اتهامٌ لم يقم دليل عليه.[83]
الثبوتيات الشخصية الفلسطينية تعرض سلامة حاملها للخطر
في أيام حكم صدام حسين، أصدرت للفلسطينيين وثائق زرقاء كتب عليها "الجمهورية العراقية: وثيقة سفر فلسطينية"، بدلاً من جوازات السفر العراقية الخضراء. وقد قال عدد كبير من الفلسطينيين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش أن كثيراً من الفلسطينيين استهدفوا لأنهم يحملون تلك الوثائق، وذلك لأنها سهلة التمييز عن جوازات سفر المواطنين. كما قالوا أن الميليشيات الشيعية، وخاصةً بعد تفجير سامراء، قتلت عدداً من الفلسطينيين بعد التعرف عليهم من وثائقهم.[84] ويفسر محمد سليم علي، الذي فر إلى مخيم الرويشد عام 2003 ثم عاد إلى العراق عام 2004، سبب فراره من العراق ثانيةً، وذلك في مقابلته مع هيومن رايتس ووتش عند الحدود العراقية في أبريل/نيسان 2006:
غادرنا بغداد بسبب سوء الأوضاع فيها. فهم يقتلوننا عندما يعرفون أننا فلسطينيون. إنهم يشاهدون أوراقنا [وثيقة السفر الفلسطينية]، فيقتلوننا. لقد قتل 16 أو 18 فلسطينياً بهذه الطريقة، كما اعتقل أكثر من 100 فلسطيني ولم نحصل على أية معلومات عنهم. ويعيش الفلسطينيون في حي البلديات كمن يعيش في معسكر اعتقال؛ فلم نعد نستطيع الخروج من مبانينا.[85]
وقد قال أحد الفلسطينيين لهيومن رايتس ووتش أنه شعر بالسعادة لأن وثيقة السفر الفلسطينية سرقت منه:
من الأفضل بالنسبة لي أنني لم أعد أحمل تلك الوثيقة، فهي تسبب لي المتاعب. ويفضل معظم الفلسطينيين التنقل في أرجاء العراق دون وثائقهم الفلسطينية التي تثبت أنهم فلسطينيون فتعرضهم للخطر. وهم يحملون أحياناً وثائق شخصية عراقية مزورة كما يتكلمون بلهجةٍ عراقية لحماية أنفسهم.[86]
ويروي فلسطينيٌّ آخر كيف تعرض لمضايقة الشرطة العراقية بعد أن اكتشفت وثيقة السفر الفلسطينية التي يحملها:
ذات مرة كنت راكباً في سيارة جديدة مستوردة. وطلبت الشرطة أوراقي للتأكد من أنها نظامية. ثم رأى الشرطي بطاقتي الفلسطينية ففتشني من الرأس إلى القدم، وراح يقول أن الفلسطينيين إرهابيون. وأكد أنه يستطيع أن يفعل بي ما يشاء دون أن يهتم أحدٌ بذلك. فعرضت عليه رشوةً كي يدعني أمضي في سبيلي.[87]
VIII. إغلاق الحدود وعدم وجود بدائل لإعادة التوطين
خلفية: نقص حماية اللاجئين الفلسطينيين
ليس اللاجئون الفلسطينيون بالجماعة السكانية الوحيدة التي تتعرض لخطرٍ خاص داخل العراق. فكثيرٌ من الأقليات الأخرى، كالكلدان والمندائيين، تجد نفسها عرضةً لهجماتٍ متكررة، وقد فرت أعدادٌ كبيرة من أفرادها خارج البلاد. كما يفر العراقيون العاديون من السنة والشيعة جراء النزاع المسلح والعنف الإجرامي داخل العراق. ويقدر أن هناك نصف مليون إلى مليون عراقي يعيشون الآن في الأردن، ومثلهم في سوريا، مع وجود عددٍ أقل في لبنان. لكن وضع اللاجئين الفلسطينيين وضعٌ فريد لأنهم غير قادرين على التماس اللجوء في البلدان المجاورة أو في غيرها. فالبلدان المجاورة تقفل حدودها أمامهم بإحكام، وترفض إسرائيل السماح بعودتهم، كما أن فرص إعادة توطينهم في بلدانٍ أخرى محدودة جداً. ولابد من إلقاء نظرةٍ متمعنة في النظام القانوني الذي يحكم وضع اللاجئين الفلسطينيين حتى نفهم ظروفهم.
منذ تبني الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين عام 1951 (اتفاقية اللاجئين)، ظهرت ثلاثة "حلول دائمة" بموجب القانون الدولي والسياسات الخاصة باللاجئين من شأنها تمكينهم من إنهاء حالة اللجوء وإعادة بناء صلات فعلية في بلدٍ ما. وهذه الحلول هي: الإعادة الطوعية إلى أوطانهم الأصلية، والاندماج في بلد اللجوء، وإعادة التوطين في بلدٍ آخر.
وتشجع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على الإعادة الطوعية (العودة الطوعية للاجئين إلى أوطانهم الأصلية) بوصفها الحل الأمثل لأزمات اللاجئين. وتترتب على المفوضية مسؤوليةٌ قانونية في تشجيع هذه العودة، وتسهيلها والتشجيع عليها.[88]
إن حق المرء في العودة إلى بلده حقٌّ إنسانيٌّ أساسي تعترف به كثيرٌ من القوانين الدولية لحقوق الإنسان.[89] وهو مضمونٌ بشكلٍ أكثر وضوحاً في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تحت الحق في حرية الانتقال الذي يتضمن حق الشخص في دخول بلده.[90] ويمكن العثور على أساس الحق في العودة بموجب قانون اللاجئين الدولي في اتفاقية اللاجئين وفي البروتوكول الملحق بها عام 1967، إضافةً إلى كثيرٍ من الاتفاقيات الإقليمية الخاصة باللاجئين، وكذلك قرارات الأمم المتحدة والنتائج التي خلصت إليها اللجنة التنفيذية في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.[91] كما أن هناك إعلانات محددة تتعلق باللاجئين الفلسطينيين، وأهمها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي حفظت حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة.[92]
ولطالما حثت هيومن رايتس ووتش إسرائيل على الاعتراف بحق العودة لهؤلاء الفلسطينيين وأبنائهم ممن فروا أو هجّروا من أرضهم التي هي الآن داخل دولة إسرائيل أو ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، وممن يحافظون على صلاتٍ مع تلك المنطقة. وهذا حقٌّ مستمر حتى عندما تنتقل السيادة على الأرض من يدٍ لأخرى أو عندما تكون موضع نزاع.[93]
وقد عبرت السلطة الوطنية الفلسطينية أكثر من مرة عن استعدادها لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الفارين من العراق في غزة، وإصدار جوازات فلسطينية لهم. لكن إسرائيل رفضت المساهمة في هذا الحل الذي تستطيع منع تنفيذه من خلال سيطرتها على حدود غزة والضفة الغربية. كما حاولت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، مرتين، تشجيع إسرائيل على السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين من العراق. وكانت المرة الأولى عام 2003 حيث كان موضوعها ستة أو ثمانية لاجئين فلسطينيين تربطهم صلات مباشرة بغزة. أما المرة الثانية فكانت عام 2006 عندما قدمت المفوضية لإسرائيل قائمة باللاجئين الفلسطينيين الذين تربطهم صلات مباشرة بغزة ممن كانوا عالقين على الحدود الأردنية العراقية. لكن إسرائيل رفضت في المرتين طلب المفوضية السماح للاجئين الفلسطينيين بدخول غزة.[94]
وقال المدير العام لإدارة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية بالأردن محمد أبو بكر متحدثاً إلى هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2006: "يتمثل موقفنا إزاء اللاجئين [الفلسطينيين] في العراق وغيره في أننا يجب أن نستقبلهم داخل أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، أو أنهم يجب أن يظلوا قرب الحدود ثم يعودوا إلى بغداد".[95] وأضاف أبو بكر أن السلطة الوطنية الفلسطينية مستعدةٌ للتفكير في حلولٍ مؤقتة "لتخفيف المعاناة الإنسانية للاجئين"، لكنها متمسكة تماماً بموقفها بشأن اللاجئين الفلسطينيين.[96]
لم يكن الحل الدائم المتمثل في الاندماج بالمجتمع المحلي متاحاً للفلسطينيين في العراق، وهو غير متاحٍ لهم في ظل الحكومة العراقية الجديدة أيضاً. فنجاح الاندماج مرتبطٌ بعوامل كثيرة منها استعداد اللاجئين للتوطين حيث هم، ومدى ترحيب والتزام البلد المضيف وسكانه باندماجهم فيهم.[97]
أما الحل الدائم الثالث فهو إعادة التوطين، أي نقل اللاجئين من بلد اللجوء الأول إلى بلدٍ آخر يوافق على تقديم الحماية لهم.[98] وتعتبر إعادة التوطين استراتيجية حماية ملائمة في حالة اللاجئين الذين لا يمكن ضمان سلامتهم وأمنهم في بلد اللجوء الأول، أو حالة اللاجئين الذين تكون لهم احتياجاتٌ إنسانية خاصة لا يمكن تلبيتها في بلد اللجوء الأول. كما أنه حلٌّ دائمٌ مناسب بالنسبة لمن لا يستطيعون العودة إلى بلدهم الأصلي أو الاندماج في بلد اللجوء، أو لا يرغبون بذلك.[99] كما تمثل إعادة التوطين آليةً يمكن للبلدان الغنية من خلالها تحمّل قسط من المسؤولية عن مشكلة اللاجئين بشكلٍ عام.[100]
تعارض منظمة التحرير الفلسطينية والجامعة العربية مبدأ اندماج اللاجئين الفلسطينيين في بلدان اللجوء أو إعادة توطينهم في بلدانٍ أخرى معارضةً مبدئية، كما سعت فعلياً إلى إفشال تطبيقه من الناحية العملية. وتتمثل وجهة نظرهم في أن من شأن اندماج اللاجئين أو إعادة توطينهم إبطال حق العودة.[101] وتشير الدول العربية التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين إلى واجب إسرائيل القانوني بالسماح لهم بالعودة، وذلك تبريراً لرفضها دمج اللاجئين الفلسطينيين وإعطائهم حقوقاً مساوية لحقوق مواطنيها. والأردن هو البلد الوحيد الذي منح المواطنة للاجئين الفلسطينيين مخالفاً ما ذهبت إليه بقية الدول العربية.
ويرفض كل من الأردن وسوريا (عدا بعض الاستثناءات) السماح بدخول الفلسطينيين الذين يحاولون الفرار من العراق؛ في خرق للحظر الدولي على "الإبعاد". وعندما وافقت الدولتان على حدوث استثناءات مؤقتة من رفضهما هذا، وضعتا شرطاً على قبول اللاجئين الفلسطينيين هو إبقاؤهم محتجزين داخل المخيمات كمخيم الرويشد في الأردن عام 2003 ومخيم الهول في سوريا عام 2006 (يرد الحديث عن مخيم الهول أدناه). وبفعل الالتزام الواسع بسياسة رفض إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين، انتظر سكان هذين المخيمين فترةً أطول مما احتاجه غيرهم من اللاجئين الفارين من العراق قبل التمكن من إعادة توطينهم في بلدانٍ أخرى، مثل الأكراد الإيرانيين.[102]
هذا وترفض معظم دول الغرب، بما فيها الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، قبول إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين لديها، إلا في "حالات إنسانية" قليلة.[103] وأثناء نشر هذا التقرير، علمت هيومن رايتس ووتش أن كندا تفكر في إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في مخيم الرويشد، لكنها لم تتخذ قراراً نهائياً بعد. لكن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تتوقع أن لا تتمكن كندا من إعادة توطين جميع الفلسطينيين في مخيم الرويشد؛ وهذا ما من شأنه ترك بعض الفلسطينيين في وضعٍ معلق.
مشكلة الحدود الأردنية عام 2006
في مارس/آذار 2006، حاولت مجموعات جديدة من الفلسطينيين الهاربين من تزايد حالات القتل والتهديد بالقتل التي يتعرضون لها في بغداد. فقد وصلت مجموعةٌ من 89 فلسطينياً بينهم كثيرٌ من النساء و42 طفلاً إلى الحدود الأردنية العراقية يوم 19 مارس/آذار 2006. وكان يرافقهم للحماية ثلاثة ناشطين من مجموعة "فريق حفظ السلام المسيحي". وأمضى اللاجئون ليلتهم الأولى في الباصات على الجانب العراقي من الحدود. وبعد اتصالات مع وزارة الداخلية العراقية، سُمح للمجموعة باجتياز الحدود العراقية صبيحة اليوم التالي. لكن السلطات الأردنية سارعت ، فور دخولهم المنطقة العازلة، إلى إغلاق الحدود لمنعهم من بلوغ نقطة الحدود الأردنية. وقال لنا أحد أفراد تلك المجموعة:
منعنا الجنود الأردنيون من النزول من الباص. واحضروا دبابات وسيارات جيب همفي تحمل جنوداً أردنيين وأجبرونا على العودة فمكثنا قرب مخيم الأكراد [الإيرانيين الموجود في المنطقة العازلة]. وظللنا هناك أربعة أيام دون طعام في الصحراء.[104]
وقد أغلقت السلطات الأردنية حدودها إغلاقاً كاملاً مدة أربعة أيام رافضةً السماح لأحدٍ بعبورها إلى أن أعادت السلطات العراقية اللاجئين الفلسطينيين إلى الجانب العراقي من الحدود.[105] وبعد أربعة أيام، أي في 23 مارس/آذار، الساعة الثالثة ظهراً، أمر جنودٌ عراقيون اللاجئين بالعودة إلى الجانب العراقي. فما كان من اللاجئين العزل والحريصين على تجنب أية مواجهة يمكن أن تؤذي النساء والأطفال الذين معهم إلا أن عادوا إلى الجانب العراقي بهدوء؛ فآوتهم السلطات العراقية في مبنى مهجور كان إسطبلاً للخيل فيما مضى. وقدمت لهم جمعية الهلال الأحمر العراقية خياماً ومساعدات إنسانية كما وصلت مساعدات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في اليوم نفسه؛ ومازالت المفوضية مستمرةً في تقديم المساعدات إليهم حتى الآن.[106]
وسرعان ما انضم فلسطينيون جدد إلى المجموعة الأولى بحيث بلغ عدد المجموعة 200 شخصاً. وقد حاولت سلطات الحدود العراقية وقف تدفق اللاجئين، إذ رفضت السماح للقادمين الجدد بدخول المخيم المؤقت المقام للاجئين، وأجبرتهم على المبيت في العراء. وعندما وصلت آخر مجموعةٍ مؤلفةٍ من 54 فلسطينياً عراقياً إلى الحدود يوم 23 أبريل/نيسان، أمرتها سلطات الحدود العراقية بالعودة إلى بغداد لأن آمر نقطة الحدود العراقية قرر عدم السماح بانضمام أي فلسطيني جديد إلى المخيم.[107] وأجبر القادمون الجدد على البقاء عند الحدود إلى أن تم نقل النساء إلى داخل المخيم عند هبوب عاصفةٍ رملية.[108] لكن الرجال أرغموا على البقاء خارج المخيم حيث ينامون في مقطورةٍ مهجورة عند نقطة الحدود.
وفي مقابلةٍ مع هيومن رايتس ووتش، قال أمين عام وزارة الداخلية الأردنية مخيمر أبو جاموس أن الأردن لن يغير سياسته القاضية بمنع دخول الفلسطينيين العراقيين. وأكد أن الأردن يحمل عبئاً ضخماً من اللاجئين الفلسطينيين وأنه لن يستقبل أي فلسطينيٌّ جديد. وقال المسئول العراقي أن هناك مخاوف لدى الأردن من أن لا يتمكن الفلسطينيون العراقيون الذين لا يحملون جوازات سفر (فهم يحملون وثيقة السفر الفلسطينية فقط) من مغادرة الأردن إذا سمح لهم بدخول أراضيه، وذلك بخلاف حالة العراقيين العاديين.[109] وتأكيداً لذلك، علمت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن سلطات الحدود العراقية ختمت وثائق سفر الفلسطينيين الخارجين من العراق بعبارة "يسمح بالخروج، ولا يسمح بالعودة". كما أبلغت وزارة الداخلية العراقية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن الفلسطينيين الفارين من العراق لا حق لهم بالعودة إليه.[110] وأكد أبو جاموس أن قضية اللاجئين الفلسطينيين العراقيين يجب أن تحل من خلال تعاون دول المنطقة في حمل ذلك العبء؛ لكن الأردن لن يسمح للفلسطينيين العراقيين بدخول أراضيه حتى في حال وجود مساعدات مالية دولية.[111]
العرض السوري باستقبال اللاجئين الفلسطينيين
مع تجدد الأزمة على الحدود الأردنية، حثت حكومة حماس الفلسطينية المنتخبة حديثاً دول المنطقة على استقبال الفلسطينيين الفارين من العراق فيما بدا خروجاً على موقف منظمة التحرير الفلسطينية القائل بأن الفلسطينيين العراقيين يجب أن يعودوا إلى فلسطين أو أن يظلوا في العراق. وخلال زيارته الأولى إلى سوريا، أعلن وزير الخارجية الفلسطيني الجديد محمود الزهار أنه تلقى وعداً من السلطات السورية باستقبال الفلسطينيين العالقين على الحدود العراقية الأردنية.[112]
وجاء العرض السوري مخالفاً للسياسة السياسة السورية السابقة في إغلاق الحدود أمام الفلسطينيين، وذلك على غرار السياسة الأردنية. وكانت سوريا قد سمحت في السابق لمجموعةٍ من 18 فلسطينياً، ظلوا على الحدود السورية العراقية من 4 أكتوبر/تشرين الأول حتى 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، بالتوجه إلى مخيم الهول للاجئين (وهو مخيمٌ تديره المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومعظم من فيه من العراقيين). لكن ذلك لم يحدث إلا بعد مفاوضاتٍ مكثفة بين المفوضية والسلطات السورية.[113]
وفي 9 مايو/أيار 2006، قامت منظمة الهجرة الدولية بنقل أكثر من 250 فلسطينياً عراقياً عالقين على الحدود العراقية الأردنية إلى سوريا. ثم نقلتهم السلطات السورية إلى مخيم الهول. ويجب أن يتلقى هؤلاء اللاجئون بعد ذلك مساعدات الأونروا؛ ويرجح أن يكون ذلك بعد نقلهم إلى المخيم الذي تديره الأونروا حيث تفرض قيود على التنقل أقل مما يفرض في مخيم الهول.[114] وقد عادت السلطات السورية في اليوم التالي فسمحت بعبور مجموعةٍ أخرى من 37 فلسطينياً عراقياً جاؤوا مباشرةً من بغداد إلى الحدود السورية. لكن السوريين، ومنذ مايو/أيار، يغلقون الحدود السورية العراقية أمام الفلسطينيين العراقيين. وعند إعداد هذا التقرير، كانت مجموعةٌ تقارب 200 فلسطينياً عراقياً (ومنهم أطفال ونساء حوامل) عالقةً في المنطقة العازلة عند الحدود السورية.[115] وعلى النقيض من حال الفلسطينيين، يواصل المواطنون العراقيون دخول كل من الأردن وسوريا بأعدادٍ كبيرة، مما يظهر الطبيعة التمييزية للسياسات الأردنية والسورية تجاه الأشخاص الفارين من العراق.
IX. خلاصة: الحاجة إلى حل إقليمي وإلى تقاسم دولي للعبء
إن السياسة الحالية التي تتبعها الدول المجاورة للعراق (إقفال الحدود في وجه اللاجئين الفلسطينيين ورفض دراسة الخيارات البديلة من قبيل التوطين في بلدانٍ أخرى) تنتقص بشدةٍ من قدرة اللاجئين الفلسطينيين على التماس السلامة خارج العراق.
وتقع المسؤولية الأولى عن حماية اللاجئين الفلسطينيين داخل العراق على عاتق الحكومة العراقية التي تتحمل مسؤوليةً دولية عن منع انتهاكات حقوق الإنسان التي تصيب الأشخاص الموجودين ضمن أراضيها، بمن فيهم غير المواطنين، وإنزال العقاب بمرتكبيها. ومن الضروري أن تتخذ الحكومة العراقية خطوات عاجلة لتوفير الأمن للاجئين الفلسطينيين في العراق وإنهاء الممارسات التمييزية والمسيئة بحقهم من جانب وزارة الداخلية والجهات الحكومية الأخرى. كما تظل القوات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة مسئولة عن توفير الأمن في معظم أنحاء العراق؛ ويجب أن يتضمن ذلك حماية الأقليات المعرضة للخطر، ومنها اللاجئون الفلسطينيون.
وعلى الدول المجاورة احترام حق اللاجئين الفلسطينيين بالتماس السلامة واللجوء خارج العراق طالما أنهم يواجهون انعدام الأمن والاضطهاد داخله. ولا يجوز أن يقع عبء توفير السلامة واللجوء على عاتق دولةٍ مجاورةٍ واحدة (الأردن وسوريا هما الوجهتان المفضلتين بالنسبة للفلسطينيين)، بل يجب أن تتقاسمه جميع دول المنطقة. كما أن على إسرائيل أيضاً عدم انتظار التوصل إلى حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على الحدود، وعليها السماح للاجئين الفلسطينيين العراقيين الذين تربطهم صلاتٌ مباشرة بغزة بالعودة إلى المناطق التي تديرها السلطة الوطنية الفلسطينية الآن.
وعلى المجتمع الدولي أيضاً أن يساهم في تحمل العبء، عبر تقديم مساعدات مالية إلى البلدان التي تستقبل اللاجئين الفلسطينيين من العراق، وكذلك دراسة حالة أصحاب الأوضاع الهشة من اللاجئين لمنحهم إمكانية إعادة التوطين لأسبابٍ إنسانية. وفي حين يمكن أن تتردد مختلف الدول في عرض إعادة توطين اللاجئين بسبب موقف منظمة التحرير الفلسطينية والجامعة العربية الرافض لذلك، فمن غير الممكن تجاهل الوضع الصعب للفلسطينيين الفارين من العراق. ويمكن استخدام برنامج الإجلاء الإنساني للكوسوفيين من مقدونيا عام 1999 كنموذجٍ لإعادة توطين لا تمثل حلاً دائماً بل وسيلةً مؤقتة لتأمين اللجوء والحفاظ على الأرواح.[116]
X. كلمة الشكر
يستند هذا التقرير إلى بحث استمر ثلاثة أسابيع وقامت به بعثةٌ توجهت إلى الأردن والحدود العراقية الأردنية في شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار 2006. وضمت البعثة كلاً من بيتر بوكايرت، مدير الطوارئ في هيومن رايتس ووتش، وبيل فريليك، مدير برنامجاللاجئين في المنظمة، وكريستوفر ويلكه، الباحث المتخصص بشؤون الأردن والمملكة العربية السعودية.
وقد كتب التقرير بيتر بوكايرت، وراجعه كلٌّ من بيل فريليك وكريستوفر ويلكي وسارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، وجيمس روس، المستشار القانوني الرئيسي، وإيان غورفين، المستشار لدى دائرة البرامج. وتشكر هيومن رايتس ووتش العاملين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في كلٍّ من الأردن والعراق على تعاونهم مع بعثتها. كما أعد هذا التقرير للنشر كلٌّ من عاصف أشرف وطارق رضوان، المساعدين في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك ليام آزولاي-ياجيف وثودلين ديسورسز، المساعدين في دائرة البرامج، وأندريا هولي، مديرة الدعاية والنشر، وفيتسروي هيبكينز، المسئول عن المراسلات.
[1]انظر مثلاً بيني موريس، "ولادة قضية اللاجئين الفلسطينيين، 1947 - 1949"، (كامبردج: منشورات جامعة كامبردج، 1988)؛ بيني موريس، "العودة إلى ولادة قضية اللاجئين الفلسطينيين"، (كامبردج: منشورات جامعة كامبردج،2004).
[2]انظر "استهداف الفلسطينيين في العراق"، وكالة أنباء الأمم المتحدة، 5 مايو/أيار 2006، (يورد تقدير الحكومة العراقية لعدد اللاجئين الفلسطينيين بـ 34000)؛ وأيضاً المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، "الفلسطينيون يغادرون المخيم الصحراوي باتجاه بغداد"، 26 مايو/أيار 2004، (يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق بـ 34000 إلى 42000). وقد تراوحت تقديرات عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق قبل نزاع عام 2003 بين 34000 و90000. انظر اللجنة الأمريكية للاجئين، "تقرير العراق 2002"، (قدر عدد اللاجئين في العراق بـ 34000)، و"اللاجئون الفلسطينيون في العراق"، إدارة شؤون اللاجئين، منظمة التحرير الفلسطينية، 1999، (قدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق بـ 92000). وقد توصلت حملة تسجيل قامت بها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بعد حرب 2003 إلى تسجيل 23000 لاجئ فلسطيني في بغداد، لكنها أقرت بأن العدد الفعلي للاجئين الفلسطينيين في العراق كان أعلى من ذلك بكثير.
[3]بحث المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس في تهجير السكان العرب خلال حرب 1948 1949. وهو يقدم في عمله المحكم تواريخ وأسباب نزوح المدنيين العرب من 369 مدينة وبلدة وقرية في مختلف أنحاء فلسطين. ويورد موريس الأسباب "الحاسمة" التالية للنزوح: الطرد على يد القوات اليهودية؛ المغادرة بناءً على أوامر عربية؛ الخوف من هجمات اليهود أو من البقاء في مناطق القتال؛ الهجوم العسكري من جانب الوحدات اليهودية؛ الحرب النفسية التي شنتها الهاجانا/قوات الدفاع الإسرائيلية لحملهم على الفرار (والمعروفة باسم حملات "الهمس")؛ تأثير سقوط البلدات المجاورة أو نزوح أهلها. موريس، "ولادة قضية اللاجئين الفلسطينيين، 1947 - 1949"، الجزء 8.
[4]"اللاجئون الفلسطينيون في العراق"، إدارة شؤون اللاجئين، منظمة التحرير الفلسطينية، 1999.
[5]المصدر السابق.
[6]المصدر السابق.
[7]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ي. ج. في مخيم الرويشد للاجئين بالأردن، 29 أبريل/نيسان 2003. و "ي. ج." محامٍ فلسطيني عراقي قدم لهيومن رايتس ووتش شرحاً تفصيلياً للوضع القانوني للعقارات التي استأجرتها الحكومة العراقية لفلسطينيي العراق.
[8]المصدر السابق.
[9]انظر هيومن رايتس ووتش، "الاختفاء في لحظة: التفجيرات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين"، (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 2002)، ص 100 101. وفي عام 2002، أبلغ أحد مسئولي جبهة التحرير العربية المرتبطة بالعراق المراسلين الصحفيين بأن صدام حسين قدم قرابة 20 مليون دولار أمريكي كمساعدةٍ للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ بدء الانتفاضة الثانية. قناة "Sky" التلفزيونية، 17 يوليو/تموز 2002.
[10]"صدام يقول أن حل مشكلة الفلسطينيين يجب أن يتضمن حق اللاجئين بالعودة"، وكالة الأنباء الفرنسية، 16 يناير/كانون الثاني 2001.
[11]"اللاجئون الفلسطينيون في العراق"، إدارة شؤون اللاجئين، منظمة التحرير الفلسطينية، 1999.
[12]عباس شبلاق، "وضع إقامة اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم المدنية في البلدان العربية"، مجلة دراسات فلسطينية، المجلد 25، العدد 3 (ربيع 1996)، ص 38 39:
والظاهر أن مبدأين أساسيين، وإن كانا غير متوافقين بالضرورة، قد حكما مواقف الدول العربية المضيفة. المبدأ الأول هو التعبير عن التضامن والتعاطف مع اللاجئين. وقد تبين هذا عبر استعداد الحكومات العربية، نظرياً على الأقل، لمنح الفلسطينيين حق الإقامة رغم عدم منحهم الحقوق السياسية أسوةً بالمواطنين. أما المبدأ الثاني فكان الحفاظ على الهوية الفلسطينية من خلال الإبقاء على صفة اللاجئين مما يمنع إسرائيل من التهرب من مسؤوليتها عن محنتهم... وعادةً ما كانت [الدول العربية] تعارض حل مشكلة اللاجئين عبر التطبيع وإعادة التوطين. وكان الأردن استثناءً من ذلك الموقف إذ منحهم الجنسية الأردنية.
[13]"السماح للفلسطينيين المقيمين في بغداد منذ 1948 بتملك المنازل"، وكالة الأنباء الفرنسية، 29 مارس/آذار 2000، (مستشهدةً بزيدان خلف الطائي، المدير العام لسجل الإسكان في بغداد).
[14]وفقاً للمرسوم رقم 23 لعام 1992 الصادر عن مجلس قيادة الثورة العراقي.
[15]رئيس وزراء العراق من 1958 1963.
[16]حديثٌ جرى بين هيومن رايتس ووتش وبين مجموعة من الرجال الفلسطينيين في مأوى أقامته الدولة في حي الحرية ببغداد، 29 أبريل/نيسان 2003.
[17]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نظيمة سليمان في مخيم الرويشد بالأردن، 27 أبريل/نيسان 2003؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عماد الدين عبد الغني محمد، حي الحرية، بغداد، 29 أبريل/نيسان 2003.
[18]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مرتضى م. في مخيم الرويشد بالأردن، 28 أبريل/نيسان 2003.
[19]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سمير في مخيم الرويشد بالأردن، 27 أبريل/نيسان 2003.
[20]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد في مخيم الرويشد بالأردن، 28 أبريل/نيسان 2003.
[21]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم خليل إبراهيم في مخيم الرويشد بالأردن، 27 أبريل/نيسان 2003.
[22]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خيرية شفيق علي في مخيم الرويشد بالأردن، 27 أبريل/نيسان 2003.
[23]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جهاد ج. في مخيم الرويشد بالأردن، 27 أبريل/نيسان 2003.
[24]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فاطمة في مخيم الرويشد بالأردن، 28 أبريل/نيسان 2003.
[25]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صابر جميل شاهين في مخيم الرويشد بالأردن، 28 أبريل/نيسان 2003.
[26]منظمة التحرير الفلسطينية، اللجنة العامة، لجنة الإغاثة والمساعدات، "الأسر التي طردت من منازلها"، 7 مايو/أيار 2003، (موثقٌ لدى هيومن رايتس ووتش).
[27]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد السلام يوسف عثمان، نادي حيفا الرياضي، حي البلديات، بغداد، 28 و29 أبريل/نيسان و7 مايو/أيار 2003.
[28]لورانس سمولمان، "اللاجئون الفلسطينيون في بغداد"، الجزيرة، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2003.
[29]كان الفرار إلى السعودية أو الكويت مستحيلاً بسبب الكراهية الباقية إزاء الفلسطينيين منذ حرب الخليج في عام 1991 عندما أيد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات غزو صدام حسين للكويت. كما أن إيران بلدٌ غريب بالنسبة لمعظم فلسطينيي العراق الذين يعتبرونه بلداً معادياً بسبب هويته الشيعية. وكانت تركيا بعيدةً ويصعب دخولها. كما أن المعلومات المتوفرة بشأن ذهاب فلسطينيي العراق إلى سوريا قليلة. وأما الحركة الرئيسية فكانت باتجاه الأردن.
[30]كان من بين المنظمات المشاركة المنظمة الدولية للهجرة، وأطباء بلا حدود، وأوكسفام، وجمعية الهلال الأحمر الأردنية، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وأطباء العالم، ومؤسسة بلاتفورم اليابان، والمؤسسة الخيرية الهاشمية.
[31]دخلت المعاهدة المتعلقة بوضع اللاجئين، 189 U.N.T.S. 150، حيز التطبيق في 22 أبريل/نيسان 1954؛ أما البروتوكول المتعلق بوضع اللاجئين، 606 U.N.T.S. 267، فدخل حيز التطبيق في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1967.
[32]أنظر غاي س. غودوين ـ جيل، "اللاجئون في القانون الدولي"، (أكسفورد: كلارندو، 1996، طبعة ثانية)، ص 123 124؛ وانظر أيضاً النتيجة رقم 22 التي خرجت بها اللجنة التنفيذية في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، حماية طالبي اللجوء في حالات النزوح الواسعة، 1981 (مع ملاحظة أن الأشخاص الذين "وبفعل عدوانٍ خارجي أو احتلال أو هيمنةٍ أجنبية أو أحداثٍ تعكر النظام العام في جزءٍ من البلد الذين قدموا منه أو في بلد مواطنتهم، أو في البلد كله، يكونون مجبرين على التماس اللجوء خارج ذلك البلد" هم من طالبي اللجوء الذين يجب "حمايتهم بشكلٍ كامل" كما أن "المبدأ الأساسي الخاص بعدم الإبعاد، بما فيه عدم الرفض عند الحدود، يجب أن يطبق بدقة").
[33]مقابلات هيومن رايتس ووتش في مخيم الرويشد للاجئين. انظر أيضاً "عمان تسمح لمئتي شخص بالدخول من المنطقة العازلة"، وكالة أنباء الأمم المتحدة، 23 أبريل/نيسان 2003.
[34]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خالد محمد جهاد حدّة، مخيم الرويشد للاجئين، 1 مايو/أيار 2006.
[35]دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، قرار الجمعية العامة رقم 2200A (XXI)، 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 49, U.N. Doc. A/6316 (1966)، حيز التنفيذ في 3 يناير/كانون الثاني 1976. كما رأت لجنة حقوق الإنسان، وهي الهيئة التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أن هذا العهد يجب أن يطبق "دون تمييز بين المواطنين والأجانب". ويشمل مصطلح "الأجانب" اللاجئين وطالبي اللجوء. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن "للأجانب كامل الحق في الحرية والأمن الشخصيين ... ولهم الحق في حرية التحرك واختيار مكان إقامتهم بشكلٍ حر ... ولا يجوز تقييد هذه الحقوق إلا بالقيود التي يمكن فرضها على نحوٍ قانوني بموجب هذا العهد". لجنة حقوق الإنسان، "وضع الأجانب بموجب العهد"، ملاحظة عامة رقم 15، 1986، الفقرة 2.
[36]تنص المادة 12 (1)، (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، على مبدأ حرية الحركة بالشكل التالي: "لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته". ولا يمكن فرض قيود على هذا الحق بحرية الانتقال إلا "بموجب القانون" وإذا كانت "ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأدب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم".
وبالمجمل، يمكن فهم هذا الحق بالصورة التالية:
-يجب أن يتمتع أي شخص من غير المواطنين (بمن فيهم اللاجئون وطالبو اللجوء) يكون موجوداً على نحوٍ قانوني في البلاد بالحق في حرية التنقل؛
-يمكن فرض قيود قانونية على هذا الحق إذا كان غير المواطن موجوداً في البلاد على نحوٍ غير قانوني؛
-يمكن فرض قيود قانونية على هذا الحق إذا شكل غير المواطن خطراً على الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأدب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم؛
-لا يجوز للدولة أن تفرق بين حرية المواطنين وغير المواطنين في التنقل إلا إذا مثّل غير المواطنين خطراً على الأمن القومي، وفي هذه الحالة يجب فرض القيود على هذا الحق بموجب القانون؛
-لا يجوز للدولة أن تفرق بين فئاتٍ مختلفة من المواطنين من حيث الحق في حرية التنقل.
[37]"وفاة طفلة تلقي الضوء على محنة اللاجئين عند الحدود العراقية الأردنية"، أخبار المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 15 أبريل/نيسان 2005.
[38]جينيفر باغونيس المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، "العراق: لاجئو المنطقة العازلة"، تصريحات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 10 ديسمبر/كانون الأول 2004.
[39]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خالد محمد جهاد حدّة، مخيم الرويشد للاجئين، 1 مايو/أيار 2006.
[40]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زهير إبراهيم كامل عباس، مخيم الرويشد للاجئين، 1 مايو/أيار 2006.
[41]"لم شمل أسر اللاجئين في مخيم الرويشد"، أخبار المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 1 يونيو/حزيران 2005.
[42]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد أفراد المجموعة المُبعدة، مخيم الرويشد للاجئين، 1 مايو/أيار 2006.
[43]باغونيس، "العراق: لاجئو المنطقة العازلة".
[44]"فلسطينيون يغادرون المخيم الصحراوي متوجهين إلى بغداد"، أخبار المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 26 مايو/أيار 2004.
[45]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبد حسن، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[46]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد أبو بكر، المدير العام لإدارة شؤون اللاجئين (عمان)، منظمة التحرير الفلسطينية، عمان، 22 أبريل/نيسان 2006. أما ممثل منظمة التحرير في بغداد دليل القسوس فقد ذكر نفس الرقم لوكالة الأنباء الفرنسية. أنظر نافع عبد الجبار وأحمد فدام، "فلسطينيون مذعورون يحاولون الفرار من بغداد"، وكالة الأنباء الفرنسية، 3 أبريل/نيسان 2006.
[47]مقابلات أجرتها هيومن رايتس ووتش هاتفياً في 9 مايو/أيار 2006 مع أم عمر، ومع رائد علي حسين في 11 مايو/أيار 2006.
[48]سمبل، "بعض الفلسطينيين ينتظرون عند الحدود العراقية وبعضهم الآخر يتلقى التهديدات".
[49]جيفيري غيتلمان، "مقيدون، ومعصوبو الأعين، وموتى: أوجه الانتقام في بغداد"، نيويورك تايمز، 26 مارس/آذار 2006.
[50]"استهداف الفلسطينيين في العراق"، وكالة أنباء الأمم المتحدة، 5 مارس/آذار 2006.
[51]المصدر السابق؛ بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، "تقرير حقوق الإنسان، 1 يناير/كانون الثاني _28 فبراير/شباط 2006"، ص 5.
[52]بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، "تقرير حقوق الإنسان1 يناير/كانون الثاني _28 فبراير/شباط 2006"، ص 5؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رباح، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[53]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نوال علي، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[54]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قائد مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حاجي محمود حسين، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006. وقد استند الشهود الذين تمت مقابلتهم في وصف عملية القتل إلى روايات شهود العيان الذين شاهدوا الحادث.
[55]"الرئيس الفلسطيني وأعضاء المجلس التشريعي يدينون الهجمات ضد اللاجئين الفلسطينيين في العراق"، مركز الشرق الأوسط الدولي للإعلام، 1 مارس/آذار 2006؛ الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان في العراق، "جريمةٌ فظيعة"، 28 فبراير/شباط 2006؛ خالد أبو توامة، "عباس يرجو العراق وقف قتل الفلسطينيين"، جيروسالم بوست، 3 مارس/آذار 2006.
[56]أبو توامة، "عباس يرجو العراق وقف قتل الفلسطينيين".
[57]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حاجي محمود حسين، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[58]يستخدم مصطلح "تكفيري" في العراق "كدلالةٍ مختصرة على المتمردين الذين يقتلون الشيعة". انظر دكستر فيلكنز، "الجماعات المسلحة تدفع بالعراق إلى الفوضى"، نيويورك تايمز، 24 مايو/أيار 2006. وأيضاً جيل كيبيل، "الجهاد: محاكمة الإسلام السياسي"، (كمبردج، ماساشوستس: منشورات جامعة هارفارد، 2002)، ص 31: "الكلمة مشتقة من كلمة 'كُفْر'؛ وهي تشير إلى المسلم الذي يكون، أو يعتبر، نجساً: وبتكفيره يكون قد خرج من الدين في أعين المؤمنين. وبنظر من يفسرون الشرع الإسلامي بطريقةٍ حرفيةٍ متشددة يكون من يبلغ تلك المنزلة غير متمتعٍ بحماية الشرع. وحسب التعبير الديني، 'يكون دمه مهدوراً' ويُحكم عليه بالموت".
[59]الوهابية هي أحد التفسيرات الأصولية السنية للإسلام، وسميت كذلك نسبةً إلى محمد بن عبد الوهاب (1703 - 1792) الذي أراد تطهير الإسلام من "البدع" والعودة به إلى صيغته "النقية" التي كان عليها أيام النبي محمد وصحبه. ويتدرج أتباع الوهابية من الأصوليين المحافظين غير المسيسين (ترتبط الوهابية ارتباطاً وثيقاً بحكام المملكة العربية السعودية) إلى الجماعات الجهادية من أمثال القاعدة. وضمن سياق المنشور، تأتي كلمة الوهابية كشتيمةٍ تشير إلى الإرهابيين من السنة.
[60]يرجح أن هذه الكلمة أتت كإشارةٍ إلى الاعتقاد المنتشر في العراق بأن الفلسطينيين "اغتصبوا" البيوت وغيرها من المكاسب في ظل حكم صدام حسين.
[61]توجد نسخة من هذا المنشور موثقة لدى هيومن رايتس ووتش، ترجمة غير رسمية.
[62]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شهاب أحمد طه الحاج، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[63]مقابلة هيومن رايتس ووتش، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[64]انظر، "تهديدات القتل تثير الذعر في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في بغداد"، أخبار المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 24 مارس/آذار 2006؛ "العراق: تزايد مخاوف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تجاه الفلسطينيين في بغداد"، الإيجازات الصادرة عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 13 مارس/آذار 2006.
[65]سمبل، "بعض الفلسطينيين ينتظرون عند الحدود العراقية وبعضهم الآخر يتلقى التهديدات".
[66]أبو توامة، "عباس يرجو العراق وقف قتل الفلسطينيين". انظر أيضاً "(دبلوماسي يقول) مقتل 10 فلسطينيين في بغداد خلال الأيام الماضية"، وكالة الأنباء الفرنسية، 28 فبراير/شباط 2006.
[67]"السيستاني يقول للعراقيين: لا تؤذوا الفلسطينيين"، STR، 1 مايو/أيار 2006. كما أصدرت المراجع الدينية الشيعية، مثل آية الله حسين المؤيد، فتاوى مشابهة. انظر "رجال الدين الشيعة يدعون إلى الوحدة ونبذ الطائفية، ويمتدحون 'المقاومة'"، هيئة الإذاعة البريطانية، 4 مايو/أيار 2006. انظر أيضاً "العراق: المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ترحب بفتوى آية الله العظمى حول الفلسطينيين"، النشرة الصادرة عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 2 مايو/أيار 2006.
[68]فيلكنز، "الجماعات المسلحة تدفع بالعراق إلى الفوضى".
[69]"حوادث القتل والاختطاف في بغداد تجعل الفلسطينيين في حالة خوفٍ وغضب"، أخبار المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 1 يونيو/حزيران 2006.
[70]المصدر السابق.
[71]مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية (تم حجب الاسم)، 16 مايو/أيار 2006.
[72]"(دبلوماسي يقول) مقتل 10 فلسطينيين في بغداد خلال الأيام الماضية"، وكالة الأنباء الفرنسية، 28 فبراير/شباط 2006؛ ديفيد إندرز، "كلنا نريد الرحيل"، الأم جونز، 4 مايو/أيار 2006.
[73]منظمة العفو الدولية، "الخوف من التعذيب/المحاكمة غير المنصفة"، دليل منظمة العفو الدولية: MDE 14/042/2005؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع المحامي الفلسطيني أحمد ماهر، 16 مايو/أيار 2006؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع عامر، 8 9 مايو/أيار 2006؛ داو ستراك؛ "الفلسطينيون في العراق يدفعون ثمن كونهم 'رجال صدام'"، واشنطن بوست، 30 ديسمبر/كانون الأول 2005.
[74]مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع عبد الله عمر، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[75]مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم حجب الاسم)، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[76]مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم حجب الاسم)، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[77]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد حسن، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[78]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نوال علي، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[79]مقابلة هيومن رايتس ووتش شهاب أحمد طه الحاج، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[80]مقابلة هيومن رايتس ووتش محمد سليم علي، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[81]مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع أم عمر، 9 مايو/أيار 2006.
[82]مقابلة هيومن رايتس ووتش عامر، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[83]إسراء سعدي ونجاح الركابي، "وزارة الهجرة والمهجرين تطالب بطرد الفلسطينيين من العراق"، المشرق (بغداد)، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2005.
[84]مقابلة هيومن رايتس ووتش الحاج محمود حسين، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[85]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد سليم علي، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[86]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رعد علي حسين، 11 مايو/أيار 2006.
[87]مقابلة هيومن رايتس ووتش (تم حجب الاسم)، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[88]يمكن العثور على أسس هذه الحلول الثلاثة في القانون الدولي للاجئين. والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين مكلفةٌ، بموجب قرار إنشائها، بالبحث عن حلولٍ دائمة للاجئين، بما في ذلك الإعادة الطوعية أو الاندماج في مجتمعاتٍ قوميةٍ جديدة. وبموجب الاتفاقية الدولية الخاصة بوضع اللاجئين (اتفاقية اللاجئين)،189 U.N.T.S. 150, 1951، التي دخلت حيز التطبيق في 22 أبريل/نيسان 1954، تتوقف الحماية الدولية للاجئ في حال: ، "تذرعه الطوعي بحماية الدولة التي يحمل جنسيتها"، أو "اكتساب جنسيةً جديدة وتمتعه بحماية بلد جنسيته الجديدة"، أو "إذا عاد طوعاً ليقيم في البلد الذي تركه أو الذي أقام خارجه، أو "لشخص لا يحمل جنسية، وبسبب أن الظروف التي أدت إلى الاعتراف بوضعيته كلاجئ قد زالت، وأصبح قادراً على العودة إلى بلد إقامته المعتادة السابقة"، اتفاقية اللاجئين، المادة 1 (ت). وتفرض المادة 34 من اتفاقية اللاجئين على الدول ن تسهل "بقدر الإمكان اندماج وتجنّس اللاجئين وتطبيعهم".
[89]مثلاً، ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 13 (2) على أن "لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده".
[90]العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، المادة 12 (4). إن لجنة حقوق الإنسان، وهي الهيئة الدولية التي تراقب الالتزام بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وفي ملاحظتها العامة الخاصة بحرية الانتقال، "ترى أن هناك حالات قليلة جداً يمكن فيها لتجريد الشخص من حقه في دخول بلده أن يكون معقولاًً. وعلى كل دولةٍ عضو، ألا تمنع الشخص من العودة إلى بلده على نحوٍ تعسفي من خلال تجريده من الجنسية أو نفيه إلى بلدٍ آخر". لجنة حقوق الإنسان، ملاحظة عامة رقم 27، حرية الانتقال (المادة 12)،CCPR/C/21/Rev.1/Add.9، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1999، الفقرة 20.
[91]إن النتائج الملزمة التي توصلت إليها اللجنة التنفيذية في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عام 1985 بشأن الإعادة الطوعية تؤكد على "الحق الأساسي للأشخاص في العودة طوعاً إلى بلدانهم الأصلية"؛ في حين أن النتيجة العامة المتعلقة بالحماية الدولية (1994) "تدعو جميع البلدان الأصلية، وبلدان اللجوء، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، والمجتمع الدولي عامة، إلى القيام بكل ما هو ممكن لتمكين اللاجئين من ممارسة حقهم بالعودة إلى أوطانهم بأمانٍ وكرامة".
[92]القرار الأكثر ذكراً هو القرار 194 (3) لعام 1948 الذي أنشأ "لجنة المصالحة التابعة للأمم المتحدة في قضية فلسطين"، ونصت الفقرة 11 منه على:
"يجب السماح للاجئين الراغبين بالعودة إلى ديارهم والعيش في سلام مع جيرانهم بأن يفعلوا ذلك في أقرب موعد ممكن، كما يجب دفع تعويضات عن ممتلكات من يختارون عدم العودة أو عن الممتلكات المفقودة أو المتضررة، ويقع تنفيذ ذلك على عاتق الحكومة أو السلطات المسئولة بموجب مبادئ القانون الدولي والعدالة".
[93]انظر سياسة هيومن رايتس ووتش حول حق العودة على:http://www.hrw.org/campaigns/israel/return/؛وكذلك في الرسائل الموجهة عام 2000 إلى إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، وإلى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية المتوفى ياسر عرفات، وإلى الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت بيل كلينتون. والرسائل موجودةٌ على الرابط: http://hrw.org/english/docs/2000/12/22/isrlpa579.htm؛ وكما تبين الرسالة الأخيرة فإن من بين القضايا التي يجب أخذها بعين الاعتبار حق العائدين بالاستقرار حيث كانوا سابقاً أو بالتعويض عليهم عندما لا يكون المنزل السابق موجوداً حتى الآن أو عندما يشغله طرفٌ آخر بريء؛ وكذلك التوصل إلى حل عادل للمطالبة بحق العودة، بحيث يسمح لكل من يحمل هذا الحق بأن يختار بحريةٍ وعلى نحوٍ واعٍ ما إذا كان سيمارسه أم لا؛ وأن تتم العودة على نحوٍ تدريجي منظم، وبحيث لا يؤدي علاج مظالم الماضي إلى خلق مظالم جديدة.
[94]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومع مسئولين دبلوماسيين ومسئولين من منظمة التحرير الفلسطينية والأردن، أبريل/نيسان 2006. ووفقاً لرأي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، تتولى الأونروا المسؤولية الأولى عن اللاجئين الفلسطينيين في معظم أنحاء الشرق الأوسط. لكن مهمة الأونروا تنحصر في تقديم المساعدات، وهي غير مكلفةٍ بحماية اللاجئين. وبالتالي فإن اللاجئين الفلسطينيين لا يستفيدون فعلاً من كثيرٍ من أنواع الحماية التي تقررها اتفاقية اللاجئين. وقد رفض العراق مساعدة الأونروا عام 1949؛ ومن هنا فإن اللاجئين الفلسطينيين في العراق يقعون ضمن مهام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، على العكس من اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي الأردن وسوريا ولبنان.
[95]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد أبو بكر، المدير العام لإدارة شؤون اللاجئين (عمان)، منظمة التحرير الفلسطينية، عمان، 22 أبريل/نيسان 2006. انظر أيضاً، "العراق ـ الأردن: وصول المساعدات للاجئين الفلسطينيين على الحدود"، وكالة أنباء الأمم المتحدة، 26 مارس/آذار 2006.
[96]المصدر السابق.
[97]انظر مثلاً، المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، "حالة لاجئي العالم: أجندة إنسانية"، (لندن ونيويورك: منشورات جامعة أكسفورد، 1997)، ص 92 93، 96 97.
[98]المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، "دليل إعادة التوطين"، (جنيف: المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يوليو/تموز 1997)، ص 2.
[99]المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، "حالة لاجئي العالم: أجندة إنسانية"، ص 96، 88 - 89.
[100]المصدر السابق، ص 89.
[101]سوزان م. أكرم، "اللاجئون الفلسطينيون ووضعهم القانوني: الحقوق والسياسة وشروط الحل العادل"، مجلة دراسات فلسطينية، المجلد 31، العدد 3 (ربيع 2002).
[102]"الأردن: تصاعد التوتر في مخيم اللاجئين العراقيين"، وكالة أنباء الأمم المتحدة، 15 مايو/أيار 2005.
[103]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول أمريكي، عمان، مايو/أيار 2006.
[104]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد حسن، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[105]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006، ومع مسئولين دوليين، 1 مايو/أيار 2006.
[106]اتصال عن طريق البريد الإلكتروني بأحد مسئولي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 11 يونيو/حزيران 2006.
[107]مقابلة هيومن رايتس ووتش محمد سليم علي، مخيم طريبيل، 30 أبريل/نيسان 2006.
[108]المصدر السابق.
[109]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مخيمر ف. أبو جاموس، أمين عام وزارة الداخلية الأردنية، عمان، 4 مايو/أيار 2006.
[110]اتصال عن طريق البريد الإلكتروني بأحد مسئولي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 11 يونيو/حزيران 2006.
[111]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مخيمر ف. أبو جاموس، أمين عام وزارة الداخلية الأردنية، عمان، 4 مايو/أيار 2006.
[112]ألبرت آجي، "سوريا تمد يد العون إلى حكومة حماس الفلسطينية"، اسوشييتد برس، 20 أبريل/نيسان 2006.
[113]"سوريا: فلسطينيون عراقيون يلتمسون اللجوء في سوريا"، وكالة الأنباء المتحدة، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.
[114]"سوريا: دمشق تفتح أبوابها أمام اللاجئين الفلسطينيين على الحدود"، وكالة الأنباء المتحدة، 9 مايو/أيار 2006.
[115]"حوادث القتل والاختطاف في بغداد تجعل الفلسطينيين العراقيين خائفين وغاضبين"، وكالة الأنباء المتحدة، 18 مايو/أيار 2006؛ "سوريا: وصول مزيد من اللاجئين الفلسطينيين إلى الحدود"، وكالة الأنباء المتحدة، 18 مايو/أيار 2006؛ اتصال عن طريق البريد الإلكتروني بأحد مسئولي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، 11 يونيو/حزيران 2006.
[116]بيل فريليك، "الإجلاء الإنساني من كوسوفو: هل يكون نموذجاً للمستقبل؟"، مسح لاجئي العالم 2000.