الضربات القاتلةهجمات إسرائيل العشوائية ضد المدنيين في لبنان
الخريطة
هجمات قوات الدفاع الإسرائيلية على المدنيين في هذا التقرير
(ملاحظة: ليست الحصيلة الكاملة للهجمات)
الملخص
يتضمن هذا التقرير وثائق عن انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب) على يد جيش الدفاع الإسرائيلي في لبنان بين 12 و27 يوليو/تموز 2006، إضافة إلى الهجوم الذي تم في 30 يوليو/تموز على قانا. فقد قتل الجيش الإسرائيلي في هذه الفترة حوالي 400 شخص معظمهم من المدنيين، ووصل هذا الرقم إلى 500 لحظة دخول هذا التقرير إلى المطبعة. وتزعم الحكومة الإسرائيلية أنها تتخذ كل الإجراءات الممكنة للحد من إصابات المدنيين، ولكن الوثائق المتضمنة في هذا التقرير تبين الإخفاق المستمر للجيش الإسرائيلي في التمييز بين المقاتلين والمدنيين.
فمنذ بداية هذا الصراع، شنت القوات الإسرائيلية غارات جوية وقصفاً مدفعياً متواصلين أديا إلى خسائر كبيرة بين المدنيين دون تحقيق كسب عسكري يذكر. وقد استهدفت عشرات الغارات الإسرائيلية مناطق من الواضح أنها لا تضم أهدافاً عسكرية. وفي بعض الحالات، دل توقيت الغارات وشدتها، وغياب الأهداف العسكرية، فضلاً عن الغارات المتكررة على عمال الإنقاذ، على أن القوات الإسرائيلية تتعمد استهداف المدنيين.
وتزعم الحكومة الإسرائيلية أنها لا تستهدف سوى حزب الله، وأن مقاتلي الحزب يستخدمون المدنيين كدروع بشرية، مما يعرض المدنيين للخطر. ولكن هيومن رايتس ووتش لم تجد أية حالة يتعمد فيها حزب الله استخدام المدنيين كدروع لحماية عناصره من هجمات الجيش الإسرائيلي الانتقامية. لقد قام حزب الله في بعض الأحيان بتخزين الأسلحة في أو قرب مساكن مدنية، كما نصب مقاتلوه منصات إطلاق الصواريخ داخل مناطق مأهولة أو قرب مقرات مراقبي الأمم المتحدة، وهذا يشكل انتهاكاً خطيراً لقوانين الحرب لأنه بذلك ينتهك مبدأ ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتفادي وقوع ضحايا بين المدنيين. ولكن هذه الحالات لا تبرر للجيش الإسرائيلي الاستخدام المفرط للقوة الغاشمة التي راح ضحيتها الكثير من المدنيين. فلا يوجد في أي من الحالات الموثقة في هذا التقرير والتي راح ضحيتها مدنيون أي دليل على وجود قوات أو أسلحة لحزب الله في أو قرب المنطقة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي أثناء أو حتى قبل هجوم القوات الإسرائيلية.
وبفشلها الدائم في التمييز بين المقاتلين والمدنيين، تكون إسرائيل قد انتهكت أحد أهم المبادئ الأساسية في قوانين الحرب وهو ضرورة اقتصار الغارات على الأهداف العسكرية فقط. إن طبيعة الهجمات التي تقوم بها إسرائيل خلال عدوانها على لبنان، تدل على أن فشلها في التمييز بين المقاتلين والمدنيين لا يمكن شرحه أو تبريره على أنه حدث عارض، بل إن طبيعة النتائج وخطورتها يدلان على ارتكاب جرائم حرب.
يعتمد هذا التقرير على بحث ميداني مكثف في لبنان. فمنذ بداية الحرب، قامت هيومن رايتس ووتش بمقابلة ضحايا وشهود على الغارات في كل موقع، وقامت باستقصاءات ميدانية (كلما سمحت الظروف)، وجمعت معلومات من المستشفيات ومن الجماعات الإنسانية والمؤسسات الحكومية. كما قامت المنظمة باستقصاءات في إسرائيل، فراقبت استخدام الجيش الإسرائيلي للأسلحة وناقشت مع ضباطه سلوك القوات الإسرائيلية. لقد كان البحث مكثفاً، ولكن نظراً إلى طبيعة الحرب الدائرة وإلى اتساع القصف، فإن هيومن رايتس ووتش لا تزعم أن نتائجها شاملة، بل هناك حاجة إلى المزيد من التحقيق لتوثيق الأثر الكامل للحرب على المدنيين وإلى تقييم مدى التزام الجيش الإسرائيلي بالقانون الإنساني الدولي ومدى تجاهله له.
ورغم أن موضوع هذا التقرير ليس التركيز على ممارسات حزب الله، فإن هيومن رايتس ووتش قامت، وعلى نحو منفصل ومتزامن، بتوثيق انتهاكات حزب الله للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك نمط الهجمات التي تصل إلى مستوى جرائم الحرب. فبين 12 يوليو/تموز، حين أقدم حزب الله على أسر جنديين إسرائيليين وقتل ثمانية، و27 من الشهر نفسه، أطلق الحزب، وفق التقارير، 1300 صاروخاً على مناطق في إسرائيل غالبيتها مدنية، فقتل 18 مدنياً وجرح أكثر من 300. ونظراً إلى غياب أنظمة التوجيه الدقيقة، فإن الصواريخ تقتل دون تمييز حين توجه إلى مناطق مدنية ولاسيما إلى المدن، وهذا يشكل خرقاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي الذي يفرض على المهاجمين التمييز دائماً بين المقاتلين والمدنيين. وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن بعض هذه الصواريخ يحمل آلاف الكرات المعدنية التي تنتشر على مسافة 100 متر من مكان الانفجار وتتسبب بالأذى للمدنيين.
يدرس هذا التقرير مجموعة مختارة من الغارات الإسرائيلية الجوية والمدفعية التي تسببت بمصرع ما لا يقل عن 153 مدنياً، أي أكثر من ثلث الضحايا اللبنانيين في الأسبوعين الأولين من الصراع، حسبما تقول التقارير. ومن بين هؤلاء الضحايا الذين وثقهم تقريرنا بالأسماء، 63 طفلاً دون الثامنة عشرة، منهم 37 دون العاشرة. كما قتلت الغارات الإسرائيلية العديد من اللبنانيين الذين يحملون جنسية أخرى، وكانوا يقضون عطلتهم في لبنان حين اندلع القتال، بمن في ذلك مواطنون برازيليون وكنديون وألمان وكويتيون وأمريكيون. ولا شك أن العدد الإجمالي للقتلى أعلى من ذلك نظراً إلى عدم تمكن فرق الإغاثة والفرق الطبية من انتشال القتلى بسبب القتال الجاري والوضع الأمني المريع في جنوب لبنان.
ويميز التقرير بين نوعين من القتلى المدنيين: ضحايا الغارات على منازل مدنية وضحايا الغارات على سيارات مدنية. وقد قال الضحايا والشهود الذين تمت مقابلتهم بشكل منفصل ومتكرر إن البيوت والسيارات المدنية التي استهدفت لم يكن فيها لا أسلحة ولا مقاتلين تابعين لحزب الله خلال أو قبل الغارات الإسرائيلية. وفي حين أن بعض الذين قابلناهم كانوا، بفعل الخوف أو التعاطف، غير راغبين في الحديث عن النشاط العسكري لحزب الله، إلا أن هناك من تكلم بكل صراحة ووضوح عن ذلك. وبالإجمال، فإن انسجام وتفاصيل ومصداقية الشهادات التي حصلنا عليها من طيف واسع من الشهود الذين تكلم كل منهم بمعزل عن الآخر، لا تترك مجالاً للشك في صدق ما هو وارد في هذا التقرير. وفي حالات كثيرة، تم تأكيد شهادة الشهود من قبل تقارير صحفية دولية ومن قبل عمال الإغاثة. وخلال الزيارات الميدانية التي قمنا بها إلى قانا وصريفا وصور، لم نجد أي دليل على نشاط عسكري لحزب الله حول المناطق التي استهدفها الجيش الإسرائيلي خلال أو قبل الغارات: لا ذخائر مستخدمة ولا أسلحة مهجورة ولا معدات عسكرية ولا خنادق ولا مقاتلين جرحى أو قتلى. ثم أنه حتى لو كان حزب الله موجوداً في منطقة مأهولة وقت الغارة، فإن إسرائيل ملزمة باتخاذ كل الإجراءات الممكنة للحد من إصابات المدنيين لدى استهدافها أفراداً أو أهدافاً عسكرية. ولكن في الحالات التي يوردها هذا التقرير، تسبب الجيش الإسرائيلي بالكثير من الإصابات المدنية مقابل مكسب عسكري مشكوك فيه.
ففي إحدى الحالات استهدفت غارة جوية إسرائيلية في 13 يوليو/تموز منزل رجل دين معروف بتعاطفه مع حزب الله، ولكن دون أن يكون له أي دور في النزاعات المسلحة. وحتى لو اعتبره الجيش الإسرائيلي هدفاً مشروعاً (ولا يوجد لدى هيومن رايتس ووتش أدلة تشير إلى ذلك)، فقد أدت الغارة إلى قتله وقتل زوجته وأولاده العشرة وخادمتهم السريلانكية.
وفي 16 يوليو/تموز أغارت الطائرات الإسرائيلية على منزل مدني في قرية عيترون، فقتلت 11 فرداً من عائلة الأخرس، من بينهم 7 يحملون الجنسية الكندية إلى جانب اللبنانية كانوا يقضون عطلتهم في لبنان عندما اندلعت الحرب. وقد التقينا ثلاثة قرويين كل على حدة أكدوا جميعاً على عدم وجود أي صلة للعائلة بحزب الله. ومن بين الضحايا هناك أطفال في السنة الأولى والثالثة والخامسة والسابعة من أعمارهم.
كما تعرض مدنيون آخرون للقصف وهم يحاولون الهرب بسياراتهم من القتال الدائر في الجنوب. وهذا التقرير وحده يوثق مقتل 27 مدنياً بسبب غارات كهذه. ولا شك أن العدد أكبر من ذلك، ولكن في الوقت الذي خرج فيه التقرير إلى الصحافة، لم يكن قد تم إخلاء جميع الجثث بسبب الغارات الإسرائيلية المتواصلة.
ومنذ 15 يوليو/تموز بدأ الجيش الإسرائيلي بإصدار تحذيرات لسكان القرى بالمغادرة، تلاها تحذير عام لكل المدنيين جنوبي الليطاني الواقع على بعد 25 كم من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، لإخلاء المنطقة فوراً. وقد هجر عشرات الآلاف منازلهم إلى مدينة صور (وهي أيضاً جنوب الليطاني وبالتالي تقع ضمن المنطقة التي طلبت إسرائيل إخلاءها) أو إلى بيروت، وقد خرج العديد منهم يلوح بالرايات البيض. ولدى نزوحهم، قصفت القوات الإسرائيلية عشرات السيارات بالطائرات والمدفعية.
ومن المعروف أن غارتين جويتين إسرائيليتين استهدفتا سيارات إغاثة إنسانية. ففي 18 يوليو/تموز قصفت القوات الإسرائيلية قافلة لجمعية الهلال الأحمر من الإمارات العربية المتحدة فدمرت سيارة محملة بالأدوية والزيت والسكر والأرز وقتلت السائق. وفي 23 يوليو/تموز قصفت تلك القوات سيارتي إسعاف كان واضحاً تماماً أنهما تابعتان للصليب الأحمر في قرية قانا.
وبدءاً من 1 أغسطس/آب، بقي عشرات الآلاف من المدنيين في القرى جنوب الليطاني، رغم التحذيرات. البعض اختار البقاء بإرادته، ولكن الغالبية الساحقة، كما اكتشفنا، لم يكونوا قادرين على الهرب بسبب تدمير الطرق أو نقص الوقود أو ارتفاع أجور النقل أو مرض الأقارب أو الغارات الإسرائيلية المستمرة. إن معظم الباقين في الجنوب هم من كبار السن أو المرضى أو الفقراء.
لقد بررت إسرائيل قصفها للطرق بقطع إمدادات حزب الله بالأسلحة. ومرة ثانية، لا يشير أي من الدلائل التي جمعتها هيومن رايتس ووتش أو المصادر الإعلامية المستقلة أو تصريحات المسئولين الإسرائيليين، إلى وقوع إصابات في صفوف حزب الله أو في أسلحته جراء هذه الغارات، التي قتلت وجرحت المدنيين الذين كانوا يفرون من منازلهم بعد التحذيرات التي وجهها الجيش الإسرائيلي لهم.
وإلى جانب القصف من الطائرات والحوامات والقصف المدفعي التقليدي، استخدمت إسرائيل القنابل المدفعية العنقودية ضد المناطق المأهولة مما أدى إلى إصابات بين المدنيين. وقد أدت إحدى حالات القصف على قرية بليدا في 19 يوليو/تموز إلى قتل امرأة في الستين من عمرها وجرح 12 مدنياً على الأقل، بينهم سبعة أطفال. إن الانتشار الواسع للذخيرة العنقودية ومعدل العطالة المرتفع لها (من 2-14%، حسب نوع الذخيرة العنقودية) يجعلها خطرة جداً على المدنيين، وهي من الأسلحة التي يحرم القانون الدولي استخدامها في مناطق مأهولة.
وتشير تصريحات المسئولين الإسرائيليين والقادة العسكريين أن الجيش الإسرائيلي يخلط بين المدنيين والمقاتلين وأنه سوف يستهدف كل من يشك، ولو بدرجة بسيطة، أن له علاقة بالمقاتلين. فإذا طبق هذا المنطق إلى نهايته، فإن الجيش الإسرائيلي يعتبر كل سكان المنطقة التي تجري فيها الحرب هدفاً للهجمات.
ففي 17 يوليو/تموز، مثلاً، وبعد غارات الجيش الإسرائيلي على بيروت، قال قائد القوات الجوية الإسرائيلية، إليعازر شكيدي: "يوجد في قلب بيروت منطقة لا يدخلها سوى الإرهابيين"[1]. وفي اليوم التالي قال نائب قائد الجيش الإسرائيلي، موشيه كابلنسكي، لدى حديثه عن تدمير ضاحية بيروت الجنوبية: "إن الضربات كانت مدمرة، وإن هذه المنطقة التي كانت رمزاً لحزب الله، أصبحت ركاماً"[2].
وفي 27 يوليو/تموز، صرح وزير العدل الإسرائيلي حاييم رامون إن الطيران الإسرائيلي سوف يسوي القرى بالأرض قبل أن تتقدم القوات البرية وذلك لمنع وقوع إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين الذين يقاتلون حزب الله. وقال إن إسرائيل أعطت المدنيين المزيد من الوقت لمغادرة جنوب لبنان ولذلك يجب اعتبار كل من بقي منهم نصيراً لحزب الله. وقال: "إن كل من بقي في الجنوب إرهابيون لهم علاقة بشكل أو آخر بحزب الله"[3].
ويطالب القانون الإنساني الدولي بتقديم تحذيرات فعالة مسبقاً للسكان المدنيين قبل أي هجوم، حين تسمح الظروف. ولكن هذه التحذيرات لا تعفي إسرائيل من واجبها في التمييز دائماً بين المدنيين والمقاتلين واتخاذ كل الإحتياطات الممكنة لحماية المدنيين من الأذى. بكلام آخر، إن إصدار التحذيرات لا يخول إسرائيل معاملة المدنيين الباقين في الجنوب على أنهم مقاتلون واستهدافهم بالتالي بالغارات.
وإضافة إلى دعوة الحكومة الإسرائيلية وحزب الله إلى احترام القانون الإنساني الدولي، تدعو هيومن رايتس ووتش الحكومة الأمريكية إلى وقف فوري لشحن جميع الأسلحة التي ثبت أو جزم أنها استخدمت بشكل ينتهك القانون الإنساني الدولي في لبنان، وإلى وقف تمويل أو دعم مثل هذه الأسلحة حتى يتم وضع حد لتلك الانتهاكات. كما تطالب المنظمة كل من سوريا وإيران بالشيء نفسه فيما يخص المساعدة العسكرية لحزب الله.
إن هذا التقرير لا يتناول الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية اللبنانية أو على الضاحية الجنوبية لبيروت، فهذا موضوع بحث تجريه المنظمة حالياً. كما لا يتناول القصف الصاروخي العشوائي لحزب الله على إسرائيل، الذي سبق أن تناولناه وقمنا بإدانته في تصريح منفصل، ولا نزال نقوم بتحقيقاتنا في هذا الموضوع. إلى ذلك، تواصل المنظمة التحقيق في المزاعم التي تقول إن حزب الله يحمي مقاتليه وعتاده من خلال وضعهم في بيوت ومناطق مدنية، وهي قلقة من قيام الحزب بوضع بعض وحداته ومعداته قرب مناطق مأهولة بالمدنيين، الأمر الذي يعرض هؤلاء للخطر وينتهك واجب القيام بكل ما هو ممكن لحماية المدنيين. وتستغل هيومن رايتس ووتش هذا التقرير للتأكيد على الواجب القانوني الذي يلزم حزب الله بأن لا يستخدم المدنيين كدروع لمواقعه العسكرية وأن لا يعرضهم للخطر من خلال قيامه بعمليات عسكرية أو وضع وحداته أو تخزين أسلحته في جوارهم.
إن النزاع المسلح القائم بين إسرائيل وحزب الله تحكمه المعاهدات الدولية، إضافة إلى أحكام القانون الإنساني الدولي العرفي. وتقدم المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف 1949 معايير حد أدنى لكل أطراف الصراع بين دولة عضو مثل إسرائيل وغير دولة مثل حزب الله. كما أكدت إسرائيل أنها تعتبر نفسها ترد على أعمال من قبل دولة لبنان ذات السيادة وليس فقط على أعمال حزب الله. إن أي أعمال حربية تقع بين القوات الإسرائيلية والقوات اللبنانية تندرج تحت اتفاقيات جنيف حيث أن كل من لبنان وإسرائيل موقعان عليها. وفي كلتا الحالين فإن القواعد التي تحكم القصف والتفجير وهجمات الصواريخ هي نفسها في الواقع.
المنهج
يستند هذا التقرير بشكل رئيسي على التحقيقات التي قام بها باحثو هيومن رايتس ووتش، الذين كانوا في بيروت منذ اندلاع الحرب وانتقلوا لمدة يومين إلى جنوب لبنان، حيث ركزوا على مقابلة شهود عيان وناجين من القصف الإسرائيلي، وعلى جمع شهادات مفصلة من هؤلاء الأشخاص، ومقارنتها ومقاطعتها مع روايات عمال الإغاثة الدوليين وروايات الصحفيين الأجانب والمحليين، ومع روايات الأطباء والمسئولين المحليين إضافة إلى المعلومات التي تصدر عن القوات الإسرائيلية.
إن الأوضاع الأمنية لا تسمح بزيارات ميدانية للعديد من القرى والمواقع الأخرى التي وقع فيها ضحايا مدنيون وتم ذكرها في هذا التقرير، ولكن في كل الحالات عملت هيومن رايتس ووتش على مقابلة شهود عيان على الغارات. واستبعدت من هذا التقرير جميع الحالات التي لم تتمكن فيها من مقابلة شهود عيان أو ناجين أو مصادر معلومات موثوقة أخرى. وفي الوقت نفسه عمل فريق مواز من باحثي هيومن رايتس ووتش في شمال إسرائيل للتحقيق في هجمات حزب الله على المدنيين الإسرائيليين ورفع تقارير عنها. كما ساهم هذا الفريق في فهم المنظمة لعمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان من خلال الملاحظات الميدانية والحوارات مع المتحدثين باسم القوات الإسرائيلية.
وفي حالات قليلة لم يتمكن باحثو هيومن رايتس ووتش في لبنان من مقابلة شهود سوى في معسكرات المهجرين التي يديرها عليها حزب الله في بيروت. ويدير حزب الله حوالي 70 مدرسة من أصل 120 مدرسة يشغلها المهاجرون اليوم. وفي مثل هذه الحالات يصر مسئولو الحزب على أن لا يسال الباحثون عن مكان تواجد مقاتلي حزب الله لأن لهذه المعلومات أهمية عسكرية. وهذا ما يحد من قدرة المنظمة على التحديد القانوني المتعلق بشرعية أو عدم شرعية استهداف المنطقة المقصوفة. وفي مثل هذه الحالات عمد باحثونا إلى مقابلة شهود إضافيين خارج سيطرة حزب الله لمعرفة مكان تواجد مقاتليه في المنطقة لحظة وقوع الهجوم. وفي حال عدم توفر مثل هؤلاء الشهود، عمدنا إلى عدم ذكر الحالة.
وكما لاحظنا، جميع الشهود في الحالات الواردة في هذا التقرير، أخبروا هيومن رايتس ووتش أنه لم يكن ثمة تواجد لا لمقاتلي حزب الله ولا لأية أهداف عسكرية مشروعة أخرى في المنطقة التي هاجمها الجيش الإسرائيلي. ولكننا سجلنا حالات تم فيها استهداف أهداف عسكرية من قبل القوات الإسرائيلية، وقبل الشهود عموماً، باستثناءات قليلة، الحديث عن وجود أو عن نشاط لحزب الله فيها. وفي المواقع التي زرناها (قانا وصريفا وصور والضاحية الجنوبية لبيروت) لم تبين التحقيقات الميدانية أية علامة لنشاط عسكري في المنطقة التي تعرضت للهجوم، كالخنادق أو منصات الصواريخ المدمرة أو غيرها من المعدات العسكرية أو المقاتلين القتلى أو الجرحى. كما لم يقدم الصحفيون المحليون أو الأجانب أو عمال الإنقاذ أو المراقبون الدوليون أي دليل يتعارض مع أقوال الشهود الذين تمت مقابلتهم في هذا التقرير.
وقد راقب الباحثون المعلومات الواردة من مصادر عامة عن الهجمات، بما في ذلك التصريحات الإسرائيلية الرسمية. ورغم أن تقصي المنظمة كان كثيفاً، لكنه، كما ذكرنا، ليس شاملاً. فهناك ضرورة للمزيد من التحقيقات، ولاسيما حين يتاح الوصول إلى القرى المتضررة في جنوب لبنان، وحين تسمح إسرائيل بإجراء لقاءات مع الضباط والمجندين المشاركين في العمليات.
التوصيات
إلى الحكومة الإسرائيلية
يجب توجيه أوامر فورية إلى كل القوات بضرورة الالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي. وبشكل خاص، عليهم:
التمييز دائماً بين المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، ووقف أي استهداف للمدنيين.
وقف كل الغارات العشوائية، ولاسيما القصف العشوائي للمدن والقرى والمناطق التي يتجمع فيها المدنيون.
احترام مبدأ التناسب في استخدام القوة. والتوقف عن شن أي هجوم يمكن أن يؤدي إلى قتلى أو جرحى في صفوف المدنيين أو إلى أضرار في ممتلكات المدنيين لتحقيق مكسب عسكري مباشر أو ملموس لا يتناسب مع هذه الأضرار.
التوقف الفوري عن استخدام الذخائر العنقودية في لبنان حتى يمكن خفض معدل العطالة بشكل كبير. وإذا استخدمت الذخيرة العنقودية يجب أن لا يكون ذلك في مناطق مجاورة للمناطق المأهولة.
عدم استهداف عمال الإغاثة أو القوافل والمعدات أو أفراد حفظ السلام، فهؤلاء جميعاً يتمتعون بالحماية التي يتمتع بها المدنيون.
إعطاء تعليمات للموظفين الحكوميين على كل المستويات للتعاون مع التحقيقات الدولية في انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك لجنة التحقيق المقترحة لاحقاً.
إلى الأمم المتحدة
إن هيومن رايتس ووتش تحث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تأسيس لجنة تحقيق دولية للتحقيق في التقارير التي تتحدث عن انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم حرب محتملة، في لبنان وإسرائيل، ولصياغة توصيات تضع المسؤولية على كاهل منتهكي هذا القانون. ويجب أن يرأس لجنة التحقيق خبير مستقل معترف به دولياً وله خبرة مباشرة في التحقيق في حالات خرق القانون الإنساني الدولي في وقت الحرب. ويجب أن يضم فريق اللجنة خبراء في الطب الشرعي، وفي الأسلحة والمتفجرات، والقانون الإنساني الدولي وغيره من الحقول ذات الصلة. ويجب أن يكون تمويل اللجنة كافياً لضمان عملها بشكل فعال.
ونظراً إلى إلحاحية الوضع، على اللجنة أن تقدم نتائجها المبدئية إلى الأمين العام في أسرع وقت ممكن. وعلى الأمين العام أن يقدم هذه النتائج والتوصيات، إضافة إلى التقرير النهائي للجنة، إلى مجلس الأمن من أجل المزيد من الدراسة واتخاذ الإجراءات اللازمة.
إلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية
الوقف الفوري لنقل الأسلحة والذخائر وغيرها من الأعتدة التي ثبت أو يشك باستخدامها في انتهاكات القانون الإنساني الدولي في لبنان إلى إسرائيل، بالإضافة إلى وقف تمويل ودعم مثل هذه المعدات إلى أن تنتهي هذه الانتهاكات.
إجراء تحقيق كامل في استخدام إسرائيل للأسلحة والذخائر وغيرها من الأعتدة المقدمة من أمريكا في انتهاك القانون الإنساني الدولي.
إلى حكومة المملكة المتحدة وغيرها من البلدان التي يمكن أن تمر عبرها الأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات العسكرية إلى إسرائيل
عدم السماح باستخدام أراضيهم لتمرير أو شحن أسلحة أو ذخائر أو غيرها من الأعتدة إلى إسرائيل والتي ثبت أو يشك باستخدامها في انتهاك القانون الإنساني الدولي في لبنان، إلى أن تنتهي هذه الانتهاكات[4].
حين لا يكون ثمة ضوابط لتمرير الأسلحة، يجب وضع وتطبيق هذه الضوابط، بحيث يستوجب نقل الأسلحة وتحويلها والسمسرة عليها الحصول على تراخيص. ويجب أن يكون إعطاء الترخيص مشروطاً باحترام الطرف الذي يتلقاه لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي. ويجب عدم إعطاء التراخيص إذا كان المتلقي قد أقدم على انتهاك حقوق الإنسان أو على انتهاكات فظيعة للقانون الدولي أو إذا كان هناك خطر واضح من إساءة استخدام هذه الأسلحة[5].
إلى حزب الله
وقف هجمات الصواريخ العشوائية على المدن والبلدات والقرى والمناطق الإسرائيلية التي يتجمع فيها المدنيون، إضافة إلى أي عمل يستهدف المدنيين.
بذل كل الجهود الممكنة لتجنب وضع مواقع عسكرية داخل أو قرب مناطق مأهولة بكثافة، وإبعاد المدنيين والممتلكات المدنية من جوار المواقع العسكرية.
عدم استخدام المدنيين تحت أي ظرف كدروع للمواقع العسكرية أو كغطاء للعمليات العسكرية.
إلى الحكومتين السورية والإيرانية
عدم السماح بنقل الأسلحة والذخائر وغيرها من الأعتدة التي ثبت أو يشك باستخدامها في انتهاكات القانون الإنساني الدولي في لبنان إلى حزب الله، بالإضافة إلى وقف تمويل ودعم مثل هذه المعدات إلى أن تنتهي هذه الانتهاكات.
قصف منازل المدنيين
منذ 12 يوليو/تموز، تاريخ قيام حزب الله بمهاجمة مواقع إسرائيلية وقتل ثلاثة جنود وأسر اثنين، نشب قتال عنيف بين إسرائيل وحزب الله. فقد نفذت إسرائيل مئات الغارات على أهداف في لبنان، بما في ذلك غارات مكثفة على البنية التحتية في لبنان، وعلى منازل خاصة ومبانٍٍ سكنية، وعلى السيارات أيضاً. وكان القصف الإسرائيلي كثيفاً بوجه خاص على المناطق التي تقطنها غالبية من الشيعة، إذ تعتبرها إسرائيل معاقل لحزب الله، بما في ذلك جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية ووادي البقاع.
والسبب الرئيسي في مقتل المدنيين جرّاء الحملة العسكرية الإسرائيلية حتى الآن هو الغارات الإسرائيلية التي تستهدف بيوت المدنيين في قرى جنوب لبنان. كما جرى تدمير واسع للمباني السكنية في ضاحية بيروت الجنوبية، رغم أن معظم سكان هذه المنطقة غادروها قبل بدء الغارات. وحسب إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، دمر الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 5000 منزل مدني في الغارات الجوية خلال الأسبوعين الأولين من الحرب.[6] وكما هو واضح في الحالات العيانية المدروسة فيما يلي، فقد تسببت إسرائيل بإصابات واسعة بين المدنيين جراء ضرب البيوت المدنية دون وجود أية أهداف عسكرية سواء داخل هذه البيوت أو في جوارها. وفي بعض الحالات عادت الطائرات الحربية للقصف مرة أخرى لدى تجمع السكان والجيران حول المنزل المقصوف لإخلاء القتلى ومساعدة الجرحى.
وتزعم إسرائيل أنها تقصف منازل تعود إلى عناصر حزب الله، وأن هذا الأخير مسئول عن تعريض المدنيين للخطر لأنه يضع مواقعه العسكرية داخل منازل المدنيين أو بجوارها. ففي 19 يوليو/تموز مثلاً، قال الجيش الإسرائيلي: "حوّل إرهابيو حزب الله جنوب لبنان إلى منطقة حرب وهم يعملون قرب المناطق المأهولة هناك، مستخدمين المدنيين دروعاً بشرية"[7]. وفي اليوم نفسه، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، دان غيلرمان، لمحطة سي إن إن: "نحن نحاول الحد من الخسائر بين المدنيين، ولكن حين يستخدم حزب الله المدنيين دروعاً بشرية فلا بد أن يتعرض بعضهم للأذى".[8]
لقد بين البحث الذي قامت به هيومن رايتس ووتش أن حزب الله، في بعض الحالات المحدودة، حاول تخزين الأسلحة قرب المنازل المدنية وأطلق الصواريخ من مناطق مأهولة بالسكان. ولكن هذه الممارسات لا تبرر للجيش الإسرائيلي عدم التمييز بين المقاتلين والمدنيين.
ففي 15 يوليو/تموز مثلا، نزحت مجموعة من القرويين من قرية مروحين في قافلة سيارات، وكان نزوحهم عائداً جزئياً إلى محاولة حزب الله تخزين أسلحة خلف منازلهم مما جعلهم يخافون حدوث غارات إسرائيلية انتقامية.[9] ويعتقد أن حوامات إسرائيلية أطلقت صاروخين على سيارة نص نقل بيضاء وعلى سيارة ركاب ضمن القافلة على الطريق بين قريتي شمعة والبياضة فقتلت 21 مدنياً (انظر "غارات على مدنيين فارين"). وقد تعرض فريق الأمم المتحدة الذي كان يحاول إخلاء الجثث إلى قصف إسرائيلي.[10] وفي حين يمكن رد هروب القرويين جزئياً إلى محاولة حزب الله غير المشروعة تخزين الأسلحة في مروحين (كان السبب الرئيسي لنزوحهم هو التحذير الإسرائيلي بإخلاء القرية في غضون ساعتين)، فإن هيومن رايتس ووتش لم تجد ما يدل على وجود مقاتلين لحزب الله قرب القافلة المدنية المذكورة حين تعرضت للقصف.
وقد تذمر القرويون المسيحيون الفارون من قرية عين إبل من خطط حزب الله التي عرضتهم للخطر، فقد أخبروا نيويورك تايمز، أن "حزب الله جاء [إلى قريتنا] لإطلاق صواريخه ... إنهم يطلقون صواريخهم من بين منازلنا".[11] كانت قرية عين إبل أحد معاقل جيش لبنان الجنوبي الذي كانت تدعمه إسرائيل، وهو قوة معادية لحزب الله. وحسب مسئول من القرية فإن بعض القرويين أخبروه أن حزب الله أطلق صواريخ على إسرائيل من مواقع معينة قريبة من منازلهم، رغم أن المنظمة لم تعلم بأي تقرير يذكر أن حزب الله دخل أياً من بيوت القرية. ولم يُقتل أحد من أبناء القرية ولكن عدداً منهم أصيب بجراح (معظمهم بسبب الزجاج المتطاير)، وقال ذلك المسئول أن القصف الإسرائيلي دمر حوالي 80 منزلاً من أصل 400.[12]
لا تؤكد هيومن رايتس ووتش أن جميع الغارات الإسرائيلية استهدفت مدنيين، فهناك الكثير من الغارات التي هاجمت فيها القوات الإسرائيلية أهدافاً عسكرية مشروعة، مثل منصات إطلاق صواريخ ومواقع عسكرية تحت الأرض. لكن، وفي الحالات الموثقة أدناه، لم يكن ثمة أثر لهدف عسكري في المنازل التي استهدفها الجيش الإسرائيلي. لقد أعطى القرويون الذين تمت مقابلتهم سراً وبوجود السائل والمجيب فقط شهادات منسجمة ذات مصداقية تؤكد أن حزب الله لم يكن له وجود في منازلهم أو في جوارها حين وقعت الغارات، ولم نجد أي دليل يوحي بخلاف ذلك.
مقتل أربعة مدنيين لبنانيين يحملون الجنسية البرازيلية في صريفا، 13 يوليو/تموز
أقدمت القوات الإسرائيلية، في غارتين منفصلتين، على قتل مدنيين في قرية صريفا الواقعة على بعد 25 كم من الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وقعت الغارة الأولى في 13 يوليو/تموز وقتلت 4 لبنانيين يحملون الجنسية البرازيلية. وفي 19 يوليو/تموز، قتلت غارة أخرى 19 شخصاً (انظر أدناه).
وقعت الغارة الأولى في الساعة الرابعة من فجر 13 يوليو/تموز، وهو نفس توقيت الغارات على قريتي الدوير وبفلاي تقريباً (انظر أدناه). وقد وصفت فاطمة موسى، من سكان قرية صريفا، الغارة لهيومن رايتس ووتش:
في البداية ضربوا مدرسة في الليل، ليل الأربعاء/الخميس. بدأ القصف بين الثالثة والنصف والرابعة صباحاً. ثم ضربوا المنزل الواقع خلفنا تماماً. لم نسمع صوت الطائرات. سمعنا صوت الصاروخ فقط. كنا نائمين واستيقظنا عندما اندلعت النار في البيت جراء الانفجار. وكان ابني يرتجف من الخوف.[13]
وقد أصابت الغارة منزلاً في حي العين بقرية صريفا فدمرته وقتلت العائلة التي تسكنه.
وحسب أقوال الشهود، فإن الأشخاص الأربعة الذين قتلوا في الغارة الأولى على صريفا كانوا من حملة الجنسيتين اللبنانية والبرازيلية الذين جاؤوا إلى صريفا منذ أقل من شهر لقضاء عطلة الصيف فيها.[14] وقال الشهود أن القتلى هم: عقيل مرعي، 33 سنة؛ وزوجته أحلام مرعي، 25؛ وابنهما عبد الهادي مرعي، 8؛ وابنتهما، فاطمة مرعي، 4. ونظراً إلى أن العائلة كانت في لبنان لقضاء العطلة الصيفية وأن إقامتها الفعلية في البرازيل فمن المستبعد أن يكون أفرادها البالغون مشاركين في نشاطات حزب الله. وقد أنكر الشهود الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش أي وجود لحزب الله في المنطقة أثناء حدوث الغارة.
وفي تصريح له زعم الجيش الإسرائيلي أنه ضرب "قاعدتين لحزب الله" في صريفا ذلك اليوم.[15]
وحسب أحد الشهود، كانت جثث القتلى الأربعة مغطاة بالركام، ولم يتمكن القرويون من انتشالها بسبب قصف الطيران الإسرائيلي:
في المرة الأولى التي حاولوا فيها انتشال الجثث من تحت الأنقاض، حاول بعض القرويين ذلك، ولكن سقط صاروخ آخر على البيت. في النهاية انتشلوا الجثث، ولكن ذلك كان حوالي الظهيرة. وتم دفن الجثث في القرية حوالي الساعة الخامسة مساء.[16]
ويقول أهل القرية أنه لم يكن هناك أي نشاط لحزب الله حول البيت عندما سقطت القذيفة الثانية.
مقتل 13 مدنياً في الدوير، 13 يوليو/تموز
في الساعة الرابعة صباحاً من يوم الخميس 13 يوليو/تموز قصف الطيران الإسرائيلي بيت الشيخ الشيعي عادل محمد عكاش فلقي حتفه مع 11 من أفراد عائلته. والشيخ عكاش رجل دين درس في إيران ويعتقد أنه ينتمي إلى حزب الله، رغم عدم وجود أدلة على اشتراكه في الأعمال العسكرية أو على توليه دوراً قيادياً فيها بشكل يمكن أن يجعل منه هدفاً عسكرياً مشروعاً.
دمر الصاروخ الأول البيت المكون من طابقين في قرية الدوير الواقعة في منتصف الطريق بين صيدا وصور، في حين لم ينفجر الصاروخ الثاني الذي سقط بعد دقائق. كان الشيخ وعائلته قد عادوا إلى البيت قبل ثلث ساعة فقط من الغارة، كما أخبرنا أحد شهود العيان الذي يسكن في الجوار.[17] وقد قتلت الغارة الشيخ عادل محمد عكاش وزوجته رباب ياسين، 39 سنة؛ وعشرة من أولادهما: محمد باقر عكاش، 18؛ ومحمد حسن عكاش، 7؛ وفاطمة عكاش 17؛ وعلي رضا عكاش، 12؛ وغدير عكاش 10؛ وزينب عكاش، 13؛ وسارة عكاش، 5؛ وبتول عكاش، 4؛ ونور الهدى عكاش، سنتان؛ وصفاء عكاش، شهران. كما قتلت خادمتهم السريلانكية، واسمها غير معروف.[18]
ولم يكن ثمة دليل على نشاط لحزب الله في جوار البيت، كما أن قرية الدوير بعيدة جداً عن حدود إسرائيل (حوالي 40 كم) بحيث لا يمكن استخدامها بفعالية كقاعدة لإطلاق صواريخ الحزب على إسرائيل.
يسمح القانون الدولي باستهداف القادة العسكريين في مجرى الصراع المسلح، شرط أن تحترم الغارات القوانين التي تحمي حياة المدنيين. والقادة السياسيون مدنيون على أية حال، وهم ليسوا أهدافاً عسكرية مشروعة. والاستثناء الوحيد من هذه القاعدة هو أن يضطلع السياسي بمهام قيادية عسكرية، أو أن يشارك بشكل مباشر في النزاعات العسكرية، وعندها يمكن اعتباره مقاتلاً.
وحتى لو اعتقدت إسرائيل أن الشيخ عكاش كان هدفاً عسكرياً مشروعاً بسبب احتمال مشاركته في النشاطات العسكرية لحزب الله (الأمر الذي لم تتوفر لهيومن رايتس ووتش أية أدلة عليه)، فقد كان عليها أن تفكر بالضحايا المدنيين الذين سيسقطون جراء مهاجمته في منزله، وأن توازن بين الكسب العسكري الذي ستحققه وبين الأضرار التي ستتسبب بها للمدنيين جراء ذلك. في هذه الحالة، فإن مقتل أحد أعضاء حزب الله، إذا افترضنا أن الشيخ كذلك، كلف مقتل 12 مدنياً، تسعة منهم أطفال.
مقتل تسعة مدنيين في بفلاي، 13 يوليو/تموز
حوالي الساعة الرابعة والنصف من صباح الخميس، 13 يوليو/تموز، دمرت غارة إسرائيلية بيت منير زين البالغ من العمر 45 سنة. وهو مزارع يملك أيضا شاحنة يستخدمها في جمع القمامة من قرية بفلاي الواقعة على بعد حوالي 10 كم من ميناء صور. وقد أكد القرويون الذين قابلناهم أن منير زين لم تربطه أية علاقة مع حزب الله وأنه لم يكن ثمة أي تواجد أو نشاط عسكري لحزب الله في المنطقة. وقد سرد أحمد الرز، وهو بائع له من العمر 46 سنة ويعيش على بعد 150 متراً فقط من بيت منير:
وقعت غارة جوية كبيرة بين بفلاي والشهابية. كان يمكننا رؤية الغارة من منزلنا وكنا نراقب. وفجأة سمعنا ضجة كبيرة ورأينا لمعاناً باهراً. انفتحت أبوابنا على مصراعيها. وكل ما كنا نراه يخرج من بيت زين هو الدخان. ثم جاءت ضربة ثانية.[19]
دمرت الغارة الإسرائيلية منزل زين بالكامل، وقتلت 9 أشخاص كانوا فيه، بما فيهم اثنان يحملان الجنسية الكويتية وثلاثة أطفال، حسب أقوال شاهدين قابلتهما هيومن رايتس ووتش. والقتلى هم منير زين وزوجته نجلاء زين 45 سنة؛ وأولادهما: علي، 21؛ وولاء، 18؛ وحسن، 12؛ وفاطمة، 9؛ وحسين، 5. ومن بين القتلى أيضاً عبد الله الطاهي زوج أحد بنات زين، واسمها حرية؛ وأبوه، حيدر الطاهي، وهما كويتيان كانا يزوران أهل الزوجة أثناء وقوع الغارة. وقد كانت حرية في بيروت أثناء الغارة. وتم العثور على جثث معظم أفراد عائلتها ما عدا جثة منير زين التي لا تزال تحت الأنقاض.[20]
قتل 12 مدنياً في زبقين، 13 يوليو/تموز
في صباح 13 يوليو/تموز أغارت الطائرات الإسرائيلية مرتين على بيت نعيم بزيع المؤلف من طابقين. ونعيم هو رئيس سابق متوفى لبلدية قرية زبقين الواقعة على بعد 5 كم من الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وحسب أقوال أحد ناشطي حقوق الإنسان اللبنانيين الذي يحظى بالاحترام ويعرف شخصياً نعيم بزيع (المتوفى منذ بضع سنوات)، فإن بزيع وعائلته لا ينتمون إلى حزب الله.[21] ولم تجد هيومن رايتس ووتش دليلاً على أي نشاط لحزب الله في المنطقة المحيطة بالبيت عندما وقع الهجوم.
وقد نقلت التقارير أن 12 عضواً من العائلة لقوا حتفهم في الغارة الجوية، بما فيهم ستة أطفال. ومن بين القتلى الذين تم التعرف عليهم فاطمة نعيم بزيع، حوالي 75 سنة؛ ونعيم وائل بزيع، 20؛ وسعاد نصور بزيع، العمر غير معروف؛ وعزيز بزيع، العمر غير معروف؛ وخلود محمد بزيع، 18؛ وملك علي بزيع، 16؛ وحسين نعيم بزيع، العمر غير معروف؛ ومريم الحسيني بزيع، 45؛ وأمال نعيم بزيع، العمر غير معروف؛ وفرح محمد بزيع، العمر غير معروف. وحسب التقارير الصحفية، فإن أصغر أفراد أسرة بزيع المقتولين في الغارة يبلغ 7 سنوات.[22]
وقد نجا من الغارة اثنان من العائلة تم نقلهما إلى المتشفى. ونقلت الجثث إلى المشرحة في صور حيث تم دفنها في 22 يوليو/تموز في مراسم دفن جماعي لـ84 ضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية.
مقتل أربعة مدنيين، بينهم لبناني أمريكي، في بنت جبيل، 15 يوليو/تموز
في التاسعة والنصف من صباح السبت 15 يوليو/تموز، أغارت الطائرات الإسرائيلية على مبنى مدني من ثلاثة طوابق في بنت جبيل، وهي بلدة كبيرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وأدت الغارة إلى انهيار المبنى ومقتل الحاج أبو ناجي مروة، 80 سنة، وابنته البالغة أربعين عاماً، والتي لم نتمكن من معرفة اسمها، وطمر جثتيهما تحت الأنقاض. وعلمت هيومن رايتس ووتش من هاشم قاظان، 16 سنة، الذي جرح في الغارة الثانية أثناء محاولته انتشال الجثتين (انظر أدناه)، أن الحاج أبو ناجي مروة لا علاقة له بحزب الله. إذ قال: "لم يكن الحاج من حزب الله، لقد كان عجوزاً لا يقوى على العمل"، وأضاف: "كل ما في الأمر أن الحاج كان يعيش في بيته وحيداً مع ابنته".[23] وما تزال جثتا الحاج وابنته مدفونتين تحت أنقاض بيتهما المدمر. ونفى شاهد آخر أن يكون هناك أي تواجد لحزب الله في البيت أو في جواره أثناء الغارة.[24]
وفي حين كان القرويون يحاولون رفع الأنقاض عن الجثث، أطلقت الطائرة الإسرائيلية صاروخاً ثانياً على الركام وعلى المنقذين حوالي الساعة الواحدة والربع من بعد الظهر، فقتلت مدنيين يدعى أحدهما بلال حريش، 30 سنة، وهو يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب جنسيته اللبنانية. وتحدث هاشم قاظان كيف أنه جرح خلال الهجوم الثاني أثناء محاولته انتشال الجثث:
لم يكن لحزب الله أي وجود حين ذهبت إلى هناك، ولم يكن هناك أي قتال جار في القرية؛ لم يكن هناك سوى ا&وا أن يكون لحزب الله نشاط عسكري في جوار البيت أو القرية وقت الغارة. قال أحد الشهود: "لم يكن هناك أي تواجد للمقاومة [حزب الله] داخل القرية". وأضاف: "مواقع المقاومة توجد حول القرية وهي ليست داخلها".[31] وقال شاهد ثان للمنظمة: "لا أعرف لماذا استهدف منزلهم، لأنه لم يكن هناك أية مقاومة".[32] وقال شاهد ثالث إن حزب الله لم يكن يطلق النيران من القرية نفسها نظراً إلى أنها على الجبهة تماماً:
عيترون قريبة جداً من الحدود الإسرائيلية. إنها على الحدود تماماً. إذا حاولت إسرائيل الغزو فسيكون الغزو من هناك. لكني لم أر صاروخاً واحداً يطلق من القرية؛ هذه المزاعم غير صحيحة.... أما من ناحية تأييد الأهالي لحزب الله، فالجنوب كله يدعم حزب الله. منذ 1984 تتعرض قرانا للقصف من الجانب الإسرائيلي، فماذا تتوقعون منا؟[33]
إن الميول السياسية للمدنيين في منطقة أو قرية معينة لا تنتقص من وضعهم كمدنيين. وطالما أن المدنيين لا يشاركون في الأعمال الحربية، أي لا يقومون بأعمال يمكن بطبيعتها أو غايتها أن تلحق الأذى بأفراد العدو أو معداته، فإنهم يتمتعون بالحماية التي يوفرها لهم وضعهم كمدنيين. إن توجيه الغارات ضد المدنيين، وبصرف النظر عن مواقفهم السياسية، يعتبر جريمة حرب.
وقد أعربت الحكومة الإسرائيلية عن أسفها على القتلى المدنيين وقالت: "إن إسرائيل كانت تقاتل حزب الله وتهاجم أهدافه، وكانت حريصة أشد الحرص على عدم إيذاء المدنيين الأبرياء".[34]
مقتل أحد عشر مدنياً في صور، 16 يوليو/تموز
بين الخامسة والسادسة من مساء 16 يوليو/تموز، ضربت غارتان إسرائيليتان مبنى سكنياً يضم الطابق الأول منه مقر الدفاع المدني في صور، مما أدى إلى انهيار الطوابق الأربعة العليا من المبنى.[35] وضم المبنى أيضا شقة السيد علي الأمين المفتي الشيعي في صور وجبل عامل، وكذلك مكتب عضو المجلس النيابي السابق محمد عبد الحميد بيضون. ولا علاقة للسيدين الأمين وبيضون بحزب الله، كما لم يكونا موجودين في المبنى لحظة الغارة. وقد ألحقت الغارة أضراراً بثلاثة مبانٍ سكنية مجاورة يتراوح ارتفاعها من 8 إلى 10 طوابق.
وتقوم قوات الدفاع المدني اللبنانية في معظم الأحوال بنشاطاتٍ من قبيل مكافحة الحرائق وتوفير المساعدة الطبية والإنسانية أثناء الأزمات. ولم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليلٍ على مشاركة هذه القوات في القتال بين لبنان وإسرائيل، كما لم تجد دليلاً على وجود مقاتلي حزب الله في المبنى أو على تخزين معداتهم فيه.
ويقول اثنان من سكان المبنى قابلتهم هيومن رايتس ووتش أن معظم سكان المبنى هم من المعلمين والأطباء العاملين في المستشفى القريب.[36] كما أخبرنا كلٌّ من المدير العام للدفاع المدني وواحدٌ من سكان المبنى أنه لم يكن لحزب الله أي وجودٍ في المبنى الذي تعرض للهجوم.[37]
وكان زكريا علم الدين (18 عاماً) قد خرج لتوه من القبو عند إصابة المبنى بصاروخٍ إسرائيلي أدى إلى جرحه. وهو يقول: "اسودّ كل شيءٍ فجأةً وراحت الأشياء تتساقط فوقي".[38] وكان من بين من قتلوا في قبو المبنى والد زكريا محمد حسين علم الدين، وهو معلمٌ في الخامسة والخمسين، وعلي محمد علم الدين شقيق زكريا البالغ أربعة عشر عاماً.
ونقل السيد علم الدين وابنه علي وسبعةٌ غيرهم ممن قتلوا نتيجة الغارة إلى مستشفى صور الحكومي حيث دفنوا بعد جنازةٍ عامة في المستشفى يوم 21 يوليو/تموز، وهم: نجيب شمس الدين، وعلي شمس الدين، وحسين مزيد، وهيثم حسين مزيد (34)، وعلي وهبة (40)، وسالي وهبة (7)، وأيمن ضاهر.[39] وقال أحد مسئولي الدفاع المدني في صور لهيومن رايتس ووتش يوم 1 أغسطس/آب أن هناك جثتان باقيتان تحت أنقاض الطوابق العليا المدمرة في ذلك المبنى، وتعود واحدةٌ منهما لامرأةٍ لم تحدد هويتها.[40] وعندما زرنا المبنى في ذلك اليوم كانت رائحة الجثث المتفسخة ما تزال موجودةً فيه.[41]
وكان في داخل مقر الدفاع المدني وقت الغارة عشر عناصر من الدفاع المدني اللبناني وعشرون متطوعاً.[42]ويقول مسئول في الدفاع المدني بصور أن ثمانية عناصر من الدفاع المدني جرحوا في الهجوم، بينهم رئيس المركز عباس غريّب الذي كان وضعه خطيراً عند إسعافه إلى المستشفى لكنه تحسن بعد ذلك.[43]
تلعب مؤسسات الدفاع المدني دوراً أساسياً في حماية السكان المدنيين. وثمة توافقٌ دولي على وجوب "حماية واحترام" تلك المؤسسات وعامليها.[44] وتسري نفس الحماية على المدنيين عند استجابتهم لنداء السلطات من أجل أداء وظائف الدفاع المدني، حتى وإن لم ينتموا رسمياً إلى مؤسسات الدفاع المدني. ولا يجوز تدمير المعدات التي تستخدم لأغراض الدفاع المدني، كما لا يجوز استخدامها لغاياتٍ أخرى. ولا تنعدم الحماية الممنوحة لمؤسسات الدفاع المدني وعامليها إلا إذا أقدموا على أعمالٍ تضر بالعدو وتقع خارج مهامهم.[45]
ونظراً لعدم وجود دليل على قيام الدفاع المدني اللبناني بأية أعمالٍ "تضر بالعدو"،[46] أو على انطلاق أعمال مضادة للعدو من مؤسسات الدفاع المدني، فإن مهاجمة مبنى الدفاع المدني والعاملين فيه تشكل خرقاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي. وكانت توجد خارج المبنى إشارة تدل على وجود مقر الدفاع المدني فيه. لكن، مسئولا رفيعاً في الدفاع المدني قال لهيومن رايتس ووتش أن الإشارة المتعارف عليها دولياً للدفاع المدني (وهي مثلثٌ أزرق متساوي الأضلاع على خلفيةٍ برتقالية) لم تكن موجودةٌ على سطح المبنى.[47]
وليس من المعروف ما إذا كانت إسرائيل عالمةً وقت حدوث الغارة بتمتع المبنى بالحماية. إذ أن توفر معلومات عما كانت تعرفه إسرائيل يؤثر في تقدير فداحة الخرق الواقع على القانون الإنساني الدولي، فهو يساعد في تقرير ما إذا كانت إسرائيل قد استهدفت مرفقاً متمتعاً بالحماية استهدافاً مقصوداً. أما القوات الإسرائيلية فلم تقل إلا أنها استهدفت "مقر المنظمة [حزب الله] في صور"، وهو تأكيدٌ يناقض ما قاله الشهود الذين قابلناهم.[48]
مقتل عشر مدنيين في عيترون، 17 يوليو/تموز
في الليلة التي أعقبت الغارة التي قتل فيها 11 فرداً من عائلة الأخرس الحاملين الجنسيتين اللبنانية والكندية، أغار الطيران الحربي على منزل مدني في عيترون مرةً ثانية. وتحدثت إلينا شاهدةٌ تقطن على مسافة 100 متر من هذا المنزل واسمها منال حسن علوية: "كنا نائمين في اليوم الذي أعقب المجزرة الأولى. وكانت الساعة تقارب 12:45 ليلاً. كان البعض في الملجأ، لكننا كنا في المنزل". وأضافت: "وفجأةً سمعنا صوت طائرةٍ منخفضة. ثم ألقت الطائرة قنبلةً فتحطم زجاج منزلنا. أخذني خطيبي إلى الملجأ، ثم خرج ليساعد الناس ال&27;لمنطقة يعمل على تنسيق أعمال الإنقاذ بقاء قرابة 26 جثة تحت الأنقاض في 31 يوليو/تموز.[54] لكن سكاناً آخرين قدروا أن هناك ما يصل إلى 42 مفقوداً بعد الغارة.[55] وقد قام اثنان من باحثي هيومن رايتس ووتش بزيارةٍ سريعة إلى صريفا يوم 31 يوليو/تموز عندما كان السكان المحليون قد انتشلوا جثة ضحيةٍ أنثى أصابها تفسخٌ شديد. ولم يجد الباحثان في القرية أية إشارةٍ تدل على النشاط العسكري لحزب الله، من قبيل الأسلحة أو المعدات العسكرية أو الخنادق. وأحصيا ما لا يقل عن 13 منزلاً مدمراً بشكلٍ كامل. وقال أقارب الضحايا أن الجثث ما تزال تحت الأنقاض في بيوتٍ كثيرة، وأنهم لم يتلقوا أية مساعدةٍ لانتشالهم.
وتمكنت هيومن رايتس ووتش من الحصول من الأقارب على أسماء 16 شخصاً يعتقد أنهم قتلوا في الغارة (من غير العثور على جثثهم حتى الآن). ومن هؤلاء الأشخاص ثمانيةٌ من أسرةٍ واحدة، وهم: كامل دياب جابر، وهو في الثالثة والخمسين ويملك مخبزاً إضافةً إلى عمله في مقاولات البناء؛ ومحمود جابر (33)؛ وعلي كامل جابر (30)؛ وأحمد كامل جابر (27)؛ ومنهل نجدي (80)؛ وعلي نزال (28)؛ وعلي زعرور (30)؛ وبلال حمودي (31).[56]ويعتقد أن ثلاثة أشخاصٍ قتلوا أيضاً في المنزل المجاور لمنزل أسرة جابر، وهم: عباس عباس دكروب (21)؛ وعباس دكروب (ابن عمه)؛ ووسيم غالب نجدي.[57] كما يعتقد بمقتل خمسة مدنيين على الأقل في منزلٍ ثالث يعود لمحمد قاسم نجدي، وهم: أحمد نجدي (35)، وكان قد عاد من روسيا إلى لبنان قبل وقتٍ قصير؛ وحسن كريم (22)؛ وعلي نجدي (30)؛ ومحمد علي نجدي (35)؛ وعلي حسن صبرا (17).[58]
ويضيف القروي الذي كان موجوداً في القرية وقت الغارة:
لم يكن هناك وجودٌ لحزب الله في الحارة. وهي حارةٌ معروفة بموالاتها للحزب الشيوعي وليس لحزب الله. ولا يعيش فيها أحدٌ من أنصار حزب الله. ولا حاجة لحزب الله بالتواجد في هذه القرية لأننا نبعد 40 كم عن إسرائيل، كما تشرف الحارة على البحر، وهي ليست منطقةً استراتيجية.[59]
وقال اثنان آخران من أهل القرية لهيومن رايتس ووتش في مقابلتين منفصلتين أنه لم يكن لحزب الله وجودٌ في تلك الحارة وقت الهجوم. وقال حسين نزال: "لم يكن يوجد في الحارة إلا شخصٌ واحد يعرف كيفية تضميد الجروح، وهو ليس من حزب الله". وأضاف: "لو قصفوا بيوتاً تعود لحزب الله لكان الأمر مفهوماً. لكن هذه الحارة ليست لحزب الله".[60]
وطلبت هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي معلوماتٍ عن الغارة التي تحدثت عنها وسائل الإعلام كثيراً. لكن الناطق باسم الجيش أجاب، وبعد التشاور مع السلاح الجوي الإسرائيلي: "ليست لدينا تقارير عن غارات جوية وقعت ذلك اليوم في ذلك المكان".[61]
مقتل ثلاثة مدنيين في دبين مرجعيون، 19 يوليو/تموز
في السابعة من مساء الأربعاء 19 يوليو/تموز، دمرت القذائف الإسرائيلية منزل داوود الخالد في دبين مرجعيون (حيٌّ في أطراف بلدة مرجعيون الجنوبية). وقالت شقيقة داوود التي تسكن في المنزل المجاور لهيومن رايتس ووتش أن القصف أتى من حوامة أباتشي إسرائيلية. وفي لحظة الغارة، كان في المنزل كلٌّ من داوود، وزوجته حميدة، وأطفالهما الستة: هدى (14)؛ وفاطمة (12)؛ وعبلة (10)؛ وعلي (3)؛ وهويدا (8)؛ وأحمد (1). وقد قتل كلٌّ من: داوود، وابنته عبلة، وابنه أحمد. أما هدى وهويدا فأصيبتا بجراحٍ خطيرة. ولم تصب حميدة وفاطمة وعلي. وقالت شقيقة داوود لهيومن رايتس ووتش أنه كان فلاحاً لا علاقة له بحزب الله. وأضافت أن الحزب كان ينشط خارج القرية وليس في داخلها، وأنها لا تعلم بوجود أهدافٍ عسكرية قرب منزل شقيقها. وقد استهدفت غارةٌ ثانية محيط المنزل في وقتٍ لاحق دون وقوع إصابات.[62]
مقتل مدنيٍّ واحد وجرح اثني عشر بفعل القذائف العنقودية في بليدا، 19 يوليو/تموز
إضافةً إلى غارات الطائرات والحوامات والقصف المدفعي التقليدي، استخدمت إسرائيل قذائف مدفعية عنقودية ضد المناطق المأهولة موقعةً إصاباتٍ بين المدنيين. وطبقاً لما قاله شهود العيان والناجون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، أطلقت إسرائيل عدداً كبيراً من قذائف المدفعية العنقودية على قرية بليدا حوالي الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 19 يوليو/تموز. وتحدث 13 شاهداً عن رؤية القذائف العنقودية تسقط مئات القنابل العنقودية الصغيرة على القرية. ووصفوا تلك القنابل الصغيرة بأنها مقذوفاتٌ خرجت من داخل قذائف كبيرة.
وقتل الهجوم بالقنابل العنقودية مريم إبراهيم البالغة ستين عاماً أثناء وجودها داخل منزلها. كما دخلت قنبلتان عنقوديتان صغيرتان على الأقل إلى القبو الذي كانت تحتمي فيه أسرة علي، فجرحت 12 شخصاً بينهم سبعة أطفال. وقد فقد أحمد علي كلتا ساقيه بفعل الإصابة بالقنابل العنقودية (وهو سائق سيارة أجرة في الخامسة والأربعين). وجُرح خمسةٌ من أطفاله: ميرا (16)؛ وفاطمة (12)؛ وعلي (10)؛ وآية (3)؛ وعلا (1). أما زوجته إكرام إبراهيم (35)، وحماته علا موسى (80)، فكانتا من بين الجرحى أيضاً. وجرح أربعةٌ من أقارب الأسرة ممن يحملون الجنسيتين الألمانية واللبنانية وكانوا يلتجئون مع الأسرة؛ وهم: محمد إبراهيم (45)؛ وزوجته فاطمة (40)؛ وطفليهما علي (16)، ورولا (13). ويقول أحمد علي: "لم يكن لحزب الله وجودٌ في قريتنا. كان هناك قتالٌ في عيترون في ذلك الوقت [على حدود إسرائيل إلى الجنوب من بليدا، وهي تبعد 3 4 كم عنها]، ونحن قريبون جداً منها. وكان حزب الله يطلق الصواريخ من موقعٍ يبعد قرابة كيلومترين عنا. لكن صواريخ الجيش الإسرائيلي سقطت على القرية".[63] وقالت إكرام إبراهيم، وهي أحد من جرحوا من تلك الأسرة: "لم تكن هناك مقاومة في القرية. ولم يحدث إطلاق للنار منها. لا علاقة لنا بالأحزاب. إننا مجرد مدنيين".[64]
والقذائف العنقودية أسلحةٌ تطلق من الأرض أو الجو وتنشر عشراتٍ (بل غالباً مئاتٍ) من القنابل الصغيرة (تدعى "رمانات" في حالة القذائف التي تطلق من الأرض أو البحر، وتدعى "قنيبلات" في حالة القذائف العنقودية التي تطلقها الطائرات). وتغطي هذه القذائف الصغيرة منطقة واسعة بحيث يزداد قطر دائرة الأثر التدميري حول الهدف. لكن، ولأن القنابل الصغيرة التي تنشرها القذائف العنقودية تتناثر في منطقة واسعة، فهي غير قابلة للتوجيه الدقيق إلى هدف محدد إلا إذا كان كبيراً جداً.
ولا يوجد حظر دولي محدد مفروض على استخدام القذائف العنقودية (بعكس أشعة الليزر المسببة للعمى، أو الأسلحة الكيميائية مثلاً). لكن استخدامها في المناطق المأهولة بالمدنيين أو بالقرب منها ينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي على الهجمات العشوائية، وذلك لعدم إمكانية توجيهها على نحوٍ يميز بين المدنيين والأهداف العسكرية. كما أن للقذائف العنقودية نسبة عطالة عالية، فنسبة القنابل الصغيرة التي لم تنفجر في القذائف التي أطلقتها إسرائيل على لبنان تبلغ 14%؛ وهذا ما يخلف أعداداً كبيرة من الأجسام القابلة للانفجار والتي تتناثر في الأرض؛ وهي تماثل الألغام الأرضية المضادة للأفراد من حيث خطرها على المدنيين.
مقتل ثلاثة مدنيين في طلوسة أحدهم يحمل الجنسيتين اللبنانية والبرازيلية، 20 يوليو/تموز
هاجمت الطائرات الحربية الإسرائيلية منازل مدنية في طلوسة الواقعة على بعد 20 كم إلى الشرق من صور بعد ظهر الخميس 20 يوليو/تموز، ومن بينها منزل رئيس البلدية. ويقول أهل القرية أن رئيس البلدية ليس على علاقةٍ بحزب الله، وأنه جمع بعض المال في أفريقيا قبل عودته إلى طلوسة. وقالوا أنه لم يكن يوجد نشاط عسكري لحزب الله في المنطقة عند وقوع الغارة.[65]
وأدت الغارة إلى هدم البيوت الثلاثة وقتلت والدة رئيس البلدية ضحية ترمس (70)، وصبي في الثامنة من العمر كان في البيت المجاور واسمه علي نبيه، وصبيٌّ آخر يحمل الجنسيتين اللبنانية والبرازيلية ويتراوح عمره بين السابعة والعاشرة. لكن الشاهدة التي قابلناها لم تكن تعرف اسمه.[66]
مقتل أربعة من مراقبي الأمم المتحدة، 25 يوليو/تموز
قرابة الساعة السابعة والنصف من مساء 25 يوليو/تموز أصاب صاروخ إسرائيلي دقيق التوجيه مركز قوات المراقبة الدولية التابعة للأمم المتحدة قرب قرية الخيام، وهو مركزٌ معروفٌ جيداً ويحمل علاماتٍ واضحة تدل عليه. وقد دمر الصاروخ المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق تدميراً تاماً فقتل أربعةٌ من مراقبي الهدنة غير المسلحين التابعين للأمم المتحدة، وهم من أستراليا وكندا وفنلندا والصين.
وتقول قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أن هذه الإصابة المباشرة جاءت بعد سقوط 14 قذيفة من قذائف الطائرات أو المدفعية قرب المركز.[67] ولم يكن هناك وجودٌ لحزب الله، كما لم يحدث إطلاق للصواريخ قرب موقع الأمم المتحدة في الفترة التي وقعت فيها الغارة. وتقول الأمم المتحدة أن قائد القوة في جنوب لبنان، الجنرال آلين بيليغريني أجرى "اتصالات متكررة مع ضباط الجيش الإسرائيلي خلال فترة بعد الظهر، وكان يشدد على ضرورة حماية ذلك المركز بعينه من القصف".[68]
وعبّر تصريح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان عن الصدمة جراء "الاستهداف المتعمد بشكلٍ واضح لمركز مراقبة الأمم المتحدة الذي يحمل علامات واضحة تدل عليه". ودعا الأمين العام الهجوم بأنه "هجومٌ مدفعيٌّ وجويٌّ مشترك"، وحث إسرائيل على إجراء تحقيق.[69]
وقد عبرت إسرائيل عن "الأسف العميق" لهذه الحادثة ورفضت الادعاءات القائلة بأنها استهدفت مركز الأمم المتحدة.[70] ووعد رئيس الحكومة إيهود أولمرت بإجراء تحقيق شامل. وقال: "من غير المفهوم أن تعتبر الأمم المتحدة وقوع خطأ على أنه فعلٌ متعمدٌ بشكلٍ واضح".[71] وقد قبل كوفي أنان تأكيد الحكومة الإسرائيلية بأن الهجوم لم يكن متعمداً، لكنه أسف لعدم سماح إسرائيل بمشاركة الأمم المتحدة في التحقيق.[72]
كان هذا الحادث أول هجومٍ قاتل على مراقبي الأمم المتحدة في جنوب لبنان خلال النزاع الحالي؛ لكن القوات الإسرائيلية توجه ضرباتها إلى مراكز الأمم المتحدة التي تحمل علامات واضحة، أو إلى محيطها، منذ بدء القتال. وحدث أحياناً أن أطلق حزب الله النار على أهدافٍ إسرائيلية من أماكن قريبةٍ من مراكز الأمم المتحدة، لكن نيران إسرائيل أصابت مراكز الأمم المتحدة في حالاتٍ كثيرة لم يكن فيها أي وجود لحزب الله.
ففي 24 يوليو/تموز، أصيب أربعة مراقبين غانيين من اليونيفيل بجروحٍ طفيفة عندما سقطت قذيفة دبابة إسرائيلية داخل مركزهم في راشيا. وهذه واحدةٌ من ست حوادث سُجلت في ذلك اليوم وأطلقت فيها القوات الإسرائيلية النار على الأمم المتحدة أو على مقربةٍ منها.[73] وفي 16 يوليو/تموز، سجلت اليونيفيل 17 حادثة قامت فيها بإطلاق النار على مراكز مراقبي الأمم المتحدة، كان من بينها إصابتان مباشرتان لمراكز اليونيفيل؛ كما أصيب مراقبٌ هندي إصابةً خطيرة بقذيفة دبابة إسرائيلية أطلقت إلى داخل أحد مراكز الأمم المتحدة.[74] وتقدم الخلاصة التي أذاعتها اليونيفيل في 19 يوليو/تموز عن الهجمات التي تعرضت إليها مراكزها لمحةً شاملةً مخيفة عن عدد القذائف التي أصابت مواقع الأمم المتحدة، إضافةً إلى الأعمال التي قام بها مقاتلو حزب الله وعرضت أفراد اليونيفيل إلى الخطر:
خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وقعت 31 حالة إطلاق نار على مقربة من مواقع الأمم المتحدة. وتعرضت ثلاثة مواقع إلى إصاباتٍ مباشرة بالنيران الإسرائيلية. وسقطت عشرة قذائف مدفعية إسرائيلية داخل مركز الكتيبة الغانية التابعة للأمم المتحدة على ساحل رأس الناقورة ملحقةً به أضراراً بالغة. وانفجرت أربعة قذائف مدفعية داخل قاعدة الدوريات التابعة لمجموعة المراقبة في لبنان في قرية مارون الراس، وكان من بينها ثلاث إصابات مباشرة أدت إلى أضرارٍ بالغة وتسببت بقطع الكهرباء والاتصالات. وكان داخل المركز أثناء القصف 36 مدنياً من قرية مارون الراس معظمهم من النساء والأطفال. ولم تقع إصابات. كما انفجرت قذيفة مدفعية داخل مجمع مقر اليونيفيل في الناقورة ملحقةً به أضراراً بالغة ومعرضةً مستشفى اليونيفيل للخطر في وقتٍ كان الأطباء يجرون فيه عمليةً جراحية. وأدت شظايا قذائف المدفعية إلى إلحاق أضرار بسور معسكر الناقورة. كما أُبلغ عن أضرارٍ بالغة نتيجةً للقصف المركز على موقع الكتيبة الغانية جنوب قرية علما الشعب. وأبلغ أيضاً عن حدوث إطلاق نار من قبل حزب الله من مسافةٍ قريبةٍ جداً من مواقع الأمم المتحدة في الناقورة ومارون الراس وقت وقوع هذه الحوادث.[75]
وفي 17 يوليو/تموز، تعرض فريق طبي تابع لليونيفيل إلى النيران الإسرائيلية عندما كان يحاول انتشال جثث 16 مدنياً قتلتهم غارة إسرائيلية على طريق البياضة - شرما أثناء هروبهم من قرية مروحين.[76] وفي 16 يوليو/تموز، سجلت اليونيفيل 17 حادثة إطلاق لقذائف القوات الإسرائيلية قرب مراكز مراقبي الأمم المتحدة، وكذلك إصابتين مباشرتين داخل هذه المراكز. وفي ذلك الوقت أصيب مراقبٌ هندي بجراحٍ خطيرة بفعل شظية من قذيفة دبابةٍ إسرائيلية.[77] وحتى في حال وجود حزب الله بالقرب من مراكز الأمم المتحدة أثناء هذه الهجمات، فمن الواضح أن الجيش الإسرائيلي لم يتخذ الحيطة الكافية لتجنب إلحاق الأذى بجنود الأمم المتحدة.
لا تكون قوات حفظ السلام طرفاً من أطراف النزاع حتى وإن كان أفرادها من الجنود المحترفين. وطالما أنهم لا يشاركون في القتال، فهم يحظون بنفس الحماية التي يحظى بها المدنيون. وبموجب القانون العرفي، يكون استهداف قوات حفظ السلام أو التجهيزات ذات الصلة بعملها أمراً محظوراً ويمثل جريمة حرب.[78] ويعتبر شن الهجوم من مكانٍ قريب من مراقبي حفظ السلام، أو من جوارهم، بهدف اكتساب الحماية من الهجوم جريمة حربٍ أيضاً. وعلى الأقل، يمثل وضع القوات أو المواد العسكرية بالقرب من مراكز الأمم المتحدة خرقاً لواجب أخذ جميع الإحتياطات المناسبة لتجنب عدم الإضرار بغير المحاربين.[79]
مقتل ما لا يقل عن 28 مدنياً في قانا، 30 يوليو/تموز
في حوالي الواحدة من صباح 30 يوليو/تموز، أطلقت الطائرات الإسرائيلية صواريخها على قرية قانا. وكان بين البيوت المصابة مبنى من ثلاثة طوابق كان يلتجئ إليه 63 شخصاً من عائلتين. وقد انهار المبنى فقتل فيه 28 شخصاً على الأقل كان من بينهم 16 طفلاً.
وتحدثت التقارير الأولى عقب الغارة عن مقتل 54 شخصاً. وقد استندت إلى أن عدد الملتجئين إلى المبنى المصاب كان 63 شخصاً في وقتٍ عثرت فيه فرق الإنقاذ على تسعة ناجين فقط. لكن هيومن رايتس ووتش علمت بعد زيارتها إلى قانا أن ما لا يقل عن 22 شخصاً تمكنوا من الهرب من قبو المبنى، وأن عدد من تأكد مقتلهم يبلغ 28 شخصاً. ويظل مصير 13 شخصاً كانوا مختبئين في القبو غير معروف. ويعتقد أهل القرية أنهم مازالوا مدفونين تحت الأنقاض.
وكان المدنيون من العائلتين قد احتموا بهذا المبنى لأنه من أكبر المباني في المنطقة ولأنه يضم قبواً من الإسمنت المسلح؛ وذلك طبقاً لما قاله معاون رئيس بلدية البلدة الدكتور عصام ماتوني.[80]
ويقول محمد محمود شلهوب، وهو فلاحٌ يبلغ 61 عاماً كان في القبو أثناء الغارة، أن 63 شخصاً من عائلتي شلهوب وهاشم التمسوا اللجوء في الغرف الثلاث ضمن قبو المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق عندما سقط أول صاروخ في القرية عند الساعة السادسة من مساء 29 يوليو/تموز. وتحدث أيضاً كيف أصاب صاروخ إسرائيلي الطابق الأرضي عند الساعة الواحدة فجراً من يوم 30 يوليو/تموز، وذلك بعد قصفٍ كثيفٍ للقرية:
شعرت كما لو أن أحداً رفع المنزل من مكانه. يبلغ ارتفاع غرف الطابق الأرضي مترين ونصف المتر. وعند الضربة الأولى، كانت الإصابة تحت المنزل فارتفع كله. لقد جاء الصاروخ تحت البناء. كنت أجلس قرب الباب، وامتلأ الجو غباراً ودخاناً، وأصبنا بالصدمة جميعاً. لم أصب بأذى؛ ووجدت نفسي [وقد قذفت] إلى الخارج. كان الصراخ يعلو في الداخل. وعندما حاولت العودة لم أستطع رؤية شيء بسبب الدخان. وبدأت أدفع بالناس إلى الخارج؛ كنت أدفع كل من أجده.
وبعد خمس دقائق، جاءت غارة جديدة وأصابت الجهة الأخرى من المبنى، أي خلفنا. وبعد الضربة الثانية لم نعد نستطيع التنفس إلا بالكاد، ولم نكن نرى شيئاً. كانت في المنزل ثلاث غرف يختبئ فيها الناس [في الطابق الأرضي]. وبعد الضربة الأولى دخل الغرف كمية كبيرة من التراب. ولم نستطع العثور إلا على قليل من الناس في الغرفة الأولى.[81]
ونفى شلهوب نفياً قاطعاً وجود أي مقاتلين من حزب الله في المبنى أو بالقرب منه عند حدوث الغارة. وقال أن الطرق الأربعة المفضية إلى قانا كانت مقطوعة بفعل القصف الإسرائيلي، مما يجعل من الصعب، أو من المستحيل، على حزب الله إدخال قاذفات الصواريخ إليها.
وقال شلهوب: "إذا كانوا [الجيش الإسرائيلي] قد رأوا القاذفة حقاً، فأين ذهبت؟". وأضاف: "لقد أرينا إسرائيل قتلانا، فلماذا لا يجعلوننا نرى قاذفات الصواريخ؟"
كما قدم غازي عيداجي، وهو قروي آخر من قانا هرع إلى المبنى عندما أصابه القصف في الواحدة صباحاً، روايةً متطابقة مع رواية شلهوب. لقد أخرج مع عدد من الناس بضعة أشخاص من المبنى بعد الضربة الأولى، كما يقول. لكنهم لم يتمكنوا من إخراج أحد بعد الضربة الثانية التي جاءت بعد خمس دقائق. وقد قال لهيومن رايتس ووتش: "لو كان حزب الله يطلق الصواريخ قرب المنزل، فهل كانت عائلة من خمسين فرداً لتجلس فيه؟".[82]
وقد زار باحثو هيومن رايتس ووتش قرية قانا في 31 يوليو/تموز، أي بعد الغارة بيوم واحد، لم يعثروا على أية معدات عسكرية مدمرة قرب المبنى. كما لم يبلغ أيٌ من عشرات الصحفيين الدوليين ومن عمال الإنقاذ والمراقبين الدوليين الذين زاروا قانا يومي 30 و31 يوليو/تموز عن مشاهدة أي دليل على الوجود العسكري لحزب الله في ذلك المبنى أو من حوله. كما لم يعثر عمال الإنقاذ على جثث لمقاتلي حزب الله في المنزل أو حوله.
وبعد الحادثة عبرت الحكومة الإسرائيلية عن أسفها لمقتل المدنيين وقالت أنها تزمع إجراء تحقيق. وقال كثيرٌ من مسئوليها أن اللوم يقع على حزب الله لأنه أطلق صواريخه من مكانٍ قريبٍ من المبنى، وقالوا أن الجيش الإسرائيلي أنذر المدنيين بوجوب الرحيل.[83]
وقال مسئول كبير في قيادة سلاح الطيران الإسرائيلي أنه قصف المبنى بقنبلة دقيقة التوجيه لأن حزب الله أطلق الصواريخ من تلك المنطقة. وعندما سُئل عن كيفية معرفة الجيش بأمر الصواريخ وعدم معرفته بوجود المدنيين في المبنى، قال أن الجيش الإسرائيلي "تمكن من رصد قاذفات الصواريخ لأنها كثيرة الحركة"، أما المدنيون فكان من المتعذر رؤيتهم لأنهم كانوا داخل المبنى منذ عدة أيام.[84] لكن ما يقوله يناقض شهادة محمد محمود شلهوب المذكورة أعلاه فقد قال أن العائلتين التجأتا إلى المبنى عندما بدأت الغارة الإسرائيلية في السادسة من مساء 29 يوليو/تموز.
وفي 1 أغسطس/آب، كتب أحد أبرز المراسلين العسكريين الإسرائيليين في صحيفة هاآرتس أنه، وفي حين يحقق سلاح الجو الإسرائيلي في الحادثة، فإن "أسئلةً تبرز بشأن روايات الجيش عن الحادثة". وقال أن الجيش الإسرائيلي غير روايته الأولى وأنه "يبدو الآن أن الجيش لم يكن يملك معلومات عن إطلاق صواريخ من موقع المبنى ولا عن وجود رجال حزب الله في ذلك الوقت".[85]
وحتى 2 أغسطس/آب، لم يعلن الجيش الإسرائيلي عن أية نتائج للتحقيق العسكري. وهيومن رايتس ووتش مستمرةٌ في دعوتها إلى إجراء تحقيق دولي في الحادثة.
وطبقاً لسجلات الصليب الأحمر اللبناني ومستشفى صور، فإن من تأكد مقتلهم حتى 1 أغسطس/آب هم: أحمد محمود شلهوب، 55؛ إبراهيم هاشم، 65؛ حسناء هاشم، 75؛ علي أحمد هاشم، 3؛ عباس أحمد هاشم، 9 أشهر؛ حوراء محمد قاسم شلهوب، 12؛ مهدي محمود هاشم، 68؛ زهرة محمود قاسم شلهوب، 2؛ إبراهيم أحمد هاشم، 7؛ جعفر محمود هاشم، 10؛ لينا محمد محمود شلهوب، 30؛ نبيلة علي أمين شلهوب، 40؛ علا أحمد محمود شلهوب، 25؛ خديجة علي يوسف، 31؛ تيسير علي شلهوب، 39؛ زينب محمد علي أمين شلهوب، 6؛ فاطمة محمد هاشم، 4؛ علي أحمد محمود شلهوب، 17؛ مريم حسن محسن، 30؛ عفاف زبد، 45؛ يحيى محمد قاسم شلهوب، 9؛ علي محمد قاسم شلهوب، 10؛ يوسف أحمد محمود شلهوب، 6؛ قاسم سميح شلهوب، 6؛ حسين أحمد هاشم، 12؛ قاسم محمد شلهوب، 7؛ رقية محمود شلهوب، 7؛ رقية محمد هاشم، العمر غير معروف.
مهاجمة المدنيين الهاربين
أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية بين 12 و27 يوليو/تموز إلى محاصرة مئات آلاف المدنيين في قرى جنوب لبنان، ومن بينهم آلافٌ من الأجانب وحاملي الجنسية المزدوجة ممن كانوا يمضون العطلة الصيفية في لبنان. وصار السفر على الطرق في معظم أنحاء جنوب لبنان خطراً جداً إذ كانت تقع غاراتٌ يومية على السيارات المدنية التي تحاول الفرار.
وفي 15 يوليو/تموز تقريباً، بدأ الجيش الإسرائيلي ينذر سكان القرى الجنوبية بإخلائها على الفور. وكانت يسقط المنشورات ويستخدم مكبرات الصوت والبث الإذاعي؛ بل كانت يرسل رسائل باللغة العربية عبر أجهزة الهاتف المحمول. وفي صبيحة 15 يوليو/تموز على سبيل المثال، تحدث أحدهم باللغة العربية عبر مكبر الصوت من الجانب الآخر للحدود وأبلغ سكان مروحين بمغادرة بيوتهم خلال ساعتين (وفي نفس اليوم قتل 21 شخصاً من القرويين عندما أصابت القذائف الإسرائيلية سياراتهم كما نرى أدناه).[86] وخلال الأيام التالية، اتصل الإسرائيليون عن طريق الهاتف المحمول بكثير من الشخصيات البارزة في تلك القرى وأسمعوهم رسائل مسجلة تأمرهم بمغادرتها فوراً والتوجه إلى منطقة شمال الليطاني. وحذرتهم هذه الرسائل من استخدام الدراجات النارية أو الشاحنات أو السيارات المغلقة.[87] وفي 28 يوليو/تموز، عادت إسرائيل فأمرت المدنيين "بإخلاء منازلهم والتوجه شمالاً" خلال ساعات. وقالت أن "كل سيارة تسير في هذه المنطقة بعد العاشرة صباحاً، وكل شخص يختار عدم العمل بهذا الإنذار يعرض حياته وحياة أسرته إلى الخطر".[88]
وكما تثبت المادة الموثقة أدناه، فإن الجيش الإسرائيلي لم يلتزم بأوامر الإخلاء عبر إيجاد ممرات آمنة. كما كانت الطائرات والحوامات الإسرائيلية تقصف سيارات المدنيين الذين كانوا يحاولون الهرب والذين كان كثيرٌ منهم يحمل راياتٍ بيضاء من النوافذ، وهي إشارةٌ تدل على المدنيين، وهي معروفةٌ ومقبولةٌ على نطاقٍ واسع. وفي حالتين من الحالات الواردة في هذا التقرير، أصابت القذائف الإسرائيلية القوافل الإنسانية وسيارات الإسعاف أثناء حركتها على الطرق. وفي تلك الأيام نفسها، قصفت الطائرات الإسرائيلية عشرات السيارات المدنية مظهرةً ميلاً واضحاً إلى عدم التمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية.
ونتيجةً لتدمير معظم الطرق الرئيسية في الجنوب، كان على المدنيين الهاربين سلوك طرق ثانوية متعرجة ومواجهة خطر الهجمات الجوية بشكلٍ دائم. وارتفعت أجور السيارات ارتفاعاً شديداً لتبلغ في كثيرٍ من الحالات مئات الدولارات للراكب الواحد وألف دولار للسيارة. وصارت الطرقات شديدة الخطر بحيث بقيت الجثث في السيارات التي قصفها الجيش الإسرائيلي لأن فرق الإنقاذ لم تتمكن من الوصول إلى مواقعها. وتحدث رجلٌ منهكٌ جاء من عيترون عند حدود إسرائيل عن رحلته الخطرة، وذلك عندما قابلته هيومن رايتس ووتش عقب وصوله إلى بيروت مباشرةً:
كانت لدينا سيارتان مغلقتان لأربع أسر يبلغ عددها الإجمالي 18 شخصاً. كانت الرحلة شديدة الخطورة مع تحليق الطائرات في السماء بشكلٍ مستمر. كان الطريق الرئيسي مقطوعاً، فاضطررنا إلى سلوك الطرق الفرعية الصغيرة أو إلى السير خارج الطريق. واستغرقت الرحلة عدة ساعات حتى بيروت. وقبل أن نصل صور بقليل، قصفت طائرةٌ سيارةً كانت أمامنا. وكانت النار تشتعل في السيارة عندما وصلنا إليها. كانت سيارةً مدنية.
رأينا في رحلتنا 13 سيارة مقصوفة، وكان في معظمها مدنيون قتلى. رأينا النساء والأطفال القتلى، ورأينا ملابسهم وأمتعتهم في السيارة... كانت هناك أربع سيارات ما تزال جثث الناس فيها. وكان من الممكن شم رائحتهم على مسافة كيلومترات. واضطررنا إلى إغلاق النوافذ بسبب الرائحة.[89]
وتحدثت منال حسن علوية، وهي امرأةٌ في الثانية والعشرين من عيترون، إلى هيومن رايتس ووتش عن رحلةٍ لا تقل رعباً:
سافر بعض أقاربي في سيارتي ركاب وسيارة مغلقة، وذهبت معهم. وتوقفنا في البداية عند مستشفى بنت جبيل بسبب وجود طائرة في السماء. وعندما تابعنا السير، جاءت الطائرة وقصفت الطريق خلفنا. وسقطت القنابل في مكانٍ لا يبعد أكثر من 10 أمتار خلفنا. لكننا واصلنا السير. وكنا نلوح بالأعلام البيضاء. وعلى طول الطريق كنا نرى الجثث في السيارات. وأذكر جيداً أننا شاهدنا عند اقترابنا من قرية السلطانية سيارة مرسيدس 300 مقلوبةً وفي داخلها قتلى. أردنا أن نتوقف، لكن السائق قال أننا سنقصف إذا توقفنا. كان هناك رجالٌ ونساء وأطفال. وأذكر رؤية طفلين قتيلين. وعلى الطريق التقينا بامرأةٍ عجوز كانت تبكي بجانب الطريق لأن أحداً لم يأخذها، فأخذناها معنا. كان الدمار كبيراً، وكانت جميع محطات الوقود مدمرة، وكنا نسير بأسرع ما نستطيع. ولم يتحسن الوضع إلا بعد اجتيازنا نهر الليطاني.[90]
لقد قدمت إسرائيل، وفي أحيان كثيرة، تأكيدات إلى مسئولي اليونيفيل بأن السيارات المدنية المتوجهة شمالاً على الطرق الرئيسية لن تتعرض للقصف.[91] لكنها، كما يبين عددٌ من الحالات الموثقة أدناه، كثيراً ما هاجمت السيارات المدنية التي تسير منفردةً أو ضمن قوافل بعد الإنذار الإسرائيلي بوجوب مغادرة القرى. وكانت الهجمات التي تعرضت لها السيارات المدنية شديدةً جداً، فقد قال الصليب الأحمر اللبناني أن سائق سيارة إسعاف شاهد ثلاثة غارات منفصلة أثناء نقله مدنيين جرحى من تبنين إلى صور: شاهد في البداية السيارة التي أمامه تصاب بقذيفةٍ وتسقط في وادٍ صغير قرب قرية كفرا؛ ثم شاهد سيارةً مغلقة تصاب في قرية صديقين، وأدى الانفجار إلى قذف السيارة في الهواء وأصابت سيارة الإسعاف في جانبها؛ ثم أصيبت دراجةٌ نارية على الطريق قرب الهناوية.[92]
ورغم عدم وجود شك في معرفة المسئولين الإسرائيليين بإصابات المدنيين الناتجة عن قصفهم للسيارات، فإن هذه الغارات مستمرة حتى لحظة دفع هذا التقرير إلى المطبعة. وفي أحسن الأحوال، يكشف استمرار الغارات على المدنيين الهاربين عن عدم التزام طائش من جانب إسرائيل بواجبها في التمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية، ويكشف عن امتناعها الكامل عن اتخاذ الإحتياطات الكافية للحيلولة دون قتل المدنيين. أما في أسوأ الأحوال، فإن إسرائيل تستهدف السيارات المدنية عمداً كجزءٍ من الثمن الذي يجب دفعه لمنع الحركة بين مناطق لبنان. وفي الحالتين، فإن إسرائيل تنتهك بصفاقةٍ التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وغاراتها المتكررة على السيارات المدنية تعتبر جرائم حرب.
مقتل 21 مدنياً فارين من مروحين، 15 يوليو/تموز
في 15 يوليو/تموز، استهدفت غارةٌ إسرائيلية قافلةً من المدنيين الهاربين من قرية مروحين الحدودية فقتلت 21 شخصاً من بينهم 14 طفلاً. وكان كثيرٌ من سكان القرية قد غادروها بعد إنذار الجيش الإسرائيلي لهم بإخلائها قبل بدء الهجوم. كما أن قريباً لأحد الضحايا قال بأن حزب الله يخزن أسلحةً في القرية، وأن السكان خافوا من هجومٍ انتقامي إسرائيلي.[93] وسكان مروحين من السنّة، وثمة توتراتٌ قديمة بينهم وبين حزب الله الشيعي.
وقال أحد الشهود لهيومن رايتس ووتش أن بعض أهالي القرية حاولوا في البداية الالتجاء إلى موقع اليونيفيل الذي يبعد 1.5 كم عن القرية قائلين بأن الجيش الإسرائيلي أنذرهم بإخلائها:
كنت على اتصالٍ هاتفي مع أقاربي في القرية. وبين الثامنة والنصف والتاسعة من صباح ذلك اليوم، اتصل أقاربي وقالوا أن الإسرائيليين أنذروهم بإخلاء القرية خلال ساعتين. وقد تحدث الإسرائيليون باللغة العربية عبر مكبرات الصوت من الحدود القريبة جداً. وقال أقاربي أنهم سيذهبون إلى مركز اليونيفيل قرب القرية. ثم ذهبوا إلى المركز وظلوا ساعتين عند بوابته. لكن اليونيفيل قالت لهم بعد ساعتين أن لديها أوامر بعدم السماح لهم بالدخول.[94]
وقد اتصلت اليونيفيل بضابط الاتصال الإسرائيلي وبالجيش اللبناني، لكنها لم تتمكن من الحصول على تأكيد لأمر الإخلاء. وهكذا قال جنودها للأهالي أن يعودوا إلى القرية.[95]
وعند الساعة 11 قبل الظهر، غادرت مجموعةٌ من الأهالي قرية مروحين ضمن قافلةٍ من السيارات وسلكت الطريق الرئيسي الخارج من القرية. وعلى الطريق بين قريتي شمعة والبياضة، أصابت قذيفتان، يعتقد أن حوامةً إسرائيليةً أطلقتهما، سيارة نصف نقل بيضاء وسيارة ركاب عادية في القافلة. وقد وصل مصورٌ تابعٌ لوكالة أنباء دولية إلى الموقع بعد ساعتين من الغارة. وقال المصور لهيومن رايتس ووتش أنه شاهد سيارة نصف نقل بيضاء وسيارة عادية مدمرتان تدميراً كاملاً، وأنه أحصى 16 جثةً في الموقع كان من بينها كثيرٌ من الأطفال. ولم ير المراسل أي أشخاصٍ مسلحين بين الجثث.[96] وقد انتشلت اليونيفيل 16 جثةً من الموقع وقالت أن فرقها الطبية جاءت تحت القصف أثناء عملية الإنقاذ.[97] وقتل في هذه الغارة 21 شخصاً وذلك استناداً إلى قائمةٍ سلمها أقاربهم إلى هيومن رايتس ووتش،[98] وإلى عدد الجثث التي وصلت مستشفى صور الحكومي آخر الآمر.[99]
والأشخاص المقتولون في هذه الغارة الجوية هم: علي عبد الله، 60؛ محمد عبد الله، 15؛ صباح عبد الله، في الثمانينات؛ سناء عبد الله، 35 (حامل)؛ علي كامل عبد الله، 14؛ محمد كامل عبد الله، 13؛ حسين عبد الله، 10 11؛ حسن عبد الله، 9؛ لمى عبد الله، 1 2؛ زهرة عبد الله، 52؛ هادي عبد الله، 6 7؛ ميرنا عبد الله، 13؛ مريم عبد الله، 29؛ محمد غنام، 35؛ سها عبد الله، 30 (حامل في الشهر السابع)؛ قاسم غنام، 17؛ مصطفى غنام، 15؛ حسين غنام، 14؛ زينب غنام، 10؛ فاطمة غنام، 9؛ ضحى غنام، 7.
مقتل اثنين وجرح أربعة أثناء فرارهم من المنصوري، 23 يوليو/تموز
كانت عائلة سرور المقيمة في ألمانيا تمضي العطلة الصيفية في قرية المنصوري الساحلية الواقعة على مسافة 10 أميال إلى الجنوب من صور، وكانت قد وصلت إلى لبنان قبل يومين من بدء القتال.[100] وفي 23 يوليو/تموز، حاولت الأسرة السفر إلى صور في قافلة من ثلاث سيارات بغية العودة إلى ألمانيا، وكانت تلوح بالأعلام البيضاء. وبحدود العاشرة والنصف صباحاً، أصابت قذيفةٌ إسرائيلية سيارتهم قبل صور بأربعة كيلومترات، أي قرب قرية المعالية. وقد قتل سائق السيارة درويش مديحلي على الفور، وقتل أيضاً صهره محمد سرور. واشتعلت النار في السيارة مع بقاء جثتي درويش ومحمد بداخلها.
وأصيب أطفال محمود سرور بحروقٍ شديدة، وهم: أحمد، 15؛ وعلي، 13؛ ومحمود، 8؛ ومريم، 8 أشهر. ولم يكن هناك ما يشير إلى وجود أسلحة أو نشاط لحزب الله في ذلك المكان كما يقول أقارب الضحايا. كما لم تكن لأي فردٍ من العائلة صلةٌ بحزب الله.
جرح تسعة مدنيين أثناء فرارهم من المنصوري، 23 يوليو/تموز
بعد وقتٍ قصير من الغارة على عائلة سرور، قصفت طائرة أباتشي إسرائيلية قافلةً مدنيةً ثانية في نفس المنطقة. فقد انطلق زين الزبد، وهو مزارع حمضيات في الخامسة والأربعين، بسيارته من المنصوري محاولاً إجلاء زوجته وأطفاله الأربعة. وفي الطريق اصطحبت الأسرة رجلاً جريحاً أصيب عندما ضربت غارة إسرائيلية سيارته في القليلة، إضافةً إلى جريحين في المعالي (نفس المنطقة التي وقعت فيها الغارة على عائلة سرور) كانا أصيبا بغارةٍ أثناء ركوبهما دراجة نارية. وقال علي جعفر لهيومن رايتس ووتش (وهو عامل في الحادية والعشرين أصيب في قصف الحوامة لدراجته النارية):
لم يكن حولي شيء عندما أصبت، لم يكن هناك أحدٌ من المقاومة [حزب الله]. وكنت أسافر مرتدياً بنطالاً قصيراً وحاملاً حقيبتي على ظهري حتى يظهر أنني مدني... كنت أقود الدراجة؛ وفجأةً لم تعد موجودةً. كان ذلك صاروخاً أطلقته حوامة... أوقفت سيارة رينج روفر لتأخذنا معها، وكان سائقها من قريتنا.[101]
لكن قذيفةً من حوامة أباتشي إسرائيلية أصابت سيارة زين الزبد على مسافة 40 متراً فقط من مستشفى نجم، فجرحت ركابها التسعة.[102] وقد وقعت الغارة على سيارة زين الزبد على مشهدٍ من مستشفى نجم، ولم يكن هناك دليلٌ على وجود نشاط قتالي لحزب الله في منطقة المستشفى وقت وقوع الهجوم.
مقتل ثلاثة مدنيين وجرح 14 أثناء فرارهم من كفرا، 23 يوليو/تموز
أدى القصف الشديد على قرية كفرا إلى محاصرة 40 شخصاً من عائلة شيطا في منزلٍ واحد منذ بداية الحرب. وبعد نفاذ ما لديها من الطعام، قررت العائلة مغادرة القرية بعد تلقيها الأمر بإخلائها من الجيش الإسرائيلي. وفي 21 يوليو/تموز، اتصلت العائلة بالصليب الأحمر لمساعدتها على النزوح، لكنه لم يكن قادراً على الوصول إلى القرية. وفي 22 يوليو/تموز استقل 32 فرداً من هذه الأسرة، ومن بينهم معظم الأطفال في ذلك المنزل، سيارتين عاديتين وسيارة جيب. وتركوا ورائهم 17 من أفراد الأسرة بسبب عدم توفر واسطة نقل. وقد وصلت القافلة بسلامٍ إلى صور.
وفي 23 يوليو/تموز، استطاع أفراد العائلة الباقون إقناع سائق سيارة أجرة بأخذهم إلى صور في سيارة نقل مغلقة مقابل 1000 دولار. وعلقت العائلة علماً أبيض كبير الحجم على السيارة، كما كان كثيرٌ من أفرادها يحملون قطعاً قماشية صغيرة للإشارة إلى أنهم مدنيون.[103]
وعند مغادرة السيارة قرية كفرا استهدفتها غارةٌ إسرائيلية. وقد نجا مصباح شيطا الذي كان يجلس بجانب السائق، وقال لهيومن رايتس ووتش: "سمعت صوتاً يشبه انفجار عجلة سيارة، وبدأت سيارتنا بالتمايل. فطلبت من السائق تخفيف السرعة، لكنه قال 'لقد أصبنا'. توقفت السيارة ونزلنا منها أنا والسائق. وع&5;ن الإمارات العربية المتحدة فدمر شاحنةً تحمل الأدوية والزيت والسكر والأرز وقتل سائقها. وفي 23 يوليو/تموز، أغارت الطائرات الإسرائيلية في قرية قانا على سيارتي إسعاف تحملان علامة الصليب الأحمر اللبناني بكل وضوح. وبفعل استمرار الغارات الجوية على الطرق والسيارات، تعاني المنظمات الإنسانية صعوبةً في الوصول إلى السكان المحتاجين. وحتى إعداد هذا التقرير، بقيت إسرائيل ترفض ضمان ممر آمن لكثيرٍ من القوافل الإنسانية جنوب صور، مع وجود استثناءاتٍ محدودة.[109]
وبعد أن بات المدنيون الباقون في الجنوب غير قادرين على الهرب أو الاستفادة من الإغاثة الإنسانية، أصبحوا محرومين من الطعام والرعاية الطبية والضروريات الأخرى. كما لا تستطيع القوافل الإنسانية في معظم الأحوال الوصول إلى الجرحى أو إجلاء المدنيين من مناطق القتال. وفي 28 يوليو/تموز، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر:
في جنوب البلاد، وخاصةً في القرى الواقعة على الحدود مع إسرائيل، تؤدي آثار العمليات العسكرية إلى جعل الحياة خطرةً إلى درجةٍ غير محتملة بالنسبة للمدنيين الذين حاصرهم القتال. كما أصبح الحصول على الموارد اللازمة والمياه والخدمات الأساسية صعباً جداً. أما عمليات الإغاثة وإخلاء الجرحى فتواجه صعوباتٍ كبيرة ولا تستطيع تلبية حاجة السكان.[110]
القوانين السارية
منذ 12 يوليو/تموز 2006، ينخرط لبنان وإسرائيل في أعمالٍ عدائيةٍ متواصلةٍ وعنيفة كانت الغالبية العظمى من ضحاياها في لبنان وإسرائيل من المدنيين وينظُم القانون الإنساني الدولي الطريقة التي يجب على أطراف النزاع المسلح التصرف بموجبها أثناء العمليات العدائية. وقد وُضع القانون الإنساني الدولي في الأصل لحماية المدنيين وسواهم من غير المحاربين من مخاطر النزاع المسلح. ولا يتناول هذا القانون شرعية دوافع المتقاتلين في حمل السلاح واللجوء إلى العنف.
والنزاع المسلح بين إسرائيل وحزب الله محكومٌ بمعاهداتٍ دولية إضافةً إلى قواعد القانون الإنساني الدولي العرفي. وتستند القواعد العرفية على ما استقر من سلوك الدول، وهي ملزمة لجميع أطراف النزاع المسلح سواءٌ كانوا دولاً أم جماعاتٍ مسلحة لا تحمل صفة الدولة. وتضع المادة المشتركة الثالثة من اتفاقيات جنيف لعام 1949 (وإسرائيل طرفٌ فيها) معايير الحد الأدنى لجميع أطراف النزاع الذي ينشب بين دولةٍ عضو في الاتفاقيات (كإسرائيل) وبين طرفٍ ليس بدولةٍ (كحزب الله).[111] لكن إسرائيل أكدت في مناسباتٍ كثيرة منذ بدء الأعمال العدائية على أنها تعتبر نفسها في حالة ردٍّ على ما تقوم به الدولة اللبنانية ذات السيادة، وليس على ما يقوم بع حزب الله فقط. كما أنها أثارت ادعاءات بشأن مشاركة إيران وسوريا.
ولا تعتمد الملاحظات التوضيحية للجنة الدولية للصليب الأحمر على الإعلان الرسمي للحرب أو على الاعتراف بحالة الأعمال العدائية لتقرير وجود نزاع مسلح بين دولتين تسري عليه اتفاقيات جنيف. بل أن الوجود الفعلي للنزاع المسلح بين دولتين عضوين في الاتفاقيات يجعل هذه الاتفاقيات سارية المفعول على نحوٍ تلقائي. ومن هنا فإن أية أعمالٍ عدائية بين القوات الإسرائيلية والقوات اللبنانية تقع ضمن إطار اتفاقيات جنيف كاملةً.
وبموجب هذا، وبغية تقدير مدى قانونية الهجمات أو القصف الجوي أو المدفعي أو الصاروخي، فإن مجموعتي القواعد متماثلتين من حيث الجوهر. وقد جرى تقنين كثير من هذه القواعد في البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، والمعروف رسمياً باسم "البروتوكول المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة" (البروتوكول الأول). ومع أن لبنان وسوريا صادقتا على البروتوكول الأول، فإن إسرائيل وإيران لم تصادقا عليه.
لكن كثيراً من أحكام البروتوكول، إن لم يكن معظمها، تعتبر متعلقةً بالقانون الدولي العرفي. ويصح ذلك خاصةً على القواعد المتعلقة بمجرى الأعمال العدائية ذات الصلة بهذه الدراسة. وبالنتيجة، فهي ملزمةٌ لجميع أطراف النزاع.
وقد برز كثيرٌ من الأمور المتعلقة بالقانون الإنساني الدولي خلال القتال العنيف في جنوب لبنان، وكذلك فيما يتعلق بقصف سلاح الجو الإسرائيلي للمناطق المأهولة. وأما الأسئلة الأوثق صلةً بهذا التقرير فتتعلق بمبدأ التمييز (القضايا المتعلقة بالإحتياطات الواجب اتخاذها عند شن الهجمات، إضافةً إلى تناسب الهجمات وعدم عشوائيتها)، وتتعلق أيضاً بالحماية التي يحظى بها عمال الإغاثة والأشخاص المشاركون في عمليات حفظ السلام، وكذلك بواجب طرفي النزاع في اتخاذ جميع الإحتياطات المعقولة لحماية السكان المدنيين والأهداف المدنية الواقعة تحت سيطرتهم من آثار الهجمات. وفي هذا الصدد، يجب على جميع الأطراف (وإلى الحد الممكن) تجنب وضع الأهداف العسكرية ضمن المناطق كثيفة السكان أو بالقرب منها، وإبعاد المدنيين والأهداف المدنية الواقعة تحت سيطرتهم عن الأهداف العسكرية. وبوجهٍ خاص، يتوجب على الأطراف الامتناع تماماً عن استخدام وجود الأشخاص المحميين بقصد جعل نقاطٍ أو مناطق معينة أو أفراداً عسكريين محصنين من العمليات الحربية. فاستخدام الدروع البشرية جريمة حرب.
وتعد "حصانة المدنيين" و"التمييز" من المبادئ الأساسية في القانون الإنساني الدولي.[112] ويوجب هذان المبدآن، وفي جميع الأوقات أثناء النزاع، التمييز بين المحاربين والمدنيين، واستهداف المحاربين فقط.
ويحظر في جميع الأحوال شن هجماتٍ مباشرة ضد المدنيين، فهذه جريمة حرب إن ثبت التعمد. وعلى أطراف النزاع الامتناع أيضاً عن التهديدات أو الأفعال العنيفة التي تكون غايتها الأولى إرهاب السكان المدنيين.[113] كما يُحظر أيضاً "هجمات الردع ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين".[114]
وبمعزلٍ عن الحظر المفروض على الهجمات ضد السكان المدنيين والأهداف المدنية، فإن القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات العشوائية سواءٌ من خلال الاتفاقية أو من خلال القانون العرفي.[115] والهجمات العشوائية هي الهجمات غير الموجهة إلى أهدافٍ عسكرية. وهي الهجمات التي تستخدم أساليب أو وسائل قتالية لا يمكن توجيهها إلى هدفٍ عسكريٍّ محدد؛ أو الهجمات التي تستخدم أساليب أو وسائل قتالية لا يمكن تحديد تأثيرها وفقاً لما يفرضه القانون الإنساني الدولي. وفي كلٍّ من هذه الحالات يكون من طبيعة هذه الهجمات إصابة الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والمدنيين من غير تمييز.[116]
ويشير تعبير "وسائل" قتالية عموماً إلى الأسلحة المستخدمة، بينما يشير تعبير "أساليب" إلى طريقة استخدام هذه الأسلحة.
ويت&48; إذا كان تدميره أو الاستيلاء عليه أو تحييده يقدم "مكسباً عسكرياً واضحاً" للطرف المهاجم ضمن الظروف السائدة وقت الهجوم.
لكن، وفيما يخص هذه الأهداف ذات "الاستخدام المزدوج"، فإن على المتقاتلين اختيار وسائل هجوم تتفادى إيقاع الضرر بالمدنيين والأهداف المدنية أو تقلله إلى الحد الأدنى. وعلى وجه الخصوص، فإن على المهاجم اتخاذ جميع التدابير الممكنة لإلغاء الهجوم أو تعليقه إذا أتضح له أن من شأن الإصابات المدنية المتوقعة أن تفوق أهمية الهدف العسكري. وتقنن المادة 57 من البروتوكول الأول هذا المبدأ من مبادئ القانون العرفي.[125]
وتحدد ملاحظات اللجنة الدولية للصليب الأحمر على المادة 57 سلسلةً من العوامل التي يجب أخذها بالحسبان عند تطبيق مبدأ التناسب على الآثار التبعية للهجوم الواقعة على المدنيين والأهداف المدنية:
يعتمد الخطر الذي يتعرض له السكان المدنيون والأهداف المدنية على عوامل كثيرة: موقعهم (ضمن هدفٍ عسكري أو في جواره)، والمنطقة (إمكان وقوع انهيارات أرضية أو فيضانات، إلخ)، ودقة الأسلحة المستخدمة (كثرة التشظي أو قلته، والاعتماد على مسار المقذوف، والمدى، والذخيرة المستخدمة، إلخ)، والمهارات الفنية للمقاتلين (الإسقاط العشوائي للقنابل عند عدم القدرة على إصابة الهدف المقصود).[126]
ويمكن اعتبار الإصابات الناجمة عن الحوادث، كحالة وجود المدنيين داخل المواقع العسكرية، نتائج عرضية لمهاجمة الهدف العسكري (وهي تدعى "أضراراً تبعية")؛ لكن لابد من إظهار الاهتمام بالتحقق من وجود المدنيين وتجنب الخطر الواقع عليهم أو تقليله. وكما تقول ملاحظات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن "القاعدة الذهبية الواجب إتباعها" عند اتخاذ قرار بشأن تناسب الهجوم هي "واجب حقن دماء المدنيين وتجنب الأهداف المدنية أثناء القيام بالعمليات الحربية". ولابد دائماً من اتخاذ الإحتياطات لحماية المدنيين حتى عندما يخدم الهدف غايةً عسكرية. وعلى الأطراف المتحاربة أيضاً اتخاذ جميع الإحتياطات المعقولة لتقليل الإضرار بالمدنيين والأهداف المدنية والامتناع عن الهجوم الذي من شأنه إلحاق ضررٍ غير متناسب بالمدنيين أو عدم التمييز بينهم وبين المقاتلين.
ويكون خرق المعايير المقررة أعلاه جريمة حرب عندما يكون خرقاً خطيراً. ويبين نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية السلوك الذي يعتبر من جرائم الحرب بموجب القانون العرفي. ويشمل ذلك التقنين ما يدعى "بالخروقات الخطيرة" لاتفاقيات جنيف، وغير ذلك من الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي إضافةً إلى الانتهاكات الخطيرة للمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف.
والمهم في النزاع الحالي على نحوٍ خاص هو أن الأفعال التالية تمثل جرائم حرب:
جعل السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين غير المشاركين في الأعمال العدائية على نحوٍ مباشر هدفاً للهجوم؛
جعل الأهداف المدنية (أي الأهداف التي هي ليست أهدافاً عسكرية) هدفاً للهجوم؛
مهاجمة الأهداف والأشخاص المشاركين في المساعدة الإنسانية أو في مهمة حفظ السلام؛
إلحاق خسائر عارضة في أرواح المدنيين، أو إصابة المدنيين، أو الإضرار بالأهداف المدنية بشكلٍ يكون مفرطاً على نحوٍ واضح عند مقارنته بالمكسب العسكري المتوقع الملموس والمباشر؛
الاستخدام المتعمد للمدنيين والأهداف المدنية لحماية القوات والتجهيزات العسكرية من الهجوم.
كلمة الشكر
يستند هذه التقرير على أبحاثٍ أجراها في بيروت وقانا وصريفا وصور بلبنان، بين 12 يوليو/تموز و1 أغسطس/آب 2006، كلٌّ من بيتر بوكايرت، مدير الطوارئ في هيومن رايتس ووتش، ونديم حوري، الباحث في شؤون سوريا ولبنان بقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش. وقد كتب التقرير كلٌّ من بيتر بوكايرت ونديم حوري. كما ساهم في الأبحاث الإضافية بشمال إسرائيل وفي الاتصالات مع الجيش الإسرائيلي كلٌّ من لوسي ماير، الباحثة في شؤون إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، وجوناثان فوكس، المستشار لدى هيومن رايتس ووتش. وقام فريد أبراهامز، الباحث الرئيسي في الطوارئ لدى هيومن رايتس ووتش، بتنسيق أعمال البحث وإجراء أبحاث إضافية من نيويورك.
وقام بالتحرير كلٌّ من سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، وويلدر تايلر، المستشار القانوني ومستشار السياسات في هيومن رايتس ووتش، وإيان ليفين، مدير البرنامج في هيومن رايتس ووتش، وكينيث روث، المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش. كما قدم ستيف غوس، مدير القسم المعني بالأسلحة في هيومن رايتس ووتش، وبقية العاملين في القسم، مساهماتهم وتحليلهم فيما يتعلق بالأسلحة. وقدم المشاركون في هيومن رايتس ووتش مساعدةً كبيرة في الأبحاث والدعم الإداري، وهم: آصف أشرف وثودلين ديسورسز وطارق رضوان وليام آزولاي-ياغيف.
وتشكر هيومن رايتس ووتش ناشطي حقوق الإنسان اللبنانيين الذين قدموا مساعدتهم لعملنا، وكذلك العدد الكبير من الصحفيين المحليين والدوليين الذين قدموا ملاحظاتهم ومشاهداتهم إلى باحثينا عن طيب خاطر؛ إضافةً إلى مسئولي المستشفيات ومراكز المهجرين في بيروت ممن أتاحوا لنا القيام بزياراتٍ متكررة. ولعل الأكثر أهميةً توجيه الشكر إلى شهود العيان وضحايا الهجمات الموثقة في هذا التقرير ممن وافقوا على إجراء مقابلاتٍ.
[1] أمير بوشبوت وإتمار إنباري، "جيش الدفاع الإسرائيلي: حزب الله لم يعترض طائرة إسرائيلية"، متوفر بالعبرية على http://www.nrg.co.il/online/1/ART1/450/601.html من 28 يوليو/تموز 2006.
[2] حنان غرينبيرغ. "استدعاء ثلاث كتائب احتياط"، متوفر بالعبرية على: http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-3277527,00.html من 28 يوليو/تموز 2006
[3] بي بي سي نيوز أون لاين: "إسرائيل تقول إن العالم يساند هجومها" 27 يوليو/تموز 2006.
[4] تتماشى هذه الحركة مع التزام الدول بالمادة 1 المشتركة في اتفاقيات جنيف "لاحترام وضمان احترام" القانون الإنساني الدولي، الذي يحمل المسؤولية أيضاً لدول تعتبر طرفاً ثالثاً كي تتجنب القيام بأي عمل يساعد الأطراف المتصارعة على ارتكاب الانتهاكات. لقد وافقت الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف على جعل احترام القانون الإنساني الدولي أحد المعايير الرئيسية التي يعتمد عليها قرار السماح بتمرير الأسلحة في المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في 2003. ويوجد لدى بعض الحكومات، بما في ذلك الحكومات الملتزمة بمدونة سلوك الاتحاد الأوروبي في تصدير الأسلحة، وسائل لتطبيق هذه الالتزامات. إن المملكة المتحدة، إضافة إلى بلدان أخرى، تدعم توسيع المدونة الأوروبية لتغطي تمرير الأسلحة وتدعم جعل المدونة ملزمة. إن عليها العمل وفق ذلك بوصفها سياسة الدولة.
[5] انظر المصدر السابق.
[6] ستيفن فاريل، "المزيد من الدماء البريئة تسفك مع تصاعد العدوان الإسرائيلي"، التايمز (لندن)، 28 يوليو/تموز، 2006.
[7] جيش الدفاع الإسرائيلي، "تحذيرات ملقاة لحماية المدنيين في جنوب لبنان"، 19 يوليو/تموز 2006.
[8] سي إن إن، "غرفة المتابعة"، بث 19 يوليو/تموز 2006.
[9] مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش مع قريب أحد ضحايا قافلة مروحين، تم حجب اسمه، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006.
[10] المصدر السابق.
[11] سابرينا تافرنايز، "المسيحيون الفارون من لبنان يدينون حزب الله"، نيويورك تايمز، 27 يوليو/تموز 2006.
[12] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع مسئول من عين إبل، بيروت، 28 يوليو/تموز 2006.
[13] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فاطمة موسى، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006.
[14] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فاطمة موسى، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006، مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى محمد عيد، بيروت، 23 يوليو/تموز 2006، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الحسن ابراهيم نجدي، بيروت، 23 يوليو/تموز 2006.
[15] جيش الدفاع الإسرائيلي، "أهداف جيش الدفاع الإسرائيلي في جنوب لبنان"، 13 يوليو/تموز 2006.
[16] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فاطمة موسى، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006.
[17] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر محمد أحمد، بيروت، 21 يوليو/تموز 2006.
[18] المصدر السابق.
[19] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد الرز، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي الرز، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006.
[20] المصدر السابق. تم نقل جثماني الكويتيين لدفنهما في الكويت، في حين تم دفن أفراد عائلة زين في صور.
[21] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناشط حقوق إنسان لبناني طلب عدم الكشف عن اسمه، 25 يوليو/تموز 2006.
[22] "إفطار مأساوي لاثني عشر فرداً من أسرة واحدة في زبقين"، وكالة الأنباء الفرنسية، 13 يوليو/تموز 2006.
[23] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاشم قاظان، بيروت، 23 يوليو/تموز 2006.
[24] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شاهد تم حجب اسمه، 23 يوليو/تموز 2006.
[25] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاشم قاظان، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006.
[26] المصدر السابق.
[27] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي رزاق، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006.
[28] المصدر السابق.
[29] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال حسن علاوي، بيروت، 24 يوليو/تموز 2006.
[30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زكريا محمد عباس، 25 يوليو/تموز 2006، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال حسن علاوي، بيروت، 24 يوليو/تموز 2006.
[31] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال حسن علاوي، بيروت، 24 يوليو/تموز 2006.
[32] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زكريا محمد عباس، 25 يوليو/تموز 2006.
[33] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد حسين محفوظ، بيروت، 25 يوليو/تموز 2006.
[34] حكومة إسرائيل، تصريح صحفي، 19 يوليو/تموز 2006.
[35] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول الدفاع المدني عبد الرؤوف غرادي، صور، 1 أغسطس/آب 2006.
[36] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زكريا علم الدين، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006؛ ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع عابد المحسن، بيروت، 22 يوليو،تموز 2006.
[37] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول رفيع في الدفاع المدني، بيروت،28 يوليو/تموز 2006؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زكريا علم الدين، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006
[38] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زكريا علم الدين، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006.
[39] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع أحد مسئولي مستشفى صور الحكومي، بيروت، 29 يوليو/تموز 2006.
[40] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول الدفاع المدني عبد الرؤوف غرادي، صور، 1 أغسطس/آب 2006.
[41] قال صحفيٌّ دخل ذلك المبنى لهيومن رايتس ووتش أنه شاهد ما يظنه بقايا بشرية عالقة بين أنقاض الطوابق العليا المنهارة من المبنى.
[42] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول رفيع في الدفاع المدني، بيروت، 28 يوليو/تموز 2006.
[43] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول في الدفاع المدني، صور، 1 أغسطس/آب 2006.
[44] المادة 62 من البروتوكول الإضافي رقم 1 الملحق باتفاقيات جنيف.
[45] المادة 65 من البروتوكول الإضافي رقم 1 الملحق باتفاقيات جنيف.
[46] ومن شأن تنفيذ "أعمال تضر بالعدو" تحت غطاء الدفاع المدني أو الاستفادة من الحماية التي يحظى بها أن تشكل جريمة حرب أيضاً.
[47] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول رفيع في الدفاع المدني، بيروت، 28 يوليو/تموز 2006.
[48] تصريح ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، "خلاصة بعمليات جيش الدفاع الإسرائيلي في لبنان يوم 16 يوليو/تموز 2006".
[49] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال حسن علوية، بيروت، 23 يوليو/تموز 2006.
[50] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع شاهدٍ تم حجب اسمه، 29 يوليو/تموز 2006.
[51] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال حسن علوية، بيروت، 23 يوليو/تموز 2006.
[52] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى محمد عيد، بيروت، 24 يوليو/تموز 2006.
[53] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قاسم مصطفى نزال، صريفا، 31 يوليو/تموز 2006.
[54] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسين نزال، صريفا، 31 يوليو/تموز 2006.
[55] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى محمد عيد، بيروت، 24 يوليو/تموز 2006.
[56] المصدر السابق.
[57] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد خليل فقيه، ومقابلتها مع محمود خليل فقيه، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006.
[58] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عصام كاور، بيروت، 24 يوليو/تموز 2006.
[59] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع شاهدٍ تم حجب اسمه، 29 يوليو/تموز 2006.
[60] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسين نزال، صريفا، 31 يوليو/تموز 2006.
[61] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع رون رومان، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 23 يوليو/تموز 2006.
[62] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مريم الخالد (شقيقة داوود الخالد)، بيروت، 26 يوليو/تموز 2006.
[63] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد علي، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006؛ انظر أيضاً التصريح الصحفي الصادر عن هيومن رايتس ووتش: "القذائف العنقودية الإسرائيلية تصيب المدنيين في لبنان"، 24 يوليو/تموز 2006.
[64] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إكرام نمر إبراهيم، بيروت، 28 يوليو/تموز 2006.
[65] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع فاطمة ترمس وآخرين من أفراد العائلة، بيروت، 22 يوليو/تموز 2006.
[66] المصدر السابق.
[67] تصريح صحفي صادر عن اليونيفيل، 26 يوليو/تموز 2006.
[68] المصدر السابق.
[69] "الأمين العام يشعر بالصدمة بفعل الهجوم الإسرائيلي المنسق على مركز لمراقبي الأمم المتحدة في لبنان، والذي قتل فيه اثنان من قوات حفظ السلام"، تصريح صحفي صادر عن قسم المعلومات العامة في الأمم المتحدة، 25 يوليو/تموز 2006. وقد ارتفعت حصيلة القتلى لتصبح أربعة فيما بعد.
[70] بيان صادر عن ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، "حول مركز الأمم المتحدة قرب الخيام"، 26 يوليو/تموز 2006.
[71] رافي نيسمان، "تقرير: نداءات مراقبي الأمم المتحدة تواجه بعدم الاكتراث"، أسوشييتد برس، 26 يوليو/تموز 2006.
[72] وارن هوغ، "تقول الأمم المتحدة أنها احتجت لدى إسرائيل على الهجوم الذي دام ست ساعات وقتل فيه أربعة مراقبين في لبنان"، نيويورك تايمز، 27 يوليو/تموز 2006؛ و"كان أنان يفضل تحقيقاً مشتركاً مع إسرائيل في حادثة مركز الأمم المتحدة ـ رسالة"، مركز أنباء الأمم المتحدة، 31 يوليو/تموز 2006.
[73] اليونيفيل، تصريح صحفي، 25 يوليو/تموز 2006.
[74] اليونيفيل، تصريح صحفي، 17 يوليو/تموز 2006.
[75] اليونيفيل، تصريح صحفي، 20 يوليو/تموز 2006.
[76] اليونيفيل، تصريح صحفي، 17 يوليو/تموز 2006.
[77] المصدر السابق.
[78] نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، المادة 8 (2) (ب) (3).
[79] في 20 يوليو/تموز، قالت اليونيفيل أن حزب الله أطلق النار من أماكن شديدة القرب إلى مواقع الأمم المتحدة في الناقورة ومارون الراس؛ وهذا ما استدعى رداً إسرائيلياً. (تصريح صحفي لليونيفيل، 20 يوليو/تموز 2006). وفي 25 يوليو/تموز، أطلق حزب الله النار من أماكن شديدة القرب من أربعة مراكز للأمم المتحدة في علما الشعب وتبنين وبرعشيت والطيرة. (تصريح صحفي لليونيفيل، 26 يوليو/تموز 2006).
[80] مقابلة قناة الجزيرة مع د. عصام ماتوني، 30 يوليو/تموز 2006.
[81] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد محمود شلهوب، قانا، 31 يوليو/تموز 2006.
[82] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع غازي عيداجي، قانا، 31 يوليو/تموز 2006.
[83] "إسرائيل توقف الغارات الجوية بعد مجزرة قانا"، وكالة الأنباء الفرنسية، 31 يوليو/تموز 2006.
[84] ديان ياتس، "إسرائيل تأسف لمقتل المدنيين في قانا لكنها تتعهد بمواصلة الحرب"، رويترز، 30 يوليو/تموز 2006.
[85] يوآف شتيرن، يوفال يواز، عاموس هاريل، "ليفني تقول: الهجوم على قانا يؤدي إلى بدء تراجع تأييد إسرائيل"، نسخة هاآرتس الإلكترونية، 1 أغسطس/آب 2006، متوفرة اعتباراً من 1 أغسطس/آب على الرابط:
http://www.haaretz.com/hasen/pages/ShArtVty.jhtml?sw=livni+qana&itemNo=745185
[86] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صالح إبراهيم غنام، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006.
[87] أنتوني شديد، "سكان المدينة المحاصرة يشعرون بأنهم تركوا لمواجهة الموت"؛ واشنطن بوست، 21 يوليو/تموز 2006.
[88] الجيش الإسرائيلي، "جيش الدفاع الإسرائيلي ينذر سكان جنوب لبنان بإخلاء منازلهم والتوجه شمالاً"، 28 يوليو/تموز 2006.
[89] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد حسين محفوظ، بيروت، 24 يوليو/تموز 2006.
[90] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منال حسن علوية، بيروت، 23 يوليو/تموز 2006.
[91] نيكولاس بلانفورد، "سكان الجنوب يواجهون مشقات كبيرة في بحثهم عن الأمان"، ديلي ستار (لبنان)، 24 يوليو/تموز 2006.
[92] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع جورج كيتاني، منسق النشاطات الميدانية في الصليب الأحمر اللبناني، 25 يوليو/تموز 2006.
[93] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قريبٍ لأحد ضحايا قافلة مروحين (تم حجب اسمه)، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006.
[94] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صالح إبراهيم غنام، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006.
[95] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الناطق باسم اليونيفيل ميلوش ستروغار، 16 يوليو/تموز 2006.
[96] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع الصحفي، 16 يوليو/تموز 2006.
[97] المصدر السابق.
[98] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صالح إبراهيم غنام، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006.
[99] حسن فتاح، "محاولين الهروب من القذائف الإسرائيلية، الأحياء يتركون الجثث خلفهم"، نيويورك تايمز، 21 يوليو/تموز 2006.
[100] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع د. هاشم زين، صور 1 أغسطس/آب 2006. انظر أيضاً أنتوني شديد، "السماء تمطر رعباً من جديد فوق اللبنانيين الهاربين: مقتل كثير من اللاجئين بفعل صواريخ الحوامات"، واشنطن بوست، 24 يوليو/تموز 2006؛ ميغان ك. ستاك، "خسائر لا تصدق، الرعب أثناء هرب المدنيين من الصواريخ"، لوس أنجلوس تايمز، 24 يوليو/تموز 2006؛ تيم باتشر، "كل سيارةٍ تتحرك تصبح هدفاً مع تشديد الإسرائيليين أعمالهم العسكرية"، ديلي تلغراف، 24 يوليو/تموز 2006؛ ثاناسيس كامبانيس، "العائلات اللبنانية الهاربة تتعرض لخسائر فادحة في طريقها إلى بر الأمان"، بوسطن غلوب، 24 يوليو/تموز 2006.
[101] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي جعفر، صور، 1 أغسطس/آب 2006.
[102] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي جعفر، صور، 1 أغسطس/آب 2006. انظر أيضاً رياض الرافع، "نجاة رجلٍ طيّب من غارة بعد إنقاذه عدداً من الجرحى: نجاة 8 ركاب من سيارة محترقة"، ديلي ستار (لبنان)، 25 يوليو/تموز 2006؛ باتشر، "كل سيارةٍ تتحرك تصبح هدفاً مع تشديد الإسرائيليين أعمالهم العسكرية"، ديلي تلغراف، 24 يوليو/تموز 2006.
[103] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منتهى شيطا، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006؛ ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصباح شيطا، بيروت 27 يوليو/تموز 2006.
[104] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصباح شيطا، بيروت، 27 يوليو/تموز 2006.
[105] المصدر السابق.
[106] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حُسْن السيد، شقيقة حسن؛ ومع حسين عقيل (زوج حُسن)، بيروت، 26 يوليو/تموز 2006.
[107] مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع جورج كيتاني، منسق النشاطات الميدانية في الصليب الأحمر اللبناني، 25 يوليو/تموز 2006؛ ميغان ك. ستاك، "الحرب في الشرق الأوسط: الصواريخ الإسرائيلية تستهدف الفرق الطبية"، لوس أنجلوس تايمز، 25 يوليو/تموز 2006.
[108] نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، المادة 8 (2) (ب) (24).
[109] ديفيد كلارك، "عمال الإغاثة يقولون: الممرات الإنسانية ليست إلا سراباً"، رويترز، 29 يوليو/تموز 2006.
[110] "لبنان: زيادة حادة في الاستجابة الإنسانية من جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، تصريح صحفي، 28 يوليو/تموز 2006.
[111]اتفاقية جنيف الأولى "لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان"؛ اتفاقية جنيف الثانية "لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار"؛ اتفاقية جنيف الثالثة "بشأن معاملة أسرى الحرب"؛ اتفاقية جنيف الرابعة "بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب".
[112] المواد 48 و51.2 و52.2 من البروتوكول الإضافي الأول.
[113] المادة 51.2 من البروتوكول الإضافي الأول.
[114] المادة 51.6 من البروتوكول الإضافي الأول.
[115] المادة 51.4 من البروتوكول الإضافي الأول.
[116] المادة 51.4(أ) من البروتوكول الإضافي الأول.
[117] المادة 51.5 (أ) من البروتوكول الإضافي الأول.
[118] نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، المادة 8 (2) (ب) (4)، جرائم الحرب المتعلقة بالخسائر التبعية المفرطة في الأرواح، أو بالإصابات، أو الأضرار.
[119] المادة 57 من البروتوكول الإضافي الأول.
[120] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "ملاحظاتٌ على البروتوكولين الإضافيين"، ص 681 - 682.
[121] المادة 52 من البروتوكول الإضافي الأول.
[122] المصدر السابق.
[123] المادة 57.2 من البروتوكول الإضافي الأول.
[124] المادة 57.3 من البروتوكول الإضافي الأول.
[125] المادة 57.2 (ب) ("الإحتياطات أثناء الهجوم") من البروتوكول الإضافي الأول.
[126] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ملاحظات على البروتوكولات الإضافية، ص 684.