فاز المخرج الإيراني أصغر فرهادي هذا الأسبوع بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية عن فيلمه "البائع"، وهي الثانية له. اختار فرهادي وطاقم فيلمه عدم حضور الحفل في لوس أنجلس احتجاجا على حظر التأشيرات الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب على مواطني 7 دول، من بينها إيران. رحب معجبوه من جميع أنحاء العالم، وبعض المسؤولين الإيرانيين، بخطاب قبوله الجائزة الذي أظهر فيها تعاطفه ورفضه "عقلية نحن وهم". نشر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف تغريدة على تويتر: "أنا فخور بطاقم فيلم البائع لنيلهم الأوسكار، وموقفهم ضد حظر المسلمين. مثّل الإيرانيون الثقافة والحضارة منذ آلاف السنين".
يستحق فيلم فرهادي الثناء الذي تلقّاه وأكثر، كما أن للسينما الإيرانية سمعة عريقة، استحقتها بجدارة لتقديمها وجهة نظر دقيقة وقوية عن المجتمع الإيراني. لكن يتشدّق المسؤولون الإيرانيون بالتفاخر على الساحة الدولية، بينما دعمهم الخطابي لا يُترجم إلى احترام صانعي الأفلام في بلادهم، حيث ضايقوا وسجنوا المخرجين السينمائيين وغيرهم من الفنانين بسبب أعمال لم تعجبهم.
بينما كان الحديث عن قوة السينما لتعزيز التسامح والتنوع أمام العالم، لا يزال المخرج كيوان كريمي (31 عاما) يقضي حكما بالسجن لعام بتهمة "إهانة المقدسات" عن فيلمه الوثائقي "الكتابة على المدينة" (نوشتن بر شهر)، عن الكتابة على الجدران في شوارع طهران. اعتدى زملاء كريمي في سجن إيفين بطهران عليه بالضرب هذا الأسبوع، ما أسفر عن اصابة ساقه حسب تقارير.
كريمي ليس الوحيد، حيث اعتقلت السلطات المخرج الشهير جعفر بناهي بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009، بتهمة محاولته صنع فيلم عن الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات. حكمت "المحكمة الثورية" في طهران على بناهي بالسجن 6 سنوات، والحظر 20 عاما على جميع أنشطته الفنية، في ديسمبر/كانون الأول 2010. لم تنفّذ الحكومة حكم السجن على بناهي إثر انتقادات دولية، إلا أنها أبقت على الحظر، ما اضطره إلى صناعة الأفلام دون تصريح رسمي.
يمكن لصُنّاع السينما هؤلاء أن يكونوا رسلا فعالين للتنوع والمواهب في إيران اليوم. إلا أن وضعهم يثير الشك في التزام الحكومة الإيرانية المعلن بدعم "ثقافة وحضارة" البلاد التي عمرها آلاف السنين، ما لم تتوقف عن مراقبتهم وسجنهم.