Skip to main content

 في وقت سابق من هذا العام وأثناء إجرائي مقابلاتٍ مع السجناء في مبنى الشعبة الخامسة،  للمحكوم عليهم بالإعدام في بغداد، التقيت امرأة تبلغ 52 عاماً، وهي واحدة من آلاف السجناء الذين سلمتهم الولايات المتحدة إلى السلطات العراقية عندما غادرت القوات الأمريكية منذ ما يقرب من عامين.أرتني المرأةالندوب الناتجة عن ممارسات قوات الأمن من الحرق بالسجائر والصدمات الكهربائية والضرب الشديد حتى أنها كانت لا تزال تستخدم العكازات بعد ثلاث سنوات.

أعلنت محكمتان براءتها من تهم الإرهاب الموجهة ضدها، ويرجع ذلك جزئياً إلى تقرير طبي يوثق التعذيب الشديد الذي أدى إلى اعترافاتها. وبرغم ذلك، فقد ألغت محكمة ثالثة هذه الأحكام وحكمت عليها بالإعدام في أواخر العام الماضي على أساس "أدلة سرية قدمها الأمريكيون".

كانت هذه السيدة من بين 42 سجينا أُعدموا في سبتمبر/أيلول في العراق خلال يومين.

يتواجد رئيس الوزراء نوري المالكي في واشنطن هذا الأسبوع ليطلب من الرئيس أوباما طائرات حربية وطائرات بدون طيار، وغيرها من المساعدات لجهود العراق في مكافحة الارهاب. يجب على الرئيس توجيه رسالة واضحة أن هذا النوع من المساعدة التي يسعى إليها المالكي غير ممكنة طالما استمرت قواته الأمنية بممارسة التعذيب على نطاق واسع وباسم مكافحة الإرهاب في كثير من الأحيان.

يبدو نداء رئيس الوزراء المالكي للمساعدة في مكافحة الإرهاب معقولاً، في ضوء الأهوال اليومية التي يواجهها العراقيون من تفجيرات السيارات الملغّومة والهجمات الانتحارية. لكن الحكومة العراقية تُخضع شعبها لانتهاكات فظيعة ساعدت على تغذية حلقة مفرغة من العنف، وذلك باستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين وتعذيب الرجال والنساء المعتقلين إثر حملات الاعتقالات العشوائية. عندما زرت السجن المركزي للنساء ومركز المحكوم عليهم بالإعدام، رأيت علامات جسدية للتعذيب على أكثر من عشرين امرأة، اعتقل معظمهن بتهمة الإرهاب، فقط على أساس قرابتهن للذكور المطلوبين من أفراد أسرهم.

مع بدء العد التنازلي لرحيلها من العراق في عام 2011، تجاهلت الولايات المتحدة الأدلة المتاحة على نطاق واسع أن قوات الأمن العراقية التابعة مباشرة لرئيس الوزراء تحتجزوتعذب المنتقدين السلميين للحكومة، واعتقلت مئات آخرين في سجن سري في بغداد. خلال زيارة المالكي في كانون الأول 2011، أشاد أوباما بـ"مهاراته القيادية ". وفور عودته إلى بلاده، أمر المالكي باعتقال نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وعدد من العاملين معه، توفي واحدٌ منهم رهن احتجاز الشرطة وتبدو علامات التعذيب على جثته.

أدى الصمت الأمريكي العام عن هذه الانتهاكات إلى تشجيع المالكي والإخفاقفي المساهمة في عراقٍ أكثر أمناً. قال لي كثيرٌ من العراقيين الشيعة والسنة على حد سواء، إن الفشل في محاسبة المسؤولين عن جرائم مثل التعذيب يسهم في المزيد من عدم الاستقرار ويفاقم التوترات الطائفية ويستقطب سكان العراق. كما يرى الناس في المناطق السنية أن الفشل في مساءلة قوات الأمن التي يهيمن عليها الشيعة بمثابة تأكيد أن السياسات الحكومية لا تزال متجذرة في الطائفية.

قد تكون الولايات المتحدة تدعم القوات العراقية المتورطة في هذه الانتهاكات، ففي أوائل عام 2013، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال معلومات من مسؤولين أمريكيين عندما أفادت أن وكالة الاستخبارات المركزية وموظفين أخرين من الاستخبارات الأمريكية كانوا يتعاونون مع قوات الأمن العراقية التي يُزعم أنها ارتكبت انتهاكات، وخاصة جهاز مكافحة الإرهاب. جاء الدعم لهذه القوات بشكلٍ أقل مباشرة، ولكن ليس بأقل قدرا، على شكل مليارات الدولارات من المعدات العسكرية قدمتها الولايات المتحدة إلى قوات الأمن التي غذت قسوتها العنف في العراق، بدلا من إخماده.

إن على أوباما أن يتعامل مع العراق باسم الأمن، ولكن هذا يعني التصدي لكارثة حقوق الإنسان التي تهز أسس البلاد. كما يجب على الولايات المتحدة الكف فوراً عن أي تعاون من قبل وكالة الاستخبارات المركزية وغيرها من عناصر الاستخبارات أو العناصر الأمنية الأمريكية أو المرتبطة بالولايات المتحدة مع قوات الأمن العراقية التي تدور حولها مزاعم ذات مصداقية بشأن الانتهاكات. ويجب على الرئيس رفض دعم المالكي بالأسلحة وجهود مكافحة الإرهاب حتى تأخذ حكومته خطوات واضحة ولافتة لوضع حد للانتهاكات واسعة الانتشار مثل التعذيب، بما في ذلك محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

في 30 أكتوبر/تشرين الأول، أعربت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ عن قلقهم للرئيس أوباما حول مساهمة رئيس الوزراء المالكي "بسوء إدارته للسياسة العراقية" في إغراق العراق في العنف، ولكن رغم ذلك اقترحوا مساعدة الولايات المتحدة للعراق في جهودها لمكافحة الإرهاب، بينما يتبنى رئيس الوزراء استراتيجية لحل مشاكل الحكم في العراق. ولسوء الحظ لم ينتبهوا إلى العلاقة المترابطة بين ما وصفوه بـ"الأجندة الطائفية الاستبدادية" للمالكي في تدابير مكافحة الإرهاب في العراق و"الوضع الأمني ​​المتدهور".

وبما أنه ليس هناك ما يدل على نية المالكي القيام بإجراء إصلاحاتٍ حقيقية لاستيعاب المجتمعات السنية والكردية التي حيّدتها سياساته التعسفية، فإنه لا يوجد ما يوحي أن المساعدات الأمنية الأمريكية ستحقق الاستقرار والأمن في العراق. والبديل الوحيد هو تحميل المالكي المسؤولية علناً حتى يتم استيفاء هذه الشروط.

دعا المالكي الولايات المتحدة هذا الأسبوع إلى مساعدة العراق في "السير على الطريق نحو الديمقراطية والأمن." ولكن سجلّ حكومته يشير إلى أنه ماض في الاتجاه الخاطئ تماماً.

إرين إيفرز باحثة هيومن رايتس ووتش في العراق. لمتابعتها على تويتر @ ErinHRW

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.