Skip to main content

رسالة إلى رئيس الوزراء الأردني الطراونة حول رفض تمويل أجنبي لمنظمة أردنية غير حكومية

معالي الدكتور فايز الطراونة

رئيس الوزراء

عمان

المملكة الأردنية الهاشمية

 

دولة رئيس الوزراء،

أرجو أن تتفضلوا بقبول أخلص الأماني بمناسبة حلول شهر رمضان.

تبعث لسيادتكم هيومن رايتس ووتش بهذه الرسالة للتعبير عن قلقها العميق تجاه قرار مجلس الوزراء مؤخرا برفض تمويل أجنبي لمنظمة أردنية غير حكومية.

وكان مركز "تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية مسجلة في الأردن، قد تقدم في 19 يونيو/حزيران بطلب للحصول على تمويل بمبلغ قدره 350 ألف دولار أمريكي (250 ألف دينار أردني) من أربعة ممولين دوليين:

  • مؤسسات المجتمع المفتوح The Open Society Foundations)، وهي مؤسسة دولية تعمل على بناء ديمقراطيات متسامحة بحكومات قابلة للمساءلة،
  • مؤسسة المستقبل (The Foundation for the Future)، وهي مؤسسة دولية تُعنى بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط عبر تقديم الدعم للمجتمع المدني، ويوجد في مجلس إدارتها الوزير الأردني السابق وعضو البرلمان الدكتور كمال أبو جابر،
  • منظمة برو فيكتيمز (Pro Victimis)، وهي مؤسسة سويسرية تقدم الدعم للمنظمات غير الحكومية التي تعمل مع الفئات السكانية الأكثر حرمانًا والتي لا تتلقى عناية كافية،
  • منظمة آيراكس (IREX)، وهي منظمة دولية تعمل على تعزيز جودة التعليم ووسائل الإعلام المستقلة.

ولكن مجلس الوزراء قرر في 27 يونيو/حزيران عدم الموافقة على حصول مركز تمكين على تمويل من هذه المؤسسات دون أن يشرح سبب قراره.

وأعطى قانون عام 2008 للمنظمات غير الحكومية لأول مرة المسؤولين الحكوميين سلطة رفض حصول منظمات غير حكومية أردنية على تمويل أجنبي. وعلى حدّ علمنا، فان القرار الذي اتخذته الحكومة مؤخرًا هو أول رفض تم اتخاذه بموجب هذا القانون. ويثير هذا الرفض مخاوفنا من أن تسيء الحكومة استعمال سلطاتها لأن هذا القانون يتعارض مع الحق في تكوين الجمعيات الذي تحميه المواثيق الدولية.

وكنا قد راسلنا سنة 2008 نادر الذهبي، رئيس الوزراء السابق، وأشرنا إلى أن هذه الإجراءات تستهدف منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية التي تحصل على تمويل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك الفروع الأجنبية لمنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية الدولية و مراكز البحوث، وهي المنظمات الأكثر انتقادًا للسياسات الحكومية.

كما كررناالتعبير عن قلقنا في بداية 2009، في الوقت الذي كانت تُناقش فيه تعديلات قانون عام 2008، من أن "قانون الجمعيات لعام 2008 المطبق حاليًا والتعديلات المقترحة لعام 2009 لا تفي بالكامل بالمعايير [الدولية]". ونحن نعتقد أن التعديلات المقترحة سوف تواصل فرض قيود خانقة على التمويل الأجنبي كما أتى بذلك قانون عام 2008. وكنا قد كتبنا في ذلك الوقت أن "شرعية كيفية استخدام التمويل يجب أن تكون هي مثار اهتمام الحكومة الأردنية، وليس هوية من يوفر التمويل".

وتنص المادة 17.ج.1 من القانون الحالي على أن تقوم المنظمات غير الحكومية الأردنية الراغبة في الحصول على تمويل أجنبي بإشعار الحكومة، وتحديد مصدر التمويل، وطريقة استلامه مثل التحويلات البنكية، وكذلك الهدف منه والشروط الخاصة التي قد تكون مصاحبة له. وأمام الحكومة 30 يومًا للرد على ذلك، وليس عليها تبرير رفض أي تمويل أو تبرع. ويمكن للمنظمة غير الحكومية استئناف قرار الرفض أمام محكمة العدل العليا.

كما أكدنا في سياق تعليقاتأخرى كنا قد أرسلناها إلى هالة لطوف، وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة، على أنه يتعين على الحكومة تقديم التبريرات الكافية لقراراتها في إطار قانوني محدد يمكن للمواطنين الاعتراض عليه أمام المحاكم.

ويبرز رفض مجلس الوزراء حصول مركز تمكين على التمويل الأساس الذي تستند عليه مخاوفنا من أن ترتكب الحكومة مخالفات في حق منظمات غير حكومية معينة.

وتوجد في الأردن مكاتب لمنظمة مؤسسات المجتمع المفتوح (The Open Society Foundations) ومنظمة آيراكس (IREX). كما قامت منظمة مؤسسات المجتمع المفتوح ومؤسسة المستقبل (Foundation for the Future) بدعم أعمال قام بها مركز تمكين.

وقام مركز تمكين بأعمال تعتبر سابقة في الأردن، وقدم المشورة القانونية المجانية للعمال المهاجرين هناك خلال الأربع سنوات الماضية، وخاصة عاملات المنازل من أصول آسيوية وعمال الزراعة المصريين. وفي 2010، أسست هيومن رايتس ووتش شراكة مع مركز تمكين لبحث مدى التزام السلطات الأردنية بتنفيذ الإجراءات الحمائية الجديدة الخاصة بعاملات المنازل التي تم إقرارها ما بين 2008 و2010. وفي سبتمبر/أيلول 2011، أصدرنا تقريرًا مشتركًا عنوانه "ظلم في الدار: فشل التشريعات والمسؤولين وأرباب العمل ومكاتب الاستقدام في الأردن في حماية عاملات المنازل الوافدات المظلومات"، الذي أشاد بالأردن لدوره الريادي في المنطقة فيما يخص وضع إجراءات حمائية لعاملات المنازل، ولكنه انتقده لعدم تنفيذها و عدم معالجة بقية الثغرات القانونية.

وتم تأكيد النتائج التي توصلنا إليها في تقريرنا بنتائج تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2012 حول المتاجرة بالبشر ـ الأردن، الذي صدر في يونيو/حزيران 2012. وخلُص التقرير إلى تعرض بعض عاملات المنازل " لظروف العمل القسري بعد وصولهن، بما في ذلك تعرضهن لممارسات مثل الاحتجاز غير القانوني لجوازات السفر، والقيود المفروضة على الحركة، وعدم دفع الأجور، والتهديد بالسجن، والاعتداء البدني أو الجنسي".

وفي ما يتعلق بالإجراءات الأردنية الرسمية، يقول التقرير إن الحكومة بذلت "حدًا أدنى من الجهود لحماية ضحايا الاتجار بالبشر" وأن "مسؤولي الشرطة لا ينظرون دائمًا إلى حجز جوازات السفر وعدم دفع الأجور كمؤشرات للإتجار بالبشر". إضافة إلى ذلك "أنجزت الحكومة القليل لتنفيذ خطة العمل الوطنية لمكافحة الإتجار... وأخفقت في فرض انظمتها التي توفر معايير لتوظيف عاملات المنازل ومكاتب استقدام العاملة".

وكانت التمويلات الأجنبية لمركز تمكين مخصصة لمشاريع تهدف في جزء منها إلى تقليص ثغرات حماية عاملات المنازل، مثل توفير تذاكر سفر لعاملات المنازل اللاتي تقطعت بهن السبل وصرن غير قادرات على العودة إلى بلدانهن. وشملت الأنشطة المقترحة الأخرى تدريب قضاة ومحامين ومسؤولين أمنيين أردنيين على تطبيق قوانين حماية العمال، وتقديم النصح القانوني وتمثيل العمال المهاجرين الذين تتعرض حقوقهم للانتهاك، وتسهيل الرعاية الطبية للعمال الوافدين، ونشر الوعي بحقوقهم، وتوثيق الانتهاكات التي يتعرضون إليها، وإنشاء موقع الكتروني يُعنى بالمشاكل التي تواجهها العمالة الوافدة في الأردن.

كل هذه الأنشطة شرعية ولا يمكن اعتبارها تهديدًا "للنظام العام أو الآداب"، وهما الشرطان اللذان تنص عليهما المادة 17.ب.1 من قانون الجمعيات لعام 2008 كي تتم الموافقة على التبرعات الأجنبية.

دولة رئيس الوزراء، إننا ندعوكم إلى إعادة عرض قرار رفض التمويل الأجنبي لمركز تمكين على مجلس الوزراء في أسرع وقت، وذلك لاحترام التزامات الأردن بحماية الحق في حرية تكوين الجمعيات، ولتعزيز الجهود التشريعية لحماية حقوق العمالة المهاجرة في المملكة.

مع فائق الاحترام، 

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة