Skip to main content

مصر: عام من الاعتداءات على حرية التعبير

يجب وقف الاعتداءات على الصحفيين وإلغاء القوانين التي تقيد حرية التعبير

(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن مناخ حرية التعبير في مصر تدهور منذ خلع حسني مبارك قبل عام. على المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم مصر أن يتحرك سريعاً لإنهاء اعتداءات قوات الأمن على الصحفيين. لابد أن يعمل المجلس على وقف الملاحقات القضائية التي تستند إلى قوانين تنتهك حرية التعبير، وعلى البرلمان أن يُلغي هذه القوانين سريعاً.

في مثال حدث مؤخراً، حكمت محكمة جُنح بالقاهرة في 26 ديسمبر/كانون الأول 2011 على الناشط جابر السيد جابر بالسجن عاماً بتهمة توزيع منشورات في مسيرة جماهيرية في القاهرة. تورطت قوات الأمن في أعمال ضرب قاسية واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين في القاهرة وحاولت منع الصحفيين عن تغطية هذه الوقائع. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الإجراءات من هذا النوع كانت من أبرز سمات حُكم مبارك الذي دام 30 عاماً، لكن تم استخدامها بشكل متكرر وزائد على مدار العام الذي تولى فيه المجلس العسكري السلطة، بدءاً من 11 فبراير/شباط 2011.

وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "شهد العام الماضي اعتداءات مقلقة على حرية التعبير. لم يتعرض من انتقدوا الحكم العسكري للتهديدات البدنية والقانونية فحسب، بل أيضاً تعرض لها من نقلوا هذه الأصوات المعارضة إلى الرأي العام".

شملت انتهاكات الحق في حرية التعبير محاكمات عسكرية للمتظاهرين والمدونين، وإجراءات استجواب للصحفيين والنشطاء جراء انتقاد الحكم العسكري، وتجميد تراخيص القنوات الفضائية الجديدة، وإغلاق مقر لقناة الجزيرة. وفي قضيتين بارزتين، يواجه رجل الأعمال نجيب ساويرس وفنان الكوميديا الشهير عادل إمام، اتهامات بإهانة الدين بموجب قوانين تعسفية فضفاضة تعود إلى عهد مبارك.

وثقت هيومن رايتس ووتش عدداً من اعتداءات قوات الأمن على الصحفيين أثناء مظاهرات، وتدمير معدات إخبارية يملكها الإعلام، وذلك منذ وصول المجلس العسكري إلى السلطة. هذه الجهود الرامية لعرقلة بث المظاهرات جاءت إثر شهور من جهود تقييد النشطاء الذين يستخدمون المنافذ الإعلامية المستقلة.

أفادت لجنة حماية الصحفيين بوقوع 50 احتجازاً واعتداءً على صحفيين في شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول فقط، وهي إجراءات "تؤدي عملاً إلى الرقابة على تغطية المظاهرات القائمة في القاهرة". وصنفت منظمة مراسلون بلا حدود مصر في المرتبة 166 على مؤشر حرية الصحافة في عام 2011، وهو تدهور كبير بعد أن كانت مصر تحتل المركز 127 في عام 2010، وذلك لأن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة... حطم آمال الساعين للديمقراطية باستمراره في ممارسات مبارك الديكتاتورية".

كما استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة والقاتلة أحياناً في تفريق سلسلة من المظاهرات والاعتصامات، وفيها حاول الناس ممارسة حقهم في حرية التعبير وحرية التجمع.

وقال جو ستورك: "يبدو أن المجلس العسكري يقاضي الصحفيين دون وجه حق كي يشتت الأنظار عن القسوة التي تمارسها قوات الأمن مع الإعلام".

كثيراً ما لجأت حكومة مبارك إلى استخدام أحكام فضفاضة ومبهمة في قانون العقوبات لقمع انتقاد سجل حقوق الإنسان الحكومي أو الوضع السياسي. في العام الماضي حوكم محررين وقيادات معارضة ونشطاء  في المحاكم العسكرية والمدنية بتهمة "إهانة السلطات" أو "إهانة المؤسسات العامة".

اعتمدت النيابة وجهات الادعاء على قوانين مبهمة وتعسفية ما زالت قائمة تحت الحكم العسكري، في معاقبة الصحفيين والنشطاء والمواطنين العاديين الذين يجرؤون على انتقاد الحكم العسكري. وفي بعض الحالات تمت مقاضاة أفراد ألفوا نكاتاً. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على البرلمان الجديد أن يعمل بحزم على إلغاء القوانين التي تخرق الحق في حرية التعبير.

وقال جو ستورك: "الحُكم على المصريين بالسجن لتأليف النكات خرق لحرية التعبير، واستهزاء بالعدالة". وتابع: "هذه القضايا تُرسل رسالة تخويف لمنتقدي الحكم العسكري ومؤيدي الإصلاح الديمقراطي، مفادها أنهم لا يمكنهم التعبير عن أنفسهم بحرية".

الاحتجاز والضرب للصحفيين والعاملين بالإعلام

قابلت هيومن رايتس ووتش ثلاثة صحفيين قالوا إنهم تعرضوا للاحتجاز والضرب على يد قوات الأمن في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2011، وصحفي منهم تعرض للضرب والاحتجاز في فبراير/شباط 2012. في جميع الحالات – على حد قولهم – كان ضباط الأمن يعرفون أنهم يعملون بالإعلام. فضلاً عن ذلك، قال ممثلان لشبكات بث تلفزيوني لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة والجيش دمروا معدات البث والتصوير الخاصة بهم، وصادروا كاميرات تلفزيونية تصور من إحدى الشقق السكنية، وهددوا طاقم تصوير بعد أن التقط صوراً لضباط من الجيش يضربون متظاهرين من الرجال والنساء في ميدان التحرير في ديسمبر/كانون الأول.

في 4 فبراير/شباط احتجز أعوان أمن الدولة وضربوا مصطفى علاء الدين، وهو مراسل ومصور لشبكة رصد الإخبارية، الصادرة على الإنترنت، وذلك على حد قول مصطفى لـ هيومن رايتس ووتش. قال إن الأمن المركزي سمح له بتجاوز خطوطه قرب وزارة الداخلية أثناء الاضطرابات، كي يسأل عن زميل له كانوا قد احتجزوه. تحدث إلى ضابط جيش وأخبره عن جهة العمل التي يتبعها. أخذ الضابط الكاميرا منه ورافقه إلى زميله محمد جودت.

عندما حاول علاء الدين الاتصال برؤسائه، أخذ الضابط هاتفه المحمول وحطمه وضربه هو وجودت ببندقية إطلاق الغاز المسيل للدموع، على حد قول علاء الدين. انضم جنود أقل رتبة إلى الضرب وضربوا علاء الدين وجودت بالعصي. تم الإفراج عنهم بعد أن ضربتهم مجموعة من الجنود في الشارع بالعصي.

طلب علاء الدين إعادة كاميرته إليه، لكن الشرطة لم تعدها.

في 17 ديسمبر/كانون الأول، ضربت قوات الجيش حسن شاهين، المحرر في صحيفة البديل المستقلة، بعد أن حاول مساعدة سيدة تتعرض للتعرية والضرب، ووطأ عليه رجال في زي عسكري رسمي، على حد قول شاهين لـ هيومن رايتس ووتش. وقال إن الرجال في الزي العسكري هاجموه بالهراوات واللكمات والركلات، حتى رغم أنه راح يرجوهم أن يكفوا، قائلاً إنه صحفي. أصيب بكدمات وسحجات في الجسد والوجه.

كما تعرض صحفيون أجانب لاعتداءات. قبضت قوات الأمن على إيفان هيل، وهو منتج برامج إنترنت يعمل لصالح الجزيرة، في 16 ديسمبر/كانون الأول، فيما كان يغطي الاضطرابات في وسط القاهرة. ضربوه واحتجزوه لعدة ساعات، على حد قوله لـ هيومن رايتس ووتش.

وكتب على موقع تويتر ذلك اليوم: "ضربني جنود ورجال في ثياب مدنية بالهراوات والعصي الخشبية، وذات مرة بقضيب معدني، قبل أن يأخذوني إلى الداخل".

وفي شهادة عن احتجازه في مبنى مجلس الوزراء بالقاهرة على يد جنود في زي رسمي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول، كتب جوزيف مايتون، محرر صحيفة بيكيا مصر على الإنترنت: "أمسكوا بي وطوقوا عنقي بأيديهم، ورفعوني عن الأرض وسحلوني إلى فناء خارجي، ثم شددوا قبضتهم على عنقي. صفعوني على وجهي عدة مرات وضربوني على ظهري". مسح الجنود البيانات عن حاسبه الآلي، وأخذوا بطاقة الذاكرة من الكاميرا الخاصة به قبل تسليمه الاثنين، على حد قوله. ظل محتجزاً لمدة 10 ساعات.

لم تقتصر الاعتداءات البدنية على القاهرة. قام رجال في ثياب مدنية بمشاركة الشرطة في اعتداءها على سعيد شحاتة، المصور الصحفي في أخبار الحياة، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني فيما كان يلتقط صوراً – بإذن من الشرطة – للاضطرابات القريبة من مقر قوات الأمن المركزي في الإسكندرية، ثاني أكبر مدينة مصرية، على حد قوله لـ هيومن رايتس ووتش.

عندما بدأ شحاتة في تضوير ضرب معتدين في زي مدني لصبي صغير، التفتوا إليه ونقلوه إلى قسم الشرطة، حيث ضربه رجال الشرطة مراراً وصادروا الكاميرا منه. قال شحاتة لـ هيومن رايتس ووتش إن في ديسمبر/كانون الأول، تقدمت نقابة الصحفيين بالإسكندرية بشكوى للنائب العام بخصوص ضربه وضرب ثلاثة مراسلين آخرين. حتى 1 فبراير/شباط لم يكن قد سمع عن أي تقدم في التحقيقات أو الإدلاء بأية اتهامات ضد متهمين.

أثناء فترات الاضطرابات، هاجمت قوات الأمن مقار لجهات إعلامية في محاولة لقطع البث. في 17 فبراير/شباط، فيما كان طاقم من قناة سي بي سي المصرية في الطابق الثامن بفندق الإسماعيلية المُطل على ميدان التحرير، يصورون سيدة تضربها قوات الأمن في الشارع، أشار جندي في ثياب رسمية إلى بعض المارة في ثياب مدنية أمامه، والظاهر أنه أخبرهم أن عليهم الصعود للفندق وإخراج الصحفيين منه، على حد قول نادر جوهر، صاحب قناة سي بي سي. فر طاقم التصوير من الطابق الثامن بعد أن سمعوا الرجال يقتربون.

اقتحم الرجال حجرة الطابق الثامن التي كان يعمل منها طاقم التصوير وألقوا بالكاميرا وصناديق معدات البث والكابلات من الشرفة، فسقطت على عربة بطاطا في الشارع مما أدى لاشتعال النار فيها. قال جوهر لـ هيومن رايتس ووتش إن ثمن المعدات المفقودة يبلغ 120 ألف دولار. بعد يومين، اتصل ضابط من الجيش بجوهر وطلب منه أن يرسل أحدا ليأخذ هاتف محمول وحاسب آلي تم أخذهما من حجرة الطابق الثامن.

قال جوهر متذكراً: "قالوا إن الجيش لا يسرق".

بعد دقائق من بث قناة سي بي سي +2 لصور حية لضرب الشرطة لمتظاهر في شارع قصر العيني، قام خمسة رجال في ثياب مدنية باقتحام مقر طاقم التصوير في الطابق التاسع من مبنى آخر يطل على التحرير، على حد قول محمد هاني، مدير الإخراج. قال الرجال لطاقم التصوير أن يتوقف عن البث وإلا دمروا المعدات. توقف الطاقم لمدة ساعتين ثم بدأ في البث من جديد. قال هاني لـ هيومن رايتس ووتش إنه لا يعرف إن كان الرجال من الشرطة أو الجيش أو مدنيين.

وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني أو نحوه، اقتحم جنود جيش في ثياب رسمية شقة بيير سيوفي، وهو ليس صحفياً، لكن كان الصحفيون يستخدمون شقته في التقاط صور فوتوغرافية لميدان التحرير. في البداية كسر الجنود الباب المؤدي إلى سطح البناية، ثم سألوا سيوفي إذا كانت هناك كاميرات في شقته. ترك سيوفي أحد الجنود يدخل فأخذ كاميرات الصحفيين، على حد قول سيوفي لـ هيومن رايتس ووتش.

شل أنشطة المنافذ الإعلامية المستقلة

في 9 سبتمبر/أيلول أعلن وزير الإعلام في ذلك التوقيت أسامة هيكل أن الحكومة لن تمنح أي تراخيص بقنوات فضائية جديدة. بعد يومين، داهمت قوات الأمن مقر الجزيرة مباشر مصر في القاهرة، وجمدت عملها. ما زال للجزيرة مباشر مكتباً في القاهرة، لكنها تبث إرسالها حالياً من قطر، المقر الرئيسي لقناة الجزيرة.

في 12 سبتمبر/أيلول قال هيكل لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن "ليس مقبولاً أن تستخدم القنوات معدات للبث المباشر للأحداث دون أن تحصل على تصريح من الدولة"، وأن الجزيرة مباشر ارتكبت عدة مخالفات.

داهمت الشرطة والجيش مقر قناتين فضائيتين، هما قناة 25 وقناة الحرة الممولة من الحكومة الأمريكية، وذلك ليلة 9 أكتوبر/تشرين الأول، فيما كانت القناتان تبثان وقائع اعتداء الجيش العنيف على متظاهرين يحتجون على إحراق كنيسة بصعيد مصر.

الملاحقة القضائية على ممارسة الحق في حرية التعبير

في 26 ديسمبر/كانون الأول حكمت محكمة جُنح بالقاهرة على جابر السيد جابر بالسجن لمدة عام مع الأشغال الشاقة، بتهمة حددها حُكم المحكمة بأنها توزيع منشورات لزعزعة الأمن العام وبث الوقيعة بين الجيش والشعب والإضرار بسمعة المجلس العسكري الحاكم. قامت مجموعة من الرجال في ثياب مدنية باحتجازه في مسيرة مؤيدة للمجلس العسكري في العباسية يوم 23 ديسمبر/كانون الأول، وسلموه إلى الشرطة، وكان قبل القبض عليه يوزع منشورات ينتقد فيها المجلس العسكري ويدعو لاستمرار الثورة المصرية، على حد قول الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي يدافع محاموها عنه ويستأنفون في الحكم الصادر ضده.

في 25 يناير/كانون الثاني أفرج المجلس العسكري عن المدون مايكل نبيل، بعد أن تعرض للحبس لمدة 10 أشهر. كانت محكمة عسكرية قد حكمت عليه في أبريل/نيسان 2011 بالسجن ثلاثة أعوام بتهمة "إهانة القوات المسلحة"، بموجب المادة 184 من قانون العقوبات، وبتهمة "نشر أخبار كاذبة"، بموجب المادة 102. في ديسمبر/كانون الأول خفضت محكمة عسكرية من حُكمه إلى عامين. عفى عنه المجلس العسكري ضمن أكثر من 1900 سجين عشية الذكرى الأولى للثورة على مبارك.

أعلن نبيل في مقطع فيديو تم تصويره بعد الإفراج عنه عن رفضه لفكرة العفو، نظراً لأنه ما كان يجب أن يُحاكم من الأساس أو يُدان أو يُسجن.

وقال في مؤتمر صحفي في القاهرة يوم 28 يناير/كانون الثاني: "لابد من إلغاء جميع الاتهامات المنسوبة للمسجونين بتهمة التعبير عن الرأي".

وفي 13 أغسطس/آب تلقت أسماء محفوظ – القيادية السابقة في حركة 6 أبريل – استدعاءً بالمثول أمام النيابة العسكرية اليوم التالي للاستجواب. سألتها النيابة العسكرية لأكثر من ثلاث ساعات عن تعليقاتها على تويتر ومقابلاتها الإعلامية أثناء تظاهرات 23 يوليو/تموز، التي انتقدت خلالها المجلس العسكري لأنه لم يتدخل لحماية المتظاهرين.

وفي 16 أغسطس/آب نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن مسؤول بالقضاء العسكري قوله إن النيابة قررت إحالة قضية محفوظ للمحكمة بعد اتهامها بإهانة القوات المسلحة، مع إسقاط الاتهامات الأخرى. قالت أسماء محفوظ لـ هيومن رايتس ووتش إن الاتهامات المنسوبة إليها قد سُحبت في 18 أغسطس/آب.

الملاحقات القضائية الخاصة بالتعبير عن الآراء الدينية

في 1 فبراير/شباط حكمت محكمة جُنح في القاهرة على عادل إمام – فنان الكوميديا المعروف – بالحبس ثلاثة أشهر وبغرامة 1000 جنيه مصري (166 دولاراً) بتهمة ازدراء الأديان في عدد من أفلامه على مدار السنوات الأخيرة. في الأفلام، تناول بالسخرية والانتقاد – من بين موضوعات أخرى – الملتزمين دينياً والإرهابيين ذوي الخلفية الإسلامية. لم يوضح القاضي القانون الذي خالفه عادل إمام، ولم يُعرض على محاميّ الدفاع الحكم كاملاً يوم صدور الحكم، على حد قول محامي عادل إمام، صفوت حسين، الذي ذهب صباح 2 فبراير/شباط إلى المحكمة ليسأل عن الحُكم، فلم يسمح له القاضي بتصوير ملف القضية وقتها.

وقال عادل إمام لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يعرف شيئاً عن الحُكم إلى أن ظهر خبر عن القضية في صحيفتين بالقاهرة مساء 1 فبراير/شباط. وقال إن هذه القضايا كانت تُرفع ضده أثناء حُكم مبارك، لكن لم تنته في السابق إلى شيء ملموس.

نجيب ساويرس رجل الأعمال الشهير ومؤسس حزب المصريين الأحرار، يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة ازدراء الأديان بموجب المادة 98 (و) من قانون العقوبات، التي تعاقب كل من "استغل الدين في الترويج او التحبيذ بالقول او بالكتابة او باية وسيلة اخرى لافكار متطرفة بقصد اثارة الفتنة او تحقير او ازدراء احد الاديان السماوية او الطوائف المنتمية اليها او الاضرار بالوحدة الوطنية". في يونيو/حزيران الماضي، كان ساويرس قد بث تدوينة قصيرة على تويتر فيها رسوم كارتونية لميكي ماوس وميني ماوس في زي إسلامي ملتزم.

إذا قررت المحكمة الحُكم على ساويرس، فسوف يواجه عقوبة "الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه". الجلسة الأولى التي كان مقرر عقدها في 14 يناير/كانون الثاني، تم إرجائها إلى 11 فبراير/شباط. قال نجيب غبريال محامي ساويرس لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعتبر الاتهامات هجوماً على ساويرس كرجل سياسية وكمسيحي قبطي، وهي أقلية في مصر.

وقال: "يعتبره رجال السياسة المسلمون خصماً سياسياً قوياً ويرون أنهم لو تخلصوا منه، فسوف يتخلصون من الأقباط أيضاً".

القوانين التي تضيق على حرية التعبير

يشمل قانون العقوبات المصري عدداً كبيراً من المواد التي تخرق القانون الدولي، وتنص على عقوبات جنائية بالحبس بتهمة "إهانة" المسؤولين أو المؤسسات العامة، بما في ذلك الرئيس (مادة 179) والمسؤولين العامين (مادة 185) والملوك ورؤساء الدول الأجانب (مادة 180) والدبلوماسيين الأجانب (مادة 182).

أصدرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان – وهي هيئة خبراء تقدم تفسيرات واجبة التنفيذ للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر دولة طرف فيه – تعليقها العام رقم 34، الخاص بالمادة 19 المعنية بحرية التعبير، وورد فيه أن "على الدول الأطراف ألا تحظر انتقاد المؤسسات، مثل الجيش والإدارة السياسية للدولة".

بموجب هذا المعيار، فإن المادة 184 من قانون العقوبات المصري، التي تجرم إهانة "مجلس الشعب او مجلس الشورى او غيره من الهيئات النظامية او الجيش او المحاكم"، تعتبر غير متسقة مع القانون الدولي، ولابد من تعديلها حتى توافق القانون الدولي، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وأضاف التعليق العام رقم 34: "مجرد اعتبار التعبير عن الراي مهين لشخصية عامة، ليس مبرراً كافياً لفرض عقوبات، لا سيما أن الشخصيات العامة تستفيد بدورها من مواد العهد الدولي. كما أن جميع الشخصيات العامة – ومنها من يمارسون أعلى سلطة سياسية في البلاد كرؤساء ومسؤولين حكوميين – يمكن بموجب القانون التعرض لهم بالانتقاد والمعارضة السياسية".

أمام القوانين التي تجرم "ازدراء" الأديان فهي غير متسقة مع معايير حرية التعبير، على حد قول لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. أشار التعليق العام رقم 34 إلى أنه من غير المسموح به "حظر التعبير عن عدم الاحترام لنظم الاعتقاد الدينية وغير الدينية، بما في ذلك باستخدام قوانين الخروج عن الدين... في منع أو معاقبة انتقاد القيادات الدينية أو التعليق على مبادئ الدين وأركان الإيمان".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة