Yemen



Yemen Yemen
  

II:خلفية

يقطن اليمن 22 مليون نسمة على مساحة أكبر بقليل من فرنسا، وتقع اليمن في الركن الجنوبي الغربي من الجزيرة العربية، وتقع قبالة البحر الأحمر عند القرن الأفريقي. وقدر البنك الدولي نصيب الفرد سنوياً من إجمالي الناتج المحلي في اليمن بـ 520 دولاراً عام 2003. وفي ذلك العام كان ترتيب اليمن رقم 151 على قائمة من 171 دولة ضمن مؤشر التنمية الإنسانية.1 ويعيش ثلاثة أرباع المواطنين اليمنيين في مناطق ريفية.

وفي عام 1962 وضع انقلابٌ للجيش حداً لحُكم أئمة الزيدية، وأسس نظاماً جمهورياً (الجمهورية اليمنية العربية)، فيما كان معروفاً باليمن الشمالية. واندلعت حرب أهلية في الستينات وتدخلت فيها مصر والمملكة العربية السعودية، مع انحياز مصر لجانب الجمهوريين والسعودية لنظام الآئمة. وما كان يُدعى حينها اليمن الجنوبية كان عبارة عن محمية بريطانية استقلت تحت اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في نوفمبر/تشرين الثاني 1967. واتحدت اليمن في الجمهورية اليمنية عام 1990.

ووصل الرئيس علي عبد الله صالح إلى الحكم في الجمهورية العربية اليمنية عام 1978، واستمر رئيساً للجمهورية اليمنية بعد الاتحاد. وانتهت حرب أهلية نشبت بين قوات الشمال والجنوب سابقاً من مايو/أيار حتى يوليو/تموز 1994 بانتصار الشمال. وعلى الرغم من الاضطرابات، فقد استمرت التنمية الديمقراطية وظهر المجتمع المدني وتم إجراء الإصلاحات القانونية طيلة التسعينات. ومن المقرر أن تعقد اليمن انتخاباتها البرلمانية الرابعة منذ الوحدة في أبريل/نيسان 2009. وأعطت الانتخابات الرئاسية في عام 2006 عبد الله صالح الحُكم لمدة سبع سنوات أخرى، مما يجعله أحد أطول الرؤساء بقاءً في الحُكم في العالم.

ومنذ الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في جهودها الخاصة بمكافحة الإرهاب بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، تراجعت مكاسب اليمن الخاصة باحترام سيادة القانون والمجتمع المدني. وتزايدت بعد عام 2006 الاعتقالات دون اتهامات لمشتبهين من القاعدة – منذ عام 2002 – والاعتقالات وأعمال القمع للاضطرابات العمالية وحرية التعبير في الجنوب.

الحرب

اندلع النزاع المسلح بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية على هيئة مصادمات مطولة على خمس مراحل بين عامي 2004 و2008.2 وتناقلت التقارير استخدام الحكومة لطائرات مقاتلة ودبابات والمدفعية لمهاجمة معاقل المتمردين في الجبال وكذلك في بعض البلدات. وقيل إن المتمردين استخدموا المدفعية الثقيلة والمدافع المضادة للطائرات. وأغلب القتال وقع في الريف، لكنه تصاعد ليشمل مناطق حضرية أثناء الفترة الخامسة في عام 2008.3 ووقعت المصادمات في البداية في محافظة صعدة، المتاخمة للمملكة العربية السعودية، ثم انتقلت إلى محافظتي عمران ولحج، بل ووصلت إلى بني حشيش على مشارف صنعاء في يونيو/حزيران 2008.

وفي يوليو/تموز 2008، كان ما يُقدر بـ 17 ألف إلى 20 ألف شخص نازح جراء الحرب يعيشون في سبعة مخيمات حول مدينة صعدة، وما يُقدر بـ 40 ألف آخرين لهم أقارب يعيشون داخل المدينة. وفي أغسطس/آب 2008 أفادت هيئة الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة بوجود إجمالي 130 ألف شخص تعرضوا للنزوح جراء النزاع في محافظة صعدة.4

ومنذ عام 2004 بادرت الحكومة بتشكيل خمس لجان وساطة، وتتشكل من شخصيات هامة، وممثلين عن الأحزاب السياسية، ومسؤولين حكوميين، في محاولة للتفاوض على حل سلمي للنزاع. وفي بعض الأحيان نجحت هذه اللجان في الوصول إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار، لكن في مرات كثيرة قامت الحكومة أيضاً باعتقال الوسطاء الذين انتقدوا الحكومة. وفي عام 2007 عرضت الحكومة القطرية خدمات الوساطة، وبلغ الأطراف اتفاقاً شفهياً في يونيو/حزيران 2007، وتم إتمامه وتوقيعه في فبراير/شباط 2008. إلا أنه في مايو/أيار 2008 وقع انفجار في مسجد بصعدة وزرع القنبلة أشخاص مجهولون، فأدى إلى تجدد القتال الثقيل، والذي انتهى حين أعلن الرئيس علي عبد الله صالح وقف الاقتتال في 17 يوليو/تموز 2008.

وفرضت الحكومة حظراً على تداول المعلومات بشأن القتال في عامي 2007 و2008، وفي 2008 منعت تنقلات الأفراد والسلع إلى صعدة ومنها. وفرض المتمردون الحوثيون والقبائل المحلية التي تقاتل إلى جانب الحكومة بدورها  نقاط تفتيش تعطي حق الدخول والخروج بصورة انتقائية. وقيدت تصرفات جميع الأطراف من جهود الإغاثة الإنسانية.

محافظة صعدة والحوثيون

يقع النزاع بالأساس في محافظة صعدة، لكن القتال وقع أيضاً في مناطق شمالية أخرى. والمحافظات الشمالية يسكنها بالأساس مناصرون للطائفة الزيدية من الشيعيين وقادتهم (الآئمة) حكموا اليمن طيلة ألف عام حتى اندلاع ثورة بقيادة الجيش قامت بخلعهم عام 1962. كما أن محافظات صعدة وعمران وحجة يقطنها قبائل ذات نفوذ واسع، لاسيما قبيلتا حاشد وبقيل الذين يتبعون الطائفة الزيدية. كما شارك رجال القبائل الزيديون الساخطون في ثورة 1962. وعادة ما يحمل رجال القبائل الأسلحة، ولم يكن للحكومات المركزية المتعاقبة قط أي تواجد عسكري قوي أو تواجد قوي لقوات إنفاذ القانون في مناطق نفوذ هذه القبائل.

والسنة من أتباع المذهب الشافعي يمثلون الأغلبية في اليمن، ويعيشون بالأساس في المناطق الجنوبية والوسطى وعلى ساحل البحر الأحمر. أما الزيديون الشيعة فهم أقلية كبيرة، ويعيش أغلبهم في المناطق الجبلية الشمالية.5

ورغم أن الزيديين متصالحين في أغلب الأحوال مع الدولة، فإن ثمة مبدأ زيدي يقول بأنه يجب أن يكون الإمام – القائد الديني وزعيم الدولة – من الهاشميين، وهو مصطلح يدل على سلالة النبي محمد.6 والهاشميون اليمنيون يتبع انتماؤهم الأسرة وليس القبيلة، مما يفرقهم عن القبائل الزيدية. وأثناء فترة حكم الأئمة الزيديين، كان الهاشميين يعدون نخبة دينية ونخبة حاكمة.

ومن أسباب التوترات التي أدت في نهاية المطاف إلى النزاع القائم التطورات السياسية والدينية. مثلاً فإن اليمنيين (الزيديين في الأغلب) العائدين إلى صعدة من العمل في المملكة العربية السعودية عادوا ومعهم التعاليم الدينية الوهابية السنية. مقبل الوادعي، الزيدي بالأساس، فتح مدرسة دماج في صعدة، في قلب المنطقة الزيدية، في مطلع الثمانينات للترويج للفكر الوهابي، وهو تفسير متزمت للإسلام عن السلوك اليومي للمسلمين، وهو سائد في السعودية المجاورة ويُعادي المبادئ الشيعية. فضلاً عن أن حركة الإخوان المسلمين (السنية) في اليمن أسست مؤسسات علمية تحت إشراف وزارة التعليم بلغت الكثير من اليمنيين قبل أن تغلقها السلطات في أواخر التسعينات. وبعد توحيد شمال وجنوب اليمن في عام 1990، وإدخال نظام تعدد الأحزاب، ظهر حزب الإصلاح – الذي يمثل عدة مصالح سياسية للإخوان المسلمين ويعبر في الوقت نفسه عن بعض المصالح القبلية والزيدية – باعتباره أكبر أحزاب المعارضة.7

ولمناوئة التيارات الأيديولوجية السنية والضعف المستمر للطائفة الزيدية والتأثير الاجتماعي للهاشميين، بدأ الزيديون في التسعينات إنشاء مدارسهم الدينية وإحياء دراسة الزيدية في المساجد ومراكز التعليم في المنطقة. وعلى النقيض من المؤسسات العلمية، فهذه المدارس ليست ضمن نظام التعليم الحكومي. وبدافع من القلق من تزايد التأثير السني في المناطق الزيدية، تناقلت التقارير أن الحكومة في التسعينات بدأت في الدعم المادي لحسين الحوثي وتنظيم الشباب المؤمن التابع له، والمكرسة لإحياء التعاليم الزيدية. ويُعد بدر الدين الحوثي – والد حسين – أحد أقوى ثلاثة علماء زيديين تأثيراً ونفوذاً في اليمن.8

وتزايد الإدراك العام بالشيعية باعتبارها قوة سياسية نافذة مع غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003، وإثر اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان في يوليو/تموز – أغسطس/آب 2006 وتزايد التوترات بين إيران والولايات المتحدة. وبدءاً من عام 2003 بدأ الحوثيون في رفع شعارات "الموت لإسرائيل، الموت لأميركا" في مظاهرات بعد صلاة الجمعة في الجامع الكبير في وسط مدينة صنعاء القديمة، واعتقلت الحكومة ما يُقدر بـ 640 متظاهراً في يونيو/حزيران 2004 وسعى الجيش للقبض على حسين الحوثي.9

قوات الأمن

ثمة أجهزة أمنية عديدة في اليمن، وهي مسؤولة من عدة أطراف في الحكومة. وسلطاتها متداخلة، مما أدى إلى حيرة الجمهور إزاء أي جهاز مسؤول عن انتهاك بعينه لحقوق الإنسان.

وصدر قرار رئاسي عام 1980 بإنشاء الأمن المركزي، وهو الجهاز المكلف بمسؤوليات تتراوح بين ضمان سلامة الممتلكات والأفراد وإجراء دوريات على الحدود والمساعدة في جهود مكافحة الإرهاب.10 ويتبع الأمن المركزي السلطة المباشرة لوزير الداخلية.11

ويتبع سلطة وزارة الداخلية أيضاً التحقيق الجنائي، المسؤول عن الجرائم غير السياسية ووحدة مكافحة الإرهاب. إلا أن كل من قسم التحقيق الجنائي ووحدة مكافحة الإرهاب نفذت أعمال اعتقال للصحفيين ودعاة المساجد وغيرهم من المتورطين في جرائم سياسية مزعومة.

والأمن السياسي هو جهاز اليمن الاستخباراتي الداخلي وتأسس بقرار رقم 121 لعام 1992 تحت مسمى الجهاز المركزي للأمن السياسي. وسلطاته الخاصة بالاعتقال والاحتجاز تتبع قرار وليست مذكورة في أي قانون، ومراكز الاحتجاز التابعة للجهاز لا تدخل ضمن أماكن الاحتجاز المُعلنة، كما ورد في الدستور اليمني.12 والجهاز يتبع مباشرة الرئيس علي عبد الله صالح.

أما جهاز الأمن القومي فتأسس بموجب قرار رقم 262 لسنة 2002، وهو يُحضر بالأساس تحليلات واستشارات للحكومة. وأدى نزاع حول الاختصاصات والسلطات بينه وبين جهاز الأمن السياسي إلى إنشاء جهاز الأمن القومي لمراكز الاحتجاز الخاصة به، وهي بدورها غير مُعلنة ومن ثم فهي خارج إطار القانون اليمني. وسلطاته الخاصة بالاعتقال والاحتجاز هي بدورها بناء على قرار وليست مذكورة في القانون.13

ولا يوجد لدى القضاء اليمني سلطة إشرافية فعالة على قانونية الاعتقالات والاحتجاز. ولا يلتزم الأمن القومي والأمن السياسي على الأخص بالمتطلبات القانونية بأن يجري المسؤولون الاعتقالات بناء على أوامر قضائية فقط، وأن يعرضوا الاتهامات على المتهمين خلال 24 ساعة من الاعتقال وأن يخلوا سبيل السجناء الذين انتهت محكومياتهم.

والمحكمة الجزائية المتخصصة، التي تأسست عام 1999 تحاكم المجرمين على الجرائم المذكورة في القرآن والمشمولة بقانون العقوبات، مثل الحرابة وغيرها من الجرائم الشرعية، ومنها اختطاف الأجانب والإضرار بمنشآت النفط وسرقة الجماعات المسلحة للأشخاص في وسائل المواصلات، والانتماء إلى جماعة مسلحة تسعى لمهاجمة الممتلكات العامة أو المواطنين، والهجوم على أعضاء من القضاء أو اختطاف مسؤولين وأفراد أسرهم. وفي عام 2004 وسع قانون جديد من اختصاص المحكمة بحيث شملت جرائم فضفاضة غير واضحة ضد الأمن القومي.14 وليست المحكمة مستقلة ومحاكماتها لا تفي بالمعايير الدولية للعدالة.




1  البنك الدولي، "اليمن"، على: http://web.worldbank.org/WBSITE/EXTERNAL/COUNTRIES/MENAEXT/YEMENEXTN/0,,menuPK:310170~pagePK:141159~piPK:141110~theSitePK:310165,00.html (تمت الزيارة في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2008).

2  الحروب الخمس وقعت في الفترات التالية: 18 يونيو/حزيران 2004 إلى 10 سبتمبر/أيلول 2004. 19 مارس/آذار 2005 إلى 12 أبريل/نيسان 2005. 12 يوليو/تموز 2005 إلى 28 فبراير/شباط 2006. 27 فبراير/شباط 2007 إلى 14 أو 15 يونيو/حزيران 2007. 4 أو 5 مايو/أيار 2008 إلى 17 يوليو/تموز 2008.

3  انظر: Iris Glosemeyer, "Local Conflict, Global Spin: An Uprising in the Yemeni Highlands," Middle East Report 232 (الخريف 2004)، وانظر: Sarah Phillips, “Foreboding About the Future in Yemen,” Middle East Report Online 3 أبريل/نيسان 2006 ، على: http://www.merip.org/mero/mero040306.html (تمت الزيارة في 4 سبتمبر/أيلول 2008).

4  مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، "الجديد في الوضع الإنساني، يونيو/حزيران 2008 اليمن"، 5 يوليو/تموز 2008، على: http://ochaonline.un.org/Default.aspx?alias=ochaonline.un.org/romenaca (تمت الزيارة في 4 سبتمبر/أيلول 2008).

5  انظر: “Yemen: Coping with Terrorism and Violence in a Fragile State,” International Crisis Group Middle East Report no 8, Amman/Brussels, 8 يناير/كانون الثاني 2008، على: http://www.crisisgroup.org/library/documents/report_archive/A400863_08012003.pdf (تمت الزيارة في 4 سبتمبر/أيلول 2008)، صفحة 18.

6  يمكن أن يكون الهاشمي من السنة أو الشيعة. وفي اليمن أغلب الهاشميين من الزيديين، ويُعرفون هؤلاء الهاشميون الزيديون بصفتهم المنحدرين عن زواج فاطمة من علي ابن أبي طالب، وفاطمة هي ابنة النبي وعلي ابن عمه، الذي أصبح فيما بعد رابع الخلفاء الراشدين.

7  انظر: Gabriele vom Bruck, “Disputing Descent-Based Authority in the Idiom of Religion: The Case of the Republic of Yemen,” Die Welt des Islams المجلد 38، عدد 2، 1998، صفحات 149 – 191، وصفحة 10.

8  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خالد الآنسي، المدير التنفيذي لمنظمة هود، صنعاء، 17 يوليو/تموز 2008.

9  حسن الزيدي، “Sa’adah Violence Continues… Al-Hothy Remains in a Stronghold in “Mran” Mountains Amidst Heavy Fighting,” Yemen Times, 24 يونيو/حزيران 2004، على: http://yementimes.com/article.shtml?i=749&p=front&a=1 (تمت الزيارة في 4 سبتمبر/أيلول 2008).

10  قرار جمهوري رقم 107، وزارة الداخلية، 1980، تم نشره على موقع قوات الأمن المركزي، http://www.yemencsf.org/ (تمت الزيارة في 19 أغسطس/آب 2008).

11  اللائحة التنظيمية لوزارة الداخلية، 1995، على: www.police-info.gov.ye/laws/Min01.htm (تمت الزيارة في 19 أغسطس/آب 2008).

12  مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع قاسم، محامي، صنعاء، 2 سبتمبر/أيلول 2008. طبقاً لمعلومات حصلت عليها هيومن رايتس ووتش، فإن أماكن احتجاز جهاز الأمن السياسي غير مصرح بها أيضاً، كما يقتضي الدستور.

13  قرار جمهورية بإنشاء جهاز الأمن القومي للجمهورية اليمنية ، رئيس الجمهورية، 6 أغسطس/آب 2002، المادة 5.2 تنص على أن لمسؤولي الأمن القومي سلطات مآمورو الضبط القضائي" و"جميع الموظفين الذين يخولون صفة الضبطية القضائية بموجب القانون"، قرار جمهوري رقم 13 لسنة 1994.

14  قرار جمهوري بقانون رقم 391 بشأن محكمة جزائية متخصصة، المادة 3، وقرار جمهوري بقانون رقم 8 لسنة 2004 بشأن محكمة جزائية متخصصة.