IX. آفاق التحسن

قال كريم سنجاري، وزير الداخلية التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، في أبريل/نيسان 2006، إنه حالما يصبح مشروع قانون مكافحة الإرهاب نافذاً، فسوف تتضح الحالة القانونية للمشتبه بهم في أعمال إرهابية، وهو مشروع القانون الذي تبناه المجلس الوطني الكردستاني، والذي يجرم جملة من الأعمال الإرهابية والجرائم المتصلة بالإرهاب. ولكنه أشار إلى أن القانون لن يتم تطبيقه بأثر رجعي، وبالتالي فلن يؤثر على الحالة القانونية للأشخاص رهن الاحتجاز في الوقت الراهن.146 وإذا كان المشتبه بهم في أعمال إرهابية قد اعتقلوا قبل المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب "ستتم إحالتهم إلى المحاكم الجزائية، فلن تتم إدانتهم"، كما جاء على لسان سنجاري، الذي أضاف: "إذ يجب إطلاق سراحهم بمقتضى القانون الجزائي وقانون أصول المحاكمات الجزائية". وشدد على الطبيعة "الخطيرة" للجرائم المعنية، والمأزق الصعب الذي تواجهه السلطات الكردستانية، التي لا يمكنها إحالة المشتبه بهم في أعمال إرهابية إلى المحاكم، ولا يمكنها في الوقت نفسه أن تطلق سراحهم. وقال سنجاري: "إننا نبحث عن طريقة لحل هذه المعضلة". وأضاف: "أعطونا حلاً واقعياً".147

وفي هذه المقابلة وفي مقابلات رسمية أخرى، شددت هيومن رايتس ووتش على الحاجة للالتزام بمعايير حقوق الإنسان الوطنية والدولية فيما يتعلق بالمحاكمات العادلة لكل الأشخاص المحرومين من حريتهم. وأوصت هيومن رايتس ووتش، مؤقتاً، بتعيين لجنة قضائية مستقلة عن هيئات آسايش لتقوم بإجراء مراجعة عاجلة لحالات المتحجزين احتجازاً سابقاً على البدء في إجراءات المحاكمة، والمحتجزين لفترات طويلة دون محاكمة. ولم يتخذ وزير العدل فاروق جميل موقفاً مناصراً لهذه اللجنة القضائية، مشيراً إلى أن السلطات القانونية على وشك الشروع في مراجعة التشريع النافذ حالياً وفي تقديم قوانين جديدة بالتزامن مع توحيد إدارتي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. وقال الوزير أيضاً لـ هيومن رايتس ووتش إن هناك مشروع قانون تابع لوزارة العدل يتضمن عرضاَ بتأسيس مديرية عامة للسجون تخضع لسلطة وزارة العدل، وهي مسؤولة عن كل المحتجزين في إقليم كردستان.148 وأبدى أمله أن يتصدى هذا القانون في حالة تطبيقه لبعض بواعث قلقنا.149

وفي 10 مايو/أيار 2006، بعد إجراء زيارات لمراكز الاحتجاز الكبرى التابعة لآسايش في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية، قابلت هيومن رايتس ووتش الرئيس مسعود برزاني. وعرضت هيومن رايتس ووتش ما توصلت إليه من نتائج وركزت على النقاط الأساسية التالية: الاحتجاز لفترات طويلة دون المحاكمة للمشتبه بهم في أعمال إرهابية وغيرهم من المشتبه بهم في جرائم خطيرة، عدم إحالة المحتجزين إلى قاضي تحقيق بما يتفق مع القانون، احتجاز الأشخاص بالنيابة عن أقارب تبحث عنهم السلطات للاشتباه في ارتكابهم أعمال إرهابية، عدم تطبيق قرارات المحكمة، عدم إطلاق سراح كل من المتهمين المبرئين من التهم والسجناء المدانين الذين قضوا فترة سجنهم بالفعل، وظروف الاحتجاز السيئة، والمعاملة السيئة للمحتجزين، ومنها فترات الحبس الانفرادي المطولة.150

وأكدت هيومن رايتس ووتش على الحاجة الماسة إلى المراجعة القضائية المستقلة لحالات كل المحتجزين لدى آسايش. ومثل هذه المراجعة المستقلة كفيلة بتأهيل السلطات للبت بشأن إطلاق سراح التالين المحتمل: أ) المحتجزون الذين لم يعودوا يعتبروا يمثلون تهديداً على الأمن أو يشكلون تهديداً أقل. ب) المحتجزون الذين حوكموا وأدينوا وقضوا فترة العقوبة بالفعل. ج) المحتجزون الذين تم نسيانهم أو تجاوزتهم أعين المسؤولين.

وإثر تلك المقابلة وافق الرئيس برزاني على أن السلطات الكردستانية بحاجة للتصدي لهذه النقاط إذا كان الوضع الذي صورته هيومن رايتس ووتش للممارسات القائمة في مراكز احتجاز آسايش صحيحاً. وعرض عقد اجتماع في المستقبل القريب يحضره وزير الداخلية ومدراء مراكز آسايش، والسماح لـ هيومن رايتس ووتش بعرض ما توصلت إليه من نتائج وتوصيات قبل إصدار تقريرها.151

وفيما لم يتم عقد هذا الاجتماع خلال الشهور التالية على المقابلة لأسباب عملية، حافظت هيومن رايتس ووتش على اتصالها قائماً بالمسؤولين المعنيين. وفي اليوم التالي لمقابلة الرئيس برزاني، قابلنا المدير العام لآسايش جيشتي التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، عصمت أرجوشي، الذي قال إن: "بالأمس تقابلنا، نحن ومدراء السجون، وشكلنا لجنة مختصة بمراجعة حالات كل هؤلاء المحتجزين الذين لم يحالوا للمحاكمة". وقال إن اللجنة ستراجع الحالات على مدى الأيام الخمسة التالية وتجري زيارات لمراكز الاحتجاز.152 لكنه لم يحدد أعضاء اللجنة ولا معايير المراجعة التي تجريها، أو بين الخطوات التي ستُتخذ لدى انتهاء المراجعة. وقبلها بعدة أيام قال مدير آسايش جيشتي التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني سيف الدين علي، لـ هيومن رايتس ووتش إنه أمر بإجراء مراجعة لحالات المحتجزين، وسوف تبدأ خلال الأيام التالية. وأضاف أن مراجعة سابقة أوصت بإطلاق سراح 60 محتجزاً، لكن هيومن رايتس ووتش لم يتسن لها التأكد من حالات الإفراج تلك.153

وقد رحبت هيومن رايتس ووتش بالمراجعات التي قال مديرا آسايش التابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني إنها تتم بشأن القضايا المحتجز فيها لديهما سجناء لم تتم محاكمتهم. وبين مايو/أيار وديسمبر/كانون الأول، أطلقت آسايش سراح مائة محتجز (وإن لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من معرفة كم من بينهم تم إطلاق سراحهم نتيجة المراجعات). ولكن في تقديرنا، فهذه الإجراءات الإيجابية لا تجنب الحاجة إلى لجنة قضائية مستقلة ليست على علاقة بآسايش، تجري مراجعة مستفيضة وتتمتع بالشفافية لحالات المحتجزين، وتقدم توصياتها للسلطات القضائية المختصة، وتنشر ما تتوصل إليه من نتائج علناً.





146  تنامى إلى علم هيومن رايتس ووتش أن بعض المسؤولين الأكراد يفضلون المطالبة بإصدار قرار خاص من البرلمان الكردستاني يجيز تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بأثر رجعي. ولكن بدأ نفاذ القانون في يوليو/تموز خالياً من هذا البند. وعلى أية حال، فمثل هذا القرار يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، وعلى الأخص المادة 15(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تحظر اتهام مشتبه بهم بارتكاب جرائم لم تكن تعتبر جرائم في وقت ارتكابها.

147  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع كريم سنجاري، وزير الداخلية التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، أربيل، 23 أبريل/نيسان 2006.

148  أكد هذا وزير الدولة للشؤون القانونية آزاد الملا، في مقابلته مع هيومن رايتس ووتش خلال بعثتها في شهر أبريل/نيسان 2006 في أربيل. ولم تسنح الفرصة للمنظمة لفحص مشروع القانون.

149  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فاروق جميل، وزير العدل، السليمانية، 8 أغسطس/آب 2006.

150  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان، ساري راش، 10 مايو/أيار 2006.

151  المرجع السابق.

152  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عصمت أرجوشي، آسايش جيشتي، أربيل، 11 مايو/أيار 2006.

153  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيف الدين علي، آسايش جيشتي، السليمانية، 5 مايو/أيار 2006.