Israel and the Occupied Palestinian Territories



Israel and the Occupied Palestinian Territories Israel and the Occupied Palestinian Territories
  

التزامات إسرائيل باتخاذ الاحتياطات ضد آثار الهجمات

يلزم القانون الإنساني الدولي كل أطراف النزاع المسلح باتخاذ كل الاحتياطات المستطاعة لحماية ما تحت سيطرتها من سكان مدنيين من آثار الهجمات.215 والاحتياطات المستطاعة مُعرفة على أنها "تلك الاحتياطات القابلة للاتخاذ أو الممكنة عملياً مع جميع الظروف القائمة في حينها، بما في ذلك الاعتبارات الإنسانية والعسكرية"216 ويتضمن هذا تجنب إقامة أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها217 ونقل المدنيين بعيداً عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية.218 وقد أدخلت إسرائيل هذه المعايير على كتيبات الإرشادات العسكرية الخاصة بها.219

و"الدروع المدنية" تشير إلى الاستخدام العمدي لتواجد المدنيين في حماية نقاط أو مناطق معينة ضد العمليات العسكرية.220 والاستيلاء على منزل لأسرة وعدم السماح بخروج الاسرة نحو الأمان لردع العدو من الهجوم هو ببساطة استخدام "للدروع البشرية". ولم نجد دليلاً على أن السلطات الإسرائيلية أو جيش الدفاع الإسرائيلي تعمدا استخدام المدنيين في شمال إسرائيل على هذا النحو أثناء نزاع 2006 مع حزب الله.

إلا أن الحظر على اتخاذ الدروع البشرية يختلف عن المطلب الخاص بأن تبذل الأطراف المتحاربة "رعاية متواصلة" من أجل حماية المدنيين أثناء مجريات العمليات العسكرية، بأن – من بين أشياء أخرى – تتخذ كل الاحتياطات المستطاعة  لتفادي وضع أهداف عسكرية في مناطق مكتظة بالسكان أو بالقرب منها.221 وفي أثناء إطلاق الصواريخ على إسرائيل، انتهك حزب الله التزاماته بتسديد الصواريخ نحو الأهداف العسكرية فقط، وبألا يفعل هذا إلا لدى تمكنه من التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية. وقد أطلق صواريخاً على كل المدن اليهودية الرئيسية في الشمال، بغض النظر عن وجود أهداف عسكرية فيها أو بالقرب منها. وفي ظل إطلاق هذه النيران العشوائية، فليس ثمة سبب للاعتقاد بأن وضع إسرائيل لبعض قطعها العسكرية داخل المدن قد أضاف كثيراً إلى معدل المخاطرة الذي يواجه السكان. وبهذا فإن على إسرائيل، وفي حدود الممكن، أن تغير مواقع قطعها العسكرية بحيث تصبح بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان، وأن تحسن من الحماية التي توفرها لكل سكانها الذين يقطنون بالقرب من قطع عسكرية، لدى توفير هذه الحماية من الأساس.

وفي كل أرجاء شمال البلاد، توجد المنشآت العسكرية الثابتة، مثل قواعد الجيش، إلى جوار أو وسط مستوطنات مدنية. وموضع القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي يقع في مدينة الصفد. وللبحرية الإسرائيلية قاعدة تدريب كبرى على شاطئ حيفا، على الجانب الآخر من الطريق في مواجهة مستشفى رامبام وإلى جوار بات غاليم، وهو حي تشغله مباني سكنية قليلة الطوابق. ولشركة رافاييل للذخيرة، وهي شركة قطاع عام تنتج أسلحة وأدوات تكنولوجية لجيش الدفاع الإسرائيلي ولصالح التصدير، مجمع صناعي على الساحل، بين بلدتي كريات يام وعكا، وثمة منشآت دفاع أخرى كثيرة في الشمال توجد إلى جوار مستوطنات يهودية وعربية.

وأثناء النزاع، تزايد تواجد عناصر جيش الدفاع الإسرائيلي في الشمال مع تركيز الجيش لقواته قرابة الحدود وعبرها. وفي بعض الحالات، أطلق جيش الدفاع الإسرائيلي نيران مدفعيته على لبنان من مواقع بالغة القرب من تجمعات سكنية، مثلاً من موقع شديد القرب من قرية عرب العرامشة الحدودية، وقرابة بلدة معلوت ترشيحا (انظر الفصول أعلاه عن هذين الموقعين). وثمة قاعدتين عسكريتين هامتين بالقرب من قرية مغار (سكانها 19000 نسمة) في شرق الجليل، وقد أصابها حزب الله بأربعين صاروخاً تقريباً. وعلى مدى السنوات احتج العرب في بلدات الجليل وقراه، ومنها ساخنين،222 على بناء منشآت صناعية لصالح جيش الدفاع الإسرائيلي والتوسع فيها على مقربة من أماكن معيشتهم.

وحينما زارت هيومن رايتس ووتش قرية زيرات اليهودية في 23 يوليو/تموز، والواقعة على مسافة 750 متراً تقريباً من الحدود، راقبنا عناصر جيش الدفاع الإسرائيلي وهم يطلقون قذائف 155 مم من مدافع هاوتزر 109 متوقفة إلى جانب الطريق. وفي اليوم نفسه، راقبنا نيران المدفعية وهي تنطلق نحو لبنان من فوق تل يقع وراء منطقة سكنية في شمال كريات شمونا تماماً (سكانها 22100 نسمة).

وأنكر الكولونيل كوبرشتاين، المسؤول عن قسم الحماية البدنية في جيش الدفاع الغسرئيلي، أن المدافع جميعها موضوعة في أماكن مفتوحة. لكن لدى سؤاله عن وحدة المدفعية التي رأتها هيومن رايتس ووتش تطلق نيرانها من شارع في زيرات، أجاب الكولونيل كوبرشتاين: "أعتقد أن بإمكاننا إطلاق اسم منطقة مفتوحة على هذا المكان. فهو قرية على الحدود الشمالية".223

وقال ليفيتانت كولونيل ديفيد بنجامين، رئيس وحدة القانون المدني والدولي في مكتب القاضي الدفاعي العام في الجيش: "إننا دولة صغيرة، وإذا قلت إنه ليس بإمكاننا وضع قطعة مدفعية على مسافة 30 كم من قرية، فلن نتمكن من العمل. وليست لدى جيش الدفاع الإسرائيلي سياسة خاصة بالقصف، سواء عمداً أو بإهمال، بطريقة تعرض السكان المدنيين الإسرائيليين للخطر".224

ويمكن لإسرائيل أيضاً الإشارة إلى الجهود المضنية التي تتخذها في وقت الحرب لحماية أو إخلاء المدنيين في شمال إسرائيل، من أجل حمايتهم من الهجمات العدوانية أثناء إدارتها لعملياتها العسكرية في المنطقة. ويشمل برنامج إسرائيل المعقد الخاص بالدفاع المدني وجود ملاجئ خاصة وعامة، وأجنحة مؤمنة بالمستشفيات، وصفارات إنذار، وبرامج تعليم عام، وخطط للإخلاء. وهذه البرامج تساعد بلا شك على تقليل عدد الإصابات المدنية التي تسببت فيها صواريخ حزب الله أثناء هذا النزاع وفي نزاعات سابقة.

إلا أن الحوادث الموصوفة أعلاه أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل قد التزمت طوال الوقت بمعايير القانون الإنساني الدولي المطلوبة، بالحد المستطاع، لتفادي وضع الأهداف العسكرية في مناطق مكتظة بالسكان أو بالقرب منها، وبحماية السكان المدنيين الواقعين تحت سيطرتها من آثار الهجمات.

فمثلاً أطلقت مدافع جيش الدفاع الإسرائيلي أثناء الحرب نيرانها من على حدود قرية عرب العرامشة البدوية. وأصابت صواريخ حزب الله عرب العرامشة عدة مرات أثناء الحرب. وفي 5 أغسطس/أب أصاب أحد هذه الصواريخ منزلاً وتسبب في مقتل ثلاث نساء. وعلى حد علمنا، لم يُصدِر حزب الله بياناً يشير فيه إلى الهدف المقصود بهذا الهجوم المميت، وليس من المعروف إن كان يسدد نيرانه إلى مدفع المدفعية الإسرائيلي أم يطلق نيرانه على القرية. وأي كانت الحالة، يبقى السؤال عما إذا كان بإمكان جيش الدفاع الإسرائيلي وضع مدافعه على مسافة أبعد من القرية، وإن كانت السلطات الإسرائيلية كان بوسعها بذل المزيد لحماية أو إخلاء سكان عرب العرامشة بينما القوات العسكرية تطلق نيرانها من حقول قريبة من القرية.

وبنفس المنطق، فإن وجود أصول عسكرية كبرى مثل قيادات جيش الدفاع الإسرائيلي الشمالية، في مدينة الصفد ومركز البحرية إلى جوار مستشفى رامبام وحي بات غاليم في حيفا، فإن إسرائيل بهذا تعرض المدنيين المجاورين لهذه الأماكن لخطر هجمات العدو على هذه الأهداف العسكرية. والالتزام بموجب القانون الإنساني الدولي باتخاذ كافة الاحتياطات المستطاعة لحماية السكان المدنيين المجاورين، يعني ضمان وجود خطة مناسبة لحماية المدنيين ويتم تنفيذها لصالح السكان المقيمين بالقرب، أو إعادة توزيع هذه الأصول العسكرية بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان.

لكن حتى حيث تضع إسرائيل أصولاً عسكرية داخل مناطق مكتظة بالسكان أو بالقرب منها، فلا يمكن تبرير أفعال حزب الله في هذه الحالة بموجب قوانين الحرب، بأن يرد بشن هجمات عشوائية. ويتطلب القانون الإنساني الدولي أن تقوم الأطراف المتحاربة، حتى في هذه الظروف، بالتمييز في كل الأوقات بين غير المقاتلين والأهداف العسكرية المشروعة، وأن تطلق نيرانها على الفئة الأخيرة، وهذا فقط في حالة إن كانت الخسائر المدنية متناسبة مع الميزة العسكرية المتوقعة. وعدم التزام حزب الله بهذه المطالب كان هو السبب الرئيسي في وقوع الإصابات في صفوف المدنيين في إسرائيل أثناء الحرب.

حماية المدنيين أثناء الحرب ومبدأ عدم التناسب

بينما استثمرت إسرائيل كثيراً في حماية المدنيين، فإن السكان العرب في شمال إسرائيل أثاروا أسئلة مشروعة عما إذا كانت إسرائيل تفرق ضدهم من حيث درجة الحماية التي توفرها لهم من الهجمات العدوانية. وكانت الشكاوى أعلى صوتاً في نزاع 2006 لأنها كانت المرة الأولى التي تتعرض فيها المجتمعات السكنية العربية وليست الإسرائيلية فحسب، لنيران كثيفة من صواريخ حزب الله.225 وكان الضحايا العرب 18 شخصاً من بين 42 قتيلاً إسرائيلياً لاقوا مصرعهم في الهجمات.

وقال المواطنون العرب والمنظمات غير الحكومية، الذين زعموا بوجود تفرقة، بأن الدولة وفرت معلومات قليلة باللغة العربية، ونظم إنذار غير كافية في المناطق العربية، وعدد أقل من الملاجئ العامة.226 وقد أنكر المسؤولون الحكوميون أن المجتمعات العربية لديها نسبة أقل من القدرة على الاطلاع على المعلومات العامة وقالوا بأن القرارات الخاصة بتشييد ملاجئ عامة و"حجرات آمنة" في البيوت الخاصة تعتمد إلى حد ما على البلديات والملاك البيوت من الأفراد على التوالي. وإذا كانت هذه المناطق المحمية أقل توافراً في المجتمعات العربية عن اليهودية، على حد قول المسؤولين لـ هيومن رايتس ووتش، فهذا يرجع إلى أنه حتى عام 2006، كان الكثير من العرب يفترضون أن مجتمعاتهم السكنية لن تتعرض للهجوم، وهكذا اختاروا ألا يخصصوا موارد كثيرة لبناء وصيانة هذه المناطق الآمنة.227

إلا أن مراجعة تمت من قبل مراجع الإحصاءات في إسرائيل، ميكا ليندنشتراوس، انتقد فيها عدم تناسب عدد الملاجئ وغيرها من سبل الحماية للسكان من غير اليهود في الشمال الإسرائيلي. وجاء في تقريره – 582 صفحة – عن الأداء على الجبهة أثناء حرب لبنان، الصادر في 18 يوليو/تموز 2007، وفيما يتعلق بـ"قطاع غير اليهود"، ما يلي:

في البلديات الـ 13 التي جمع منها مكتب مسؤول إحصاءات الدولة المعلومات، لم يكن لدى 150000 شخص مدني (أكثر من 70% من سكان هذه المواقع) حلول خاصة بالملاجئ وسبل الحماية.

والموقف الموصوف أعلاه يشير إلى تجاهل حاد من طرف الحكومة المركزية والسلطات المحلية للأمور الخاصة بالملاجئ الخاصة بالسكان في قطاع غير اليهود، ولم تقم أي من وزارة المالية أو وزارة الداخلية أو لجنة الجبهة أو السلطات المحلية بتخصيص ميزانية لهذا الغرب، ولدى المؤسسات العامة ملاجئ قليلة للغاية، والملاجئ المتوافرة تعوزها المعدات الأساسية. كما يوجد نقص في الملاجئ الخاصة والملاجئ الخاصة بالمؤسسات التعليمية. وبالنتيجة، فإن الآلاف من السكان في قطاع غير اليهود في الشمال، ليست لديهم ملاجئ تؤويهم في حالات الطوارئ.228

وقد رفض مكتب رئيس الوزراء إيهود أولمرت النتائج التي توصل إليها مسؤول الإحصاءات.229

ولم تجر هيومن رايتس ووتش تحقيقاً ينظر فيما إذا كانت إسرائيل تفرق بين السكان اليهود والعرب في الشمال، من حيث الحماية التي توفرها من هجمات حزب الله. إلا أننا نشير إلى أن القانون الإنساني الدولي يحظر مثل هذه التفرقة على أساس من الدين أو العرق.230




215  انظر البروتوكول الأول، مادة (ج)58.

216  البروتوكول الخاص بحظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة (البروتوكول الثالث)، 1342 U.N.T.S. 171, 19 I.L.M. 1534, دخل حيز النفاذ في 2 ديسمبر/كانون الأول 1983، مادة (5)1.

217  البروتوكول الأول، مادة (ب) 58.

218  البروتوكول الأول، مادة (أ) 58.

219  كتيب "قوانين الحرب في أرض المعركة"، جيش الدفاع الإسرائيلي، صفحة 38، فيه حظر لـ "الأهداف العسكرية المختطلة بالأعيان المدنية، مثل قوة عسكرية داخل قرية أو فرقة جنود تفر إلى مبنى مدني"، كذلك: "على الجندي أن يحاول إبعاد المدنيين عن الأهداف العسكرية"، المرجع نفسه صفحة 39.

220  البروتوكول الأول، مادة (7) 51.

221  البروتوكول الأول، المادتان 57 و58.

222  انظر: “Palestinians Protest on ‘Land Day,’” Salt Lake Tribune 31 مارس/آذار 2000.

223  مقابلة هيومن رايتس ووتش، راملى، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

224  مقابلة هيومن رايتس ووتش، تل أبيب، 2 يوليو/تموز 2007.

225  انظر مثلاً: Sharon Roffe-Ofir, “Nazareth: No one told us, the Arabs, to take shelter,” Ynet News, 19 يوليو/تموز 2006، على: http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-3278550,00.html#n (تم الاطلاع عليه في 31 مايو/أيار 2007)، و: مركز المساواة (حيفا، إسرائيل): “The Arab Citizens of Israel and the 2006 War in Lebanon: Reflections and Realities,” أغسطس/أب 2006، على: http://www.mossawacenter.org/files/files/File/Reports/2006/The%20Arab%20Citizens%20of%20Israel%20and%20the%202006%20War%20in%20Lebanon(2).pdf (تم الاطلاع عليه في 1 مايو/أيار 2007).

226  المرجع السابق.

227  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الكولونيل يشيل كوبرشتاين، رئيس قسم الحماية البدنية بجيش الدفاع الإسرائيلي، راملى، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

228  انظر مسؤولمسؤول الإحصاءات الإسرائيلي: "حالة الجبهة وأداءها أثناء حرب لبنان الثانية"، (He'archut Ha'oref vetifkudo bemilhemet Levanon Hashniya) باللغة العبرية على: http://www.mevaker.gov.il/serve/contentTree.asp?bookid=493&id=188&contentid=&parentcid=undefined&sw=1280&hw=954 (تم الاطلاع عليه في 21 يوليو/تموز 2007).

229  انظر: Aron Heller, “Government Watchdog Slams Olmert, Army for Handling of Homefront during Lebanon War,” Associated Press, 18 يوليو/تموز 2007.

230  العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، G.A. res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171, دخل حيز النفاذ في 23 مايو/أيار 1976، المادة 26.