Israel and the Occupied Palestinian Territories



Israel and the Occupied Palestinian Territories Israel and the Occupied Palestinian Territories
  

الخلفية التاريخية لنزاع 2006

لم تحارب جيوش لبنان وإسرائيل حروباً تقليدية منذ حرب عام 1948. إلا أن حكومة لبنان سمحت لجماعات مسلحة بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي اللبنانية، أو أنها فشلت في التحكم في هذه الجماعات.

وفي 1982، شنت إسرائيل غزواً موسعاً باسم "عملية سلام الجليل" وكان غرضها المُعلن هو تدمير أجهزة منظمة التحرير الفلسطينية العسكرية والسياسية في لبنان. وتسبب القصف الجوي الإسرائيلي في مقتل آلاف المدنيين مع حصار القوات الإسرائيلية لبيروت. وأصدر مجلس الأمن بالأمم المتحدة قراراً ينادي بالانسحاب الكلي والفوري وغير المشروط للقوات من لبنان. واستمرت إسرائيل في غزو أجزاء كبيرة من البلاد، متذرعة بتحقيق أهداف سياسية وعسكرية بالغة الأهمية.

وأدى الاحتلال الإسرائيلي إلى خلق مقاومة شيعية مقرها الأساسي ضواحي بيروت الجنوبية، ووادي البقاع، وقرى الجنوب اللبناني. وفي عام 1985، أعلنت جماعة أطلقت على نفسها اسم حزب الله، عن نفسها، وأعلنت قيام كفاح مسلح بغرض القضاء على الاحتلال الإسرائيلي في لبنان. وحين انتهت الحرب الأهلية في لبنان عام 1990 ووافقت الفصائل المتحاربة الأخرى على نزع السلاح، رفض كل من حزب الله وجيش جنوب لبنان، وهي ميليشيا مناصرة لإسرائيل. وأعلن حزب الله أسبابه بأنها استمرار إسرائيل في احتلال الأراضي اللبنانية واحتفاظها بسجناء لبنانيين.

وسمحت حكومة لبنان لحزب الله بالاحتفاظ بأسلحته. وفي عام 1992 شارك حزب الله في الانتخابات الوطنية اللبنانية، وربحت قائمة المرشحين التي كان يدعمها 12 مقعداً في البرلمان. وفي عام 2005 دخل الحكومة للمرة الأولى وحصل على حقائب وزارية.

وقد تصادم حزب الله وإسرائيل في أجزاء متفرقة من الحدود الإسرائيلية – اللبنانية وداخل لبنان منذ الثمانينات. وحارب حزب الله ضد جيش الاحتلال، وأطلق الصواريخ وقذائف الهاون على إسرائيل، وشن هجمات انتحارية عبر الحدود بقواته الخاصة (الكوماندوز). وقام جيش الدفاع الإسرائيلي بإجراء عمليات برية في لبنان، وأطلق قذائف المدفعية وأجرى هجمات جوية والغرض المعلن منها كان القضاء على الخطر الذي يتهدد إسرائيل من جانب حزب الله والميليشيات المسلحة الأخرى في لبنان.

وفي مرتين أثناء التسعينيات، بادرت إسرائيل بعمليات برية وجوية كبرى، وكانت الأهداف المعلنة هي القضاء على صواريخ حزب الله التي تقصف إسرائيل وأن تصعب من قدرة حزب الله على الاستمرار في استخدام الجنوب اللبناني كقاعدة لمهاجمة القوات الإسرائيلية.

واستغرقت أولى هذه العمليتين، في أواخر يوليو/تموز 1993، سبعة أيام، وكانت باسم "عملية المحاسبة". ونجم عن العمليتين الإسرائيليتين وفاة حوالي 120 مدنياً لبنانياً، وإصابة قرابة الخمسمائة، والتشريد المؤقت لما يقدر بحوالي 300000 قروي ولاجئ فلسطيني تشردوا من بيوتهم. وفي ذلك الأسبوع أطلق حزبالله 151 صاروخاً عبر الحدود، طبقاً للسلطات الإسرائيلية، وتسبب في مقتل اثنين من المدنيين وإصابة 24 آخرين.231

وانتهى قتال عام 1993 بالتوصل إلى مجموعة قواعد غير رسمية وغير مكتوبة بين إسرائيل وحزب الله، مفادها حظر الهجمات ضد المدنيين. إلا أنه في عام 1996، انهارت هذه القواعد تماماً، مع اتهام كل من الطرفين الطرف الآخر بارتكاب انتهاكات متكررة.

وفي 11 أبريل/نيسان 1996، شنت إسرائيل عملية عسكرية موسعة في لبنان باسم "عملية عناقيد الغضب". ومع انتهائها في 27 أبريل/نيسان، كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية قد نجمت عن مقتل 154 مدنياً وإصابة 351 آخرين. وأطلق حزب الله 639 صاروخاً على إسرائيل، طبقاً للمسؤولين الإسرائيليين.232 ولم يلقَ أحد حتفه في صفوف المدنيين الإسرائيليين، وإن تعرض 62 مدنياً للإصابات، ومنها ثلاثة إصابات خطيرة، وتم علاج 65 مدنياً من أثر الصدمة، طبقاً لجيش الدفاع الإسرائيلي.233

وانتهى النزاع باتفاق مكتوب بين سوريا ولبنان وإسرائيل، والذي كان من المقرر أن تراقب الالتزام به كل من الولايات المتحدة وفرنسا. وكان الاتفاق طبقاً للفهم الأمريكي له، كما يلي:

1. لن تقوم الجماعات المسلحة في لبنان بتنفيذ أية هجمات ضد إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا أو بأي نوع من الأسلحة.

2. لن تقصف إسرائيل – أو من يتعاونون معها – بأي نوع من أنواع الأسلحة، المدنيين أو الأهداف المدنية في لبنان.

3. بخلاف هذا، يلتزم الطرفان بضمان أنه لن يتم استهداف أي مدنيين – تحت أي ظرف من الظروف – وأن المناطق المأهولة بالمدنيين والمنشآت الصناعية والكهربية لن تُستخدم كقواعد لشن الهجمات.

4. دون الإخلال بهذا الاتفاق، لا يوجد في الاتفاق أي حكم يمنع أي من الطرفين بممارسة الحق في الدفاع عن النفس.234

وقد تراجع عدد حوادث العنف بعد إبرام هذا الاتفاق.

وبحلول مايو/أيار 2000، سحبت إسرائيل قواتها من الجنوب اللبناني، وقالت إنها أنهت احتلالها الذي دام 18 عاماً. واعتبرت السلطات اللبنانية أن انسحاب إسرائيل ليس تاماً، إذ أشارت إلى منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها، وإلى استمرار إسرائيل في الاحتفاظ بأسرى لبنانيين، وهي المبررات التي تذرع بها حزب الله للاستمرار في المقاومة.

بدء نزاع يوليو/تموز – أغسطس/أب 2006

حوالي الساعة التاسعة صباح يوم 12 يوليو/تموز 2006، عبر مقاتلو حزب الله إلى الأراضي الإسرائيلية وهاجموا قافلة لجيش الدفاع الإسرائيلي، فقتلوا ثلاثة جنود إسرائيليين وأسروا جنديين وعادوا بهما إلى لبنان. وقبل الهجمة بقليل كان حزب الله قد أطلق صواريخ وقذائف هاون على مواقع عسكرية وبالقرب من مناطق مأهولة بالسكان على طول الحدود، ومنها بلدة شلومي وقرية (موشاف) زرعيت. ويبدو أن هذه الهجمات كانت مناورة لإبعاد الأنظار عن عملية الاختراق والهجوم على قافلة جيش الدفاع الإسرائيلي. وتسببت صواريخ حزب الله ذلك اليوم – وهي 24 صاروخاً طبقاً لقيادة الجبهة بجيش الدفاع الإسرائيلي – في إصابات بدنية طفيفة لحقت باثنين من المدنيين.235

وفور وقوع الهجمات تقريباً، تم إرسال دبابة ميركافا إسرائيلية إلى داخل لبنان لإنقاذ الجنديين الأسيرين، فأصيبت بلغم مضاد للدبابات تسبب في مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة رابعهم. ولاقى جندي إسرائيلي ثامن حتفه في القتال في معرض الجهود الرامية لاستعادة المصابين والقتلى من الدبابة.236

وقد أطلق حزب الله على الهجمة اسم "عملية الوعد الحق"، إذ تمكن من خلالها أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، من الوفاء بوعد قطعه منذ فترة طويلة، بأن يتخذ جنوداً إسرائيليين رهائن لكي يضغط على إسرائيل للإفراج عمن بقى لديها من أسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية، وكذلك سعياً منه لاستعادة لبنان مزارع شبعا المتنازع عليها.237 وفور وقوع الهجمة، أعلن حزب الله أنه سيعيد الجنديين المختطفين عبر "مفاوضات غير مباشرة" في "مبادلة" بالأسرى اللبنانيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.238

وفيما يسمح القانون الإنساني الدولي للأطراف المتحاربة بتبادل الأسرى، فإن القبض على مواطني أحد الدول الأطراف واستغلالهم لإجبار هذا الطرف على إطلاق سراح أسرى الطرف الآخر، يعتبر اتخاذ رهائن وينتهك القانون الإنساني.239

وبعد اختطاف الجنديين، لعل حزب الله توقع رد فعل من إسرائيل يقتصر على أيام قليلة من الهجمات الجوية على أهداف لحزب الله، يتلوها مفاوضات لتبادل الأسرى، كما جرى في حادث سابق لأخذ الرهائن.240 لكن حدث أن شنت إسرائيل عملية عسكرية موسعة، ليس فقط لاستعادة الجنديين الأسيرين، بل أيضاً لتبعد حزب الله عن حدودها الشمالية.

وهكذا بدأت عملية حزب الله المسماة "الوعد الحق". وأطلقت إسرائيل على حملتها اسم "عملية الرد العادل"، ثم غيرت الاسم فيما بعد إلى "عملية تغير الاتجاه". وقال بعض المعلقون الإسرائيليون وغيرهم بأن العملية الإسرائيلية على لبنان التي بدأت باعتقال حزب الله لجنديين إسرائيليين في 12 يوليو/تموز، كان قد تم التحضير لها منذ فترة طويلة،241 كما حضر حزب الله للحرب قبل فترة من ذلك اليوم.242

وبعد عمليات حزب الله في 12 يوليو/تموز مباشرة، بدأ جيش الدفاع الإسرائيلي في قصف الجنوب اللبناني، وأصاب مواقع ومنشآت بنية تحتية لحزب الله، وتسبب في إصابات لحقت بالمدنيين. وبعد خسارة خمسة عناصر من القوات في ذلك اليوم في عملية غير ناجحة في لبنان لإنقاذ الجنديين المأسورين؛ سرعان ما وسع الجيش الإسرائيلي من عملياته الجوية التي أصابت أهداف في لبنان. وتسببت الهجمات في مقتل ما لا يقل عن 55 مدنياً وإصابة أكثر من 100 بحلول 13 يوليو/تموز، طبقاً لتقارير إعلامية صدرت في ذلك الحين.

وزعم قائد حزب الله، نصر الله، أن عملية حزب الله بأسر الجنديين كانت مبررة؛ لأن إسرائيل انتهكت اتفاق بينهما بإطلاق سراح الأسر ى اللبنانيين.243 وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، هجوم حزب الله في 12 يوليو/تموز "عملاً حربياً"، وحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية.244

وفي 13 يوليو/تموز، أطلق حزب الله حوالي 120 صاروخاً على إسرائيل، طبقاً للتعداد الإسرائيلي للصواريخ، وأصابت 20 بلدة، ومنها، للمرة الأولى على الإطلاق، مدينة حيفا، والتي تقع على مسافة 30 كيلومتراً من الحدود. وفي ذلك اليوم، تسببت صواريخ حزب الله في مقتل أول شخصين مدنيين في النزاع.




231  انظر: See Human Rights Watch, Civilian Pawns: Laws of War Violations and the Use of Weapons on the Israel-Lebanon Border, مايو/أيار 1996، على: http://hrw.org/reports/1996/Israel.htm#P902_269733

232  اقتباس من: Human Rights Watch, Operation Grapes of Wrath: The Civilian Victims, September 1997, vol. 9, no. 8(E), على: http://hrw.org/reports/1997/isrleb/Isrleb-02.htm#P642_151307

233  المرجع السابق.

234  اتفاق وقف إطلاق النار الإسرائيلي – اللبناني، 26 أبريل/نيسان 1996، على: http://telaviv.usembassy.gov/publish/peace/documents/ceasefire_understanding.html (تم الاطلاع عليه في 6 مايو/أيار 2007).

235  قيادة الجبهة بجيش الدفاع الإسرائيلي، عرض بالكمبيوتر، بدون تاريخ، يرجح أنه أواخر عام 2006، مسجل لدى هيومن رايتس ووتش.

236  المرجع السابق، و: Nicholas Blanford, “Hizbollah and the IDF: Accepting New Realities along the Blue Line,” The MIT Electronic Journal of Middle East Studies, vol. 6, Summer 2006, http://web.mit.edu/cis/www/mitejmes/intro.htm  (تم الاطلاع عليه 17 يوليو/تموز 2007). انظر أيضاً: آموس هاريل "حزب الله يقتل 8 جنود ويختطف اثنين في عدوان على الحدود الشمالية" ها آرتس، 13 يوليو/تموز 2006.

237  للاطلاع على خلفية نزاع مزارع شبعا، انظر: Asher Kaufman, “Size Does Not Matter: The Shebaa Farms in History and Contemporary Politics,” The MIT Electronic Journal of Middle East Studies, vol. 6, Summer 2006, http://web.mit.edu/cis/www/mitejmes/intro.htm (تم الاطلاع عليه 17 يوليو/تموز 2007).

238  انظر: Chris McGreal, “Capture of soldiers was ‘act of war’ says Israel,” Guardian (London), 13 يوليو/تموز 2006.

239  تُعرف الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن (1979) في المادة الأولى منها أخذ الرهائن على أنه القبض على شخص أو احتجازه (الرهينة)، مع التهديد بقتله أو إلحاق الإصابة به أو الاستمرار في احتجازه كرهينة، من أجل دفع طرف ثالث على فعل، أو الامتناع عن فعل، شيء ما، كشرط لإطلاق سراح الرهينة. ولا تقتصر النصوص العديدة في القانون الإنساني الدولي الخاصة بأخذ الرهان، على جريمة أخذ المدنيين رهائن، بل اتنطبق أيضاً على أخذ أي شخص رهينة. انظر، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الدولي الإنساني العرفي، صفحة 336، وهيومن رايتس ووتش، "غزة/إسرائيل/لبنان: أطلقوا سراح الرهائن"، 5 يوليو/تموز 2007، على: http://hrw.org/english/docs/2007/07/05/isrlpa16354.htm

240  في عام 2004، تفاوضت إسرائيل على تبادل الأسرى مع حزب الله بعد اختطاف الأخير إلهانان تانينبوم، وهو رجل أعمال إسرائيلي وكولونيل سابق في جيش الدفاع الإسرائيلي، ومعه ثلاثة جنود إسرائيليين. انظر: Ian Fisher and Greg Myre, “Israel and Hezbollah Trade Prisoners and War Dead in Flights To and From Germany,” The New York Times 30 يناير/كانون الثاني 2004.

241  انظر، مثلاً، Matthew Kalman, “Israel set war plan more than a year ago: Strategy was put in motion as Hezbollah began increasing military strength,” San Francisco Chronicle 21 يوليو/تموز 2006، وأيضاً: Seymour M. Hersh, “Washington’s Interest in Israel’s War,” New Yorker 21 أغسطس/أب 2006. إلا أن لجنة فينوجراد التي تم تعيينها من قبل الحكومة الإسرائيلية  للتحقيق في تعاطيها مع الحرب، انتقدت قيادات الدولة، في تقريرها الذي صدر في 30 أبريل/نيسان 2007، لأنهم دخلوا الحرب دون تحضير لها. ويوجد ملخص بالإنجليزية لتقرير اللجنة على: http://www.mfa.gov.il/MFA/Government/Communiques/2007/Winograd+Inquiry+Commission+submits+Interim+Report+30-Apr-2007.htm (تم الاطلاع عليه في 5 يونيو/حزيران 2007).

242  في 17 أغسطس/أب 2007، ومع نهاية النزاع، قال شيخ نعيم قاسم، نائب أمين عام حزب الله، على تلفزيون المنار إنه على مدى الست سنوات الماضية وحزب الله يعمل ليلاً ونهاراً، من أجل التحضير والتسليح والتدريب، لأنه لم يثق قط في العدو الإسرائيلي. اقتباس من الكلمة في: Blanford, “Hizbullah and the IDF: Accepting New Realities along the Blue Line.”.

243  قال نصر الله: "لن يعود الأسرى إلا بهذه الطريقة.. المفاوضات غير المباشرة والتبادل"، في: Greg Myre and Steven Erlanger, “Clashes Spread to Lebanon as Hezbollah Raids Israel,” The New York Times 13 يوليو/تموز 2006.

244  انظر: Greg Myre and Steven Erlanger, “Clashes Spread to Lebanon as Hezbollah Raids Israel,” The New York Times  13 يوليو/تموز 2006، وقال السيد أولمرت: "أريد أن أوضح أن الهجوم الذي وقع صباح اليوم ليس عملاً إرهابياً، بل هو عمل صادر عن دولة تتمتع بالسيادة هاجمت إسرائيل دون سبب"، وأضاف: "إن حكومة لبنان، التي يعتبر حزب الله جزءاً منها، تحاول زعزعة الأمن في المنطقة".