Libya



Libya Libya
  

<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >>

VII. الإعادة القسرية

يشكل ترحيل الأشخاص عنصرًا أساسيًا من خطة الحكومة الليبية لتقليل عدد الأجانب الذين لا يحملون وثائق. ففي الفترة من 2003 – 2005 أعادت ليبيا نحو 140 ألف فرد إلى أوطانهم. وإذا كان أغلب هؤلاء من المهاجرين لأسباب اقتصادية، الذين دخلوا البلد بصورة غير مشروعة، فإن بعضهم كانوا من طالبي اللجوء واللاجئين الذين واجهوا خطر الاضطهاد أو سوء المعاملة في أوطانهم.

ولما كانت ليبيا تفتقر إلى قانون ولائحة إجراءات خاصة بالهجرة تتضمن الخطوات الواضحة اللازمة للبت فيما إذا كان الأشخاص يواجهون خطر التعذيب عند عودتهم، فإن ليبيا لا تستطيع البت فيما إذا كان الأشخاص الذين ترحلهم يجب حصولهم على الحماية. فكما انتهت إليه بعثة المفوضية الأوروبية في أعقاب زيارتها إلى ليبيا "يبدو أن قرار إعادة المهاجرين بصورة غير شرعية إلى بلدانهم الأصلية يسري على مجموعات جنسيات معينة ولا يتخذ بعد الفحص التفصيلي لكل حالة على انفراد"126 وقد أبدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة انتقادات أشد، فعبرت عن قلقها بشأن "الحدود الدنيا لمعايير معاملة الأشخاص الذين قد يكونون في حاجة إلى الحماية الدولية"127.

وطبقًا لما تقوله الحكومة الليبية، قامت السلطات بإعادة 47991 شخصًا في عام 2005، وقالت الحكومة إن 35627 شخصًا من هؤلاء، وهم يمثلون نسبة 74 في المائة، عادوا طوعًا إلى بلادهم، وكانت تعني بذلك أن الأفراد سلموا أنفسهم للسلطات ووافقوا على العودة إلى الوطن. وأما الباقي فقد رحلتهم "بعد التشاور مع سلطات بلدانهم"128. وقال تقرير المفوضية الأوروبية إن ليبيا رحلت 45 ألف شخص في عام 2004 و43 ألف شخص في 2003، وإن لم يحدد التقرير عدد من تطوعوا من بين هؤلاء بالعودة إلى ديارهم129.

وكما ذُكر آنفًا، فإن مفهوم العودة الطوعية غير دقيق. فعلى نحو ما أقر به علي امدورد، وهو أحد كبار مسئولي الهجرة، كان البعض يتطوعون للعودة إلى بلدانهم بسبب خوفهم من القبض عليهم واحتجازهم وإعادتهم قسرًا130. والانتهاكات التي ترتكب أثناء القبض على الأشخاص واحتجازهم، إلى جانب التمييز بصفة عامة ضد الأجانب، قد يقنع الأفراد أيضًا بأن العودة الطوعية للوطن أفضل السبل المتاحة.

وترحيل الأشخاص إلى بلدان يتعرضون فيها لخطر الانتهاكات يمثل خرقًا مباشرًا للمواثيق الدولية التي صادقت عليها ليبيا. وتنص المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، بصفة خاصة، على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".

وتزعم الحكومة الليبية أنها لا تعيد إلا المهاجرين دون تصريح ولأسباب اقتصادية، وهكذا فهم لا يواجهون خطر التعذيب. وقال سعيد عريبي حفيانة، الأمين المساعد للاتصالات الخارجية والتعاون الدولي" إننا نعيدهم بصورة قانونية ونتحمل تكاليف إعادتهم"131.

وقالت الحكومة الليبية في تقريرها الدوري الثالث الذي قدمته في عام 1998 إلى لجنة اتفاقية مناهضة التعذيب، إن القانون الليبي يحظر "طرد الأشخاص أو تسليمهم أو إعادتهم [إلى حيث يتعرضون للتعذيب أو سوء المعاملة]"132. وليس من الواضح إذا ما كانت الحكومة الليبية تشير إلى القانون الليبي رقم 20 لسنة 1991 بشأن تعزيز الحرية الذي يقول بأن ليبيا ملاذ المضطهدين والمناضلين في سبيل الحرية "فلا يجوز تسليم اللاجئين منهم لحماها إلى أية جهة"، أو إلى الأثر المباشر للمعاهدات الدولية، مثل اتفاقية مناهضة التعذيب.

وتحدثت الحكومة بالتفصيل في المذكرة التي قدمتها في إبريل/نيسان 2006 إلى هيومن رايتس ووتش عن موقفها، قائلة إن القانون الليبي والالتزامات الدولية يمنعان الإعادة:

وفيما يتعلق بالزعم بأن طالبي اللجوء يتعرضون للاحتجاز والترحيل، فإن اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي تؤكد أن الجماهيرية الليبية ليست من الدول الأطراف في معاهدة جنيف لعام 1951 الخاصة باللاجئين وفي البروتوكول الملحق بها، ولكن ليبيا - وفقًا لتشريعاتها المحلية، وعلى رأسها الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير، وقانون تعزيز الحرية - تقدم ملاذاً للمناضلين في سبيل الحرية، والقانون يحظر نقل اللاجئين إلى أي طرف آخر لحمايتهم. وتود اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن توضح أن التقرير [الذي أصدرته هيومن رايتس ووتش] يخلط بين المهاجرين غير الشرعيين الذين يريدون البقاء أو الهجرة إلى بلدان أخرى، وبين أولئك الذين يدخلون البلد بصورة غير قانونية ويعلنون عزمهم على البقاء، طالبين الحرية، ومن أجل ذلك تقبلهم ليبيا ضيوفًا عليها، وأما المرحلون فهم إما من دخلوا البلد بصورة غير قانونية، أو دخلوا بصورة قانونية ثم ضبطوا أثناء محاولة التسلل إلى بلدان أخرى، وهم لم يُرحَّلوا إلا بعد اتخاذ الخطوات القانونية السليمة ضدهم.

وتؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والعلاقات الدولية أن ليبيا لا تقوم بتسليم أي شخص إلى بلد أو تمنعه من دخول ليبيا إذا توافرت الأدلة على أنه قد يتعرض للتعذيب، أو أنه لا يتمتع بالمحاكمة العادلة المناسبة للتهمة الموجهة إليه في البلد الذي يرحل إليه، بناء على القانون المحلي والاتفاقات التي وقعتها ليبيا، ومن بينها اتفاقية مناهضة التعذيب. وعلى هذا الأساس فإن الاتفاقات مع البلدان الأخرى التي تشارك فيها ليبيا بخصوص نقل المهاجرين لا تتضمن السماح بالنقل في حالة الجرائم السياسية133.

وترى الحكومة الليبية أنها تقدم معروفًا إلى الأجانب الذين يحملون وثائق بإعادتهم إلى أوطانهم. وقال مسئولو الهجرة إن الطريق الذي يسلكه المهربون إلى إيطاليا طريق خطر، وإن مئات الأشخاص يموتون سنويًا في القوارب المكتظة بالمسافرين. وإن الحكومة تتكفل بنفقات جهود الإعادة إلى الوطن، وهي نفقات باهظة. ويقول علي امدورد إن الحكومة قد أنفقت 16 مليون دولار أمريكي على إعادة الأشخاص في الفترة من أغسطس/آب 2004 وفبراير/شباط 2005134.

وطبقًا لما جاء في مذكرة الحكومة المقدمة في إبريل/نيسان، أنفقت الحكومة في عام 2005 مبلغ 3678756 دينارًا ليبيًا على"عمليات الترحيل"، وهو ما يعادل 2935000 دولار أمريكي.

وكما ذكرنا آنفًا، وفي إطار الافتقار إلى قانون لجوء ولائحة إجراءات خاصة بتنفيذ المبادئ العامة للقانون الليبي والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، لا يزال الغموض يكتنف كيفية تمييز الحكومة بين المهاجرين لأسباب اقتصادية وبين طالبي اللجوء واللاجئين. ولا يعرف أحد ما هي السلطات التي تنظر في طلبات اللجوء وما هي المعايير التي تبنى قراراتها على أساسها.

عملية الترحيل

كثيرًا ما تكون عملية القبض على الأشخاص واحتجازهم، كما أوضح الفصلان السابقان، عملية تعسفية وغير منظمة، فالمحتجزون يودعون في منشآت متباينة، وأحوال كثير منها دون المستوى المقبول، وتوحي الأدلة المتوافرة بأن الحكومة قد اتخذت خطوات إيجابية لتحسين الأحوال والارتقاء بالإجراءات، وإن كان ترحيل الأشخاص دون مراعاة للحد الأدنى من المعايير مستمرًا دون هوادة.

ويزعم مسئولو الهجرة الليبيون أنه عندما يقبض على الأجانب، سواء كانوا يحاولون عبور الحدود أو في أثناء حملة في إحدى المدن، تقوم السلطات أولاً بالاتصال بسفاراتهم لتحديد هواياتهم وجنسيتهم. ويشكو المسئولون الليبيون من بطء بعض السفارات في الرد، وهو ما يؤدي إلى إطالة فترة الحجز. وقال المسئولون إن سفارات مصر والنيجر وتشاد سريعة الرد، وعادة ما ترسل ردها في غضون أسبوع واحد، ولكن نيجيريا وغانا عادة ما تتباطآن135.

وقد يتسبب إرسال أسماء الأجانب المحتجزين إلى سفارات بلدانهم إلى تعريض طالبي اللجوء واللاجئين للخطر بتمكين حكوماتهم من معرفة هواياتهم؛ ومن جديد تزعم الحكومة الليبية أن هذه ليست مشكلة لأن جميع المعتقلين مهاجرون بصورة غير مشروعة؛ وسواء كانوا مهاجرين بصورة مشروعة أو غير مشروعة فلابد من وجود إجراءات لجوء وإلا استحال ضمان أن الأشخاص الذين لديهم مخاوف مشروعة من اضطهاد حكوماتهم لهم ليسوا بين المعتقلين.

وأسرع حالات الإعادة هي حالات الأشخاص الذين يُرَدُّونَ على أعقابهم من إيطاليا، إذ تكون الحكومتان الليبية والإيطالية قد سبق لهما اتخاذ تدابير نقلهم إلى بلدانهم الأصلية حالما يصلون إلى ليبيا (انظر الفصل العاشر "دور الاتحاد الأوروبي وإيطاليا"). وقال هادي خميس، مدير مخيمات الترحيل في ليبيا "إن هذا مُرَتَّبٌ له قبل وصولهم [من إيطاليا] ولذلك فنحن لا نحتجزهم". وأوضح ذلك بقوله :"إنهم لا يحتجزون في مركز الفلاح بل يرسلون فورًا إلى الوطن"136. ويعني هذا في معظم الأحوال إعادتهم برًا إلى مصر لأن معظمهم من مصر. ويقول خميس إن الليبيين أعادوا نحو 300 شخص ردوا على أعقابهم من إيطاليا في النصف الأول من عام 2005. وأخبرت الحكومة الليبية هيومن رايتس ووتش في وقت لاحق أن الحكومة الإيطالية أعادت 1876 من "المهاجرين غير الشرعيين" إلى ليبيا في عام 2005، وأن الحكومة الليبية عندئذ أرسلت هؤلاء الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية"137.

الأخطاء في أثناء الترحيل

أصبحت عملية الترحيل أكثر انتظامًا على مر الأيام، وكانت الحكومة الليبية في البداية تعيد مجموعات من الأشخاص عن طريق البر إلى بلدانهم في ظروف خطرة؛ وتقول بعض الأنباء إن السلطات كانت أحيانًا ما تتخلى عن المرحلين في منتصف الطريق، وإن بعضهم لقوا حتفهم في غضون ذلك. وقد قام صحفي إيطالي بتغطية إعلامية واسعة للهجرة العابرة لليبيا وسافر إلى حدود ليبيا الجنوبية، وأخبر هيومن رايتس ووتش أن السلطات الليبية، بعد سلسلة من حملات الشرطة في أغسطس/آب 2003، أعادت نحو خمسين مصريًا إلى مصر على ظهر شاحنة، وأن سبعة رجال ماتوا في أثناء ذلك138. وقال الصحفي نفسه إن خمسين شخصًا قد توفوا من بين الذين كانوا يُعادون إلى النيجر في أكتوبر/تشرين الأول 2004، عندما انقلبت بهم شاحنتهم في الطريق139. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التثبت من صحة هذه الأنباء بنفسها.

وفي 14 إبريل/ نيسان 2005، أصدر البرلمان الأوروبي قرارًا يدعو فيه الحكومة الإيطالية إلى الكف عن الطرد الجماعي للمهاجرين واللاجئين بإرسالهم إلى ليبيا لأن ذلك البلد قام "مؤخرًا بعمليات إعادة جماعية للأجانب في ظروف لا تصون كرامتهم أو تكفل بقاءهم في قيد الحياة." واستشهد القرار "بمصادر ليبية" تقول إن "106 أشخاص قد ماتوا، فيما زعم، نتيجة عمليات الطرد المذكورة"140؛ وأما "المصادر الليبية" التي يستشهد بها القرار فلم تتضح حتى الآن.141

وتستأجر الحكومة الليبية طائرات خاصة لنقل المجموعات الكبيرة. وكانت أول الأمر تستخدم طائرات شحن بلا مقاعد، مما دعا بعض الحكومات الإفريقية إلى الشكوى. وقال سفير لدولة من الدول الإفريقية جنوب الصحراء في ليبيا لهيومن رايتس ووتش إن بعض المرحلين، وكان من بينهم مرضى، اضطُروا إلى الوقوف فترة تتراوح بين خمس ساعات وست ساعات في الطائرة التي لم تكن بها مراحيض ؛ وأما الذين نقلوا برا عن طريق تشاد أو النيجر فقد واجهوا صعوبات أكثر. وإذا وقعت لسيارات النقل أي مشاكل، فإن المسئولين الليبيين كانوا يتخلون عن المرحلين في منتصف الطريق، ولم تكن سفارتهم تعرف قط ما حدث لهم142. وفي مارس/آذار 2004 أعرب وزير الداخلية الغاني عن إدانته للأحوال اللاإنسانية التي يتعرض لها المرحلون. وقال إن ليبيا قد أعادت نحو 6000 غاني في عام 2004، وتعتزم إعادة 14000 آخرين في عام 2005143.

وثمة مشكلة أخرى كثيراً ما تحدث عنها المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية، وهي مشكلة الرشوة التي يطلبها أفراد حرس الحدود الليبي والجنود ورجال الشرطة. فقد كان المرافقون الأمنيون الحكوميون يَعْرضون أحياناً إطلاق سراح المرحلين في مقابل بضع مئات من الدولارات. وفي إحدى الحالات، قال اللاجئ الإثيوبي إسكندر - الذي تناولنا في الفصل السابق ما تعرض له من انتهاكات في الحجز – لهيومن رايتس ووتش إن الجنود وضعوه مع غيره من المعتقلين في شاحنات عسكرية في أوائل عام 2003، وانطلقوا بهم إلى الحدود مع السودان. وهناك قال الجنود إنهم على استعداد لإطلاق سراحهم مقابل 200 دولار أمريكي للشخص الواحد. ودفع إسكندر المبلغ، ونجح في الوصول إلى طرابلس، حيث دفع مبلغاً من المال إلى أحد المهربين مقابل نقله إلى إيطاليا144.

الإريتريون عرضة لخطر الإعادة

قامت ليبيا منذ 2002 بترحيل مئات الإريتريين، وتعرض بعضهم لانتهاكات خطيرة عند عودتهم.145 وقد وقعت حالة ترحيل جماعي حظيت بدعاية واسعة يوم 21 يوليو/تموز 2004، عندما أعادت ليبيا قسراً 109 مواطنين إريتريين في رحلة جوية خاصة مَوَّلتها إيطاليا، في طائرة تابعة لشركة طيران ليبيا تيبستي.146 وتقول منظمات حقوق الإنسان إن الحكومة الإريترية احتجزت المرحلين فور وصولهم واعتقلتهم بمعزل عن العالم الخارجي في سجن سري.147

ثم حاولت السلطات الليبية بعد عدة أسابيع، وتحديداً يوم 27 أغسطس/آب، أن تعيد قسراً مجموعة أخرى تتكون من خمسة وسبعين إريترياً، كان من بينهم ستة أطفال. ولما كان الإريتريون يخافون العودة لوطنهم، فقد قاموا باختطاف الطائرة وأرغموا قائدها على الهبوط في السودان حيث طلب ستون شخصاً من أفراد المجموعة اللجوء. وأجرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مقابلات شخصية مع طالبي اللجوء الستين وأقرت بأنهم في حاجة إلى الحماية148. وقالت المفوضية في بيان أصدرته يوم 21 سبتمبر/أيلول:

أجرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مقابلات شخصية مع ستين شخصاً من المسافرين الإريتريين بعد وصولهم إلى الخرطوم يوم 27 أغسطس/آب. وقال أفراد المجموعة إنهم احتُجزوا دون تهمة فترة طويلة في بلدة الكفرة الليبية، وإنهم تعرضوا مراراً للإيذاء البدني. وقالوا أيضاً إنهم على الرغم من الطلب الذي قدموه لمقابلة المفوضية السامية، لم يُسمح لهم بالانتفاع بأي إجراء من إجراءات اللجوء. وبالإضافة إلى ذلك لم يقم أحدٌ قط بإبلاغ المجموعة بقرار ترحيلهم إلى إريتريا، وأُرغموا على ركوب طائرة خاصة مستأجرة، ولم يعرفوا إلا بعد إقلاعها أن مقصد الطائرة هو بلدهم الأصلي. وقد مُنح ستون من الركاب الخمسة والسبعين بعد ذلك صفة اللاجئ في السودان.149

وقد وجهت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لوماً شديداً إلى الحكومة الليبية، وذكَّرَتها بضرورة مراعاة التزاماتها بموجب اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية التي تتناول الجوانب المحددة لمشاكل اللاجئين في إفريقيا، والمعقودة عام 1969 (الاتفاقية الإفريقية للاَّجئين – انظر الفصل التاسع "المعايير القانونية"). وقال البيان "إن ترحيل أشخاص قد يكونون من اللاجئين من إريتريا يوم 27 أغسطس/آب يشكل انتهاكاً خطيراً للاتفاقية الإفريقية ويمثل مخالفة واضحة لأعراف الحماية الدولية ومبدأ عدم الطرد أو الرد".

وقال أحد اللاجئين في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش في إيطاليا إن الشرطة الليبية احتجزته في ليبيا مع مجموعة من الإريتريين الآخرين. وهو يعتقد أن الحكومة طردت المجموعة في يوليو/تموز أو أغسطس/آب 2004. وقال "كانوا لاجئين مثلي. كانوا يدعون أنفسهم لاجئين، وحاولوا أن يقولوا "نحن لاجئون" ولكن هناك اتفاقاً بين حكومتي ليبيا وإريتريا، وهكذا فهم يعيدون دائماً [الإريتريين] الذين تريدهم الحكومة". وأضاف أنه يعرف أربعة من هؤلاء خير المعرفة، وأنهم كانوا جميعاً أعضاء في جماعات المعارضة الإريترية التي تنطلق في كفاحها من السودان150.

مهلة مؤقتة لبعض الجنسيات

يقول مسئولو الهجرة الليبيون إن الحكومة لا تعيد حاملي جنسيات معينة لأن الأحوال في أوطانهم لا تسمح بالعودة. وقال محمد الرمالي "إن الصوماليين يمثلون مشكلة، لأن الطائرات لا تستطيع الهبوط هناك. وحتى لو تعاونت معنا السفارة الصومالية، وهو نادر الحدوث، فنحن لا نستطيع تدبير أمر الطائرة؛ ولذلك قررت تسريحهم من المخيم"151. وقال إن 120 صومالياً كانوا قد أبدوا استعدادهم للعودة طوعاً للوطن حتى شهر إبريل/نيسان 2005، ولكن لم تكن هناك رحلات جوية.

وقال علي امدورد لهيومن رايتس ووتش إن الحكومة لا تقوم بترحيل أشخاص من مناطق "ساخنة" مثل ليبيريا أو الصومال، وإن كان باحثو هيومن رايتس ووتش قد قابلوا بعض الليبيريين عندما زاروا معتقل الفلاح يوم 25 إبريل/نيسان ويوم 9 مايو/أيار 2005152. وقال محمد الرمالي إن الحكومة لن تعيد سبعة وخمسين ليبيرياً وسبعة وعشرين من أبناء ساحل العاج بسبب الحالة السائدة في هذين البلدين. وقال علي امدورد إن ليبيا اتفقت اتفاقاً غير رسمي مع السودان، حتى إبريل/نيسان 2005، بعدم ترحيل أي شخص، وشرح ذلك قائلاً إنه إذا جاء شخص من دارفور لم يستطع أحد إعادته إلى الخرطوم، لأن الحكومة السودانية لا تملك سلطة إعادة الفرد إلى مناطق أخرى في البلد153.

وقال امدورد إن الحكومة الليبية تسمح للأفراد المستفيدين من هذه المهلة المؤقتة بالبحث عن عمل بعقود، ولهم أن يتقدموا بطلب الحصول على تصريح بالإقامة إذا وجدوا عملاً ما. وإذا فشلوا في العثور على عمل فقد تقبل الحكومة مؤقتاً وجودهم بصورة غير قانونية ما داموا مسجلين وجاهزين للعودة حين تسمح الظروف.

وأوضح علي امدورد أن الحكومة الليبية لا تستطيع إعادة بعض الأشخاص لأن بلدانهم بعيدة بُعْداً شاسعاً أو لأن أعدادهم صغيرة إلى الحد الذي لا يبرر استئجار طائرات لإعادتهم. ولهذا السبب يحدث أحياناً أن بعض اللاجئين أو المهاجرين المحتجزين إلى أجل غير مسمى في مخيمات الترحيل يزعمون أنهم ينتمون إلى بلد غير بلدهم مثل غانا أو نيجيريا حتى يخرجوا من المعتقل. وقال امدورد إن الترحيل إلى بلد ثالث – أي إعادة شخص إلى بلد غير بلده الأصلي – من ليبيا لا يحدث إلا عن غير قصد نتيجة الجهل في أمثال الحالات المذكورة.

وقالت السلطات الليبية أيضاً لوفد المفوضية الأوروبية في نوفمبر/تشرين الثاني – ديسمبر/كانون الأول 2004 إن الحكومة لا تعيد الإفراد إلى مناطق الصراع. ولكن اللجنة ذكرت في تقريرها أنها "لم تستطع تحديد الجهة التي تقرر استبعاد منطقة ما من المناطق التي يعاد الأشخاص إليها، وكيف يجري تنفيذ هذا القرار بعد ذلك عملياً"154.




126 المفوضية الأوروبية "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا المختصة بالهجرة غير القانونية، 27 نوفمبر/تشرين الثاني – 6 ديسمبر/كانون الأول 2004".

127 "قلق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة بشأن استمرار الإعادة القسرية من ليبيا لأشخاص قد يكونون من اللاجئين" – مذكرات إحاطة أصدرتها المفوضية في 21 سبتمبر/أيلول 2004.

128 مذكرة الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش في 18 إبريل/ نيسان 2006. انظر الملحق 1.

129 تقرير المفوضية الأوروبية. يقول التقرير إنه في عام 2003 كان 38 في المائة من الذين أعيدوا من المصريين، و15 في المائة نيجيريين، و12 في المائة سودانيين، و11 في المائة غانيين، و10 في المائة نيجيريين. وكانت باقي الجنسيات مغربية، ومالية، وإريترية، وصومالية، وكانت نسبة مئوية ضئيلة من بنغلاديش وباكستان والشرق الأقصى. وشهد عام 2004 زيادة كبيرة في المواطنين المصريين ومواطني بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وخصوصاً نيجيريا والنيجر وغانا ومالي.

130 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

131 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عريبي حفيانة، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

132 وثيقة الأمم المتحدة رقم CAT/C/44/add.3 متاحة في الموقع التالي على الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006 http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CAT.C.44.Add.3.En?OpenDocument

133 مذكرة الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

134 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

135 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، طرابلس، 2005 إبريل/نيسان 2005.

136 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هادي خميس، طرابلس، 9 مايو/أيار 2005.

137 مذكرة الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش في 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

138 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فابريتسيو غاتي، روما، 26 مايو/أيار 2005.

139 فابريتسيو غاتي "الرحلة الأخيرة للملعونين في الصحراء الكبرى"، صحيفة إسبرسو، روما، 24 مارس/آذار 2005.

140 قرار البرلمان الأوروبي بشأن لامبيدوزا، 14 إبريل/نيسان 2005، وهو متاح في الموقع التالي على الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://www.europarl.eu.int/omk/sipade3?PUBREF=-//EP//TEXT+TA+P6-TA-2005-0138+0+DOC+XML+V0//EN&L=EN&LEVEL=2&NAV=S&LSTDOC=Y

141 من المحتمل أن يكون القرار قد استشهد بمقال فابريتسيو غاتي "الرحلة الأخيرة للملعونين في الصحراء"، فهو يذكر أيضاً أن عدد من ماتوا 106، باعتباره "الرقم الرسمي".

142 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سفير بلد إفريقي في ليبيا، طرابلس، مايو/أيار 2005. وقد ذكرت التقارير القُطرية بشأن ممارسات حقوق الإنسان عن عام 2001، الصادرة من وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً أن ليبيا "قامت بترحيل مئات الآلاف من العمال المهاجرين الإفريقيين بنقلهم في قوافل من السيارات إلى الحدود الجنوبية وتركهم في الصحراء".

143 "غانا تدافع عن حقوق المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا"، صحيفة أفرونيوز، بتاريخ 11 مارس/آذار 2004، في الموقع التالي عل الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006: http://www.afrol.com/articles/15868

144 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسكندر س.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

145 سألت هيومن رايتس ووتش الحكومة الليبية إن كان لديها اتفاق رسمي مع الحكومة الإريترية حول إعادة الأشخاص، ولكن المنظمة لم تتلق رداً من الحكومة الليبية حتى أول مايو/أيار 2006.

146 الرحلة الجوية مذكورة في الملحق 2، "قائمة الرحلات الجوية الخاصة"، من تقرير المفوضية الأوروبية المبني على أساس زيارتها لليبيا عام 2004.

147 منظمة العفو الدولية "تقرير 2005 – ليبيا"، متاح في 6 مارس/آذار 2006 في الموقع التالي على الإنترنت: http://web.amnesty.org/report2005/lby-summary-eng؛ انظر أيضاً خطابيْ هيومن رايتس ووتش إلى معمر القذافي بتاريخ 22 يوليو/تموز 2004، وإلى الرئيس الإريتري أسايس أفورقي بتاريخ 3 أغسطس/آب 2004.

148 انظر: "إريتريون في حادث اختطاف طائرة"، بي بي سي نيوز (أخبار هيئة الإذاعة البريطانية) بتاريخ 27 أغسطس/آب 2004، في الموقع التالي على الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006: http://news.bbc.co.uk/2/hi/africa/3605184.stm

149 "قلق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة بشأن استمرار الإعادة القسرية من ليبيا لأشخاص قد يكونون من اللاجئين" – مذكرات إحاطة أصدرتها المفوضية في 21 سبتمبر/أيلول 2004.

150 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الأمين س.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

151 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

152 قامت هيومن رايتس ووتش أثناء زيارتها في 25 إبريل/نيسان بإجراء مقابلات قصيرة مع ثلاثة رجال من ليبيريا. وقال مسئولو الهجرة لهيومن رايتس ووتش أثناء زيارتها في 9 مايو/أيار إن الليبيريين كانوا محتجزين ريثما يتم ترحيلهم.

153 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

154 المفوضية الأوروبية "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا المختصة بالهجرة غير القانونية" 28 نوفمبر/تشرين الثاني – 6 ديسمبر/كانون الأول 2004".


<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >> September 2006