|
في عام 2006، أظهرت السلطات المصرية نوعاً من الشدة ضد المعارضة السياسية. وفي إبريل/نيسان 2006، جددت الحكومة حالة الطوارئ لمدة عامين إضافيين، موفرةً بذلك أساساً متواصلاً للاحتجاز التعسفي والمحاكمات أمام محاكم عسكرية ومحاكم أمن الدولة. وما برح التعذيب على أيدي قوات الأمن يمثل مشكلة خطيرة.
قانون الطوارئ
في إبريل/نيسان 2006، جددت الحكومة العمل بقانون الطوارئ (القانون رقم 162 لعام 1958) لمدة عامين إضافيين. وقد ظلت حالة الطوارئ سارية بدون انقطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 1981. وبالرغم من تصريح الرئيس حسني مبارك، خلال الحملة لإعادة انتخابه رئيساً في سبتمبر/أيلول 2005، بأنه يعتزم إلغاء حالة الطوارئ، فقد ادعى بعض المسؤولين أن تجديد العمل بها أمر ضروري نظراً لعدم الانتهاء من صياغة مشروع القانون الذي وصفه مبارك بأنه قانون صارم وحاسم للقضاء على الإرهاب وعلى ما يمثله من أخطار. وعبَّر عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر عن تخوفهم من أن يؤدي هذا القانون إلى ترسيخ كثير من الجوانب المثيرة للاعتراض في قانون الطوارئ. وتشير تقديرات منظمات حقوق الإنسان المصرية إلى أن زهاء 10 آلاف شخص لا يزالون محتجزين بدون تهمة لفترات مطولة بموجب هذا القانون.
العنف السياسي والأمن الداخلي
في 24 إبريل/نيسان 2006، وقعت ثلاثة انفجارات في منتجع دهب السياحي في سيناء، مما أسفر عن مصرع 23 شخصاً وجرح أكثر من 80 شخصاً، وهذه هي المرة الثالثة خلال عامين التي تقع فيها مثل هذه الهجمات في منتجعات سيناء السياحية. وفي أعقاب الهجوم الأول، والذي تمثل في انفجار سيارات مفخخة في منتجع طابا السياحي في أكتوبر/تشرين الأول 2004، شنت السلطات حملات اعتقال تعسفية واسعة النطاق، واحتجزت حوالي ثلاثة آلاف شخص للتحقيق معهم، ولا يزال أكثر من 100 منهم رهن الاحتجاز بدون تهمة لدى كتابة هذا التقرير. وفي يوليو/تموز 2005، وقعت سلسلة من التفجيرات المدمرة في شرم الشيخ، أعقبتها موجة أخرى من الاعتقالات الواسعة النطاق. وقد ذكرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أنه بحلول أغسطس/آب، كان هناك 300 شخص قد احتُجزوا بسبب هذه التفجيرات.
وفي 7 سبتمبر/أيلول 2006، أصدرت محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) حكماً بالإعدام على كل من أسامة النخلاوي ومحمد حسين لما زُعم عن دورهما في تفجيرات طابا. واستند الحكم إلى ما أسماه المتهمون اعترافات ملفقة انتُزعت تحت وطأة التعذيب. كما صدر الحكم غيابياً على رجل ثالث، تُوفي في معركة بالأسلحة النارية مع الشرطة. وبحلول منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2006، كان هناك 12 شخصاً آخرين يمثلون للمحاكمة لما زُعم عن دورهم في تلك التفجيرات.
التعذيب
لا تزال منظمات حقوق الإنسان تتلقى أنباء موثوقة تفيد بأن أجهزة الأمن والشرطة دأبت على تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم، وخاصة أثناء الاستجواب. ففي 25 مايو/أيار 2005، اعتقل ضباط من أمن الدولة كلاً من كريم الشاعر ومحمد الشرقاوي، وانهالوا عليهما بالضرب المبرِّح، كما اعتدوا جنسياً على محمد الشرقاوي. وكانت السلطات قد اعتقلت الاثنين لمشاركتهما في مظاهرات للتضامن مع نادي القضاة (انظر ما يلي).
وذكرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي لعام 2006، أنها وثَّقت 34 حالة تعذيب خلال عام 2005. وليس هناك ما يشير إلى أن الحكومة أجرت أية تحقيقات جنائية مع مسؤولي مباحث أمن الدولة، أو اتخذت أية إجراءات تأديبية ضدهم، فيما يتعلق بتعذيب المعتقلين أو إساءة معاملتهم خلال عام 2006. وكان آخر تحقيق بخصوص ادعاءات التعذيب على أيدي ضباط مباحث أمن الدولة قد أُجري عام 1986، وذلك على الرغم من الادعاءات العديدة الموثوقة عن وقوع انتهاكات جسيمة في حجز مباحث أمن الدولة خلال العشرين عاماً الماضية.
حرية التجمع
قبل بزوغ شمس يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2005، استخدمت الشرطة القوة المفرطة لتفريق ما يقرب من 2000 سوداني، بينهم كثير من اللاجئين وطالبي اللجوء، كانوا قد اعتصموا على سبيل الاحتجاج بالقرب من مقر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في القاهرة لما يزيد عن ثلاثة أشهر. وقد لقي 27 سودانياً مصرعهم، وكان أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، كما تُوفي صبي يبلغ من العمر 14 عاماً بعد شهر في المستشفى حيث كان يُعالج من الإصابات التي لحقت به خلال الاشتباك. وقد أُفرج خلال أيام قلائل عن معظم المعتصمين الذين كانوا يحملون ما يثبت وضعهم كلاجئين أو طالبي لجوء، بينما أُطلق سراح الباقين على مدى الشهرين التاليين.
وفي الساعات الأولى من صباح يوم 24 إبريل/نيسان 2006، انهال أفراد من الشرطة يرتدون ملابس مدنية بالضرب على نشطاء نظموا اعتصاماً للتضامن مع اثنين من كبار القضاة كانا يواجهان إجراءات تأديبية بعدما انتقدا علناً بعض المخالفات التي وقعت أثناء الانتخابات كما طالبا بمزيد من استقلال القضاء. وفي مظاهرات لاحقة، اعتدت الشرطة بالضرب على عشرات المتظاهرين واعتقلت مئات آخرين. وفي مظاهرة اندلعت يوم 11 مايو/أيار، اعتدت الشرطة أيضاً على بعض الصحفيين، ومن بينهم عمر عبد الله، وهو مصوِّر في صحيفة المصري اليوم اليومية؛ وعبير العسكري، وهي كاتبة في صحيفة الدستور الأسبوعية؛ وياسر سليمان، وهو مصور في قناة الجزيرة، ونصري يوسف، وهو من فريق التسجيل في القناة.
حرية التعبير
في 24 مايو/أيار، وجهت نيابة أمن الدولة إلى وائل الإبراشي وهدى بكر، وهما صحفيان في صحيفة صوت الأمة الأسبوعية المستقلة؛ وعبد الحكيم عبد الحميد، رئيس تحرير صحيفة آفاق عربية الأسبوعية، تهمة السب والقذف في حق محمود برهام، وهو القاضي الذي كان مسؤولاً عن اللجنة العامة للانتخابات في إحدى دوائر محافظة الدقهلية. وكان هؤلاء الصحفيون قد نشروا مقالات في ديسمبر/كانون الأول 2005، تضمنت "قائمة سوداء" بالحروف الأولى لأسماء بعض القضاة، وأشارت ضمناً إلى أن محمود برهام كان ضالعاً في تزوير الانتخابات. وقد قرر رئيس المحكمة التي تنظر القضية تأجيلها مرتين، ولم يكن قد فُصل في المحاكمة حتى وقت كتابة هذا التقرير.
وفي 26 يونيو/حزيران، أصدرت محكمة محلية حكماً بالسجن لمدة عام على إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة الدستور الأسبوعية المعارضة؛ وسحر زكي، المحررة في الصحيفة، وذلك بتهمتي "إهانة رئيس الجمهورية"، و"نشر شائعات كاذبة ومغرضة"، بعدما نشرا أنباء عن قضية رُفعت ضد الحكومة. وفي وقت كتابة هذا التقرير، كان الاثنان مطلقي السراح في انتظار البت في الاستئناف المقدم منهما.
وفي 11 يوليو/تموز، وقَّع الرئيس مبارك على تعديل لقانون الصحافة لم يمس البنود التي تجيز اعتقال الصحفيين الذين ينتقدون الرئيس أو القادة الأجانب أو ينشرون أنباء "من شأنها... المساس أو الإضرار بالمصالح الوطنية".
ويتضمن "قانون ممارسة الحقوق السياسية" (القانون رقم 73 لعام 1956)، والذي عُدل في عام 2005، بعض البنود التي تجيز فرض عقوبات جنائية على الصحفيين والناشرين الذين يُدانون بتهمة نشر "معلومات كاذبة" بقصد التأثير على نتائج الانتخابات.
حرية تكوين الجمعيات
يفرض القانون المصري المنظم للجمعيات الأهلية (المنظمات غير الحكومية)، وهو القانون رقم 84 لعام 2002، قيوداً صارمة على الحق في حرية تكوين الجمعيات، إذ يتيح للحكومة سيطرة لا مسوِّغ لها على إدارة وأنشطة الجمعيات الأهلية. وينص القانون على فرض عقوبات جنائية على من يزاول أنشطة إحدى الجمعيات الأهلية قبل قيدها رسمياً، وكذلك على تلقي تبرعات لصالح إحدى الجمعيات الأهلية دون الحصول على إذن مسبق من وزارة الشؤون الاجتماعية. ويقضي القانون بفرض عقوبات جنائية، وليست مدنية، على بعض الأنشطة الأخرى، بما في ذلك المشاركة في أي من الأنشطة السياسية أو النقابية التي تُعد من اختصاصات الأحزاب السياسية والنقابات. ومن شأن العبارات الفضفاضة التي صيغت بها أنواع الحظر هذه أن تحول دون ممارسة الأنشطة المشروعة للمنظمات غير الحكومية.
كما تواصل السلطات المصرية فرض قيود صارمة على التنظيمات السياسية. وفي يوليو/تموز 2005، أقر مجلس الشعب تعديلات قدمتها الحكومة على "قانون الأحزاب السياسية" (القانون رقم 40 لعام 1956)، تنص على أن يصبح أي حزب سياسي جديد مسجلاً قانوناً بصورة تلقائية إذا لم تعترض على طلبه لجنة شؤون الأحزاب السياسية التي يرأسها أمين عام الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم. كما تنص التعديلات على منح لجنة شؤون الأحزاب السياسية صلاحية تجميد أنشطة أي من الأحزاب القائمة، إذا ما رأت أن هذا الإجراء يخدم "المصلحة الوطنية"، وكذلك إحالة من يُزعم أنهم خالفوا نصوص القانون إلى النائب العام.
وخلال الفترة من مارس/آذار إلى يوليو/تموز 2006، اعتقلت أجهزة الأمن ما لا يقل عن 792 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وهي أكبر جماعات المعارضة في البلاد، بالرغم من حظرها رسمياً، ولديها 88 مقعداً من مقاعد مجلس الشعب التي تبلغ 454 مقعداً. وقد تصاعدت الحملة في إبريل/نيسان ومايو/أيار، عندما انضم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى نشطاء علمانيين في مظاهرات في الشوارع تؤيد استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات.
إساءة معاملة أطفال الشوارع
تشن الحكومة من حين لآخر حملات اعتقال لأطفال الشوارع المشردين أو المتسربين من المدارس، والذين لم يرتكبوا أية جريمة. وكثيراً ما يتعرض هؤلاء الأطفال أثناء احتجازهم للضرب والإيذاء الجنسي والابتزاز على أيدي أفراد الشرطة والمشتبه فيهم من البالغين، وأحياناً ما تحرمهم الشرطة من الطعام والأغطية والرعاية الطبية. وعادةً ما تحجم السلطات عن مراقبة ظروف الاحتجاز بالنسبة للأطفال، أو التحقيق في حالات القبض التعسفي أو الإيذاء في الحجز، أو اتخاذ إجراءات تأديبية ضد المسؤولين عن تلك الأفعال. وفي كثير من الحالات، تحتجز الشرطة أطفالاً دون سند قانوني لعدة أيام ثم تحيلهم إلى النيابة العامة بتهمة أنهم "عرضة للجنوح".
حقوق المرأة
بالرغم من الإصلاحات التي أُدخلت مؤخراً على القوانين المصرية المتعلقة بالأسرة والجنسية، فإن ثمة ضرورة لاتخاذ خطوات إضافية من أجل تعديل القوانين التي تنطوي على تمييز ضد النساء والفتيات، ومحاكمة من يرتكبون حوادث العنف بسبب النوع، ومنح النساء والفتيات حقوق المواطنة على قدم المساواة مع الرجال. وقد كان من شأن قوانين الأحوال الشخصية التي تنطوي على التمييز، والتي تنظم أمور الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث، أن ترسخ مكانة المرأة كمواطن من الدرجة الثانية في نطاق الحياة الخاصة. ولا يكفل قانون العقوبات منع حوادث العنف في محيط الأسرة أو معاقبة مرتكبيها على نحو فعَّال، أما الشرطة فلا تتعاطف عادةً مع شكاوى النساء والفتيات المعتدى عليهن.
التعصب الديني والتمييز ضد الأقليات الدينية
بالرغم من أن الدستور المصري يكفل للمواطنين المساواة في الحقوق بغض النظر عن الدين، فلا تزال هناك مشكلة تتمثل في التمييز ضد المسيحيين المصريين وعدم تسامح السلطات مع البهائيين والمذاهب الإسلامية غير التقليدية. ويمكن للمصريين غير المسلمين اعتناق الإسلام بدون مشاكل بصفة عامة، أما المسلمون الذين يعتنقون المسيحية فيواجهون مشاكل في الحصول على وثائق هوية جديدة، وقد أُلقي القبض على بعض من تحولوا إلى المسيحية بزعم أنهم زوروا هذه الوثائق. ويحظر القانون المؤسسات والأنشطة الجماعية للبهائيين.
الأطراف الدولية الرئيسية
لا تزال الولايات المتحدة أكبر مصدر للمساعدات العسكرية والاقتصادية بالنسبة لمصر. ففي عام 2006، بلغت المعونات العسكرية الأمريكية نحو 1.3 مليار دولار والمساعدات الاقتصادية نحو 490 مليون دولار. وفي يونيو/حزيران 2006، رفض الكونغرس الأمريكي اقتراحاً بإجراء تعديل في برنامج المساعدات كان من شأنه خفض 100 مليون دولار من مجموع المساعدات الأمريكية، وذلك رداً على سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان.
وفي عام 2006، خففت إدارة الرئيس بوش من ضغوطها العلنية على الحكومة المصرية فيا يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية. فأثناء زيارة إلى القاهرة في عام 2005، تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بعبارات قوية عن أهمية الإصلاح السياسي في مصر. وعلى العكس من ذلك، شددت تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين في عام 2006 على أن التغيير يجب أن يأتي من الشعب المصري والحكومة المصرية. وبالرغم من أن الحكومة الأمريكية واصلت الإعراب عن قلقها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، فلم يعقب ذلك أية نتائج ملموسة.
وفي إبريل/نيسان 2006، صوَّت البرلمان الأوروبي على جعل احترام حقوق الإنسان إحدى الأولويات في مفاوضاته الجارية مع مصر بخصوص خطة عمل بين الاتحاد الأوروبي ومصر في إطار سياسة الجوار الأوروبية. وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2006، كانت المفاوضات لا تزال متوقفة بسبب الخلاف على الصياغات المتعلقة بحقوق الإنسان. ويُذكر أن الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق هو أول يناير/كانون الثاني 2007.
ولم ترد السلطات المصرية على طلب تقدم به مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب، في يوليو/تموز 2006، من أجل السماح له بزيارة البلاد، وهو طلب لم يُبت فيه منذ عام 1996. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أمر قاض اتحادي في كندا بأنه يجوز للسلطات الكندية عدم ترحيل محمود جاب الله، وهو أحد المشتبه في صلتهم بالإرهاب، إلى مصر بسبب مخاطر التعذيب. وفي أواخر عام 2005، صرح محامون في وزارة العدل الأمريكية بأن علاء عبد المقصود محمد سليم، وهو مصري اعتُقل في باكستان في عام 2002 ونُقل إلى معتقل خليج غوانتانامو، ثم أُعلن لاحقاً أنه "لم يعد من المقاتلين الأعداء"، سوف يُفرج عنه ويُعاد إلى مصر. وفي يناير/كانون الثاني 2006، تقدم محامو الوزارة بمذكرة يدعون فيها أنه استناداً إلى معلومات جديدة، فإنه لم تعد هناك "خطط فورية من أجل نقل أو ترحيل أو إطلاق سراح" علاء عبد المقصود سليم. وكان محامو سليم في واشنطن قد طلبوا أن يُحتجز موكلهم في غوانتانامو بسبب المخاوف من احتمال تعرضه للتعذيب في مصر. وأفادت ملاحظات قدمها المحامون أن مسؤولين مصريين زاروا علاء عبد المقصود سليم في محبسه في غوانتانامو، وهددوه بأنهم سوف يأخذونه إلى مكان حيث "لن يراه أحد بعد ذلك أبداً".