|
26 يوليو/تموز 2006
فخامة الرئيس بشار الأسد
رئيس الجمهورية
القصر الجمهوري
أبو رمانة، شارع الرشيد
دمشق، الجمهورية العربية السورية
السيد الرئيس
منذ وقت قريب عبرت القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا، وأنتم عضوٌ فيها، عن دعم بلادكم للشعب اللبناني. وما من شك في أن هذا الدعم عائد في جزء منه إلى قلق سوريا جراء الخسائر في صفوف المدنيين اللبنانيين وخراب البنية التحتية المدنية في لبنان.
ونحن نقوم لهذه الغاية بمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية والإبلاغ عنها. كما نقلنا مخاوفنا وقلقنا إلى حليف إسرائيل الرئيسي حكومة الولايات المتحدة، وإلى غيرها. ودعونا إدارة بوش إلى استخدام نفوذها لإقناع إسرائيل بالالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي.
وعلى نفس النحو، وبالنظر إلى الروابط التاريخية الوثيقة بين سوريا وحزب الله، وما تتناقله التقارير من تزويد سوريا حزب الله بالأسلحة، فإن عليها مسؤولية خاصة في إثارة قضية حماية المدنيين مع قادة الحزب. وعلى سوريا حثّ قوات حزب الله على عدم شن هجمات تنتهك القانون الإنساني الدولي.
ونحن ندعوكم في البداية إلى تذكير حزب الله بأن ما يقوم به بوصفه جماعةً تخوض نزاعاً مسلحاً خاضعٌ لمقتضيات القانون الإنساني الدولي. وهو، بصفته هذه، ملزمٌ بممارسة القتال بما ينسجم مع القانون الإنساني الدولي العرفي ومع المادة الثالثة العامة من اتفاقيات جنيف لعام 1949. ويجب تذكير حزب الله أيضاً بأن واجبه في احترام القانون الإنساني الدولي غير متعلق باحترام الطرف الآخر له؛ إذ يجب التقيد بهذه القواعد حتى ولو كان الخصم غير متقيد بها.
وندعوكم، عند محادثاتكم مع قادة حزب الله، إلى طرح ثلاث قضايا تتعلق بمراعاة هذه المنظمة للقانون الإنساني الدولي: (1) على سوريا دعوة حزب الله إلى وقف هجماته المتكررة على المناطق المأهولة في شمال إسرائيل باستخدام صواريخ غير قابلة للتوجيه مما يجعلها عشوائيةً جداً ويجعل استخدامها أمراً غير مشروع؛ (2) على سوريا أن تسعى إلى الحصول على تأكيدات من حزب الله بأن لا يضع أسلحته ومنصات إطلاق صواريخه وتجمعات مقاتليه ضمن منشآت مدنية أو في مناطق مدنية أو بقربها. (3) وعلى سوريا أن تؤكد على واجب حزب الله في الحفاظ على سلامة وأمن الجنديين الأسيرين ومعاملتهما معاملةً إنسانية في جميع الأوقات.
(1) الهجمات الصاروخية العشوائية
يبيح القانون الإنساني الدولي لحزب الله مهاجمة المحاربين والمنشآت والأهداف العسكرية. لكن الاستهداف المتعمد أو العشوائي للمدنيين أمر غير مشروع في جميع الأحوال. وعلى حزب الله اتخاذ جميع التدابير المعقولة لتجنب الإضرار بالمدنيين عن طريق عدم مهاجمة الأهداف العسكرية إذا كان الأذى المتوقع نزوله بالمدنيين غير متناسب مع المكاسب العسكرية المرجوّة. وعلى قادة حزب الله اختيار وسائل الهجوم التي يمكن توجيهها إلى الأهداف العسكرية والتي تقلل الأذى اللاحق بالمدنيين إلى الحد الأقصى. وإذا كانت الأسلحة التي يستخدمها حزب الله قليلة الدقة بحيث لا يمكن توجيهها إلى الأهداف العسكرية من غير مخاطرة كبيرة بإيذاء المدنيين، فعليه عدم استخدامها. وغالباً ما يمثل شن هجمات تخرق هذه القواعد جريمة حرب.
ومنذ اندلاع القتال الحالي بين حزب الله وإسرائيل، أطلق حزب الله أكثر من ألف صاروخ على مدن وبلدات شمال إسرائيل، ومنها حيفا ونازاريت وناتانيا وكريات شمونه وصفد وكرمئيل وطبريا، فقتل سبعة عشر مدنياً وجرح المئات ودمر عدداً من المنازل والمستشفيات والمدارس وغيرها من الأهداف المدنية. وهذه هجماتٌ عشوائيةٌ ضد مناطق مأهولة في أحسن الأحوال، واستهداف متعمد للمدنيين في أسوأها. وهي في الحالتين انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي. ومن المرجح أنها تشكل جرائم حرب لأنها تبدو مقصودةً وجزءاً من سياسة معتمدة. وقد كان معظم هذه الصواريخ من نوع كاتيوشا، كما كان الأمر في نزاعات سابقة. وهي صواريخ صغيرة لا يتجاوز مداها المنطقة الحدودية ولا يمكن تصويبها على نحو دقيق.
ولم تقع التحقيقات التي أجرتها هيومن رايتس ووتش حتى الآن على أي دليل يشير إلى أن هذه الهجمات كانت تستهدف مواقع عسكرية. وفي جميع الأحوال، وبقدر ما يحتمل وجود أهداف عسكرية بالقرب من المناطق التي تعرضت للهجوم، فإن انعدام دقة الصواريخ المستخدمة يمثل خرقاً للحظر المفروض على الهجمات العشوائية. والقانون الدولي العرفي يحظر هذا القصف في مناطق يتركز المدنيون فيها أو حولها، حتى وإن اعتُقد بوجود أهداف عسكرية فيها.
وقد كشف عدد من الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش عن أن الرؤوس الحربية التي استخدمها حزب الله توحي بالرغبة في زيادة الأذى اللاحق بالمدنيين إلى الحد الأقصى. فقد تضمنت الصواريخ التي استهدفت حيفا ونازاريت آلاف الكريات المعدنية الصغيرة التي لا تجدي فتيلاً ضد الأهداف العسكرية المصفحة لكنها تلحق أذى فادحاً بالمدنيين وتستقر في أجسادهم. ويقول الأطباء الذين تحدثنا معهم أن وجود الكريات المعدنية وغيرها من الشظايا زاد من خطورة الإصابات الناجمة عن الصواريخ.
ومن المهم حث حزب الله على الكف عن استخدام الصواريخ في قتاله ضد إسرائيل. ونأمل أن تستخدموا نفوذكم مع حزب الله للتأكد من تمييز الوسائل التي يستخدمها بين الأهداف المدنية والعسكرية.
(2) وضع الأهداف العسكرية والمقاتلين في المناطق المدنية
يقع على عاتق حزب الله أيضاً واجب حماية المدنيين اللبنانيين عن طريق اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحمايتهم من الأخطار الناجمة عن الأعمال القتالية. وعليه عدم استخدام وجود المدنيين لحماية نفسه من التعرض للهجوم. وهذا ما يقتضي وضع معداته العسكرية وجنوده وقادته العسكريين خارج المرافق المدنية والمناطق المأهولة إلى أقصى حد ممكن؛ فاستخدام الدروع البشرية جريمة من جرائم الحرب.
وفي ضوء الادعاءات المتواصلة بقيام حزب الله بوضع أسلحته ومقاتليه في أماكن غير مقبولة، فإننا ندعوكم إلى الإصرار على إعلان حزب الله التزامه بعدم وضع مقاتليه بين السكان المدنيين وعدم إطلاق صواريخه من منشآت البنية التحتية المدنية أو من الأماكن السكنية.
(3) حظر احتجاز الرهائن، ومعاملة المقاتلين الأسرى
في الثاني عشر من يوليو/تموز، شن حزب الله هجوماً على مواقع عسكرية إسرائيلية فقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وأسر اثنين. إن القانون الإنساني الدولي يبيح استهداف جنود العدو وأسرهم. لكن من الواجب معاملة الأسرى معاملةً إنسانية في جميع الأحوال.
وقد صرح زعيم حزب الله حسن نصر الله أن الحزب سيستخدم الأسيرين في التفاوض على إطلاق السجناء الفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم من السجناء العرب لدى إسرائيل. إن استخدام الأسرى الذين لم يعودوا مشاركين في الأعمال الحربية يعد نوعاً من أنواع الخطف. والخطف، على عكس الأسر، كجزءٍ من النزاع المسلح أمرٌ محرمٌ بشدةٍ في القانون الإنساني الدولي، وذلك في المادة العامة رقم 3 وفي القانون الدولي العرفي، وهو جريمة حرب.
ومن شأن تدخلكم لدى حزب الله أن يمنحكم فرصة إظهار جدية سوريا في حماية المدنيين في هذه الحرب من خلال تجنب حليفكم أي انتهاك محتمل للقانون الإنساني الدولي. وبما أن بلدكم عضو في اتفاقيات جنيف لعام 1949، فأنكم ملتزمون "باحترام وضمان احترام" هذه الاتفاقيات، بما فيها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب.
ومن هنا فإن هيومن رايتس ووتش تدعو سوريا إلى الإصرار على كف حزب الله عن الهجمات المتعمدة والعشوائية ضد المدنيين الإسرائيليين، وعلى تقديم تأكيد علني بعدم قيامه بوضع مقاتليه أو شن هجماته من المناطق والمنشآت المدنية أو بالقرب منها، وكذلك بضمان سلامة وأمن المقاتلين الأسرى ومعاملتهم معاملةً إنسانية، إضافةً إلى إجراء تحقيقات لتحديد ما إذا كان مقاتلوه قد ارتكبوا انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، ثم محاسبة كل من تثبت مسؤوليته عن الانتهاكات الخطيرة.
وأخيراً، ندعوكم إلى توضيح أن أي دعم سوري لحزب الله في المستقبل، بما في ذلك أي تزويد محتمل له بمساعدات عسكرية، مشروط بالتزامه بهذه القواعد.
شكراً لكم
مع خالص الاحترام
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية