Human Rights Watch منظمة هيومان رايتس ووتش
   الدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم PortuguesFrancaisRussianGerman
EspanolChineseEnglishOther Languages
  
السودان


متوفر أيضا

english 

لم تفضِ اتفاقية السلام الشاملة الموقعة في 9 يناير/كانون الثاني 2005 بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين من أجل إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ عشرين عاماً إلى تحسنٍ كبير في ميدان حقوق الإنسان في السودان. وقد تأجل تنفيذ الاتفاقية بفعل عددٍ من العوامل كان من بينها الموت المفاجئ لزعيم المتمردين د. جون جرنج. وكجزءٍ من هذه الاتفاقية، رفعت الحكومة السودانية حالة الطوارئ في مختلف أنحاء السودان (باستثناء دارفور والمنطقة الشرقية)، لكن الهجمات ضد القرى في دارفور تواصلت، كما تكررت حوادث القتل والتعذيب والاغتصاب ونهب ممتلكات المدنيين ومواشيهم. وقد ظلت الاعتقالات والاحتجازات التعسفية، والإعدام بدون محاكمة، ومضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين أحد معالم السياسية السودانية في دارفور وفي المناطق الأخرى من السودان. لكن مجلس الأمن في الأمم المتحدة استخدم سلطاته في مارس/آذار 2005، وللمرة الأولى، لإحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.

أزمة دارفور  
في عام 2005 تواصلت أحداث القتل المتعمّد والعشوائي، وكذلك الاغتصاب والاختفاء القسري ونهب المدنيين من الإثنية التي تنتمي إليها جماعات المتمردين في دارفور، وذلك على يد ميليشيات الجانجاويد التي تساندها الحكومة، وإن كان ذلك يحدث على نطاقٍ أضيق مما حدث في عامي 2003 و2004. وقد شهد شهرا سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2005 تصاعداً مفاجئاً في الهجمات التي استهدفت عمال الإغاثة الدولية وأفراد بعثة الاتحاد الأفريقي المكلفة بمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أبريل/نيسان 2004 وبحماية المدنيين المعرضين لخطرٍ داهم. كما هاجمت الميليشيات التي تساندها الحكومة قرى المدنيين ومخيم المهجّرين داخلياً في آرو شارو غرب دارفور. وقد كان هذا العنف واحداً من أسباب عدم تمكن المهجّرين الذين يعيشون تحت الخطر في المخيمات من العودة إلى ديارهم. فبسبب تعرضهم إلى الهجوم عند مغادرتهم المخيمات، بقي هؤلاء محتجزين فيها ومعتمدين على المعونة الإنسانية الدولية. وقد كانت النساء والفتيات خاصةً ضحايا للاعتداءات الجنسية في المنطقةٍ النائية عندما يذهبن لجلب الماء أو الحطب أو العلف، أو عندما يأخذن منتجاتهن لبيعها في السوق.  
 
وقد ظلت سياسة الحكومة السودانية إزاء المهجّرين تتسم بالريبة والسياسات العدائية من قبيل الاعتقالات التعسفية المتكررة واحتجاز زعماء المهجّرين بناءً على إثنيتهم، إضافةً إلى تزايد المضايقات وأعمال التخويف ضد وكالات الإغاثة الإنسانية التي تساعد المهجّرين. وفي بعض المناطق تعرضت النساء اللواتي شكين اغتصابهن إلى الشرطة إلى الإهانة والتهديد؛ كما اتهمت عددٌ من العازبات بالزنا نتيجة حملهن القسري مع كونهن غير متزوجات.  
 
ولم تتخذ الحكومة السودانية أية خطوات ملموسة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الصادر عام 2004 والذي يطالب بنزع أسلحة وحل ميليشيات الجانجاويد المتحالفة مع الحكومة. وقد ارتكبت قوات الجيش، والميليشيات التي يتغاضى المسؤولون الحكوميون عن جرائمها، كثيراً من الانتهاكات دون خوفٍ من العقاب مما شجع على استمرار حالة انعدام القانون. وفي يونيو/حزيران 2005، أقامت الحكومة السودانية "المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور" زاعمةً أنها ستحاكم من ارتكبوا الانتهاكات. لكن، وحتى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2005، لم تكن أيٌّ من القضايا الست التي نظرت فيها تلك المحكمة على صلةٍ بأية جرائم كبرى مرتبطة بالنزاع. ولم يتم تجميد عمل أي مسؤول كبير أو متوسط، في الحكومة أو الميليشيات، أو التحقيق معه أو ملاحقته قضائياً بسبب الجرائم الخطيرة في دارفور.  
 
وقد كانت حركتا التمرد الرئيسيتين (وهما جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة) مسئولتين عن كثيرٍ من الانتهاكات التي تضمنت هجمات ضد المدنيين والشاحنات التجارية وعمال الإغاثة، وكذلك اختطاف المدنيين ونهب الماشية واستخدام الأطفال كجنود. وقد قامت أحد الفصائل المنشقة عن حركة العدالة والمساواة في شهر أكتوبر/تشرين الأول بإلقاء القبض على أكثر من ثلاثين من مراقبي وقف إطلاق النار التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان، ثم أطلقت سراحهم بعد بضعة أيام.  
 
وخلال عام 2005، تزايدت الانشقاقات الداخلية في صفوف الحركات المتمردة، على أساسٍ إثنيٍّ جزئياً. كما تزايدت التقارير بشأن الانتهاكات التي ترتكبها بعض تلك الفصائل، وخاصةً تلك التي تسيطر على منطقة جبل مارا.  
 
جنوب السودان  
نتيجةً حوالي ثلاث سنوات من المفاوضات، تم في 9 يناير/كانون الثاني 2005 توقيع اتفاقية السلام التي طال انتظارها بين الحكومة السودانية وحركة تحرير شعب السودان المتمركزة في الجنوب. وقد منحت هذه الاتفاقية الإقليم الجنوبي حكماً ذاتياً لمدة ست سنوات ونصف يعقبها استفتاءٌ من أجل تقرير المصير في الجنوب. كما نصت الاتفاقية على إجراء انتخابات بعد أربع سنوات على المستوى الوطني والإقليمي، وعلى مستوى الولاية والمستوى المحلي. كما نصت على تخصيص نصف الإيرادات الحكومية النفطية المحققة في جنوب السودان للحكومة المحلية الجنوبية.  
 
لكن عيوباً كبيرة فيما يخص حقوق الإنسان شابت اتفاق السلام بين الشمال والجنوب، ومنها عدم وجود آلية تضمن المحاسبة على الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب التي استمرت 21 عاماً ودارت معظمها في جنوب السودان.  
 
وقد أثار موت جون جرنج في حادث تحطم طائرة مروحية في 30 يوليو/تموز ردود فعلٍ قوية في أوساط الجنوبيين في الخرطوم وملكال وجوبا. وقد شهدت الخرطوم أسوأ أحداث العنف بين الجماعات الإثنية، فقد عاشت المدينة ثلاثة أيام من الهجمات ذات الدافع الإثني بين الجنوبيين والشماليين تمخضت عن أكثر من 130 قتيلاً وأكثر من 800 جريحاً. وأفادت الأنباء أن الحكومة السودانية اعتقلت أكثر من 1,500 شخصاً تم إطلاق سراح معظمهم على الفور.  
 
وفي حين لا يزال الوقت مبكراً لمعرفة قدرة خليفة جرنج الجنرال سالفا كير على إدخال التغيرات الديمقراطية إلى جنوب السودان، فإن كير الذي عمل نائباً لجرنج زمناً طويلاً كان قائداً غير معروف في جيش تحرير شعب السودان، مما يضع قدرته على تشجيع عملية المحاسبة داخل الحركة موضع شك. لكن ثمة مؤشر إيجابي مبكر، فقد أمر الجنرال سالفا كير بفتح باب عملية اختيار أعضاء الجمعيتين التشريعيتين الإقليمية والوطنية أمام المشاركة الشعبية حيث لم يكن هناك وقتٌ كافٍ لإجراء الانتخابات؛ وقد سارع الجنوبيون إلى المشاركة. ورغم وجود كثير من العقبات أمام بناء حكومة جنوبية شفافةً وقابلة للمحاسبة وتعمل على إنفاذ حقوق الإنسان، فإن هذا الاستعداد المبكر للسماح للناس باختيار ممثليهم يعتبر علامةً جيدة. وهم يتمتعون منذ الآن بقدرٍ من حقوق الإنسان يفوق ما يتمتع به مواطنوهم الشماليون. فقد جرى خفض وجود قوات الأمن في معاقلها بمدن الجنوب، كما توفرت فسحةٌ لحرية الكلام والصحافة والتجمع أكبر مما عرفه الجنوب لعقود من السنين. لكن الجيش الوطني لم ينسحب من الجنوب إذ أن اتفاق السلام يعطيه سنتين تقريباً لإتمام عملية الانسحاب.  
 
الهجمات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان  
في عام 2005، ظل المدافعون عن حقوق الإنسان، وغيرهم من الناشطين، معرضين لأخطارٍ جدية تتمثل في الاعتقال والاحتجاز التعسفيين. فقد تعرض مدافعٌ بارزٌ عن حقوق الإنسان في الخرطوم، وهو الدكتور مضوي إبراهيم آدم رئيس المنظمة من أجل التنمية الاجتماعية بالسودان، إلى الاعتقال مرتين (في يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2005)، واتهم "بجرائم ضد الدولة". وكثيراً ما استخدمت المواد 51 و52 و53 و58 من قانون العقوبات السوداني، والتي تشتمل على "الجرائم ضد الدولة" والتجسس، لتخويف الأشخاص الذين يجاهرون بانتقاد الانتهاكات بمن فيهم عمال الإغاثة الدولية في دارفور. وقد جرى اعتقال، أو احتجاز، أكثر من عشرين من عمال الإغاثة الدوليين والمحليين على نحوٍ تعسفي، أو تهديدهم من قبل الشرطة وقوات الأمن السودانية في دارفور أثناء الأشهر الستة الأولى من العام.  
 
الأطراف الدولية الأساسية  
تراوحت السياسات الدولية إزاء السودان بين الإدانة والتهدئة خلال عام 2005. وهذا يعكس تباين مصالح الأطراف المعنية مثل تنفيذ اتفاق السلام بين الشمال والجنوب، ووضع حد للفظائع في دارفور، وحتى محاربة الإرهاب في المنطقة. وقد كانت الولايات المتحدة مثالاً مهماً على هذا الفصام في السياسات. فقد أدان المسؤولون الأمريكيون تواصل الهجمات إدانةً شديدة، لكن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية دعت رئيس الاستخبارات السودانية اللواء صلاح غوش، وهو ممن يرجح أن تحاكمهم المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم الحرب المرتكبة في دارفور، إلى واشنطن في أبريل/نيسان 2005 لمناقشة المصالح السودانية الأمريكية المشتركة في مجال محاربة الإرهاب.  
 
ولم يسيطر تباين المصالح فيما يخص السودان على العلاقات الثنائية بين الحكومات الغربية فحسب، لكنه كان مسيطراً أيضاً ضمن مجلس الأمن في الأمم المتحدة. وقد مثل القرار التاريخي بإحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في 31 مارس/آذار 2005 أهم إنجازات مجلس الأمن. وفي يونيو/حزيران، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية اعتزامها التحقيق في الجرائم التي وقعت في دارفور. وقد صدر عن مجلس الأمن قرارٌ ثانٍ في مارس/آذار 2005 شكّل المجلس بموجبه لجنة عقوبات لتحديد الأشخاص الذين خرقوا حظر الأسلحة المفروض على دارفور وتحديد مرتكبي الانتهاكات؛ ولن تطبق العقوبات بأثرٍ رجعي. لكن، ورغم تواصل الانتهاكات في دارفور خلال عام 2005، فقد مُنِع مجلس الأمن من تنفيذ عقوبات أشد مفعولاً بسبب معارضة اثنين من الأعضاء الدائمين هما الصين وروسيا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني تعاملت السلطات السودانية بفظاظة مع عضوين من هيئة الخبراء التابعة للجنة العقوبات كانا في زيارةٍ إلى السودان.  
 
وقد لعب الاتحاد الأفريقي دوراً متزايد الأهمية في دارفور. ففي أبريل/نيسان 2005 طلب الاتحاد نشر قوة إضافية قوامها 7,700 عسكري وشرطي لتوسيع مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان، ووافقت الحكومة السودانية على ذلك. كما وعد المانحون بتقديم 291 مليون دولار لهذا المشروع بما فيه تقديم الناتو والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وغيرها مساعدات لوجستية لنشر القوات. وقد كان للجهود التي بذلتها بعثة الاتحاد الأفريقي في دارفور نتائج متضاربة. فرغم مساهمة قواتها في قدرٍ من تحسن الأمن وحماية المدنيين في المناطق التي انتشرت فيها، فقد عانت البعثة مشاكل لوجستية ومالية متواصلة. ولم تعرف مساعي الاتحاد الأفريقي للتوسط في محادثات السلام بشأن دارفور نجاحاً كبيراً، فقد أدت الخلافات الحادة بين قيادات جيش تحرير السودان، الذي يملك أكبر قوات ميدانية بين الجماعات المتمردة، إلى جعل تلك المجموعة غير قادرة على اتخاذ القرارات على طاولة المفاوضات.

  
About Human Rights Watch عن المنظمة
Contribute ساهم معنا
BREAKING NEWS البيانات الصحفية
Publications التقارير
Info by country قائمة الدول
 Middle East/N. Africa ش أفريقيا والشرق الأوسط
Africa أفريقيا
Asia أسيا
Americas أمريكا اللاتينية وكندا
Europe/Central Asia أوروبا واسيا الوسطى
United States أمريكا USA
Photo Galleries موضوعات مصورة
Global Issuse موضوعات عالمية
Children's Rights حقوق الطفل
Women's Rights حقوق المرأة
International Justice العدالة الدولية
Refugees اللاجئين
Arms الأسلحة
UN Files مواثيق حقوق الإنسان
 Film Festival المهرجان السينمائي
Links مواقع أخرى
Site Map خريطة الموقع
Email mena@hrw.org
Email ليصلك كل تجديد
Human Rights Watch Arabic Home Page - English الشرق الأوسط| قائمة الدول| موضوعات عالمية| مواثيق | المهرجان السينمائي | مواقع أخرى| خريطة الموقع
جميع الحقوق محفوظة ©, مراقبة حقوق الانسان 2003
350 Fifth Avenue, 34th Floor New York, NY 10118-3299 USA