الولايات المتحدة

ماهر عرار (مستجدات)47

اعتقلت السلطات الأميركية ماهر عرار، الذي يحمل الجنسيتين الكندية والسورية، في سبتمبر/أيلول 2004 أثناء العبور من تونس عن طريق نيويورك إلى كندا، البلد الذي يقيم فيه منذ سنوات عديدة. وفي أعقاب احتجاز سلطات الهجرة الأميركية لعرار لمدة أسبوعين تقريباً، وعدم تمكينه من أي وسيلة للطعن فعلياً في اعتقاله أو في ترحيله الوشيك، قامت بنقله جواً إلى الأردن، حيث نقلته بالسيارة عبر الحدود وسلمته إلى السلطات السورية. وقد قام المسئولون الأميركيون بإعادته إلى سوريا على الرغم من قوله مراراً وتكراراً لهم أنه سوف يتعرض للتعذيب في سوريا وعلى الرغم من طلباته المتعددة بإعادته إلى موطنه في كندا.

وقالت الحكومة الأميركية إنها كانت قد حصلت، قبل ترحيل عرار، على ضمانات دبلوماسية من الحكومة السورية بأن عرار لن يتعرض للتعذيب عند عودته.

وتم الإفراج عن عرار دون تهمة بعد أن قضي في الحجز عشرة شهور، وأدلى بأقوال تقبل التصديق، جاء فيها أن رجال الأمن في الأردن ضربوه، وأنه تعرض للتعذيب عدة مرات أثناء احتجازه في أحد السجون السورية48، وكثيراً ما كان ذلك بالكابلات والأسلاك الكهربائية. ولم توضح الحكومة الأميركية حتى الآن سبب إرسالها عرار إلى سوريا بدلاً من كندا، أو السبب في اعتقادها بأن الضمانات السورية تقبل التصديق في ضوء سجل التعذيب الموثق بدقة للحكومة السورية. وفي فبراير/شباط 2006 رفضت محكمة فيدرالية أميركية القضية التي كان عرار قد رفعها وقال فيها بأن الحكومة الأميركية انتهكت حقوقه الإنسانية، بعد أن أفتت المحكمة بأن الفصل في هذه القضية يمكن أن يضر بقدرة الحكومة على إدارة الشؤون الخارجية49. واستأنف عرار ضد هذا القرار، ولم يبت القضاء في استئنافه بعد.

وشكلت الحكومة الكندية لجنة تحقيق مستقلة (لجنة عرار) في فبراير/شباط 2004، للتحقيق في دور الشرطة وأجهزة الأمن الكندية في قيام حكومة الولايات المتحدة بالقبض على عرار وترحيله50. وأصدرت لجنة عرار تقريرها بشأن تصرفات المسئولين الكنديين في 18 سبتمبر/أيلول 2006، وجاء فيه، دون لبس أو غموض، أنه لا توجد أي أدلة على أن عرار قد ارتكب أية جريمة أو على أنه شارك في أية أنشطة تهدد أمن كندا. وانتهى التقرير إلى أن عرار كان ضحية بريئة للمعلومات الخاطئة والمضلِّلة التي قدمتها الشرطة الكندية الملكية الراكبة إلى السلطات الأميركية، وأن هذه الأخيرة قد اعتمدت فيما يبدو على هذه المعلومات في قرارها بترحيل عرار، بصورة غير مشروعة، إلى سوريا.

ووفقاً لأمر الطرد، كانت السلطات الأميركية مقتنعة بأن ترحيل عرار لم يخالف التزامات الحكومة الأميركية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب51. ولم يتضمن الأمر نفسه أية إشارة إلى حصول الولايات المتحدة من سوريا على ضمانات دبلوماسية بعدم التعذيب52، ولكن الولايات المتحدة لم تزعم هذا الزعم إلا بعد الإفراج عن عرار وقال إنه تعرض للتعذيب، وهو ما أكد صحته تقرير خبراء منفصل كلفت لجنة عرار المختصين بكتابته53. بل إن المسئولين في القنصلية الكندية في سوريا كانوا يتلقون ضمانات مطولة بأن عرار يلقى معاملة طيبة أثناء وجوده في السجن في سوريا. وكانت جميع هذه الضمانات السورية زائفة. وأكد تقرير لجنة عرار أنه "عاش في كابوس" من التعذيب أثناء سجنه في سوريا، وأن هذا التعذيب قد خلف آثاراً عميقة ومدمرة ومستمرة في أحواله الجسدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية. وفيما يتعلق بالضمانات الدبلوماسية وسياسة ترحيل الأشخاص في الولايات المتحدة، فقد اعتمدت اللجنة اعتماداً واسعاً على شهادة الخبراء التي قدمتها هيومن رايتس ووتش، وأقرت بأن حالة عرار تعتبر نموذجاً واضحاً للمشكلات الكامنة في الارتكان إلى أمثال هذه الضمانات54.

بخزود يوسوبوف

زعمت الحكومة الأميركية أنها طلبت ضمانات من السلطات الأوزبكية، في إطار جهودها الرامية إلى ترحيل بخزود يوسوبوف، المواطن الأوزبكي الذي لا يزال معتقلاً في الولايات المتحدة لما يزيد على أربع سنوات.

في أغسطس/آب 2005 قالت هيئة الاستئناف الأميركية لشؤون الهجرة إن من حق بخزود يوسوبوف إرجاء ترحيله إلى أوزبكستان، بسبب ما تلتزم به الحكومة الأميركية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب من عدم إرسال أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطر التعذيب. ويوسوبوف "مسلم مستقل" (أي رجل يمارس الشعائر الإسلامية خارج نطاق مؤسسات الدولة، ومبادئها التوجيهية). ولما كانت هيئة الاستئناف المذكورة تدرك أن السجل يتضمن أدلة ذات مصداقية على اعتياد الحكومة الأوزبكية استخدام التعذيب خصوصاً ضد الأشخاص المحبوسين بتهمة "التطرف الديني"، فقد قررت أنه "من الأرجح" أن يتعرض يوسوبوف للتعذيب إذا تمت إعادته إلى أوزبكستان55.

وبخزود يوسوبوف يحتجزه الآن الجهاز التنفيذي للهجرة والجمارك بالولايات المتحدة في سجن مقاطعة بايك، في مدينة ميلفورد، بولاية بنسلفانيا. وفي 19 يوليو/تموز 2006، أرسلت هذه الهيئة "قرارها باستمرار الاحتجاز" إلى يوسوبوف، وذكرت له فيه أنها تسعى إلى الحصول على ضمانات من حكومة أوزبكستان بعدم تعريضه للتعذيب لدى عودته56. وانتهى الخطاب إلى القول بترجيح احتمال ترحيل يوسوبوف في المستقبل المنظور، إلى حد ما، في ضوء المحاولة الجارية للحصول على هذه الضمانات، وبأنه سوف يظل في الحجز ريثما تصل هذه الضمانات.

وفي سبتمبر/أيلول 2006 كتبت هيومن رايتس ووتش والاتحاد الأميركي للحريات المدنية خطاباً مشتركاً إلى المسئولين الأميركيين، يعربان فيه عن الأسف لمحاولة الحكومة الحصول على ضمانات دبلوماسية من أوزبكستان، وهي البلد المعهود عنه استخدام التعذيب بصورة منهجية57. وأشار الخطاب إلى أن الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في أوزبكستان يواصلون اعتقال وتعذيب المسلمين المستقلين مثل يوسوبوف، وأن مسلماً مستقلاً آخر يدعى الإمام روح الدين فخر الدينوف، قد تم اعتقاله وتعرض للإيذاء الجسدي في الحجز بعد أن قامت السلطات الكازاخستانية بإعادته بالقوة ودون وجه حق من كازاخستان إلى أوزبكستان في نوفمبر/تشرين الثاني 2005. وقال الخطاب أيضاً إن "السلطات الأوزبكية قد اعتادت القبض على المنشقين السياسيين والدينيين واحتجازهم (ومن بينهم اللاجئين الذين فروا من البلد في أعقاب مذبحة مايو/أيار 2005 في أنديجان) بتهمة تأييد "الحركات الدينية غير المشروعة". وقد أقرت وزارة الخارجية الأميركية بأن المتهمين بتأييد "الحركات الدينية غير المشروعة" يتعرضون كثيراً لخطر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، ومن ثم فقد حثت الحكومات الأخرى على ألا تنصاع لمطالب الحكومة الأوزبكية بإعادة هؤلاء المنشقون إلى وطنهم. ومع ذلك فإن الجهاز التنفيذي للهجرة والجمارك يزعم أنه يسعى للحصول على ضمانات دبلوماسية حتى يعيد السيد يوسوبوف إلى وطنه"58.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2006 أخبرت وزارة الخارجية يوسوبوف أنها لم تعد تسعى للحصول على ضمانات من أوزبكستان، ولكنها تطمح إلى إعادة توطينه في بلد آخر قد يكون روسيا. وقد تسببت حالة يوسوبوف في إثارة بواعث قلق بأن الحكومة الأميركية ربما كانت تستخدم ذريعة السعي للحصول على ضمانات دبلوماسية في احتجاز الأشخاص مدة أطول من المدة المسموح بها حالياً بموجب قانون الهجرة الأميركي. فعن طريق طلب الضمانات أو الزعم بأنها تطلب الضمانات، تستطيع الحكومة الأميركية الاستمرار في احتجاز أشخاص يعتبرون جديرين بالحماية – ومن ثم فإنهم مؤهلون عادة للإفراج عنهم بعد فترة زمنية لها حد أقصى – على أساس إمكان طردهم في المستقبل القريب لدى وصول الضمانات الدبلوماسية بعدم استخدام التعذيب.



47 هيومن رايتس ووتش، "ما زال الخطر قائماً"، ص 33-36، و"وعود جوفاء"، ص 16-17، وتقرير إلى لجنة التحقيق الكندية في أفعال المسئولين الكنديين فيما يتعلق بقضية ماهر عرار، 7 يونيو/حزيران 2005.

http://hrw.org/backgrounder/eca/canada/arar/.

48  تصريح من ماهر عرار إلى وكالة أنباء كنوست (غرب كندا) في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2003.

49  محكمة إقليمية أميركية، الحي الشرقي لمدينة نيويورك، عرار ضد آشكروفت، قضية مدنية رقم CV-04-0249

http://www.ccr-ny.org/v2/legal/september_11th/docs/Arar_Order_21606.pdf

(تاريخ الاطلاع: أول يناير/كانون الثاني 2007).

انظر أيضاً صفحات الإنترنت الخاصة بمركز الحقوق الدستورية بشأن قضية عرار في العنوان التالي:

http://www.ccr-ny.org/v2/legal/september_11th/docs/Arar_Order_21606.pdf (تاريخ الاطلاع: أول يناير/كانون الثاني 2007).

50  لجنة التحقيق في أفعال المسئولين الكنديين فيما يتعلق بقضية ماهر عرار، فبراير/شباط 2004

http://www.ararcommission.ca/

(تاريخ الاطلاع: أول يناير/كانون الثاني 2007).

51  قامت جوليا هول، المحامية في قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش بتقديم شهادة الخبير يوم 7 يونيو/حزيران 2005 إلى لجنة عرار بشأن لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة واعتماد حكومة الولايات المتحدة على الضمانات الدبلوماسية في نقل عرار. انظر نص شهادتها في الموقع:

http://www.stenotran.com/commission/maherarar/2005-06-07%20volume%2023.pdf

(تاريخ الاطلاع: أول يناير/كانون الثاني 2007). وأثناء شهادتها قُدِّمَتْ إلى هول نسخة من أمر الطرد الخاص بعرار. وكان الأمر يقول إن ترحيله يتمشى مع التزامات الحكومة الأميركية بموجب المادة 3 (عدم ردِّ الأشخاص من حيث جاءوا) من اتفاقية مناهضة التعذيب.

52  المرجع السابق.

53  لجنة التحقيق في أفعال المسئولين الكنديين فيما يتعلق بقضية ماهر عرار، "تقرير البروفيسور ستيفن ج. توب، متقصي الحقائق"، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2005

http://www.ararcommission.ca/eng/ToopeReport_final.pdf  (تاريخ الاطلاع: أول يناير/كانون الثاني 2007). وقد انتهى بروفيسور توب إلى أن عرار قد تعرض للتعذيب في سوريا، وإلى أن آثار هذا الأذى كانت لها عواقب "سلبية بالغة" على عرار وعلى أسرته. المرجع السابق ص 23.

54  لجنة التحقيق في أفعال المسئولين الكنديين فيما يتعلق بقضية ماهر عرار، "تقرير حول الأحداث المتعلقة بماهر عرار"، 18 سبتمبر/أيلول 2006

http://www.ararcommission.ca/eng/AR_English.pdf

ص 176، (تاريخ الاطلاع: أول يناير/كانون الثاني 2007).

55 وزارة العدل الأميركية، المكتب التنفيذي لمراجعة شؤون الهجرة، قرار مجلس الاستئناف الخاص بالهجرة، بالإشارة إلى بخزود يوسويوف (A79 729 405-York)، 26 أغسطس/آب 2005، ص 3.

56  خطاب من مكتب الجهاز التنفيذي للهجرة والجمارك في الولايات المتحدة، والخاص بعمليات الاحتجاز والترحيل، إلى بخزود يوسويوف (A79 729 905) "قرار استمرار الحجز" 19 يوليو/تموز 2006، ص 1، محفوظ في ملفات هيومن رايتس ووتش.

57  خطاب من هيومن رايتس ووتش واتحاد الحريات الأميركي إلى ريتشارد بوتشر، مساعد وزير الخارجية، مكتب شؤون جنوب ووسط آسيا، في وزارة الخارجية الأميركية، 7 سبتمبر/أيلول 2006، ص 2، محفوظ في ملفات هيومن رايتس ووتش.

58  المرجع السابق.