Iraq



Iraq Iraq
  

II. حكم المحكمة

المشكلات الموضوعية

كان للثغرات في الأدلة أثر واسع على دقة الكثير مما توصل إليه الحكم في القضية من نتائج خاصة بالوقائع، وبالأخص ما يتعلق بقصد وعلم المتهمين. وقد توصلت المحكمة إلى نتائج خطيرة خاصة بالوقائع سواء في غياب الدليل، أو بتجاوز الدليل المقدم للمحكمة.

والنتيجة أنه لا يمكن أن تبقى أركاناً كثيرة من أركان الحكم سليمة من حيث الوقائع وصحتها القانونية. (وغياب أي مراجعة تتمتع بالمصداقية أثناء عملية الاستئناف، أكدت أن هذه الأخطاء لم تجد لها تصحيحاً. وقد عقّدت المراجعة الضحلة للقضية من جانب الهيئة التمييزية من الأخطاء – أنظر أدناه). والنتيجة أن المحكمة العراقية العليا فرضت أحكام الإعدام على أساس من دوافع للإدانة غير سليمة بالأساس، ويبقى ثلاثة رجال في السجن على الرغم من غياب الدليل الكافي لإدانتهم.

وبينما سوء سمعة من تم إعدامهم يعني أنهم لن يجدوا الكثير من التعاطف على مصائرهم من جانب الجمهور، فالإعدام بعد محاكمة غير منصفة وحكم غير سليم يستدعي إلى الأذهان ممارسات الحكومة السابقة. وكذلك فالحكم نفسه فشل تماماً في تقديم سجل ملائم يحتوي على أفعال الحكومة السابقة وأعمالها، وبهذا فهو مصدر ضعيف للأجيال المستقبلية التي ستسعى لفهم القمع المؤسسي في العراق تحت حكم البعث.

وفي مراجعتها للأدلة المقدمة في المحكمة وفي ملف المحاكمة، وجدت هيومن رايتس ووتش أن قاضي التحقيق والادعاء لم يتقدما بكامل الأدلة المطلوبة لإثبات القصد والعلم والمسؤولية الجنائية على المتهمين. ويحدد القانون الجنائي الدولي متطلبات محددة لابد من مراعاتها لإثبات المسؤولية الجنائية الشخصية على كل متهم في قضية كهذه. وفي حالة قضية الدجيل كانت هناك ثغرات واسعة في الأدلة،14 ومنها الغياب اللافت للأدلة الخاصة بالتالي:

  • السلطة القانونية والفعلية لمختلف المنظمات الأمنية والمؤسسات السياسية الضالعة في أحداث الدجيل.

  • بنية القيادة والتنظيم الداخلي لهذه المنظمات الأمنية والمؤسسات السياسية.15

  • نظم الاتصال الداخلية وتدفق المعلومات في تلك المنظمات، وكيفية توقع تدفق المعلومات إلى المتهمين كلٍ على حدة.

  • السياق العام لممارسات حقوق الإنسان (مثل الاستخدام المنهجي للتعذيب) والعنف من جانب المنظمات الأمنية.

  • العلاقة التاريخية بين المؤسسات السياسية (مثل مكتب الرئيس ومجلس قيادة الثورة) والمؤسسات القانونية (محكمة الثورة) المتورطة في الجريمة.

    المتهمون الكبار—صدام حسين وعواد البندر وبرزان التكريتي وطه ياسين رمضان

    تم توجيه الاتهام إلى كل من صدام حسين وبرزان التكريتي وطه ياسين رمضان بارتكاب القتل والتعذيب والإبعاد القسري والحجز غير القانوني والإخفاء القسري، و"أفعال لاإنسانية أخرى"، كجرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 12 من قانون المحكمة العراقية العليا.16 وتم توجيه الاتهام إلى عواد البندر بارتكاب جريمة القتل باعتبارها جريمة ضد الإنسانية.

    ويُعرِّف قانون المحكمة العراقية العليا الجريمة ضد الإنسانية على أنها "أي من الأفعال الآتية [في هذه القضية هي القتل والتعذيب والإبعاد القسري والحجز غير القانوني] متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بهذا الهجوم". ويعتبر أن لدى الشخص القصد بارتكاب جريمة ضد الإنسانية حين ينوي ارتكاب فعل من المذكور (القتل على سبيل المثال)، وهو يعرف أن هناك هجوماً على تجمع سكاني من المدنيين وأن فعلته جزء من هذا الهجوم.17

    ولم توضح مذكرة الاتهامات الأساس المزعوم للمسؤولية الجنائية ضد كل من المتهمين.18 وبناء على الإفادات الخاصة بالادعاء في المحكمة؛ يظهر أن المتهمين الكبار الأربعة، صدام حسين وبرزان التكريتي، وطه ياسين رمضان، وعواد البندر، قد وجه إليهم الاتهام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية "بالعمل الجنائي المشترك" ومسؤولية القيادة عن نفس الجرائم. ويبدو أن حكم المحكمة أدان صدام حسين وبرزان التكريتي وطه ياسين رمضان على أساس من كل من العمل الجنائي المشترك ومسؤولية القيادة بالعمل الجنائي، على نفس الأفعال. ويبدو أن عواد البندر قد أدين على أساس من مشاركته في العمل الجنائي المشترك.

    المبادئ القانونية ذات الصلة – العمل الجنائي المشترك

    "العمل الجنائي المشترك" هو شكل من أشكال المسؤولية الجنائية الفردية المُعترف بها في قانون المحكمة العراقية العليا والقانون الدولي العرفي.19 وهي "نظرية مسؤولية قانونية"، حيث يرتكب عدة أفراد أفعالاً جنائية مشتركة. ولإثبات إدانة الشخص كعضو مشارك في عمل جنائي مشترك؛ لابد من إثبات: تعدد الأشخاص المتورطين في الجريمة، وجود قصد مشترك أو نية مشتركة خاص بارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون، وأن يكون المتهم بالفعل طرفاً في هذا القصد المشترك أو النية المشتركة.20 بالإضافة إلى أنه لابد من توافر العلم بالجريمة المشتركة وقصد ارتكابها لدى كل عضو من مرتكبي الجريمة المشتركة.

    و"العلم أو القصد المشترك" الخاص بارتكاب الجريمة (في هذه الحالة هي جريمة ضد الإنسانية) لا يجب أن يكون صريحاً، بل يمكن أن يكون نوعاً من التفاهم الضمني المستخلص من حقيقة أن عدة أشخاص عملوا كفريق لأداء الجريمة.21 إلا أن التفاهم الضمني بين أعضاء الجريمة المشتركة لا يمكن القبول به إلا إذا كان الاستنتاج المنطقي والوحيد من الدليل.22 و"المشاركة" في الخطة المشتركة أو القصد المشترك لا تتطلب الارتكاب المادي لأي من أفعال الجريمة (مثل القيام بالتعذيب أو القتل)، بل يكفي أن تأخذ شكل المساعدة أو الإسهام في ارتكاب الجريمة.23

    وهناك ثلاثة أنواع من الأفعال الجنائية المشتركة في القانون الدولي: "الأساسية"، و"المنهجية" و"الممتدة".24 وفي إدانة صدام حسين وبرزان التكريتي وطه ياسين رمضان بالقتل والتعذيب والإبعاد القسري و"غيرها من الأفعال اللاإنسانية" كجرائم ضد الإنسانية، وفي إدانة عواد البندر بالقتل كجريمة ضد الإنسانية، استنتجت المحكمة أولاً أنهم كانوا مشاركين في فعل جنائي مشترك.25 كما استنتجت أن لديهم القصد والعلم، بناء على الأسس الخاصة بالعمل الجنائي المشترك "المنهجي" وليس "الأساسي" أو "الممتد".26

    وتنطبق حالة العمل الجنائي المشترك المنهجي على "نظام قائم من المعاملة السيئة. والمثال عليه هو مخيمات الإبادة أو الاعتقال، والتي يُقتل المسجونين فيها أو تُساء معاملتهم جراء عمل جنائي مشترك [هو إدارة المخيم]".27 وقد أوضحت المحاكم الدولية أن فئة العمل الجنائي المشترك المنهجي لا تقتصر على مخيمات الاعتقال، بل تشمل أيضاً أي نظام منهجي قائم لتحقيق غرض جنائي مشترك. إلا أنه من الناحية العملية فلم تنطبق هذه الفئة إلا على ظروف مرتبطة بمخيمات الاعتقال المنظمة.28 من المثير للشك إذن اختيار المحكمة العراقية العليا للقصد الجنائي المشترك المنهجي في سياق بعيد للغاية عن حالة "مخيم الاحتجاز"، وهي جرائم بدأ ارتكابها في الدجيل عام 1982، لكنها امتدت لأعوام وفي مواقع متعددة من العراق. وعلى المحكمة العراقية العليا، إذا شاءت اعتبار الفعل المرتكب كذلك، أن تتحقق من وجود الدليل قبل أن تفترض وجود "نظام  منهجي للمعاملة السيئة" يربط كل الجرائم التي تم ارتكابها طوال الفترة المذكورة.

    والقاعدة المتوافرة من أدلة لإثبات وجود "نظام منهجي للمعاملة السيئة" أساسية؛ لأن العمل الجنائي المشترك المنهجي يتطلب درجة أقل من التحقق من توافر القصد والعلم. واستنتاج توافر القصد والعلم، بناء على موقف المتهم، هو أمر غير مألوف في هذه الفئة من الأفعال الجنائية المشتركة، ولا يتسنى مع أشكال الأفعال الجنائية المشتركة الأخرى استنتاج النية فقط أو بالأساس بناء على موقف المتهم. ومن الجائز الاستعانة بهذا الأمر في هذه الفئة من الأفعال الجنائية المشتركة المنهجية؛ لأن "المنهجية" تعني صفة ارتكاب الجريمة، والمثال الأفضل عليها هو مخيمات الإبادة أو الاعتقال. ومن ثم ففي حالة مخيم الاحتجاز، فإن تواجد المتهم المادي في المخيم وقربه المكاني من حالة المعاملة السيئة حيثما وقعت، يجعل من استنتاج القصد والعلم أمراً جائزاً.29 ولهذا كان من المهم استنتاج وجود النية لوجود نظام منهجي قائم، وكان يجب ألا يعتبر هذا النظام المنهجي قائماً إلا بوجود دليل من الدجيل.

    المبادئ القانونية ذات الصلة – مسؤولية القيادة

    مسؤولية القيادة هي شكل من أشكال المسؤولية القانونية التي وبموجبها يعتبر القادة العسكريين أو غيرهم من الرؤساء  مسؤولين جنائياً عن جرائم يرتكبها الأشخاص الذين يعملون بإمرتهم.30 وهذا مبدأ من مبادئ القانون الدولي العرفي وهو مذكور في قانون المحكمة العراقية العليا.31 ويعتبر الشخص الأعلى رتبة مسؤولاً عن الجرائم التي يرتكبها مرؤوسيه من ذوي الرتب الأدنى إذا اثبت الادعاء ما يلي:

    (i) كانت ثمة علاقة قائمة بين الشخص الأعلى رتبة والمرؤوس، أي بين من ارتكبوا الجريمة والشخص المتهم.

    (ii) كان الشخص الأعلى رتبة يعرف، أو لديه أسباب لعلم، أن الأفعال الجنائية قد تم ارتكابها بالفعل أو على وشك الوقوع.

    (iii) لم يتمكن الشخص الأعلى رتبة من اتخاذ إجراءات ضرورية ومعقولة لتحاشي ارتكاب الجريمة، أو لم يعاقب المرتكبين.32

    ويتم في العادة إثبات العلاقة بين الشخص الأعلى رتبة والمرؤوس الذي يعمل بإمرته بوجود سلطة فعلية أو قانونية للشخص الأعلى رتبة تمكنه من تحاشي ارتكاب أفعال المرؤوس الذي ارتكب الجرائم أو معاقبته عليها.33 ولا يترتب على القيادة افتراض العلم؛ فلابد أن تكون لدى الشخص الأعلى رتبة إما المعرفة الفعلية بالأفعال الجنائية، أو تكون في حيازته معلومات توافرت لديه بالفعل تجعله على دراية بوقائع الجريمة المرتكبة.34 وليس واجباً على الشخص الأعلى رتبة وجود ذلك العلم لديه، ولا يعتبر تجاهل العلم بالجريمة المرتكبة أساساً لترتب المسؤولية القانونية،35 برغم أن الشخص الأعلى رتبة لا يمكنه تجاهل العلم بالمعلومات المتوافرة لديه عمداً.36 وينشأ واجب الشخص الأعلى رتبة بأن يحاول التحاشي أو يفرض العقاب حالما عرف الشخص الأعلى رتبة بأن مرؤوسيه على وشك ارتكاب جرائم، أو ارتكبوا جرائم بالفعل.

    الأحكام الخاطئة في قرار المحكمة – القصد والعلم

    لم تضع المحكمة يدها على دليلٍ يظهر أن صدام حسين وبرزان التكريتي وطه ياسين رمضان وعواد البندر لديهم القصد والعلم المطلوبين لتعزيز الاستنتاج بأنهم كانوا متواطئين في عمل جنائي مشترك. وبدلاً من هذا اعتمدت المحكمة على مواقف المتهمين من السلطة لاستنتاج أن كل منهم كان يعرف بالعمل الجنائي المشترك، دون تحديد دليل يظهر المعرفة الفعلية، أو أن هذا الاستنتاج المذكور كان الاستنتاج المنطقي الوحيد من الدليل.

    وفي استنتاجاتها عن عواد البندر قالت المحكمة العراقية العليا إن البندر كان يعرف بالعمل الجنائي المشترك بارتكاب جريمة قتل كجريمة ضد سكان الدجيل، فقط لأنه كان رئيس محكمة الثورة وعضواً كبيراً في حزب البعث. وطبقاً المحكمة، كان يتمتع "بعلمه بطبيعة ذلك النظام ونيته في تأييده وذلك باعتباره عضوأ في حزب البعث المنحل".37

    وعلى نحو مماثل، وفيما يتعلق بالمتهم صدام حسين، وجدت المحكمة العراقية العليا القصد والعلم بالمشاركة في العمل الجنائي المشترك لأنه "رئيس ذلك النظام والسلطة والحزب، فهو أول من يعلم بنية ارتكاب القتل العمد كجريمة ضد الإنسانية".38 وتم استنتاج وجود القصد والعلم استنتاجاً شاملاً على أساس من وضع المتهم كرئيس للحكومة. وبالطبع إذا كان عمل النظام والحزب و"السلطة الحاكمة" قد تم بيانه بناء على دليل، فربما يمكن القول بصحة هذا الاستنتاج وفي غياب هذا الدليل، الذي لم يكن في ملف القضية أو تم تقديمه للمحكمة، فإن إلصاق التهمة بالقصد والعلم بناء على مركز المتهم الرسمي هو أمر خاطئ قانوناً.

    وفيما يتعلق بنائب الرئيس السابق طه ياسين رمضان، فقد استخلصت المحكمة العراقية العليا أيضاً معرفته بالعمل الجنائي المشترك بناء على مركزه الرسمي، وأكدت المحكمة العراقية العليا أن رمضان كان يعرف وقام بإعداد عملاء من طرف الدولة لارتكاب القتل والتعذيب والإبعاد القسري و"أفعال لاإنسانية أخرى" ضد شعب الدجيل؛ لأن:

    يعلم بكونه عضواَ في مجلس قيادة الثورة (المنحل) ونائباً لرئيس الوزراء، وعضواً مهماً في القيادة القطرية لحزب البعث وقائداً عاماً للجيش الشعبي ورئيساً للجنة التي شكلت بأمر من المتهم صدام حسين بعد ساعات من الحادث والتي عقدت اجتماعها في المجلس الوطني برئاسته40، أن هذه المراكز المهمة جداً التي شغلها المتهم طه ياسين كانت تمكنه بسهولة لأن يعلم بكل ما يجري في الدجيل، وهو بالتأكيد

    ومجدداً، إذا كان هناك دليل ما عن مجريات عمل هذه المؤسسات المتعددة، وعن أساليب تدفق المعرفة والمعلومات فيها إلى الأفراد الذين يشغلون المناصب القيادية بها؛ إذن فمن الممكن اعتبار هذا الاستنتاج صحيح منطقياً. لكن وحاله كما هو، فاستنتاج وجود العلم بعيدٌ تمام البعد عن كونه "الاستنتاج المنطقي الوحيد المعقول"

    والدليل ضد برزان التكريتي أشار بوضوح إلى أنه كانت لديه معرفة شخصية بالاعتقالات الجماعية والإبعاد القسري في أعقاب محاولة الاغتيال الفاشلة، وادّعى ثلاثة شهود أن برزان التكريتي شارك شخصياً في تعذيبهم في مقر مديرية المخابرات العامة.42 ويشير الدليل الموثق إلى أن المخابرات لعبت دوراً مركزياً في الاعتقالات الجماعية والاستجواب ونقل المحتجزين فيما بعد إلى المنفى الداخلي. وجاء في وثائق من عام 1987 أيضاً أن ربما تُوفي 46 محتجزاً أثناء الاستجواب على أيدي المخابرات.43 وهكذا وبرغم غياب أي دليل يحدد مجريات العمل الداخلية وتنظيم المخابرات، فيمكن التوصل إلى أن برزان التكريتي كان يعرف، أو يُرجح أنه كان يتوقع تعذيب واسع النطاق للمحتجزين واحتمال الوفاة من أثر الاستجواب، بسبب دليل التورط الشخصي، كما كان يعرف بالاحتجاز التعسفي واسع النطاق لمئات الأشخاص من الدجيل.

    إلا أن دائرة المحكمة العراقية العليا تتمادى متجاوزة هذا في استنتاجاتها؛ إذ اعتبرت التكريتي مسؤولاً، ليس فقط عن التعذيب وبعض حوادث القتل والإبعاد القسري كجريمة ضد الإنسانية، بل تعده مسؤولاً عن كل الجرائم ضد سكان الدجيل، ومنها إعدام ما يربو على المائة شخص في عام 1985، بعد عامين تقريباً من خروج التكريتي من منصبه في الحكومة الوطنية وإرساله إلى جنيف كممثل للعراق في لجنة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان. وتوصلت المحكمة إلى هذا الاستنتاج بناء على ما خلُصت إليه من أن التكريتي كان يعلم وكان لديه القصد بالمشاركة في فعل جنائي مشترك تضمن إعدام أشخاص مدانين من جانب محكمة الثورة ، أو كان من المتوقع أن يكون هذا من نتائجه.

    وغياب أي دليل على علم التكريتي بمجريات عمل محكمة الثورة أو المصير المتوقع لمن يحالون إلى المحكمة يثير التساؤلات حول كيفية بلوغ المحكمة هذا الاستنتاج الخاص بقصد وعلم التكريتي. ولأن قاضي التحقيق والادعاء لم يجمعوا أية أدلة حول كيفية تعامل الحكومة السابقة في العادة مع المشتبه بهم من هذا النوع؛ فاستنتاج أن التكريتي كان يعرف بأن من سينجو من المحتجزين من الاستجواب سيتم إعدامه، يصعب الأخذ به بناء على ما تم تقديمه للمحكمة. واستنتجت المحكمة أنه كان يعرف؛ لأنه كان "أحد أقطاب ذلك النظام ورئيساً لأهم تلك الأجهزة، ولأنه أيضاً عضو مقرب جداً من مصدر القرار الرئيسي

    وارتكبت المحكمة العراقية العليا خطأً من النوع نفسه في تطبيقها لمبادئ مسؤولية القيادة؛ إذ قالت دائرة الاستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، بأنه من أجل إدانة قائد بجرائم ارتكبها مرؤوسيه، فلابد من أن يثبت بالدليل أن القائد لديه معرفة فعلية بأن هذه الجرائم كانت على وشك الوقوع، أو توجد على الأقل معلومات محددة تثبت علم القائد بالجرائم.45 وموقف القائد لا يعني الافتراض بالعلم، وإن كان مؤشراً من المؤشرات على علم المتهم، وهذا في حالة ربط هذا العامل بعوامل أخرى.

    ولم تطبق المحكمة العراقية العليا هذا المعيار، بل أكدت أن المتهمين الكبار لديهم العلم الكافي من واقع مراكزهم في الحكومة أو بسبب القرابة لبعضهم البعض.46 فمثلاً، أكدت المحكمة العراقية العليا أن صدام حسين كان يعرف بالجرائم المرتكبة من جانب مرؤوسه برزان التكريتي لأن التكريتي كان "أخاه من الأم" وهكذا يعتبر علم التكريتي "بمثابة علم القائد الأعلى، أو على الأقل هو الأقرب لتسبب في العلم". لكن مسألة إن كانت وسائل التكريتي في ارتكاب جرائم مثل التعذيب مما يعلم به صدام حسين، فهذا لم يتم دعمه بدليل قط، ولم تستشهد المحكمة بدليل في هذا الأمر، بل أكدت علم صدام حسين بهذا بناء على موقف التكريتي كشخص كان "مقرباً وعلى اتصال مباشر" بصدام حسين باعتباره أخيه.47

    وعلى نحو مماثل، رأت المحكمة العراقية العليا أن طه ياسين رمضان لديه سلطة قانونية رسمية بقيادة الجيش الشعبي، بناء على قانون يبدو أن المحكمة اتخذت منه إشعاراً قضائياً.48 ثم كانت حجة المحكمة هي لأنه القائد القانوني الرسمي للجيش الشعبي، وبسبب مركزه الرفيع في الحكومة؛ فلابد أن طه ياسين رمضان "كان يعلم بوصفه القائد الأعلى للجيش الشعبي أسماء وعدد المتورطين في الجرائم وعلى رأسهم (أحمد إبراهيم السامرائي) مسؤول الجهاز الحزبي في الدجيل".49 إلا أنه لا يوجد دليل عن كيفية علم طه ياسين رمضان بالمعلومات الخاصة بأنشطة القيادة المحلية للجيش الشعبي، والذي أفاد الشهود بأنها – هذه القيادة المحلية – قد قادت هجمات الجيش الشعبي في الدجيل. وبينما رأت المحكمة العراقية العليا بوجود سلطات قانونية رسمية مخولة لرمضان (خاصة بالقيادة والإشراف)؛ فلا يوجد دليل لدى المحكمة كفيل بإثبات وجود إشراف عملياتي وإبلاغ مجريات العمليات إلى القيادة ومنها من جانبه، وهذا مما يتصل بالعلم.

    وربما تأثرت استنتاجات المحكمة العراقية العليا أيضاً بأمر آخر: يضعف من مقدار الثقة بمعظم الشهادات التي تم التقدم بها في المحاكمة حقيقة أن كل الشهود تقريباً مجهولين من الناحية الفعلية. فلم يتم كشف أسمائهم للدفاع إلا صبيحة تقدمهم بالشهادات، ومعظمهم لم يظهروا أمام محاميّ الدفاع. وهذان الأمران (الكشف المتأخر عن هويات الشهود وإجراءات الحماية التي حالت دون المواجهة بين الدفاع والشهود) صعّبت من اختبار الشهادات. ولا يظهر في حكم المحكمة أن المحكمة وجدت أية صعوبات تذكر في تحديد مصداقية الشهود.

    الأحكام الخاصة بالوقائع

    ضاعف من عدم قدرة المحكمة العراقية العليا على تسمية دليل يدعم استنتاجاتها بالقصد والعلم، وجود وقائع تجاوزت الدليل المقدم للمحكمة، أو ظهرت في غياب الدليل. وهذه الوقائع المكتشفة المثيرة للتساؤلات إلى أقصى حد تعكس مجدداً عدم قدرة الادعاء على أن يقدم للمحكمة دليلاً كافياً لاستيفاء المطلوب إثباته، بموجب القانون الجنائي الدولي، لتحميل شخص ما مسؤولية فردية على جريمة ضد الإنسانية.

    ففي النتيجة التي توصلت إليها المحكمة من وجود "عمل جنائي مشترك" وهو ارتكاب القتل والتعذيب والتشريد وغيرها من الأفعال اللاإنسانية كجريمة ضد الإنسانية، وضد سكان الدجيل، وجدت أن هناك خطة جنائية ضمنية تشكلت بين المتهمين لارتكاب كل الجرائم الموجه إليهم الاتهامات بارتكابها (باستثناء الإختفاء القسري).50 وفي غياب أي دليل على الاتفاق المعلن، فالخطة الجنائية المشتركة "الضمنية" قد يتم التوصل لوجودها إذا تعاون عددٌ من الأشخاص على تنفيذ الخطة المزعومة.51 لكن التفاهم الضمني بين مرتكبي العمل الجنائي المشترك لا يمكن استنتاجه إلا إذا كان الاستنتاج المنطقي الوحيد المأخوذ عن الدليل.52

    واستنتجت المحكمة أن الخطة الجنائية المشتركة الضمنية ظهرت لارتكاب الجرائم ضد سكان الدجيل، ولم تحدد متى أو كيف تجسدت هذه الخطة، وأكدت ببساطة على وجود الخطة كدليل قائم بذاته. والواقع أن الدليل يشير إلى أن المتهمين الكبار لم "يتصرفوا في تعاون بينهم": فالمتهم برزان التكريتي رحل على الفور إلى الدجيل ليشرف على التحقيقات، لكن المتهم عواد البندر لم يتصرف حيال الدجيل إلا بعد عامين من الحادث.53 والدليل الذي اعتمدت عليه المحكمة العراقية العليا أفاد بأن المتهم طه ياسين رمضان لا يظهر أنه اتخذ أية قرارات ذات صلة بالقضية حتى بعد مرور شهر من محاولة الاغتيال. وكانت أوامر المتهم صدام حسين بمصادرة الأراضي الزراعية وإحالة المتهمين إلى محكمة الثورة، والمصادقة على أحكام بالإعدام فيما بعد، قد تم اتخاذها كلها في الفترة من بعد مرور ثلاثة أشهر على أحداث الدجيل إلى عامين. ومن الصعب فهم كيف وُجدت خطة ضمنية لارتكاب عمل جنائي مشترك باعتبارها الاستنتاج المنطقي الوحيد من هذه المجموعة من الوقائع. وما تشير إليه الوقائع هو وجود قصور واضح في التنسيق بين ردود الأفعال الحكومية بمختلف جهاتها.

    وليس من المستحيل إثبات وجود خطة لارتكاب عمل جنائي مشترك أو وجود قصد مشترك بين المتهمين الكبار، لكن الدليل المقدم المحكمة كان أقل من أن يثبت هذا، وترك للمحكمة الوصول لنتائج من حقيقة غير كافية كدليل. وبدلاً من الاعتماد على مفهوم "الاتفاق الضمني غير المعلن" غير المستقر، كان يجب طلب الدليل على مجريات عمل "النظام الجرمي" للتصرف الحكومي في ظل الحكومة البعثية. وفي هذا الموضع كان يمكن تحقيق أقصى استفادة ممكنة من دليل يتقدم به خبير أو "شاهد داخلي" عن مجريات عمل الحكومة والأجهزة السياسية والتنظيم الداخلي والممارسات السابقة للحكومة البعثية بجهازها الأمني والشرطي، بغرض سد الثغرات وتوضيح العلاقة بين "القاعدة الجنائية" والقيادة. وأحد سبل إثبات دليل "الصلة" هو أخذ شهادة خبراء السياسة والتاريخ والشؤون العسكرية المعنيين بالدولة، والقادرين على توفير معلومات تفصيلية ذات صلة تصلح كأساس لاستنتاج مجريات عمليات اتخاذ القرارات وتسلسل المسؤوليات بالنسبة للمسؤولين رفيعي المستوى. ولم يتم تقديم أي دليل من هذا النوع على الإطلاق.

    وفي حكم المحكمة نتائج أخرى مثارة حولها التساؤلات. ففي أحد أجزاء الحكم استنتجت المحكمة أن علم المتهم صدام حسين وقصده بالمشاركة في عمل جنائي مشترك (الخاص بارتكاب الجرائم المذكورة في قائمة الاتهام) هي قصد وعلم واضحين لأن المتهم صدام حسين هو "من أمر ومن اعتقل ومن أشرف على الاعتقال ومن احتجز ومن أشرف على الاحتجاز".54 وبعدها بصفحة ترى المحكمة أنه لم يكن ثمة دليل مقدم من طرف الادعاء على أن صدام حسين أمر بشكل مباشر بالتعذيب والقتل.55

    وعلى خط موازٍ، وجدت المحكمة أنه بإصدار الأمر بالتحقيق والإحالة للأشخاص المتهمين إلى محكمة الثورة، فإن صدام حسين كان يعرف بأن المشتبه بهم سوف يُعدمون لأن هذا "نتيجة محتملة جداً في ظل نظام شمولي شديد القسوة كان صدام قبل أي شخص آخر يعلم بطبيعته، أن النتيجة المحتملة جداً بل التي تكاد تكون طبيعية حسب التسلسل السببي والمنطقي للأشياء كانت تتجلى في قتل أولئك المعتقلين أو قتل عدد كبير منهم على الأقل".56 لكن بسبب غياب الدليل حول الاستخدام المنهجي للتعذيب من جانب الجهات الأمنية، وكيفية علم المسؤولين الأعلى رتبة بهذا، وكذلك عن العلاقة بين محكمة الثورة ومكتب الرئاسة وطبيعة محكمة الثورة كمؤسسة؛ فاستنتاج أن حالات الإعدام تلك هي النتاج الطبيعي، تشكل تأكيداً لا يستند إلى دليل مقدم في المحاكمة.

    وساند أحد الأدلة الاستنتاج بأنه في عام 1987 أخبر تقريرٌ صدام حسين بأن هناك 46 شخصاً محتجزاً على صلة بمحاولة اغتيال 1982 قد ماتوا أثناء الاستجواب، وأن المشتبه بهم الباقين سوف يصدر ضدهم الحكم بالإعدام بعد محاكمة صورية.57 لكن هذا لا يدعم الاستنتاج بأنه في عامي 1982 و1983 كانت لدى صدام حسين المعرفة الكافية وبهذا يعد مسؤولاً باعتباره قائداً، جراء عدم قدرته على تحاشي الجرائم. بل هو دليل على أن صدام لم يتمكن من معاقبة المسؤولين عن جرائم عرف بها عام 1987. واعتماد المحكمة على هذه الوثيقة المؤرخة بعام 1987 لاستنتاج أن صدام حسين لم يتمكن من تحاشي الجرائم في الدجيل هو إذن استنتاج لا أساس له.58

    إدانة المتهمين الكبار بـ"أفعال لاإنسانية أخرى"

    كشف الدليل المقدم للمحكمة العليا العراقية أنه بعد محاولة الاغتيال بعدّة أسابيع، صادرت الحكومة العراقية ودمرت مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية في الدجيل، تحت لواء برنامج للتطوير. ولم يكشف الدليل عن مساحة الأرض على وجه التحديد، ولا قيمتها المالية، أو أثرها على دخل الضحايا. وأغلقت الحكومة العراقية عدداً غير محدد من المنازل وأزالت محتوياتها، وتمت المصادرة بطريقة تضمن مصادرة أراضي الأشخاص المعتقلين على صلة بمحاولة الاغتيال، وأعضاء حزب البعث (منها أراضي لمتهمين أقل رتبة).

    واستنتجت المحكمة العراقية العليا أن تدمير الملكية هذا وقع كجزء من هجوم منهجي واسع النطاق على سكان الدجيل. وكان هناك دليل على أن تدمير الممتلكات يتم بإشراف شخصي من طه ياسين رمضان. وقد وقّع صدام حسين، باعتباره رئيس مجلس قيادة الثورة، أمراً بالتصريح بالمصادرة، ومنح التعويض لمن لا يبين أنهم على صلة بارتكاب أية جرائم خاصة بمحاولة الاغتيال. وكان هناك دليل على أن التعويض قد تم دفعه بالفعل، لكن لم يوضح الدليل لمن تم الدفع أو كم ما تم دفعه. كما كان هناك دليل على أن المخابرات شاركت في عملية تحديد الأراضي التي تمت مصادرتها.

    ولا يعتبر التدمير الوحشي للأراضي طبقاً لقانون المحكمة العراقية العليا أحد الجرائم التي تدخل تحت نطاق جرائم ضد الإنسانية، بل مجرد جريمة حرب. وقد تعاملت المحاكم الدولية مع التدمير الوحشي والانتقامي للأراضي تحت عنوان "الاضطهاد".59 لكن لم توجه تهمة الاضطهاد إلى أي من المتهمين في محاكمة الدجيل. بل تم اتهام كل من صدام حسين وطه ياسين رمضان وبرزان التكريتي بارتكاب "أفعال لاإنسانية أخرى ذات طبيعة مماثلة [للجرائم الأخرى المذكورة في المادة 12] عمداً تسببت في معاناة واسعة وإصابات خطيرة ألمت بالجسد أو بالحالة العقلية والصحة البدنية".60 وأركان الجريمة الخاصة بالمحكمة العراقية العليا هي أن يكون الفعل اللاإنساني أيضاً "مماثلاً فيما يتعلق بطبيعة وخطورة الأفعال المحددة في المادة (أ) (12)"61. وقد استنتجت المحكمة العراقية العليا أن تدمير الأراضي الزراعية المملوكة لأشخاص من الدجيل يرتقي إلى "فعل لاإنساني آخر"، على أساس أن تدمير الأراضي كفيل بالتسبب في معاناة أكبر لملاكها بحرمانهم من مورد أساسي لكسب الدخل.62

    وفي معرض تصنيف تدمير الأراضي على أنها "فعل لاإنساني آخر"، لم تأخذ المحكمة العراقية العليا في اعتبارها القرارات الدولية التي فسرت هذه الجريمة. وقد أشارت دائرة الاستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة أنه بينما "الأفعال اللاإنسانية الأخرى" لا يمكن حصرها،63 فلابد أن تخضع للتفسير الحذر لأنها واسعة وعريضة بحيث يمكن أن تنتهك مبدأ اعتبار الجريمة لم تُرتكب ما لم تكن قد جُرمت من قِبل القانون.64 من ثم فيمكن أن تنطبق على أفعال لم تكن في واقع الأمر انتهاكات للقانون الجنائي الدولي وقت ارتكابها. وهكذا طبقت دائرة الاستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة فئة "الأفعال اللاإنسانية الأخرى" فقط على المواقف التي تعاني فيها الضحية من "إيذاء بدني أو ذهني بالغ".65 ولم يتم تطبيق هذه الفئة في أية قضية على تدمير الممتلكات من قبيل مصادرة الأراضي والممتلكات.

    ولم تلتفت المحكمة العراقية العليا لقرارات المحكمة الدولية الخاصة بهذه الفئة من الجرائم، ولم تحدد قاعدة من القانون الدولي لتبرير مدها لمفهوم "الأفعال اللاإنسانية الأخرى" ليشمل تدمير الممتلكات. وبينما لا يعتبر انطباق فئة "الأفعال اللاإنسانية الأخرى" على تدمير الأراضي الزراعية أمراً مستحيلاً، فقد أشير، على سبيل المثال، إلى أنها قد تؤدي إلى المجاعة والموت جوعاً، فلا يوجد دليل، أو أقل الدليل، على أن تدمير الممتلكات يؤدي إلى "إيذاء بدني أو ذهني بالغ". وفي غياب التحليل القانوني الدولي المنطقي أو الدليل المقنع، يبدو أن المحكمة العراقية العليا قد انتهكت مبدأ "انتفاء الجريمة في غياب التجريم" بإدانة بعض المتهمين بـ"أفعال لاإنسانية أخرى" جراء تدمير أراضٍ في الدجيل.

    المتهمون الأقل رتبة – عبدالله كاظم رويد، ومزهر عبدالله كاظم رويد، وعلي دايح علي الزبيدي

    تمت إدانة كل من عبد الله كاظم رويد وابنه مزهر وعلي دايح علي الزبيدي، بمساعدة وتحريض المتهمين الكبار على العمل الجنائي المشترك، بارتكاب جرائم القتل والتعذيب والإبعاد القسري والسجن غير القانوني كجرائم ضد الإنسانية. والدليل ضد عبدالله رويد وعلي دايح علي كان أنهما شاركا في اعتقال عدة أشخاص من الدجيل في أعقاب محاولة الاغتيال، وكتبا خطاباً كشفا فيه لوزير الداخلية في ذلك الحين، سعود شاكر، عن أسماء أشخاص بعينهم متعاطفين مع حزب الدعوة.66 وبعدها اعتقلت السلطات بعض هؤلاء الأشخاص، وحوكموا في محكمة الثورة وأعدموا. والدليل القائم ضد مزهر كاظم رويد كان أنه شارك في اعتقال بعض الأشخاص بعد محاولة الاغتيال، برغم أن معظم الدليل الذي اعتمدت عليه المحكمة في قضيته هو شهادات الشهود التي تم الإدلاء بها لقاضي التحقيق، والتي لم يتم التحقق من صحتها أثناء التحقيقات أو أثناء المحاكمة.67

    ويثبت هذا الدليل أن المتهمين أسهموا في الاعتقالات؛ إلا أنه من أجل إدانتهم بالمساعدة والتحريض، وليس في الاعتقالات فقط، بل والقتل والتعذيب والإبعاد القسري والسجن غير القانوني أيضاً؛ فمن الضروري إثبات أنهم كانوا على دراية بأن الأفعال التي ارتكبوها ستساعد في ارتكاب هذه الجرائم بعينها من قبل مرتكبيها الأساسيين،68 وأنهم كانوا على دراية بالأركان الأساسية لكل من الجرائم المذكورة، ومنها نية مرتكبي الجرائم أنفسهم ارتكاب تلك الجرائم،69 وأنهم كانوا يعرفون بأن أحد الجرائم المرتكبة كانت ستقع على الأرجح، وأحد تلك الجرائم قد وقع بالفعل.70 من ثم كان على الادعاء أن يظهر أن المتهمين الأقل رتبة في قضية الدجيل كانوا يعرفون بأن أفعالهم ستساهم في ارتكاب القتل والتعذيب والإبعاد القسري والسجن غير القانوني، وأنهم كانوا على دراية بنية ارتكاب هذه الجرائم، وكانوا على دراية بأنه سوف يتم ارتكاب أحد هذه الجرائم على الأرجح.

    وباستثناء أحد الشائعات المنسوبة إلى أحد المتهمين، فلا يوجد دليل تم تقديمه يثبت علم المتهمين الأقل رتبة بقصد مرتكبي الجرائم، أو أن المتهمين الأقل رتبة كانوا يعرفون بالتبعات المحتملة لمساعدتهم في الاعتقال.71

    وفي غياب هذا الدليل، قطعت المحكمة العراقية العليا بعلم المتهمين الأقل رتبة بناء على أساسين. الأول، رأت المحكمة ذلك لأنهم كانوا من أعضاء حزب البعث على درجات متفاوتة، وكانوا على علم بطبيعة حزب البعث، خاصة فيما يتعلق بوجوده وإدارته تحت حكم زعيمه، المتهم صدام حسين.72 الثاني، قالت المحكمة إنه "لا شك لدى أي عراقي" بأن الاعتقالات ستؤدي إلى السجن غير القانوني والتعذيب والإعدام والتشريد.73

    من ثم، اعتمدت المحكمة العراقية العليا على حالة المتهمين كأعضاء في حزب البعث، كمؤشر أساسي على العلم، مع افتراض "العلم المشترك" الخاصة بطبيعة النظام. وبينما بعض أبعاد طبيعة النظام قد تكون عرضة للإشعار القضائي، فالمحكمة العليا لم توضح في الواقع دليلاً يؤدي إلى هذا الاستنتاج، ولم تخطر الأطراف أبداً بأنها تنوي طلب إشعار قضائي بالوقائع، أو تمنحهم الفرصة للتعليق على ما سيكون عرضة للإشعار القضائي. ولهذا السبب فلا يمكن اعتبار استنتاجات المحكمة مما يقع في إطار مفهوم الإشعار القضائي. بل هي توصف على الأرجح على أنها استنتاجات من وقائع مستندة إلى معلومات لم يتم نظرها أمام المحكمة، ويبدو أنها مشتقة من معرفة القاضي الشخصية، ولا يمكن لهذا أن تكون قاعدة للإدانة الجنائية، لأن المتهم لا يمكنه مواجهة أو الطعن في دليل لم يتم إخطاره به. وقد تعتبر "العلم المشترك" أو "ما يعرفه كل عراقي" أساساً لاستنتاجات مبنية على وقائع معروفة، لكن لا يمكن أن يكون الأساس الوحيد لتحديد النية الجنائية لدى متهم بعينه.

    وفي واقع الأمر، فطبيعة حزب البعث وطبيعة الحكومة، ومنها الاستخدام المنهجي للتعذيب في الاستجواب والاستخدام لمحاكم خاصة للتخلص من الأعداء السياسيين، كان يمكن ببساطة أن يكون دليلاً. ومثل هذا الدليل ما كان ليجعل من قرار المحكمة سجلاً تاريخياً أصيلاً فحسب، بل أيضاً يضمن مصداقية استنتاجات تلك المحكمة. وفي غياب مثل هذا الدليل، فإن إدانة المتهمين الأقل رتبة (الذي يقضون فترات سجن طويلة في الوقت الحالي) غير سليمة.

    مشاكل إجرائية

    وثقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2006 عدة ثغرات إجرائية شابت عدالة مجريات المحاكمة74، ومنها عدم الكشف عن دليل الإدانة، وعدم التمكن مراراً من الكشف عن أدلة التبرئة في الوقت المناسب، وعدم الاستجابة للطلبات الإجرائية التي تقدم بها الدفاع، والإكثار من استخدام الشهود مجهولي الهوية، وإدخال 29 شهادة إلى سجل المحاكمة دون اختبار صحتها. ولم يتمكن قرار المحكمة من التصدي لمعظم هذه المشكلات، أو تصدى لها بطريقة تتجاهل أو تسيئ تفسير الوقائع الأساسية.

    نتائج المحكمة عن كشف الأدلة

    أكدت المحكمة أن كل الدليل القائم ضد المتهمين تم الكشف عنه لهم مع النقل الأوليّ لملف القضية في أغسطس/آب 2005.75 لكن لم يُنظر الحكم أو حتى تم الاعتراف بالمرات الكثيرة التي تم الكشف فيها متأخراً أو في نفس اليوم عن أدلة إدانة أثناء المحاكمة، وهي المناسبات التي كانت المحكمة على تمام الدراية بها؛ لأن الدفاع اعترض بشأنها في المحكمة.76 وعلى نحو مماثل، لم ترجع المحكمة في حكمها إلى الكشف عن 300 صفحة من الوثائق في 22 يناير/كانون الثاني 2006، وإن كان قد تم نقل هذه الوثائق إلى الدفاع وعليها ختم المحكمة. ومن ثم فإن الأدلة المكشوف عنها في حكم المحكمة غير كاملة ومضللة. وكذلك اعتمدت المحكمة – فيما اكتشفته لاحقاً من وقائع عن الاتهامات، دون تأكيد الجدارة أو النقاش – على أدلة لم يتم الكشف عنها في الوقت المناسب لبعض المتهمين.77

    عيب آخر في عملية الكشف عن الأدلة، وأدركته هيومن رايتس ووتش، هو عدم تحديد الادعاء وقاضي التحقيق دليلاً للتبرئة والكشف عنه، من بين ملايين الصفحات من الوثائق التي كانت في عهدة المحكمة العراقية العليا.78 وادعى مراراً المتهم عواد البندر، الرئيس السابق لمحكمة الثورة الذي ترأس محاكمة 1984 وحكم على رجال وصبية من الدجيل، أنه يمكن التحقق من سلامة الإجراءات القانونية التي استعان بها بالاطلاع على كامل سجل إجراءات محكمة الثورة. وتشير الوثائق الموجودة في ملف محاكمة الدجيل بوضوح إلى أن ملف محكمة الثورة يتكون من 361 صفحة، لكن لم يُقتبس منه في ملف قضية الدجيل غير 4 صفحات.

    وفي ردها على هذا الادعاء، في حكم المحكمة، ردت المحكمة بأنها "تصرفت سريعاً" لتحديد مكان ملف محكمة الثورة ولكي تكشف عنه للمتهم.79 وفي واقع الأمر، تقدم المتهم بطلبات في المحكمة منذ أبريل/نيسان 2006، وأنكر رئيس قضاة المحكمة في كل مرة يتقدم بها بالطلب أن الملف لدى المحكمة، كما أنكر أن المحكمة أو الادعاء يتحملان مسؤولية مراجعة الملفات للعثور على الوثائق.80 ولم يتم تحديد موضع ملف محكمة الثورة والكشف عنه إلا في أواخر يونيو/حزيران 2006، نتيجة جهود ممثل لمكتب اتصال السفارة الأميركية الخاص بجرائم النظام.81 وتسلم الدفاع الملف بعد إغلاق قضية الدفاع.

    نتائج المحكمة عن أمن الدفاع

    جاء رد المحكمة هو الآخر مضللاً نحو بواعث القلق الأمنية الخاصة بالدفاع. وقد تم قتل ثلاثة محامين من الدفاع أثناء مجريات المحاكمة، ولم تنفذ الحكومة على نحو فعال ترتيبات أمنية بالتعاون مع الحكومة العراقية والدفاع، ولا أشرفت عليها المحكمة بصورة فعالة.82

    وادّعت المحكمة أنه منذ بداية المحاكمة والدفاع ومكتب المحامين الممول من جانب المحكمة لهما نفس الترتيبات الأمنية الخاصة بالقضاة والادعاء.83 وهذا الاستنتاج يتعارض مع المعلومات المتوافرة لدى هيومن رايتس ووتش، ومنها المقابلات التي أنكر فيها كلٌ من المحامين المعينين من قبل المحكمة والمحامين المستقلين وجود أية ترتيبات أمنية لهم قبل البدء في المحاكمة وأثناء الأسابيع الأولى منها.84 ولم تحدد المحكمة دليلاً على تأكيداتها ولم تشرح كيف وصلت إلى هذا الرأي. ولا يظهر من أقوال المحكمة أي دليل على البحث الموضوعي في كفاية الترتيبات الأمنية الخاصة بمحاميّ الدفاع على امتداد المحاكمة أو تواجدها من الأساس أو طبيعتها.85 كما لم تتمكن المحكمة من الرد أو التصدي للطلب التفصيلي الذي طالب بإجراءات أمنية خاصة وتقدم به محامو الدفاع في المحكمة في 7 ديسمبر/كانون الأول 2005.

    بل لامت المحكمة محاميّ الدفاع على عدم قبول الترتيبات الأمنية المزعوم أنها قُدمت من قبل المحكمة، وحملتهم مسؤولية موت بعضهم، وزعمت المحكمة أن الدفاع لم يلتزم بالإجراءات الأمنية ذات الصلة، ولكنها لم تحدد أي دليل يثبت هذا الزعم ولا تقدمت بتفاصيل خاصة بحالات عدم الالتزام. كما لم تختبر إن كان عدم الالتزام المزعوم بالإجراءات الأمنية على صلة بموت بعض محاميّ الدفاع أم لا.

    الاستجابة لطلبات الدفاع

    في تقريرها الحكم على الدجيل لاحظت هيومن رايتس ووتش عدم تقديم المحكمة على نحو مستمر لقرارات كتابية علنية بشأن جملة من الموضوعات الإجرائية الأساسية، مثل قرارها بإغلاق ملف الدفاع، وقرارها بضم 29 شهادة خطية إلى السجل، وإجابتها على طلبات الدفاع التي تتهم رئيس القضاة بالتحيز. وأثناء الجلسات التي راقبتها هيومن رايتس ووتش قدم محامو الدفاع ستة طلبات كتابية على الأقل، خاصة بموضوعات مثل الوقت المطلوب لاستعداد الدفاع، وأمن محاميّ الدفاع، واستدعاء الشهود، ومواعيد جلسات المحاكمة، وشرعية المحكمة. ولم تتقدم المحكمة بإجابات كتابية علنية عن هذه الموضوعات أثناء المحاكمة.86

    ولم يتم التصدي لمعظم الطلبات المتصلة بإجراءات المحاكمة من قبل المحكمة، مثل استدعاء الشهود وتحديد مواعيد جلسات المحاكمة. ولعل هذا يعكس حقيقة أنه لم يكن من المجدي الاستجابة لهذه الطلبات بعد انتهاء المحاكمة، إلا أن المحكمة لم تشرح سبب عدم استجابتها للطلبات أثناء المحاكمة، وهي الطلبات التي كان لها الأثر المباشر على مجريات المحاكمة. وأشارت المحكمة إلى أنها رفضت الاستجابة لبعض الطلبات لأنها كانت مكتوبة بأسلوب متطرف، لكنها لم تحدد أي من الطلبات تنضوي تحت لواء هذه الفئة، ولم تخطر محاميّ الدفاع بأن طلباتهم قد تم تجاهلها على هذا الأساس.87

    وعدم توفير أي أسباب كتابية متعلقة بمعظم الطلبات المتصلة بمجريات المحاكمة تقلل بدورها من شفافية ومصداقية القرار. وفي محاكمة شابها التأثر العميق بالسياسة، وكانت الكثير من مجرياتها غير مألوفة للجمهور العراقي، فعدم الاستجابة تلك تخلق صورة تعسفية للمحكمة.

    وقد استجاب الحكم لثلاثة طلبات قُدمت من قبل الدفاع على امتداد المحاكمة:

    (i) طلب بالدفع بعدم أهلية رئيس القضاة رؤوف عبد الرحمن نتيجة للتحيز، على أساس أنه تعرض للسجن والتعذيب من قبل الحكومة البعثية.

    (ii) طلب بالطعن في الشرعية الدولية للنظام المنشئ للمحكمة العليا العراقية وادعاء حصانة صدام حسين.

    (iii) طلب بالدفع بأن الاتهام بالجرائم ضد الإنسانية ينتهك المبادئ القانونية ومبدأ عدم التطبيق بالأثر الرجعي (لا جريمة دون تجريم لها).

    وترى هيومن رايتس ووتش وجود أخطاء قانونية خطيرة في استجابة المحكمة لأول طلبين، على الأخص، على النحو التالي:

    طلب الدفع بالتحيز. تقدم الدفاع بطلب بالدفع بالتحيز في المحكمة بعد فترة وجيزة من شغل القاضي رؤوف عبد الرحمن منصب القاضي رزجار أمين كرئيس للقضاة، وهذا نتيجة لاستقالة الأخير.88 وقد تم الادعاء في الطلب بتحيز رئيس القضاة الجديد على خلفية أنه كان سجيناً سياسياً في حقبة الحكومة البعثية، ولأنه كان من سكان الحلبجة، وهي بلدة كردستانية ألقى عليها الجيش العراقي أسلحة كيماوية، وقتلت 3200 مدني على الأقل في مارس/آذار 1988.89 وقد رفضت المحكمة الطلب، دون إبداء أسباب، في جلسة المحكمة التي عُقدت في 28 فبراير/شباط 2006.90  وفي حكمها الكتابي الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، شرحت المحكمة رفضها الطلب بالدفع بالتحيز على ثلاثة أسس. الأول، أنها تدعي بأن أصول القاضي رؤوف عبد الرحمن حلبجة لا تقلل من حياده لأنه "تحت القسم وإذا شعر بعدم الارتياح للقضية فسوف يطلب إبعاده".91 وثانياً، لاحظت المحكمة أن رؤوف عبد الرحمن تعرض للسجن في حقبة الرئيس عبد السلام عارف "عام 1963-1964، في وقت كان صدام حسين ومجموعة من البعثيين قيد الاعتقال".92 وثالثاً، قالت المحكمة أنه لأن لكل العراقيين "أقارب وأصدقاء وجيران في مناطق إقامتهم تعرضوا لمحن أثناء حقبة صدام حسين" فهذا يعني أن كل القضاة يجب أن يتنحوا عن المحاكمات الخاصة بالنظام السابق. ورأت المحكمة أن هذا شيء غريب، وادعت بأنه يمكن الثقة بأن القضاة سينحون أنفسهم من أية قضية "يشعرون فيها بعدم الارتياح".

    من ثم فمنطق المحكمة يركز على أنه إذا كان رؤوف عبد الرحمن تراوده مشاعر شخصية أو يسلك سلوكاً منحازاً، وانتهت إلى أنه إذا كان كذلك، فيمكن الاعتماد عليه في انسحابه من تلقاء نفسه. لكن من المبادئ الراسخة في معظم النظم القانونية أن عدم الحياد لا يعني فقط عدم التحيز الفعلي أو الشخصي، بل أيضاً عدم الخوف المعقول من التحيز.93 وهذا المبدأ الأخير مذكور أيضاً في قواعد المحكمة العراقية العليا الخاصة بالإجراءات والأدلة، والتي تتطلب أن ينسحب القاضي من أية قضية إذا كانت استقلاليته أو حياده فيها "قد تكون عرضة للشك المعقول"94 ولم تتمكن المحكمة من الرد بالكامل على سؤال إن كان رؤوف عبد الرحمن عرضة للشك المعقول بالتحيز باعتباره من الحلبجة. ولا تقدمت بحقائق حاسمة حول إن كان أي من أفراد أسرة القاضي قد وقع ضحية لهجوم 1988 العراقي على الحلبجة. وبينما لا تنشئ أي من هذه الحقائق الاعتقاد بوجود التحيز؛ فلم تتمكن المحكمة العراقية العليا من تطبيق قواعدها الخاصة بها، بتجاوزها هذه المسألة.

    طلب الدفع بقانونية المحكمة العراقية العليا. تم تشكيل المحكمة العراقية العليا في بادئ الأمر باعتبارها محكمة عراقية خاصة، وينظمها قانون القوة المحتلة للعراق في ذلك الحين، وهي سلطة الائتلاف المؤقتة.95 ومع تشكيلها، طرح بعض خبراء القانون الإنساني الدولي التساؤلات حول إن كانت السلطة المحتلة مخولة قانوناً بتشكيل محكمة عراقية جديدة وأن تعدل قانوناً عراقياً بغية عقد محاكمات لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.96 لكن المجلس الوطني الانتقالي العراقي (المنتخب في انتخابات عامة في 30 يناير/كانون الثاني 2005) أعاد تشكيل المحكمة الخاصة العراقية باعتبارها المحكمة العراقية العليا بموافقته على قانون المحكمة (بالتعديلات) وإصداره كقانون عراقي. وتم إعلان النظام في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2005 (قبل يوم من بدء محاكمة الدجيل).97 وعلى العكس من سلطة الائتلاف المؤقتة وتشكيلها لمجلس الحكم العراقي،98 فإن المجلس القومي الانتقالي مارس سلطات سيادية في التشريع وهو بهذا مؤهل لتشكيل محكمة عراقية جديدة وتقديم جرائم جديدة.

    ولم تناقش المحكمة مبادئ القانون الدولي الإنساني الخاصة بالأهلية التشريعية للقوة المحتلة، وادعت بالخطأ أن مجلس الحكم العراقي مارس سلطاته السيادية وبهذا فهو مؤهل لتشكيل المحكمة العراقية الخاصة.99 إلا أن هذا الخطأ غير ضار لأن المحكمة قدمت الحل لمسألة شرعية قانون المحكمة العراقية العليا بالإشارة إلى أنه أُدمج بالقانون العراقي من جانب المجلس الوطني الانتقالي، وصادقت عليه الرئاسة، وتم إعلانه في صحيفة الوقائع العراقية.100 كما أشارت إلى أن الدستور العراقي الدائم، الذي تمت المصادقة عليه بموجب استفتاء في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2005، اعترف بالمحكمة العراقية العليا كمؤسسة قائمة.101



    14  هذا الجزء معروض باستفاضة في تقرير هيومن رايتس ووتش، Judging Dujail، الصفحات 73 إلى 83.

    15  يحق للمحاكم الجنائية الدولية تطبيق مبدأ الإشعار القضائي لتمكين القضاة من اعتبار قوانين معينة ووثائق عامة باعتبارها "حقائق معروفة معرفة عامة". وربما تم في محاكمة المحكمة العراقية العليا اللجوء للإشعار القضائي بالقوانين العراقية التي تشكل الأساس للسلطة القانونية وبنية بعض المؤسسات السياسية والمنظمات الأمنية المتورطة في أحداث الدجيل. إلا أن الإدارة الفعلية وممارسة السلطة من جانب هذه المنظمات والمؤسسات يظل من الأمور الواجب بيانها بتقديم الدليل عليها. وكذلك فما زال على المحكمة إخطار الادعاء والدفاع بما تنوي إعلان الإشعار القضائي بصدده، حتى تسنح للجانبين الفرصة للتعليق أو الاعتراض. ولا يمكن اعتبار الإشعار القضائي حقيقة ترقى إلى درجة ركن أساسي في الجريمة، مثل القصد أو العلم من جانب الشخص المدان. ولم يدع الادعاء المحكمة لطلب إشعار قضائي في أي من الوقائع التي لا يوجد دليل عليها. انظر: قضة "الادعاء ضد سيمانزا"، المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا، القضية رقم ICTR-97-20، قرار بطلب الادعاء الإشعار القضائي وإثبات الوقائع الخاصة بالأحكام 94 و54، نوفمبر/تشرين الثاني 2000، وقضية "الادعاء ضد كاريميرا"، المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا رقم ICTR-97-24، قرار الادعاء بالطعن في قرار الإشعار القضائي، 16 يونيو/حزيران 2006، الفقرة 47، و قضية "سيمانزا ضد الادعاء"، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 192، وقضية "الادعاء ضد فوفانا"، المحكمة الخاصة بسيراليون، قرار الاستئناف ضد قرار الادعاء بطلب الإشعار القضائي ونظر الدليل، 16 مايو/أيار2005 الفقرات28 إلى 31.ورأي القاضي روبرتسون المنفصل، الفقرة 16.

    16  الجرائم التي تم النص عليها أولاً كانت القتل والتعذيب والإبعاد القسري والحجز غير القانوني. أما الإخفاء القسري وأفعال لاإنسانية أخرى مرتكبة عمداً لتتسبب في معاناة كبيرة، فقد تمت إضافتها دون إخطار بهذا بعد إغلاق قضية الادعاء.

    17  انظر "الادعاء ضد كورديتش وسيركيز"، المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، قضية رقم IT-95-14/2، الحكم (دائرة الاستئناف)، 17 ديسمبر/كانون الأول 2004، الفقرة 99. لابد أيضاً من إثبات أركان كل من الجرائم المرتكبة تحت عنوان الجريمة الأساسية. ومن هذا المنطلق فالشخص المدان بالقتل كجريمة ضد الإنسانية يجب أن تكون متوافرة لديه النية المطلوبة وتورط بالفعل في أفعال تشكل القتل، وبالأخص: تصرف أو إغفال التصرف من جانب المدان (أو الشخص الذي يتحمل مسؤوليته الجنائية الشخص المدان) تسبب في مقتل الضحية، وقد ارتكبه بنية القتل أو التسبب في إصابة خطيرة. انظر قضية "الادعاء ضد بلاغويفيتش" ICTY، قضية رقم IT-02-60، الحكم (دائرة محاكمة)، 17 يناير/كانون الثاني 2005، الفقرة 556. وقضية "الادعاء ضد برديانين" ICTY، قضية رقم IT-99-36، الحكم (الدائرة الابتدائية) في 1 سبتمبر/أيلول 2004، الفقرات 381 و382.

    والشخص المدان بالتعذيب كجريمة ضد الإنسانية يجب أن تكون لديه النية متوافرة لارتكاب التعذيب، وقد عرف أن فعله يشكل جزءاً من هجوم على تجمع سكاني مدني. ويقع التعذيب كما نص عليه في القانون الجنائي الدولي في حال التسبب، بالممارسة أو بالإغفال،  في الألم الحاد أو المعاناة الحادة، سواء بدنياً أو ذهنياً. وممارسة التعذيب أو إغفاله لابد أن يكون بهدف الحصول على معلومات أو اعتراف، أو كعقاب، أو للترهيب، أو لإكراه الضحية أو طرف ثالث، أو على سبيل التمييز، على أي أساس من الأسس، ضد الضحية أو طرف ثالث. انظر قضية "الادعاء ضد كوناراتش وشركاه، ICTY، قضية رقم IT-96-23823/1، الحكم (دائرة الاستئناف)، 12 يونيو/حزيران 2002، فقرة 142.

    18  انظر هيومن رايتس ووتش، , Judging Dujail,، الصفحات من 44 إلى 48. المادة 15(2) من قانون المحكمة العراقية العليا تحدد ستة أشكال للمسؤولية. الارتكاب المباشر، والأمر به، والحث عليه أو التحريض، والتسهيل، والمساعدة، والمساندة. والارتكاب المشترك للجرائم (في حالة المذابح الجماعية فقط)، والشروع.

    19  قانون المحكمة العراقية العليا، المادة (د)15(2)، وقضية "الادعاء ضد فاسيليفيتش"، ICTY، قضية رقم IT-98-32، الحكم (دائرة الاستئناف)، 25 فبراير/شباط 2004، الفقرة 95، وقضية "الادعاء ضد تاديتش"، ICTY قضية رقم IT-94-1، الحكم (دائرة الاستئناف) 15 يوليو/تموز 1999، الفقرة 220.

    20  قضية "الادعاء ضد كفوكا"، قضية رقم IT-98-30/1، الحكم (دائرة الاستئناف) 28 فبراير/شباط 2005، الفقرة 96.

    21  قضية فاسيليفيتش، حكم (دائرة الاستئناف) الفقرات 108 و109.

    22  قضية برديانين، الحكم (الدائرة الابتدائية) الفقرة 353.

    23  قضية "الادعاء ضد كمويلاتش"، ICTY، قضية رقم IT-97-25، الحكم (دائرة الاستئناف)، 17 سبتمبر/أيلول 2003، الفقرة 31، وقضية "كفوكا"، الحكم (دائرة الاستئناف) الفقرة 263.

    24  قضية "فاسيليفيتش" الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 96، وقضية "كفوكا"، الحكم (دائرة الاستئناف) الفقرة 82. والفعل الإجرامي المشترك "الأساسي" هو ذلك الذي لدى كافة مرتكبي الفعل نفس النية الجنائية في أثناء سعيهم لتنفيذ الفعل الجنائي نفسه (فاسيليفيتش، الحكم (دائرة الاستئناف) الفقرة 97)، والعمل الجنائي المشترك "الممتد"، هو الذي يقع في حالة وجود غرض جنائي مشترك، مع وقوع أفعال جنائية إضافية غير الغرض الجنائي المشترك، وتكون نتاجاً طبيعياً متوقعاً لتنفيذ الغرض المشترك (المرجع السابق، الفقرة 98).

    25  استنتجت المحكمة عدم كفاية الأدلة لإدانة أي من المتهمين بالإخفاء القسري، وأن النفي الداخلي لأكثر من 400 شخص من الدجيل إلى جنوب العراق لم يرتق إلى مستوى العمل الجنائي المشترك. قرار المحكمة، الصفحات 129 و293.

    26  اقتبست دائرة محاكمة المحكمة العراقية العليا من قضيتين فيهما العمل الجنائي المشترك، وهي "كرنويلاتش" و"الادعاء ضد أليكسوفيسكي"، ICTY، قضية رقم IT-95-14/1، الحكم (دائرة الاستئناف)، 24 مارس/آذار 2000. وكل من القضيتين قضايا أفعال جنائية مشتركة "منهجية".

    27  قضية فاسيليفيتش، الحكم (دائرة الاستئناف) الفقرة 98.

    28  قضية "كفوكا"، الحكم (دائرة الاستئناف) فقرة 183، وقضية "كرنويلاتش" الحكم (دائرة الاستئناف) الفقرة 89. ومن الناحية العملية، سرت هذه الفئة فقط على المواقف من قبيل المخيمات ومراكز الاحتجاز وغيرها من النظم القائمة للمعاملة السيئة من التي تشغل حيزاً مكانياً محدداً.

    29  انظر، على سبيل المثال، قضية "الادعاء ضد ليماج وشركاه"، ICTY، قضية رقم IT-03-66، الحكم (الدائرة الابتدائية)، 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، الفقرة 511.

    30  قضية "الادعاء ضد ديلاليتش وشركاه"، ICTY، قضية رقم IT-96-21، الحكم (دائرة الاستئناف)، 20 فبراير/شباط 2001، الفقرة 195.

    31  قانون المحكمة العراقية العليا، المادة 15(4)

    32  قضية "كورديتش وسركيز"، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 839.

    33  قضية "ديلاليتش"، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرات 192 و193.

    34  قضية "الادعاء ضد بلاسكيتش"، ICTY، قضية رقم IT-95-14 ، الحكم (دائرة الاستئناف) 29 يوليو/تموز2004، الفقرات56 و57 و62.

    35  قضية "ديلاليتش"، حكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 226.

    36  قضية "بلاسكيتش"، حكم دائرة الاستئناف، الفقرة 406.

    37  قرار المحكمة، الصفحة 81 . وفي نقاشها لمعرفة ونية برزان التكريتي، ظهر أن المحكمة ترفض فكرة كفاية المنصب الرسمي كدليل على المعرفة، لكنها اكتفت به فيما ذكرته من حيثيات للحكم. المرجع السابق، صفحة 169.

    38  المرجع السابق، صفحة 121.

    40  يبدو أن اللجنة التي أشارت إليها دائرة المحاكمة هي لجنة مشكلة من جهات مختلفة، ومهمتها التحقيق في محاولة اغتيال صدام حسين. ويتبين من الدليل أن اللجنة اجتمعت مرة واحدة على الأقل في يوم محاولة الاغتيال، وأن طه ياسين رمضان حضر الاجتماع الأول لها. إلا أنه لا يوجد دليل على ما تم التوصل إليه في ذلك الاجتماع، أو سلطات اللجنة أو نوع المعلومات المتوافرة لدى أعضائها. وطبقاً لإفادة الشاهد وضاح الشيخ التي لم يتم اختبار صحتها، فطه ياسين رمضان لم يكن له دور في البداية، لكن بعد شهر شكل لجنة منفصلة معنية بتدمير الدجيل.

    ووضاح الشيخ مدير تحقيقات سابق في مديرية المخابرات، ويشير الدليل الموثق إلى أنه لعب دوراً هاماً في استجابة المخابرات لمحاولة الاغتيال في الدجيل. لكنه لم يكن عضواً في اللجنة التي تشير إليها دائرة المحاكمة ولم يكن على دراية مباشرة بمجرياتها، ولم يُسأل قط كيف عرف ما توصلت إليه اللجنة من قرارات. وقدم وضاح الشيخ دليلاً للمحكمة في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2005، في مستشفى القاعدة العسكرية الأميركية في أبو غريب، حيث كان يحتضر متأثراً بالسرطان. ولم يتم اختبار شهادته لأن محامو الدفاع رفضوا حضور أخذ الشهادة لأن أحد زملائهم تعرض للقتل في بغداد في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2005. وقدم مكتب اتصال السفارة الأميركية لجرائم النظام للدفاع الضمانات بالنقل الآمن إلى ومن المستشفى، لكن محامو الدفاع رفضوا الحضور إلى أن يتم تحضير ترتيبات أمنية شاملة مع المحكمة. لمزيد من التفاصيل عن عدم تمكن المحكمة العراقية العليا من توفير الأمن لمحامي الدفاع، انظر: هيومن رايتس ووتش، Judging Dujail، الصفحات 20 إلى 24.

    42  ذكر عدة شهود أن التكريتي كان حاضراً في الدجيل مع بدء موجة الاعتقالات. كما توجد وثائق وقعها التكريتي كرئيس للمخابرات، وفيها يصرح بنقل المئات من الأشخاص من أبو غريب إلى المنفى الداخلي، مما يشير إلى أنه كان يعرف باحتجاز مئات الأشخاص تحت مسؤوليته.

    43  جاء في وثيقة بتاريخ 5 يوليو/تموز 1987، موجهة من صهر صدام حسين، حسين كمال إلى صدام حسين، أن 46 من أصل 148 محتجزاً قد توفوا رهن الاحتجاز قبل نقل المحتجزين إلى المحكمة. وفي وثيقة أخرى ظهرت في محاكمة الدجيل وكانت من حكم محكمة صدر عام 1986 ضد محقق كان يعمل في قضية الدجيل وأدين بسوء العمل. وجاء في تلك الوثيقة أيضاً أن 46 شخصاً قد توفوا أثناء الاستجواب، وأن المحققين سعوا لإخفاء الوفاة خشية التأنيب.

    45  قضية بلاسكيتش، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 62.

    46  كما توصلت المحكمة إلى استنتاجات أخرى خاصة بالعلم، والمفترض أنها من دليل في الملف لكن هذا الدليل لا يدعمها. ونناقش هذا أدناه.

    47  تشير المحكمة إلى مجموعة من المراسلات التي، إن كان صدام حسين رآها، فربما تشكل أساسًا لاستنتاج وجود العلم. لكن ولأنه لا يوجد دليل على تدفق المعلومات بين مختلف الهيئات مثل مجلس قيادة الثورة ومكتب الرئيس والمخابرات، فلا يمكن استنتاج أن هذه الوثائق قد وصلت إلى المتهم صدام حسين بالفعل.

    48  لم يتم تقديم دليل على سلطة المتهم الرسمية القانونية أو الفعلية أثناء المحاكمة، والقانون الذي اقتبسته المحكمة لم يكن في ملف القضية. وربما كان قانوناً من هذا النوع هو موضوع الإشعار القضائي، لكن المحكمة العراقية العليا لم تمنح المتهمين الفرصة للتعليق على القانون؛ لأن المحكمة لم تخطرهم بأنها ستتخذ منه إشعاراً قضائياً، منه أو من غيره من الأمور. وبالنتيجة، أنكر على المتهمين فرصة مواجهة الدليل المستخدم ضدهم، وهو من الضمانات الأساسية للمحاكمة المنصفة.

    49  قرار المحكمة، صفحة 243.

    50  المرجع السابق،. وللدقة فلدى تطبيق فئة "العمل الجنائي المشترك المنهجي"، فدليل الاتفاق أو الخطة غير مطلوب، والدليل على وجود النية المتشركة هو فقط المطلوب. انظر قضية كرنويلاتش، دائرة الاستئناف، الفقرة 96، وقضية كفوكا، دائرة الاستئناف، الفقرات 118 و119.

    51  قضية فاسيليفيتش، حكم (دائرة الاستئناف)، الفقرات 108 و109.

    52  برديانين، حكم (الدائرة الابتدائية) الفقرة 353.

    53  أوضح الدليل المقدم للمحكمة العراقية العليا أن عواد البندر أجرى محاكمة صورية لم تحترم أصول المحاكمة المنصفة. إلا أنه لم يتهم بالقتل في حد ذاته. واتهم بالقتل كجريمة ضد الإنسانية، وكمشارك في عمل جنائي مشترك. ومن ثم فليس من الضروري فقط إظهار أنه أجرى محاكمة صورية أو محاكمة زائفة، بل أيضاً أنه فعل هذا كجزء من خطة أو سياسة إجرامية. وكما أوضحت المحكمة في قضية "ألستويتر"، فإظهار القاضي في المحكمة السلوك العمدي لا يكفي، بل يجب إثبات أن السلوك العمدي ارتقى للمشاركة في سياسة أو خطة إجرامية. انظر قضية "الولايات المتحدة ضد ألستويتر"، صفحات 1046 و1093 و1155.

    54  قرار المحكمة ، صفحة 118.

    55  المرجع السابق صفحة 119، الدليل المأخوذ عن قاضي التحقيق يثبت أن صدام حسين أمر بإجراء تحقيق بعد محاولة الاغتيال مباشرة، ولم يقدم الدليل أبداً العناصر الدقيقة للأمر. وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول 1982، أصدر مجلس قيادة الثورة أمراً موقعاً من جانب صدام حسين، يصرح بمصادرة الأراضي في الدجيل بغرض "إعادة تطويرها زراعياً" في مشروع لهذا الغرض، مع المطالبة بالتعويضات التي تُدفع لمن تصادر منه الأرض (بخلاف حالة أشخاص بعينهم محتجزين على علاقة بمحاولة الاغتيال). وفي 27 مايو/أيار وقع صدام حسين وثيقة تحيل القضايا الخاصة بـ 148 شخصاً متهمين بالتورط في محاولة الاغتيال، للمحاكمة أمام محكمة الثورة. وكانت الإحالة تستند إلى توصيات من المستشارين القانونيين الذين راجعوا الملف المكون من 361 صفحة للأدلة التي تم جمعها بحق الـ 148 شخصاً. وكان قرار محكمة الثورة هو إدانة الأشخاص الـ 148 والحكم عليهم بالإعدام شنقاً، وصدر في 14 يونيو/حزيران 1984، وفي 16 يونيو/حزيران 1984 وقع صدام أمراً بالمصادرة على أحكام الإعدام. ويبدو أن أحكام الإعدام نفذت في مارس/آذار 1985.

    56  قرار المحكمة صفحة 117. انظر ايضاً صفحتي 135 و136 من للاطلاع على تأكيدات مماثلة)

    57  هذا هو التقرير الموصوف في الحاشية رقم 43، من حسين كمال لصدام حسين. وهناك حواشٍ عن هذه الوثيقة التي يبدو أنها من إعداد صدام حسين، في إشارة إلى أنه رآها. لكن هذه الوثيقة لم يتم المصادقة على صحتها من جانب خبراء خطوط توكلهم المحكمة بهذا، وقالت المحكمة إنها لا تملك المعدات أو الخبرات الكافية للتحقق من صحة الوثيقة.

    58  قرار المحكمة، صفحة 135.

    59  انظر على سبيل المثال قضية "بلاسكيتش"، الحكم (دائرة الاستئناف) الفقرات 147-148، وقضية "كورديتش وسيركيز" الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرات 108 و109.

    60  قانون المحكمة العراقية العليا، المادة(ي) 12(1)، ويعكس المادة 7(k) من نظام روما، وقانون المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، قرار رقم: S.C. Res. 827, U.N. Doc. S/RES/827 (1993), بتعديله، http://www.un.org/icty/legaldoc-e/index.htm في المادة 5(i). والجرائم الموضحة في قانون المحكمة العراقية العليا، في المادة 12(1) منه هي: القتل العمد، والإبادة والاسترقاق، والترحيل أو النقل القسري للسكان، والاحتجاز أو غيرها من أشكال الحرمان من الحرية، والتعذيب، والاغتصاب، والاسترقاق الجنسي، والإجبار على البغاء، والإجبار على الحمل، وغيرها من اشكال العنف الجنسي ذات الخطورة الموازية، أو الاضطهاد، أو الإخفاء القسري للأشخاص.

    61  المحكمة العراقية الخاصة: أركان الجريمة، الترجمة متوافرة في: http://www.law.case.edu/saddamtrial/documents/IST_Elements.pdf

    62  لم يقدم دليلاً على الآثار المالية أو غيرها من الآثار الناجمة عن تدمير الأرض.

    63  قضية "كورديتش ضد سيركيز"، الحكم (دائرة الاستئناف)، فقرة 117.

    64  المرجع السابق.

    65  المرجع السابق، قضية فاسيليفيتش، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 165.

    66  كان دليل الشهادة ضدهما في أغلبه شائعات ومتناقض نوعاً. وتمت المصادقة على صحة الخطابين بواسطة خبراء الخط الذين عينتهم المحكمة، باعتباره خط يد عبدالله كاظم رويد وعلي دايح علي الزبيدي. (وتم العثور على خطاب ثالث، قال الادعاء إن مزهر كاظم رويد قد كتبه، ووجد خبراء الخط أنه ليس خط يده). ولم يتم السماح للمتهمين بالاتصال بخبيرهم الخاص للمصادقة على النتائج المتضاربة التي توصل إليها الخبراء الذين عينتهم المحكمة.

    67  يُمارس الحق في استجواب الشهود في مرحلة التحقيق من النظم القانونية المدنية. إلا أنه لم تتم دعوة محامي الدفاع في محاكمة الدجيل لحضور جلسات التحقيق التي تقدم بها الشهود بأقوالهم، وبهذا فلم تسنح لهم الفرصة لسؤال الشهود. ومن ثم لم تتم مساءلة الشهود الذين تمت قراءة شهاداتهم في سجل المحاكمة أبداً- في أي مرحلة من مراحل المحاكمة - من قبل الدفاع.

    68  قضية بلاسكيتش، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 45.

    69  قضية أليكسوفيسكي، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 162. والأركان الأساسية لكل من الجرائم محددة في "المحكمة العراقية العليا: أركان الجرائم".

    70  قضية بلاسكيتش، الحكم (دائرة الاستئناف)، الفقرة 50.

    71  في أحد الجلسات التي مثل فيها أمام قاضي التحقيق، ذكر المتهم علي دايح علي الزبيدي أنه سمع أن هناك من يتم تعذيبه في مقر الحزب في الدجيل. وتم الإدلاء بهذه العبارة دون حضور محامي الدفاع. وفي أقوال أخرى تالية أمام قاضي التحقيق، قال المتهم نفسه إنه "يتم تعذيب مجموعة من الأشخاص داخل (مقر الحزب في الدجيل) وفي حجرة يشغلها المتهم برزان إبراهيم على وجه التحديد، ومعه المتهم أحمد إبراهيم حسون السامرائي". ولم يتم تحديد الأساس الذي استندت إليه معرفة المتهم علي دايح علي بهذه الحقيقة، ولا يوجد دليل على أنه شهد بنفسه أية عمليات تعذيب.

    72  قرار المحكمة، صفحات 264، 275، 283. والدليل كان أن المتهمين الأقل رتبة يتراوحون بين "مساندين" إلى "أعضاء" بعضوية كاملة في حزب البعث. ولم تكن لهم مناصب قيادية أو شغلوا مناصب سياسية.

    73  المرجع السابق، صفحة 261.

    74   انظر: Human Rights Watch, Judging Dujail صفحات 36 و72.

    75  قرار المحكمة، صفحة 25.

    76  انظر: See Human Rights Watch, Judging Dujail, صفحات 48 إلى 52.

    77  قرار المحكمة، صفحة 260، حيث تعتمد المحكمة على قرص مدمج (سي دي) لمحادثة هاتفية زعم أنها بين صدام حسين وطه ياسين رمضان بخصوص تدمير أراضي الدجيل الزراعية. وكان هذا القرص المدمج من بين عدة أدلة لم يتم الكشف عنها للدفاع قبل استخدامها في المحكمة، ولم تتم المصادقة على صحتها أبداً. واعتمدت المحكمة على هذا الدليل دون التأكد من صلاحيته.

    وظلت المحكمة حذرة نحو السماح بدليل لم يتم الكشف عنه في الوقت المناسب للدفاع، حيث كان الدليل للإثبات. لكن ممارسة هذا الحذر تستوجب سبباً وإجراء لقياس حجم الدليل بالنسبة للتحيز المحتمل ضد المتهم نتيجة للكشف المتأخر عن الدليل، والنظر في اتخاذ خطوات قد تخفف من وطأة هذا التحيز (مثل منح تأخير للسماح بمراجعة الدليل الجديد)، انظر على سبيل المثال قضية "الادعاء ضد باغوسورا، ICTR، قضية رقم ICTR-96-7-T، قرار بشأن طلب الدفاع الكشف عن الدليل، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1997، وقضية الادعاء ضد بريما وشركاه، SCSL قضية رقم SCSL-04-16-PT، قرار بشأن توثيق الاستئناف ضد قرار بطلب استبعاد أقوال شاهد ادعاء، 4 فبراير/شباط 2005. ولا يوجد مناقشة أو نظر لهذه المسائل في حكم المحكمة العراقية العليا.

    78  المصدر: Human Rights Watch, Judging Dujail, الصفحات 52 و53.

    79  قرار المحكمة، صفحة 71.

    80  هيومن رايتس ووتش، ICTJ، ملحوظات على المحاكمة، 6 أبريل/نيسان 2006. وقد أدلى القاضي بتصريح مماثل في 5 يونيو/حزيران 2006.

    81  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممثل المكتب، بغداد، أكتوبر/تشرين الأول 2006.

    82  Human Rights Watch, Judging Dujail, الصفحات 22 إلى 24.

    83  قرار المحكمة، صفحة 28.

    84  Human Rights Watch, Judging Dujail, الصفحات 20 إلى 24، و28 إلى 35.

    85  كما ارتكبت المحكمة خطأ أساسياً بتأكيدها أن اثنين من المحامين الثلاثة المقتولين كانا من تعيين المحكمة، بل كانا في الواقع من توكيل المتهمين.

    86  Human Rights Watch, Judging Dujail,، صفحة 63. بينما بعض الطلبات، مثل الطلب الخاص بشرعية المحكمة العراقية العليا، لا يمكن التصدي له في الحكم النهائي، فبعض الطلبات المقدمة خاصة بالأمور الإجرائية ذات الصلة بالمحاكمة المنصفة للمتهمين، وتجاهلها على امتداد المحاكمة يعني نشوء مخاطرة قوية بالتحيز ضد المتهمين بشكل لا يمكن الرجوع عنه بسبب غياب الإجابة في الوقت المناسب من قبل المحكمة.

    87  قرار المحكمة، صفحة 12.

    88  للاطلاع على سبب استقالة القاضي رزجار أمين، راجع Human Rights Watch, Judging Dujail, صفحة 41.

    89  راجع: Middle East Watch, Genocide in Iraq: The Anfal Campaign against the Kurds صفحات 102 إلى 108.

    90  هيومن رايتس ووتش، ICTJ ملحوظات على المحاكمة، 28 فبراير/شباط 2006.

    91  ترجمة هيومن رايتس ووتش لحكم المحكمة، صفحة 7.

    92  المرجع السابق.

    93  انظر مثلاً، قضية "الادعاء ضد فورونديا" ICTY، قضية رقم IT-95-17/1 (دائرة الاستئناف)، 21 يوليو/تموز 2000، الفقرات 189 و190. ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية، قضية "بيرساك ضد بلجيكا (App. 8692/79)، حكم 1 أكتوبر/تشرين الأول 1982، و(1983) EHRR، 169، فقرة 30.

    94  القواعد الإجرائية وقواعد جمع الأدلة في المحكمة العراقية العليا (قواعد المحكمة العراقية العليا الخاصة بالإجراءات والأدلة)، الوقائع العراقية، جمهورية العراق، عدد 4006، 18 أكتوبر/تشرين الأول، الترجمة الإنجليزية من جانب المركز الدولي للعدالة الانتقالية: http://www.ictj.org/static/MENA/Iraq/IraqTribRules.eng.pdf

    95  للاطلاع على التفاصيل كاملة، راجع:

     Human Rights Watch, The Former Iraqi Government on Trial, الصفحات من 2 إلى 4.

    96  انظر مثلاً، ماركو ماسولي:

    “Legislation and the Maintenance of Public Order and Civil Life by Occupying Powers,” European Journal of International Law, vol. 16 (2005)،

    ويرى ماسولي أن "على القوة المحتلة... سن تشريع لمحاكمة الأشخاص الذين ارتكبوا انتهاكات خطيرة لاتفاقيات جنيف، وهذا إذا لم يكن ثمة قانون لهذا الغرض في البلد المحتل. لكن سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق تمادت واتخذت خطوة إضافية. فهي لم تتبن فقط تشريعاً (بواسطة المجلس الحاكم المسؤول عن هذا بموجب المادة 47 من الاتفاقية الرابعة) يجرم الجرائم الدولية المرتكبة من جانب النظام السابق، فهذا قانوني بلا شك. وكان حينها بوسعها تقديم جرائم إما أمام محاكمها (العسكرية)، أو أمام المحاكم العراقية القائمة، والتي لابد أن "تدعها تستمر في العمل". ولم تختر أي من هذين الخيارين، بل فضلت تشكيل محكمة عراقية جديدة لهذا الغرض، وهو الخيار الذي لم تعرضه الاتفاقية الرابعة وهو بالطبع ليس ضرورياً لاحترام المحكمة العراقية العليا، إذ أن أي من النوعين الآخرين من المحاكم كان كفيلاً بإتمام المهمة. ولهذا، ففي رأيي فالمحكمة العراقية الخاصة المُشكلة في 10 ديسمبر/كانون الأول 2003 من جانب مجلس الحكم المؤقت... تنتهك قانون المحكمة العراقية العليا، وهي ليست مشكلة على نحو قانوني، مما يعني أنه لا يمكن حالياً محاكمة العراقيين المتهمين بجرائم دولية أمامها، ما لم يشكلها جلس الحكم المؤقت من جديد". (ص 675).

    97  لمزيد من التفاصيل عن تاريخ التشريع الخاص بقانون المحكمة العراقية العليا، انظر:

    Human Rights Watch, The Former Iraqi Government on Trial صفحة 4، و Judging Dujail, صفحة 8.

    98  تم تشكيل مجلس الحكم العراقي بتنظيم صادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة في 13 يوليو/تموز 2003، ولم يمارس سلطاته السيادية. وقراراته كانت عرضة لفيتو بول بريمر الرئيس المؤقت للسلطة، ولم يتم الاعتراف دولياً بشخصيته القانونية في العلاقات الخارجية. راجع: Gregory Fox, “The Occupation of Iraq,” Georgetown Journal of International Law, vol. 36 (2005)، صفحة 204 إلى 208.

    99  قرار المحكمة، الصفحات من 23 إلى 37. لم يناقش الحكم أية مبادئ من القانون الدولي خاصة بمعيار تحديد إن كانت السلطة "تتمتع بالسيادة".

    100  المرجع السابق صفحة 26.

    101  دستور العراق، المادة 130.


  •