Iraq



Iraq Iraq
  

III. حكم الهيئة التمييزية

لم تقدم المحكمة الحيثيات الكتابية إلى الدفاع حتى يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، بعد 17 يوماً من قراءة الحكم في 5 نوفمبر/تشرين الثاني. وتم تشكيل الهيئة التمييزية الخاصة بالمحكمة العراقية العليا في 12 ديسمبر/كانون الأول. وسرعة القرار والرأي الموجز (في 17 صفحة) والطبيعة الضحلة للحيثيات تجعل من الصعب الاستنتاج بأن الهيئة التمييزية أجرت مراجعة حقيقية صادقة كما جاء في مبادئ المحاكمة الدولية المنصفة.102

وقد تعاملت الهيئة التمييزية مع عدة مشكلات إجرائية في المحاكمة الأولى في فقرة واحدة، ولم تفعل فيها أكثر من تأكيد الاستنتاج بأن المتهمين تلقوا محاكمة منصفة.

أما بالنسبة للمتهمين الآخرين، فقد تم منح المتهمين ما يكفي من ضمانات بالمحاكمة المنصفة. وتم إبلاغ كل مشتبه به بطبيعة الاتهامات الصادرة بحقه. ومُنح كل مشتبه به فرصة كافية للدفاع عن نفسه واختيار دفاعه ومحاميه شخصياً، بمساعدة المستشارين القانونيين. ومُنح كل مشتبه به فرصة مقابلة شهود الدفاع. ومُنح كل مشتبه به كامل حقوقه في الدفاع عن نفسه. ولم يجبر كل مشتبه به على قول ما لا يرغب في قوله. من ثم فدفاع كل مشتبه به في هذا الشأن مرفوض.

وقد ضاعف من غياب أية مراجعة حقيقية للثغرات الإجرائية في المحاكمة، أن الهيئة التمييزية لم تختبر وتراجع تطبيق المحكمة للقانون فيما يتعلق بالاتهامات. بل ضاعفت الهيئة التمييزية من الأخطاء التي ارتكبتها المحكمة بأن قامت ببناء استنتاجات خاطئة تماماً من الناحية القانونية، وبالتأكيد على الاستنتاجات المستخلصة من الوقائع والتي تجاوزت الأدلة المقدمة، أكثر من تجاوز المحكمة.

فمثلاً في استنتاجها المؤيد لإدانة صدام حسين، أكدت الهيئة التمييزية أنه "قد أشرف وأجرى بنفسه" استجوابات لمشتبه بهم من الدجيل وأنه "أمر مرؤوسيه بتعذيبهم". وأول هذين الاستنتاجين ليس صادراً عن المحكمة، والثاني دون أساس من أدلة تدعمه.103 وعلى نحو مماثل، أكدت الهيئة التمييزية أن صدام حسين كان يعرف بالجرائم التي تم ارتكابها من جانب مرؤوسيه لأنه كان "في السلطة كالرئيس السابق للجمهورية، ومن ثم فقد وجه جرائمه ضد سكان الدجيل المدنيين بغرض القتل، ولهذا فنية القتل موجودة".

كما وُجد طه ياسين رمضان على علم بالجرائم التي ارتكبها مرؤوسيه، "لأن له سلطة فعلية على مرؤوسيه من واقع مركزه". وفيما يتعلق بعواد البندر، أكدت الهيئة التمييزية أن البندر قد "اعترف بأنه قد تم إجباره على تولي دور القاضي في تلك المحاكمات". وفي واقع الأمر لم يعترف البندر بهذا، بل قال: "بالنسبة لقضية الدجيل التي نُظرت أمام محكمة الثورة، فأنا مقتنع بها من الناحية المهنية

وتم تأييد إدانة المتهمين الأقل رتبة؛ لأن مشاركتهم في الاعتقالات أدت إلى تعذيب من اعتقلوا ووفاتهم، "بغض النظر عن إن كان المتهمين يقصدون هذا مباشرة أو بشكل غير مباشر في وقت ارتكاب هذه الأفعال". كما رأت الهيئة التمييزية أن المتهمين الأقل رتبة "حرضوا" على ارتكاب الجرائم التي أدينوا بها، على الرغم من أنه لم يتم التوصل إلى هذا الاستنتاج من جانب المحكمة.

ويعتبر قرار الهيئة التمييزية بالمحكمة العراقية العليا قراراً ضعيفاً مخطئاً في تسبيبه بحيث يثير الشبهات حول فشل الهيئة التمييزية في أداء مسؤولياتها القانونية بحياد.



102  المادة 14 (5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينص على الحق في الاستئناف. وقد يأخذ الاستئناف شكلاً من أشكال عديدة، بناء على طبيعة النظام القانوني، ويجب أيضاً أن يرتقي لمستوى المراجعة الحقيقية الصادقة:

 Manfred Nowak, UN Covenant on Civil and Political Rights: CCPR Commentary (Arlington: N.P. Engel, 1993)، صفحة 266.

103  انظر حاشية رقم 56 أعلاه.