<< السابق | الفهرس | التالي >>
  • البيان الصحفي
  • The Report in English
    بيانات صدرت حول قمع المتظاهرين مرتبة تاريخيا
  • مصر: الانقضاض على المظاهرات المعارضة للحرب 24 مارس 2003
  • مصر: استمرار تعذيب المتظاهرين ضد الحرب26 مارس 2003
  • مصر: التعذيب في مقر مباحث أمن الدولة 24 ابريل 2003
  • تمديد اعتقال ناشط مصري اتهام مهندس بإنزال أخبار ومعلومات عن حقوق الإنسان من الإنترنت 17 يوليو 2003
  • مصر: ناشط يبدأ إضراباً عن الطعام مع تمديد اعتقاله 1 أغسطس 2003
  • مصر: ازدراء الحكومة المصرية بالحقوق السياسية الأساسية 28 أغسطس 2003
    أيضا
  • مصر: تصاعد الاعتقالات
    استخدام قانون الطوارئ في خنق حرية التعبير
  • مصر: خلفية عن حقوق الإنسان
    Egypt مصر
    Egypt
  • مصر: اعتداء قوات الأمن على المتظاهرين ضد الحرب

    .VI التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة في المعتقلات

    قام رجال الأمن المصريين بتعذيب عدد من الأشخاص المعتقلين فيما يتعلق بالمظاهرات المناهضة للحرب التي بدأت يوم 20 مارس/آذار، أو بإساءة معاملتهم بشكل أو بآخر، بما في ذلك ثلاثة أطفال على الأقل.
    وكان جمال عيد وزياد العليمي ومحمد زكي من بين الذين أمرت الحكومة بحبسهم على ذمة التحقيق في التهم المتعلقة بالمظاهرات والمصادمات بين قوات الأمن والمتظاهرين في ذلك اليوم. وكان هؤلاء الثلاثة ضمن مجموعة مكونة من 12 معتقلا أحيلوا إلى نيابة الأزبكية العامة يوم السبت 22 مارس/آذار 2003، حيث أمرت النيابة بحبسهم أربعة أيام على ذمة التحقيق، فقضوا الليلة في الحبس بقسم شرطة الأزبكية، ثم نقلوا إلى قسم شرطة الخليفة بعد ظهر اليوم التالي، الأحد 23 مارس/آذار.
    وقال جمال عيد لمنظمة هيومن رايتس ووتش: "وصلنا إلى قسم الخليفة حوالي الساعة الثانية بعد الظهر"،
      ولم أستطع أن أحمل معي متعلقاتي أو أي شيء آخر لأنني كنت مقيدا بالأغلال، وكنت أول من دخل [قسم الخليفة]، وكنت أشعر أنه سيكون هناك "حفل استقبال" في انتظارنا. وكان مأمور الترحيلات واقفا في الردهة، فأمرني أن أقف جانبا في انتظار الآخرين. وعندما أشعلت سيجارة أمرني أن أطفئها وسبني بابن العاهرة. فأطفأت السيجارة لكني قلت له أن يحسن ألفاظه. فأمسك بي بعض الضباط وبدأ المأمور يضربني على ظهري وعنقي وذراعي. واجتذبت الجلبة مزيدا من أفراد الشرطة، فأمسك بي ثلاثة منهم بينما ضربني أربعة آخرون من بينهم المأمور، كما قاموا بضرب الآخرين الذين حاولوا حمايتي، وضربوا النساء اللاتي كن معنا أيضا، وانضمت إليهم الحارسات. ضربونا بالعصي - مثل عصي المكانس وأرجل الكراسي. وخلع ضابط برتبة نقيب - لا أعرف اسمه لكني أستطيع التعرف عليه - حزامه وبدأ يجلدنا. واستمر هذا وقتا طويلا قد يصل إلى الساعة. وكان المأمور يصيح أننا يجب أن نعترف بإشعال النار في السيارة في التحرير، رغم أن هذه لم تكن من التهم الموجهة إلي. وأخيرا انكسرت عصا المكنسة على ذراعي؛ وظننت أن ذراعي كسرت. كما انكسرت نظارتي عندما وقعت. وبعد أن ضربونا أجبرونا على الركوع، فقلت إنني سأرفع شكوى تعذيب [إلى النيابة العامة]. وعندما عرف المأمور أننا محامون قال إننا قمنا بالإحراق والسلب يوم الجمعة. ثم وضعونا في زنزانات لكنهم أخرجوني وحدي، وقالوا "يبدو أنك زعيمهم؛ إننا نُنسي الناس هنا أسماءهم وأسماء أمهاتهم. أنت تافه لا قيمة لك مطلقا". ثم ضربوني مرة أخرى لمدة حوالي عشر دقائق، مستخدمين قبضات أيديهم هذه المرة".(62)
    وقال زياد العليمي، الذي تعرض للضرب في هذه الواقعة في قسم شرطة الخليفة، لمنظمة هيومن رايتس ووتش:
      وجه المأمور، واسمه علاء سالم، شتائم لجمال، وعندما طلب جمال منه أن يكف عن ذلك، ضربوه بالعصي والأحزمة وبقبضات أيديهم. فحاولت أنا وياسر [فراج] حمايته، فضربونا جميعا على رؤوسنا. وعندما شكوت من ألم في ذراعي التي انكسرت أثناء الضرب يوم الجمعة، ركلوني في بطني وفي ذراعي المكسورة".(63)
    وذكر جمال عيد اسم علاء سالم في شكوى التعذيب التي قدمها يوم 30 مارس/آذار إلى مكتب المدعي العام.
    وقال محمد زكي إنه كان من بين الذين تعرضوا للضرب في قسم شرطة الخليفة، "ولكن ليس مثلما ضرب جمال".(64)
    كما كانت منال خالد (انظر إعلاه) من بين مجموعة المعتقلين الذين نقلوا إلى قسم شرطة الخليفة في ذلك اليوم. حيث قالت لمنظمة هيومن رايتس ووتش إنهم جيء بهم اثنين اثنين إلى داخل القسم وأيديهم مقيدة. وعندما خرجوا من عربة الشرطة أمام قسم الخليفة كان هناك بعض أقاربهم منتظرين أمام القسم. وقالت "لا أدري كيف عرفوا أننا سنذهب إلى هناك. لكننا أخذنا نهتف بشعارات مؤيدة للعراق وفلسطين". وقالت إنهم عندما دخلوا القسم رأوا المأمور وإحدى الحارسات، "فبدءا في معاملتنا بخشونة وسبنا بأقذع الألفاظ. وعندما رددت عليها [الحارسة] بدأت تصفعني وتضربني، هي وأحد الحراس، في أماكن مختلفة من جسمي وعلى وجهي وعيني التي كانت أصلا متورمة ومصابة بكدمة شديدة".(65)
    أما جمال عبد الفتاح البالغ من العمر 54 عاما فله نشاط في بعض المنظمات التي اشتركت في مظاهرات 20-21 مارس/آذار؛ ويملك ويدير صيدلية مفتوحة على مدار اليوم قرب منزله في ضاحية المعادي الجديدة بالقاهرة. وقال لمنظمة هيومن رايتس ووتش إنه كان عائدا إلى منزله من الصيدلية مع زوجته حوالي الساعة الثالثة صباحا يوم الاثنين 23 مارس/آذار، فشاهدا عربة من عربات الأمن المركزي وحوالي عشرة من ضباط أمن الدولة أمام العمارة التي يسكنان بها. وقال "أدركت أن الأمر له علاقة بالمظاهرات؛ فمررنا بهم دون أن نتوقف وفكرنا في الذهاب إلى مكان آخر، لكن زوجتي خشيت أن يقتحموا الشقة والصيدلية ويدمروا كل شيء، فسلمت نفسي".(66) واقتيد عبد الفتاح إلى مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي، حيث احتجز على ذمة التحقيق في تهم تتعلق بمظاهرة يوم 21 مارس/آذار في ميدان التحرير، بما فيها الزعم بتدمير الممتلكات. وقال لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن جانباً كبيراً من التحقيق الذي أجراه رجال النيابة معه كان يدور حول آرائه السياسية عن سياسات الحكومة المصرية.

    وطبقا لما قاله عبد الفتاح، فقد مرت واقعة اعتقاله دون شيء يذكر، إلى أن جاء الأمر بالإفراج عنه يوم الإثنين التالي، الموافق 31 مارس/آذار، حيث "أخذوا أربعة منا من سجن طرة إلى لاظوغلي مرة أخرى حوالي الساعة الثانية بعد الظهر". وقال:
      أجلسونا على أرضية الردهة في الطابق الأرضي من المبني حوالي أربع ساعات. ثم عصبوا عيني وأخذوني وحدي إلى غرفة تقع في نفس الطابق. لم أدر من هم [الذين أخذوني]، كل ما أعرفه أني سمعت ثلاثة أصوات مختلفة، بدأت تسبني وتقول "لا نريد أن نراك هنا ثانية أبدا"، وأخذوا يضربونني ويركلونني. واستمر ذلك حوالي عشرين دقيقة. ثم أعادوني إلى الردهة لمدة حوالي عشر دقائق قبل أن يأخذني اثنان منهم مرة أخرى ، حيث أدخلوني هذه المرة غرفة في طابق علوي وبدؤوا يضربونني ثانية. وكانوا يسبونني بكل ألوان الألفاظ النابية. وضغطوا على فتحة شرجي بعصا - كنت مرتديا ملابسي لكن التهديد الجنسي كان واضحا، وقالوا إنهم سيجعلونني أتوقف عن نشاطي السياسي. وتركز الضرب هذه المرة على ظهري قرب مؤخرة العمود الفقري وعلى رجلي من الخلف، فأحدثوا جرحاً في جلد فخذي الأيمن من الخلف.
    وتعرفت من أصوات المعتدين على واحد منهم وهو ضابط كبير بمباحث أمن الدولة، يظهر دائما في كل المظاهرات لكنه اختفى عن الأنظار عندما اندلعت المظاهرات المناهضة للحرب في العراق، فقدمت شكوى فيه إلى النائب العام.(67) كما تعرض بعض من قبض عليهم يوم 12 أبريل/نيسان (انظر أعلاه) للضرب والتعذيب الشديد وهم في الحجز. وتحدث أحد الطلبة المقبوض عليهم يوم 13 أبريل/نيسان والذين اعتقلوا بمقر مباحث أمن الدولة قبل الإفراج عنهم في 15 أبريل/نيسان، إلى منظمة هيومن رايتس ووتش عن المعاملة التي لقيها أثناء التحقيق، طالبا عدم الإفصاح عن اسمه:
      استدعيت للاستجواب أولا. وطلبوا مني أن أخلع ملابسي حتى الخصر ففعلت، ثم بدؤوا يسألونني أسئلة ويضربونني في الوقت نفسه. عندما أقول "هم" فلا أدري كم كان عددهم، لأنني كنت لا أزال معصوب العينين، لكنهم كانوا كثيرين بحسب ما سمعت من أصواتهم. سألوني "لماذا كنت ذاهبا إلى النقابة [نقابة الصحفيين]؟ من أخبرك أن تذهب إلى هناك؟" وسألوا عن اثنين من أصدقائي. وكان مع أحدهم بطاقة عضوية في حزب التجمع عندما قبض عليه، فسألوني من الذي جنده.(68)
    وقال إنه عندما قال لهم إنه ليس لديه إجابة على أسئلتهم ظلوا يضربونه:
      كان أحدهم يمسك ذراعي خلف ظهري فلم أستطع الدفاع عن نفسي. وضربني أحدهم بين فخذيّ وفي منطقة الخصية بينما ضربني آخر في بطني وآخر في صدري وآخر على فخذي. لست متأكدا كم استغرق هذا الضرب بالضبط، ولكن ربما استمر لمدة نصف ساعة؛ ثم أخذوني إلى الخارج [خارج غرفة التحقيق] وجعلوني أنحني أمام مكيف ينبعث منه هواء شديد البرودة. (69)
    وقال الطالب إن أحد الطلبة المعتقلين معه "تعرض لمثل ما تعرضت له تقريبا"، لكن التحقيق معه استمر مدة أطول، "وطرحوه أرضا وأخذوا يدوسون بأقدامهم على بطنه". (70) وقال لمنظمة هيومن رايتس ووتش إنه هو نفسه ضرب مرة أخرى أثناء احتجازه، وقبل الإفراج عنه مباشرة:
      كان ذلك أمس، أي يوم الثلاثاء، بعد الساعة الثالثة مساء بقليل. استدعوني وعصبوا عيني، وأخذوني إلى طابق علوي، وضربوني على ظهري ورقبتي بقبضات أيديهم وبالعصي وأنا أصعد السلم. ثم أخذوني إلى غرفة غير الغرفة التي دخلتها في المرة الأولى، وكان فيها ضابطان فقط هذه المرة، وعرفت من صوت أحدهما أنه كان من بين الموجودين في التحقيق السابق. بدؤوا يسألونني أسئلة شخصية؛ كيف أصبحت من النشطاء؟ ومن الذين أعرفهم من اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة؟ واتهموني بالإلحاد؛ وسألوني عن أناس آخرين. وكانوا يضربونني على ظهري ورقبتي وهم يوجهون إليّ هذه الأسئلة. ووضع أحد الضابطين قدمه على بطني وعلى خصيتي، وبدأ يضغط عليها. اتهمني بالكفر وبأنني زير نساء أضاجع العديد من الفتيات، وأنني دخلت إلى معترك السياسية لمضاجعة هذه الفتيات. وقال إنه سيجعلني غير قادر على ممارسة الجنس بعدما يفرغ من خصيتي. كنت أعرف أنه يقول ذلك ليخيفني، وأعترف أنه نجح في ذلك.
    ولما لم أرضخ له، قال لي إن النشطاء السياسيين جواسيس يتلقون الأموال من الخارج [من خارج مصر]، ونصحني بالابتعاد عنهم، ثم اتخذ نصحه نبرة أبوية، وطلب مني أن أحكي له عن أصدقائي. وأعطاني رقم تليفونه وطلب مني الاتصال به. فأخذت الرقم لا لشيء سوى أن أخرج من هناك. فأعاد إلي متعلقاتي وأمر الحارس أن يصطحبني إلى الخارج، وأن يرفع العصابة عن عيني ثم يخلي سبيلي.(71)
    وقد قام مركز النديم لعلاج وإعادة تأهيل ضحايا العنف، في القاهرة، بالكشف على هذا الطالب و"أكد وجود احتقان في الخصية وكدمات في عضلات الظهر وعضلات مقدم الفخذ الأيسر".(72)
    وقال الطالب المفرج عنه لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن رامز جهاد، الذي قبض عليه وحده مساء ذلك السبت الموافق 12 أبريل/نيسان، وضع في نفس الزنزانة معهم قرب وقت الظهيرة يوم الأحد 13 أبريل/نيسان. وقال الطالب "خلال هذين اليومين [الأحد والاثنين] كانوا يركزون عليه":
      أخذوه إلى الخارج [خارج الزنزانة] مرتين أو ثلاث مرات في أثناء اليوم. وقد أخبرنا أنه عذب بالصعق الكهربائي والضرب، لكنه لم يكن بحاجة لأن يقول لنا ذلك، فقد كان الأمر واضحا من حالته عندما أعادوه محمولا ورأينا آثار الحروق بادية عليه. كان يظل بالطابق العلوي وقتا طويلا، حوالي ثلاث أو أربع ساعات في كل مرة. وكان في شبه غيبوبة عندما كانوا يعيدونه محمولا، وهو شبه فاقد الوعي، ووجهه متورم بشدة وبه كدمات خصوصا على الأنف. وكان يرتعد. وكانت هناك آثار حروق على يده وكوعيه وقدميه وأصابع قدميه. وفي يوم الإثنين نقلوه إلى الحبس الانفرادي.(73)
    وبعد أسبوع، وفي ليلة 22-23 أبريل/نيسان وفي أعقاب انتشار شائعة تقول إن رامز جهاد مات في الحبس، تلقى المحامي جمال عيد مكالمة على تليفونه المحمول من جهاد. وقال عيد لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن جهادا قال له "أنا رامز. أنا في [قسم شرطة] الخليفة، وسأذهب بعدها إلى أمن الدولة". لكن رقم الطالب لم يظهر على تليفون عيد المحمول، الأمر الذي يشير إلى أن المكالمة جاءت من أحد مكاتب مباحث أمن الدولة. وقال عيد لهيومن رايتس ووتش إنه متأكد من أن المكالمة كانت من جهاد شخصيا، ومن أن مسؤولي مباحث أمن الدولة ضغطوا عليه لإجراء هذه المكالمة لنفي شائعة موته.(74) وبعد ذلك نقل رامز جهاد، ومحمد حسن، ووائل توفيق إلى سجن برج العرب بالإسكندرية حيث احتجزوا دون توجيه أي اتهام إليهم بموجب قانون الطوارئ المصري حتى السادس من يونيو/حزيران 2003.(75) وورد أنهم لم يسمح لهم بزيارات من أقاربهم أو محاميهم. وقال عيد لمنظمة هيومن راتس ووتش إنه عندما التقى برامز جهاد في منتصف أغسطس/آب 2003، كان جهاد لا يزال يحمل آثار التعذيب البدني بالصدمات الكهربية الذي أنزله به الضباط بمقر مباحث أمن الدولة. وقال جهاد إنه عذب نتيجة "لثأر" بينه وبين ضابط كانت قد دارت بينهما مشادة في أثناء مظاهرة سابقة مناهضة للحرب في فبراير/شباط، وأيضا لأن جهادا رفض توريط آخرين في أثناء التحقيق معه".(76)

    التعذيب وسوء المعاملة في القانون الدولي والقانون المصري

    كثير من وقائع الإساءة والإيذاء من جانب مسؤولي الأمن المصري، التي يوثقها هذا التقرير، تمثل نوعا من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وفي بعض الحالات تصل هذه المعاملة إلى مستوى التعذيب. والمعروف أن استخدام التعذيب وغيره من صنوف سوء المعاملة محرّم تحريماً شديداً بموجب المعاهدات الدولية ومعايير القانون الدولي، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية(77) واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.(78) وتعرف المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب "التعذيب" بأنه أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد
    يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية.

    أما المادة الثانية من الاتفاقية فتنص على ضرورة التزام الدول الأطراف باتخاذ "إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب". كما تستوجب المادة 16 من الدول الأطراف "أن تمنع، في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية حدوث أي أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب".

    وفي تقرير تكميلي قدمته الحكومة المصرية إلى لجنة مناهضة التعذيب في أكتوبر/تشرين الأول 1998، قالت الحكومة إن الاتفاقية تمثل قانوناً من قوانين البلد، ومن ثم فإن كل نصوصها قابلة للسريان والتنفيذ بصورة مباشرة وفورية لدى كل سلطات الدولة(79)، وأشارت إلى أن الدستور المصري ينص على أن أي مواطن يقبض عليه او يحبس او تقيد حريته بأي قيد "لا يجوز ايذاؤه بدنيا او معنويا".(80) كما يتضمن قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية المصري نصوصا تحظر التعذيب، وتسن عقوبات تفرض على من يثبت ارتكابهم أعمال التعذيب. إذ تنص المادة 126 من قانون العقوبات على أن يُعاقب "بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات، كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله علي الاعتراف"، وتنص المادة 282 على أن "يُحكم في جميع الأحوال بالأشغال الشاقة المؤقتة على من قبض على شخص بدون وجه حق وهدده بالقتل أو عذبه بالتعذيبات البدنية" (81)؛ وطبقا لما قالته الحكومة المصرية، فإن التطبيق القانوني لهذه الأحكام العقابية وفقا لفتوى المحكمة العليا يعاقب على التعذيب الذي يمارسه أي مسؤول عام أو أي فرد، سواء أثناء القبض على الأشخاص أو حبسهم أو سجنهم، وسواء في الظروف المنصوص عليها في القانون أم في غيرها.(82)

    كما يشير التقرير الذي قدمته الحكومة المصرية إلى لجنة مناهضة التعذيب عام 1998 إلى المواد 126 و129 و240 و243 من قانون العقوبات باعتبارها من بين التدابير التشريعية المستخدمة لمكافحة التعذيب، لكنه لا يسرد نص هذه المواد. وتتعلق المادة 126 بالضرب من جانب المسؤولين العموميين(83). أما المادة 129 فتعتبر من الجرائم الجنائية الأعمال التي تتضمن الإكراه وسوء المعاملة من جانب المسؤولين العموميين، باعتبار أنها تمثل تعديا على الآخرين أو إيذاء لهم، بنية انتزاع اعترافات منهم (84). ويقع الجرم متى اعتمد مسؤول أو موظف عمومي على منصبه لاستخدام القوة بطريقة تؤذي كرامة الفرد أو تسبب له ألما بدنيا (85)، ويقوم عنصر الجريمة متى وقع أي فعل مادي قد يسبب ألما بدنيا للضحية، مهما كان طفيفا، حتى ولو لم يتسبب في إصابة ظاهرية(86). ويشير التقرير إلى تمتع كل الأفراد مهما كانت صفاتهم بالحماية التي تنص عليها هذه المادة، سواء أكانوا مقبوضا عليهم أم معتقلين أم في غير ذلك من الظروف (87). وتتناول المواد من 240 إلى 243 جرائم الاعتداء بالضرب والجرح؛ (88) وطبقا لتقرير الحكومة المصرية إلى لجنة مناهضة التعذيب، فإن أي شخص يعلم بوقوع جريمة عليه الإبلاغ عنها، وينطبق هذا الالتزام على المسؤولين العموميين وفقا للمادتين 25 و26 من قانون الإجراءات الجنائية (89).

    ووفقاً للقانون المصري، تعتبر وحدة التفتيش بوزارة الداخلية والنيابة العامة بوزارة العدل مسؤولتين عن التحقيق في المزاعم الخاصة بالتعذيب وسوء المعاملة. ولكلتا الجهتين صلات مهنية وشخصية قوية بمسؤولي الأمن والشرطة الواقعين تحت إشرافهما؛ وجدير بالذكر أنهما من الناحية التاريخية لم تتيحا وسيلة فعالة للانتصاف يمكن أن يلوذ بها ضحايا التعذيب.