<< السابق | الفهرس | التالي >>
  • البيان الصحفي
  • The Report in English
    بيانات صدرت حول قمع المتظاهرين مرتبة تاريخيا
  • مصر: الانقضاض على المظاهرات المعارضة للحرب 24 مارس 2003
  • مصر: استمرار تعذيب المتظاهرين ضد الحرب26 مارس 2003
  • مصر: التعذيب في مقر مباحث أمن الدولة 24 ابريل 2003
  • تمديد اعتقال ناشط مصري اتهام مهندس بإنزال أخبار ومعلومات عن حقوق الإنسان من الإنترنت 17 يوليو 2003
  • مصر: ناشط يبدأ إضراباً عن الطعام مع تمديد اعتقاله 1 أغسطس 2003
  • مصر: ازدراء الحكومة المصرية بالحقوق السياسية الأساسية 28 أغسطس 2003
    أيضا
  • مصر: تصاعد الاعتقالات
    استخدام قانون الطوارئ في خنق حرية التعبير
  • مصر: خلفية عن حقوق الإنسان
    Egypt مصر
    Egypt
  • مصر: اعتداء قوات الأمن على المتظاهرين ضد الحرب

    V. القبض والاحتجاز التعسفي

    يبدو أن العديد من حالات القبض والاحتجاز التي نفذتها قوات الأمن يوم 21 مارس/آذار وما بعده فيما يتعلق بالمظاهرات المناهضة للحرب وقعت بلا موجب أو تمت بصورة غير قانونية؛ أو تمت بطريقة غير قانونية. فقد ورد أن أغلبية المئات الذين اعتقلوا يوم 21 مارس/آذار قد أفرج عنهم خلال 24 ساعة. ويبدو أن معظم الأشخاص الذين قبض عليهم في ذلك اليوم، وصدر الأمر بحبسهم على ذمة التحقيق، وعددهم 61 شخصا، قد اعتقلوا بسبب انتماءاتهم المعروفة أو المزعومة لتنظيمات تنتقد سياسات الحكومة، وليس لأن الشرطة لديها دليل على اشتراكهم في تدمير الممتلكات أو غير ذلك من الجرائم.

    فقد ذكرت منال خالد مثلا لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنها كانت ذاهبة لشراء طعام الغداء من ميدان التحرير وقت الظهر تقريبا يوم 21 مارس/آذار، قبل وصول معظم المتظاهرين، عندما تعرف عليها بعض ضباط الشرطة الذين يرتدون ثياباً مدنية، وذلك على ما يبدو من مشاهدتهم لها في مظاهرة اليوم السابق؛ فنادوها باسمها ثم أمسكوا بها وجروها إلى سيارة الشرطة، فلما قاومت تعدوا عليها بالضرب.(43)

    أما سيد، وهو اسم مستعار لطالب ناشط، فقد ذكر لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه وصل إلى ميدان التحرير حوالي الساعة الثانية والنصف عصراً، يوم 21 مارس/آذار. وكانت قوات الأمن "في كل مكان"، حيث كانت "تعتقل كل من تستطيع الإمساك به"، حسبما قال. "ولما كان هناك أناس كثيرون فقد ركزوا على الشباب". وقال سيد إن ضابطا بالزي الرسمي استوقفه وطلب منه إبراز بطاقة هويته(44)؛ "ثم جاء ضابط بالملابس المدنية وقال "لا داعي أن تطلب منه البطاقة، فمن الواضح أنه متظاهر". وعندما سألت كيف يعرف عني أي شيء، أحاط بي ثلاثة منهم ولكموني وضربوني بعصيهم". وقال سيد إن ضباط الأمن أخبروه قبل الإفراج عنه في صباح اليوم التالي أن اسمه على قائمة الطلاب النشطاء بجامعة القاهرة، ولذلك فعليه التوجه إلى مقر مباحث أمن الدولة بالجيزة.(45)

    وألقى أربعة من ضباط الأمن بالملابس الرسمية القبض على حسام الحملاوي، وهو صحفي بمجلة "كايرو تايمز" الأسبوعية، والذي يراسل أيضا جريدة "لوس أنجيليس تايمز"، بينما كان خارجا من أحد المطاعم وقت الظهر تقريبا في ميدان التحرير يوم 22 مارس/آذار، أي في اليوم التالي للمواجهات مع المتظاهرين. وكان الحملاوي قد حضر المظاهرات المناهضة للحرب في ميدان التحرير يوم 20 مارس/آذار، أي قبل يومين، وتعرض للضرب على أيدي مسؤولي الأمن كما أفادت الأنباء. وفي 22 مارس/آذار نقل إلى قسم شرطة الجمالية، مع بعض الشباب الآخرين الذين قبض عليهم ذلك اليوم.(46) وقال الضباط الذين قبضوا عليه يوم 22 مارس/آذار لاثنين من أصدقائه كانا في مسرح الحدث "إنه مسجل خطر لدينا".(47) وقد أفرج عنه في وقت لاحق من ذلك اليوم، وذلك، حسبما ورد، بعد تدخل مسؤولي "لوس أنجيليس تايمز".

    وألقي القبض على 15 شخصا تقريبا في منطقة مبنى نقابة المحامين أو على مقربة منها مساء يوم 21 مارس/آذار (انظر ما تقدم من شهادات جمال عيد، ومحمد زكي وآخرين). وفي وقت القبض عليهم، لم يكن هؤلاء قد خالفوا أي قوانين أو لوائح أو اتهموا بمخالفتها أو ارتكبوا أي جريمة، ولم يكن قد صدر أي إذن أو أمر قضائي يطالبهم بتسليم أنفسهم عن أي مخالفات مزعومة سابقة. وفي بعض الحالات، كانوا قد تدخلوا لحماية المتظاهرين والمارة من الاعتداءات العنيفة من جانب قوات الأمن.

    وجدير بالذكر أن اثنين من المقبوض عليهم في الأيام التالية لمظاهرات 21 مارس/آذار، وهما حمدين صباحي، البالغ من العمر 49 عاما، وفريد حسنين البالغ من العمر 63 عاما، عضوان في مجلس الشعب. وكان صباحي قد تعرض للضرب في مظاهرة يوم 21 مارس/آذار كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وقبض عليه مساء يوم الأحد 23 مارس/آذار بينما كان خارجا من بيته. أما حسنين فقد ألقي القبض عليه في نفس الليلة في مستشفى مصر الدولي حيث كان يتعافى من إصابات لحقت به من جراء الضرب على أيدي ضباط الأمن قرب مبنى نقابة المحامين منذ يومين وقبيل سفره إلى فيينا لتلقي العلاج؛ حيث أنه يعاني من مرض في القلب. والمعروف أن الرجلين يتمتعان بالحصانة البرلمانية باعتبارهما نائبين في مجلس الشعب، مما لا يجيز القبض إلا إذا ضبطا متلبسين بارتكاب جريمة.(48) أما في هذه الحالة فقد مرت حوالي 48 ساعة من وقت المظاهرات والجرائم المزعومة. وفي خطاب أرسله وزير العدل فاروق سيف النصر بتاريخ 23 مارس/آذار إلى رئيس مجلس الشعب، ردا على انتقادات المجلس للاعتقالات، زعم الوزير أن صباحي وحسنين حرضا المتظاهرين على "مهاجمة الشرطة، وترديد شعارات مناوئة للحكومة، وارتكاب أعمال تخريبية"، وأن "الجرائم تم تصويرها فوتوغرافيا وتسجيلها على الفيديو".(49)

    وأفادت هالة دحروج أن أفراد مباحث أمن الدولة جاءوا إلى بيتها في الساعات الأولى من صباح يوم 14 أبريل/نيسان 2003، وألقوا القبض على زوجها الصحفي والكاتب إبراهيم الصحاري، بدون أن يكون لديهم إذن بالقبض عليه أو أمر قضائي.(50) واعتقل الصحاري بدون تهمة مدة 11 يوما حتى أفرج عنه. وكان معتقلا في قسم شرطة جابر بن حيان في الليلة الأولى ثم في مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي بعد ذلك. وقال السحاري لعايدة سيف الدولة الناشطة المصرية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان إنه تعرض الضرب والركل لمدة عدة ساعات على أيدي ثلاثة ضباط كانوا "مستائين من شعاراته المناوئة للرئيس".(51)

    وبالإضافة إلى ذلك، احتجز العديد من المعتقلين في أماكن لا تصلح كمعتقلات قانونية طبقا لقانون الإجراءات الجنائية وقانون السجون. فقد احتجز عدد كبير ممن قبض عليهم يوم 21 مارس/آذار في تلك الليلة وفي اليوم التالي في معسكر تدريب الأمن المركزي في الدراسة، بينما احتجز آخرون في معسكر الأمن المركزي في مدينة نصر. وكان الأشخاص الذين قبضت عليهم المباحث بعد يوم 21 مارس/آذار قد احتجزوا في بادئ الأمر في مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي وغيره من مقار المباحث. كما احتجز الطلاب الأربعة الذين أُلقي القبض عليهم يوم السبت 14 أبريل/نيسان - وهم عمرو محمد عبد اللطيف، ووليد عبد الرزاق فؤاد، ومحمود حسن، ورامز جهاد - ثلاثة أيام على الأقل في مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي قبل الإفراج عنهم أو نقلهم إلى السجون العادية.

    الاعتقال التعسفي وحرية التجمع في القانون الدولي والقانون المصري

    ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تعد مصر دولة من الدول الأطراف فيه، على ضمان حق الفرد في عدم التعرض للقبض عليه أو احتجازه بصورة تعسفية.(52) ويعتبر العهد أن القبض على الفرد تعسفي إذا كان مخالفا للقانون، أو إذا كان القانون نفسه تعسفيا، ومن ثم فإن القبض على الأشخاص لممارستهم حقوقهم الأساسية يعتبر تعسفيا ومخالفا للقانون الدولي.

    وتنص المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ضمان الحق في التجمع السلمي.(53) وكما قال أحد المعلقين المرموقين، فإن "جوهر حرية التجمع هو وظيفته الديمقراطية في إطار عملية صياغة الآراء السياسية والتعبير عنها ووضعها موضع التنفيذ... فالوظيفة الديمقراطية لحرية التجمع تعني أن الدول يقع على عاتقها واجب أقوى لضمان هذا الحق عن طريق اتخاذ تدابير إيجابية منه عن طريق الحقوق المدنية التي تمارس من أجل المصلحة الخاصة فحسب."(54) لذلك يجب على الدول "أن تهيئ الطرق العامة أو غيرها من الأماكن، وقد يستدعي ذلك تغيير مسار الحركة المرورية... والامتناع عن التمييز أو التعسف بحرمان الأشخاص من دخول المباني العامة لعقد التجمعات"(55) كما يجب على الدولة أن تعمل على منع التحريض أو استخدام القوة من جانب قوات الأمن أو الجهات الخاصة مما قد يشجع على العنف.(56) ولا تخرج القيود التي يمكن فرضها على حرية التجمع عن "تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".(57) ويجب أن تقتصر أي قيود على ما تستدعيه الضرورة، وأن تتناسب مع مقتضى الحال - بمعنى أن أسلوب تدخل الدولة ومداه يجب أن يكون ضرورياً لتحقيق غرض مشروع، كما لا يجوز اللجوء إلى منع التجمعات أو تفريقها بالقوة إلا بعد فشل الوسائل الأقل شدة.(58)

    وطبقا للمادة 54 من الدستور المصري فإن "للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة الى اخطار سابق، ولا يجوز لرجال الامن حضور اجتماعاتهم الخاصة". (59)

    وقد اتُّهم المتظاهرون الذين قبض عليهم يوم 21 مارس/آذار أو بعده مباشرة، كما أشرنا من قبل، بمخالفة القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر. وينص هذا القانون على أنه إذا كان أي تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل يعرض السلم العام للخطر، وأمرت السلطات المتجمهرين بالتفرق، فعليهم الامتثال لهذا الأمر.(60) ولا يشترط القانون ضرورة الحصول على إذن مسبق للتجمعات العامة. ويجوز للمواطنين التظلم من الأمر بمنع تجمع معين إلى وزير الداخلية، أو الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية.(61) وجدير بالذكر أن أحداً ممن وُجِّهت إليهم تهم تتعلق بمظاهرات يومي 20 و21 مارس/آذار لم يُوجَّه إليه الاتهام بموجب القانون رقم 14 لسنة 1923، الذي يتضمن الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وبالمظاهرات في الطرق العمومية، والذي ينص على ضرورة قيام الأشخاص الراغبين في تنظيم اجتماع عام بإخطار السلطات قبل عقد الاجتماع بثلاثة أيام على الأقل؛ كما ينص على فرض عقوبات على من يقومون بالتخطيط والتنظيم والمشاركة في أي مظاهرة عامة غير معلن عنها أو لم يستصدر لها الإذن المطلوب. وتعتبر هيومن رايتس ووتش أن قانون 1914 وقانون 1923 يتعارضان مع المعايير القانونية الدولية السائدة حاليا.