Israel, the Occupied West Bank, and Gaza Strip, and Palestinian Authority Territories


اسرائيل والسلطة الفلسطينية
  
سجل الاحتلال الإسرائيلي:
انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية

تقرير صادر عام 1998
الجزء الاول: هذا التقرير
الجزء الثاني:الملخص والتوصيات
الجزء الثالث : تعليق على التقرير
الجزء الرابع : الملاحق
13 يوليو/تموز 1998
إلى: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة
من: منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"
الموضوع: تقرير إسرائيل إلى اللجنة (CCPR/C/81/Add. 13)
إن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، إذ ترحب بالتقرير الذي رفعته إسرائيل إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، فهي تود أن تلفت انتباه أعضاء اللجنة إلى عدد من جوانب القصور الرئيسية التي يتسم بها التقرير المذكور. فعلى وجه الخصوص، لا يغطي تقرير إسرائيل جميع المناطق الخاضعة لولايتها القانونية، ويفتقر إلى التفاصيل الكافية عن القيود المفروضة، قانوناً أو ممارسةً، على التمتع بالحقوق المحددة في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي)، ولا يلتزم بالدقة أحياناً في تصوير الممارسات الإسرائيلية. وإزاء جوانب القصور المذكورة، والبالغة الخطورة، فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تعتقد أن تقرير إسرائيل قد ابتعد عن المبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة بشأن شكل ومضمون التقارير الأولية ابتعاداً يبرر طلب اللجنة من إسرائيل تقديم معلومات إضافية قبل رفع تقريرها الدوري التالي. وتهدف المناقشة التالية إلى ضرب الأمثلة التوضيحية على جوانب القصور في التقرير، فهي لا تزعم أنها تفنيد شامل لما تقوله إسرائيل؛ إذ إن المنظمات غير الحكومية الأخرى، الدولية والفلسطينية والإسرائيلية، تتصدى في تقاريرها لجوانب قصور لا تقل أهميةً عن جوانب القصور المذكورة هنا.

الولاية القانونية على الأراضي المحتلة تلزم المادة 2 (1) من العهد الدولي كل دولة من الدول الأطراف باحترام وكفالة حقوق "جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها". وبالرغم من هذه الصياغة التي تحدد مسؤولية الدولة بشرطين مجتمعين، فإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فسرت نطاق هذا النص تفسيراً لا يجمع بين الشرطين، فقالت إنه ينطبق على الأشخاص الموجودين في أراضي الدولة أو الذين يخضعون لولايتها القانونية بصورة أخرى. وكان من بين قرارات اللجنة فيما يتعلق بانتهاكات أوروغواي "للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية" قرار يقول إن الأشخاص الذين فروا إلى الخارج لا يمنعهم نص المادة 2 (1) من تقديم بلاغات فردية إلى اللجنة ، وقرار آخر يقول إن الدول الأطراف مسؤولة عن الانتهاكات التي يرتكبها ممثلوها الدبلوماسيون في الخارج ، وقرار يقول بجواز قبول البلاغات المرسلة من الأشخاص الذين اختطفهم عملاء أوروغواي ويقيمون خارج أوروغواي، استناداً إلى مسؤولية الدول الأطراف عن أفعال عملائها في أراضي الدول الأجنبية . وفيما يتعلق بلبنان، على وجه الخصوص، نجد أن التزام إسرائيل بتنفيذ أحكام العهد الدولي في الأراضي التي تحتلها يستند كذلك إلى ما اتخذته اللجنة سابقاً من قرارات بشأن هونغ كونغ؛ إذ قالت اللجنة، في سياق إقامة الحجة على ضرورة مواصلة هونغ كونغ تقديم التقارير بموجب أحكام العهد الدولي بعد انتقال السيادة عليها إلى جمهورية الصين الشعبية، ما يلي:

اتجه رأي اللجنة، في الحالات التي تتعرض فيها الدول الأطراف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" للانقسام، إلى أن معاهدات حقوق الإنسان تنتقل بانتقال الإقليم، وأن على الدول أن تظل مرتبطة بالالتزامات التي ارتبطت بها الدول السالفة بموجب العهد الدولي. فإذا كان الناس يتمتعون في إقليم ما بالحماية التي توفرها الحقوق المنصوص عليها في "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية"، فلا يجوز حرمانهم من هذه الحماية لا لسبب إلا انقسام ذلك الإقليم أو خضوعه لسيادة دولة أخرى أو أكثر.(CCPR/C/79/Add. 69)
وبالرغم من أن إسرائيل قد احتلت فقط جنوب لبنان، ولم تكتسب السيادة عليه، فإن مبدأ انتقال المعاهدة مع الإقليم لابد من تطبيقه عندما تتسلم دولة أخرى ذات سيادة زمام السيطرة على الإقليم، خصوصاً إذا كانت الدولة المحتلة والدولة ذات السيادة من الدول الأطراف في العهد الدولي . ومنذ عهد قريب، وتحديداً في إبريل/نيسـان 1997، أقرت اللجنة بأن لبنان "ليس في مقدوره أن يكفــل التطبيق والاحترام الفعال لأحكام العهد الدولي في شـتى أرجاء الإقليم، لأن السلطات اللبنانية لا تستطيع الوصـول إلى المنطقة الجنوبية من البلاد، وهي التي ما تزال تخضع للاحتلال الإسـرائيلي" (CCPR/C/79/Add. 78, para. 4). ويجب ألا تترك اللجنة سكان جنوب لبنان، الذين يقضي العهد الدولي باحترام حقوقهم، دون النظر فيما إذا كانت هذه الحقوق تتمتع بالحماية.

وتعتقد منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن الأفراد المقيمين في جميع الأراضي التي تحتلها إسرائيل يُعَدُّون أيضاً من "الداخلين في ولايتها"، وأن من حقهم أن تُحتَرم جميع حقوقهم المبينة في العهد الدولي. وننوّه هنا بأن "اتفاقية مناقضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" قد فسرتها اللجنة المنشأة بمقتضى أحكامها بأنها تسري على الأراضي التي تحتلها إسرائيل، بموجب المادة 2 من تلك الاتفاقية، وهي التي تنص على منع وقوع التعذيب في أي إقليم يخضع للولاية القانونية للدولة الطرف. وعندما قامت لجنة مناهضة التعذيب بالنظر في التقرير الدوري الثاني الذي قدمته إسرائيل إليها في مايو/أيار 1998، نظرت اللجنة بصفة محددة فيما تمارسه إسرائيل من اعتقالات إدارية في الأراضي المحتلة، وانتهت إلى ضرورة النـظر في هذه الممارسـات لضـمان اتفاقها مع نص المادة 16 (CAT/C/SR. 337; CAT/C/ISR). كما أن اللجنة المنشأة بموجب "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" قد اتخذت نفس الموقف، وهو أن الالتزامات المترتبة على إسرائيل بمقتضى تلك المعاهدة تسري أيضاً على الأراضي التي تحتلها إسرائيل؛ وقالت أثناء نظرها، في مارس/آذار 1998، في ثلاثة تقارير دورية قدمتها إسرائيل في آن معاً، وهي السابع والثامن والتاسع، إنها تكرر الإعراب عن الرأي الذي انتهت إليه عام 1991، وهو أن تقرير إسرائيل ينبغي أن يشمل جميع السكان الخاضعين للولاية القانونية للحكومة الإسرائيلية (A/46/18 para. 368)؛ وإن إسرائيل مسؤولة عن تنفيذ الاتفاقية، بما في ذلك التزامها بتقديم التقارير، في جميع المناطق التي تمارس فيها السيطرة الفعلية (CERD/C/304/Add. 45 para. 12). وبالإضافة إلى ذلك فإن الجمعية العامة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، وغيرهما من هيئات وآليات الأمم المتحدة قد أكدت، مراراً وتكراراً، التزام إسرائيل بتنفيذ اتفاقية جنيف الرابعة في الأراضي التي احتلتها عام 1967.

وتعتقد منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن الالتزامات المترتبة على إسرائيل بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" تسري أيضاً على الأراضي الخاضعة لسيطرتها في الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وجنوب لبنان. وعدم قيام إسرائيل بإدراج معلومات في تقريرها إلى اللجنة عن مدى تنفيذها للعهد الدولي في تلك الأراضي معناه سوء تصوير خطير لمدى وفائها بالتزاماتها بموجب تلك المعاهدة، على نحو ما سوف نناقشه فيما يلي.
الدقــــة

سجلت المنظمات غير الحكومية، الدولية والفلسطينية والإسرائيلية، ضروباً بالغة التنوع من الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق التي يكفلها "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" وغيره من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي. ونظراً لضيق المساحة فسوف تركز منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" على نوعين فقط من أنواع هذه الانتهاكات، وهما التعذيب والاعتقال الإداري الطويل الأجل. وسوف نبين أن تقرير إسرائيل كثيراً ما يبتعد عن الدقة في تصوير مدى انتهاكاتها للعهد الدولي، سواء بعدم تقديم المعلومات الكافية عن التطبيق العملي لقوانينها، أو بإغفال ذكر ما يحدث في الأراضي المحتلة.
إن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تحث اللجنة على أن تنظر نظرة فاحصة في التقارير المفصلة التي تتناول هذين النوعين من الانتهاكات، وغيرهما من القضايا، والتي قدمها "المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل"، ومنظمة العفو الدولية، والرابطة العربية لحقوق الإنسان، ومنظمة "المادة 19"، ورابطة الحقوق المدنية في إسرائيل، ومنظمة "بتسليم"، و"الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة"، ولجنة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وأن تنظر في إمكان طلب معلومات إضافية عن الانتهاكات الإسرائيلية من المنظمات العديدة الأخرى التي لم تتمكن من إعداد التقارير ورفعها إلى اللجنة في الأسابيع القليلة التي انقضت بين نشر تقرير إسرائيل وانعقاد اجتماع اللجنة.
(1) الاعتقال الإداري
تزعم إسرائيل أن لوائح قانون الطوارئ لا تحرم أحداً من الحقوق التي ينص عليها "القانون الأساسي: كرامة الإنسان وحريته"، ولا تضع عليها أية قيود إلا "لغرض صحيح، ولمدة لا تزيد عن اللازم، وبقدر لا يتجاوز المطلوب" (CCPR/C/81/Add.13 paras. 116-118). ولكن الواقع يقول إن إسرائيل استخدمت الاعتقال الإداري الطويل الأجل في احتجاز الأفراد رهائن، وباعتباره وسيلة من وسائل معاقبتهم على التعبير والنشاط السياسي غير المقترن بالعنف، وبديلاً عن تقديم المشتبه فيهم إلى المحاكمة. كما أن استعمال إسرائيل للاعتقال الإداري قد يسهِّل ارتكاب انتهاكات خطيرة أخرى، بما في ذلك التعذيب، والقبض التعسفي على الأشخاص، وانتهاك الحق في المحاكمة العادلة. وإلى جانب ذلك فإن "المراجعة القضائية المستمرة" المنصوص عليها في قانون سلطات الطوارئ (الاعتقال) لسنة 1979، وهو الذي ينظم استخدام إسرائيل للاعتقال الإداري داخل "الخط الأخضر"، قد أصبحت مُفَرَّغةً فعلياً من معناها، بسبب ما تنص عليه أحكام القانون من أن تلك المراجعة يجب ألا تتناول صدق الوقائع التي تقوم عليها الأدلة، بل أن تنظر فيما إذا كانت الأدلة القائمة على وقائع يمكن أن تكون سبباً كافياً للاعتقال. ويسمح القانون أيضاً للقاضي الذي يرأس المحكمة "بقبول الأدلة دون حضور الشخص المعتقل أو من يمثله، ودون اطلاع أيهما على الأدلة". (CCPR/C/81/Add. 13 Paras. 119-122). ويتعرض المعتقلون إدارياً من غير المقيمين في إسرائيل أو الضفة الغربية أو غزة، لقيد آخر على حقهم في توكيل من يدافع عنهم في المحكمة، إذ يسمح القانون لوزير العدل بأن يحدد عدد المحامين المسموح لهم بالترافع بحيث يقتصر على كل من حصل على تصريح أمنيّ رفيع المستوى. وإذا كان معظم المحامين الإسرائيليين اليهود الذين تقدموا بطلباتهم قد منحوا هذا التصريح الرفيع المستوى، فإن بعض المحامين الذين اتسموا بأكبر نشاط في الدفاع عن الفلسطينيين المعتقلين لأسباب أمنية، لم يسمح لهم به، وكان من بينهم تمار بيليج سريك، وأندريه روزنتال، ولي إتسيميل، ولم يحصل على التصريح إلا محاميان فلسطينيان فقط.
وقد سمحت إسرائيل في عدة حالات باستعمال قانون الاعتقال في احتجاز المواطنين اللبنانيين باعتبارهم وسائل مساومة ـ أي رهائن ـ لضمان الإفراج عن العسكريين الإسرائيليين، وهي الممارسة التي سجلتها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في تقريرها الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 1997 بعنوان: دون وضعية قانونية أو حماية: المعتقلون اللبنانيون في إسرائيل. وقد حظيت سياسة احتجاز الرهائن بالتبرير الرسمي لها في مارس/آذار 1998، وهو الوقت الذي نُشر فيه حكم المحكمة العليا الصادر في فبراير/شباط 1996 بشأن تجديد الاعتقال الإداري لمجموعة من عشرة مواطنين لبنانيين على الأقل، لم تُنشر أسماؤهم. وقد أقرت المحكمة العليا بأن اعتقالهم "يمثل انتهاكاً شديداً للكرامة الإنسانية"،

ولكنها سمحت صراحةً باحتجاز السجناء كوسائل للمساومة. (استئناف الاعتقال الإداري رقم 94/10، الفقرة 12) وقال رئيس المحكمة القاضي باراك: "يكفيني أن أقول إن احتجاز المُدَّعين، إذا كان يزيد ويحمي أمن الدولة ـ ولو أن المدعين أنفسهم لا يشكلون ذلك الخطر ـ هو احتجاز قانوني" (استئناف الاعتقال الإداري رقم 94/10، الفقرة 13).
ولا يضع قانون الاعتقال أي حدود للطول التراكمي لمدد الاعتقال الإداري، وتواصل المحاكم الإسرائيلية تجديد أمر اعتقال المواطنين اللبنانيين الذين يبلغ عددهم 21 معتقلاً، والذين تأكد وجودهم رهن الاحتجاز. وقد صدر آخر أمر بالتجديد لمدة ستة شهور في 20 إبريل/نيسان 1998؛ وكان أحد عشر معتقلاً منهم قد حوكموا من قبل أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي أصدرت أحكامها عليهم، بعد أن قبض على بعضهم رجال "جيش لبنان الجنوبي" وعلى البعض الآخر جيش الدفاع الإسرائيلي في جنوب لبنان، ثم ظلوا قيد الاعتقال الإداري مدة تتراوح بين أربع وعشر سنوات بعد انتهاء مدة عقوبتهم. أما المعتقلون العشرة الآخرون فقد قبض عليهم رجال الجيش الإسرائيلي أو رجال الميليشيات اللبنانية في الأعوام 1987 و1989 و1994، ولم يُقدَّموا إلى المحاكمة قط. ويحتجز اثنان من هؤلاء، وهما مصطفي الديراني والشيخ عبد الكريم عبيد، في مكان سري، ولم يُسمح للّجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهما. ولم يكن أحد من الواحد والعشرين معتقلاً المذكورين من بين اللبنانيين الذين أطلقت إسرائيل سراحهم يومي 25 و26 يونيو/حزيران 1998، في إطار الصفقة التي نظمها الصليب الأحمر، والتي تسلمت إسرائيل بموجبها رفات إيتامار إيليا، الجندي الإسرائيلي الذي قتل أثناء هجوم شنته إسرائيل على جنوب لبنان في سبتمبر/أيلول 1997، في مقابل الإفراج عن عشرة سجناء لبنانيين محتجزين داخل إسرائيل، وخمسين معتقلاً لبنانياً كانوا محتجزين في سجن الخيام في جنوب لبنان، وجثث 40 لبنانياً آخر لقوا مصرعهم في اشتباكات وقعت في جنوب لبنان ثم نُقلت جثثهم إلى إسرائيل. وكان أحد المعتقلين الذين قبض عليهم في عام 1987، ويدعى غسان الديراني، قد أصدرت إحدى المحاكم الإسرائيلية أمراً بالإفراج عنه يوم 28 يونيو/حزيران 1998، ولكن تأخر تنفيذ أمر المحكمة لمدة ثلاثين يوماً باعتبارها المهلة اللازمة لاستئناف الحكم من جانب النيابة العامة. وكانت إسرائيل قد نجحت في الطعن في حكم قضائي بإطلاق سراح الديراني قبل ذلك في عام 1997.
والأغلبية العظمى لأوامر الاعتقال الإداري الإسرائيلية لا تخضع لقانون الاعتقال، ولكنها تُنَفَّذُ في الضفة الغربية بموجب الأمر العسكري رقم 1229 لسنة 1988، وفي غزة بموجب الأمر العسكري 941 لسنة 1988. وتختلف هذه الأوامر العسكرية عن قانون الاعتقال في أنها لا تتطلب المراجعة القضائية لأمر الاعتقال الإداري، ولا تضع حداً أدنى للمهلة اللازمة للنظر في الاستئناف. فإذا حدث فعلاً أن استأنف أحد المعتقلين الأمر باعتقاله، فإن المراجعة القضائية تقتصر على فحص الأساس القانوني للأسباب المبررة لاعتقاله، ولا يتاح للمعتقلين عادةً الاطلاع على أي من الأدلة الموجهة ضدهم.


وتعتقد منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن الاعتقال الإداري بموجب الأوامر العسكرية يستخدم في حالات كثيرة لاحتجاز الأفراد الذين لا ترغب إسرائيل في تقديمهم للمحاكمة، إما لأن الأدلة المتاحة لا تصل إلى الحد الذي يسمح بقبولها في المحكمة، وإما لأنها قد تميط اللثام عن بعض المصادر السرية. وقد أصدرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسليم" تقريراً في يوليو/تموز 1997 بشأن ممارسات الاعتقال الإداري الإسرائيلية، وسجلت فيه حالات عديدة تثبت أن الاعتقال الإداري قد استخدم للمعاقبة على النشاط السياسي السلمي والتعبير عن الآراء السياسية. وتبين جميع الحالات التي يعرضها التقرير تقريباً أن المعتقلين قد حرموا من الاطلاع على الأدلة الموجهة ضدهم.
وقد أدى الضغط الذي مارسته المنظمات غير الحكومية، الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، وغيرها إلى انخفاض عدد الفلسطينيين المعتقلين إدارياً منذ أمد طويل، ولكن هذا الانخفاض لم ينسحب على المعتقلين اللبنانيين الذين احتُجزوا كرهائن، ولا يبدو أنه قد أثر تأثيراً يُذكر في حالات المعتقلين لفترات قصيرة. ففي عام 1997 صدر ما لا يقل عن 1900 أمر بالاعتقال الإداري، وكان عدد يقدر بما لا يقل عن 100 فرد ما يزالون محتجزين حتى يونيو/حزيران 1998. ولا تتضمن هذه الأرقام المواطنين اللبنانيين الذين يبلغ عددهم 100 تقريباً وما يزالون قيد الاحتجاز دون تهمة أو محاكمة في سجن "الخيام" في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل جنوبي لبنان. وهكذا فإن السيطرة الإسرائيلية الفعلية على جنوب لبنان، وما رواه المعتقلون عن التحقيق معهم على أيدي الضباط الإسرائيليين أثناء احتجازهم في سجن "الخيام"، وإدراج خمسين معتقلاً من سجن "الخيام" في عملية تبادل الأسرى التي جرت يومي 25 و26 يونيو/حزيران 1998 ـ كل هذا يؤيد ما ذهبت إليه منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" من أن إسرائيل تتحمل المسؤولية عن أحوال المعتقلين في سجن "الخيام". وسواء كان الاعتقال يجري بموجب قانون الاعتقال أو الأوامر العسكرية، فإن حالات الاعتقال الإداري الطويلة الأجل، ودون تهمة أو محاكمة، والتي كثيراً ما تجري في ظروف قاسية، تشكل اعتقالاً تعسفياً، ومن ثم فهي تُعتبر انتهاكاً للمادة 9 من العهد الدولي. وقد أعلنت إسرائيل أنها قد تحللت من الالتزام بالمادة 9، استناداً إلى الإجراءات المسموح بها في المادة 4؛ ولكن المادة 4 تنص على أن الدول الأطراف التي تتحلل من التزاماتها بموجب العهد الدولي لا يجوز لها أن تتخذ مثل هذه التدابير إلا "في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع"؛ كما أوضحت اللجنة فيما بعد أنها تعتبر مثل هذه التدابير "ذات طابع استثنائي ومؤقت" (التعليق العام 5/13 لعام 1981، الفقرة 3). وحتى لو أن اللجنة سلَّمت بأن حالة الطوارئ التي استمرت خمسين عاماً، وبأن قانون الاعتقال الذي استمر تطبيقه تسعة عشر عاماً يعتبران ذوي طابع استثنائي ومؤقت، فلابد لها أن تتساءل إلى أي مدى يمكن اعتبار استخدام إسرائيل للاعتقال الإداري من التدابير الضرورية التي تتخذ "في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع"، علماً بأن إسرائيل قد أقرت في حالات عديدة بأن قرار اعتقال الأشخاص إدارياً لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بأي خطر يمثله هؤلاء الأشخاص. ولما كانت قوانين الحرب تحظر احتجاز الرهائن حتى في زمن الحرب، فيجب على اللجنة ألا توافق على احتجاز الرهائن في ظل قانون حقوق الإنسان بألا تسمح لإسرائيل بتبرير الاعتقال الإداري الطويل الأجل للإفراد، بغرض التأثير في أفعال الآخرين. وإلى جانب ذلك، فإن المادة 4 تنص على أن أي تدابير تتخذها الدول الأطراف التي لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بموجب العهد الدولي يجب ألا تكون منافية "للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي". وباعتبار إسرائيل من الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة، فإن استعمالها للاعتقال الإداري الطويل الأجل بغرض احتجاز الأشخاص الذين يتمتعون بحماية تلك الاتفاقية كرهائن، يمثل انتهاكاً للحظر المطلق الذي تفرضه تلك الاتفاقية على احتجاز الرهائن (المادة 34)، وما تنص عليه من ضرورة احتجاز الأشخاص المحميين في البلد المحتل (المادة 76) ، وأن يكون الاحتجاز "لأسباب أمنية قهرية" (المادة 78، التوكيد مضاف) .
وتعتقد منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن استعمال إسرائيل للاعتقال الإداري الطويل الأجل واحتجاز الرهائن يمثل انتهاكاً "للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وللقانون الإنساني الدولي، ومن المشكوك فيه إذا ما كان يتناسب مع الخطر الذي يتهدد الدولة، فضلاً عن أنه يفتقر إلى "الطابع الاستثنائي والمؤقت" الذي تستوجبه المادة 4. وتعتقد منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أيضاً أن استعمال إسرائيل للاعتقال الإداري الطويل الأجل قد يمثل انتهاكاً للمادة 7 التي تحظر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وقد تصدّت لجنة مناهضة التعذيب في مايو/أيار 1998 لهذا الاحتمال، فذكرت في النتائج والتوصيات التي وجهتها إلى إسرائيل أنه "لابد من إعادة النظر في ممارسة الاعتقال الإداري في الأراضي المحتلة بهدف ضمان اتساقه مع المادة 16 [من اتفاقية مناهضة التعذيب]" (CAT/C/ISR).
(2) التعذيب
تعترض منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بشدة على وصف إسرائيل لقانونها بأنه يحظر استعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وبأنه يوفر الإشراف الفعال على إجراءات الاعتقال والتحقيق. وقد أشارت لجنة مناهضة التعذيب مراراً وتكراراً إلى أن على إسرائيل أن تدرج في قوانينها المحلية أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب، بما في ذلك تعريف التعذيب الوارد في الاتفاقية. وأضافت اللجنة في مايو/أيار 1998 أن استعمال إسرائيل لأسلوب تغطية رؤوس المعتقلين، وهزهم بعنف أثناء التحقيق معهم "يمثل مخالفة للمواد 1 و2 و16 من الاتفاقية، ويجب الكف عن ذلك فوراً". والمعتقد أن إجراءات التحقيق التي حددتها اللجنة هي من الإجراءات التي تسمح بها "قواعد لانداو" السرية الإسرائيلية، وأوصت اللجنة أيضاً بأن "تنشر تلك المبادئ التوجيهية بأكملها على أية حال" (CAT/C/ISR). ويُعتقد أن معتقلاً واحداً على الأقل، هو عبد الصمد حريزات، قد توفي نتيجة هزّه بعنف أثناء التحقيق معه.
وإلى جانب امتناع إسرائيل عن النص صراحة على حظر التعذيب، فإن التشريع الذي تشير إليه في تقريرها باعتباره القانون الذي يضع المادة 7 موضع التنفيذ (CCPR/C/81/Add 13 paras. 169-174) قد تلاشى تأثيره فعلياً بسبب لجوء الدولة المتكرر إلى "الدفع بمبدأ الضرورة" تبريراً لاستعمال التعذيب. ويستند هذا المبدأ إلى المادة 34 (11) من قانون العقوبات، التي تنص على ما يلي:
لا يتحمل الشخص مسؤولية جنائية عن فعل كانت له ضرورة مباشرة من أجل إنقاذ حياته أو حريته أو شخصه أو ممتلكاته، أو حياة فرد آخر أو حريته أو شخصه أو ممتلكاته، من خطر عملي يتمثل في الضرر البالغ النابع من الظروف القائمة وقت ارتكاب الفعل والتي لا تتيح له أي خيار آخر سوى ارتكابه.
ورغم أن القانون الإسرائيلي يسمح بالمراجعة القضائية لمزاعم وقوع الانتهاكات أثناء التحقيق (CCPR/C/81/Add.13 paras. 188-191)، فالواقع هو أن المحكمة العليا تقبل بصورة روتينية ما تقول به الدولة من تبرير لاستعمال القوة الجسدية في التحقيق ابتغاء الحصول على المعلومات المطلوبة بصورة عاجلة من أجل إنقاذ الأرواح أو الممتلكات.

ومن المثالب الأخرى الخطيرة في إجراءات المراجعة القضائية ما درجت عليه المحكمة العليا من قبول استخدام الضغط الجسدي أثناء التحقيق ما دام لم ينتهك القانون الإسرائيلي، مع امتناعها عن البت فيما إذا كانت بعض أساليب التحقيق المحددة تنتهك القانون في الواقع. بل إن عزوفها عن البت فيما إذا كانت ممارسات معينة تشكل تعذيباً يتجلى حتى في الحالتين اللتين تستشهد بهما إسرائيل في تقريرها؛ ففي قضية البلبيسي (CCPR/C/81/Add. 13 para. 189)، حكمت المحكمة العليا بإلغاء الحظر المؤقت على "استخدام القوة الجسدية" في التحقيق دون تعليق على الطلب الذي تقدم به مستأنف الحكم بالنص صراحة على استبعاد أسلوب الهز العنيف، مما يوحي بأن استعماله لا يُعدُّ مخالفاً للقانون، وفي قضية حمدان (CCPR/C/81/Add. 13, para. 190)، حكمت المحكمة مرة ثانية بإلغاء الحظر المؤقت على استعمال القوة الجسدية دون تعليق على الوسائل المستخدمة، قائلة "إننا لم نتلق أية معلومات بشأن أساليب التحقيق التي ينتوي الخصم استعمالها، ونحن لا نعبر عن أي آراء بشأنها" . وأخيراً وافقت المحكمة العليا على التصدي لمسألة قانونية بعض إجراءات التحقيق المحددة في يناير/كانون الثاني 1998، ولكنها أجّلت عقد جلسات إضافية بعد أن استمعت إلى شهادة النيابة في مايو/أيار. وقال أحد أعضاء المحكمة العليا إيضاحاً لذلك التأجيل إن على الكنيست أن يصدر التشريعات التي تحدد أساليب التحقيق القانونية.
وقد ورد أن وزارة العدل تقوم حالياً، استجابة للموقف الذي اتخذته المحكمة العليا، بإعداد مشروع تعديل لقانون مكافحة الإرهاب (1948) بحيث يقر صراحةً استعمال الضغط الجسدي في التحقيق، بما في ذلك أساليب التحقيق التي يُعتقد أن "قواعد لانداو" السرية تسمح بها، والتي انتهت لجنة مناهضة التعذيب إلى أنها تشكل تعذيباً. وورد أن نص التعديل يسمح باستعمال الضغط الجسدي في التحقيقات ما دامت الأساليب المستعملة تتفق مع المبادئ التوجيهية السرية. وقد حذفت مادة مماثلة من مشروع نص سابق "لقانون جهاز الأمن العام" في أعقاب الاحتجاجات الواسعة النطاق من جانب منظمات حقوق الإنسان. وما يزال المشروع الحالي لنص "قانون جهاز الأمن العام" يسمح بوضع مبادئ توجيهية سرية للتحقيق، ويمنح موظفي الجهاز حصانة من المسؤولية الجنائية ماداموا يتصرفون "بحسن نية وعلى نحو معقول أثناء قيامهم بواجباتهم"، وهذا من شأنه تقليل الضمانات القانونية التي تحمي الأشخاص من التعذيب. وينص مشروع القانون أيضاً على أن قيام أي فرد من أفراد جهاز الأمن العام أو اللجنة البرلمانية التي تشرف على الجهاز بالكشف عن أية معلومات دون إذن سابق يعتبر جريمة جنائية.
وتعتقد منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن استخدام إسرائيل للقوة الجسدية في التحقيق يعتبر انتهاكاً للمادة 7 من العهد الدولي.
إن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تحث اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على ما يلي:
· أن تطلب من إسرائيل تقديم معلومات بشأن تنفيذها للعهد الدولي في الأراضي التي تحتلها في الضفة الغربية وغزة والجولان وجنوب لبنان، وفقاً لما تقضي به المادة 40 (ب) من العهد الدولي، والقاعدة 70(2) من اللائحة الداخلية للّجنة (CCPR/C/3/Rev. 5).
· أن تشجب ممارسة الاعتقال الإداري للأفراد، لأسباب لا تتعلق بالحالة الخاصة لكل منهم، أي في ظروف يكون فيها الاعتقال وسيلة وحسب للضغط على الآخرين والتأثير في أفعالهم.
· أن تشجب استخدام إسرائيل للتعذيب أثناء التحقيق، وأن تكرر ما يتضمنه العهد الدولي من حظر مطلق للتعذيب. وإلى جانب ذلك فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تدعو اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن توصي دولة إسرائيل بالقيام بما يلي:
· أن تكف فوراً عن استعمال التعذيب، وتعدل القانون المحلي حتى يتفق مع ما ينص عليه العهد الدولي من حظر للتعذيب، بما في ذلك اعتماد تعريف للتعذيب يتسق مع القانون الدولي، وأن تعلن على الملأ المبادئ التوجيهية التي تحكم إجراءات التحقيق.
· أن تضع على الفور حداً لأسلوب احتجاز المعتقلين كرهائن، سواء داخل إسرائيل أو في الأراضي الخاضعة لسيطرتها، ويجب الإفراج فوراً عن الأشخاص المحتجزين باعتبارهم "وسائل للمساومة".
· وفي حالة استمرار إسرائيل في اعتقال الأشخاص إدارياً في إطار حالة طوارئ معلنة، ولأسباب خاصة بكل حالة فردية على حدة، فإن عليها تنقيح قوانينها لضمان تمتع كل معتقل بالحقوق التالية كحد أدنى:
- الحق في المثول أمام سلطة قضائية أو سواها على وجه السرعة بعد القبض عليه.
- الحق في تلقي إيضاح لحقوقه فور القبض عليه، بلغته الأصلية، أو بعد القبض عليه بمدة يسيرة، وإبلاغه بالأسباب المحددة والتفصيلية والخاصة بحالته، والتي دعت إلى حرمانه من حريته.
- الحق في الاتصال مباشرة بالأسرة والمحامي والطبيب.
- حق الشخص في الطعن في قانونية اعتقاله في جلسة قضائية عادلة، وبصفة دورية إذا اقتضى الأمر، وإطلاق سراحه، والسماح له بطلب التعويض إذا كان الاعتقال تعسفياً أو غير قانوني.
- الحق في التقدم بشكوى إلى سلطة قضائية بشأن سوء المعاملة.
· وإلى جانب ما تقدم، يتعين ضمان التنفيذ الإداري والقضائي لهذه الحقوق بتعديل القوانين المحلية بحيث: - تقرّ بأن القانون الدولي لا يسمح بالاعتقال الإداري للأفراد دون أجل مسمىً لمجرد اتخاذهم رهائن أو وسائل للمساومة من أجل الأمن القومي.
- تضمن تمتع كل فرد محتجز بموجب أمر عسكري بالحق في الطعن في المراجعة السريعة لأمر الاعتقال، وإبلاغه بحقه في توكيل محامٍ للتقدم بهذا الطعن، وحقه في استئناف أي حكم يصدر ضده في غضون مهلة محددة ومناسبة. - تضمن أن المراجعة القضائية للاعتقال بموجب قانون سلطات الطوارئ (الاعتقال) لسنة 1979 تستوجب من القضاة التحقق من صحة الوقائع التي تقوم عليها الأدلة المقدمة تبريراً لحرمان المعتقل من حريته، وأن يكون حضور المعتقل، أو من يمثله، إلزامياً أثناء الجلسة.
الجزء الاول: هذا التقرير
الجزء الثاني:الملخص والتوصيات
الجزء الثالث : تعليق على التقرير
الجزء الرابع : الملاحق