egypt cover image sinai

ابحثوا عن وطن آخر

عمليات الإخلاء القسرية في رفح المصرية

The Egyptian military destroys a building in Rafah, on the border with the Gaza Strip, during forced evictions between October 20-31, 2014.   Source: https://www.youtube.com/watch?v=DfuOag5s3vM

ملخص

"كنت أعد الطعام والشاي للجنود بيدي، وكانوا يأتون للجلوس في ظل زيتونتنا عندما تقسو عليهم الشمس... قالت لي أمي: ‘الشجرة مسؤوليتك أنت. لقد أطعمتك منها وربيتك من خيرها. حتى في زمن الحرب، كنا نعيش من زيتها عندما كان الجميع عاجزين عن العثور على طعام‘. والآن لا أجد ما أفعله سوى أن أحتضن الشجرة وأقبلها وأقول: سامحيني يا أمي، ماذا بيدي أن أفعل؟‘ـ الحاجة زينب

بين يوليو/تموز 2014 وأغسطس/آب 2015، قامت السلطات المصرية بهدم ما لا يقل عن 3225 من المباني السكنية والتجارية والإدارية والمجتمعية في شبه جزيرة سيناء بطول الحدود مع قطاع غزة، وبالإخلاء القسري لآلاف الأشخاص. ­­­­وتفرقت عائلات ممتدة كان أفرادها يعيشون بجوار بعضهم البعض منذ عشرات السنين، فاضطروا للتخلي عن بيوت متعددة الطوابق كانوا قد بنوها بجوار أقاربهم، وتوارثوها عبر الأجيال. وصارت بعض العائلات بلا مأوى، فسكنت الخيام أو الأكشاك المقامة في الخلاء، أو في تجمعات عشوائية. كما جرّفت السلطات المصرية نحو 685 هكتارا من الأراضي الزراعية المزروعة، فحرمت العائلات من الطعام ومصدر الرزق، وجردت معظم المنطقة الحدودية من أشجار الزيتون والنخيل وبساتين الموالح التقليدية فيها. وأدت عمليات الإخلاء إلى تشتيت العائلات بين بلدات سيناء وقراها، وحتى القاهرة والدلتا في بعض الحالات. وقد أشارت الحكومة المصرية إلى أن عمليات الإخلاء هذه ربما تستمر.

وكان الجيش المصري قد بدأ هدم المباني المحاذية للحدود في يوليو/تموز 2013، كجزء من خطة أعيد إحياؤها، رغم سبق تدارسها لوقت طويل، لإنشاء "منطقة عازلة" بين سيناء وقطاع غزة. وتسارعت وتيرة عمليات الهدم بعد 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014، عندما قامت جماعة أنصار بيت المقدس المسلحة والمتمركزة في سيناء بتنفيذ اعتداء غير مسبوق على نقطة تفتيش تتبع الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، فقتلت 28 جندياً بحسب تقارير. وفي الشهر التالي قامت أنصار بيت المقدس بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، المعروف أيضاً باسم داعش، كما غيرت اسمها إلى ولاية سيناء.

وقد قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي تولى السلطة في يونيو/حزيران 2014 بعد تنسيق عزل الرئيس محمد مرسي في العام السابق، قال في خطاب متلفز ألقاه في اليوم التالي للاعتداء إن مصر تخوض حرباً "من أجل وجودها". كما أعلن عن فرض حالة الطوارئ لمدة 3 شهور في معظم شمال سيناء، ودعا إلى انعقاد مجلس الدفاع الوطني، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، اللذين وافقا على خطة لإنشاء "منطقة آمنة" بطول الحدود مع غزة. وبعد 5 أيام من الاعتداء، أصدر رئيس الوزراء إبراهيم محلب قراراً بـ"عزل" و"إخلاء" منطقة تبلغ مساحتها 79 كيلومتراً مربعاً وتمتد بطول الحدود مع غزة، وحتى 5-7 كيلومترات داخل سيناء. وقد اشتملت المنطقة العازلة على بلدة رفح بأسرها، البلدة التي يسكنها 75 ألف نسمة وتقع على الحدود مباشرة، إضافة إلى مساحات زراعية كبيرة حول البلدة.

وبررت السلطات المصرية المنطقة العازلة بأنها طريقة لهزيمة التمرد، عبر إغلاق أنفاق التهريب التي قالت إنها تتيح للمقاتلين والأسلحة المرور من غزة إلى سيناء. وتخضع غزة، التي تحكمها حركة حماس الإسلامية الفلسطينية، منذ عام 2007 لحصار إسرائيلي صارم. وقد تعاونت مصر طوال معظم تلك الفترة في فرض الحصار، من خلال فرض قيود مشددة على حركة الأشخاص والبضائع بين غزة وسيناء. وقد عملت الأنفاق كخط إمداد أساسي بين الجانبين.

ووصف مسؤولون مصريون المنطقة العازلة بأنها سبيل لتطهير المنطقة الحدودية  من أجل العمليات العسكرية واستئصال خط الإمداد هذا. كما ظهر على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع تصريح يصف المنطقة العازلة بأنها سبيل "للتخلص أخيراً من مشكلة" الأنفاق"، "أحد المصادر الرئيسية" التي تدخل منها الجماعات المسلحة إلى سيناء وتزود المتمردين "بالسلاح والذخيرة". وقال اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، إن المقصود بالقرار هو "حماية مصر من الإرهاب". وصرح أحد المستشارين بكلية القادة والأركان العسكرية لإحدى الصحف بأن المنطقة العازلة ستحقق فائدتين: وضع المنطقة تحت اختصاص المحاكم العسكرية، وإخلائها من المدنيين، بحيث "تعتبر مسرح عمليات مفتوح".

ورغم أن تجدد التهديد بالعنف من الجماعات المتمردة في 2014 كان يوفر ذريعة مفيدة، إلا أن الحكومة المصرية كانت تتخذ خطوات لإعداد منطقة عازلة منذ سنوات. ففي معرض الرد على الضغوط الإسرائيلية والأمريكية المطالبة بعزل الحدود على نحو أكثر فعالية، أمر الرئيس الأسبق حسني مبارك بإخلاء شريط عرضه 150 متراً من الأرض في 2007، لكن الاحتجاجات أرغمت حكومته على التخلي عن الخطة قبل الشروع فيها. وبعد عامين حاولت حكومة مبارك تشييد جدار حديدي بعمق 18 متراً تحت الأرض بطول الحدود، لكنها أخفقت في هذا.

Satellite images show final building demolition in central Rafah between October 5, 2014 and August 12, 2015. Center Coordinates : Geo-34°14'13.106"E  31°17'15.48"N ; MGRS-36RXV1773762140. Pléiades-1    © CNES 2015/Distribution Airbus DS

صور فضائية تظهر عمليات الهدم الأخيرة في وسط رفح بين 5 أكتوبر/تشرين الأول 2014 و12 أغسطس/آب 2015. إحداثيات المركز: Geo-34°14'13.106"E  31°17'15.48"N ; MGRS-36RXV1773762140. Pléiades-1 © CNES 2015/Distribution Airbus DS

وبحسب نشطاء من سيناء، أعادت الحكومة إحياء فكرة المنطقة العازلة في 2012، في عهد الرئيس مرسي، عندما حظر السيسي ـ وزير الدفاع وقتذاك ـ الملكية الخاصة للأراضي في حدود 5 كيلومترات من غزة. وأعلن السيسي أن هذه الأرض "منطقة استراتيجية ذات أهمية عسكرية"، وهو الوصف الذي يسهل على الجيش، بموجب القانون المصري، مصادرة الممتلكات. وكان قرار المنطقة العازلة الذي أصدره رئيس الوزراء محلب  في أكتوبر/تشرين الأول 2014، والمحتوي على خريطة، يحدد منطقة للإخلاء تماثل قرار السيسي الصادر قبل عامين.

  • وفي أعقاب القرار، أصدر المسؤولون المصريون تصريحات متناقضة بشأن نطاق عمليات الإخلاء المزمعة. فرغم أن الصحف كانت قد نشرت القرار والخريطة الـ79 كيلومترا مربعا بكاملهما، إلا أن المحافظ حرحور زعم في اليوم السابق على صدور القرار أن الجيش يقوم فقط بإخلاء منطقة تمتد لمسافة 500 متراً من الحدود. وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أعلن الجيش أن المنطقة العازلة ستمتد بمقدار كيلومتر واحد. وفي يناير/كانون الثاني 2015، قال حرحور لأحد الصحفيين إن المنطقة العازلة ستعني على الأرجح إخلاء بلدة رفح بأكملها. وفي أغسطس/آب أكد حرحور خطة توسعة إضافية للمنطقة العازلة، بمقدار 1.5 كيلو متر، لتشمل 1200 منزلاً إضافيا.
  • وعلاوة على هذا، فقد بين تحليل هيومن رايتس ووتش لصور القمر الصناعي أن السلطات المصرية بدأت بالفعل في عمليات تهديم واسعة النطاق للمنازل في المنطقة الحدودية منذ ما يزيد على عام قبل صدور قرار المنطقة العازلة في أكتوبر/تشرين الأول 2014، وأن عمليات التهديم تجاوزت بكثير نطاق الشريط الذي يبلغ عرضه 500 متراً والذي وصفه المسؤولون في البداية. وبينت صور القمر الصناعي أن عمليات تهديم المنازل بدأت بعد عزل الجيش لمرسي، بقيادة السيسي، في 3 يوليو/تموز 2013.
  • دمرت السلطات ما لا يقل عن 540 مبنى بطول الحدود في الشهور الـ16 التي توسطت عزل مرسي وقرار أكتوبر/تشرين الأول 2014، يقع 50 منها على مسافة تزيد على 1 كيلومتر من الحدود، بحسب ما توصلت له هيومن رايتس ووتش.. ومع ذلك ففي يوم القرار، زعم المحافظ حرحور أن 122 منزلاً فقط تعرضت للتدمير. وبعد القرار هدم الجيش المصري ما لا يقل عن 2715 مبنى آخر. وفقدت نحو 3200 عائلة منازلها، بحسب الحكومة.
Satellite image shows building explosion in central Rafah on morning of November 13, 2014. Center Coordinates: Geo- 34°14'39.018"E  31°16'16.816"N ; MGRS -36RXV1844360341. Pléiades-1  © 2015 CNES/Distribution Airbus DS

صورة فضائية تظهر تفجير أحد المباني في وسط رفح، صباح يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2014. إحداثيات المركز: Geo- 34°14'39.018"E  31°16'16.816"N ; MGRS -36RXV1844360341. Pléiades-1 © 2015 CNES/Distribution Airbus DS

عمليات الهدم غير المشروع

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع صحفيين ونشطاء من سيناء، و11 عائلة تم إخلاؤها من المنطقة العازلة، وحللت سلسلة زمنية تفصيلية تضم ما يزيد على 50 صورة التقطتها أقمار صناعية تجارية فوق رفح بين 11 مارس/آذار 2013 و15 أغسطس/آب 2015. ووجدت هيومن رايتس ووتش أن التدمير واسع النطاق لما لا يقل عن 3255 مبنى في رفح، لمجابهة تهديد أنفاق التهريب، اتسم على الأرجح بانعدام التناسب، ولم يلب التزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان أو قوانين الحرب.

  • منذ 14 أغسطس/آب 2013، يوم قيام قوات الأمن المصرية باللجوء إلى العنف في فض اعتصامين جماعيين للاحتجاج على عزل مرسي، وقتل ما لا يقل عن 817 شخصا  في يوم واحد، واجهت مصر تمرداً متزايد الخطورة يشنه طيف من الجماعات في أرجاء البلاد، لكنه اتسم بشدة خاصة في شمال سيناء.
  • ولا يعرف سوى القليل عن المتمردين في سيناء. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، قال مسؤولون غربيون لصحيفة "نيويورك تايمز" إن جماعة التمرد الرئيسية، جماعة ولاية سيناء- التي كانت لا تزال معروفة آنذاك باسم أنصار بيت المقدس - ربما تضم بين صفوفها بضعة مئات من المقاتلين أو ربما "بضعة آلاف". ونادراً ما تقوم جماعة ولاية سيناء بتقديم أية تفاصيل عن نفسها. فلم تسم الجماعة قائدها قط، ولا وصفت تنظيمها، ولم تشر علناً إلى أكثر من بضعة عشرات من مقاتليها بالاسم.
  • ورغم أن الجماعة شنت مداهمات متفرقة وهجمات بالصواريخ على إسرائيل في السنوات السابقة على عزل مرسي والقتل الجماعي لمؤيديه، إلا أنها بحلول سبتمبر/أيلول 2013 كانت قد حولت انتباهها نحو حكومة السيسي والجيش، فتعهدت بأن"تقتص للمسلمين من كل من ساهم في قتلهم واعتدى عليهم". وفي ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام أعلنت أن الجيش المصري "كافر، يحارب كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية".
  • ومنذ 2013، أثبت المتمردون قدرتهم على شن حملة متزايدة التعقيد ضد الجيش المصري وقوات الأمن في شمال سيناء، مع الاستمرار في تنفيذ الهجمات على قوات الأمن والمباني التابعة لها في القاهرة ومنطقة الصحراء الغربية وغيرهما. فعلاوة على هجوم أكتوبر/تشرين الأول 2014، شنت الجماعة هجمات متزامنة وكبيرة على المواقع الحكومية في شمال سيناء في يناير/كانون الثاني 2015 ويوليو/تموز 2015، قتل فيها على الأرجح ما يزيد مجوعه على 100 من الجنود المصريين، بحسب المنافذ الإعلامية المحلية. وربما كان هجوم 1 يوليو/تموز 2015 على مواقع الجيش والشرطة في بلدة الشيخ زويد بشمال سيناء أكبر هجوم تمردي في تاريخ مصر الحديث، وكان يمثل المرة الأولى التي ينجح فيها متمردون في سيناء في الاستيلاء المؤقت على أرض مأهولة. ولم تفلح سوى هجمات القوات الجوية المصرية بمقاتلات "إف 16" في طرد المقاتلين من الشيخ زويد، بعد 12 ساعة من القتال. كما استخدمت جماعة ولاية سيناء الصواريخ الموجهة المتطورة في تدمير دبابات، وإسقاط مروحية عسكرية مصرية واحدة على الأقل، وإصابة واحدة على الأقل من قطع البحرية المصرية بتلفيات جسيمة.
  • وقد توفي أكثر من 3600 شخص، بينهم مدنيون وأفراد من قوات الأمن والمتمردين المزعومين، في شمال سيناء بين يوليو/تموز 2013 ويوليو/تموز 2015، بحسب تقارير إعلامية وتصريحات حكومية جمعها معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط الذي مقره في واشنطن.
  • وتفيد تقارير بأن حوالي 2650 شخصاً، أو نحو 73 بالمئة من المتوفين، لقوا حتفهم منذ الهجمة الكبرى الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2014.[1] وربما يرقى هذا القتال المستمر، بين الجيش المصري وجماعة ولاية سيناء في المقام الأول، إلى مصاف النزاع المسلح غير الدولي، مما يعني خضوع سلوك الطرفين للقانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب.[2]
  • وبموجب قوانين الحرب، يجوز للقوات المسلحة المصرية إغلاق الأنفاق الجاري استخدامها لإرسال الأسلحة والعتاد إلى الجماعات المسلحة التي تحاربها، والرد على أي هجوم على قواتها، واتخاذ تدابير وقائية لتجنب المزيد من الهجمات. لكن تلك التدابير تخضع لتنظيم صارم تفرضه بنود القانون الدولي الإنساني، الذي يشترط على جميع الأطراف التمييز بين المدنيين والمحاربين. فلا يجوز للجيش المصري الهجوم على المباني المدنية أو تدميرها إلا عند تحولها إلى أهداف عسكرية، وتقديمها لـ"مساهمة فعالة" في العمل العسكري. كما تحظر قوانين الحرب التهجير القسري للمدنيين، "ما لم يقض بهذا أمن المدنيين أو أسباب عسكرية حتمية".
  • وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن التدمير واسع النطاق للمنازل وغيرها من المباني في رفح لم يلب اشتراط قوانين الحرب ألا يقوم الجيش المصري إلا باستهداف الأهداف العسكرية المحددة فقط. لم تراع عمليات التهديم أي تمييز بين الأنفاق والمنازل المدنية، كما كان يمكن لوسائل أقل تدميراً أن تعمل على الحد من التهريب عبر الأنفاق، وقد حققت هذا بالفعل، بحسب تقارير إعلامية. ففي يوليو/تموز 2013 حينما بدأ الجيش في عمليات التهديم على الحدود مع غزة، قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن الجهود المصرية الجارية لإغلاق الأنفاق من خلال التهديم أو الإغراق قد نجحت، مزيلة جميع الأنفاق عدا 10 ربما.
  • وعلاوة على هذا، فمصر تمتلك على الأرجح القدرة على رصد واستئصال أنفاق محددة من دون اللجوء إلى التدمير التعسفي لمنطقة عازلة. في 2008 و2009، وحسب تقارير إعلامية ووزارة الدفاع الأمريكية، قام سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي بتدريب القوات المصرية على استخدام معدات تقنية متقدمة تقيس تقلبات الأرض لتشير إلى وجود حفر للأنفاق. وفي أغسطس/آب 2013، منحت وزارة الدفاع الأمريكية شركة رايثيون الدفاعية عقدا بقيمة 9.9 مليون دولار لمواصلة الأبحاث والتطوير في مصر لنسختها من هذه التقنية، المعروفة برادار الليزر مستشعر الاهتزاز.
  • ورغم أن الأنفاق بين غزة وسيناء قد تعد أهدافاً عسكرية مشروعة في بعض الحالات، إلا أن هيومن رايتس ووتش وجدت كذلك أن مدى مساهمتها الفعالة في القدرات العسكرية لجماعة ولاية سيناء، أو في التمرد بصفة عامة،  يتسم بعدم الوضوح. فبحسب تقارير إعلامية وتصريحات حكومية على السواء، تم تهريب معظم الأسلحة الثقيلة المستخدمة في سيناء، بما فيها مدافع رشاشة ثقيلة ، والصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، والصواريخ المضادة للدبابات، من ليبيا على الأرجح، وشراؤها وتخزينها وبيعها في سيناء. وقد أبدى مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون القلق بشأن تهريب الأسلحة من سيناء إلى غزة، ولكن نادراً ما تطرقوا إلى العكس. بل إن المنطقة العازلة تبدو مهمة لأمن إسرائيل بقدر ما هي مهمة للأمن المصري.
  • وفي مقابلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، قال السيسي: "عندما نتخذ إجراءات أمنية في سيناء فإن هذه الإجراءات تؤكد سيادتنا على سيناء، التي هي جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية. ولن نسمح لأحد بشن هجمات من أراضينا على الجيران أو على إسرائيل". وأضاف: "المنطقة العازلة أمر كان مفروض يتعمل من سنين طويلة فاتت لأن هي كان لها تأثير كبير على الأمن في سيناء ويمكن الأمن في مصر كمان.. احنا بنعمل هذا الأمر بمنتهى التفاهم مع سكان مصر في سيناء، وفي حصل لقاءات مع أهل هذه المنطقة، للتفاهم معهم وتعويضهم، وكمان عشان ننشيء مدينة رفح الجديدة بالشكل اللي يليق بيهم".
  • وسواء بلغ القتال في شمال سيناء مصاف النزاعات المسلحة غير الدولية من عدمه، يظل القانون الدولي لحقوق الإنسان منطبقا وملزما للسلطات المصرية. انتهكت حملة الهدم التي بدأت منذ يوليو/تموز 2013 هذه القوانين، وبالتحديد الحق في السكن، المبين في الاتفاقيات الأممية والأفريقية التي دخلت مصر طرفاً فيها. إن هذا الحق يوفر تدابير حماية محددة أثناء عمليات الإخلاء، من قبيل: التشاور الجدي مع الأشخاص الخاضعين للإخلاء، والإنذار الكافي والمعقول، ومعلومات عن الإخلاء والاستخدام المستقبلي للأرض، وسبل الجبر والتظلم القانونية، والمساعدة القانونية. فالقانون الدولي يحظر "الإخلاء القسري"، المعرّف بأنه إجلاء الأشخاص أو العائلات أو المجتمعات المؤقت أو الدائم، رغم إرادتهم، عن منازلهم أو أرضهم، بدون سبيل للتوصل إلى أشكال مناسبة من الحماية القانونية أو غيرها.
Video shows the active deployment of dozens of Egyptian government soldiers and at least three armored personnel carriers (APCs) next to a military base along the border with Gaza. Excavator is visible in adjacent courtyard demolishing a wall and small building. Recorded between February 28 – April 12, 2014. Video Location- Geo-34°14'20.186"E 31°17'41.961"N; MGRS-36RXV1791762959.    Source: https://www.youtube.com/watch?v=o1SsydWVCNI

مقطع فيديو يظهر النشر النشط لعشرات الجنود المصريين وما لا يقل عن ثلاثة من حاملات الأفراد المدرعة بجوار قاعدة عسكرية بطول الحدود مع غزة. وتظهر في الفناء المجاور حفارة تهدم جداراً ومبنى صغيراً. تم التصوير بين 28 فبراير/شباط و12 أبريل/نيسان 2014. موقع الفيديو:

Geo-34°14'20.186"E 31°17'41.961"N; MGRS-36RXV1791762959. المصدر: ttps://www.youtube.com/watch?v=o1SsydWVCNI

Two wheeled and tracked APCs parked with soldiers observing residents remove their belongings on to pickup truck before demolition. Recorded between October 20 – 31, 2014. Video location: Geo-34°14'28.365"E 31°17'18.796"N; MGRS: 36RXV1814262246.  Source: https://www.youtube.com/watch?v=DfuOag5s3vM

مقطع فيديو يظهر جنوداً يضعون شحنات التفجير ويوصلون أسلاكها في مبنى يتم هدمه فيما بعد.

Video shows soldiers setting and wiring the demolition charges in building that is later demolished.

مقطع فيديو للمبنى بعد ثوان من هدمه بشحنة عالية التفجير من جانب جنود الحكومة. تم التصوير بين 1 و4 نوفمبر/تشرين الثاني 2014. موقع الفيديو: Geo-34°14'46.823"E, 31°16'31.159"N; MGRS-36RXV1864460785. المصدر: خاص.

Video of the building seconds after the detonation of high explosives by government soldiers. Recorded November 1-4, 2014. Video location: Geo-34°14'46.823"E, 31°16'31.159"N; MGRS-36RXV1864460785.  Source: Private

اثنتان من حاملات الأفراد المدرعة، إحداهما بعجلات والأخرى مجنزرة، وبهما جنود يراقبون السكان أثناء تحميل أمتعتهم على شاحنات "بيك-أب" قبل الهدم. تم التصوير بين 20 و31 أكتوبر/تشرين الأول 2014. موقع الفيديو: Geo-34°14'28.365"E 31°17'18.796"N; MGRS: 36RXV18142

  • كما أن مصر ملزمة بحماية الحق في الملكية، المبين في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، التي هي طرف فيه. ويتضمن هذا الاعتراف بحق الأفراد والجماعات في ملكية المنازل والأراضي التي شغلوها تقليدياً، سواء كانت معهم وثائق مكتوبة أم لا. وينبغي أن تكون عمليات الإخلاء بمثابة الملجأ الأخير، وأن تكون مصحوبة بتعويض عادل.

وقد قال السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش المصري لم يزودهم بإنذار مكتوب بقرب الإخلاء، وإن العديد من السكان سمعوا بعمليات الهدم المزمعة من دوريات الجيش أو من الجيران أو المنافذ الإعلامية. وفي بعض الأحيان كان هؤلاء السكان، الذين يقال لهم إن عليهم حزم متاع حياتهم والرحيل خلال 48 ساعة، يضطرون للانتظار طوال أسابيع لتنفيذ الهدم، ويضطرون للعيش في منازل أخلوها على عجل، وسط أحياء مهجورة في معظمها، أغلقت متاجرها أبوابها، وانقطعت عنها خدمات المياه والكهرباء الحكومية. وقد قدمت الحكومة للعائلات تعويضاً نقدياً ضئيلاً وغير كاف، يدفع مرة واحدة، قدره 900 جنيه مصري (118 دولار أمريكي) لتغطية الإيجار لمدة 3 أشهر، أثناء بحثهم عن منزل جديد لهم ولأقاربهم.

  • كما قدمت الحكومة المصرية تعويضاً للسكان عن منازلهم، لكن معظم العائلات قالت إن التعويض غير كاف لشراء عقارات تضارع مستواهم المعيشي السابق، وإن العملية تتسم بالإعتام وتفتقر إلى أية آلية للاعتراض. فقد تم إكراه السكان على التوقيع على إقرار يزعم زوراً أنهم وهبوا ممتلكاتهم للدولة طواعية، وتعهدوا بعدم العودة للبناء داخل المنطقة العازلة. وكان موظفو مجلس مدينة رفح يرفضون إعطاء شيك التعويض للعائلات إذا لم يوقعوا على الإقرار. ولم تقدم الحكومة أي تعويض عن الأرض الزراعية، حتى الأراضي التي كانت العائلات تزرعها أو تؤجرها للغير، معتبرة إياها أراضي "فضاء". ولم تقدم الحكومة تعويضاً لأي شخص يمتلك عقاراً يزعم اكتشاف نفق أو مدخل نفق بداخله.
  • ولم يبد أن لدى الحكومة المصرية خطة لضمان عدم تأثير عمليات الإخلاء في تعليم الأطفال. فقد دمر الجيش ما لا يقل عن 6 مدارس في المنطقة العازلة، وقالت العائلات لـ هيومن رايتس ووتش إنهم وجدوا صعوبات في تحويل أطفالهم إلى مدارس جديدة خارجها. وقالت إحدى العائلات إنها لم تتمكن من إيجاد مدرسة جديدة، بينما قالت أخريات إنها أدخلت أطفالها المدارس بمعونة أصدقاء للعائلة في الحكومة.
  • وقد تمت عمليات الإخلاء في رفح وسط حملة مستمرة تشنها الحكومة المصرية لمكافحة التمرد، وتتضمن عمليات اعتقال واعتداءات واسعة النطاق ضد مواقع المتمردين المزعومة في المنطقة. ومنذ هجوم المتمردين في أكتوبر/تشرين الأول 2014 على نقطة التفتيش التابعة للجيش، خضع قسم كبير من شمال سيناء لحظر تجول وحالة طوارئ. وقال أحد السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش استخدم الكلاب لترهيب أصحاب المنازل أثناء عمليات الإخلاء، وفي إحدى الحالات في أوائل 2014 تم التقاط استخدام الكلاب في مقاطع فيديو منشورة على يوتيوب. وأظهر مقطع فيديو آخر تم تقديمه لـ هيومن رايتس ووتش، وجرى تصويره في الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2014، إحدى دبابات الجيش المصري، أمريكية الصنع من طراز إم60 تطلق النار على مبنى على الحدود، بغرض هدمه على ما يبدو. وفي واقعة بتاريخ 10 أكتوبر/تشرين الأول 2014، تم تداولها على نطاق واسع بعد نشرها على يوتيوب، وتحققت منها هيومن رايتس ووتش، اعتدى جنود الجيش قرب نقطة تفتيش الجورة، جنوب غرب رفح، بالضرب المبرح على اثنين من رجال سيناء، كان أحدهما مصاباً بالفعل على ما يبدو، ويرتدي ثياباً ملطخة بالدماء، قبل دفعهما داخل غرفة خالية من العلامات، يحتجز بها 3 أشخاص آخرون على الأقل. كما وتعرض المدنيون إلى الترهيب والاعتداء من قبل المتمردين. وقد دمرت جماعة ولاية سيناء ممتلكات المتعاونين المزعومين مع الحكومة، وقتلت وأحيانا قامت بقطع رؤوس آخرين.
  • ولم تنتقد عمليات الإخلاء غير قلة من الأصوات في مصر، كما طالب العديد من المنافذ الإعلامية القوات المسلحة باتخاذ إجراءات قاسية في شمال سيناء. وبعد هجوم أكتوبر/تشرين الأول 2014 على نقطة التفتيش، ظهر مسؤولون أمنيون حاليون وسابقون في البرامج الإخبارية التلفزيونية بالقنوات الخاصة، قائلين إنه "لا حاجة للتفاهم" مع سكان شمال سيناء، وإن "هؤلاء الأبرياء المزعومون هم الذين يؤوون الإرهابيين ويحمونهم". وقال المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقريره السنوي إن عمليات الإخلاء قانونية والتعويض عادل. وفي جميع الحالات تقريباُ رفضت الحكومة السماح للصحفيين والمنظمات الحقوقية بالوصول إلى شمال سيناء. وقال رئيس قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري إنهم لا يستطيعون بث أحداث سيناء بدون تعليمات وإذن من القوات المسلحة.
  • ولم تحظ عمليات الإخلاء بأي تمحيص أو إدانة دوليين تقريباً. فقد أتى رد الفعل الأمريكي عليها بالموافقة. وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول 2014، قال ناطق باسم الخارجية الأمريكية، في إشارة إلى المسؤولين المصريين، "نحن ندرك التهديد الذي يواجهونه من سيناء" وإن "مصر لها الحق في اتخاذ خطوات للحفاظ على أمنها". كما لم تصدر إدانة من حلفاء مصر في الخليج، ولا الدول المتعاطفة في الاتحاد الأوروبي، بما فيها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة.

وتدعو هيومن رايتس ووتش الحكومة المصرية إلى وقف عمليات الإخلاء القسري بطول الحدود مع غزة، ودراسة إمكانية تدمير الأنفاق باستخدام وسائل أقل تدميراً. وتدعو هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة، التي تزود مصر بمعظم ما تستخدمه من معدات عسكرية، إلى أن ضمان قدرتها على إجراء تدقيق قوي بشأن حقوق الإنسان في ما يتعلق باستخدام كافة المساعدات العسكرية الأمريكية وألا تزود مصر بأي معونة عسكرية يكون هناك خطر لاستخدامها في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وتدعو هيومن رايتس ووتش مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالسكن إلى طلب زيارة عاجلة لمصر، وتدعو مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى تبني قرار مشترك يبدي القلق من الأوضاع الحقوقية في مصر.

التوصيات

للحكومة المصرية

  • أن توقف عمليات الهدم والإخلاء الجماعية في المنطقة العازلة، التي ربما تنتهك الحظر المفروض بموجب قوانين الحرب على الاعتداء على الأعيان المدنية أو تهجير المدنيين.
  • أن تضمن للمدنيين المهجرين بسبب الإخلاء بالفعل، والمحتاجين إلى إيواء مؤقت عاجل، حصولهم عليه، بموجب قرار المنطقة العازلة وبنود القانون الدولي والمصري.
  • ألا تستأنف عمليات الهدم والإخلاء لحين دراسة إمكانية تهديم الأنفاق باستخدام وسائل أقل تدميراً وضمان تلبية عمليات الإخلاء لتدابير الحماية المبينة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك: الإنذار المسبق والتشاور، والتعويض الكافي، وسبل الجبر والتظلم والمساعدة القانونية.
  • أن توفر سبل الوصول الفوري بغير معوقات، والتعاون مع المراقبين المستقلين، والصحفيين، ومراقبي حقوق الإنسان.
  • أن توفر تعويضات عن الأراضي الفضاء أو الزراعية، وجميع الممتلكات الأخرى التي تمت مصادرتها أو تدميرها أثناء عملية الإخلاء، وأن تضمن كفاية التعويض السابق تقديمه عن المنازل وغيرها من الممتلكات المهدمة.
  • أن تحاول تزويد السكان المهجرين بمنازل وأراض مماثلة لتلك التي امتلكوها، بغية الحفاظ على تراثهم وأسلوب معيشتهم.
  • أن تحتفظ بإحصائيات دقيقة عن الممتلكات المدمرة وأن تتيح تلك المعلومات للجمهور على وجه السرعة.
  • أن تسمح لمن تم إخلاؤهم أو تسليمهم إنذارات بالإخلاء بالطعن العلني على قرارات الإخلاء أمام المحاكم وفق القانون المصري.
  • أن تعدل قانون نزع الملكية لإلغاء حكم السجن لرافضي الإخلاء.

للولايات المتحدة

  • أن تضمن حصول السفارة الأمريكية في القاهرة على ما يكفي من الدعم المالي والفني والأفراد لتنفيذ تدقيق سليم لحقوق الإنسان لكافة المساعدات العسكرية والأمنية الأمريكية وقدرة السفارة على إجراء رصد كامل لاتفاقيات المستخدم النهائي بشأن المعدات العسكرية الأمريكية في شبه جزيرة سيناء.
  • عدم تزويد مصر بأية أسلحة أو مساعدات عسكرية أخرى يكون هناك خطر لاستخدامها في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.
  • أن تحث الحكومة المصرية على الامتناع عن عمليات الهدم الجماعي، وبخاصة من دون إنذار مسبق أو كاف للسكان وألا تستئنف حملة الهدم لحين تلبيتها بوضوح للمعايير الدولية.
    • أن تحث الحكومة المصرية على توفير إسكان مؤقت وتعويضات كافية لكافة السكان المهجرين المحتاجين.
  • أن تحث الحكومة المصرية على السماح للصحفيين والمراقبين المستقلين بالوصول إلى سيناء.

للأمم المتحدة

  • يتعين على المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق أن يطلب زيارة عاجلة لمصر، وأن يرصد الوضع في رفح ويصدر تقريراً عن عمليات الإخلاء القسري.
  • يتعين على المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب أن يكرر طلبه بزيارة متابعة لمصر، وأن يراقب الوضع في رفح.
  • يتعين على أعضاء مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن يتبنوا قراراً بالتعبير الجماعي عن القلق تجاه الوضع الحقوقي في مصر، وأن يدعوا الحكومة المصرية إلى ضمان اتفاق سياساتها لمكافحة الإرهاب التام مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

منهجية البحث

يستند هذا التقرير إلى مقابلات مع صحفيين ونشطاء من سيناء، و13 عائلة تم إخلاء أفرادها من المنطقة العازلة، وكذلك إلى تحليل لسلسلة زمنية تفصيلية لما يزيد على 50 صورة عالية وبالغة الوضوح التقطتها الأقمار الصناعية التجارية فوق رفح. وقد غطت صور الأقمار الصناعية كامل المنطقة الحدودية مع غزة، واستخدمت لتقييم المنطقة، وإيقاع عمليات الهدم وتوقيتها، وتقييم شهادات الشهود والتصريحات الحكومية، وتقدير العدد المطلق للمباني المدمرة حتى 15 أغسطس/آب 2015. كما استخدمت هيومن رايتس ووتش الصور للتعرف على أساليب الهدم التي استخدمها الجيش المصري، وكذلك للتحقق من مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والمقدمة لـ هيومن رايتس ووتش بشكل شخصي على السواء، والتي التقطت حملة الهدم منذ أوائل 2014 وما بعدها.

وقد دأبت السلطات المصرية منذ وقت طويل على تقييد وصول الصحفيين والمنظمات الحقوقية إلى محافظة شمال سيناء. ومنذ يوليو/تموز 2013 على الأقل، حينما قام الجيش بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبدأت هجمات المتمردين تتزايد، صارت الحكومة تعامل شمال سيناء على أنه منطقة عسكرية مغلقة. فرفضت الحكومة طلبات الزيارة من بعض الصحفيين، بينما توقفت منافذ إعلامية أخرى ببساطة عن تقديم الطلبات.[3] وتوصل بعض الصحفيين والعاملين الحقوقيين المصريين والأجانب إلى زيارة شمال سيناء بشكل غير رسمي، وتحت طائلة الاعتقال. ففي 2013، أدين اثنين من الصحفيين المصريين العاملين في شمال سيناء أمام محاكم عسكرية، وتلقوا أحكاماُ مع وقف التنفيذ، بينما حكم على ثالث بالسجن لمدة عام واحد.[4] أما الصحفيون الذين يسافرون إلى شمال سيناء بعلم الحكومة فهم يخضعون لرقابة صارمة ولا يسافرون إلا بعد الحصول على تصريح من "الأمن الوطني" أو بإذن من ضباط عسكريين محليين أفراد.[5] وبحسب رئيس قطاع الأخبار في اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، لا يستطيع صحفيو القطاع البث من سيناء بدون تعليمات وإذن من القوات المسلحة.[6] وبموجب القانون المصري لمكافحة الإرهاب، الصادر في 15 أغسطس/آب 2015، يقع أي شخص ينشر معلومات عن عمليات إرهابية أو عمليات لمكافحة الإرهاب تناقض المعلومات الحكومية الرسمية تحت طائلة الغرامة والمنع من العمل لمدة عام واحد.[7]

وبسبب تلك القيود، ولأن هيومن رايتس ووتش ليس لها مكتب في مصر، لم يسع باحثو هيومن رايتس ووتش إلى زيارة شمال سيناء من أجل إعداد هذا التقرير.

وفي سبيل حماية من أجريت معهم المقابلات المذكورين في هذا التقرير، قامت هيومن رايتس ووتش بتغيير جميع الأسماء وحذف المعلومات التي من شأنها المساعدة في التعرف على تفاصيل عنهم. أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع عائلتين، طلبتا في وقت لاحق بعدم استخدام المعلومات التي أدلوا بها، ولم تدرجها هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير.

وقد اتصلت هيومن رايتس ووتش بالمكاتب والهيئات المصرية التالية مسبقاً قبل التقرير، وعن طريق الفاكس، بين 9 و16 يوليو/تموز: وزارة الخارجية، وديوان الرئاسة، ومجلس مدينة رفح، ومكتب محافظ شمال سيناء، ومجلس الوزراء، والمجلس القومي لحقوق الإنسان. وقام متحدث باسم ديوان الرئاسة بتوجيه هيومن رايتس ووتش، عن طريق البريد الإلكتروني، للاتصال بالمتحدث باسم وزارة الخارجية. فاتصلت هيومن رايتس ووتش بالمتحدث باسم وزارة الخارجية مرة ثانية لنقل هذه المعلومات. ولم تقدم أي من الهيئات التي اتصلت بها هيومن رايتس ووتش أي رد آخر حتى توقيت نشر التقرير.

I. خلفية

التمرد في سيناء

يمكن القول بأن الجذور الحديثة للنزاع الراهن في سيناء ترجع إلى عام 2004، حينما تسببت 3 تفجيرات متزامنة، بما فيها عملية تفجير في فندق على الحدود مع إسرائيل، في مقتل 34 شخصاً وجرح ما يزيد على 100.[8] في العام التالي، يوم 23 يوليو/تموز، انفجرت 3 قنابل في بلدة شرم الشيخ السياحية، فقتلت ما لا يقل عن 88 شخصاً.[9] ثم قتل ما لا يقل عن 30 شخصاً في العام التالي، يوم 24 أبريل/نيسان، عندما تم المزيد من عمليات التفجير في دهب، وهي بلدة سياحية أخرى.[10] وقعت الهجمات الثلاث جميعا في أو قريبا من توقيتات رمزية في التاريخ المصري: عبور الجيش لقناة السويس أثناء حرب مصر عام 1973 مع إسرائيل؛ ثورة 1952؛ وانسحاب إسرائيل من سيناء في 1982.

ردت السلطات المصرية على هجوم 2004 بحملة اعتقالات واسعة، فاحتجزت ما قد يصل إلى عدة آلاف من سكان سيناء، وفقا لمنظمات حقوقية محلية. قام جهاز مباحث أمن الدولة بهذا من دون تصاريح، وقام أفراده بتعذيب والإساءة إلى كثير ممن اعتقلوهم، بحسب الشهود الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش آنذاك.[11] قالت الحكومتان المصرية والإسرائيلية في البداية إنهما تشتبهان بأن منفذي هجوم 2014 كانوا على صلة بالقاعدة أو أيمن الظواهري، المؤسس المصري لتنظيم الجهاد الإسلامي، والذي اندمج لاحقا مع القاعدة.[12] وفي وقت لاحق حددوا منفذ التفجير على أنه سائق حافلة صغيرة من أصل فلسطيني قام بتجنيد أعوان له ونفذ الهجوم انتقاما لتردي الوضع في قطاع غزة المجاور.[13]

بعد التفجيرات في 2005 و2006، حملت السلطات المسؤولية لجماعة "التوحيد والجهاد" المصرية التي لم تكن معروفة في السابق.[14] وأشارت وسائل الإعلام المحلية، اعتمادا على مصادر أمنية، إلى نصر خميس الملاحي، القائد المزعوم للجماعة، على أنه مصري من الطبقة المتوسطة من أصول فلسطينية، بيما وصف أعضاء الجماعة بأنهم رجال من قبائل كبيرة ذات أواصر عائلية مع فلسطينيين في قطاع غزة حيث زعمت السلطات المصرية أنهم تلقوا تدريبهم.[15]قامت السلطات بوضع محافظة شمال سيناء تحت حالة "تشبه الحصار".[16] وقتلت الشرطة عشرات من الأعضاء المزعومين في التوحيد والجهاد، بمن فيهم خالد المساعيد، الذي تفيد تقارير بأنه شارك الملاحي في تأسيس الجماعة، إضافة إلى الملاحي نفسه.[17]

وكتبت المجموعة الدولية للأزمات في 2007: "قام الملاحي والمساعيد بتجنيد الشباب في نواحي الشيخ زويد، وهي منطقة زراعية تعاني من بطالة متوطنة، حيث تغيب أو تنعدم أبسط المرافق الأساسية، ولا يعتمد القرب من فلسطين على الجغرافيا وحدها، بل أيضاً على روابط عائلية وقبلية ولغوية واقتصادية".[18] وقد عمل القانون المصري على منع سكان سيناء من الحصول على الملكية القانونية الكاملة لأراضيهم، وطالت شكوى السكان من استمرار النظر إليهم كمواطنين ناقصي المصرية، وكتهديد أمني محتمل، رغم تحملهم لعدة حروب بين مصر وإسرائيل.[19]

لكن بصرف النظر عن النوايا الفعلية للمهاجمين فإن عمليات التفجير كانت توحي بأن غضب السكان المحليين من السلطات الإسرائيلية والمصرية على السواء في سيناء، حيث كان السكان يشكون من إهمال الحكومة المركزية في القاهرة طوال عقود، قد وفر أرضاً خصبة لتجنيد المتطرفين.

وبعد 5 أعوام من تفجيرات سيناء، في أعقاب انتفاضة الأيام الـ18 التي خلعت الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 2011، عاودت الجماعات المسلحة الظهور في شمال سيناء، مستفيدة من سيادة الفوضى.

A fighter from the Sinai Province group fires a guided missile at an Egyptian tank near Sheikh Zuweid, September 7, 2015 Source: Sinai Province social media account

مقاتل من تنظيم ولاية سيناء يطلق صاروخاً موجهاً على دبابة مصرية قرب الشيخ زويد، 7 سبتمبر/أيلول 2015. المصدر: حساب لولاية سيناء على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.

نشبت اشتباكات بين جماعات مسلحة وقوات الأمن المصرية عقب اندلاع الانتفاضة مباشرة تقريبا. في 7 فبراير/شباط 2011، قال شهود لوكالة أخبار محلية إن الرجال الذين قالوا إنهم عناصر بالتنظيم الجهادي، التفكير والهجرة، هاجموا قوات الأمن في معركة استمرت لساعتين في رفح.[20] وفي 29 يوليو/تموز 2011، قام مسلحون بمهاجمة قسم شرطة في العريش، وهي بلدة ساحلية تقع على بعد 50 كيلومتراً إلى الغرب من حدود غزة، فقتلوا أحد ضباط الجيش، واثنين من رجال الشرطة، وثلاثة من المارة.[21] وقبل الهجوم كان نحو 100 رجل قد قاموا، بحسب تقارير، باستعراض عبر العريش بالسيارات والدراجات البخارية، ملوحين بأعلام تعلوها شعارات إسلامية. وفي ليلة الهجوم قام مسلحون أيضاً بنسف جزء من خط الأنابيب الرئيسي الذي ينقل الغاز الطبيعي عبر سيناء إلى إسرائيل، وكان خامس هجوم من نوعه منذ الانتفاضة.[22] وقال أحد ضباط المخابرات لوكالة رويترز الإخبارية إن المقاتلين المتورطين في الهجوم على صلة بكل من القاعدة والحركات الإسلامية المسلحة في غزة. وبعد 4 أيام أفادت صحيفة "المصري اليوم" بأن مجهولين في المنطقة قاموا بتوزيع منشورات تحمل توقيع "القاعدة في سيناء".[23] وفي 2 أغسطس/آب أفادت تقارير بأن الجماعة دعت إلى إنشاء خلافة إسلامية في المنطقة.[24]

وفي معرض الرد، شن الجيش المصري العملية نسر، فنشر "نحو ألف فرد مقاتل وبضعة مئات من حاملات الأفراد المدرعة" في شمال سيناء في منتصف أغسطس/آب، بحسب تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست".[25] ومثلت العملية انعطافاً غير مسبوق عن اتفاقية السلام الموقعة في 1979 بين مصر وإسرائيل، والتي تحكم وتقيد وجود القوات المصرية المسلحة في سيناء، لكن اجتماع التصاعد في حضور المتمردين الإسلاميين المسلحين مع الاعتداء على البنية التحتية للغاز الطبيعي بدا أنه يقرب بين المصالح المصرية والإسرائيلية.[26] وفي 18 أغسطس/آب، عبر معتدون مسلحون الحدود إلى إسرائيل بالقرب من مدينة إيلات السياحية، وقتلوا 8 إسرائيليين وجرحوا 30 آخرين.[27]

وبعد عام، في 5 أغسطس/آب 2012، قام مسلحون ملثمون بمهاجمة نقطة تفتيش تابعة للجيش في رفح، المدينة التي يسكنها نحو 78 ألف نسمة قرب الحدود مع غزة، فقتلوا 16 جندياً وأسروا عربتين مدرعتين.[28] وادعت وكالة الأنباء المصرية الرسمية، وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن المهاجمين تسللوا إلى سيناء عبر الأنفاق من غزة.[29] وفي 8 أغسطس/آب ادعى الجيش أنه سيعيد تنشيط العملية نسر ـ التي أشار إليها لاحقاً باسم العملية نسر 2 والعملية سيناء ـ ويواجه المتشددين من جديد.[30] وقام محمد مرسي، الذي كان من كبار مسؤولي الإخوان المسلمين وانتخب رئيساً قبل شهرين فقط، بإقالة وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي واستبدل به اللواء عبد الفتاح السيسي، مدير المخابرات العسكرية، في 12 أغسطس/آب.[31]

وأعلن مرسي: "ستفرض قوات الأمن سيطرتها الكاملة على كل تلك المناطق في سيناء".[32] لكن سكان سيناء قالوا للصحفيين إنهم لم يروا سوى القليل من النشاط العسكري على الأرض، وأفادت تقارير بأن الحكومة حاولت التفاوض مع الجماعات المتشددة عبر وسطاء من الإسلاميين المتشددين.[33]

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بعد نزاع دام 8 أيام في قطاع غزة، اتفقت إسرائيل وحركة حماس الإسلامية الفلسطينية التي تحكم غزة على وقف لإطلاق النار. واشتمل الاتفاق على بند بفتح المعابر الحدودية بين غزة وإسرائيل والسماح بنقل البضائع.[34]

وخضع التهريب بين غزة وسيناء، التهريب الذي كان بمثابة شريان الحياة لغزة على مدار عقود، وبوجه خاص منذ بدء الحصار الإسرائيلي الصارم في 2007، خضع لتدقيق أكبر. وكانت أنفاق التهريب تعمل منذ وقت طويل بموافقة ضمنية من السلطات المصرية، التي كثيراً ما كان مسؤولوها يطلبون الرشاوى للسماح لها بالعمل، بحسب مسؤولين إسرائيليين ودبلوماسيين غربيين تحدثوا مع المجموعة الدولية للأزمات في 2007.[35] وفي أثناء نزاع 2012، قصفت إسرائيل العشرات من أنفاق التهريب، وقدرت حماس انهيار 50 منها جراء القصف في منطقة يبلغ امتدادها ميلاً واحداً فقط.[36]

وقال مارك ريغيف، الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن النزاع تسبب في "استنفاد محسوس" لموارد حماس من الصواريخ والمقذوفات، وإن توقع إسرائيل "من مصر وبقية المجتمع الدولي هو أن يمنعوا حماس من إعادة التسلح".[37]

وكتب أحد المحللين: "بين عشية وضحاها، صار المسؤولون المصريون ينظرون إلى أنفاق [التهريب] كتهديد للأمن القومي".[38] دأب جهاز المخابرات العامة المصري، وهو جهاز الاستخبارات الرئيسي في البلاد، على لعب الدور الريادي في المفاوضات بين إسرائيل وحماس، وأشرف مدير جهاز المخابرات، محمد شحاتة على المفاوضات التي أنهت النزاع في 2012.[39] لكن حكومة مرسي الجديدة وافقت كذلك على إجراءات مكافحة التهريب القاسية التي أعقبت ذلك في فبراير/شباط 2013، عندما بدأ الجيش المصري غمر الأنفاق بمياه الصرف الصحي.[40]

وقال عصام الحداد، مستشار مرسي لشؤون الأمن القومي: "نحن لا نريد رؤية هذه الأنفاق تستخدم بطرق غير مشروعة لتهريب الأشخاص أو الأسلحة التي يمكنها الإضرار بالأمن المصري".[41] وقال الحداد إن وقف إطلاق النار مع إسرائيل فتح بقية حدود غزة "إلى حد لا بأس به" وإن الحكومة المصرية لا تريد رؤية "أسلحة ثقيلة" من المخزون المنهوب لزعيم ليبيا السابق معمر القذافي تتعرض للتهريب "إلى الداخل أو الخارج".[42]

وكانت إسرائيل ومصر قد أبدتا القلق من تدفق الأسلحة من ليبيا منذ اندلاع الانتفاضة ضد القذافي في 2011. ومنذ أغسطس/آب في ذلك العام، زعم مسؤولون إسرائيليون أن المقاتلين في غزة حصلوا على صواريخ مضادة للطائرات والدبابات، تم تهريبها من ليبيا عن طريق مصر.[43] وفي مايو/أيار 2012، زعم قائد القوة متعددة الجنسيات، المتمركزة في سيناء ضمن شروط اتفاقية السلام لسنة 1979، أن صواريخ أرض-جو روسية الصنع من طراز "إس إيه-24" يجري تهريبها من ليبيا إلى غزة عبر سيناء.[44] وفي ديسمبر/كانون الأول 2012، ويناير/كانون الثاني 2013، قالت السلطات المصرية إنها صادرت 17 صاروخاً فرنسي الصنع وستة صواريخ مضادة للطائرات والدبابات كانت في طريقها إلى غزة.[45] وفي يناير/كانون الثاني نفسه، قالت السلطات المصرية أيضاً إنها صادرت شحنة قياسية زنة طن واحد من المتفجرات المخفية في شاحنة حاولت العبور إلى سيناء في الطريق إلى غزة.[46] وأفاد جهاز الأمن العام الإسرائيلي، المعروف باسم "الشاباك"، في استعراض بمناسبة نهاية العام في 2012، بأن "المئات من الأسلحة التقليدية والنوعية" ومنها صواريخ طويلة المدى ومضادة للطائرات والدبابات، تم تهريبها من السودان وليبيا إلى غزة عبر سيناء.[47] في يوليو/تموز 2015، وبعد زيادة التمرد بشكل دراماتيكي، قال اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، لبرنامج تليفزيوني إن ضباط الجيش في شمال سيناء "شافوا أسلحة جاية من هناك مشافوهاش قبل كده إلا في الكتالوجات"، وإن هذه الأسلحة جاءت من ليبيا.[48]

وفي توقيت إغراق الأنفاق في فبراير/شباط 2013، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن المصريين يقدرون وجود 225 نفقاً، بينما يقدر الفلسطينيون عددها بـ250، تم إغراق نحو 24 منها.[49] وبحلول الأسبوع الأول من يوليو/تموز 2013، قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن عدد الأنفاق العاملة في غزة يقل عن 10.[50]

وفي 3 يوليو/تموز 2013، في أعقاب احتجاجات جماعية ضد مرسي، أعلن السيسي عن قيام الجيش بعزله بالقوة وتنصيب حكومة مؤقتة.

وكان عزل مرسي والقتل الجماعي لأكثر من 1000 من أنصاره بأيدي قوات الأمن في عدة حوادث في القاهرة في يوليو/تموز وأغسطس/آب بمثابة نقطة تحول للعنف في سيناء. فقد تصاعدت هجمات الجماعات المسلحة على قوات الأمن على الفور، وزاد المتشددون المتمركزون في سيناء من وتيرة هجماتهم وما تخلفه من قتلى.

ففي يوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2013، شهد شمال سيناء 167 هجمة من هجمات الجماعات المسلحة، بمعدل يقترب من هجمتين يومياً، مقارنة بـ14 هجمة على مدار الشهور الأربعة السابقة. وخلفت موجة العنف الجديدة ما لا يقل عن 110 من القتلى و189 من الجرحى. وكان أكثر من 90 بالمئة من القتلى من أفراد قوات الأمن.[51]

وصعدت جماعة أنصار بيت المقدس، وهي جماعة غير معروفة سبق لها شن هجمات متفرقة على إسرائيل منذ 2011، صعدت إلى الصدارة بعد عزل مرسي من خلال سلسلة من التفجيرات وحملة مستمرة من العنف على الجيش والشرطة.

وفي سبتمبر/أيلول 2013، حاولت جماعة أنصار بيت المقدس، وفشلت في اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم، باستخدام ضابط عسكري سابق كانتحاري في ضاحية مدينة نصر بالقاهرة.[52] قتل ثلاثة أشخاص، بينهم منفذ التفجير، وجرح 20.[53] توعدت الجماعة في بيانها الذي أعلنت فيه مسؤوليتها عن الهجوم، بأن "تقتص للمسلمين من كل من ساهم في قتلهم واعتدى على أعراضهم وعلى رأسهم السيسي ومحمد إبراهيم".[54]

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول قام انتحاري آخر بتفجير نفسه داخل مديرية الأمن بمحافظة جنوب سيناء، في بلدة الطور، فقتل ثلاثة أشخاص وجرح ما يزيد على 45.[55] وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول تسببت سيارة مفخخة أمام مبنى تابع للمخابرات العسكرية في الإسماعيلية، المدينة المطلة على قناة السويس، في جرح ستة جنود.[56] بحلول ديسمبر/كانون الأول 2013، كانت الجماعة قد حولت اهتمامها تماما تجاه حكومة السيسي والجيش. في ذلك الشهر، أعلنت أنصار بيت المقدس الجيش المصري "كافرا" بسبب "محاربته كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية".[57] وفي ذلك الشهر قام انتحاري بتفجير نفسه داخل مديرية أمن محافظة الدقهلية في مدينة المنصورة، فقتل 16 شخصاً وجرح 132 آخرين.[58] وفي 24 يناير/كانون الثاني 2014، تم تفجير سيارة بالتحكم عن بعد أمام مديرية أمن القاهرة، فقتل أربعة أشخاص.[59] وتبنت أنصار بيت المقدس المسؤولية عن جميع تلك الهجمات.

وفي نفس يوم تفجير يناير/كانون الثاني 2014 في القاهرة، نشر أيمن الظواهري زعيم القاعدة رسالة مسجلة بالفيديو طولها 70 دقيقة، ظهر في جزء منها وهو يمتدح "صبر أهلنا في سيناء" في مواجهة "جيش السيسي المتأمرك"، بينما كان يدور بجواره مقطع يصور جنازة أحد المقاتلين المنتمين على ما يبدو إلى أنصار بيت المقدس.[60] وفي اليوم التالي قام مقاتلو أنصار بيت المقدس بإسقاط مروحية عسكرية مصرية بواسطة صاروخ أرض-جو محمول على الكتف، قرب بلدة الشيخ زويد القريبة من رفح، فقتلوا جميع الجنود الخمسة على متنها، في أول هجوم من هذا النوع في تاريخ مصر.[61]

ثم تباطأت هجمات أنصار بيت المقدس في مطلع 2014، إلا أن الجماعة ظلت تشكل تهديداً. وبحسب "جهادي شاب على صلة وثيقة" بمنشق عن الجماعة تحدث مع "المونيتور"، وهو موقع إخباري مستقل، فإن مخزون الجماعة من الأسلحة كبير.[62] وقد أظهرت العديد من مقاطع الفيديو التي نشرتها الجماعة على الإنترنت، أسلحة كصواريخ أرض-جو وقنابل صاروخية الدفع بما في ذلك عدة أسلحة اغتنمت على ما يبدو من الجيش المصري. وبحسب مسؤولين غربيين فإن صفوف الجماعة تضم ما يتراوح بين مئات المقاتلين وبضعة آلاف منهم.[63] وفي أبريل/نيسان 2014 قامت الخارجية الأمريكية ووزارة الداخلية البريطانية بإضافة أنصار بيت المقدس إلى قائمة كل منهما الخاصة بالمنظمات الإرهابية، واصفين الجماعة بأنها مستوحاة من القاعدة لكنها تركز نشاطها محلياً.[64]

وبحلول أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2014 كانت الجماعة، بحسب تقارير، قد أنشأت "جناحاً أمنياً" مكلفاً بجمع المعلومات عن سكان سيناء الذين يزعم أنهم ساعدوا قوات الأمن المصرية أو الإسرائيلية.[65] ودأب أفراد الجناح الأمني على نصب نقاط تفتيش مؤقتة على الطرق في شمال سيناء لاستيقاف المركبات ومضاهاة بطاقات هوية الركاب بقائمة من الأسماء تحتفظ بها الجماعة على حواسب محمولة، واحتجاز من تعتقد الجماعة أنهم مرشدون أو أعضاء في قوات الأمن. في ثلاث مناسبات على الأقل – في أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول 2014، وفي فبراير/شباط 2015 – نشرت الجماعة على الإنترنت لقطات فيديو لأعضاءها وهم يقطعون رؤوس ما مجموعه 15 رجلا ممن اتهمتهم بالتواطؤ مع السلطات الإسرائيلية والمصرية.[66]

وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014، نفذت أنصار بيت المقدس سلسلة منسقة من الهجمات في وضح النهار على اثنين من مواقع قوات الأمن المصرية في شمال سيناء، فقتلت ما لا يقل عن 31 من الجنود وجرحت 41 آخرين على الأقل.[67] بدأت الهجمة الأولى، على نقطة تفتيش كرم القواديس، بتفجير انتحاري كبير بسيارة، وبعد ذلك تداعى ما لا يقل عن 24 مقاتلاً من راكبي المركبات المسلحين بالبنادق الهجومية والقنابل صاروخية الدفع على نقطة التفتيش، فقتلوا الجنود المتبقين أو أسروهم.[68] وظهر في مقطع فيديو سجلته الجماعة للهجوم دبابة عسكرية تتراجع أمام الهجوم، ومقاتلون متمردون يعدمون أحد الجنود الأسرى.[69] وبعد نحو 3 ساعات من هجوم كرم القواديس، الذي خلف 28 من الجنود القتلى، تسبب هجوم ثان على نقطة تفتيش في العريش، على بعد 50 كيلومتراً إلى الغرب من غزة، في قتل ثلاثة آخرين.[70] وزعم مصدر أمني رفيع في مقابلة مع صحيفة الشروق المستقلة أن ضابطا سابقا في حماس شارك في هجوم كرم القواديس بدعم من "دول عربية وأجنبية"، قبل أن يفر عائدا إلى غزة عبر أحد الأنفاق.[71]

وفي توقيت لاحق من تلك الليلة أعلن السيسي، الذي كان قد انتخب رئيساً في يونيو/حزيران 2014، عن حالة طوارئ مدتها 3 شهور في شمال سيناء.[72] ويتيح الدستور المصري الحالي، الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء عام بعد عزل مرسي، يتيح للرئيس إعلان حالة الطوارئ القابلة للتجديد لمدة 3 شهور، بمقتضى قانون الطوارئ الذي يمتد عمره لعقود.[73] ويلزم القانون الرئيس بطلب موافقة البرلمان على حالات الطوارئ، لكن في غياب البرلمان، الذي حلته المحكمة الدستورية العليا في 2012، داوم السيسي على تجديد حالة الطوارئ في شمال سيناء، وكان أحدث التجديدات في يوليو/تموز 2015.[74] وبخلاف أن قانون الطوارئ يمنح قوات الأمن حشداَ من السلطات الواسعة، فإنه يتيح للرئيس الأمر بـ"إخلاء بعض المناطق أو عزلها".[75] وقد تعززت سلطة الرئيس في الأمر بالإخلاء في 15 أغسطس/آب 2015، حينما وافق السيسي على قانون مواجهة الإرهاب الذي يمنحه سلطات مماثلة لما في قانون الطوارئ بغرض حماية مصر من التهديدات الإرهابية أو في أوقات الكوارث البيئية.[76]

وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعد مرور أكثر من أسبوعين بقليل على هجوم نقطة التفتيش، قامت أنصار بيت المقدس رسمياً بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، المعروف أيضاً باسم داعش، في بيان صوتي منشور على الإنترنت.[77] ودعا البيان المصريين لمقاومة حكومة السيسي، كما وبخ الرئيس الأسبق مرسي لـ"مهادنته المخزية" لإسرائيل و"ديمقراطيته الكفرية".[78] وبعد البيان، بدأت الجماعة تشير إلى نفسها في مواقع التواصل الاجتماعي ومنشورات الإنترنت باسم ولاية سيناء، وكأنها جزء تابع لأراضي الدولة الإسلامية.[79]

وتسارع إيقاع النزاع بين الجيش المصري وولاية سيناء في أعقاب هجوم كرم القواديس، بحسب تقارير إعلامية وتصريحات من السلطات. فبين 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014، ويوليو/تموز 2015، تبنت جماعة ولاية سيناء 52 بالمئة من 329 هجمة وقعت في شمال سيناء، مقارنة بـ20 بالمئة من 97 هجمة فقط في المنطقة على مدار الشهور العشرة السابقة. وخلفت تلك الهجمات 238 قتيلاً، كان نحو 47 بالمئة منهم مدنيين بحسب تقارير. كما تصاعدت الحملة الحكومية على التمرد بشكل درامي، فنفذت قوات الأمن 451 عملية في شمال سيناء بين هجمة كرم القواديس ويوليو/تموز 2015، بزيادة قدرها 127 بالمئة عن الشهور العشرة السابقة. وتفيد تقارير بأن هذه العمليات المخصصة لمكافحة الإرهاب خلفت ما لا يقل عن 2368 من القتلى.[80]

وفي 26 يناير/كانون الثاني نشرت جماعة ولاية سيناء مقطع فيديو بعنوان "نقسم أن ننتقم"، يظهر فيه جناحها الأمني وهو يحتجز ضابط شرطة عند نقطة تفتيش مؤقتة في شمال سيناء، ثم يعدمه لاحقاً برصاصة في الرأس.[81]

وبعد ثلاثة أيام، شن مقاتلو ولاية سيناء هجوماً ليلياً على ما يزيد على 6 من منشآت الجيش والشرطة، بما فيها أكبر المقرات العسكرية في شمال سيناء، فقتلوا 24 جندياً، و6 من رجال الشرطة و14 مدنياً على الأقل.[82] وبحسب موقع "المونيتور" الإخباري، كانت الخسائر العسكرية أعلى، إذ بلغت 35 من القتلى و70 من الجرحى.[83] ومن بين المواقع العشرة في 3 بلدات التي تم استهدافها بالهجوم، هاجمت جماعة ولاية سيناء مقر الكتيبة 101 عالي التأمين في العريش بثلاثة عربات مفخخة.[84] ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الهجوم المنسق بأنه "الأكثر تعقيداً" ضمن هجمات المتمردين منذ سنوات، إذ تضمن عدة عربات مفخخة ومدافع هاون.[85] وقال مسؤولو وزارة الصحة إن أكثر من 100 شخص تعرضوا للإصابة.[86]

وفي اليوم التالي عاد السيسي من قمة أفريقية في إثيوبيا لكي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، فقرر تشكيل قيادة عسكرية موحدة لسيناء كلها.[87] وتم تعيين اللواء أسامة رشدي عسكر، قائد الجيش الثالث الميداني، في هذا المنصب.[88] واشتدت جهود الحكومة لمواجهة التمرد طوال 2015، وفي مايو/أيار أعلن الجيش عن قتل 725 "إرهابياً" على مدار الشهور الستة السابقة.[89]

وفي 26 يونيو/حزيران أدى انفجار بحي مصر الجديدة في القاهرة إلى قتل النائب العام هشام بركات، الذي كان يستقل موكبه قرب منزله في ذلك الوقت، وجرح سبعة آخرين.[90] وكان بركات قد صرح بفض الاعتصامين المؤيدين لمرسي في أغسطس/آب 2013، وقام بدور رئيسي في الحملة القمعية على جماعات المعارضة التي أعقبت ذلك. ولم تتبن أية جماعة مسسؤولية مقتله على الفور، رغم تشابه الهجوم مع التفجير الذي تبنته أنصار بيت المقدس واستهدف وزير الداخلية محمد إبراهيم في 2013.

 وفي الأول من يوليو/تموز شنت جماعة ولاية سيناء عدة هجمات نهارية متزامنة على أكثر من 15 منشأة عسكرية وشرطية في شمال سيناء، فقتلت عشرات الجنود.[91] ورغم أن الجيش زعم وفاة 17 جندياً فقط، إلا أن مصادراً طبية في العريش قالت لموقع "مدى مصر" الإخباري المستقل إن 70 شخصاً على الأقل قد قتلوا، وقالت مصادر أمنية لوكالة "أسوشيتد بريس" إن 64 جندياً لقوا حتفهم، مما يجعل من الهجوم أسوأ هجوم لمتمردين في تاريخ مصر الحديث.[92] وفي بيانات منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت جماعة ولاية سيناء إن مقاتليها استخدموا الانتحاريين ضد أهداف متعددة، تشمل نادي الضباط بالعريش، واستخدموا مدافع الهاون والقنابل صاروخية الدفع وغيرها من المقذوفات لاجتياح عدد من نقاط التفتيش والهجوم على قسم شرطة الشيخ زويد ومحاصرته مؤقتاً.[93]

وفي 16 يوليو/تموز تبنت الجماعة مسؤولية هجوم بالصواريخ أصاب قطعة بحرية مصرية بتلفيات قرب العريش.[94]

تعريف المنطقة الحدودية بأنها "منطقة استراتيجية ذات أهمية عسكرية"

طوال عقود فرضت الحكومة المصرية سيطرة محكمة على الأراضي في شبه جزيرة سيناء، فمنعت سكان سيناء فعلياً من تملك أرضهم. كما يتمتع وزير الدفاع المصري بصلاحيات واسعة لاتخاذ القرارات بشأن ملكية الأراضي في أرجاء البلاد، ويعمل العديد من القوانين على إخضاع النشاط العقاري واستصلاح الأراضي في مصر لموافقة الوزير.

ويتضمن هذا القانون 143 لسنة 1981 الذي يعرّف "الأراضي الصحراوية" وينظم استصلاحها والاستثمار فيها. فبحسب القانون 143، يسيطر الجيش على أية منطقة يصفها وزير الدفاع بأنها "منطقة استراتيجية ذات أهمية عسكرية". علاوة على هذا فإن القانون 143 ولائحته التنظيمية (المتضمنة في القرار رقم 198 لسنة 1982) يطالب هيئة المساحة المصرية بتبيان حدود المدن والقرى وتعريف المناطق الصحراوية بأنها تلك الواقعة على ما يزيد عن كيلومترين خارج حدود المدن والقرى. وتمنح المادة 2 مجلس الوزراء، بطلب من وزير الدفاع، الحق في الاستيلاء على الأراضي الصحراوية وما بها من ممتلكات بغرض الحفاظ على الأمن القومي. ويضاف إلى هذا أن على سائر الجهات الحكومية التنسيق مع وزارة الدفاع في أية قضة تتعلق بالأراضي الصحراوية، حتى إذا لم يتم تخصيصها كمناطق عسكرية.

كما نص القانون 143 على ضرورة تعويض الملاك عما تكبدوه من نفقات في إنشاء المباني أو استصلاح الأراضي المنزوعة منهم. وإذا تم نزع الملكية بصفة مؤقتة فإنه ينبغي أن يدفع للملاك نفس الأرباح التي كانت لتؤول إليهم من الأرض خلال تلك الفترة.[95]

وفي يناير/كانون الثاني 2012، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو مجموعة الجنرالات الذين حكموا مصر بين استقالة مبارك في فبراير/شباط 2011 وانتخاب مرسي في يونيو/حزيران 2012، أصدر القانون رقم 14 بشأن التنمية الشاملة لشبه جزيرة سيناء. وقد حظر هذا القانون تملك الأجانب أو مزدوجي الجنسية للأراضي في سيناء. ولطالما رفضت الحكومة السماح لمزدوجي الجنسية بامتلاك الأراضي من حيث الممارسة، معتبرة إياها قضية أمن قومي. وفي سبتمبر/أيلول 2012، أعاد رئيس الوزراء هشام قنديل تحديد اللوائح المنظمة لقانون المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فمنح وزير الدفاع سلطة منفردة لتحديد المناطق الحدودية المصرية في سيناء.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2012 أصدر السيسي، وزير الدفاع في ذلك الوقت، القرار رقم 203 الذي يحظر الملكية الخاصة للأراضي في نطاق 5 كيلومترات من قطاع غزة. وعرف القرار تلك الأراضي بأنها "منطقة استراتيجية ذات أهمية عسكرية".[96] وأعفى القرار المباني "القائمة فعليا" قبل 2010 في رفح وغيرها من المناطق الحضرية على الحدود، لكنه اشترط موافقة وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العامة، وهو الجهاز الاستخباراتي الأساسي في مصر، على ملكية الأراضي أو المباني أو استخدامها أو استئجارها.

وقال المتحدث العسكري أحمد علي في ذلك الوقت: "شبه جزيرة سيناء هي منطقة عمليات عسكرية للجيش المصري. ونتيجة لهذا ينبغي أن يكون للجيش اليد العليا فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي أو السياسي المتعلق بشبه الجزيرة".[97] وطمأن الجيش السكان إلى أن حقوقهم في ملكية الأرض لن تسقط.

وبمجرد صدور القرار 203، واجه القرار معارضة كبيرة من قبائل سيناء، الذين نظموا عدة مؤتمرات واجتماعات، بما فيها اجتماع مع السيسي، للتعبير عن بواعث قلقهم من القرار.[98] فوصفوا القرار بالجور، وقالوا إنه يحرمهم من أراضيهم. وقال نشطاء آخرون إن القرار "لمصلحة إسرائيل ولحماية أمنها" وحذروا من أن هيئة المساحة المصرية لم تقم رسمياً قط بتسجيل حدود رفح وغيرها من البلدات، بمعنى أن القرار 203 يمكن مع ذلك أن يستخدم لنزع الملكية في مناطق حضرية يفترض أنها معفاة.[99]

وقد انحصرت ملكية مساحات كبيرة من الأراضي السكنية والزراعية في سيناء، على مدار عقود، في أفراد عائلات بموجب نظام المواريث الخاص بالعائلات الممتدة، بدون أوراق رسمية تثبت الملكية أو بأوراق شبه رسمية فقط.[100] وتمتلك تلك العائلات أراضيها بموجب "وضع اليد"، وهو المصطلح الذي يعني معاملتهم من قبل الحكومة كملاك فعليين. ومع ذلك فإن هذا لم يمنحهم الاعتراف الرسمي في السجلات المساحية، ورفضت الحكومات المتعاقبة الاعتراف لهم بالملكية.[101] وينظر سكان سيناء إلى رفض الحكومة الطويل للاعتراف بملكيتهم للأرض على أنه تمييز وتهميش من جانب الدولة.[102] وقد قال سكان قرب الحدود لـ هيومن رايتس ووتش إن بوسعهم استخدام عقودهم شبه الرسمية للحصول على الماء والكهرباء وتصاريح البناء، لكن الحكومة المركزية تحتفظ بملكية الأرض.[103]

وبموجب القانون الدولي، بما في ذلك الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، المنطبق في مصر، ينبغي الاعتراف بالحق في ملكية العقارات والأراضي على أساس الحيازة التقليدية، والاستخدام والمعاملة بصفة المالك، بدلاً من الاستناد فقط إلى اعتراف الدولة الرسمي بالملكية.[104]

وفي 1982 أصدر الرئيس حسني مبارك المرسوم رقم 632 المنظم لملكية أراضي الحيازة غير الرسمية في سيناء ومحافظات أخرى.[105] كما أصدر المرسوم رقم 148 لسنة 2006 الذي تصدى لقضية الحيازة غير الرسمية بصفة عامة.[106] لكن الحكومة لم تقم بتطبيق هذه القوانين في سيناء قط.

وفي مارس/آذار 2013، قامت لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى، وهو الغرفة العليا للبرلمان المصري ـ الذي تم حله في 5 يوليو/تموز 2013، بعد يومين من عزل مرسي ـ بعقد جلسة لسماع شكاوى القادة المجتمعيين في سيناء بشأن قضايا ملكية الأراضي. فطلب القادة "تدخل السلطة التنفيذية" لحل المشاكل. وقال أحدهم إن "جميع الحلول المطروحة [في الماضي] كانت متواضعة". وطالب القادة بإنشاء مكتب حكومي خاص للتعامل مع قضايا الحيازة غير الرسمية، وطالبوا مكاتب المخابرات في سيناء بالعمل على حل المشكلة.[107]

 .II عمليات الهدم في رفح

بينت مراجعة هيومن رايتس ووتش للتقارير الإعلامية والتصريحات الرسمية منذ 2012 أن المسؤولين المصريين كرروا الإدلاء بمعلومات متناقضة بشأن أنفاق التهريب بين غزة وسيناء، واستخدموا تلك المعلومات لتبرير عمليات الإخلاء. وتكرر إدلاء المسؤولين بأرقام بالغة التباين عن أعداد الأنفاق العاملة، كما قللوا من مساحة المنطقة العازلة التي قالوا إنها ستتعرض للهدم بغرض تدمير الأنفاق فيما يفترض.

وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول 2014، بعد 5 أيام من هجوم أنصار بيت المقدس على نقطة تفتيش كرم القواديس قرب رفح، أصدر رئيس الوزراء إبراهيم محلب مرسوماً يقضي بـ"إخلاء وعزل" منطقة عازلة تمتد بين 5 و7 كيلومترات من الحدود مع غزة، وتشمل رفح كلها.[108] وقد تضمن مرسوم رئيس الوزراء محلب مساحة أوسع بكثير مما وصفه مسؤولو الحكومة سابقاً في تصريحات علنية عن عمليات هدم البيوت، التي كان الجيش قد بدأ في إجرائها طوال 2013 و2014. وعملت خريطة مرفقة بالمرسوم على تحديد منطقة تمتد بطول الحدود التي يبلغ طولها 13 كيلومتراً مع غزة، وتضم نحو 79 كيلومتراً مربعاً من الأراضي المصرية.[109] وأمر المرسوم بأن يحصل المضطرين للإخلاء على "التعويض العادل" وعلى مساكن بديلة.

ورغم حدوث تسارع درامي في عمليات هدم المنازل بعد مرسوم محلب، إلا أن تحليل هيومن رايتس ووتش لما يزيد على 50 صورة التقطتها الأقمار الصناعية لرفح بين 11 مارس/آذار 2013 و15 أغسطس/آب 2015 أظهر أن حملة الهدم الحكومية بدأت فعلياً في وقت ما بين أواخر يوليو/تموز ونهاية أغسطس/آب 2013، بعد قليل من عزل مرسي وفي خضم اشتداد الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة.

 

خريطة للمنطقة العازلة متضمنة في مرسوم أكتوبر/تشرين الأول 2014، وتظهر منطقة تشمل رفح كلها، وتتجاوز الحدود التي أعلنت عنها السلطات المصرية في البداية.

هدم الجيش ما لا يقل عن 535 مبنى بين عزل مرسي وهجوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014 الذي عجل بقرار محلب، بحسب تحليل هيومن رايتس ووتش لصور القمر الصناعي. وكان معظم تلك المباني يقع في نطاق 500 متراً من الحدود. وبين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014 و27 مايو/أيار 2015، أظهر تحليل صور القمر الصناعي أن السلطات هدمت ما لا يقل عن 2710 مبنى إضافياً.

وفي المجمل، دمر الجيش ما لا يقل عن 3255 مبنى من المباني السكنية والتجارية والمجتمعية، تشتمل على مدارس ومساجد ومستشفيات. وظهر على جميع المباني المدمرة دلائل واضحة على الهدم العمدي باستخدام تشكيلة من الآلات الثقيلة والنسف بالمفرقعات عالية الانفجارية. كما أظهرت صور القمر الصناعي قيام الجيش بتحريك المعدات الثقيلة التي تحرك التربة، وبينها جرافات وحفارات وآليات أخرى، إلى القواعد الموجودة بالفعل والمواقع الأمنية في رفح بدءاً من 2013، وتزايد انتشارها طوال 2014. في ما لا يقل عن مناسبة واحدة في الأبسوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2014، تم تصوير الجيش المصري وهو يستخدم دبابات إم 60 القتالية أمريكية الصنع لإطلاق النار على المباني في رفح، لهدمها على ما يبدو. وتظهر مسارات الدبابات في صور الأقمار الصناعية من نفس المنطقة في نفس الفترة.[110]

صورة فضائية تظهر ما يشبه الحفارة وما لا يقل عن 3 جرافات منشورة عند موقع عسكري بطول الحدود مع غزة. تم التقاطها في 30 أغسطس/آب 2013. إحداثيات المركز: Geo- 34°14'45.478"E  31°16'36.958"N; MGRS-36RXV1860760963 Pléiades-1 © 2015 CNES/Distribution Airbus DS

بدأت عمليات الهدم في يوليو/تموز 2013، لكن الصحفيين بدأوا في تغطية عمليات الهدم في سبتمبر/أيلول من ذلك العام، واصفين إياها بأنها البداية المحتملة لإنشاء منطقة عازلة.[111] وزعم المسؤولون المصريون المستشهد بهم في تلك التقارير الإعلامية أن المنطقة العازلة من شأنها أن تحمي أمن مصر القومي من خلال منع الجماعات المسلحة المتمركزة في غزة من تهريب المقاتلين والأسلحة إلى داخل سيناء وتغذية التمرد فيها، رغم تقارير عديدة في وسائل الإعلام تفيد بأن أغلبية الأسلحة الثقيلة المهربة إلى سيناء أتت من ليبيا والسودان وليس من غزة.

وفي 1 سبتبمر/أيلول 2013، أفادت وكالة أسوشيتد بريس نقلاً عن مسؤولين أمنيين وبعض السكان بأن الجيش قام "بتجريف" 13 منزلاً بطول الحدود وهدم أنفاقاً تحتها "تمهيداً لإنشاء منطقة عازلة محتملة لتقليل تهريب الأسلحة وعبور الإرهابيين بشكل غير مشروع".[112] وأفادت الوكالة بأن الجيش "يتصور منطقة خالية من المباني والأشجار" بعرض 500 متراً. ورغم أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كان قد أفاد قبل أقل من شهرين بأن عدد الأنفاق العاملة يبغ 10 فقط، فإن الجيش المصري قال إنه أغلق "350 نفقاً أو نحو 80 بالمئة من العدد الإجمالي" منذ عزل مرسي.[113]

وقد أشار تحليل هيومن رايتس ووتش لصور القمر الصناعي إلى أن المباني المهدمة في رفح، في الفترة بين أواخر يوليو/تموز وأوائل أكتوبر/تشرين الأول 2013، كانت تقتصر على شريط ضيق يقع بصفة عامة في حدود 500 متراً من الحدود مع غزة، وإلى أن الجيش دمر في المتوسط نحو 39 مبنى في الشهر.

كما جرّف الجيش ما لا يقل عن 150 هكتار من الأرض الزراعية المزروعة بطول الحدود بين يوليو/تموز وأوائل أكتوبر/تشرين الأول 2013. وأظهرت صور القمر الصناعي الملتقطة في تلك الفترة انتشار عدد من الجرافات عند المواقع العسكرية بطول الحدود، واقتلاع بساتين الزيتون وغيرها من الحقول المزروعة. وتظهر آثار الجرافات الممتدة على قطع الأراضي المتضررة.

صور فضائية تظهر تدمير أراض مزروعة وعدة مبان صغيرة، وآثار ممتدة للجرافات على الأرض. تم التصوير في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2013. إحداثيات المركز: Geo- 34°14'55.998"E  31°15'29.995"N; MGRS- 36RXV1890858905. Pléiades-1 © CNES 2015 / Distribution Airbus DS

وفي 15 سبتمبر/أيلول 2013 قال المتحدث العسكري أحمد علي لمؤتمر صحفي إن الجيش يقوم بإخلاء "المباني التي تعتبر تهديداً أمنياً" حتى مسافة كيلومتر واحد من الحدود، مضاعفاً المساحة الواردة في تقارير سابقة. لكنه أنكر إنشاء الجيش لمنطقة عازلة.[114] وزعم علي أن جماعات متمركزة في غزة تشن هجمات مشتركة على قوات الأمن المصرية مع جماعات متمركزة في سيناء، فقال إن المنازل التي تخفي أنفاقاً تستغل في تهريب الأسلحة هي تهديد للأمن القومي. وزعم علي أيضاً أن الجيش دمر 152 نفقاً منذ 30 يونيو/حزيران، يوم اندلاع الاحتجاجات الجماعية على مرسي. وكان هذا الرقم أقل بكثير من الرقم الذي ذكره الجيش لوكالة أسوشيتد بريس في توقيت أسبق من ذلك الشهر.

قال علي: "هناك تعاون بين جماعات الإرهاب المسلح [في سيناء] ونظرائها في قطاع غزة، وقد تم رصد أكثر من عملية مشتركة".

ورغم أنه لم يقدم أدلة على هذا التنسيق فإن مصادر أمنية مصرية وإسرائيلية كانت قد زعمت من قبل وجود روابط بين أنصار بيت المقدس وجماعات متشددة في غزة. وحينما جرح رجل عمره 28 عاماً، يزعم أنه عضو في لجنة المقاومة الشعبية المتمركزة في غزة، جراء غارة جوية إسرائيلية في فبراير/شباط 2014، ادعى جهاز الأمن العام الإسرائيلي، أو الشاباك، أنه كان أيضاً قد هرب أسلحة إلى أنصار بيت المقدس.[115] كما أشار محللون آخرون إلى تصريحات متعاطفة مع أنصار بيت المقدس صادرة عن جماعات متمركزة في غزة، مثل مجلس شورى المجاهدين، كدليل على التعاون.[116]

 

مقطع فيديو يظهر عملية تدمير أحد المباني بشحنة عالية التفجير. تم التصوير 28 فبراير/شباط و12 أبريل/نيسان 2014. موقع المبنى: 34°14'19.147"E  31°17'40.744"N. المصدر: خاص.

 

وفي 8 سبتمبر/أيلول 2013، قال سامي أبو زهري الناطق باسم حماس لصحيفة "واشنطن بوست" إنه "لا توجد أنفاق عاملة في الوقت الحالي"، وأضاف أن هذا لم يحدث قط من قبل.[117] ومع ذلك فقد زعم اللواء أحمد إبراهيم، قائد سلاح حرس الحدود المصري، في أكتوبر/تشرين الأول 2013، أن قوات الأمن دمرت 794 نفقاً في 2013، وهو رقم أعلى على نحو درامي مما ذكرته المصادر العسكرية في سبتمبر/أيلول.[118] وأضاف اللواء إبراهيم أن الجيش ينوي "إنشاء ‘منطقة آمنة‘ في رفح، يتمكن حرس الحدود المصري عن طريقها من رصد وتأمين المناطق الحدودية بفعالية".[119]

وقد بين تحليل هيومن رايتس ووتش لصور القمر الصناعي أن العدد الإجمالي ومعدلات عمليات هدم المباني، خلال الشهور الخمسة التالية، بين أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2013 وأواخر فبراير/شباط 2014، تزايدت على نحو محسوس إلى متوسط قدره 60 مبنى في الشهر على وجه التقريب. كما تزايدت مساحة الهدم بقدر كبير، فضمت مباني تتجاوز المنطقة الحدودية المسماة في البداية وتبعد عن غزة مسافة كيلومتر واحد تقريبا.

 

ومع ذلك فإن مصادر أمنية مصرية قالت لوكالة معا الإخبارية في فبراير/شباط 2014 إن الجيش دمر 10 أنفاق و8 منازل فقط كجزء من حملة لإنشاء منطقة عازلة لن يزيد امتدادها على 300 متر في المناطق المأهولة و500 متر في "المناطق المكشوفة".[120]

وبين مارس/آذار وأبريل/نيسان 2014، كشف تحليل صور القمر الصناعي عن انخفاض معتدل في معدلات الهدم، إلى 34 مبنى في الشهر. وأعقب هذا توقف ظاهري في أنشطة الهدم أثناء فترة دامت 3 أشهر، بين 2 مايو/أيار و1 أغسطس/آب، انحدر معدل الهدم المتوسط خلالها إلى 1.5 مبنى في الشهر. ورغم أن السلطات المصرية لم تصدر أية بيانات بشأن هذا الانخفاض إلا أن من المحتمل أن يرجع هذا التوقف جزئياً إلى بداية شهر رمضان في 29 يونيو/حزيران 2014، وبداية القصف الإسرائيلي على غزة، الذي سمي بعملية الحافة الحامية، في 8 يوليو/تموز 2014.

وفي أغسطس/آب 2014 قالت "مصادر مطلعة" في الحكومة لموقع "المونيتور" الإخباري إن الجيش ينوي قضاء عامين في "هدم" البيوت في منطقة عازلة تمتد حتى كيلومتر واحد من حدود غزة.[121]

وقد أظهر تحليل هيومن رايتس ووتش لصور القمر الصناعي الملتقطة بين 1 أغسطس/آب و25 أكتوبر/تشرين الأول 2014 أن القوات الحكومية لم تستأنف أنشطة الهدم خلال تلك الفترة فقط، بل توسعت جغرافياً إلى مناطق جديدة داخل رفح، مستهدفة 80 مبنى تبعد حتى 1.4 كيلومتراً من الحدود. وتمت جميع عمليات الهدم قبل قيام رئيس الوزراء محلب بإصدار المرسوم المنشئ للمنطقة العازلة والذي يأمر بإخلائها.

عمليات الهدم بعد مرسوم أكتوبر/تشرين الأول 2014

في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2014، الموافق لقيام محلب بإصدار مرسومه الذي أمر "بعزل وإخلاء" منطقة تضم 79 كيلومتراً مربعاً من الأرض في رفح وحولها، ظل اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء يزعم أن المنطقة العازلة لن تمتد لأكثر من 500 متراً من حدود غزة، وأنها تضم 802 منزلاً فقط.[122] ورغم أن الجيش كان قد هدم مئات المنازل بالفعل من يوليو/تموز 2013 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2014، إلا أن حرحور ادعى يوم صدور مرسوم المنطقة العازلة أن 122 منزلاً فقط تعرضت للتدمير.[123] وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد ما يزيد قليلاً على أسبوعين، أعلن الجيش في بيان منشور بصحيفة الأهرام أنه سيمد المنطقة العازلة حتى كيلومتر واحد، مطلقاً على التوسعة الجديدة تسمية "المرحلة الثانية".[124]

 

مقطع فيديو يظهر عملية هدم أحد المباني بشحنة عالية التفجير. تم التصوير بين 21 نوفمبر/تشرين الثاني و2 ديسمبر/كانون الأول 2014. موقع المبنى: 34°14'21.424"E  31°17'15.663"N. المصدر: خاص.

 

 

 

 

 

صور فضائية تظهر تطور عمليات هدم المباني في وسط رفح بين 1 نوفمبر/تشرين الأول 2014 و15 أغسطس/آب 2015. إحداثيات المركز: Geo- 34°14'41.427"E  31°16'31.33"N; MGRS-36RXV1850260789.  Pléiades-1 © CNES 2015 / Distribution Airbus DS

 

وبحسب تقارير إعلامية وأقوال عائلة تحدثت مع هيومن رايتس ووتش، أجرت الحكومة استطلاعاً في أواخر 2014 سألت فيه السكان ما إذا كانوا يفضلون تسلم نقود أم أرض أم شقة جديدة على سبيل التعويض عن منازلهم وأراضيهم المهدومة. ولم يشرح موظفو الحكومة الغرض من الاستطلاع، الذي كان السكان يملأونه في مكتب مجلس المدينة، ولم تعلن عن النتائج قط، كما قال السكان لـ هيومن رايتس ووتش.

وقال يحيى، وهو مزارع يسكن منزلاً من طابق واحد بمنطقة تسمى النهضة، على بعد 900 متر من الحدود، قال إن لجنة من العسكريين وموظفي الحكومة زارت منطقته في أوائل ديسمبر/كانون الأول 2014، وكانوا يملأون قوائماً بأسماء الأشخاص ومنازلهم وأحجام المنازل، لكنهم رفضوا إعطاءهم أية معلومات.

وذهب يحيى إلى مجلس المدينة للاستعلام عما يحدث، فتم إعطاؤه نموذجاً لملأه. وقال يحيى إن موظف المجلس لم يكن يعرف مكان الأرض أو الشقة المزمعة، ولا حجمها، فاختار يحيى التعويض النقدي.

وقال يحيى إنه لم يحصل على أي إخطار رسمي بالإخلاء. ووصف كيف أصابته الحيرة والتردد بشأن ما إذا كان عليه تنفيذ الإخلاء بناءً على التصريحات المتلفزة التي شاهدها والتي قالت إن منطقته ستخضع للإخلاء:

بدأنا إخلاء المنزل في نحو 28 ديسمبر/كانون الأول، وكانت هناك شائعات كثيرة تفيد بأن الحكومة تخلت عن خطة إخلائنا.. لكنني قلت لزوجتي، دعينا نحزم متاعنا في وقت مبكر لكي لا نعاني.. وأخذنا أسبوعاً في نقل متاعنا.. وبعد 3 أسابيع لم يكن أحد قد جاء [ليطلب منا الرحيل]. وخشيت ألا تكون تصريحات الحكومة حقيقية.. كنا نشعر بالقلق ولم يشرح لنا أحد ما يجب القيام به.. وعندما سألنا الجيش، قالوا إن أحداً لم يطلب منكم الرحيل. وشعرنا بأننا ألعوبة في أيديهم.. وفي 4 مارس/آذار، جاء الجيش وقالوا إنهم سيهدمون المنزل، وهدموه.

 

وبررت السلطات توسيع مساحة المنطقة العازلة بزعم أنهم عثروا على أنفاق متزايدة الطول. ففي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، حين أعلن الجيش عن نية الشروع في هدم المنازل حتى كيلومتر واحد من الحدود، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط ذات الصفة الرسمية إن السبب هو اكتشاف الجنود لأنفاق يتراوح طولها بين 800 و1000 متر.[125] وفي أبريل/نيسان 2015، أفادت وسائل إعلام مصرية بأن الجيش "يدرس" توسعة أخرى محتملة للمنطقة العازلة بعد اكتشاف أنفاق بطول 2.8 كيلومتر.[126]

وفي 7 يناير/كانون الثاني، أدلى حرحور بتصريح بمناسبة العام الجديد أذيع على تلفاز "بي بي سي العربية".

قال حرحور: "أعتقد أنه [بناء المنطقة العازلة] يشمل مدينة رفح كلها".

فأوضح أحد الصحفيين: "أي أن مدينة رفح التي نعرفها لن تكون موجودة".

فرد حرحور: "لا، مدينة رفح الجديدة ستكون موجودة".

فقال الصحفي: "رفح الجديدة".

فقال حرحور: "رفح الجديدة ستكون موجودة إن شاء الله".[127]

وفي 27 أبريل/نيسان أعادت الحكومة إصدار مرسوم رئيس الوزراء محلب بإنشاء المنطقة العازلة، وقال حرحور لمحاوره على التلفاز إن المرسوم "ليس جديداً" لكنه تأكيد للمرسوم السابق بإخلاء المنطقة الحدودية "بعمق متوسط قدره 5 كيلومترات".[128]

 

وفي 26 مايو/أيار أعلن المتحدث العسكري أن حرس الحدود المصري قد أغلق 521 نفقاً بين أكتوبر/تشرين الأول 2014 وأبريل/نيسان 2015.[129] وفي 14 يونيو/حزيران زعم الجيش المصري أنه قام بتدمير 1429 من أنفاق التهريب منذ يناير/كانون الثاني 2014.[130]

 

وفي ذلك الشهر قالت مصادر عسكرية لوكالة أنباء معن إنهم ينوون توسعة المنطقة بمقدار 500 متر أخرى، حتى 1.5 كيلومتر.[131] وفي توقيت لاحق من نفس الشهر قالت مصادر أمنية مصرية لوكالة أنباء رويترز إنهم بدأوا العمل في خندق بعمق 20 متراً وعرض 10 أمتار، من شأنه أن يمتد على مسافة كيلومترين من الحدود مع غزة، ويقصد به وقف التهريب عن طريق الأنفاق.[132] وفي 11 أغسطس/آب أعلن حرحور أن الحكومة استكملت مسح المباني تمهيداً لـ"مرحلة ثالثة" من الإخلاء ستشمل 1215 منزلاً و40 منشأة حكومية، مضيفاً أن "رفح جديدة" ستبنى فيما وراء المنطقة العازلة.[133]

صور فضائية تظهر تدمير أرض زراعية في وسط رفح بين أغسطس/آب 2013 و2015  Pléiades-1 © CNES 2015 / Distribution Airbus DS

III. الانتهاكات أثناء عمليات الإخلاء والهدم

غياب التشاور أو الإخطار السليم

بحسب 11 عائلة تحدث أفرادها مع هيومن رايتس ووتش فإن السلطات المصرية لم تتشاور مع سكان رفح قبل إصدار مرسوم الإخلاء في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2014، ولم تقدم لهم إخطاراً سليماً باضطرار السكان للرحيل. ومن بين 11 عائلة أجريت معها المقابلات، تم إنذار خمسة فقط بالإخلاء الوشيك. وقالت تلك العائلات إنهم تلقوا الإنذار من دوريات الجيش التي أبلغهم أفرادها بأن أمامهم 36-48 ساعة للرحيل. لم تسلم السلطات إخطاراً مكتوباً قط، بحسب قولهم. وقالت 6 عائلات أخرى إنها لم تحصل على أي إخطار ولا سمعت بالإخلاء إلا من وسائل الإعلام الإخبارية أو من جيرانها. وقبل قليل من صدور مرسوم الإخلاء، ظهر مسؤولون أمنيون مصريون حاليون وسابقون في برامج التلفاز الخاصة للمناداة بتحرك عاجل، قائلين إنه "لا حاجة للتفاهم" مع سكان شمال سيناء، وإن "هؤلاء السكان الأبرياء المزعومين هم الذين يؤوون  الإرهابيين ويحمونهم".[134]

وقال ثلاثة على الأقل من شهود العيان إن بعض موظفي الحكومة برفقة قوات الجيش زاروا رفح في 2014 لتسجيل أرقام المنازل وإجراء تقييم مبدئي في منطقة الـ500 متراً. ومع ذلك فقد قال الشهود لـ هيومن رايتس ووتش إن المسؤولين لم يبلغوهم بأية خطة للإخلاء أثناء التقييم ورفضوا الرد على أسئلتهم عند توجيهها.

وقال جميع أفراد العائلات الـ11 الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات إنهم لم يستطيعوا الاعتراض على إخلائهم لأنهم كانوا يعتقدون ألا سبيل للقيام بذلك، ولأن عمليات الهدم تمت في مناخ من الخوف والترهيب المتولد عن عمليات مكافحة التمرد الحكومية وهجمات الجماعات المتمردة. وقال أحد السكان إنه حاول التناقش مع مجموعة من الجيران في كيفية تنظيم تحرك جماعي ضد الإخلاء، لكن شخصاً آخر على صلة بالسلطات حذره من أنهم قد يواجهوا الاعتقال والاتهام بأنهم من الإرهابيين، وربما تضيع فرصتهم في الحصول على تعويض إذا قاموا بهذا. وقال اثنان من السكان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سمعوا عن اعتقال سكان آخرين بتهم الإرهاب. ولم تستطع هيومن رايتس ووتش التأكد من تلك الاعتقالات على نحو مستقل.

وقالت أم محمد، التي تعيش مع أبنائها الثلاثة في مبنى من 3 طوابق تمتلكه عائلة زوجها، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت تجلس عند منزل واحد من أقاربها على بعد 250 متراً تقريباً من الحدود، بعد ظهر 27 أكتوبر/تشرين الأول 2014، حينما طرق باب منزل أحد جيرانها ضابط بصحبة 10 جنود.

وقالت أم محمد إن الضابط قال للسيدة المسنة التي فتحت الباب إنهم سينسفون منزلها في اليوم التالي. وحينما ردت السيدة المسنة بأن عائلتها عاشت هنا طوال حياتها، رد الضابط: "هذا كل شيء، ولا يوجد وقت للتكلم. احزمي متاعك اعتباراً من هذه اللحظة".

قالت أم محمد إنهم أبلغوا الضابط بعدم وجود تغطية من شبكة الهاتف المحمول، التي تقوم السلطات بتعطيلها بانتظام ضمن جهودهم لمكافحة التمرد، وبأنهم لا يعرفون كيف سيخبرون أقاربهم الذكور بالمجئ لنقل متاعهم.

فقال: "لا مشكلة، سننسف المنزل بما فيه، لا يلزم أن تأخذي منه شيئاً".

فصاحت السيدة المسنة بالدعاء وردت: "أنتم تطردوننا من وطننا".

فقال الضابط: "ابحثوا لكم عن وطن آخر. لا أريد سماع كلمة أخرى. سأحضر في الغد لنسف المنزل".[135]

وقالت أم محمد أنها أسرعت بالعودة إلى منزلها، على بعد نحو 400 متر من الحدود، في حي صلاح الدين برفح. وظناً منها أن منزلها سيتعرض للهدم بدوره، بدأت في نقل متاعها من المنزل مع زوجها، الذي حاول العثور على عربة لنقل الأثاث. وقضيا نحو 3 أيام في نقل متاعهما من الطابق الثالث إلى الأرض المحيطة بالمنزل، رغم عدم حصولهما على زيارة من السلطات لإنذارهما بالإخلاء. وقالت أم محمد إن الشكوك بدأت تساورها بشأن ما إذا كان الجيش سيهدم منزلهما فعلياً. وقال زوجها إن بوسعهما البقاء بالمنزل والاحتفاظ بالأمتعة في الطابق السفلي، تحسباً "لحدوث أي شيء".[136]

وبعد أيام قليلة قامت الحكومة بقطع الكهرباء والماء وخط الهاتف عن المنزل، وأغلقت متاجر المنطقة أبوابها بحسب أم محمد. وقالت إن الجيش حضر بعد 5 أيام قائلاً إنهم سيهدمون منزلها، وهدموه بعد يومين.

وكان سامح، وهو شاب في العشرينات من العمر، يسكن مبنى من طابقين بحي النحاحلة في رفح، يبعد نحو 480 متراً عن الحدود. وقال سامح لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلته بدأت ترى الجيران يخلون منازلهم في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، لكنها لم تتلق من السلطات أي إخطار بالإخلاء حتى بداية نوفمبر/تشرين الثاني، حينما اقتربت عربتان مدرعتان من أربعة منازل مجاورة يمتلكها سامح وأقاربه، وأمروهم بالرحيل خلال 48 ساعة.[137]

أما يوسف، وهو مهني في الأربعينات يقيم بحي البراهمة في رفح، على بعد 350 متراً من الحدود، فقد أخبر هيومن رايتس ووتش كيف صدر الأمر إلى عائلته بالرحيل. كان يوسف يسكن منزلاً من طابقين مع زوجته وطفله، ويقتسم المبنى مع شقيقته وشقيقه وأمه. وقال إنه عاد إلى رفح من الداخل المصري في 28 أكتوبر/تشرين الأول، بعد يوم من تلقي مكالمة من شقيقته التي أخبرته بأن دورية للجيش أبلغت العائلة بالإخلاء خلال 36 ساعة. وقد وجد الشارع مليئاً بالدبابات وكانت مروحيات الأباتشي الهجومية تحلق فوقه:

كنت ما زلت أتحدث مع عائلتي في المنزل حينما عاد الجيش وقالوا إنهم لا يريدون رؤيتنا هنا. فقلت ماذا إذا لم نرحل، فقال لي [أحد ضباط الجيش] إنهم سينسفون المنزل بما فيه بدون إنذار آخر. فقلت لعائلتي إننا لن نأخذ شيئاً ولن نرحل. انهارت أمي، ولم تعد تتحدث كثيراً منذ ذلك الحين وهي دائمة البكاء. وبينما كنا نجلس في المنزل في نفس اليوم، جاءت جرافة وبدأت في تدمير الجدار الخارجي لمنزلنا بينما أحاطت به دبابات الجيش وعرباته المدرعة. فشعرت بالغضب والإهانة الشديدين، ورفضت أخذ أي شيء من المنزل، وقلت إننا لسنا أغلى من المنزل الذي قضينا فيه لحظات عمرنا كله. إنني أفضل تدمير المنزل فوق راسي. فجاء أبناء عمومتي وحاولوا نقل ما استطاعوا من الأثاث، لكنني ظللت أصيح فيهم، "ما فائدة الانتقال بدون منزل وبدون ذكرياتنا وموطننا؟".[138]

ولم يعد الجيش لهدم منزل يوسف حتى أوائل ديسمبر/كانون الأول. وقال إن ضباط الجيش طلبوا منه هو وملاك تسعة منازل أخرى تنفيذ عمليات الهدم بأنفسهم. وحينما سأل يوسف والآخرون عن السبب، قال الضباط إنهم يشتبهون في وجود متفجرات داخل المنازل. فاستأجر أحد الملاك جرافة وهدم منزله جزئياً. وبعد ذلك قال الجيش إنهم سيهدمون بقية المنازل التسعة بأنفسهم، بحسب يوسف.

وأضاف يوسف أن ضباط الجيش كانوا في بعض الأحيان يستخدمون الكلاب المدربة عند مداهمة المنازل، وأن الجيش دمر بعض المنازل رغم بقاء الأثاث بداخلها عند اعتراض شاغليها على الرحيل. وقال يوسف إن استخدام القوة أرهب السكان واضطرهم للانصياع.

وقال محسن، وهو حِرفي، لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلته التي تسكن حي الحلوات برفح، لم تتلق أي إخطار مكتوب أو شفهي بالإخلاء. ومع ذلك فقد بدأت عائلته في الإخلاء في أواخر أكتوبر/تشرين الأول بعد سماع العديد من الجيران يتحدثون عن قرار الإخلاء. وقال محسن إن مسؤولي الحكومة الذين تحدثوا على التلفاز زعموا أن القادة المحليين وافقوا على الإخلاء نيابة عن السكان. وقال محسن إن الزعم بموافقة السكان المحليين على الإخلاء غير صحيح و"مجرد كلام إعلامي". وقد تم هدم منزل عائلة محسن فيما بعد.[139]

وكانت الحاجة زينب، وهي سيدة في الستينيات من العمر، تعيش مع عدة أبناء وبنات في حي صلاح الدين، على بعد نحو 300 متر من الحدود في منزل من طابقين. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إن دورية للجيش حضرت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول وأنذرت عائلتها بالرحيل. وقال سكان آخرون للحاجة زينب إن زعماء القبائل في رفح وافقوا على الإخلاء، لكن الحاجة زينب قالت إن أحداً لم يعرف من يكون هؤلاء الزعماء.[140]

ووصفت الحاجة زينب ألم فقدان منزلها:

قالت لي أمي: ‘الشجرة مسؤوليتك أنت. لقد أطعمتك منها وربيتك من خيرها. حتى في زمن الحرب، كنا نعيش من زيتها عندما كان الجميع عاجزين عن العثور على طعام‘. والآن لا أجد ما أفعله سوى أن أحتضن الشجرة وأقبلها وأقول: ‘سامحيني يا أمي، ماذا بيدي أن أفعل؟‘
....
إن قلبي ينفطر على كل تفصيلة في المنزل. كل إطار لصورة، وكل حجر، وكل قطعة لها تاريخ وحكايات. كيف كانت حياتنا حلوة، وكيف جاهدنا وبنينا حياتنا من لا شيء بدون جنيه واحد من هؤلاء القادمين لتدمير حياتنا.[141]

كما قصت سيدة أخرى، هي فداء، كيف تفرجت عائلتها على نسف منزلها:

كنا نراقب من منزل أقاربنا المجاور حينما نسفوه. وفي لحظة الانفجار شعرت بقلبي يتمزق... ما زلت أحلم بذلك المنظر. كانت أول مرة في حياتي أرى فيها زوجي يبكي... انفجر الأطفال في البكاء حينما شاهدوا أباهم وسألوه: "لماذا يهدم الجيش منزلنا ويجعلك تبكي يا أبي؟". ولم يدر كيف يرد عليهم، لكنهم بعد بعض الوقت من لعبهم في الشارع مع أطفال آخرين، تعلموا من بعضهم البعض أن يصفوا الجيش بالخونة، والسيسي بالخائن.[142]

التعويضات غير العادلة والتنازل عن الملكية بالإكراه

كان قانون التعبئة العامة لسنة 1960، الذي يسمح بنزع الملكية "لصالح المجهود الحربي"، يشكل جزءاً من الأساس القانوني لمرسوم المنطقة العازلة الصادر في 2014. وينص القانون على تخويل الرئيس سلطة تشكيل لجنة تكلف بتحديد قيمة التعويضات عن الممتلكات المنزوعة في زمن الحرب. ويقرر القانون أن على السلطات تسجيل العقارات في وجود أصحابها عند نزع الملكية، ومرة أخرى عند ردها. وقد نص المرسوم رقم 2152 لسنة 1960 على أن تكون لجنة التعويضات في سيناء، التي لم تكن مقسمة إلى محافظتين في ذلك الوقت، بقيادة المحافظ، وأن تتضمن مأمور قسم الشرطة المركزي بالمحافظة، والسكرتير الأول للمحافظ، واثنين آخرين من الوجهاء يعينهم المحافظ. كما جعل القانون مداولات لجنة التعويضات سرية. ثم عمل مرسوم آخر، هو المرسوم 540 لسنة 1987، على تعديل الإجراء باشتراط حضور المستشار العسكري للمحافظ وأحد ممثلي الجيش لاجتماعات اللجنة.

وبموجب قانون التعبئة العامة، يمهَل أصحاب العقارات سبعة أيام لاستئناف قرار لجنة التعويضات أمام لجنة أخرى شكلها وزير الدفاع وتضم رئيس إحدى المحاكم وقاض آخر، وممثل لوزارة التموين. ويقرر القانون أن على اللجنة "سرعة" النظر في الاستئناف، وأن قرارها نهائي. وتتولى مادة أخرى في قانون التعبئة العامة معاقبة من يرفض نزع الملكية بالسجن والغرامة.

لكن بحسب السكان الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات فإن الحكومة لم تقدم تعويضات كافية للسكان الذين تم إخلاؤهم في شمال سيناء عن ممتلكاتهم التي فقدوها، كما أوقفت التعويضات على توقيع السكان على تنازل يقرر أنهم تنازلوا عن ممتلكاتهم طواعية للجيش، مما يمنع السكان من رفع الدعاوى القانونية في المستقبل. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على نسخة من هذا التنازل.

إن غياب الإنذار، والأمر بسرعة الرحيل، ومناخ الترهيب المتولد عن التمرد العنيف في شمال سيناء، ورد الحكومة الثقيل عليه، عملت كلها على إثناء السكان عن الطعن على إخلائهم وما تقرر من تعويضات.

ولم يقم مجلس مدينة رفح، ولا مهندسو الجيش الذين أجروا قياسات أبعاد المباني بغرض تحديد التعويضات، بالتشاور مع الملاك، كما قال الشهود لـ هيومن رايتس ووتش، ولم يسمح للملاك بالاعتراض على الأبعاد. وبحسب بيانات حكومية وبعض السكان فإن قيم التعويضات بلغت 1300 جنيهاً مصرياً (170 دولار أمريكي) عن المتر المربع من الطابق الأرضي لكل منزل، و1200 جنيها مصرياً (157 دولار أمريكي) عن المتر المربع من كل طابق إضافي. ولم تقدم الحكومة تعويضاً عن الحدائق أو الأراضي المزروعة، التي صنفتها كأراض "فضاء"، ولا عوضت السكان عن الأمتعة المفقودة أو الكرب الشخصي. وقال جميع السكان الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات، وكانوا يمتلكون أراض فضاء أو زراعية، حتى المزروعة منها، إنهم لم يحصلوا على تعويضات عن الأراضي أو المحاصيل. وقامت اللجنة الحكومية برئاسة المحافظ بتقدير التعويضات دون تشاور عام، كما يقضي قانون التعبئة العامة لسنة 1960 والمراسيم اللاحقة.

ولم يقم أي من السكان الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات بالطعن على مبلغ التعويض أمام لجنة التعويضات الحكومية، ولا كانوا يعرفون أي شخص قام بهذا. وفي ديسمبر/كانون الأول 2014، أفاد موقع "مصر العربية" الإخباري على نحو مماثل بأن السكان الذين أرادوا الطعن على مبالغ التعويض عجزوا عن الاجتماع بلجنة التعويضات أو المحافظ.[143] وقال السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن الحكومة طلبت من الساعين إلى الطعن على مبالغ التعويضات أن يطعنوا أمام مجلس مدينة رفح، أي أمام نفس الموظفين الذين منحوهم شيك التعويض. وقد حاول ساكن واحد ممن تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش أن يطعن على مبلغ التعويض أمام مجلس المدينة. وقال إن موظف مجلس المدينة الذي تحدث معه أثناه بقوله إن العملية تتسم بالبيروقراطية ولن تغير شيئاً.

وقال محام من منظمة مختصة بالحق في السكن لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يقدموا المساعدة ولا طعنوا على قرارات الإخلاء في المحكمة بسبب مناخ الترهيب. وقال محام آخر إن الشاكي في مثل تلك القضايا يجب أن يكون مواطناً تعرض للإخلاء، لكن العديد من العائلات قالت إنهم خافوا من الاعتقال أو الترهيب إذا طعنوا أمام محكمة.

وقالت 9 من العائلات الـ11 التي تحدثت مع هيومن رايتس ووتش إن التعويضات غير كافية لشراء منازل جديدة أو أراض مكافئة لعقاراتهم السابقة. وبحسب تلك العائلات وتصريحات حكومية فإن أي شخص كان يمتلك عقاراً عثر الجيش بداخله على نفق يسقط حقه في التعويض. لكن السكان قالوا إن الجيش لم يجر تحقيقات لتحديد مسؤولية الملاك الفردية عن الأنفاق. وقال ناشط ومالك لأحد المنازل برفح لـ هيومن رايتس ووتش إن مدخل النفق المزعوم يكون في بعض الأحيان حفرة سببها المطر، لكن الجيش يظل يعتبر المالك مسؤولاً عن نفق.

وقالت أم محمد لـ هيومن رايتس ووتش إنها تنفست الصعداء لحصول عائلتها على بعض التعويض، على عكس عائلات أخرى.

وقالت: "لم تساعدنا الدولة بشيء فيما عدا التعويض، وحمداً لله أننا حصلنا عليه. كنا خائفين لأننا رأينا كثيرين حولنا لم يحصلوا على تعويض بذريعة الأنفاق. لقد أغلقت الأنفاق منذ أكثر من عام أصلاً، والحكومة هي التي اضطرت الناس لحفر الأنفاق في البداية بعد أن أغلقت المعابر الحدودية في وجه حماس في عهد مبارك".[144]

وقالت أم محمد لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجها اضطر للانتظار أسبوعاً بعد هدم منزلهم لكي يقابل مجلس المدينة، لأن عملية الهدم لم تكن قد سجلت بعد. واستغرق الأمر أسبوعاً آخر حتى يحصل زوجها على أوراق من مكاتب المياه والكهرباء وغيرها من المكاتب الحكومية، تثبت أن عائلته سددت الفواتير، بحسب قولها. وبعد حصولهم على الشيك من مجلس المدينة، رفض البنك السداد طوال أيام، قائلاً إنهم لم يتلقوا أمر الدفع بعد.[145]

وقالت أم محمد: "كنا نخشى ألا يدفعوا لنا، فلا يكون أمامنا بديل آخر لمواصلة الحياة".[146]

وكانت العائلة تمتلك أرضاً رزاعية مزروعة بأشجار الزيتون، لكنها قالت إنها لم تحصل على تعويض عنها. وحصلت عائلة زوج أم محمد على نحو مليون جنيه مصري (131000 دولار أمريكي) على سبيل التعويض، اضطروا لتقسيمها فيما بين أفراد العائلة الممتدة واستخدامها لشراء أو استئجار مساكن جديدة في العريش. وقالت أم محمد إن تعويض عائلتها كان أفضل من تعويضات بعض الآخرين لأن مبناهم كان "قديماً وبسيطاً" مقارنة بمنازل أخرى قد تصل قيمتها إلى 5000 جنيه مصري (655 دولار أمريكي) للمتر المربع. وقالت إن العقارات في العريش، رغم هذا، كانت أغلى بكثير مما هي في رفح.

حصلت عائلة محسن على مليون جنيه مصري (131000 دولار أمريكي). وقال إن المبلغ "لا بأس به" فقط لأن عائلته صغيرة العدد نسبياً ـ والدته ووالده وشقيقان بزوجيهما وأطفالهما ـ ومنزلهم قديم وبسيط. ولم تحصل عائلة محسن على تعويض عن أرض فضاء وغرفتين صغيرتين على السطح.[147]

وقال يوسف إنه توقع أن يصل مبلغ التعويض عن منزل عائلته إلى نحو 800 ألف جنيه مصري (105000 دولار أمريكي)، مما يجعل "من المستحيل" عليه وعلى أشقائه شراء شقق جديدة لعائلاتهم. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه رفض القيام بأي إجراء من الإجراءات المطلوبة لتلقي التعويض لأنه يرفض الإخلاء القسري من حيث المبدأ.[148]

وقال: "هل ستعوضونني عن منزلي، وعن القيمة المادية والنفسية والاجتماعية الفعلية التي استثمرناها فيه؟... لن أسعى في أية أوراق. إذا أرادت عائلتي الرحيل فهم أحرار. لكنني لن أشارك في هذه المهزلة".[149]

وقال سامح لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلته حصلت على مبلغ يقل بمقدار 39 ألف جنيه (5110 دولار أمريكي) عما ظنوا أنهم سيحصلون عليه. كما لم يتم تعويضهم عن أرض فضاء كانوا يمتلكونها حول المنزل. وقال إنهم اضطروا للانتظار طوال بضعة أسابيع بعد الهدم لتلقي التعويض، حيث أن البنك رفض صرف شيكهم على الفور، بزعم عدم توافر نقدية كافية.[150]

وقال مرزوق، وهو ساكن آخر، إن عائلته طعنت على مبلغ التعويض المقرر لهم والبالغ 430 ألف جنيه مصري (51000 دولار أمريكي) حيث يعتقد أنه يجب أن يكون 600 ألف جنيهاً مصرياً (77000 دولار أمريكي) على الأقل، وفق حجم المنزل.

وكان مرزوق وأقاربه قد ذهبوا قبل الحصول على الشيك إلى مجلس مدينة رفح لتسليم أوراقهم بعد استكمالها، والسؤال عما إذا كان يمكن لهم أن يعرفوا قياسات الحكومة لمنزلهم، علاوة على حقوقهم القانونية. ورد موظف مجلس المدينة "باشمئزاز ووقاحة" بأنه لا يوجد ما يخبرهم به، وبأن "الشيك في الطريق". وحينما صاح مرزوق وأقاربه في الموظف، هددهم باستدعاء الجيش.

وبعد الحصول على الشيك عادت العائلة إلى مجلس المدينة للطعن على المبلغ. فقال لهم موظف المجلس أن يملأوا طلب الطعن، لكن بينما كانوا يبدأون في العملية، قال الموظف: "لن تخرجوا بشيء.... ما تم نسفه قد تم نسفه، فمن أين ستأتون بقياسات مختلفة؟ إنهم لا يقبلون سوى القياسات التي أخذتها اللجنة".[151]

حصلت كل أسرة ضمن عائلة مرزوق الممتدة على 110000 جنيهاً مصرياً (14400 دولار أمريكي) بعد اقتسام قيمة التعويض الإجمالية فيما بينهم، وهو ما قال مرزوق إنه لا يكفي لشراء منزل جديد مكافئ لمنزلهم السابق. وقال إنهم لم يحصلوا على تعويض عن 400 متر من الأرض المزروعة بأشجار الزيتون. كما كانوا يمتلكون أرضاً بها مبنى صغير، لكن الحكومة رفضت تعويضهم عنه، قائلة إن المبنى تم تشييده مؤخراً.

وقال جميع السكان الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات إن موظفي مجلس مدينة رفح قالوا لهم، من أجل الحصول على تعويض، أن يوقعوا على ورقة تقرر تنازلهم الطوعي عن منازلهم وعن ملكية عقاراتهم وتسليمها للجيش. وقال بعض السكان إن المسؤولين حذروهم من أنهم سيخسرون نقود التعويض ويتعرضون للمتاعب إذا لم يوقعوا الورقة.

وقالت أم محمد إن زوجها حين قدم جميع الوثائق اللازمة، قالوا له أن يعود بعد يومين. وحينما عاد لأخذ الشيك، طلبوا منه التوقيع على الورقة أولاً:

ووقع بدون حتى أن يقرأها لأنه كان مستنفداً بالفعل وكان يعرف أن الموضوع خارج أيدينا. لكن بعد بعض الوقت، أدركنا أن ما وقعه كان بمثابة تنازل أو عقد بأننا بعنا منزلنا طواعية للدولة وللجيش.[152]

وبالمثل، قال سامح إن الورقة التي وقعها والده كانت تقرر أن أحداً لم يجبرهم على الرحيل وأنهم باعوا منزلهم طواعية "للدولة". وقال أحد موظفي مجلس المدينة للعائلة إن "أي شخص يرفض التوقيع لن يحصل على نقود كما سيصفونه بأنه إرهابي"، بحسب قول سامح. وأضاف: "وقع الناس بدافع الخوف ولم يتخيل أحد أي بديل. وقال لنا [موظفو مجلس المدينة]، ‘إذا سألتكم وسائل الإعلام فقولوا لهم إنكم تفعلون هذا لأن مصر في خطر ونحن ندافع عنها ضد الإرهاب".[153]

وقالت الحاجة زينب لـ هيومن رايتس ووتش إنه "لا توجد نقود يمكن أن تعوضنا عن ذكرياتنا أو عن يوم واحد نعيشه على أرضنا". وقد اشترت عائلتها بقيمة التعويض قطعتين من الأرض في العريش، على بعد نحو 50 كيلومتراً غربي رفح، في منطقة وصفتها بأنها "مشبوهة" بغرض توفير المال. لكنها قالت إن العائلة لم يبق لها مال يذكر لبناء منزل جديد:

إننا نشعر الآن بأننا عرايا، بدون وطن. ابني الأصغر، الذي لم يكمل تعليمه، يقول إنه لم يعد له وطن. ويريد أخذ قارب والرحيل إلى السويد، للعثور على بلد يحترمه.[154]

وقد قال اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، لصحيفة الشروق في 23 أبريل/نيسان 2015 إن السلطات قبلت 87 طعناً من العائلات أثناء الجولة الأولى من عمليات الإخلاء. لكنه لم يقدم أية تفاصيل إضافية.[155] كما قال المحافظ حرحور لصحيفة الشروق إن الحكومة صرفت 572 مليون جنيه (75 مليون دولار أمريكي) كتعويضات في المرحلتين الأوليين من عمليات الإخلاء.[156] وقال إن الحكومة هدمت 811 منزلاً ووزعت 275 مليون جنيه على 711 من الملاك أثناء المرحلة الأولى ـ بمعدل تقريبي يبلغ 51000 دولار للمالك الواحد ـ ودمرت 1247 منزلاً ووزعت 296 مليون جنيه على 964 من الملاك في المرحلة الثانية، بمتوسط قدره 40000 دولار للمالك.[157]

غياب الإسكان المؤقت وعدم كفاية المساعدات

قالت الحكومة إنها ستقوم، بجانب التعويضات عن نزع الملكية، بتوزيع 900 جنيه (118 دولار أمريكي) لكل مبنى مدمر لتغطية الإسكان المؤقت لفترة 3 شهور عقب هدم كل منزل. وهذا المبلغ، الذي يساوي نحو 40 دولار في الشهر، هو مبلغ ثابت بصرف النظر عن عدد شاغلي كل منزل مهدم أو احتياجاتهم.[158] وقد قالت كل عائلة من العائلات التي أجرت معها هيومن رايتس ووتش المقابلات إن المبلغ غير كاف إلى حد بعيد. وفي يناير/كانون الثاني أعلن المحافظ حرحور أن الحكومة سترفع المبلغ إلى 1500 جنيه (197 دولار أمريكي).[159]

ولم تقل عائلة من الـ11 الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش إنهم حصلوا على إسكان أو إيواء مؤقت من الحكومة، وقالوا إن الحكومة لم توفره لأية عائلة أخرى.

وقال السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات لم تتسم بالسرعة دائماً في تنفيذ الهدم، تاركة إياهم للعيش في منازلهم التي أخليت من الأثاث والمتعلقات، بدون ماء أو كهرباء في بعض الأحيان، طوال أيام أو أسابيع.

وقال العديد من السكان الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش إن قيمة إيجار شقة مؤقتة صغيرة في العريش القريبة، لمدة شهر واحد، تبلغ في المتوسط ألف جنيه مصري، مما يزيد على مجمل المبلغ المقرر لتغطية إيجار 3 أشهر لعائلة ممتدة. وقالت عائلات عديدة أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء إنفاق الوقت في المكاتب الحكومية لتلقي مبالغ الإسكان المؤقت بسبب ضآلتها الشديدة.

وقد تمت عمليات الإخلاء في الشتاء، حينما يكون الجو مطيراً وبارداً بحسب العائلات. وبالنظر إلى انعدام الإخطار أو قصر مهلته الشديد فقد عانت العائلات، كما قالت لـ هيومن رايتس ووتش، من صعوبة الظروف أثناء الانتقال.

وكانت الحكومة أحياناً تقطع الماء والكهرباء عن أحياء بأكملها في الأيام القليلة الأولى من عملية الإخلاء، فتضطر محال البقالة وغيرها من المنشآت إلى إغلاق أبوابها. وقال السكان إنهم كانوا يعتقدون أن الأمر مقصود لإرغامهم على الرحيل. وقد تسببت الأمطار في إفساد بعض الأجهزة الكهربائية، التي كانت العائلات كثيراً ما تتركها مؤقتاً في الشارع أو في أفنية المنازل. كما أن حظر التجول من الخامسة مساءً إلى السابعة صباحاً، المفروض في أكتوبر/تشرين الأول 2014 ضمن حالة الطوارئ، كان يلزم العائلات بإجراء جميع استعداداتها وتحركاتها في النهار. ولم يقبل الجيش أي استثناء من حظر التجول حينما طلبت منه بعض العائلات هذا. فيما بعد قام السيسي بإنقاص ساعات حظر التجول بمقدار 3 ساعات، في ديسمبر/كانون الأول 2014، وبمقدار 3 ساعات أخرى في مارس/آذار 2015.

وأدى ارتفاع الطلب على النقل إلى ارتفاع أسعاره. وقالت بعض العائلات إنهم اضطروا لدفع مبالغ تصل إلى ألف جنيه مصري (131 دولار أمريكي) لنقل أمتعتهم، بينما كان من شأن عملية نقل كهذه أن تتكلف 300 جنيه (39 دولار أمريكي) قبل الإخلاء. كما ارتفعت أسعار المساكن في العريش، أكبر البلدات القريبة.

وتساءل أبو إسماعيل، وهو رجل في الخمسينيات من العمر: "تخيل مدينة بأسرها يتم إخلاؤها في ساعات قليلة، أين ستجد أي عمال أو عربات [للمساعدة]؟".[160]

وقالت أم محمد لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلتها اضطرت لتغطية أجهزتها الإلكترونية بالبلاستيك لحمايتها من المطر. ولم تكن السيارات التي جاءت من العريش والشيخ زويد، وهي بلدة أخرى مجاورة، كافية لتلبية طلب السكان الذين تم إخلاؤهم، بحسب قولها.

وقالت: "إن مشكلتنا الآن هي العثور على عرض مناسب في العريش، لأن الأرض هناك مرتفعة الثمن. لقد استأجرنا شقة صغيرة في العريش مقابل ألف جنيه (135 دولار أمريكي) لحين العثور على أرض نشتريها".[161]

ولم يستطع يوسف العثور على عربة لنقل أثاث عائلته، فقام ابن عمه بنقل الأثاث إلى أرض تخص بعض الأقارب خارج المنطقة العازلة، حيث تعرض قسم كبير منه للتكسر أو التلف بسبب المطر.[162]

وقال سامح لـ هيومن رايتس ووتش إن "والدته كانت تبكي طوال الوقت على أثاثها الذي تكسر، وتقول: "كان هذا أثاث جدتك رحمها الله‘، أو ‘هذا الطاقم الزجاجي الخاص في المطبخ كان الطاقم الذي أهداه لي أبوك عند زواجنا منذ عشرات السنين‘".[163]

واضطرت العائلات النازحة لترتيب شؤون الإقامة بأنفسهم، فانتقل كثيرون منهم إلى العريش، بينما اختار كثيرون، وخاصة من يعملون في الزراعة، الانتقال إلى منطقة الصالحية الزراعية بمحافظة الشرقية، بالقرب من دلتا النيل، حيث يمكنهم استئجار الأراضي لاستئناف عملهم في الزراعة. وانتقل آخرون إلى القاهرة أو مدينة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس.

وأفادت بعض الصحف بالتركز المؤقت للعائلات النازحة في موقعين على الأقل بالعريش، حيث كانوا يعيشون في خيام أو في ملاجئ مقامة على عجل.[164] وفي أغسطس/آب تقدم صلاح السلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بطلب "تدخل عاجل" من وزارة الصحة والسكان لمساعدة نحو 1800 عائلة نزحت بفعل التمرد في شمال سيناء، واضطرت للعيش في تجمعات عشوائية في العريش وحولها. وقال السلام إن وفداً من المجلس شاهد 20 تجمعاً للنازحين من المنطقة الحدودية، لم يحصلوا على أي تعويض.[165] وأفادت تقارير بأن بعض السكان أطلقوا مبادرة من المجتمع المدني لتوصيل بعض الأغطية والأدوية للعائلات النازحة. وتعهد المجلس القومي للمرأة بمبلغ 100 ألف جنيه (12623 دولار أمريكي) لمساعدة العائلات المقيمة في ملاجئ بالصحراء، بحسب تقارير إعلامية في أغسطس/آب.[166]

أقامت عائلة الحاجة زينب مع قريب لها في منطقة برفح تقع في المرحلة الثانية من منطقة الإخلاء، قبل انتقالها إلى شقة مستأجرة في العريش.

وقالت الحاجة زينب: "استأجر أبنائي شقة مقابل ألف جنيه شهرياً في العريش، وهي لا تساوي 200 جنيه حتى. إنها صغيرة جداً، من غرفتي نوم، لكن ماذا نستطيع أن نفعل؟ .... لم تعطنا الحكومة جنيهاً واحداً مقابل الإسكان كما قالت".[167]

وقال يوسف إن نقود الحكومة المخصصة لـ3 شهور من الإسكان المؤقت "مضحكة" ولا تكفي "حتى لحظيرة أبقار"، وإن عائلته لم تتقدم للحصول عليها.[168]

وقال سامح إن عائلته استأجرت شقة صغيرة في العريش مقابل 1200 جنيه شهرياً:

الشقة صغيرة. ومن المحبط أن يضطر 8 أشخاص الآن للعيش في شقة صغيرة، لا يتمتع فيها أحد بالخصوصية... ما زلنا لا نعرف ماذا نفعل بالنقود التي تسلمناها (نحو 800000 جنيه)... فمتوسط سعر شراء الأرض هنا (في العريش) هو 900 جنيه للمتر... كنت قد خطبت فتاة وأعددت شقتي الخاصة من قبل. والآن لا أعرف ما إذا كنت سأتزوج أو أين سأعيش.[169]

وقالت بعض العائلات إن الجيش كان يستغرق أحياناً بين بضعة أيام وبضعة أسابيع لهدم منازلهم بعد أمرهم بإخلائها خلال 36-48 ساعة. ولم يكن لدى بعض السكان مكان يذهبون إليه، بينما خشي آخرون من أنهم إذا رحلوا فقد يحفر البعض نفقاً تحت عقارهم، وتكون النتيجة أن يفقدوا فرصة الحصول على التعويض.

لم ترحل عائلة يوسف عندما لم يعد الجيش على الفور لتنفيذ عملية الهدم. وقال يوسف لـ هيومن رايتس ووتش:

في اليوم الثاني، لم يأت الجيش. وقررنا أن نبقى لأننا لم نكن نعرف أين نذهب. لم يقدموا لنا بديلاً... وفجأة انقطع الماء والكهرباء وجميع الخدمات، واضطررنا للبقاء في المنزل في طقس مطير وشديد البرودة. تخيل أن تقضي الليل في الظلام محاولاً التعامل مع الوضع، ومحاولا الذهاب للحمام وحولك قنص عشوائي من جميع الاتجاهات، وأصوات الكلاب، وأمك وشقيقتك تبكيان وتتذكران روح أبيك. كنا نرى أبي وهو يشرف على بناء هذا المنزل ويعمل بيديه مع العمال... كنا نبكي ونتخيل أنه لو كان حياً وسطنا ورأى منزله يهدم ظلماً لمات من الألم.[170]

وقال سامح، الذي كان يعيش مع أبويه وشقيقين متزوجين، إن عائلته سارعت إلى إفراغ منزلهم من الأثاث، لكن الجيش لم يعد لمدة تشارف على الشهر بعد الإنذار الذي أمهلهم 48 ساعة. وكانت عائلات رفح تحاول أخذ كل شيء من البيوت قبل هدمها، وهكذا عاشت عائلة سامح في منزل بدون نوافذ أو أبواب أو كهرباء أو مياه، بعد نقل أمتعتهم. كانوا يخشون أن يأتي أحد ليحفر نفقاً في غيابهم. وقال: "كان من شأن حياتنا أن تدمر نتيجة لهذا". وكان ذلك الشهر، على حد تعبير سامح، "من أصعب فترات حياتنا".[171]

كان على أي شخص يحتاج لاستخدام الحمام أن يمشي حتى منزل أحد الجيران على بعد 500 متر، ولا يمكن لأحد مغادرة المنزل بعد الخامسة مساءً بسبب حظر التجول. كانت العائلة تجمع الحطب نهاراً لإحراقه للتدفئة ليلاً. وذات ليلة مرضت ابنة شقيق سامح، وأراد والدها إحضار الدواء من أحد الجيران، لكن الجيش كان يطلق النيران، وقضت ابنة شقيق سامح الليلة تحت تأثير حمى "شديدة الارتفاع".

وفي ليلة أخرى، كما قال سامح، كان الطقس فيها مطيراً والريح عاصفة، مع ارتفاع أصوات الطلقات النارية ونباح الكلاب، سمعوا انفجاراً عنيفاً مباغتاً:

وفزعت شقيقتي الصغرى وابنة أخي حتى انفجرتا في البكاء وبللتا أنفسهما من الخوف... لقد سقط جزء من جدار منزلنا. واعتقدنا أنه هجوم أو حرب، لكننا لم نفهم ما حدث حتى اليوم التالي، حينما علمنا أنهم نسفوا أحد المنازل المجاورة.[172]

وقالت الحاجة زينب إن مسؤولي الحكومة في نشرات الأخبار المتلفزة زعموا أنهم يساعدون سكان رفح في الانتقال، "لكننا لم نر مسؤولا واحداً... واستطعنا بالكاد العثور على عربة لنقل أثاثنا". وعلى غرار سامح، قالت الحاجة زينب إن عائلتها اضطرت للعيش في منزلها لمدة 10 أيام في انتظار هدمه.[173]

ووصفت فاطمة، وهي معلمة بإحدى المدارس، الأيام القليلة الأخيرة لعائلتها في رفح:

كيف سيكون شعورك حين ترى رجلا مسناً يبكي ويقبل جدران المنزل وأرضه ويحطم قلبك بينما يكون عليك أن تساعد في نقل أمتعتك بأقصى سرعة ممكنة؟ كيف سيكون شعورك حينما ترى صورة زفاف عمرها عشرات السنوات ملقاة على الأرض ومكسورة تحت المطر والرمال؟

ورغم أن الجيش قال إن تدمير المنزل وشيك، فقد مر أسبوع قبل عودتهم.

أثناء انتظارنا كان زوجي ينام في المنزل لحمايته، لأن الجيش كان يبحث عن أي سبب لعدم دفع التعويضات للناس، مدعياً أن عندك نفقاً... وكنت أقيم مع الأطفال عند أقاربي، وكنا أحياناً نذهب إلى زوجي ونشعل النار ونتحدث عن ذكرياتنا وكل لحظة عشناها في المنزل. وذكّرنا المطر بكل مواسم الشتاء التي مرت علينا معاً على مدار 10 سنوات، وتذكرت أيام حملي، وحين وضعت ابني الأول واحتفلنا به. تذكرت رمضان وأقاربنا حولنا. تذكرت جدودنا الذين دفنوا هنا، والآن نتركهم. حتى المقابر ستضيع ولن يبقى لنا أحد نزوره أو نترحم عليه كلما افتقدناه.[174]

غياب التعويض عن الدخل المفقود

لم تقدم الحكومة للسكان النازحين أي تعويض عن فقدان مصادر دخلهم أو وظائفهم نتيجة للإخلاء.

وقالت أم محمد لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجها كان يمتلك نشاطاً تجارياً في رفح، لم تكن هناك حاجة إليه في العريش لأن الاقتصاد هناك لا يقوم على الزراعة. وقالت إنه أنفق "سنوات طويلة" في مسيرته المهنية، وهم لا يعرفون كيف سيجد وظيفة أخرى. أما هي فكانت موظفة حكومية في رفح، لكن رئيسها في العمل قال إنه لم يتلق الأوامر بنقلها إلى العريش بعد.[175]

وكان يوسف يمتلك نحو 8000 متراً مربعاً من الأرض المزروعة بأشجار الزيتون واللوز والبرتقال والخضراوات. وكانت المزرعة تمده بالطعام علاوة على كونها مصدراً للدخل، حيث اعتادت عائلته أن تؤجرها للمزارعين. لكن الجيش جرّف مزرعة يوسف دون إخطار، ولم يقدم لهم تعويضاً عنها.[176]

وقال يوسف: "من الصعب أن ترى الأرض التي اعتنى بها أمي وأبي بأيديهما، وكانا يحملان الماء للأشجار.. وسعادتهما عند تفتح النباتات بفضل جهودهما. كانت الدولة دائماً غائبة، ولم تقدم لنا أية خدمات. وبعد أن أحيينا [الأرض] وبنينا عليها وكدحنا في استصلاحها، والعيش فيها وحماية الحدود، فجأة يأتون لتدمير كل شيء. إنه أسوأ شعور بالقمع والإذلال".[177]

وكان سامح وشقيقه ووالده يديرون متجرين يدران نحو 3000 جنيه شهرياً، وقيمة إيجارهما 600 جنيه فقط. لكن استئجار متجر في العريش قد يتكلف 5000 جنيه شهرياً، كما قال. ولأن سامح لا يستطيع التنافس مع بقية المتاجر في العريش فقد افتتح متجره في الشيخ زويد. لكنه هناك لا يربح أكثر من 50 جنيهاً في اليوم، ويدفع 35 جنيهاً مقابل النقل. كما اضطره الجيش لإغلاق متجره في بداية المساء، بسبب حظر التجول.[178]

وتساءل سامح: "كيف سنبقى على قيد الحياة؟".[179]

وقالت الحاجة زينب إن ابنها الأكبر كان يعمل في التجارة والزراعة، ولا يمكنه إيجاد عمل في العريش.[180]

انقطاع تعليم الأطفال

قالت العائلات التي لها أطفال في المدارس لـ هيومن رايتس ووتش إن تحويل أطفالها إلى مدارس أخرى في سيناء اتسم بصعوبة شديدة. وفوّت معظم أطفال العائلات فصلاً دراسياً. وقالت إحدى السكان لـ هيومن رايتس ووتش إنها لم تتمكن من إيجاد مدرسة بديلة لطفلها. أما الذين وجدوا المدارس البديلة فقد اضطروا للاعتماد على علاقاتهم الحكومية للقيام بهذا. ولم يبد أن لدى الحكومة خطة للتعويض عن تأثير هدم ما لا يقل عن 6 مدارس في المنطقة العازلة، ولم تقدم للعائلات معلومات عن وجود بديل.

وقالت أم محمد لـ هيومن رايتس ووتش إن طفليها الاثنين سيفوتهما عام دراسي. وحينما ذهبت إلى مدرسة بالعريش للنظر في إمكانية نقلهما إليها، قال مسؤولو المدرسة إنه لا يوجد لهما مكان. وتمكنت عائلات أخرى في رفح، من المتمتعة "بعلاقات"، من نقل أطفالها، كما قالت أم محمد، لكنها لم تستطع هذا.[181]

وقالت فاطمة لـ هيومن رايتس ووتش إن الحكومة "كان بوسعها، على الأقل، أن تراعي ظروفنا وتنتظر انتهاء البرد القارس والفصل الدراسي الأول... لكنهم تعجلونا وكأنهم لا يريدون ترك مساحة للناس لكي يفيقوا ويوقفوا الإخلاء".

وقال أبو إسماعيل إن عائلته عجزت عن نقل ابنته إلى مدرسة جديدة بالعريش في الفصل الدراسي الأول لعدم وجود مكان، ومن ثم فقد امتحنوها في إدارة تعليمية قريبة كانت العائلات النازحة قد أرسلت أطفالها إليها بدورهم. وبحلول الفصل الدراسي الثاني تمكن أبو إسماعيل من نقل ابنته إلى مدرسة في العريش. وقد ألقى باللوم على الدولة "لغياب التخطيط" و"التعسف" في عملية الإخلاء، وقال إنه أمر "فوق طاقة المدارس" [أن تجد مكاناً للجميع]".[182]

أما مرزوق فقد استبقى أطفاله في المنزل، وجعلهم يحضرون الامتحانات في نفس الإدارة التعليمية مع ابنة أبو إسماعيل. وقال إن عائلته "سترى ما يمكن عمله" عند نهاية العام الدراسي، بعد الامتحانات النهائية.

وقال محسن، الذي له طفلان في المدراس، إن زوجته درسّت لطفليه في المنزل أثناء عملية الإخلاء، وخضع الطفلان لامتحان منتصف العام في مدرسة أخرى برفح. وعند انتقال العائلة إلى العريش، تمكن محسن من نقلهما إلى مدرسة هناك.[183]

وقال محسن: "بل إن بعض العائلات اشترت المقاعد الدراسية لأطفالها. لكن الأمر كان أسهل عليّ لأن لي قريباً يعمل في التعليم".[184]

 

 

 

IV. الإطار القانوني

عمليات الهدم بموجب القانون الدولي الإنساني

رغم أن القانون الدولي لحقوق الإنسان المتضمن في المعاهدات الأممية والأفريقية التي تعد مصر طرفا فيها، تنطبق في كافة الفترات، قد يشكل التمرد في شبه جزيرة سيناء وضعاً من أوضاع النزاع المسلح، مما يستتبع تطبيق القانون الدولي الإنساني، المعروف أيضا بقوانين الحرب.

ويعترف القانون الدولي بنوعين من النزاعات المسلحة: الدولية، التي تدور بين الدول، وغير الدولية، التي تدور بين دولة وجماعة مسلحة أو بين جماعات مسلحة مختلفة. وتجد النزاعات المسلحة غير الدولية تعريفها في المادة 3 من اتفاقية جنيف لسنة 1949، المستكملة بالمادة الأولى من بروتوكول الاتفاقية الإضافي الثاني لسنة 1977.[185]

وبموجب التفسير السائد لاتفاقية جنيف، يقع النزاع المسلح غير الدولي عندما:

  • تتمثل الأعمال العدائية في مواجهات مسلحة متطاولة بين قوات الحكومة وجماعات مسلحة، بلغت من الشدة أنها، على سبيل المثال، تضطر الدولة إلى استخدام قواتها العسكرية ضد الخصم بدلاً من الشرطة، و
  • تكون الجماعات المسلحة المتورطة في النزاع على درجة من التنظيم بحيث تتمتع بهيكل قيادي والقدرة على شن عمليات عسكرية.

وقد قام البروتوكول الإضافي بتقديم تعريف إضافي للنزاعات غير الدولية على أنها النزاعات التي تستطيع الجماعات المسلحة فيها "ممارسة درجة من السيطرة على أراضيها بحيث تتمكن من تنفيذ عمليات عسكرية مستمرة ومنسقة"، وتطبيق القانون الإنساني، إذا اختارت تطبيقه. كما أن المحاكم الدولية سبق لها وصف شروط أخرى، أكثر تحديدا، للنزاعات المسلحة غير الدولية.[186]

وبسبب رفض الحكومة المصرية السماح بوصول الإعلام أو المنظمات الإنسانية إلى شمال سيناء، والسرية التي تتبعها جماعة ولاية سيناء المسلحة، المعروفة سابقاً باسم أنصار بيت المقدس، في إجراء عملياتها، فهناك صعوبة بالغة في تقييم تنظيم الجماعة وتخطيطها الاستراتيجي من المصادر المتاحة في الحيز العام، بغرض إخضاعها لاختبار النزاع المسلح بموجب القانون الدولي.

وقد قامت السلطات المصرية، وجماعة ولاية سيناء نفسها، بتسمية بعض أعضائها المهمين في بعض الأحيان، بمن فيهم "القائد الميداني" توفيق فريج، و"القائد الأعلى" شحاتة فرحان، اللذين قتلا في 2014.[187] إلا أن تلك التقارير نادراً ما تتسم بالوضوح، وكثيراً ما تؤدي إلى أوصاف متناقضة لهيكل الجماعة التنظيمي.

ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 2013، حاولت السلطات المصرية في بعض الأحيان تحميل إدارة مرسي مسؤولية الإفراج عن إسلاميين كانوا في السجون، ثم انضموا بحسب المزاعم إلى متمردي سيناء أو قدموا لهم المساعدة. والحقيقة أن معظم هؤلاء الإسلاميين حصلوا على العفو في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو جماعة الجنرالات التي حكمت مصر بعد سقوط حسني مبارك في 2011، وفق المعلومات المتاحة في الحيز العام. وقد أفرج المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن أكثر من 800 من الإسلاميين السجناء، بينما أفرج مرسي عن 27 على الأقل.[188]

وتضمنت قوائم المفرج عنهم بعض من قضوا أحكاماً مطولة بالسجن لجرائم تتعلق بالإرهاب، وبينها التورط في اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات في 1981. وقد ضمت صفوفهم بعض أعضاء الجماعة الإسلامية، وهي شعبة متطرفة من الإخوان المسلمين، نبذت العنف في مطلع القرن الحالي، ومحمد الظواهري، شقيق أيمن الظواهري زعيم القاعدة، وهو نفسه زعيم جماعة السلفية الجهادية، وأعضاء سابقون بالجهاد الإسلامي، وهي الجماعة المتشددة التي اغتال أعضاؤها السادات ثم اندمجت لاحقا في القاعدة التي يقودها الظواهري.[189] كما تم  الإفراج عن نبيل المغربي، الذي اتهم بالمشاركة في مخطط اغتيال السادات.[190]

وفي أغسطس/آب 2013، في أعقاب عزل مرسي، اعتقلت السلطات محمد الظواهري، الذي كان قد كتب تعليقاً بموقع فيسبوك يدعو إلى معارضة الجيش.[191] وفي أكتوبر/تشرين الأول 2013 تم اعتقال المغربي، بتهمة المشاركة في محاولة أنصار بيت المقدس الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم.[192] وفي ديسمبر/كانون الأول وجهت نيابة أمن الدولة الاتهام إلى أحمد سلامة مبروك، وهو عضو سابق بالجهاد الإسلامي،بمساعدة أنصار بيت المقدس.[193]

اعتقلت السلطات الصرية عضوا سابقا بالجهاد الإسلامي، هو محمد جمال، في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بعد ما يزيد قليل على مرور عام على الإفراج عنه في أعقاب الانتفاضة. صنفت وزارة الخارجية الأمريكية جمال "إرهابيا عالميا" في أكتوبر/تشرين الأول 2013، قائلة إنه كان تدرب سابقا مع القاعدة كذلك، وأسس معسكرات تدريب في ليبيا ومصر بعد الإفراج عنه في 2011، وطلب المساعدة من أيمن الظواهري.[194]

في تلك الأثناء كانت السلطات تقدم روايات متضاربة عن قيادة أنصار بيت المقدس. فقد أشارت نيابة أمن الدولة العليا إلى مبروك، عضو الجهاد الإسلامي المسجون سابقاً، على أنه "القائد الفعلي" بحسب صحيفة الشروق.[195] لكن السلطات زعمت في مايو/أيار 2014 أنها قتلت رجلاً آخر، هو شادي المناعي، الذي وصفته أيضاً بأنه قائد الجماعة، غير أن الجماعة نفسها نشرت بياناً يقول إن المناعي لم يمت ولم يكن قائد الجماعة.[196] وفي يناير/كانون الثاني 2015، أشارت صحيفة المصري اليوم، نقلاً عن مصدر أمني، إلى رجل آخر هو أبو أسامة المصري، الذي ظهر فيما سبق كواحد من الدعاة الرئيسيين لأنصار بيت المقدس، على أنه قائد الجماعة.[197] ولكن في مايو/أيار قام بعض أفراد قبيلة الترابين باختطاف شقيق المناعي، ورصد مكافأة قدرها مليون جنيه مصري (131000 دولار أمريكي) مقابل قتل المناعي، واصفين إياه بأنه قائد جماعة ولاية سيناء.[198]

لكن رغم هذا الانعدام لليقين بشأن الهيكل القيادي للجماعة، إلا أن تصريحات الجماعة نفسها، ومسؤولي الأمن المصريين، تشير إلى ارتباط بين جماعة ولاية سيناء وقدامى الجهاديين، من أمثال مبروك وجمال، ذوي الخبرة السابقة مع جماعات مسلحة مثل الجهاد الإسلامي، والدراية بتحصيل الأموال والأسلحة وكيفية التخطيط للعمليات العسكرية.[199] كما قام أعضاء سابقون بالجيش المصري ممن غادروا وقاتلوا في الحرب السورية، بحسب تقارير، بالتخطيط لـ وتنفيذ هجمات لصالح الجماعة.[200] عقدت السلطات المصرية صلة بين وليد بدر، وهو رائد سابق بالجيش قالت الجماعة إنه نفذ محاولة اغتيال إبراهيم، وكل من جمال والمغربي.[201] كما أن مصادراً أمنية مصرية وإسرائيلية زعمت وجود صلات بين أنصار بيت المقدس وجماعات مسلحة في غزة. وحينما جُرح رجل عمره 28 عاماً، يُزعم أنه عضو في لجنة المقاومة الشعبية المتمركزة في غزة، في غارة جوية إسرائيلية في فبراير/شباط 2014، ادعى جهاز الأمن العام الإسرائيلي، أو الشاباك، أنه كان أيضاً قد هرّب أسلحة إلى أنصار بيت المقدس.[202] وأشار محللون آخرون إلى تصريحات متعاطفة مع أنصار بيت المقدس، صادرة عن جماعات متمركزة في غزة مثل مجلس شورى المجاهدين، كدليل على التعاون.[203]

ومن المرجح أن تكون مبايعة ولاية سيناء الرسمية لداعش قد وفرت للجماعة سبلاً أفضل لجمع الأموال والأسلحة. كما يبدو أن الجماعة تمارس قدراً من السيطرة على أراض، في شكل نقاط تفتيش، وقد نشرت على الإنترنت صوراً لأعضائها وهم يقومون على ما يبدو بتوزيع تعويضات على السكان المتضررين من عمليات الإخلاء.[204] ويبدو أن الجماعة تمكنت منذ مبايعة داعش من زيادة تعقيد أنشطتها الإعلامية، واستطاعت أن تنتظم في إصدار بيانات علنية تتحدث بلسانها، مصحوبة في أكثر الأحيان بصور ومقاطع فيديو معدة بعناية. ولهذه الأسباب تبدو جماعة ولاية سيناء على درجة من التنظيم تكفي لشن عمليات عسكرية. ويجوز أيضاً أن يكون النزاع بين الحكومة والجماعة قد بلغ "درجة من الشدة" تكفي لاعتباره نزاعاً مسلحاً غير دولي.

لقد قامت جماعة ولاية سيناء بهجمات كبيرة ومنسقة على المواقع الحكومية في شمال سيناء في أكتوبر/تشرين الأول 2014، ويناير/كانون الثاني 2015، ويوليو/تموز 2015، فقتلت على الأرجح أكثر من 100 جندي مصري، بحسب المنافذ الإعلامية المحلية. وربما كانت هجمة الأول من يوليو/تموز 2015 على بلدة الشيخ زويد أكبر هجمة يشنها متمردون في تاريخ مصر الحديث، وكانت هي المرة الأولى التي يستولي فيها متمردون في سيناء بشكل مؤقت على أرض مأهولة. ولم تفلح سوى هجمات مقاتلات "إف16" التابعة للقوات الجوية المصرية في طرد المقاتلين من الشيخ زويد بعد معركة دامت 12 ساعة.[205] كما استطاعت جماعة ولاية سيناء أن تستخدم الصواريخ الموجهة عالية التعقيد لتدمير دبابات وإسقاط ما لا يقل عن مروحية عسكرية مصرية واحدة، وإصابة واحدة على الأقل من قطع البحرية المصرية بتلفيات جسيمة.[206]

وقد توفي أكثر من 3600 شخصاً، بينهم مدنيون وأفراد من قوات الأمن ومتمردون مزعومون، في محافظة شمال سيناء بين يوليو/تموز 2013 ويوليو/تموز 2015، بحسب تقارير إعلامية وبيانات حكومية جمعها معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط المتمركز في واشنطن. وتفيد تقارير بأن حوالي 2650 شخصاً، أو نحو 73 بالمئة من المتوفين، لقوا حتفهم منذ الهجمة الكبرى الأولى لجماعة ولاية سيناء في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014. كما شهد شمال سيناء نحو 320 هجمة للجماعات المسلحة بين هجمة أكتوبر/تشرين الأول 2014، ويوليو/تموز 2015، مقارنة بـ 105 هجمة على مدار الشهور التسعة السابقة. وتصاعد عدد العمليات الحكومية لمكافحة الإرهاب من 177 إلى 451 في الفترة نفسها. ومن بين 283 شخصاً قتلوا في هجمات للمتمردين في شمال سيناء بين أكتوبر/تشرين الأول 3014 ويوليو/تموز 2015، توفي 64 بالمئة منهم في هجمات منسوبة إلى جماعة أنصار بيت المقدس أو ولاية سيناء.[207]

ورداً على هذا التمرد، نشر الجيش المصري آلاف الجنود، والعربات المدرعة، والدبابات، والمروحيات، على مستوى لم تسبق رؤيته في شبه جزيرة سيناء منذ حرب 1973 مع إسرائيل.[208] ولتلك الأسباب فقد يجوز اعتبار القتال بين مصر وجماعة ولاية سيناء نزاعاً مسلحاً غير دولي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 على الأقل.

وقد ببررت الحكومة المصرية عمليات هدم المنازل والإخلاء القسري التي تمت منذ هجوم أنصار بيت المقدس في أكتوبر/تشرين الأول 2014، بأنها وسيلة لدحر متمردي سيناء بمنعهم من تلقي السلاح والإمدادات والمقاتلين من قطاع غزة عبر أنفاق التهريب.

وأوضح تصريح على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع، تم نشره قبل إصدار مرسوم المنطقة العازلة في أكتوبر/تشرين الأول 2014، مشيراً إلى المتمردين بصفة "التكفيريين"، أوضح أن الأنفاق التهريب في غزة هي "أحد المصادر الرئيسية لدخول الجماعات والعناصر التكفيرية إلى سيناء، وتزويدها بالدعم اللوجيستي وبالأسلحة والذخيرة". ووصف البيان المنطقة العازلة بأنها طريقة "للقضاء أخيراً على مشكلة" الأنفاق.[209] وقال محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور إن المرسوم يقصد به "حماية مصر من الإرهاب".[210]

وقد حددت سلطات أخرى مكاسب تماسية أخرى للمنطقة الحدودية: قال أحد مستشاري كلية القادة والأركان العسكرية لإحدى الصحف إن المنطقة العازلة ستحقق ميزتين: وضع المنطقة تحت اختصاص المحاكم العسكرية، وإخلائها من المدنيين بحيث "تعتبر مسرح عمليات مفتوح".[211]

وقال السيسي في مقابلة تليفزيونية في 2014: "المنطقة العازلة أمر كان مفروض يتعمل من سنين طويلة فاتت، لأن هي كان لها تأثير كبير على الأمن في سيناء ويمكن الأمن في مصر كمان...في حدود مباشرة كانت لهذه السكان مع القطاع، قطاع غزة. وطبعا، بطبيعة الحال، مفيش سيطرة كاملة على حركة العناصر والأنشطة في هذه المنطقة".[212]

ويحتل مبدأ التمييز مكان القلب من قوانين الحرب الحاكمة للنزاع المسلح، المبدأ الذي يلزم أطراف النزاع بالتمييز في جميع الأوقات بين المحاربين والمدنيين. فلا يجوز توجيه العمليات إلا إلى المحاربين وغيرهم من الأهداف العسكرية، أما المدنيون والأعيان المدنية فلا يجوز استهدافهم. كما تحظر قوانين الحرب التهجير القسري لمدنيين "ما لم يقتض هذا أمن المدنيين المعنيين أو أسباب عسكرية حتمية".[213]

وتم تعريف الأعيان المدنية بأنها جميع الأعيان التي ليست من الأهداف العسكرية. والأهداف العسكرية هي تلك الأهداف التي "بطبيعتها أو موقعها أو الغرض منها أو استخدامها تقوم بمساهمة فعالة في العمل العسكري، ويمثل تدميرها الكلي أو الجزئي أو أسرها أو تحييدها، في الظروف السائدة آنذاك، ميزة عسكرية محققة". وفي حالة الشك يقوم افتراض بأن الأعيان المخصصة في المعتاد للأغراض المدنية، من قبيل المساكن والمدارس ودور العبادة والمستشفيات، لا تخضع للهجوم. وتظل الأعيان المدنية محمية من الهجوم ما لم تتحول إلى أهداف عسكرية. لكن فور توقف استخدام العين المدنية لخدمة أغراض الخصم العسكرية، مثل منزل يجري استخدامه كمقر عسكري، لا يعود الهجوم عليها جائزاً.

وتُحظر الهجمات العمدية أو العشوائية عديمة التمييز أو غير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية. والهجوم غير المتناسب هو الهجوم الذي تكون الخسائر العرضية المتوقعة منه في أرواح المدنيين أو في التلف اللاحق بأعيانهم مفرطة  بالقياس إلى الميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المرتقبة.

وقد تصبح العين المدنية هدفاً عسكرياً إذا توقعت الجماعة المسلحة ميزة ملموسة تكتسب في المستقبل باستهدافها، لكن افتراض أن العين المدنية ليست هدفاً عسكرياً يظل قائماً. والتصرف بناءً على النوايا المحتملة للعدو لا يكفي لتبرير الهجوم على عين مدنية. وكما كتب أحد المعلقين الأكاديميين فإنه "يسند الغرض إلى النوايا التي يعرف عنها أنها توجه الخصم، وليس إلى النوايا المستنبطة افتراضاً في خطط الطوارئ المستندة إلى "سيناريوهات أسوأ الاحتمالات"".[214]

ولا يبدو أن التدمير واسع النطاق لأحياء بأسرها في رفح يلبي الشرط المفروض بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يقضي بألا يستهدف الجيش سوى أهداف عسكرية محددة، وأن الضرر اللاحق بالأعيان المدنية الناجم عن ذلك ينبغي ألا يكون مفرطا بالنسبة إلى الميزة العسكرية المباشرة والملموسة المتوقعة. فبدلا من استهداف أنفاق محددة وتقليص الدمار المفرط، يتفق نمط الهدم في رفح مع هدف الحصول على منطقة حدودية واسعة وخالية لتسهيل ضبط الحدود، وقد قرر المسؤولون المصريون هذا بأنفسهم. ولم يقصر المسؤولون المصريون عمليات الهدم على الأنفاق الأنفاق ودمروا آلاف المنازل والمباني المدنية، فأخفقوا على ما يبدو في التمييز بين الأعيان العسكرية والمدنية وفي قصر تدمير الأعيان المدنية في حدود التناسب المطلوب.

وعلاوة على هذا، فرغم أن أنفاق التهريب قد تعتبر أهدافاً عسكرية، بقدر ما تستخدم أو يمكن أن تستخدم لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى داخل مصر، فلا يوجد تقريبا أي دليل يدعم تبرير الجيش المصري القائل بأن كل الأنفاق بين سيناء وغزة تساعد جماعات التمرد المتمركزة في سيناء، والتي تقاتل القوات المصرية. ورغم أن المسؤولين العسكريين المصريين – ونظراءهم  الإسرائيليين في عدد من المناسبات قد زعموا أن الجماعات المسلحة في سيناء تستخدم الأنفاق للحصول على أسلحة ودعم لوجستي من غزة، فإنهم لم يقدموا أدلة على ذلك.[215]

والأهم هو أن العديد من التقارير الإعلامية، والتصريحات الصادرة عن مسؤولين حكوميين أجانب ومصريين، قد أشارت إلى ليبيا والسودان بصفتهما المصدر الرئيسي لما يصل إلى سيناء من سلاح، وقررت أن الأسلحة تهرّب من سيناء إلى غزة وليس العكس. ففي 1 يوليو/تموز 2015، في أعقاب الهجوم غير المسبوق على مواقع عسكرية في شمال سيناء من جانب مقاتلين ينتمون إلى جماعة ولاية سيناء، قال اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، لأحد البرامج التلفزيونية إن ضباط الجيش في سيناء "شهدوا أسلحة لم يروا مثلها إلا في الكتيبات الدعائية"، وإن هذه الأسلحة جاءت من ليبيا.[216] وقد تم تهريب معظم الأسلحة الثقيلة المستخدمة أو التي تم اعتراضها في سيناء، بما فيها صواريخ أرض-جو المضادة للطائرات والمدافع المضادة للدبابات، من ليبيا مباشرة إلى سيناء، وبيعها وتخزينها وإعادة بيعها داخل سيناء، بحسب تقارير إعلامية نقلا عن مسؤولين عسكريين مصريين وقائد القوة متعددة الجنسيات لحفظ السلام المتمركزة في سيناء.[217] ذكر جهاز الأمن العام الإسرائيلي، المعروف أيضا بالشاباك، في مراجعة سنوية في 2012، أن "مئات الأسلحة القياسية والنوعية" بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى، والمضادة للدبابات والمضادة للطائرات، تم تهريبها من السودان وليبيا إلى غزة عبر سيناء.[218] ومن المفترض أن يكون لغلق الأنفاق فائدة عسكرية أكبر لإسرائيل، التي تواجه خصما مسلحا في قطاع غزة، مقارنة بمصر، لكن مصر لم تستشهد باحتياجات إسرائيل الدفاعية لتبرير عمليات الهدم التي تقوم بها في رفح، بل استشهدت باحتياجاتها فقط.[219] ويمكن الدفع بأن إغلاق الإنفاق يحقق فائدة عسكرية أكبر لإسرائيل، ووجدت هيومن رايتس ووتش أن الدمار الجماعي للأحياء تجاوز إلى حد بعيد حاجة الجيش المصري المعلنة لوقف التهريب عبر الأنفاق.

تعمل الأنفاق كذلك كشريان حياة حاسم بالنسبة إلى الإمدادات الأساسية لقطاع غزة المحاصر. بحلول 2011، كانت الأنفاق تجلب بضائع بقيمة 700 مليون دولار سنويا، بما في ذلك 800 ألف لتر من الوقود، و3 آلاف طن من حصى البناء، و500 طن من أسياخ الحديد، و3 آلاف طن من الأسمنت يوميا.[220]

وهذا بالإضافة إلى أن الجيش المصري، ورغم العبء الهائل الذي فرضته عمليات الهدم على السكان المدنيين، أخفق في أن يشرح لماذا لم يتسن اتباع وسائل غير تدميرية للكشف عن الأنفاق وتحييدها بطول حدود رفح، كما اتبع في أماكن مثل الحدود الأمريكية-المكسيكية، وفي المنطقة الكورية منزوعة السلاح. ويمكن أن تشمل هذه الوسائل نظام رادار مخترق للأرض أو الحث الكهرومغناطيسي لرصد مواد في الأرض، ولكن لدى مصر خبرة في وسيلة أخرى: رادار الليزر لمستشعرات الاهتزاز.

وبداية بـ 2008، وبعد أن مارست الولايات المتحدة وإسرائيل ضغوطا جديدة على مصر لوقف التهريب إلى غزة عبر الأنفاق، قام سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي، حسب تقارير، بتدريب القوات المصرية على استخدام "معدات تكنولوجية متقدمة...تشمل أدوات تقيس تقلبات الأرض وتشير إلى وجود حفر بأحد الأنفاق".[221] استمر هذا التدريب، على المعدات التي اشترتها مصر من الولايات المتحدة، في 2009.[222] في أغسطس/آب 2013، حصلت شركة رايثيون الدفاعية الأمريكية على عقد بقيمة 9.9 مليون دولار من وزارة الدفاع الأمريكية – تم تمويله عن طريق المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر – لمواصلة "الأبحاث والتطوير" على نظام لرصد الأنفاق في مصر. كان هذا النظام هو برنامج التصوير الزلزالي السيزمي من شركة رايثيون، والذي يستدم الليزر لرصد الاهتزازات في الأرض خلال الدقيقة الواحدة، لكشف الأنفاق.[223] لم توضح السلطات المصرية لماذا لم تستخدم أو لم تتمكن من استخدام هذه التكنولوجيا لتحديد مواقع أنفاق محددة.

علاوة على هذا فإن مصر لم تفسر التفاوت بين تصريحاتها الرسمية التي أفادت بأن السلطات دمرت ما يصل إلى 1400 نفقاً من خلال إنشاء المنطقة العازلة، وتصريحات الأمم المتحدة وحماس التي زعمت أن عدد الأنفاق العاملة يتراوح بين صفر و10 في مناسبات مختلفة من عام 2013. ومن المحتمل أن السلطات المصرية لم تميز، في بياناتها العلنية، بين مهاوي الوصول، والأنفاق الفعلية. اكتشفت هيومن رايتس ووتش مثالا واحدا على ذلك، في مايو/أيار 2015، عندما أشار المتحدث باسم القوات المسلحة إلى مهاوي الوصول، زاعما أن القوات أغلقت 521 بين أكتوبر/تشرين الأول 2014 وأبريل/نيسان 2015.[224] لكن بعد مرور شهر، زعمت القوات المسلحة أنها دمرت 1429 نفق تهريب منذ يناير/كانون الثاني 2014.[225]

ولأن الحكومة كان بوسعها، وقد قامت بالفعل، باستخدام وسائل أخرى لإغلاق الأنفاق ووقف التهريب، وامتلكت على ما يبدو التكنولوجيا والتدريب لرصد أنفاق محددة، ولم توضح عدد الأنفاق الفعلية التي تم إغلاقها بفضل المنطقة العازلة، فإن التهديم الجماعي لما لا يقل عن 3255 مبنى بطول الحدود بين غزة وسيناء، وتهجير آلاف العائلات، يبدو مفتقراً إلى التناسب.

إخلاء المنازل وتدميرها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان

لكن بغض النظر عما إذا كان القتال في سيناء يرقى إلى مصاف النزاع المسلح فإن إخلاء السكان وتدمير منازلهم يخضع أيضاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة الحق في السكن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي صدقت عليه مصر في 1982، والحق في الملكية بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.[226]

ويستحق من تم إخلاؤهم خارج مناطق الأعمال العدائية النشطة طيفاً من تدابير الحماية: التشاور الجاد مع السلطات، والإخطار الكافي والمعقول، ومعلومات عن عمليات الإخلاء والاستخدام المستقبلي للأرض، وتعويضات كافية أو مساكن بديلة، وسبل قانونية للجبر والتظلم، ومساعدة قانونية. فالقانون الدولي يحظر "الإخلاء القسري" المعرّف بأنه نقل الأفراد أو العائلات أو التجمعات السكانية من منازلهم أو أراضيهم رغم إرادتهم، على نحو دائم أو مؤقت، دون سبيل إلى الأشكال المناسبة من الحماية القانونية أو غيرها.[227] وتلتزم مصر ايضاً بحماية الحق في الملكية كما يرد في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، التي هي طرف فيه. ويتضمن هذا الاعتراف بحقوق الأفراد والجماعات في ملكية مساكنهم والأرض التي شغلوها تقليدياً، سواء كانت معهم وثائق مكتوبة أم لا. وينبغي أن تكون عمليات الإخلاء بمثابة الملجأ الأخير، وأن تكون مصحوبة بتعويض عادل.[228]

ولا يمكن تبرير التعدي على حق الأشخاص في مساكنهم وممتلكاتهم  إلا إذا اتسم بعدم التعسف (أي أن تكون سلطة القيام بهذا مبينة في قانون وطني واضح)، وأن يتم لغرض مشروع، وعلى نحو متناسب (أي بأقل الطرق المصممة لتحقيق الهدف تقييداً). وبالنظر إلى [اتساع] نطاق التعدي على حقوق المسكن والملكية الناتج عن عمليات الإخلاء وتدمير المنازل هذه، فإن السلطات المصرية ستحتاج إلى أدلة قوية على أن ما فعلته كان هو الخيار الوحيد المتاح لها.

لقد عملت عمليات تدمير المنازل وإخلائها في شمال سيناء على انتهاك العديد من تدابير الحماية هذه، بما فيها التدابير المتعلقة بالإخطار، والتشاور، والتعويض، والإسكان المؤقت. ولا يبدو أن عمليات الإخلاء قد تقيدت بالقانون المصري بدوره. فمرسوم المنطقة العازلة، على سبيل المثال، قرر أن على الحكومة توفير مساكن بديلة للنازحين بفعل الإخلاء. لكن الحكومة لم تقم بهذا. وينطبق قانون التعبئة العامة لسنة 1960، الذي شكل جزءاً من الأساس القانوني لمرسوم المنطقة العازلة، على حالات الحرب أو التعبئة العامة ويتيح نزع الملكية فقط "لصالح المجهود الحربي". لكن مصر لم تعلن الحرب ولا التعبئة العامة. ولا يسمح قانون التعبئة العامة ولا قانون الطوارئ (القانون رقم 162 لسنة 1958) إلا بنزع الملكية المؤقت، كما أنهما لا يتطرقان إلى هدم المنازل. وأخيراً فإن المادة 63 من الدستور المصري تحظر "التهجير القسري التعسفي للمواطنين" وتجعل منه جريمة.[229]

شكر وتنويه

قام باحث بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش بإجراء أبحاث هذا التقرير وكتابته. وقام جوش لاينز، محلل صور القمر الصناعي في هيومن رايتس ووتش، بتحليل صور القمر الصناعي. وتولى تحرير التقرير نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتوم بورتيوس، نائب مدير البرامج. كما قدم المراجعة القانونية جيمس روس، مدير الشؤون القانونية والسياسات.

وقدم المساعدات الإنتاجية أحد المساعدين بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما تولت كاثي ميلز، أخصائية النشر، وفتزروي هبكنز، المدير الإداري، إعداد التقرير للنشر. وقام المصور الصحفي المستقل ماني بإخراج المقاطع المصورة في الوسائط المتعددة المصاحبة للتقرير. وقامت غريس تشوي، مديرة النشر، بتوضيب التقرير وتصميم خرائطه. وتتقدم هيومن رايتس ووتش بصادق الشكر لجميع الأفراد الذين شاطرونا معرفتهم وخبرتهم، التي ما كان لهذا التقرير أن يخرج للنور بدونها. لقد قدم لنا هؤلاء الأفراد المعلومات، في حالات عديدة، رغم المخاطرة الشخصية وفي ظروف بالغة الصعوبة.

 [1] لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد هذه البيانات بشكل مستقل. لا تسمح الحكومة المصرية للصحفيين أو المنظمات الحقوقية بزيارة شمال سيناء بغير تصريح رسمي وتنسيق مع القوات المسلحة ، والمعتاد أن ترفض طلبات للحصول على هكذا تصريح. وقد سبق لصحفيين وبعض من سكان شمال سيناء أن قالوا إن السلطات المصرية تقدم بيانات غير دقيقة أو مبالغا فيها بشأن عمليات الاعتقال والوفيات في عمليات مكافحة التمرد.

[2] لمزيد من التحليلات عن وضع النزاع في شمال سيناء، انطر قسم "الإطار القانوني". ورغم وجود طيف متنوع من الجماعات المسلحة في شمال سيناء لمدة لا تقل عن عقد من الزمان، إلا أن جماعة ولاية سيناء تبنت مسؤولية معظم الهجمات ـ التي سببت أغلبية الوفيات ـ منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014.

[3] مراسلة هيومن رايتس ووتش الإلكترونية مع صحفيين أجانب عملوا في مصر، 28 و29 أبريل/نيسان 2015.

[4] المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ثالث حكم عسكري بإدانة صحفي في أقل من شهر، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، http://eipr.org/pressrelease/2013/11/04/1861 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[5] مراسلة هيومن رايتس ووتش الإلكترونية مع صحفيين أجانب عملوا في مصر، 28 و29 أبريل/نيسان 2015.

[6] السيد غنيم، "رئيس قطاع الأخبار بماسبيرو: لا أملك إذاعة أحداث سيناء دون الرجوع للجيش"، 1 يوليو/تموز 2015، http://www.vetogate.com/1705676 (تم الولوج في 28 أغسطس/آب 2015).

[7] القانون 95 لسنة 2015 بشأن مواجهة الإرهاب، المادة 33، 15 أغسطس/آب 2015.

[8] Human Rights Watch, Egypt – ­Mass Arrests and Torture in Sinai, vol. 17, no. 3(E), February 2005, http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/egypt0205.pdf.

[9] Mark Willacy, “Police question dozens over Egypt bombings,” ABC, July 25, 2005, http://www.abc.net.au/news/2005-07-25/police-question-dozens-over-egypt-bombings/2065592 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[10] Michael Slackman, “30 Are Killed in Sinai as Bombs Rock Egyptian Resort City,” New York Times, April 25, 2006, http://www.nytimes.com/2006/04/25/world/middleeast/25egypt.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[11] هيومن رايتس ووتش، مصر-اعتقالات جماعية وتعذيب في سيناء، قسم 17 صفحة 3(E)، فبراير/شباط 2015، http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/egypt0205.pdf.

[12] السابق.

  [13] السابق.

[14] International Crisis Group, “Egypt’s Sinai Question,” Middle East/North Africa Report No. 61, January 30, 2007, http://www.crisisgroup.org/~/media/Files/Middle%20East%20North%20Africa/North%20Africa/Egypt/61_egypts_sinai_question.pdf (accessed July 2, 2015).

 [15] السابق.

[16] International Crisis Group, “Egypt’s Sinai Question,” Middle East/North Africa Report No. 61, January 30, 2007.

[17] المصدر السابق.

[18] المصدر السابق.

[19] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع سكان رفح، 3-12 مارس/آذار 2015.

[20] وكالة "معا" الإخبارية، "جماعة إسلامية تشتبك مع الأمن المصري قرب الحدود مع غزة"، 7 فبراير/شباط 2011، http://www.maannews.com/Content.aspx?id=357697، (تمت الزيارة في 11 سبتمبر/أيلول 2015).

[21] Marwa Awad, “Egypt Army operation nets militants in Sinai-sources,” Reuters, August 16, 2011, http://af.reuters.com/article/egyptNews/idAFL5E7JG1SE20110816?sp=true (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[22] Amro Hassan, “Six dead in armed assault on Sinai police station,” post to “Babylon and Beyond” (blog), Los Angeles Times, July 30, 2011, http://latimesblogs.latimes.com/babylonbeyond/2011/07/egypt-six-dead-in-armed-assault-on-sinai-police-station.html (تم الولوج في 2 يوليو/تمز 2015).

[23] صلاح البلك، وأحمد أبو دراع وأسامة خالد، نص بيان القاعدة للمطالبة بإعلان سيناء إمارة إسلامية، المصري اليوم، 2 أغسطس/آب 2011، http://www.almasryalyoum.com/news/details/100283 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015) و Marwa Awad, “Egypt Army operation nets militants in Sinai-sources,” Reuters

[24] Amro Hassan, “Nearly 20 alleged gas pipeline saboteurs arrested,” post to “Babylon and Beyond” (blog), Los Angeles Times.

[25] Yaakov Katz, “Egypt launches massive operation to control Sinai,” Jerusalem Post, August 14, 2011, http://www.jpost.com/Defense/Egypt-launches-massive-operation-to-control-Sinai (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[26] Steven A. Cook, “The Eagle Has Landed…In Sinai?” post to “From the Potomac to the Euphrates” (blog), Council on Foreign Relations, August 17, 2011, http://blogs.cfr.org/cook/2011/08/17/the-eagle-has-landed%E2%80%A6in-sinai/ (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2014).

[27] Isabel Kershner and David Kirkpatrick, “Attacks Near Israeli Resort Heighten Tensions With Egypt and Gaza,” New York Times, August 18, 2011, http://www.nytimes.com/2011/08/19/world/middleeast/19israel.html (تم الولوج في 1 يوليو/تموز 2015).

[28] Harriet Sherwood, “Egypt-Israel border attack leaves over a dozen dead,” Guardian, August 6, 2012, http://www.theguardian.com/world/2012/aug/05/attack-across-egypt-israel-border (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[29] Sarah Lynch, “Sinai home to growing Middle East militancy,” USA Today, October 17, 2012, http://www.usatoday.com/story/news/world/2012/10/17/middle-east-militancy-growing-in-sinai/1634591/ (تم الولوج في 1 يوليو/تموز 2015).

[30] Ahmed Eleiba, Hatem Maher and Sherif Tarek, “'Operation Eagle' will not stop until Sinai is terror-free: Egypt's military,” al-Ahram Online, August 8, 2012, http://english.ahram.org.eg/News/49956.aspx (تم الولوج في 1 يوليو/تموز 2015).

[31] Reuters, “Egypt preparing to send aircraft, tanks into Sinai,” August 20, 2012, http://in.reuters.com/article/2012/08/20/egypt-sinai-idINL6E8JK9N320120820 (تم الولوج في 1 يوليو/تموز 2015).

[32] Sarah A. Topol, “Why Egypt Is Flooding the Gaza Strip's Tunnels,” Bloomberg, February 13, 2013, http://www.bloomberg.com/bw/articles/2013-02-13/why-the-egyptians-are-flooding-the-tunnels-of-gaza (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[33] Al-Masry al-Youm, “Operation Eagle to continue, say military sources,” August 28, 2012, http://www.egyptindependent.com/news/operation-eagle-continue-say-military-sources (تم الولوج في 1 يوليو/تموز 2015) و Ahmed Eleiba, “Egypt's 'Operation Eagle' Sinai campaign draws mixed reviews,” al-Ahram Online

[34] Reuters, “TEXT: Cease-fire agreement between Israel and Hamas,” November 21, 2012, http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/text-cease-fire-agreement-between-israel-and-hamas.premium-1.479653 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[35] International Crisis Group, “Egypt’s Sinai Question,” Middle East/North Africa Report No. 61, January 30, 2007.

[36] Scott Wilson, “Tunnels between Gaza and Egypt are back in business since cease-fire,” Washington Post, December 1, 2012, http://www.washingtonpost.com/world/middle_east/tunnels-between-gaza-and-egypt-are-back-in-business-since-cease-fire/2012/12/01/5f116d52-3976-11e2-b01f-5f55b193f58f_story.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[37] Scott Wilson, “Tunnels between Gaza and Egypt are back in business since cease-fire,” Washington Post, December 1, 2012, http://www.washingtonpost.com/world/middle_east/tunnels-between-gaza-and-egypt-are-back-in-business-since-cease-fire/2012/12/01/5f116d52-3976-11e2-b01f-5f55b193f58f_story.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[38] Zack Gold, “Security in the Sinai: Present and Future,” International Centre for Counter-Terrorism – The Hague, http://www.icct.nl/download/file/ICCT-Gold-Security-In-The-Sinai-March-2014.pdf (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[39] مركز ستراتفور، “Egyptian Intelligence Officials and Cease-Fire Negotiations,”، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، https://www.stratfor.com/analysis/egyptian-intelligence-officials-and-cease-fire-negotiations ـ وسي إن إن، "“Egypt and Morsi proved ‘pivotal’ in Gaza cease-fire talks,”، 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، http://www.cnn.com/2012/11/20/world/meast/egypt-gaza-morsy/ (تم الوصول في 9 سبتمبر/أيلول 2015).

[40] Fares Akram and David Kirkpatrick, “To Block Gaza Tunnels, Egypt Lets Sewage Flow,” New York Times, February 20, 2013, http://www.nytimes.com/2013/02/21/world/middleeast/egypts-floods-smuggling-tunnels-to-gaza-with-sewage.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[41] Paul Taylor and Yasmine Saleh, “Egypt flooded tunnels to cut Gaza arms flow: aide,” Reuters, February 18, 2013, http://www.reuters.com/article/2013/02/18/us-palestinians-tunnels-egypt-idUSBRE91H0JA20130218 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[42] المصدر السابق.

[43] Dan Williams, “Israel says Gaza gets anti-plane arms from Libya,” Reuters, August 29, 2011, http://www.reuters.com/article/2011/08/29/us-palestinians-israel-libya-idUSTRE77S3UO20110829 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[44] Gili Cohen, “Sinai peacekeeping force commander warns of weapons smuggling to Gaza,” Haaretz, May 31, 2012, http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/sinai-peacekeeping-force-commander-warns-of-weapons-smuggling-to-gaza-1.433567 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[45] Rym Momtaz, “Smuggled Gaza-Bound Missiles US-Made? Maybe Not,” ABC News, January 4, 2013, http://abcnews.go.com/Blotter/smuggled-gaza-bound-missiles-us-made/story?id=18133699 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[46] DPA, “Egypt busts huge explosives haul heading for Gaza, largest single shipment yet,” January 20, 2013, http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/egypt-busts-huge-explosives-haul-heading-for-gaza-largest-single-shipment-yet-1.495097 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[47] Israeli Security Agency, “2012 Annual Summary Terrorism and CT Activity Data and Trends,” http://www.shabak.gov.il/SiteCollectionImages/english/TerrorInfo/2012AnnualSummary-en.pdf (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[48] القاهرة اليوم، شبكة أوربت، 1 يوليو/تموز 2015، https://www.youtube.com/watch?v=vbPRRrEs4Y0، (تمت الزيارة في 2 يوليو/تموز 2015).

[49] Fares Akram and David Kirkpatrick, “To Block Gaza Tunnels, Egypt Lets Sewage Flow,” New York Times.

[50] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs in occupied Palestinian Territory, “Weekly Report 2-8 July 2013,” http://www.ochaopt.org/documents/ocha_opt_protection_of_civilians_weekly_report_2013_07_12_english.pdf (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[51] بيانات غير منشورة من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، أغسطس/آب 2015.

[52] David Barnett, “Ansar Jerusalem releases video of assassination attempt on Egypt’s interior minister” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, October 26, 2013, http://www.longwarjournal.org/archives/2013/10/ansar_jerusalem_rele.php (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[53] Hadeel al-Shalchi, “Militants say ex-Army major carried out Cairo suicide attack,” Reuters, October 26, 2013, http://www.reuters.com/article/2013/10/26/us-egypt-militancy-idUSBRE99P07A20131026 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[54] ياسمين صالح، رويترز، “Sinai Islamists claim responsibility for attack on Egypt minister,”، 8 سبتمبر/أيلول 2013، http://www.reuters.com/article/2013/09/08/us-egypt-attack-interior-idUSBRE9870BX20130908، (تمت الزيارة في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[55] David Barnett, “Ansar Jerusalem claims credit for suicide bombing of South Sinai Security Directorate,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies

[56] David Barnet, “Ansar Jerusalem claims responsibility for car bombing in Ismailia,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, October 21, 2013, http://www.longwarjournal.org/archives/2013/10/ansar_jerusale_claim.php (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[57] سي إن إن بالعربية، " أنصار بيت المقدس تكفّر الجيش المصري وتحذر المجندين"، http://archive.arabic.cnn.com/2013/middle_east/12/24/ansar.egypt/ (تمت الزيارة في 14 أغسطس/آب 2015).

 

[58] Al-Masry al-Youm, “Ansar Bayt al-Maqdis claims responsibility for Mansoura bombing,” December 25, 2013, http://www.egyptindependent.com/news/ansar-bayt-al-maqdis-claims-responsibility-mansoura-bombing (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[59] Mada Masr, “Ansar Beit al-Maqdes claim all four Friday blasts,” January 25, 2014, http://www.madamasr.com/news/ansar-beit-al-maqdes-claim-all-four-friday-blasts (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[60] David Barnett, “Zawahiri’s message ‘to our people in Sinai,’” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, January 27, 2014, http://www.longwarjournal.org/archives/2014/01/zawahiris_message_to_our_peopl.php (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[61] Karl Vick, “Surface-to-Air Missile Attack in Sinai Spells Trouble For Israeli Airliners,” Time, January 27, 2014, http://world.time.com/2014/01/27/missile-attack-in-sinai-spell-trouble-for-israeli-airliners/ (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015) و David Kirkpatrick, “Militants Down Egyptian Helicopter, Killing 5 Soldiers,” New York Times, January 26, 2014, http://www.nytimes.com/2014/01/27/world/middleeast/militants-down-egyptian-helicopter-killing-5-soldiers.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[62] Al Monitor, “Is Egypt winning war on terror in Sinai?” May 29, 2014, http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/05/egypt-sinai-terror-war-ongoing-Army-claims-victory.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[63] David Kirkpatrick, “Militant Group in Egypt Vows Loyalty to ISIS,” New York Times, November 10, 2014, http://www.nytimes.com/2014/11/11/world/middleeast/egyptian-militant-group-pledges-loyalty-to-isis.html?_r=2 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[64] US State Department, “Terrorist Designation of Ansar Bayt al-Maqdis,” April 9, 2014, http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2014/04/224566.htm and UK Home Office, “Proscribed Terrorist Organisations,” March 27, 2015, https://www.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/417888/Proscription-20150327.pdf (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[65] Al Monitor, “Sinai militants rise again,” October 8, 2014, http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/10/ansar-bayt-al-maqdis-impose-presence-sinai-egypt.html# (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[66] العربية، “Video shows beheading of four Egyptians in Sinai,”، 28 أغسطس/آب 2014، http://english.alarabiya.net/en/News/middle-east/2014/08/28/Sinai-militants-claim-beheading-of-4-Egyptians.html، وعلي عبد العاطي، رويترز، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2014، “Sinai militants say they have beheaded three Egyptians,”، http://www.reuters.com/article/2014/10/05/us-egypt-militants-beheadings-idUSKCN0HU0S220141005، وأهرام أونلاين، 10 فبراير/شباط 2015، “Ansar Beit Al-Maqdis releases video showing the beheading of ‘army collaborators’”، http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/0/122714/Egypt/0/Ansar-Beit-AlMaqdis-releases-video-showing-the-beh.aspx، (تمت الزيارة في 11 سبتمبر/أيلول 2015).

[67] David Kirkpatrick, “31 Egyptian Soldiers Are Killed as Militants Attack in Sinai,” New York Times, October 24, 2014, http://www.nytimes.com/2014/10/25/world/middleeast/militants-kill-at-least-26-egyptian-soldiers-in-sinai-peninsula-attack.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[68] المصدر السابق.

[69] "في تسجيل مصور، أنصار بيت المقدس تعلن مسؤوليتها عن عملية كرم القواديس"، الجزيرة مباشر مصر، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، https://www.youtube.com/watch?v=C0kkLepkYDc (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[70] David Kirkpatrick, “31 Egyptian Soldiers Are Killed as Militants Attack in Sinai,” New York Times

[71] حاتم الجهمي، " مصادر: ضابط سابق بحماس وأخران مفصولان شاركوا في عملية سيناء"، الشروق، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2014، http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=26102014&id=abc9b3bc-0f15-4dd7-b81a-0c9ed3c7e469، (تم الوصول في 2 يوليو/تموز 2015).

[72] محمد عبد الله، "تلفزيون: السيسي يفرض حالة الطوارئ في شمال سيناء ثلاثة أشهر"، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014، http://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN0ID2IC20141024 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[73] قانون حالة الطوارئ، رقم 162 لسنة 1958، http://www.lamalef.net/mkal/02/taware.htm (تم الولوج في 15 أغسطس/آب 2015).

[74] Ahmed Aboulenein, “Egypt extends state of emergency in North Sinai by three months,” Reuters, July 25, 2015, http://www.reuters.com/article/2015/07/25/us-egypt-sinai-idUSKCN0PZ0QW20150725 (تم الولوج في 15 أغسطس/آب 2015).

[75] المصدر السابق.

[76] القانون 95 لسنة 2015 بشأن مواجهة الإرهاب، الجريدة الرسمية، 15 أغسطس/آب 2015.

[77] David Kirkpatrick, “Militant Group in Egypt Vows Loyalty to ISIS,” New York Times, November 10, 2014, http://www.nytimes.com/2014/11/11/world/middleeast/egyptian-militant-group-pledges-loyalty-to-isis.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[78] المصدر السابق.

[79] Thomas Joscelyn, “Sinai-based jihadist group rebranded as Islamic State’s official arm,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, November 14, 2014, http://www.longwarjournal.org/archives/2014/11/sinai_jihadists_rebr.php (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[80] معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، بيانات غير منشورة، أغسطس/آب 2015. ولا تسمح الحكومة المصرية للصحفيين أو المنظمات الحقوقية بزيارة شمال سيناء دون تصريح رسمي وتنسيق مع القوات المسلحة، والمعتاد أن ترفض طلبات الحصول على تصريح. ولم تستطع هيومن رايتس ووتش التحقق بشكل مستقل من هذه البيانات. وقد قال صحفيون وبعض سكان شمال سيناء في الماضي إن السلطات المصرية تقدم بيانات غير دقيقة ومبالغ فيها بشأن الاعتقالات والوفيات في سياق عمليات مكافحة التمرد.

[81] Aaron Zelin, “New video message from The Islamic State: “We Swear We Will Revenge – Wilāyat Sīnā’ (Sinai),” post to “Jihadology” (blog), January 26, 2015, http://jihadology.net/2015/01/26/new-video-message-from-the-islamic-state-we-swear-we-will-revenge-wilayat-sina-sinai/ (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[82] Ahmed Eleiba, “Security imperatives in Sinai,” al-Ahram Weekly, February 5, 2015, http://weekly.ahram.org.eg/News/10333/17/Security-imperatives-in-Sinai.aspx (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[83] Al Monitor, “Wilayat Sinai targets Egyptian Army stronghold,” February 4, 2015, http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2015/02/egypt-sinai-wilaya-attacks-Army.html# (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[84] المصدر السابق.

[85] David Kirkpatrick and Merna Thomas, “Bomb Attacks at Security Sites in Sinai Kill at Least 26,” New York Times, January 29, 2015, http://www.nytimes.com/2015/01/30/world/middleeast/bombings-of-security-facilities-in-sinai-kill-at-least-26.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[86] المصدر السابق.

[87] سكاي نيوز العربية، "مصر: تشكيل قيادة موحدة لشرق القناة"، 31 يناير/كانون الثاني 2015، http://goo.gl/VuEnq2 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[88] المصدر السابق.

[89] Cairo Post, “Army kills 725 Sinai ‘terrorists’ in 6 months: Spox,” May 9, 2015, http://www.thecairopost.com/news/149730/news/Army-kills-725-sinai-terrorists-in-6-months-spox (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[90] "مصرـ مقتل النائب العام يشكل تهديداً جديداً لسيادة القانون"، بيان إخباري لـ هيومن رايتس ووتش، 2 يوليو/تموز 2015، http://www.hrw.org/ar/news/2015/07/01/278702 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[91] Ashraf Sweilam, “Militants attack Egyptian Army checkpoints in Sinai, kill 50,” Associated Press, July 2, 2015, http://news.yahoo.com/militants-attack-egyptian-Army-checkpoints-sinai-kill-30-075034758.html (تم الولوج في 2 يوليو/حزيران 2015).

[92] المصدر السابق و Mada Masr, “Medical sources: At least 70 killed as militants attack 5 checkpoints in North Sinai,” July 1, 2015, http://www.madamasr.com/news/medical-sources-least-70-killed-militants-attack-5-checkpoints-north-sinai (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[93] بيانات لجماعة ولاية سيناء المتمردة، 1 يوليو/تموز 2015.

[94] BBC, “Egypt navy ship ‘hit by Sinai militants’ missile,’” July 16, 2015, http://www.bbc.com/news/world-middle-east-33557180 (تم الولوج في 23 يوليو/تموز 2015).

[95] القانون 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية، 31 أغسطس/آب 1981.

[96] وفيما بعد أصدر السيسي القرار رقم 444 لسنة 2014 الذي وضع سياسات جديدة لحدود مصر البرية كلها، فاشتمل القرار على خريطة تقسم المناطق الواقعة بطول حدود مصر الشرقية والجنوبة والغربية إلى منطقتين، "محظورة" و"محمية". وخصص القرار 5 كيلومترات من الأرض بين رفح وغزة كمنطقة حدودية "محظورة"، تشمل معظم رفح، علاوة على عشرات الكيلومترات بطول الحدود الغربية والجنوبية. وبموجب القرار، لا يسمح بدخول المناطق "المحظورة" إلا للأفراد والمركبات العسكرية، إضافة إلى أفراد الشرطة بتصريح مسبق من الجيش.

[97] Amirah Ibrahim, “No foreign ownership in Sinai,” December 27, 2012, al-Ahram Weekly, http://weekly.ahram.org.eg/News/703/17/No-foreign-ownership-in-Sinai.aspx (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[98] أونا، "قبائل المنطقة الحدودية تنظم مؤتمر جنوب رفح لرفض قرار منع ملكية الأراضي شرق سيناء"، 16 فبراير/شباط 2015، http://onaeg.com/?p=588573 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[99] مصطفى سنجر، "أهالي سيناء يرفضون قرار حظر تملك أراضيها.. واجتماعات قبلية طارئة للرد عليه"، الشروق، 25 ديسمبر/كانون الأول 2014، http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=25122012&id=19b6b591-5e44-496a-9f93-d6c2481cd2b1 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[100] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع سكان رفح، 3-12 مارس/آذار 2015.

[101] ثابت أمين عوض، "ماراثون التنمية والملكية .. برغم صدور قرارات جمهورية ووزارية بتمليك أراضي شمال سيناء لأصحابها إلا أن الملكية ما زالت غائبة"، الأهرام، 26 أبريل/نيسان 2015، http://www.ahram.org.eg/Archive/2005/4/26/Inve2.htm (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[102] Human Rights Watch, Egypt – ­Mass Arrests and Torture in Sinai و شيماء صلاح ومحمد الخطيب، "انتقادات للأمن القومي بالشورى لعدم تقنين تملك أراضي سيناء"، 25 مارس/آذار 2013، مصرس، http://www.masress.com/egynews/220506 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[103] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع سكان رفح، 3-12 مارس/آذار 2015.

[104] African Commission on Human and Peoples’ Rights, Case 276 /2003, Centre for Minority Rights Development (Kenya) and Minority Rights Group International on behalf of Endorois Welfare Council v Kenya (February 4, 2010)

[105] المرسوم رقم 632 لسنة 1982، الجريدة الرسمية، 13 يناير/كانون الثاني 1983.

[106] المرسوم رقم 148 لسنة 2006، الجريدة الرسمية، 15 يوليو/تموز 2006.

[107] شيماء صلاح ومحمد الخطيب، "انتقادات للأمن القومي بالشورى لعدم تقنين تملك أراضي سيناء".

[108] مرسوم رئيس الوزراء رقم 957 لسنة 2014، الجريدة الرسمية، العدد 43.

[109] المصدر السابق.

[110] فيديو التقطه أحد السكان في رفح الفلسطينية، في قطاع غزة، لدبابتين من طراز إم60، تعمل في رفح المصرية في فترة ما بين 1-7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، (في ملف لدى هيومن رايتس ووتش).

[111] William Booth and Abigail Hauslohner, “Egypt shutting economic lifeline for Gaza Strip, in move to isolate Hamas,” Washington Post, September 8, 2013, http://www.washingtonpost.com/world/middle_east/egypt-squeezing-economic-pipeline-to-gaza-strip/2013/09/08/82abda7a-18a2-11e3-8685-5021e0c41964_story.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[112] Associated Press, “Egypt destroys homes for possible Gaza buffer zone,” September 1, 2013, http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-4425042,00.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[113] المصدر السابق.

[114] Yasmine Saleh and Tom Perry, “Egypt secures Gaza border, presses Sinai campaign,” Reuters, September 15, 2013, http://www.reuters.com/article/2013/09/15/us-egypt-sinai-idUSBRE98E0AP20130915 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[115] Gili Cohen, “Israeli Army hits Palestinian global jihadist in air strike on Gaza,” Haaretz, February 9, 2014, http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/1.573212 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[116] David Barnett, “Ansar Jerusalem and MSC in Jerusalem comment on death of jihadists in Sinai,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies

[117] William Booth and Abigail Hauslohner, “Egypt shutting economic lifeline for Gaza Strip, in move to isolate Hamas,” Washington Post.

[118] Ma’an News, “794 Gaza tunnels destroyed so far this year,” October 5, 2013, http://www.maannews.com/Content.aspx?id=636033 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[119] المصدر السابق.

[120] Ma’an News, “Egyptian Army launches campaign to create buffer zone on Gaza border,” February 15, 2014, http://www.maannews.com/Content.aspx?id=673719 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[121] Al Monitor, “Egypt evicts Rafah residents to create buffer zone,” August 28, 2014, http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/08/rafah-egypt-Army-destruction-houses-residents-compensation.html# (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[122] سمير حسني، "شمال سيناء: الـ500 متر الواقعة على الشريط الحدودي جميعها أملاك دولة"، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2014، http://www.youm7.com/story/2014/10/28/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1--%D8%A7%D9%84%D9%80500-%D9%85%D8%AA%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%89-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9%D9%87%D8%A7-%D8%A3%D9%85%D9%84/1926706#.VZVjQxOqqkq (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[123] أحمد علاء، "فيديو:صرف تعويضات للمنازل المتفجرة أثناء هدم الأنفاق برفح"، مصر العربية، 29 أكتوبر/تشرين الأول، 2014، http://m.masralarabia.com/%D8%AA%D9%88%D9%83-%D8%B4%D9%88/396071-%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D8%B5%D8%B1%D9%81-%D8%AA%D8%B9%D9%88%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%81%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%87%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A8%D8%B1%D9%81%D8%AD (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[124] Kareem Fahim and Merna Thomas, “Egypt Will Expand Its Security Zone Near Gaza Strip,” New York Times, November 17, 2014, http://www.nytimes.com/2014/11/18/world/middleeast/egypt-will-expand-its-security-zone-near-gaza-strip.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[125] Mahmoud Mourad, “Egypt to deepen buffer zone with Gaza after finding longer tunnels,” Reuters, November 17, 2014, http://www.reuters.com/article/2014/11/17/us-egypt-sinai-buffer-idUSKCN0J11M920141117 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[126] Mohamed Tantawy and Nourhan Magdi, “Egypt studies expansion of Rafah-Gaza buffer zone,” Cairo Post, April 1, 2015, http://www.thecairopost.com/news/144361/news/egypt-studies-expansion-of-rafah-gaza-buffer-zone (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[127] علي جمال الدين، "إزالة رفح المصرية بالكامل لإنشاء منطقة عازلة مع غزة"، بي بي سي عربي، 8 يناير/كانون الثاني 2015، http://www.bbc.com/arabic/multimedia/2015/01/150108_egypt_sinai_rafah_bufferzone (تم الولوج في 28 أغسطس/آب 2015).

[128] سمير الوحيشي، "محافظ شمال سيناء: 36 منزل تفصلنا عن الانتهاء من المرحلة الثانية من إخلاء الشريط الحدودي"، الشروق، 27 أبريل/نيسان 2015، https://www.shorouknews.com/mobile/news/view.aspx?cdate=27042015&id=5d7c671a-25d4-45ca-8366-b424d3155ef8 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[129] الصحفة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة، بيان بإجمالي أعداد (أجسام الأنفاق ـ فتحات الأنفاق) التي قامت قوات حرس الحدود باكتشافها على الحدود الشمالية الشرقية خلال الفترة من 1/10/2014 إلى 30/4/2015، 26 مايو/أيار 2015، https://www.facebook.com/Egy.Army.Spox/photos/pcb.663466143784371/663460610451591 (تم الولوج في 28 أغسطس/آب 2015).

[130] Aswat Masriya, “1,429 tunnels destroyed in North Sinai in 18 months - armed forces,” June 14, 2015, http://en.aswatmasriya.com/news/view.aspx?id=7bcda3f3-6a06-4ce3-beeb-e54653e7fa2b (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[131] Ma’an News, “Egypt to evacuate 10,000 homes in Gaza buffer zone expansion,” June 6, 2015, http://www.maannews.com/Content.aspx?ID=765794 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[132] Yusri Mohamed and Ahmed Hassan, “Egypt Army digs trench along Gaza border to prevent smuggling,” Reuters, June 22, 2015, http://en.aswatmasriya.com/news/view.aspx?id=7ccc2100-d0e1-4e77-a66f-6579edc73c29 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[133] وكالة أنباء الشرق الأوسط، "محافظ شمال سيناء: حصر المرحلة الثالثة من المنطقة الحدودية تمهيداً لإخلائها"، 11 أغسطس/آب 2015، http://www.almasryalyoum.com/news/details/790980 (تم الولوج في 15 أغسطس/آب 2015).

[134] Mostafa Mohie, “Sinai: Between security solutions and media rhetoric,” Mada Masr, October 27, 2014, http://www.madamasr.com/news/politics/sinai-between-security-solutions-and-media-rhetoric (تم الولوج في 28 أغسطس/آب 2015).

[135] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم محمد، الشبخ زويد، 2 مارس/آذار 2015.

[136] المصدر السابق.

[137] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامح، العريش، 4 مارس/آذار 2015.

[138] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف، العريش، 3 مارس/آذار 2015.

[139] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محسن، العريش، 6 مارس/آذار 2015.

[140] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الحاجة زينب، العريش، 5 مارس/آذار 2015.

[141] المصدر السابق.

[142] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فداء، محافظة الشرقية، 13 مارس/آذار 2015.

[143] إياد الشريف، "الأنفاق: ذريعة حرمان أهالي الشريط الحدودي برفح من التعويضات"، مصر العربية، 25 ديسمبر/كانون الأول 2014، http://m.masralarabia.com/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA/447615-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%B0%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D9%81%D8%AD-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%88%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%AA (تم الولوج في 21 أغسطس/آب 2015).

[144] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم محمد، الشيخ زويد، 2 مارس/آذار 2015.

[145] المصدر السابق.

[146] المصدر السابق.

[147] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محسن، العريش، 6 مارس/آذار 2015.

[148] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف، العريش، 3 مارس/آذار 2015.

[149] المصدر السابق.

[150] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامح، العريش، 4 مارس/آذار 2015.

[151] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مرزوق، العريش، 11 مارس/آذار 2015.

[152] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم محمد، الشيخ زويد، 2 مارس/آذار 2015.

[153] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامح، العريش، 4 مارس/آذار 2015.

[154] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الحاجة زينب، العريش، 5 مارس/آذار 2015.

[155] مصطفى سنجر، "محافظ شمال سيناء: صرفنا 572 مليون جنيه تعويضات لأسر رفح"، الشروق، 23 أبريل/نيسان 2015، http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=23042015&id=15708d07-fc94-4ae9-9c29-b5eee68fc128 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[156] المصدر السابق.

[157] المصدر السابق.

[158] مصر العربية، "محافظ شمال سيناء: 900 جنيه إعانة لأصحاب المنازل المهجرة"، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2014، http://m.masralarabia.com/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9/396155-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1-900-%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%87-%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D9%84%D8%A3%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[159] بي بي سي عربي، "السلطات المصرية ستزيل مدينة رفح بالكامل لإنشاء منطقة عازلة مع غزة"، 7 يناير/كانون الثاني 2015، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/01/150107_egypt_rafah_buffer_zone (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[160] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أبو إسماعيل، العريش، 9 مارس/آذار 2015.

[161] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم محمد، الشيخ زويد، 2 مارس/آذار 2015.

[162] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف، العريش، 3 مارس/آذار 2015.

[163] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف، العريش، 4 مارس/آذار 2015.

[164] محمد عبد العظيم عرفات، "بالصور، توزيع الإعانات على النازحين من الشريط الحدودي بشمال سيناء"، فيتوجيت، 19 ديسمبر/كانون الأول 2014، http://www.vetogate.com/1385274 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[165] مارسيل نظمي، ا"لقومي لحقوق الإنسان ينقل للحكومة صرخات 1800 أسرة سيناوية"، البوابة، 20 أغسطس/آب 2015، https://www.albawabhnews.com/1455168 (تم الولوج في 29 أغسطس/آب 2015).

[166] Aswar Masriya, “Families relocated in North Sinai to be assisted by government body,” August 17, 2015, http://en.aswatmasriya.com/news/view.aspx?id=32c37a59-47b5-4437-8282-72c1654fe736 (تم الولوج في 28 أغسطس/آب 2015).

[167] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الحاجة زينب، العريش، 5 مارس/آذار 2015.

[168] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف، العريش، 3 مارس/آذار 2015.

[169] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامح العريش، 4 مارس/آذار 2015.

[170] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف، العريش، 3 مارس/آذار 2015.

[171] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامح، العريش، 4 مارس/آذار 2015.

[172] المصدر السابق.

[173] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الحاجة زينب، العريش، 5 مارس/آذار 2015.

[174] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فاطمة، محافظة الشرقية، 12 مارس/آذار 2015.

[175] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم محمد، الشيخ زويد، 2 مارس/آذار 2015.

[176] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف، العريش، 3 مارس/آذار 2015.

[177] المصدر السابق.

[178] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سامح، العريش، 4 مارس/آذار 2015.

[179] المصدر السابق.

[180] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الحاجة زينب، العريش، 5 مارس/آذار 2015.

[181] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أم محمد، الشيخ زويد، 2 مارس/آذار 2015.

[182] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أبو إسماعيل، العريش، 9 مارس/آذار 2015.

[183] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محسن، العريش، 6 مارس/آذار 2015.

[184] المصدر السابق.

[185] صدقت مصر على اتفاقيات جنيف في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1952، والبروتوكول الإضافي الأول في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1992.

[186] Prosecutor v. Fatmir Limaj, Haradin Bala and Isak Musliu, International Tribunal for the Former Yugoslavia, Case No. IT-03-66-T, Judgement, Trial Chamber II, November 30, 2005, pp. 34-65

[187] Egypt State Information Service, “Army spokesman confirms Ansar Beit al-Maqdis leader killed in Rafah,” October 11, 2014, http://www.sis.gov.eg/En/Templates/Articles/tmpArticleNews.aspx?ArtID=83164#.VZWRaROqqkp (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015) و David Barnett, “Ansar Jerusalem confirms deaths of 2 members, including founder,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies

[188] Hossam Bahgat, “Who let the jihadis out?” Mada Masr, February 16, 2014, http://www.madamasr.com/sections/politics/who-let-jihadis-out (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[189] المصدر السابق.

[190] Ahram Online, “One of Egypt’s oldest political prisoners released,” June 7, 2011, http://english.ahram.org.eg/News/13829.aspx (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[191] Thomas Joscelyn, “Younger brother of al-Qaeda’s emir arrested in Egypt,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, August 18, 2013, http://www.longwarjournal.org/archives/2013/08/younger_brother_of_a.php (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[192] Hadeel al-Shalchi, “Egypt arrests al-Qaeda militant previously jailed for Sadat murder,” Reuters, October 29, 2013, http://www.reuters.com/article/2013/10/29/us-egypt-militants-idUSBRE99S0WP20131029 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[193] أحمد الشرقاوي، "تحقيقات النيابة: قائد أنصار بيت المقدس خرج بعفو من مرسي.. وأنشأ الجماعة بتعليمات من القاعدة"، الشروق، 22 ديسمبر/كانون الأول 2013، http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=22122013&id=84d10683-9c61-44fc-a97a-08d4b8c3f954 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[194] وزارة الخارجية، مكتب الناطق باسم الوزارة، “Terrorist Designations of the Muhammad Jamal Network and Muhammad Jamal,”، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2013، http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2013/10/215171.htm (تمت الزيارة في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[195] المصدر السابق.

[196] Thomas Joscelyn, “Ansar Jerusalem denies death of shady figure, mocks Egyptian officials,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, May 25, 2014, http://www.longwarjournal.org/archives/2014/05/ansar_jerusalem_denies_death_o.php (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[197] محمد خالد، "كشف هوية أبو أسامة المصري زعيم بيت المقدس في سيناء"، المصري اليوم، 27 يناير/كانون الثاني 2015، http://www.almasryalyoum.com/news/details/642890 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[198] Cairo Post, “Sinai tribes offer 1M EGP bounty for ABM leader’s head,” May 2, 2015, http://www.thecairopost.com/news/148590/news/sinai-tribes-offer-1m-egp-bounty-for-abm-leaders-head (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015) و Al-Mogaz, “The Sawarka organize for war with Beit al-Maqdis,” May 3, 2015, http://almogaz.com/news/politics/2015/05/03/1980899 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[199] Thomas Joscelyn, “Al-Qaeda’s expansion in Egypt, Implications for US homeland security,” US House of Representatives Homeland Security Committee Subcommittee on Counterterrorism and Intelligence, February 11, 2014, http://www.longwarjournal.org/images/Joscelyn_WrittenTestimony_Feb11_2014.pdf (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[200] [200] Thomas Jocelyn and Caleb Weiss, “Former Egyptian special forces officer leads Al Murabitoon,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, July 23, 2015, http://www.longwarjournal.org/archives/2015/07/former-egyptian-special-forces-officer-leads-al-murabitoon.php (تم الولوج في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[201] Thomas Jocelyn, “More ties between Ansar Jerusalem and the Syrian jihad reported,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies, February 11, 2014, http://www.longwarjournal.org/archives/2014/02/the_sept_5_2013_assassination.php (تم الولوج في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[202] Gili Cohen, “Israeli Army hits Palestinian global jihadist in air strike on Gaza,” Haaretz.، http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/1.573212، (تمت الزيارة في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[203] David Barnett, “Ansar Jerusalem and MSC in Jerusalem comment on death of jihadists in Sinai,” post to “Long War Journal” (blog), Foundation for the Defense of Democracies، http://www.longwarjournal.org/archives/2013/08/ansar_jerusalem_says.php، (14 سبتمبر/أيلول 2014).

[204] تامر الغباشي، “Islamic State Offshoot Entrenches in Egypt’s Sinai Peninsula,” Wall Street Journal,، 8 يوليو/تموز 2015، http://www.wsj.com/articles/islamic-state-offshoot-entrenches-in-egypts-sinai-peninsula-1436393296 (تمت الزيارة في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[205] “Assault in Sheikh Zuweid: A turning point in Egypt’s fight against terrorism,” Tahrir Institute for Middle East Policy, July 2, 2015, http://timep.org/commentary/assault-in-sheikh-zuwaid-a-turning-point-in-egypts-fight-against-terrorism-2/ (تم الولوج في 11 أغسطس/آب 2015).

[206] Mohammed Tawfeeq and Jethro Mullen, “ISIS affiliate in Sinai claims it hit Egyptian navy ship with missile,” CNN, July 17, 2015, http://edition.cnn.com/2015/07/16/middleeast/egypt-sinai-isis-affiliate-attack/ (تم الولوج في 11 أغسطس/آب 2015).

[207] لا تسمح الحكومة المصرية للصحفيين أو المنظمات الحقوقية بزيارة شمال سيناء بغير تصريح رسمي وتنسيق مع القوات المسلحة ، والمعتاد أن ترفض طلبات التصريح. ولم تستطع هيومن رايتس ووتش التحقق على نحو مستقل من هذه البيانات. وقد سبق لصحفيين وبعض من سكان شمال سيناء أن قالوا إن السلطات المصرية تقدم بيانات غير دقيقة ومبالغ فيها بشأن عمليات الاعتقال والوفيات في عمليات مكافحة الإرهاب.

[208] لم يتم الإعلان عن أعداد الجنود المصريين في سيناء، لكن الجيش رفع مستويات القوات، بحسب تقارير، 3 مرات منذ إرساله التعزيزات لأول مرة في 2011، حينما قيل إن هناك 20 ألف جندي في شبه الجزيرة. (انظر Leila Fadel, “Smuggled Libyan weapons flood Egypt,” Washington Post, October 12, 2011.). كما نشر الجيش ما لا يقل عن خمسة كتائب إضافية في شبه الجزيرة منذ يوليو/تموز 2013، بموافقة إسرائيل. (انظر AFP, “Israel agrees to two Egypt battalions for Sinai,” July 16, 2013; Amos Harel, “Egypt deploys infantry battalion in Sinai to prevent attacks on Eilat,” Haaretz, June 11, 2014; Ariel Ben Solomon, “Report: Israel okays Egypt request to deploy more military forces in Sinai,” Jerusalem Post, November 6, 2014).

[209] وزارة الدفاع المصرية، "القوات الجوية وحرس الحدود والجيشين الثاني والثالث يواصلوا ضرباتهم الأمنية للقضاء على العناصر الإرهابية بالتعاون مع عناصر الشرطة المدنية"، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2014.

[210] سمير حسني، "شمال سيناء: الـ500 متر الواقعة على الشريط الحدودي جميعها أملاك دولة"، اليوم السابع، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2014، http://www.youm7.com/story/2014/10/28/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1--%D8%A7%D9%84%D9%80500-%D9%85%D8%AA%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%89-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9%D9%87%D8%A7-%D8%A3%D9%85%D9%84/1926706#.VZVjQxOqqkq (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[211] أحمد عليبة، “It’s war in Sinai,” al-Ahram, October 30, 2014, http://weekly.ahram.org.eg/News/7616/17/It%E2%80%99s-war-in-Sinai.aspx، (تم الوصول في 2 يوليو/تموز 2015).

[212] فرنسا24، Sonia Dridi and Marc Perelman, “Egypt’s Sisi considering pardon for Al Jazeera journalists,”، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، http://www.france24.com/en/20141120-exclusive-interview-egyptian-president-sisi-al-jazeera-journalists-muslim-brotherhood (تم الوصول في 2 يوليو/تموز 2015).

[213] البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقيات جنيف بتاريخ 12 أغسطس/آب 1949، والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية (البروتوكول الثاني)، وقد دخل حيز التنفيذ في 7 ديسمبر/كانون الأول 1978.

[214] انظر Dinstein, The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict, p. 90

[215] Gili Cohen, “Hamas Provided ISIS With Weapons to Carry Out Sinai Attacks, Israeli General Says,” Haaretz, July 2, 2015, http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/.premium-1.664199 (تم الوصول في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[216] “Cairo Today,” Orbit Network, July 1, 2015, https://www.youtube.com/watch?v=vbPRRrEs4Y0 (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).

[217] Leila Fadel, “Smuggled Libyan weapons flood into Egypt,” Washington Post, October 12, 2011, http://www.washingtonpost.com/world/libyan-weapons-flooded-egypts-black-weapons-market/2011/10/12/gIQA2YQufL_story.html (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 015) و Gili Cohen, “Sinai peacekeeping force commander warns of weapons smuggling to Gaza,” Haaretz, May 31, 2012

[218] Israeli Security Agency, “2012 Annual Summary Terrorism and CT Activity Data and Trends,” http://www.shabak.gov.il/SiteCollectionImages/english/TerrorInfo/2012AnnualSummary-en.pdf (تم الوصول في 2 يوليو/تموز 2015).

 

[219]. في أبريل/نيسان 2015 قال أحد تجار السلاح في رفح لصحيفة القدس إن تهريب الأسلحة إلى غزة توقف بالكامل تقريبا. انظر "بعد تدمير غالبية الأنفاق.. توقف تهريب الأسلحة والصواريخ إلى غزة"، القدس، 11 أبريل/نيسان 2015، http://www.alquds.com/news/article/view/id/553745

[220] Nicolas Pelham, “Gaza’s Tunnel Complex,” Middle East Research and Information Project, MER 261, Winter 2011, http://www.merip.org/mer/mer261/gazas-tunnel-complex (تم الوصول في 2 يوليو/تموز 2015).

[221] [221] Barak Ravid, “U.S. Army Training Egyptians to Find and Destroy Smuggling Tunnels,” Haaretz, June 11, 2008, http://www.haaretz.com/news/u-s-army-training-egyptians-to-find-and-destroy-smuggling-tunnels-1.247625، (تم الوصول في 15 سبتمبر/أيلول 2015).

[222] Donna Miles, “Gates Trip Aims to Reaffirm Ties With Egypt, Saudi Arabia,” American Forces Press Service, May 4, 2009, http://archive.defense.gov/news/newsarticle.aspx?id=54176 (تم الوصول في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[223] Nasdaq.com, “Raytheon to Detect Tunnels in Egypt - Analyst Blog,” August 30, 2013, http://www.nasdaq.com/article/raytheon-to-detect-tunnels-in-egypt-analyst-blog-cm271605 (تم الوصول في 14 سبتمبر/أيلول 2015).

[224] الصحفة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة، "بيان بإجمالي أعداد (أجسام الأنفاق-فتحات الأنفاق) التي قامت قوات حرس الحدود باكتشافها على الحدود الشمالية الشرقية، https://www.facebook.com/Egy.Army.Spox/photos/pcb.663466143784371/663460610451591، (تم الوصول في 28 أغسطس/آب 2015).

[225] أصوات مصرية، “1,429 tunnels destroyed in North Sinai in 18 months - armed forces,” June 14, 2015, http://en.aswatmasriya.com/news/view.aspx?id=7bcda3f3-6a06-4ce3-beeb-e54653e7fa2b (تم الوصول في 2 يوليو/تموز 2014).

[226] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي تم تبنيه في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1966، ودخل حيز التنفيذ في 3 يناير/كانون الثاني 1976.

[227] لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التعليق العام رقم 7، الحق في السكن الملائم: حالات إخلاء المساكن بالإكراه. وكتبت اللجنة أيضاً أن على الدول الأطراف ضمان "استكشاف جميع البدايل الممكنة" بالتشاور مع السكان وتقديم "تعويض كاف".

[228] African [Banjul] Charter on Human and Peoples' Rights, adopted June 27, 1981, OAU Doc. CAB/LEG/67/3 rev. 5, 21 I.L.M. 58 (1982), entered into force October 21, 1986. Article 14

[229] دستور مصر لسنة 2014، الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء عام بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني 2014، http://www.sis.gov.eg/Newvr/Dustor-en001.pdf (تم الولوج في 2 يوليو/تموز 2015).