خطرٌ على المجتمع؟

الاحتجاز التعسفي للنساء والفتيات بهدف "إعادة تأهيلهن اجتماعياً"

خطرٌ على المجتمع؟الاحتجاز التعسفي للنساء والفتيات بهدف "إعادة تأهيلهن اجتماعياً"

. الملخص.....
. التوصيات..
توصيات للحكومة الليبية
توصيات للأمم المتحدة
توصيات للمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والاتحاد الأوروبي، والمانحين
III خلفية
الوضع القانوني للنساء
استجابة الحكومة للعنف ضد النساء
مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي في ليبيا
مهام مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي ولوائحها الداخلية
وضع النساء والفتيات في الحجز "الاحتياطي"
دار الأحداث الإناث في بنغازي..
البيت الاجتماعي للنساء في تاجورا
انتهاكات حقوق الإنسان في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي الليبية
الحرمان التعسفي من الحرية، والمحاكمة العادلة، وحرية الحركة
الاختبار القسري للعذرية
العزل الانفرادي المديد
حرمان الفتيات من حق التعليم
. الخاتمة
كلمة شكر
ملحق: الرد الرسمي للحكومة الليبية على نتائج التقرير

I. الملخص

تتمثل مشكلة المركز في البوابة. فالأمر يبدو وكأننا مجرمات رغم أننا لم نرتكب أي إثم.

امرأة محتجزة في بيت الرعاية الاجتماعية للنساء في تاجورا بطرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

أريد أن أذهب وأعيش وحدي بكرامة.

امرأة محتجزة في بيت الرعاية الاجتماعية للنساء في تاجورا بطرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

تقوم الحكومة الليبية باحتجاز النساء والفتيات تعسفياً في مرافق "إعادة التأهيل الاجتماعي" بسبب الاشتباه في مخالفتهن القواعد الأخلاقية، وهي تحتجزهم لزمنٍ غير محدد وبدون محاكمة عادلة. إن هذه المرافق، التي تقدم على أنها دور "حماية" للنساء والفتيات الضالات أو للنساء اللواتي نبذتهن أسرهن، هي سجونٌ في الحقيقة. وفي هذه السجون، تقوم الحكومة بشكل متكرر بخرق الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات، ومنها حقهن في المحاكمة العادلة وفي الحرية وحرية الحركة والكرامة الشخصية والخصوصية. و كثيرً من النساء والفتيات المحتجزات في هذه المرافق لم يرتكبن أية جريمة، أو قضين الأحكام الصادرة بحقهن. وما من سببٍ لوجود بعضهن إلا أنهن تعرضن للاغتصاب، وقد صرن منبوذات بسبب تلطيخ شرف أسرهن. وما من سبيلٍ للخروج إلا إذا تولى أحد الأقرباء الذكور الوصاية على المرأة أو الفتاة أو إذا وافقت على الزواج، وغالباً ما يكون الزوج غريباً أتى إلى الدار باحثاً عن زوجة.

وتنص اللائحة الداخلية الرسمية والتي تنظم دور إعادة التأهيل الاجتماعي الليبية على أن دورها هو تقديم المأوى إلى "النساء المعرضات للانحراف". ويفترض بهذه المرافق أن "تحمي" النساء والفتيات من عنف الأقارب باسم "شرف العائلة"، وأن تعيد تأهيل اللواتي يعتقد أنهن خالفن معايير السلوك المقبولة اجتماعياً. لكن هذه الحماية تخطئ هدفها على نحوٍ خطير، فمعظم النساء اللواتي قابلتهن منظمة هيومن رايتس ووتش أكّدن بأنهن يرغبن بالرحيل، بل أنهن سيهربن إذا وجدن سبيلاً إلى ذلك، بسبب خضوعهن لجملة من انتهاكات حقوق الإنسان في تلك المرافق.

زارت هيومن رايتس ووتش مرفقين من مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي في أبريل/نيسان ومايو/أيار 2005. وقد وجدنا أن بعض النساء والفتيات اللواتي قابلناهن كن محتجزاتٍ بسبب اتهامهن (لكن دون إدانتهن جنائياً) بالزنا وهن متزوجات، كما نفذن أحكاماً بالحبس بسبب الزنا ثم نقلن إلى الدار بسبب امتناع أي فرد من أفراد أسرهن الذكور عن تولي الوصاية عليهن؛ كما تعرض بعضهن للاغتصاب فنبذتهن الأسرة من المنزل.

تنتهك ليبيا بعض أهم مبادئ قانون حقوق الإنسان في هذه الدور. ولم يكن لدى النساء والفتيات اللواتي قابلناهن أية فرصة للاعتراض أمام المحاكم على احتجازهن، كما لم يكن لديهن أي تمثيل قانوني. ولا يسمح العاملون في هذه الدور للنزيلات بالخروج من البوابة الخارجية. كما يخضعوهن لفتراتٍ طويلة من العزل الانفرادي، بل يقيدون أيديهن أحياناً، وذلك لأسبابٍ تافهة من قبيل "رد الكلام". وقد أخضعت النساء والفتيات لاختبار الكشف عن الأمراض السارية من غير موافقتهن، كما أجبر معظمهن على الخضوع لاختبارٍ مهين للعذرية عند دخولهن الدار. أما الشكل الوحيد من التعليم الذي تقدمه الحكومة للفتيات في تلك الدور فهو دروسٌ أسبوعية في التوجيه الديني.

ثمة مفارقة مذهلة في وضع المرأة في ليبيا: فالإصلاحات القانونية التي جرت خلال عدد من العقود الماضية تضع ليبيا في منزلة متقدمةً على كثيرٍ من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ناحية المساواة الرسمية بين الجنسين (فمثلاً، يكفل القانون الليبي حق النساء في تولي القضاء، كما يشترط وقوع الطلاق عبر المحكمة بدلاً من السماح للأزواج بطلاق زوجاتهن شفهياً). لكن المعايير الاجتماعية الجامدة التي تحكم مشاركة النساء والفتيات في المجتمع وتحكم مكانتهن في الأسرة، تقوض هذه الإصلاحات القانونية. كما أنها تعرض النساء والفتيات إلى خطر التجريد من الحرية والاحتجاز في دور إعادة التأهيل الاجتماعي.

يمكن أن تؤدي القوانين الليبية التي تجرّم الزنا والخيانة الزوجية إلى احتجاز النساء والفتيات في دور إعادة التأهيل الاجتماعي. وهذه القوانين، وهي جزء من قانون العقوبات، تثني ضحايا الاغتصاب عن التماس العدالة، لأنها تهدد بخطر الملاحقة القضائية للضحية. فالنساء والفتيات اللواتي يصررن على تقديم شكوى ضد الاغتصاب يخاطرن بالتعرض للحبس بسبب الزنا أو الخيانة الزوجية إذا لم يستطعن توفير العتبة المرتفعةمن الأدلة المطلوبة للإدانة في دعاوى الاغتصاب. كما أن للقضاة الليبيين صلاحية عرض إتمام الزواج بين المغتصب والضحية على سبيل "العلاج الاجتماعي" للجريمة، وهذا عائق إضافي يمنع ضحايا الاغتصاب من التماس العدالة. تنتهك قوانين الزنا المعايير القانونية الدولية التي تضمن للأفراد الحق في السيطرة على الأمور المتعلقة بحياتهم الجنسية بعيداً عن القسر والتمييز والعنف. وقد كانت معظم النساء والفتيات اللواتي قابلناهن من المشتبه بارتكابهن جريمة الزنا، مما جعل النيابة تودعهن دور "إعادة التأهيل الاجتماعي".

وإضافةً إلى قوانين الزنا، فإن المعايير الاجتماعية والثقافية للعفة والعذرية و"شرف الأسرة"، وكذلك الوصمة اللاحقة بالمرأة غير المتزوجة التي تعيش وحدها، تساهم جميعاً في احتجاز النساء والفتيات في هذه المرافق. إن السلطات الليبية تعامل النساء الراشدات المحتجزات في دور إعادة التأهيل الاجتماعي وكأنهن قاصراتٍ قانونياً بحيث لا تتيح لهن سوى هامش محدود، إن وجد، من استقلالية القرار في حياتهن. وهكذا فإن الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات تخضع لمعايير اجتماعية صارمة تقبل بها الحكومة الليبية وتعززها.

ورغم محدودية عدد النساء والفتيات في دور إعادة التأهيل الاجتماعي في ليبيا (أقل من مئة على الأغلب)، فإن الطبيعة التعسفية لهذه المرافق، والانتهاكات الفاضحة التي تحدث فيها، تتطلب القيام بعملٍ عاجل. على ليبيا أن تطلق فوراً سراح جميع النساء والفتيات المحتجزات في هذه الدور، وأن تقيم بدلاً منها مآوي طوعية تماماً للنساء والفتيات المحتاجات للسكن أو للاحتماء من العنف. ولا يجوز أن تحد هذه المآوي من خصوصيتهن واستقلاليتهن وحريتهن بالحركة. ويجب أن تنال كل امرأةٍ أو فتاة يشتبه بارتكابها جريمةً الحماية المتعلقة بالمحاكمة العادلة، وإذا أدينت فيجب إطلاق سراحها فور انتهاء مدة الحكم. كما أن على الحكومة أيضاً، وفي المقام الأول، اتخاذ جميع التدابير الملائمة لإلغاء القوانين التمييزية التي تؤدي إلى احتجاز النساء والفتيات في هذه المرافق.

يستند هذا التقرير إلى المقابلات التي جرت في طرابلس وبنغازي في أبريل/نيسان ومايو/أيار 2005، وذلك أثناء الزيارة الأولى لمنظمة هيومن رايتس ووتش إلى ليبيا. وخلال التحريات التي دامت ثلاثة أسابيع، وفرت السلطات إمكانية الاتصال بمجموعة واسعة من كبار المسئولين، ومكنت الباحثين من التحدث إلى السجينات والمحتجزات على انفراد. لكن المرشدين الحكوميين رافقوا الوفد وراقبوا الاتصالات غير الرسمية مع الأفراد.

ويقدم هذا التقرير النتائج التي توصلت إليها زيارتان قصيرتان إلى اثنين من مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي في ليبيا: بيت الرعاية الاجتماعية لحماية المرأة في تاجورا قرب طرابلس، ودار الأحداث الإناث في بنغازي. وفي المرفقين، استجوب المديرون النساء والفتيات بشأن الأحاديث التي دارت بينهن وبين باحثي هيومن رايتس ووتش. وقد قال مدير أحد هذين المركزين للمحتجزات بأن يتحدثن عن الدار على نحوٍ إيجابيٍّ فقط.

لقد غيرنا أسماء جميع النساء والفتيات اللاتي جرت مناقشة حالاتهن، بغية حماية خصوصيتهن وضمان عدم تعرضهن للعقاب جرّاء المعلومات التي قدمنها. كما حجبنا المعلومات التي من شأنها تحديد هوية الأشخاص في بعض الحالات، وذلك لنفس الأسباب.

قدمت الحكومة الليبية رداً على ما خرج به التقرير في يناير/كانون الثاني 2006، وهو ملحقٌ بهذا التقرير. ويدافع التصريح الصادر عن اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي عن احتجاز النساء والفتيات إنطلاقاً من "المعايير الدينية والاجتماعية والثقافية والقانونية" في ليبيا. لكن التصريح الرسمي خلص إلى أن السلطات المعنية ستأخذ ما توصل إليه التقرير بعين الاعتبار وتحقق في الظروف التي تسود هذه المؤسسات، وذلك وفقاً للمعايير الوطنية والدولية.

II. التوصيات

عندما يتعلق الأمر بالعدالة وبالسلطة القضائية في الجماهيرية العظمى، فإننا حريصون على التقيد بالمعايير... ونحن نضع ذلك نصب أعيننا عندما نسعى إلى تعديل القوانين.

علي عمر أبو بكر، أمين العدل، طرابلس، 28 أبريل/نيسان 2005.

تتقدم هيومن رايتس ووتش بالتوصيات الأولية التالية لمساعدة ليبيا في إصلاح قوانينها وممارساتها بحيث تتفق مع المعايير الدولية الخاصة بالاحتجاز والمحاكمة العادلة والحقوق الإنسانية للنساء. كما تشجع الحكومة الليبية على دعوة مجموعة العمل الخاصة بالاحتجاز التعسفي التابعة للأمم المتحدة (بمبادرةٍ منها) للقيام بزيارة رسمية للبلاد لإجراء متابعة أكثر تخصصاً.

توصيات للحكومة الليبية

إطلاق سراح جميع النساء والفتيات المحتجزات في دور إعادة التأهيل الاجتماعي من غير المتهمات أو المدانات بجرائم، إضافةً إلى اللواتي انتهت أحكامهنّ؛

إيقاف عمل هذه المرافق بالطريقة التي تعمل بها الآن. وريثما يتم الإيقاف، إعطاء جميع النساء والفتيات حقهن الكامل بالمحاكمة العادلة بما في ذلك حقهن بالاستشارة القانونية والمراجعة القضائية لأوضاعهن؛

إقامة مآوي طوعية للنساء والفتيات المعرضات لخطر العنف بحيث تقوم بوظيفة الملاجئ من غير التعدي على خصوصية النزيلات واستقلالهن الذاتي وحريتهن في الحركة؛

إلغاء الأنظمة التي تشترط طلب الوصاية من قبل أحد الأقارب الذكور من أجل إطلاق سراح المرأة من أي شكل من أشكال الاحتجاز؛

إلغاء القانون 70 لعام 1973 (المتعلق بإقامة الحد في حالة الزنا، والذي يعدل بعض أحكام قانون العقوبات)؛

وريثما يتم إلغاء قانون الزنا، ضمان أن تنال المرأة المتهمة بجرائم الخيانة الزوجية والفجور الحق بالمحاكمة العادلة. فعند احتجازها، يجب على السلطات أن تبلغها بالتهمة المنسوبة إليها، وأن توجه إليها الاتهام على نحوٍ رسمي، وأن تسمح لها بالاتصال بأفراد عائلتها وبمحاميها؛

الملاحقة القانونية لمرتكبي العنف المنزلي والجنسي، وذلك إلى أقصى حد يسمح به القانون؛

تطبيق منظومة محددة من القوانين التي تجرّم جميع أشكال العنف المنزلي والعائلي تحديداً؛

منع القضاة من اقتراح زواج المجرم من الضحية كعلاجٍ لحالات الاغتصاب؛

التوقف فوراً عن إجبار النساء والفتيات المحتجزات على الخضوع إلى اختبار العذرية ضد إرادتهن؛

عدم استخدام العزل الانفرادي للراشدات المحتجزات في دور إعادة التأهيل الاجتماعي إلا كحلٍّ أخير، وذلك لفتراتٍ زمنيةٍ قصيرةٍ نسبياً. ويجب فرض هذا الاحتجاز، وتجديده عند الضرورة، على أساس كل حالةٍ بمفردها، وذلك تحت رقابةٍ صارمة تشمل الرقابة الطبية، على أن لا يتم العزل الانفرادي إلا لأسبابٍ جزائيةٍ شرعية تتعلق بالتأديب أو بالإجراءات الأمنية الوقائية؛

تحريم استخدام الإجراءات التأديبية بحق الطفلات المحتجزات، والتي تتضمن عزلاً انفرادياً أو مغلقاً أو أية عقوبة أخرى يمكن أن تلحق ضرراً بالصحة النفسية أو العقلية للطفلة. وعدم اللجوء إلى العزل في زنزانة إلا عندما يكون ذلك ضرورةً مطلقة من أجل حماية الطفلة. وعندما يكون هذا العزل ضرورياً، فيجب أن يستخدم لأقصر مدة ممكنة وأن يخضع لإعادة نظرٍ سريعةٍ ومنهجية؛

جمع وتوزيع إحصائيات وطنية شاملة بشأن العنف ضد النساء، وذلك بطريقةٍ عاجلةٍ وشفافة، وبحيث تتضمن تفاصيل وطبيعة ودرجة ذلك العنف، ودرجة الملاحقة القضائية والإدانة، والمعدل المتوسط للأحكام والعقوبات.

توصيات للأمم المتحدة

على هيئات الأمم المتحدة العاملة في ليبيا، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وصندوق الأطفال التابع للأمم المتحدة (يونيسف/UNICEF) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، أن تولي اهتماماً خاصاً للانتهاكات المرتكبة ضد النساء والفتيات في دور إعادة التأهيل الاجتماعي، وعليها أن تضع برامج واستراتيجيات لدرء هذه الانتهاكات؛

على برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع الحكومة الليبية والمنظمات غير الحكومية، أن يضع وينفذ برامج خدمية للنساء من ضحايا العنف الجنسي وغير الجنسي، بما في ذلك الإرشاد والمساعدة القانونيين والاستشارة والمأوى وبرامج التدريب من أجل العمل؛

على مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالعنف ضد النساء وبأسبابه وعواقبه أن يطلب زيارة ليبيا لتقييم مستوى العنف الممارس ضد النساء في البلاد ولتقييم استجابة الدولة.

توصيات للمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والاتحاد الأوروبي، والمانحين

على المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن تدرس الانتهاكات ضد النساء والفتيات في دور إعادة التأهيل الاجتماعي في ليبيا، وأن تحض على الإصلاحات الملائمة. وعلى المقرر الخاص المعني بحقوق النساء في أفريقيا أن يطلب زيارة ليبيا لتقييم مدى انتهاك الحقوق الإنسانية للنساء؛

وعلى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء استخدام نفوذهم لتشجيع ليبيا على تبني التوصيات الواردة في هذا التقرير. وعليهم طرح مسألة دور إعادة التأهيل الاجتماعي في ليبيا أثناء الاجتماعات عالية المستوى ومن خلال سفاراتهم في طرابلس؛

وعلى المانحين الساعين للاستثمار في ليبيا دعم البرامج التي توفر الخدمات الأساسية للنساء من ضحايا العنف، بما في ذلك ملاجئ النساء وإعادة التأهيل الطبي والاستشارات والمساعدة القانونية. وعليهم أيضاً تقديم المساعدة الفنية وغير الفنية إلى الحكومة الليبية لكي تعيد تدريب الشرطة والمدعين العامين والأطباء والقضاة لإزالة التحيز المتعلق بنوع الجنس عند التعامل مع قضايا العنف ضد النساء ومع جرائم الزنا.

III.خلفية

إننا نحاول الانتقال بالقانون من النظرية إلى التطبيق. ثمة نساءٌ في الشرطة، وفي الجيش، والقضاء والجامعات، لكن المشكلة تكمن في أن غالبية المجتمع مازالت تحمل نظرةً بدائيةً للمرأة.

- محامي ليبي [تم حجب اسمه]، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

لقد أحرزت النساء الليبيات مكاسب اجتماعية وقانونية هامة منذ ثورة الفاتح عام 1969.[1]وقد حسّنت هذه التطورات (وكثيرٌ منها لا يوجد ما يوازيه في بلدان المنطقة الأخرى) من مكانة المرأة في الأسرة ومن مشاركتها في الحياة العامة. لكن، وعلى الرغم من وجود ضمانات رسمية بالمساواة، فمازلت النساء تواجه تمييزاً واسعاً في المجتمع الليبي الذي مازال مجتمعاً أبوياً يسيطر عليه الرجال إلى حدٍّ كبير. وغالباً ما تُعامل النساء الراشدات، اجتماعياً وقانونياً، معاملة القاصرات بحيث يخضعن لولاية الأب أو غيره من الأقارب الذكور. ومع عدم وجود إحصائيات موثوقة بشأن حوادث العنف ضد النساء في ليبيا، فإن كبار مسئولي الحكومة ينكرون وجودها في البلاد إنكاراً تاماً. ولا يوجد قانونٌ للعنف المنزلي، كما أن القوانين التي تعاقب على العنف الجنسي هي قوانين قاصرة تترك الضحايا من غير ملجأ قضائيٍّ فعال.

الوضع القانوني للنساء

تتمتع المرأة الليبية بجملةٍ من الحقوق القانونية التي لا توفرها بقية دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وعلى سبيل المثال، فإن السن الأدنى للزواج متساوٍ لدى الرجال والنساء، وقد جرى تحديده بعشرين سنة وهي سنٌّ مرتفعةٌ نسبياً.[2] ولا يُعترف رسمياً إلا بالطلاق الذي يتم عبر القضاء، وهذا ما يمنع الأزواج من تطليق زوجاتهن شفهياً.[3] وتُمنح المطلقات وصايةً حُكميةً على الأطفال.[4] ويمكن للمرأة الليبية تولي جميع درجات القضاء، بما فيها محاكم الأسرة، وهو حقٌّ مقتصرٌ على الرجال في معظم البلدان المجاورة لليبيا.[5]

لكن عدم المساواة يظل موجوداً في القانون، كما في قوانين الجنسية التي تسمح الآن للرجل فقط بنقل جنسيته إلى الزوجة الأجنبية.[6] وفي عددٍ من المجالات، لا تزال المرأة تعامل كقاصر عبر تقييد قدرتها على اتخاذ القرارات الخاصة بحياتها. فعلى سبيل المثال، ورغم وجود شرطيات في كلية الشرطة المخصصة للبنات، فإنهن بحاجةٍ لموافقة آبائهن للقبول في الكلية.[7] وعندما زارت هيومن رايتس ووتش المركز الحكومي لمعالجة الإدمان في طرابلس، قال المدير بأن جميع المرضى المقبولين خلال السنوات الخمس الماضية، وعددهم 5500، هم من الرجال. ولا ريب في أن هذا عائدٌ لحقيقة كون النساء من جميع الأعمال بحاجةٍ لموافقة الآباء أو الأوصياء من الذكور للتسجيل في هذا البرنامج.[8]

تنكر الحكومة الليبية على المرأة، مثلها مثل الرجل، حقها في التنظيم السياسي خارج المعايير التي تضعها الدولة. إن المجال الوحيد للمشاركة السياسية هو المؤتمر الشعبي الأساسي المتاح لجميع الليبيين ممن بلغوا الثامنة عشر من العمر.[9] إن الاتحاد النسائي العام التابع للحكومة ضمن المؤتمر الشعبي العام (وهو السلطة التشريعية) مسئول عن تنفيذ جميع البرامج الاجتماعية الخاصة بالنساء والأطفال. وفي عام 1992، أقام المؤتمر الشعبي العام قسماً لشؤون المرأة يرأسه مندوب مسئول عن المرأة. لكن أمين الشؤون الاجتماعية سيطر على هذا القسم مؤخراً وصار مندوبه مسئولا عن حقيبةٍ أكثر اتساعاً لا تقتصر على شؤون المرأة.

ورغم محاولة الحكومة زيادة حظ المرأة بفرص العمل، فإن النساء الليبيات مازلن متخلفاتٍ عن الرجال في هذا المجال. وتشكل النساء 22% من قوة العمل الليبية في القطاع الرسمي.[10]

وفي عام 1989، انضمت ليبيا إلى اتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW). كما صادقت على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية، وهو يسمح للجنة المعنية بإزالة التمييز ضد المرأة بتلقي ودراسة الشكاوى الصادرة عن الأفراد والجماعات.[11] وكانت ليبيا من أوائل البلدان التي تصادق على البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا، والذي يضمن للنساء الوصول إلى العدالة والحماية المتساوية من جانب القانون.[12] ويفرض هذا البروتوكول على الدول الأعضاء اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع واستئصال جميع أشكال العنف ضد المرأة وإيقاع العقاب بمرتكبيها.[13] وتوجد التزاماتٌ إضافية بشأن حماية حقوق النساء وضمان المكانة المتساوية لها في ظل القانون ضمن الاتفاقيات الدولية الأخرى التي صادقت عليها ليبيا، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)[14] واتفاقية حقوق الطفل (CRC).[15]

لكن ليبيا، وعند تصديقها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، أدخلت تحفظاتٍ على المادة 2 (المتعلقة بالحق في عدم التمييز) وعلى المادة 16 (ج) و(د) (الخاصة بعدم التمييز في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية)، وتنص التحفظات على وجوب تطبيق هذه الاتفاقية بالتوافق مع الشريعة الإسلامية. وفي يوليو/تموز 1995، قدمت ليبيا تحفظاً عاماً جديداً ينص على أن تطبيق هذه الاتفاقية لا يجوز أن يتعارض مع قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية. إن هذه التحفظات تقوض هدف الاتفاقية وغايتها لأن المادة 2 تعتبر مادة جوهرية في الاتفاقية.[16]وقد انتقدت الحكومات الأخرى هذه التحفظات انتقاداً واسعاً.[17] كما لاحظت لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أن "التحفظات على المادة 16، سواءٌ استندت على أسبابٍ وطنية أو تقليدية أو دينية أو ثقافية، غير متوافقةٍ مع الاتفاقية، ولا يجوز السماح بها إذ يجب إعادة النظر فيها لتعديلها أو سحبها".[18]

استجابة الحكومة للعنف ضد النساء

إن العنف والاغتصاب أمران نادران جداً. ولعلنا نجد حالةً أو اثنتين [في ليبيا] من فعل أناسٍ ينتمون إلى ثقافات غير ليبية.

أمل صافار، أمينة الشؤون الاجتماعية في مؤتمر الشعب العام، طرابلس، 25 أبريل/نيسان 2005.

ينظر المجتمع إلى المرأة [ضحية الاغتصاب] وكأنها قد ارتكبت خطيئةً. إنّ المرأة هي من يدفع الثمن، وهي كمن يتلقّى تأشيرة خروج من المجتمع.

- محامي ليبي [تم حجب اسمه]، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

تثير طريقة التعامل مع العنف ضد المرأة في النظام القانوني والقضائي الليبي قلقاً جدياً بشأن حقوق الإنسان. إنّ الإنكار واسعالنطاق لوجود العنف ضد النساء في ليبيا، وانعدام وجود القوانين والخدمات الكافية، يترك ضحايا العنف من غير معالجةٍ فعالة ويمنع التبليغ عن حالات الاغتصاب. وطبقاً للمسئولين الحكوميين، فإنّ البرامج والخدمات المخصصة لضحايا العنف أمرٌ غير ضروري نظراً لعدم وجود هذه الظاهرة في المجتمع الليبي. وقد قالت أمينة الشؤون الاجتماعية لمنظمة هيومن رايتس ووتش: "ليس لدينا عنفٌ ضد النساء... ولو كان هناك عنف لكنّا علمنا به". وقد ادعت أن العنف ضد النساء في ليبيا قد انتهى مع ثورة الفاتح عام 1969. وقالت: "لا نستطيع إنكار وجود ظلم ضد النساء قبل الثورة". كما قال مسئول آخر لهيومن رايتس ووتش أنّ وجود "القيم الاجتماعية" في ليبيا يجعل من العنف ضد النساء أمراً نادراً.[19] لكنّ هذه الأقوال غير مدعومةٍ بأية دراسات نوعية أو كمية.

وفي حين يظل مدى العنف المُمارس ضد المرأة في ليبيا غير معروف، فقد قال أحد كبار المسئولين القضائيين لهيومن رايتس ووتش أنّ إدارته كثيراً ما تواجه قضايا العنف المنزلي.[20] وتبعاً لهذا المسئول، فإنّ 99% من الضحايا يسحبون دعاواهم آخر الأمر.[21]وقد أخبر أمين الداخلية منظمة هيومن رايتس ووتش أنه، في ليبيا، "يُمنَع العنف ضد النساء منعاً باتاً وبأي شكلٍ من الأشكال"،[22] لكن هذا الرأي غير موجود لدى أعلى المستويات في الشرطة الليبية. فقد قال رئيس إدارة التدريب في الأمن العام العميد محمد إبراهيم العصعبى لمنظمة هيومن رايتس ووتش: "إنّ تأديب [المرأة] من حقي. لكن ذلك الحق غير مُطلق... فعندما يرتكب ابنك خطأ يمكنك أن توبخه وأن تضربه، لكنك لا تستطيع أن تحمل مسدسك وتطلق النار عليه".[23] ومن غير الواضح ما هو المجال المُتاح للرجل "لتأديب" زوجته بموجب القانون الليبي. فحسب العميد العصيبي، "لا توجد حدود دقيقة للعنف ضد النساء".[24] بل أن الرجل الذي يقتل زوجته أو أمه أو ابنته أو أخته إذا شكَّ بأنّ لها علاقات جنسية خارج الزواج، يستفيد من تخفيف العقوبة بموجب المادة 375 من قانون العقوبات.

إنّ العنف المنزلي غير محرَّم تماماً في القانون. كما أنّ رجال الشرطة غير مدرَّبين بدقّة على التعامل مع قضايا العنف ضد النساء. وتبعاً للعميد العصيبي، وهو نفس المسئول الذي أقرَّ "بتأديب" الزوجات بالعنف، فإنّ "حقوق المرأة ليست مما تتناوله [الكتب الإرشادية التدريبية المقدَّمة لمتدربي الشرطة] لأن النساء متساويات مع الرجال". وقد رفض فكرة وجود رجال شرطة متخصصين مدربين على التعامل مع قضايا العنف الأسري: "إذا فكرنا بذلك، فما الخطوة التالية؟ شرطة سياحية؟ شرطة للأطفال؟ وشرطة للكهرباء؟ شرطة للمرأة؟ سوف ننقسم إلى عشرة أجزاء بهذا الشكل. لا نستطيع الإفراط في التخصص، فنحن بلدٌ صغير".[25]

لا توجد ملاجئ لضحايا العنف في ليبيا. وبالتالي، فإنّ ضحايا العنف، وخاصةً ضحايا الاغتصاب، ليس أمامهم إلاّ ما تقدمه الحكومة من "ملجأ" من خلال دور إعادة التأهيل الاجتماعي التي يجري عنها الحديث في هذا التقرير.

إنّ تصنيف الجرائم الجنسية في قانون العقوبات الليبي تصنيفٌ إشكالي. فالقانون يعتبر العنف الجنسي جريمةً ضد "شرف" المرأة. وقد قال رئيس النيابة في طرابلس لهيومن رايتس ووتش: "إذا اغتُصبَت امرأة، فهذا إيذاءٌ لشرفها. وعادةً ما تُطرد من المنزل وتقيم في البيت الاجتماعي".[26] إنّ قانون العقوبات يصنِّف العنف الجنسي تحت "الجرائم الواقعة على الحرية والشرف والأخلاق"، وهذا ما لا يعكس طبيعة الجريمة بشكلٍ ملائم.[27] يجب اعتبار جميع أشكال الاعتداءات الجنسية جرائم واقعة أساساً ضد الفرد لا جرائم واقعة ضد معايير أو قيم معينة.

تنظر هيومن رايتس ووتش بقلقٍ خاص إلى أنّ تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج في ليبيا من شأنه أن يمنع أيضاً قدرة ضحايا الاغتصاب على التماس العدالة.[28] وقد تنظر المحكمة إلى اتهام المرأة أحداً باغتصابها على أنه إقرارٌ بأنها مارست الجنس بشكل غير مشروع ما لم تستطع إثبات (وذلك وفق معايير صارمة للأدلة) أن الجماع لم يكن رضائياً، أي أنه لم يكن فعل زنا. وتبعاً لمسئولين حكوميين رفيعي المستوى، فإنّ جرائم الاغتصاب الأكثر عنفاً (وغالباً ما تتضمن مهاجمة رجل بالغ لقاصر) هي التي تخضع للملاحقة الجزائية فقط، بينما يتم علاج القضايا الأخرى "علاجاً اجتماعياً من خلال ترتيبات عائلية من قبيل الزواج القسري لتجنّب الفضيحة. وقد شرح المدّعي العام محمد المصراتي الأمر بقوله:

عندما ينظر قاضٍ في قضية علاقة جنسية بين رجل وامرأة، فإنه يبحث عن أفضل الحلول التي تخدم الطرفين. أمّا إذا كانت العلاقة الجنسية قسريةً، فغالباً ما يتدخل الأهل في هذا الأمر ليحاولوا التوصل إلى حل اجتماعي خارج المحاكم. وهذا أفضل من تدمير العائلات.

ويقترح القاضي إبرام الزواج عند توفر ظروف ملائمة: إذا شعر القاضي بأنّ الطرفين مستعدين، وإذا كانت عائلتا الطرفين ميّالتين للتعاون، وإذا اقتنع القاضي بوجود علاقة [جنسية] سابقة.

لا يجبر القضاة الناس على الزواج. فالقاضي ينظر إلى الفريقين وإلى وضع كلٍّ من الرجل والمرأة مع أخذ رأي العائلتين بعين الاعتبار. و[عندها] يقرر القاضي ما إذا كان يجب أن تنتهي القضية بالحبس أو بالحل الاجتماعي الذي يهدف إلى إبقاء المسألة سريّةً.[29]

وقد قالت إحدى المدّعيّات العامات لهيومن رايتس ووتش أنّ "معظم قضايا الاغتصاب تنتهي بالزواج".[30] وتبعاً للمدعية العامة، وعندما يتفق المغتصِب والضحية على الزواج، فإنّ القاضي يصدر قراراً مع وقف التنفيذ. "فإذا استمر الزواج وأثمر أطفالاً، لا يعود الحكم ساري المفعول؛ أي أنه يُلغى. أمّا إذا نشأت مشاكل وحاول [المغتَصِب] أن يخدع المرأة ثانيةً، فإن القاضي [يُلزِم المغتَصِب] بتنفيذ الحكم".[31] وفي ظل هذه الشروط يوجد احتمال كبير بأن تقوم المحاكم بقسر كثير من النساء على الزواج ممن اعتدوا عليهنّ دون أن توافق المرأة على الزواج موافقةً حرة وتامة، وهذا انتهاكٌ للقانون الدولي.[32]

وقد يقرر التاريخ الجنسي لضحية الاغتصاب وعلاقتها (الحميمة أو غير ذلك) مع المغتصب ما إذا كانت المحكمة ستلاحق المغتصب قضائياً أم ستعرض عليه الزواج "كحلٍّ" للقضية. وتبعاً للمدعي العام، فإن القاضي يقترح الزواج عندما "تكون هناك علاقة سابقة". لكن المدعي العام يقول: "عندما تكون المرأة صغيرة السن وتتعرض لاعتداء من رجل أكبر منها، فإن المعتدي يعاقب بالحبس... وإذا ما وجدت حالة هجومٍ واضح على امرأة فإننا نتخذ تدابير جزائية [التشديد من عندنا]".[33]

وينحو القضاء في كثيرٍ من البلدان إلى أن السمعة العامة للضحية لا تؤثر في القرار القضائي الخاص بما إذا كانت قد اغتصبت فعلاً في حالةٍ معينة. وتطبق دولٌ كثيرةٌ "قوانين حجب الاغتصاب" التي تمنع تحديداً قبول الأدلة المتعلقة بالسمعة أو بالرأي حول السلوك الجنسي للمرأة في الماضي في قضايا الاغتصاب. كما تحرّم هذه القوانين قبول أية أدلة أخرى تتعلق بالسلوك الجنسي الماضي للمرأة، مع وجود استثناءات قليلة.

وفي حين أن المدى الحقيقي للعنف ضد المرأة في ليبيا غير معروف، فإن الحكومة تمتنع عن العمل بالاهتمام الكافي على تحديد مدى هذه الجرائم والاستجابة لها بالحيطة اللازمة عندما تقع. وفي توصيتها العامة رقم 19،[34] تؤكد لجنة اتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن الدول يمكن أن تكون "مسئولة عن الأفعال الخاصة إذا امتنعت عن التصرف بما يلزم من حيطةٍ لمنع انتهاك الحقوق أو إذا امتنعت عن التحقيق وإنزال العقاب في قضايا العنف".[35]

IV. مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي في ليبيا

كانت هذه المرافق مخصصةً في البدء للنساء اللواتي ليس لهن عائلات. [أما الآن] فهي لأشخاصٍ لهم عائلات لكنها تريدهم أن يبقوا هنا، للعائلات التي تريد التخلص من بناتها لأي سبب.

إحدى أنصار حقوق المرأة في ليبيا (تم حجب اسمها) طرابلس.

مهام مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي ولوائحها الداخلية

يتمثل دورنا في تغيير شخصياتهن.

عائشة رمضان بن صوفية، مديرة البيت الاجتماعي لحماية المرأة، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

تقوم أمينة الشؤون الاجتماعية بإدارة مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي في ليبيا والإشراف عليها. وطبقاً للائحة الداخلية للأمانة، فإن مهمة هذه المرافق هي تأمين سكن "النساء المعرضات للانحراف الأخلاقي".[36] وفي حين تخلو اللائحة الداخلية من أي تعريفٍ واضح لكيفية تقرير ذلك، فإنها تحدد الفئات التالية من النساء والفتيات: "القاصرات المعتدى عليهن اغتصاباً؛[37] القاصرة التي هتك عرضها نتيجة التغرير بها؛ المتهمة بالدعارة ولم يبت في قضيتها؛ المرأة التي تتخلى عنها أسرتها بسبب الحمل غير الشرعي؛ النساء من دون مأوى لها ولا عائل يتكفل برعايتها؛والمطلقة التي تخلت عنها عائلتها".[38]

ويقصد بهذه المرافق تحقيق غايتين: حماية النساء والفتيات ممن يتعرضن للخطر من جانب عائلاتهن؛ وإعادة تأهيل النساء والفتيات ممن خرقن المعايير المقبولة اجتماعياً أو خالفن القانون 70 لعام 1973 الذي يجرّم العلاقات الجنسية خارج الزواج. وطبقاً للمادة 1 من اللائحة الداخلية، فإن هدف الدار هو "توجيههن اجتماعياً ونفسياً ودينياً لتقويم سلوكهن وتمكينهن من العودة إلى الحياة العائلية المستقيمة والاندماج في المجتمع".[39] ولا يوجد حدٌّ للفترة الزمنية التي يمكن للحكومة خلالها احتجاز النساء والفتيات في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي.

وضع النساء والفتيات في الحجز "الاحتياطي"

إنها لا تستطيع المغادرة عندما تريد ذلك. ونحن لا نسمح لهن بالخروج إلى الشارع دون حمايةٌ. وهي [مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي] نمطٌ من الحماية لهن. ونحن نوفر كل ما يحتجنه.

محمد يوسف المهطرش، رئيس النيابة، طرابلس، 2 مايو/أيار 2005.

تتم إحالة النساء والفتيات إلى مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي عبر مكتب المدعي العام الذي تبلغه الشرطة بالقضايا عادةً. وقد تتقدم بعض النساء والفتيات للشرطة طوعاً لخوفهن من أذى عائلاتهن عندما تعرف أنهن تعرضن لاعتداءٍ جنسي. بينما يتم تسليم الأخريات إلى الشرطة من جانب العائلات التي لم تعد راغبةً بإيوائهن.

يعمل نظام إعادة التأهيل الاجتماعي للنساء والفتيات في ليبيا استثناءً من المادة 4 من قانون العقوبات الذي ينص على أن "التجريد من الحرية لا يجوز أن يحدث إلا في السجون".[40] وقد تأمر النيابة بوضع "النساء المحتجزات احتياطياً والنساء المحكومات بعقوبة التجريد من الحرية (من تجري مراقبة حريتهن) في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي التي تحددها وزارة الشؤون الاجتماعية والضمان الاجتماعي وذلك بموافقة وزارة الداخلية".[41] ولا توجد آلية أمام النساء والفتيات لاستئناف قرار وضعهن في هذه المرافق.

دار الأحداث الإناث في بنغازي

"إنهم لا يريدون منا إلا الصمت. لا يريدون إلا التزام الهدوء".

فتاة محتجزة في دار الأحداث الإناث في بنغازي،

23 أبريل/نيسان 2005.

تم إنشاء دار الأحداث الإناث في بنغازي في ثمانينات القرن الماضي بتمويل من الصندوق الاجتماعي في الأمانة العامة للشؤون الاجتماعية. وهي موجودةٌ ضمن مجمعٍ كبير يؤوي المعاقين والأحداث الذكور المدانين بجرائم، وتؤوي هذه الدار فتيات (ليبيات وغير ليبيات) دون سن 18. وتصف مديرة الدار إجراءات القبول المعتادة والتي تشمل الفتيات الخائفات على سلامتهن إذا علمت أسرهن بأنهن قد مارسن الجنس (الرضائي أو القسري): "عادةً ما تكون الفتيات خائفات. وهنّ يذهبن إلى الشرطة التي تحيلهن إلى المدعي العام الذي يأمر باحتجازهن بشكلٍ مؤقت. وإذا كان الأب (أو العائلة) متسامحاً، فإنهن [الفتيات] يحصلن على إذنٍ بالبقاء في المنزل".[42]

وعندما زارت منظمة هيومن رايتس ووتش الدار في أبريل/نيسان 2005، كان فيها خمس فتيات محتجزات (ثلاث ليبيات ومصريتان)، وتراوحت أعمارهن بين 16 و17 عاماً. وقد جرى إخضاع جميع الفتيات لاختبار للكشف عن الأمراض السارية من غير موافقتهن،[43] كما جرى إجبار أربعة من الفتيات الخمس على الخضوع لاختبار العذرية الذي أجراه طبيب شرعي ذكر.[44]وقد قالت ثلاثةٌ من الفتيات لهيومن رايتس ووتش أنهن وقعن ضحية الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب. وقد جرى إحضارهن إلى الدار من قبل عائلاتهن التي لم تعد راغبةً بإيوائهن.

تُعامل الفتيات في دار الأحداث الإناث في بنغازي، وكثيرٌ منهن من ضحايا الجريمة لا من مرتكباتها، معاملة البهائم. فما أن يصبحن في الدار حتى يُحتجزن إلى أجل غير مسمى ويصرن بحاجةٍ لموافقة الأهل للمغادرة. وأثناء الاحتجاز، لا يقدم لهن أي تعليم باستثناء الإرشاد الديني الذي يقوم به شيخٌ يزور الدار مرةً في الأسبوع لتعليم القرآن. وقد اشتكت الفتيات من تعرضهن للضرب ومن الوضع في العزل الانفرادي إذا "ردَدن الكلام" أو أسأن السلوك مهما تكن تلك الإساءة بسيطة. يتيح نظام الدار للسلطات احتجاز الفتيات في العزل الانفرادي حتى سبعة أيام. لكن العاملين في الدار أقرّوا بعزل بعض الفتيات لمددٍ تصل إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وعرضن سجلاً يبين أيام احتجاز الفتيات في العزل الانفرادي. وقالت الفتيات اللواتي جرت مقابلتهن أن الإدارة تقيّد أيديهن أحياناً أثناء العزل الانفرادي. ومع أن مقادير الطعام المقدمة كافية، فقد قالت الفتيات أن المواد المتعلقة بالصحة العامة غير كافية. وقالت واحدةٌ منهن: "إنهم يزوّدوننا بالصابون وصابون الشعر مرة في الشهر. وهم لا يبالون إذا نفذ ما لدينا".[45] ولا يُسمح للفتيات باستقبال الزوار إلا بموافقة النيابة.

لقد احتجزت منى أحمد[46] في دار الأحداث الإناث في بنغازي لأكثر من سنة. وقد حملت منى بعد اغتصابها وأحضرت إلى الدار من قبل والدها. وفي حين كانت الأسرة أول الأمر تشك في أن الفتاة قد تعرضت للاغتصاب فعلاً، فإن المغتصب قد أقر بفعلته في النهاية. لكن والدها مازال يمنعها من المغادرة حتى توافق على التخلي عن الطفل الموجود برفقتها في الدار. وقد قالت لهيومن رايتس ووتش: "لقد اعترف المغتصب بفعلته، لكن والدي يعقد الأمور. وهو وحده من يستطيع الإذن لي بمغادرة الدار. ولن يوافق والدي إلا إذا تخليت عن الطفل بحيث يستطيع تزويجي لواحدٍ من أصدقائه". وهي لا تعرف ما إذا كان سيتاح لها مغادرة الدار في يومٍ من الأيام.

أما ندى منير، وهي في السابعة عشر، فقد أحضرت إلى الدار في 21 أبريل/نيسان 2005 بعد موت قريب لها حاول أن يغتصبها. وقد هاجمته بسكين دفاعاً عن نفسها، ثم مات جراء المضاعفات التي أصيب بها. وقد قالت لهيومن رايتس ووتش: "حاول اغتصابي لكنه لم ينجح. لقد كان أهلي في منزلٍ آخر، فجاء من خلف المنزل وحاول تقبيلي. كان بحوزته سكين، وقد شدني من شعري وقال أنه سيفعل ذلك بي؛ لكنني اختطفت السكين وطعنته بها. أخبرت والدتي بالأمر فأخذتني إلى مخفر الشرطة، وأخذتني الشرطة إلى النيابة التي وضعتني هنا".[47] ترفض عائلة ندى زيارتها وترفض الموافقة على تولي الوصاية عنها. وليس لديها محامٍ.

البيت الاجتماعي للنساء في تاجورا

نعرف أن الثقافة العربية مختلفةٌ عما في الغرب. هي هنا، رغم أنها نفذت حكمها، لأن والديها لا يريدان أخذها، إنها هنا لحمايتها. وهي هنا حتى لا تضل ثانيةً. وبغير ذلك تكون هذه النسوة خطراً على المجتمع.

سعيد الشفط، مدعٍ عام، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

زارت منظمة هيومن رايتس ووتش "البيت الاجتماعي" للنساء الراشدات في 4 مايو/أيار 2005. وفي وقت الزيارة، كان هذا البيت الموجود في بلدة تاجورا بضواحي طرابلس يحوي ست عشرة امرأة (بينهن فتاة واحدة[48])، وهو قادرٌ على استيعاب أربعين امرأة. ويجري احتجاز هذه النساء في مكانٍ مغلق إلى أجلٍ غير مسمى، وكثيرٌ منهن لم يرتكبن أية جريمة، بينما أنهت الأخريات أحكامهن. وهن محتجزات لأن عائلاتهن (وغالباً آبائهن) غير مستعدةٍ لتولي الوصاية عليهن. وعندما تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى النساء الإثني عشر في البيت ذلك اليوم، قالت إحدى عشرة امرأة منهن أنهن يرغبن بالمغادرة. وقد مضى على وجود إحداهن ثماني سنوات. بينما قالت واحدةٌ بأنها لا تتخيل أن تعيش وحدها وأنها تشعر بأن بقاءها رهن الاحتجاز هو أملها الوحيد في المأوى.

سمح المسئولون الحكوميون لباحثي هيومن رايتس ووتش بلقاء عدداً من المحتجزات في البيت على انفراد. لكن واحدةً من النساء اللواتي جرت مقابلتهن أفادت بأن مديرة البيت قالت لها: "هذه المرأة آتيةٌ من الخارج [من خارج ليبيا]. وعليك إعطائها صورة إيجابية عن مجتمعنا. وهي غير قادرةٍ على إيجاد حل لوضعك على أية حال". ولعل هذا النوع من الضغط قد منع النساء اللواتي جرت مقابلتهن من إعطاء صورة كاملة عن أوضاعهنّ.

وعند السؤال عن سبب اشتراط تولي أحد أفراد الأسرة الوصاية على امرأة راشدة حتى يمكن إطلاق سراحها قالت المديرة العامة لهيومن رايتس ووتش: "هذا من أجل حمايتها. إذ أخذها أهلها فهذا نوعٌ من الحماية لها.... بل أننا لا نسمح حتى للعم أحياناً بتولي الوصاية عن المرأة إذا لم يوافق والدها على ذلك".[49] وفي حين يجري العاملون في البيت اتصالات منتظمة مع عائلة المرأة في محاولةٍ لإقناعها، فقد قالت مديرة بيت تاجورا أن نسبة النساء اللواتي تأخذهن عائلاتهن لا تكاد تصل النصف.[50]

وبالنسبة لكثيرٍ من النساء، تكمن الفرصة الوحيدة للخلاص من بيت الرعاية في الزواج، وغالباً ما يكون ذلك زواجاً من غريبٍ مجهول يأتي إلى البيت بحثاً عن عروس. وتبعاً لما قاله أحد المدعين العامين، فإن عدداً قليلاً جداً من العائلات توافق على تولي الوصاية على تلك النسوة بحيث يكون "الحل الوحيد هو الزواج. إنه الطريق الوحيد لمغادرة البيت الاجتماعي".[51] وقد تحدثت عائشة رمضان بن صوفية، مديرة البيت الاجتماعي، عن عملية الزواج:

[يأتي رجلٌ] ويطلب الزواج. أما نحن فنقوم بتحرياتنا ونسأله لماذا أتى إلى هنا. ثم نزور منزله للتأكد من مطابقة أقواله للواقع. ثم نتأكد من دخله ومواصفاته... يجب أن يكون لديه منزل وعمل بدوام كامل. وعادةً ما يكون شخصاً من خارج طرابلس. ثم نخبرهن [النساء] بمواصفاته ونسألهن عما إذا كانت إحداهن ترغب بالزواج منه.

ويقرر البيت الاجتماعي المرأة "المؤهلة" للزواج استناداً إلى "طبيعتها الأخلاقية". وقد قالت مديرة بيت تاجورا لهيومن رايتس ووتش: "نحن لا نزوّج إلا من كانت من غير مشاكل، أي من كانت أخلاقها جيدة".[52] وبحسب عواطف الشريف، وهي أخصائية اجتماعية في البيت الاجتماعي، فإن "جميع النساء يتزوجن في النهاية".[53] وطبقاً لما قالته المديرة العامة للمؤسسات الاجتماعية في طرابلس، فقد تم تزويج 19 فتاة في مراكز إعادة التأهيل الاجتماعي خلال السنوات الخمس الماضية.[54] وقد تمت خطبة اثنتين من النساء اللواتي كنّ محتجزات في البيت الاجتماعي لحماية النساء في تاجورا وقت زيارة هيومن رايتس ووتش.

وعند السؤال عن السبب الذي يجعل رجلاً يرغب بالزواج من امرأة محتجزة في مركزٍ لإعادة التأهيل الاجتماعي، قالت المديرة أن النوايا تتفاوت بين الناس، وأن الرجال الذين يتقدمون إلى المراكز يفعلون ذلك عادةً لأن جيرانهم قد تزوجوا بنفس الطريقة، وذلك انطلاقاً من العطف الديني تجاه المرأة وبغية اكتساب الثواب.[55] لكن رئيس النيابة العامة، وإحدى المدعيات العامات تحدثا عن منطقٍ مختلف. فقد قال رئيس النيابة لهيومن رايتس ووتش أن هذه المراكز تمثل "أحد الأماكن الرخيصة للزواج".[56] أما المدعية العامة فقالت: "لا توجد نفقات [سابقة على الزواج] في هذه الحالة. وهذا مختلفٌ عن الزواج من امرأة لها عائلة".[57]

أما النساء اللواتي لا توافق عائلاتهن على تولي الوصاية عليهن، واللواتي لا يتزوجن لأنهن "غير مؤهلات" طبقاً للمعايير التي يضعها المركز، وغير الراغبات في الزواج لسبب من الأسباب، فيحتجزن في المركز إلى أجلٍ غير مسمى. وهن ينفقن أوقاتهن في تنظيف البيت والاستماع إلى الخطب الدينية وفي تعلم استخدام الحاسب. أما المقتنيات الشخصية، مثل أجهزة الراديو والكتب غير الدينية، فتتم مصادرتها. ولا يسمح لهن بالاتصال الهاتفي إلا مع أفراد عائلاتهن. وتخضع جميع هذه الاتصالات للمراقبة.

ويسمح العاملون في المركز للنساء من ذوات "السلوك الجيد" فقط بالعمل (مقابل أجر ضئيل) في مركز للأطفال موجود ضمن المجمع. وطبقاً لمديرة المركز فإنه "يمكن للمرأة التي لا تتزوج أن تعمل في دار الطفل إذا كانت حسنة السلوك، فالسلوك هو أهم شيء".[58] وقد أضافت الاختصاصية الاجتماعية: "نحن نسمح لمن كان سلوكها حسناً بأن تعمل، أي لمن لا ترفع صوتها ولمن تنام بهدوء. ولا نسمح للجديدات بالعمل".[59]

لقد قالت كثير من النساء الموجودات في هذا المركز بأنهن تعرضن للاغتصاب. وقد مضى على احتجاز نوال علي، وهي في الثانية والثلاثين، ثمانية أعوام أمضت سبعةً منها في البيت الاجتماعي بتاجورا. وقد طردتها عائلتها من المنزل بعد أن اغتصبها أحد الأقارب. قالت نوال:

بعد وفاة والدي عام 1997، جاء أحد أقارب أمي إليّ وهمس في أذني: "يجب أن نتزوج". كنت في المدرسة الثانوية ولم أكن أفكر في الزواج. لكنه بدأ يتكلم كلاماً بذيئاً. ثم راح يقول لأمي أنني أخرج مع الشباب... وذات يوم رافقني لشراء اللوازم المدرسية. وقد أخذني إلى مكانٍ لم أره من قبل. أما أمي فقالت: "أنت كاذبة، فهو لم يفعل ذلك؛ لقد كنت تعاشرين الرجال".[60]

لقد حملت نوال وأمضت سنةً في قسم النساء في سجن الزاوية لأن الطبيب الشرعي قرر بأن المواقعة كانت رضائية. وبعد فراغها من تنفيذ الحكم، جرى نقلها إلى مركز تاجورا مع ابنتها الرضيعة لأن عائلتها رفضت تولي الوصاية عليها. أما طفلتها فظلت في دار الطفل المجاور إلى أن أعطيت للتبني من غير علم نوال أو موافقتها، وذلك في خرقٍ لقانون العقوبات الليبي[61] وللقانون الدولي لحقوق الإنسان.[62] وقد قالت نوال لهيومن رايتس ووتش: "ذهبت لزيارتها هناك ذات يوم فقالوا لي أن أحداً ما قد جاء وأخذها... قالوا أن عائلةً جيدة أخذتها. ولا أعلم أين هي الآن".[63]

وقد شرحت رنا محمد، وهي ضحيةٌ أخرى من ضحايا الاغتصاب وتبلغ العشرين من العمر، سبب احتجازها في البيت الاجتماعي لحماية النساء في تاجورا بقولها:

لقد أوصلتني المشاكل العائلية إلى هنا. لقد اغتصبني رجلٌ في الشارع يوم 8 أغسطس/آب 2004. لقد كان ذلك اغتصاباً أمامياً [مهبلياً]، ثم تركني في الشارع... وقد ذهبت مباشرةً إلى المركز في تاجورا لأن أخي سيقتلني إذا علم بالأمر. ومن المركز ذهبت مباشرةً إلى البيت الاجتماعي. وقد استدعت النيابة والديّ، وأخبرتهما بقصتي. إنهم يزرونني الآن لكنهم لا يرغبون باستلامي [تولي الوصاية] رسمياً.[64]

إن رنا مخطوبة منذ أربعة أشهر لرجلٍ يملك متجراً للملابس جاء يبحث عن زوجةٍ في المركز. ولا تعرف رنا متى يتم الزواج ويسمح لها بمغادرة البيت الاجتماعي. وعندما سئلت عن سبب اختيارها للزواج قالت: "لقد اختاروني لأنني لست من مثيري المشاكل".

يجري احتجاز بعض النساء تبعاً لأهواء والديهن بكل بساطة. فقد مضى على احتجاز هلا محسن في البيت الاجتماعي لحماية المرأة شهرين ونصف، وهي في الخامسة والعشرين. وقد أحضرتها النيابة إلى البيت الاجتماعي بعد أن طلب والدها منها أن تعود إلى المنزل (بعد أن كان قد أجبرها على ترك المنزل السيئ الذي تسكنه). ورغم أنها راشدةٌ من الناحية القانونية ولم ترتكب أية جريمة بموجب القانون الليبي، فسوف تظل محتجزة حتى توافق على العودة إلى منزل والدها أو حتى تتزوج. وقد قالت لهيومن رايتس ووتش:

ماتت والدتي في حادث سيارة عندما كنت في الثانية. وتزوج والدي امرأة

مغربية. لم نستطع فهم بعضنا البعض، وقام كثيرٌ من المشاكل بيننا. وفي النهاية طردني والدي من المنزل، وأعطاني بطاقة سفر لأزور أقاربي. لقد عملت في أحد المطاعم وكنت أكسب المال بشرف. لم أدخن ولم أتعاط المخدرات. وبعد سنةٍ جاء والدي ليأخذني لأن الناس كانوا يتكلمون عني. وقد قالت لي النيابة بأنه يمكنني إما أن آتي إلى هنا (المركز) أو أن أذهب إلى بيت والدي. وقد جلبوني [النيابة] إلى هنا دون أي سبب فلدي بيتٌ وعمل.[65]

وقد قالت كثيرٌ من المحتجزات في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا لهيومن رايتس ووتش بأنهن أتين إلى البيت بإرادتهن، وذلك بحثاً عن المأوى بعد طردهن من منازل عائلتهن. لم تكن لديهن علاقات جنسية. وقد قالت واحدةٌ من النساء: "أمي لا تريدني، لذلك أتيت إلى هنا من تلقاء نفسي". وقالت أخرى: "لقد أخبرت النيابة بأنه لا بيت لدي، فأحضروني إلى هنا". وبدلاً من تزويد هذه النساء بمأوى يليق بمن لم يرتكب أي جرم، قامت السلطات الليبية باحتجازهن.

وقد عُلم أن الطبيعة التعسفية للاحتجاز، إضافةً إلى شروطه، قد دفعت ببعض النساء لمحاولة الهرب. وقد أنكرت إحدى الأخصائيات الاجتماعيات التي تعمل منذ أكثر من 10 سنوات في بيت تاجورا أن تكون أية امرأة قد حاولت الهرب، وقالت: ".. كما أن الناس سوف يعيدونها إلى هنا حتى وإن نجحت بالهرب".[66] لكن المحتجزات اللواتي تحدثت إليهن هيومن رايتس ووتش رفضن ذلك الزعم، وقلن أن بعض محاولات الهرب قد حدثت بالفعل، رغم أن عدد المحاولات الناجحة كان قليلاً. وقالت إحدى المحتجزات أن امرأةً هربت منذ بضع سنوات، وأضافت: "لو كنا نستطيع الهرب لما بقيت واحدة منا هنا".

V. انتهاكات حقوق الإنسان في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي الليبية

لقد صدر بحقي حكم، وقد نفذّت ذلك الحكم، لكنّ كلَّ أفراد عائلتي ينبذونني.

امرأة مُحتَجَزة في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا تتحدث عن سبب استمرار احتجازها، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

الحرمان التعسفي من الحرية، والمحاكمة العادلة، وحرية الحركة

سأذهب إذا أتى أحدٌ ليتزوجني. هذا هو الحل الوحيد لدي، ولا حلّ آخر.

امرأة مُحتَجَزة في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

من المبادئ الأساسية في قانون حقوق الإنسان مبدأ أنّ على الدول عدم إخضاع أي فرد للاحتجاز التعسفي. إنّ المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تُحرِّم الاعتقال والاحتجاز التعسفيين. ويعني تحريم التعسف أنّ التجريد من الحرية، حتى وإنْ سمح به القانون كما في حالة ليبيا، يجب أن يكون متناسباً مع سبب الاعتقال.

إنّ ظروف الاحتجاز في مراكز إعادة التأهيل الاجتماعي الليبية تطابق تعريف الاحتجاز التعسفي الذي حددته مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة (مجموعة العمل)[67] وطبقاً لهذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة، يكون التجريد من الحرية تعسفياً عندما:

(1) يكون من غير الممكن، وبشكلٍ واضح، إقامة أي أساس قانوني لتبرير التجريد من الحرية (كأن يتم إبقاء الشخص مُحتجَزاً بعد أن ينفِّذ الحكم الصادر بحقه أو بعد صدور عفو يشمله)؛ (2) ينتج ذلك التجريد عن ممارسة الحقوق أو الحريات التي تضمنها المواد 7 و13 و14 و18 و19 و10 و21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبقدر ما يتعلق الأمر بالحكومات أيضاً، المواد 12 و18 و19 و21 و22 و25 و26 و27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ (3) إنّ عدم الالتزام، كليّاً أو جزئيّاً، بالمعايير الدولية الخاصة بحق المحاكمة المنصفة، والتي جرى التعبير عنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي المعاهدات الدولية ذات الصلة التي قبلتها الدول المعنية، يبلغ من الخطورة حدّاًً يجعل التجريد من الحرية يكتسب صفة التعسف.[68]

كما أقرّت مجموعة العمل بعدم إمكانية استخدام "الحماية" كمبرِّر لاحتجاز النساء على نحوٍ تعسفي. وقد دعت إلى استخدام الاحتجاز الوقائي "كملجأ أخير فقط، وعندما تُطالب به الضحايا".[69]

وترى هيومن رايتس ووتش أنه، وعندما يتم احتجاز الناس حتى إشعار آخر ولفترات اعتباطية وغير محددة، فإن احتجازهم يكون تعسفياً حتى لو كان الاحتجاز الأولي متفقاً مع المعايير القانونية السارية. وعندما تنفذ المحتجزة حكمها، ثم تبقى محتجزةً بعده، فإن الطبيعة التعسفية للاحتجاز تكون أكثر مدعاةً للسخط. وبقدر ما تحتجز الحكومة الليبية النساء والفتيات دون أن توجه إليهنّ اتهاماً أو تصدر حكماً بحقهن، أو بقدر ما تحتجز النساء والفتيات اللواتي نفذن أحكامهن، وذلك في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي هذه، فإنها تنتهك حق هؤلاء الأشخاص بالحرية.

وتشترط المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أيضاً إخبار المحتجز بأسباب الاعتقال حال اعتقاله وإبلاغه بأية تهمٍ موجهةٍ إليه. ومن حقه بموجب هذا العهد "لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني".[70] وطبقاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن "يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني".[71]إن الحكومة الليبية تخرق هذه المعايير كلها في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي.

لقد حُرِمت غالبية النساء والفتيات اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش في هذه المرافق من الحق بالتمثيل القانوني. وقالت عواطف الشريف، الأخصائية الاجتماعية في البيت الاجتماعي لحماية المرأة بتاجورا لهيومن رايتس ووتش: "إن النيابة هي من يقرر ما إذا كانت [المرأة المحتجزة] بحاجةٍ لمحامٍ أو لا".[72] وقد قالت لنا إحدى النساء المحتجزات في ذلك البيت: "ليس لدى أيٍّ منا محامٍ، إذ أن أياً منا ليس لديها دعوى [قيد النظر]".[73] ليست لمعظم هذه النساء والفتيات دعاوى قضائية قيد النظر كما لا توجد بينهن من تنفذ الآن حكماً صادراً بحقها، وهذا ما يجعل احتجازهن تعسفياً وغير قانوني. لكن، وبالنظر إلى أنهن محتجزاتٍ حالياً، فمن حقهن الحصول على الحماية المقدمة لأي محتجز، بما في ذلك الحق بالاستشارة القانونية.[74] وطبقاً لمجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الواقعين تحت أي شكل من أشكال الاحتجاز أو الحبس (مجموعة المبادئ)، وهي مجموعة من المعايير الدولية التي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيجب تعيين محامٍ مجاناً من قبل السلطة القضائية أو غيرها من السلطات لتمثيل الأشخاص المحتجزين الذين لا يستطيعون تحمل نفقات المحامي.[75]

وما أن تحال النساء والفتيات إلى هذه المرافق حتى يُحرمن تماماً من حرية الحركة. وفي البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، لا يسمح بالمغادرة إلا للعمل في المرفق المجاور ضمن الأسوار المغلقة للمجمع. وقد قالت إحدى النساء في هذا المرفق لهيومن رايتس ووتش: "لا يسمح لي بالعمل خارج البيت. وبإمكاني فقط أن أعمل في البيت الاجتماعي بحيث أكون تحت رقابتهم دائماً". أما الفتيات المحتجزات في دار الأحداث الإناث في بنغازي فلا يسمح لهن بمغادرة المبنى إلا للقيام بنزهات محددة سلفاً. وطبقاً لما قالته مديرة الدار فإنهن "بحاجةٍ لإذنٍ من المحكمة لمغادرة الدار".[76]

إن هذه القيود المفروضة على حرية الحركة مؤذيةٌ على نحوٍ خاص للطفلات المحتجزات في مراكز إعادة التأهيل الاجتماعي. ومن المعترف به على نطاقٍ واسعٍ أن الاتصال بالأقران وبأفراد الأسرة وبالمجتمع الواسع يعوض الآثار المؤذية للصحة العقلية والعاطفية للطفل والناتجة عن الاحتجاز، ويساعد على إعادة اندماجه في المجتمع.[77] تدعو المعايير الدولية، وانطلاقاً من هذه الحقيقة، إلى وضع الأطفال تحت أقل ما يمكن من الشروط المقيِّدة مع إعطاء الأولوية للمرافق "المفتوحة" وليس "المغلقة".[78]إن على أي مرفق، مفتوحاً كان أم مغلقاً، أن يولي الاهتمام اللازم لحاجة الأطفال إلى "محفزات لحاستهم، وفرص للاجتماع بأقرانهم والمشاركة في الرياضة والتمارين البدنية ونشاطات أوقات الفراغ".[79]وبهذا الصدد، فإن قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية الخاصة بإدارة قضاء الأحداث تدعو مراكز الاحتجاز إلى تزويد اليافعين "باتصالات كافية مع العالم الخارجي"؛[80] والسماح بالرياضة اليومية التي يُفضل أن تجري في الهواء الطلق؛[81] وأن تضمن تعليمهم وإتاحة فرص العمل أمامهم، إضافةً إلى إعادة تأهيلهم طبياً إلى أقصى حد ممكن ضمن المجتمع المحلي.[82]

الاختبار القسري للعذرية

يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني.

المادة (0.11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

لقد أُجبرت معظم النساء والفتيات التي قابلتهن هيومن رايتس ووتش في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي على الخضوع لاختبار العذرية، وذلك عند قبولهن في هذه المرافق. وبطلبٍ من الشرطة أو من النيابة العامة، قام طبيب شرعي بفحص النساء والفتيات المُشتبه بأن لهن علاقات جنسية خارج الزواج لتقرير ما إذا كان غشاء البكارة "سليماً". ويُعتبر أي تمزّق في الغشاء دليلاً على فقد العذرية بصرف النظر عن صلته بالنشاط الجنسي.

ليس لهذا التركيز على غشاء البكارة أي أساس قانوني أو طبي، بل هو يعكس انشغالاً في غير محله بالعذرية الظاهرية للضحية، ويعكس المفاهيم العامة الخاطئة بشأن التحقق الطبي من العذرية. وقد أكدَّ الخبراء أنّ حالة غشاء البكارة لدى المرأة ليست بمؤشر موثوق على جماع سابق ولا على أي حالة جماع، رضائيةً كانت أم غير ذلك. إنّ درجة ليونة أو مرونة أو سماكة غشاء البكارة، أو موقعه ضمن القناة المهبلية، وبالتالي مدى قابليته للتمزق أو للتأذّي، تختلف بين امرأةٍ وأخرى.[83]

ويُطلَب من الأطباء في ليبيا بإبلاغ الشرطة عندما يقوم لديهم شك في أنّ المرأة أو الفتاة لها علاقات جنسية خارج الزواج. بل يمكن العثور على رجال الشرطة في المستشفيات جاهزين لتلقّي أية تقارير عن الفعل الجنسي غير الشرعي. وقد وصفت إحدى النساء المحنة التي مرّت بها:

ذهبت إلى المستشفى لعلّةٍ قلبية، وأراد الطبيب أن يجري لي فحصاً عاماً. لقد قال: "لديك حالة اسمها 'كيس' ويجب أن تبقي في المستشفى". لقد استدعوا [عاملو المستشفى] الشرطة التي استدعت الطبيب الشرعي، والذي استدعى النيابة بدوره. قال الطبيب الشرعي أنّ الأمر كان ناتجاً عن اختراق خارجي، وكانت الممرضة والشرطي حاضرين [في الغرفة].[84]

وقد قالت إحدى الفتيات المُحتجزات في دار الأحداث الإناث لهيومن رايتس ووتش: "كل من تذهب إلى دار الطفل تخضع لاختبار العذرية. وهم يعلمون بأنه ليست لي علاقات جنسية. وقد قال الطبيب [الشرعي] أنني عذراء".[85]

إنّ الربط بين مفهوم الشرف بموجب القانون وبين السيطرة التمييزية على عذرية المرأة من جانب العائلة والأطباء والموظفين المسئولين عن تنفيذ القانون يؤسس سياقاً يخضع فيه حق المرأة بالخصوصية والسلامة الجسدية إلى مصلحة العائلة في الحفاظ على شرفها. ومن هنا، واستناداً إلى طلبٍ من أفراد العائلة على الأغلب، يجري أطباء الدولة اختبارات قسرية على النساء والفتيات. وقد قال مدَّعٍ عام مسئول عن الإشراف على عدد من مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي لهيومن رايتس ووتش: "إذا اشتكت إحدى العائلات من أنّ ابنتها لم تأتِ إلى المنزل لعدة أيام، فإننا نأخذها [عندما تعود] إلى الطبيب الشرعي لمعرفة ما إذا كانت لها علاقات جنسية مؤخراً. ثم نحيل القضية إلى النيابة العامة. وإذا لم أكن موافقاً على النتائج [نتائج الفحص المهبلي] فإنني أُرسلها إلى طبيب [شرعي] آخر".[86]

ينطوي اختبار العذرية على الألم والإذلال والخوف. وتُجبِر السلطات الليبية النساء والفتيات على إخضاع أنفسهن لأدوات وأيدي أطباء ذكور مجهولين. وتقول الضحايا أنّ إجبارهن على التعري والخضوع للاختبار أمرٌ مذلٌّ ومخيف، سواءٌ من حيث أنه انتهاك جسدي أو من حيث النتائج المخيفة التي يمكن أن تنتج عنه. تُعتبر هذه الاختبارات معاملةً مهينة، وهي انتهاكٌ لحق النساء في السلامة الجسدية وفي الخصوصية.[87]

قد يكون الفحص النسائي الطوعي أمراً شرعياً إذا جرى من أجل الحصول على أدلّة متعلقة بتهمة الاغتصاب على سبيل المثال. أمّا هنا فما من منطقٍ مشروع لإجراء اختبار العذرية القسري. إنّ هيومن رايتس ووتش مصرّةٌ على أنّ هذه الاختبارات غير مبرَّرة، وعلى أنّ التأكيد على العذرية الأنثوية أمرٌ تمييزي بحد ذاته، وعلى أنْ لا علاقة للعذرية بإقامة الدليل على الاعتداء الجنسي بأي حالٍ من الأحوال.

العزل الانفرادي المديد

أمضيت سبعة أيام في العزل الانفرادي. إنه أشبه بتابوت، مظلمٌ جداً، وليس فيه ضوء. كانوا يعطونني شطيرة واحدة لآكلها طوال اليوم.

فتاة مُحتجَزَة في دار الأحداث الإناث في بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

عند إدخال النساء والفتيات إلى مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي، يقوم العاملون بعزلهن عزلاً انفرادياً ريثما تخضعن لاختبار الأمراض السارية. ويبدو أن هذه الاختبارات تجري من غير موافقة المحتجزات. كما يمكن للسلطات عزل النساء والفتيات انفرادياً لمدةٍ تصل إلى سبعة أيام "لغايات تأديبية".[88] ويمكن عزلهن انفرادياً لأتفه المخالفات وأبسطها، من قبيل "رد الكلام" أو التدخين.[89]

يضمّ البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا أربع غرف للعزل الانفرادي. وتفوح رائحة الدهان من اثنتين من هذه الغرف، بينما لا تحوي الثالثة حماماً. وقد قالت امرأة مُحتجزة في البيت الاجتماعي لهيومن رايتس ووتش: "عندما أحضروني إلى البيت الاجتماعي ظللت في العزل الانفرادي لمدة أسبوع. وقد وضعوني هناك ليتأكدوا إذا ما كنت مصابة بأي مرض. إنه مكان غير صحي. وهو ليس مهوّى. وكنت أضع الغطاء على عيني بسبب شعوري بأنهما تحترقان".[90]

وقد اشتكت الطفلات المُحتجزات في دار الأحداث الإناث في بنغازي من تقييد أيديهن أثناء احتجازهن في العزل الانفرادي. وهذا لا يتفق مع المعايير الدولية لمعاملة الأحداث، فهي تقضي بأن تكون التدابير التأديبية آمنةً من حيث حفاظها على كرامة الطفل وعلى الهدف الإصلاحي للاحتجاز.[91] وعلى نحوٍ خاص، تحرِّم هذه المعايير استخدام الحجز المغلق والإيداع في زنزاناتٍ مظلمة، "يمكن أن تكون ضارة بالصحة البدنية أو العقلية للحدث المعنى".[92] أما الوسائل التقييدية فلا يجوز "يمكن أن تكون ضارة بالصحة البدنية أو العقلية للحدث المعنى... ولا يجوز أن تسبب تلك الأدوات إذلالا أو مهانة، وينبغي أن يكون استخدامها في أضيق الحدود، ولأقصر فترة ممكنة".[93] وقد يرقى خرق هذه المبادئ إلى مرتبة المعاملة القاسية أو المهينة أو غير الإنسانية المذكورة في اتفاقية حقوق الطفل، وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي اتفاقية مناهضة التعذيب.[94]

حرمان الفتيات من حق التعليم

إنّ لدينا عاملات اجتماعيات واختصاصيات نفسيات. ولدينا جميع الخدمات اللازمة بما فيها النزهات والتوجيه الديني.

فايزة خميس، مديرة دار الأحداث الإناث في بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

نمضي نهارنا كاملاً في تنظيف الدار، والتدريب على الخياطة، والدروس الدينية على يد شيخ زائر.

فتاة مُحتجزة في دار الأحداث الإناث في بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

تحرم السلطات الليبية الفتيات المُحتجزات في دار الأحداث الإناث من حق التعليم. ولا توفر الدار لهن إلاّ التعليم الديني والتدريب على الخياطة. ويمنع موظفو الدار الفتيات من قراءة أي شيء عدا الكتب الدينية الإسلامية. أمّا ما يكون بحوزتهن من كتب غير دينية فتُصادر بمجرد دخول الدار. وقد قالت واحدةٌ من الفتيات لهيومن رايتس ووتش: "يتبرع الناس بالكتب الدينية، ولا يُسمح بأية كتبٍ أخرى".[95]

إنّ الحق في التعليم مثبتٌ في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي أقرتّه ليبيا في 15 مايو/أيار 1970، كما أنه مُثبتٌ في اتفاقية حقوق الطفل. وتنصّ جميع هذه المعاهدات على وجوب أن يكون التعليم الثانوي "مُتاحاً ومتوفراً لجميع الأطفال"[96]، وهذا هو مستوى التعليم المقابل لأعمار الفتيات في دار الأحداث الإناث في بنغازي. وتعرّف اللجنة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إتاحة التعليم بأنه "مؤسسات وبرامج تعليمية عاملة... يجب توفرها بكمية كافية..."[97]يجب أن تكون المؤسسات التعليمية متاحةً للجميع من غير تمييز، "ويمكن الوصول إليها بأمان من حيث وجودها في موقع جغرافي ملائم منطقياً" ومن حيث "قدرة الجميع على تحمل تكاليفها".[98]

إن المعايير الدولية، كما تنعكس في قواعد الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأحداث، تقضي بأن لا يخسر اليافعون حقهم بالتعليم عندما يتم احتجازهم. "لكل حدث في سن التعليم الإلزامي " يجرّد من حريته " الحق في تلقى التعليم الملائم لاحتياجاته وقدراته "، وهو تعليم " مصمم لتهيئته للعودة إلى المجتمع".[99] إن قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية الخاصة بإدارة قضاء الأحداث (قواعد بكين) تدعو المسئولين الحكوميين إلى ضمان "عدم مغادرة" الأطفال المجردين من الحرية "المؤسسة بخسارة تعليمية".[100]

VI. الخاتمة

تُخضع ليبيا النساء والفتيات إلى الحرمان التعسفي من الحرية وإلى جملة من الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان عن طريق احتجازهن إلى أجل غير مسمى في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي. إن الحكومة، وباحتجازها النساء اللواتي خالفن المعايير المقبولة اجتماعياً أو اللواتي وقعن ضحيةً الاغتصاب فنبذتهنّ عائلاتهن، تجنح إلى إعطاء العفة والبكورة والمفهوم التقليدي "لشرف" العائلة أولوية تفوق أولوية حقوق الإنسان. كما أن الشروط الموضوعة للخروج هي شروط تعسفية وقسرية في حد ذاتها.

ويعبر احتجاز ضحايا الاغتصاب في مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي عن موقف الحكومة الليبية من العنف ضد المرأة؛ إنه موقف إنكار وجود الظاهرة والقبول الخفي بالعنف المنزلي وغياب القوانين والخدمات التي تقدم الحماية الملائمة والعلاج للضحايا. ويستمر الفهم القائل بأن الاغتصاب جريمة واقعة على "شرف" المرأة تلحق العار بها وبعائلتها بدلاً من اعتباره جريمة ضد المرأة كفرد تتطلب معالجة قضائية ملائمة. كما أن خطر تعرض ضحايا الاغتصاب للملاحقة القضائية واحد من الجوانب الإشكالية لتجريم جميع أشكال العلاقات الجنسية خارج الزواج في ليبيا.

وليست إحالة النساء والفتيات إلى مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي إلا مجرد بداية لجملة من الانتهاكات الأخرى التي يتعرضن لها. فالسلطات الليبية تقيد حريتهن بالحركة تقييداً تاماً وتخضعهنّ لمعاملة عقابية تتضمن العزل الانفرادي لأتفه الأسباب. ويجري فحص النساء والفتيات للتأكد من خلوهن من الأمراض السارية وذلك دون موافقتهن، كما يُجبرن على الخضوع لاختبار العذرية وهو نوع من المعاملة المهينة. وتشعر منظمة هيومن رايتس ووتش بالقلق من حرمان كثير من المحتجزات من حقهن القانوني بالمحاكمة العادلة ومن عدم إتاحة الفرصة لهنّ لإثارة مسألة عدالة احتجازهن أمام القضاء، وكذلك من حرمانهنّ من أي تمثيل قانوني.

تستدعي الطبيعة المؤذية لمرافق إعادة التأهيل الاجتماعي، والانتهاكات الفاضحة التي تحدث فيها، تحركاً سريعاً. ولا يجوز أن تكون مرافق إعادة التأهيل الاجتماعي هي المأوى الوحيد المتوفر للنساء والفتيات المحتاجات إلى الحماية في ليبيا. إن على الحكومة الليبية إقامة ملاجئ طوعية تماماً وغير عقابية لمن تحتجن المأوى والحماية من العنف. ولا يجوز أن تنتقص هذه الملاجئ من خصوصية النساء أو من استقلالهن أو حريتهن بالحركة. ويجب إطلاق سراح جميع النساء المحتجزات، ممن لم تجر إدانتهن بجريمة طبقاً لمعايير المحاكمة العادلة وممن لا يمضين فترة عقوبتهن الآن، وذلك بشكل فوري.

كلمة شكر

قامت فريدة ضيف، الباحثة المختصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قسم حقوق المرأة بإعداد هذا التقرير استناداً إلى البحث الذي جرى في ليبيا في شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار 2004. وقد قام بمراجعة التقرير كل من جانيت وولش، المديرة التنفيذية لقسم حقوق المرأة؛ وسارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ وكلاريسا بينكومو، الباحثة في قسم حقوق الطفل؛ وويلدر تيلر، مدير السياسات والشؤون القانونية؛ وإيان غورفين، مستشار مكتب البرامج. كما قدمت كل من ندوى الدوسري وجولي هاسمان، الباحثتان المقيمتان في قسم حقوق المرأة، مساعدتهما القيمة في البحث. أما إيرين ماهوني وتامارا رودريغيز ريتشبيرغ وطارق رضوان وأندريا هولي وفيتزروي هيبكنز وخوسيه مارتينيز، فقدموا المساعدة في إنتاج هذه الوثيقة.

وتود هيومن رايتس ووتش أن تشكر السلطات الليبية لسماحها بزيارة وفد المنظمة وتسهيل اللقاءات التي أجراها. وكلنا أمل بأن يكون ذلك بدايةً لمزيد من التعاون بين الحكومة الليبية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، وبأن تكون هناك زيارات أخرى.

كما نود أيضاً أن نعبر عن عميق الامتنان للنساء والفتيات الشجاعات المحتجزات في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا وفي دار الأحداث الإناث ببنغازي، فلولاهن لما كان إعداد هذا التقرير ممكناً.

كما نتوجه بالامتنان للدعم المالي المقدم من صندوق ليزبت روزينغ الخيري، ومن صندوق زيغريد روزينغ، ومن صندوق موريا، ومن مؤسسة ليبرا، ومؤسسة أوك، ومؤسسة سترايسند، ومؤسسة سيلفرليف، ومؤسسة بانكي-لاروك، مؤسسة شونر ، ومؤسسة جاكوب وهيلدا بلاوشتاين ، ومؤسسة شيكاغو للنساء، ومؤسسة غروبر فاميلي. ومن أعضاء اللجنة الاستشارية في قسم حقوق المرأة.

ملحق: الرد الرسمي للحكومة الليبية على نتائج التقرير

ملاحظات

اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي

على الجزء الثاني من تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان

المتعلق (بدار الأحداث ببنغازي والبيت الاجتماعي بتاجوراء)

المبني على زيارة فريقها إلى الجماهيرية الليبية

في الفترة من 20/04 إلى 11/05/2005مسيحي

الملاحظــات :

ذكر التقرير(( أن المقابلات التي أجريت مع المسئولين عن المرفقين موضوع التقرير وما سماه بالمحتجزات وأعضاء النيابة أظهرت أن الحكومة الليبية التي تتولى إدارة هذين المرفقين تحتفظ بأغلبية هؤلاء النساء والبنات دون تهم معينة . القانون الذي يحكم هذه المرافق ينص على أنهما مبنيان لتوفير سكن "لنساء معرضات للمشاركة في الأعمال المخلة بالآداب" من المفترض أن تحمي هذه المرافق هؤلاء النساء والبنات من العنف الذي يمارسه أقاربهن باسم شرف الأسرة ولإعادة تأهيل نساء يعتبرن قد تجاوزن المعايير المقبولة للسلوك. من ناحية أخرى هذه ليست أسبابا مقبولة بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي لحجز النساء والبنات. للحد الذي تعتقل فيه الحكومة الليبية نساء وبناتاً لم تتهمهن أوتدينهن في أي جريمة أو أولئك اللاتي أكملن عقوباتهن ، الحكومة الليبية تنتهك الحق في الحرية لهؤلاء الأشخاص )) .

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن ما ساقة التقرير حول وجود انتهاكات بالبيت الاجتماعى أو دور رعاية الأحداث لا يمت لقيم المجتمع بصلة ، ويؤكد تجاهل التقرير للقيم الإسلامية التي تحكم المجتمع الليبي وكذلك عاداته وتقاليده التى لها دور كبير في صياغة علاقات أفراد المجتمع وتشكيل رؤيتهم للواقع ،فعلى سبيل المثال توجد في بعض المناطق عادة الثأر للعرض في جرائم الشرف وانكار ونبذ المرأة المتهمة في قضية أخلاقية من قبل أسرتها وهي من العادات الموجودة في دول المنطقة ، وتسعى الجهات المعنية لإستئصالها من خلال تغيير المفاهيم المرتبطة بها عن طريق التوعية والارشاد والتثقيف ، كما لاتقبل عادات المجتمع وتقاليده ترك النساء والفتيات لمصيرهن في الشارع ومع المجهول ، وهو مما يحتم إيجاد معالجات وتدابير للحد من تداعيات تلك الأمور ، ولابد من توضيح الحقائق، فإن دور رعاية الطفل ودور رعاية البنين ودور رعاية البنات ودور رعاية العجزة والمسنين ودور رعاية المرأة (البيوت الاجتماعية) ودور تربية الأحداث ، هي مؤسسات اجتماعية غير ذات طبيعة جنائية أو تأديبية عدا دور تربية الأحداث ، وجميعها تتبع صندوق التضامن الاجتماعي الذي يعنى برعاية العجزة والقصر الذين لا ولي لهم وكل من انقطعت بهم سبل العيش الكريم ، وتعمل تلك الدور على تقديم رعاية صحية واجتماعية متكاملة مجاناً في إطار تضامن أفراد المجتمع وفقاً لقيم الشريعة الإسلامية السمحة ومبادئ النظرية العالمية الثالثة ، وبياناً لتلك الدور ومهامها والتشريعات التي تنظم عملها ، فإن البيت الإجتماعي يأوي النساء اللاتي انقطعت بهن سبل العيش ولا مأوى لهن أو المرأة التي تتهم في قضية ويقتضي الأمر التحفظ عليها بإجراءات قضائية في ذلك البيت وذلك تقديراً لظروفها وظروف الجريمة المنسوبة إليها التي لا تتناسب مع وضعها في مؤسسة الإصلاح والتأهيل الخاصة بالنساء (السجن) لتحاشي الإساءة إلى وضعها الاجتماعي من منظور التقاليد والاعراف السائدة في المجتمع ، وتدخل الفئة الأولي البيت الاجتماعي برضائهن وذلك لظروف مختلفة ، فبعضهن لجأن إلى هذا البيت لعدم حصولهن على مسكن يأويهن بسبب خلاف مع أسرهن سيما المتهمات في قضايا أخلاقية ، وأخريات تنعدم لديهن وسائل العيش الكريم والرعاية الأسرية إما لفقد العائل أو الأسرة ، ولهن تركه في الوقت الذي يلائمهن ، وهذه التدابير الاجتماعية هي من منطلق تكريم المجتمع الجماهيري للمرأة وسعياً منه للحفاظ على كرامتها ودرء كل مخاطر استغلالها من قبل الغير ، ولا يفوت القول أن التشريعات المنظمة لتلك الدور تقضي بوجوب أن تعد لهن أثناء وجودهن بالبيت الاجتماعي تعد لهن برامج تأهيل بالنسبة لغير المؤهلات وذلك لإلحاقهن بعمل كما تعد لهن برامج تثقيفية وتتاح لهن فرصة على اكمال دراستهن لمن ترغب في ذلك كما يعمل البيت على تدبير فرص العمل لهن وتساعدهن في تكوين أسر من خلال تسهيل زواجهن ممن يرغبن ، أو مصالحتهن مع أسرهن .

وأما الفئة الثانية وهي التي يتحفظ عليها بالبيت في قسم مستقل بناء على إجراءات قضائية فإن قانون الإجراءات الجنائية ينظم مدد احتجازهن وسبل النظر في ذلك حيث تسري في هذا الشأن قواعد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في القانون.

وبالنسبة لدار رعاية القاصرات ، فإن الموجودات بها ينقسمن إلى شريحتين ، الشريحة الأولى تنقسم إلى فئتين :

الفئة الأولى تضم الفتيات اللاتي تأمر النيابة العامة بحبسهن احتياطياً للتحقيق معهن على ذمة تهمة موجهة إليهن أو تحتجزن تنفيذاً لعقوبة صدرت بحقهن من محكمة الأحداث وذلك طبقاً لقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية .

والفئة الثانية هي التي أصدرت محكمة الأحداث أمراً بإيداعهن في الدار لثبوت تهمة التشرد في حقهن وذلك وفقاً لأحكام قانون الأحداث المتشردين .

أما بالنسبة للشريحة الثانية فهن القاصرات اللائي أتممن العقوبة المقضي بها في حقهن أو انتهى التدبير القضائي المتخذ في حقهن من قبل القضاء ، وهؤلاء يتم نقلهن إلى قسم مستقل إذا رفضت أسرهن قبولهن للعيش في الأسرة ، والسؤال الذي يطرح ( ما هي المعالجة لوضعهن ؟ فهل يتركن لمصيرهن في الشارع بلا مأوىولا أسرة أو عائل أو يتركن عرضة للانتقام ؟ أم يودعن في مؤسسة اجتماعية حتى يبلغن سن الرشد عندها يكون لهن تقرير البقاء في الدار أو الخروج منها ؟ ) ، إن مقتضيات الحفاظ عليهن من الاستغلال والجريمة أو الانتقام تقتضي إيداعهن في الدار ويتلقين خلال وجودهن بها تعليماً وتدريباً وتثقيفاً وتأهيلاً لمنحهن فرصة الاندماج في المجتمع بسلام أو السعي لإعادتهن لأسرهن .

كما أورد التقرير (( أن منظمة مراقبة حقوق الإنسانمهتمة أيضا بأن العديد من المحتجزات حرمن من حقهن في محاكمة عادلة ولم يمنحن فرصة الاعتراضعلى مشروعية احتجازهن بمحكمة قانونية وحرمن من حق التمثيل القانوني" توكيل محاميين" )).

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن لكل فرد ذكراً أو أنثى التمتع بحق الحصول على محاكمة عادلة وقد وضعت التشريعات ضمانات ومقومات المحاكمة العادلة من أهمها تعدد درجات التقاضي وعلانية الجلسات وحق الدفاع بواسطة محامى يختاره الشخص بنفسه ، ويكفل هذا الحق لكل شخص تفنيد الأدلة المقدمة ضده من الادعاء بما في ذلك الاعترافات المنسوبة إليه وأي اخلال بهذا الحق يجعل الحكم معيباً بعيب الإخلال بحق الدفاع مما يترتب عليه مخالفة الحكم للقانون الذي يوجب إلغاءه من قبل المحكمة الأعلى درجة وللمحكمة العليا قضاء راسخ في الخصوص منذ زمن طويل ، وتلفت النظر أن ماساقه التقرير في الخصوص هو قول مرسل لا يمكن أن يبنى عليه الحكم بوجود انتهاك لتلك الحقوق والضمانات ، فضلاً عن ذلك فهو يخالف ما تعهدت به المنظمة من التزام الموضوعية والدقة والتوثيق للوقائع بالأدلة التي ستوردها في تقريرها ، بحيث يكون للجهات المعنية أمكانية التحقق من صحة تلك المزاعم واتخاذ الإجراءات بشأنها .

ثم يذكر التقرير(( أن باحثيها قد أخبروا بأن هؤلاء النسوة والبنات محتجزات لفترات مفتوحة بهذه المرافق حتى يعلن أحد أقاربهن الذكور وصايته عليهن أو أن يوافق على الزواج . متطلبات الخروج هذه نفسها استبدادية وإكراهية . ترى هيومان رايت وتش أن الاحتفاظ بالسجينات لفترات غير محددة من الزمن فإن احتجازهن يعتبر استبداديا حتى إذا كان الاحتجاز المبدئي مبني على أسس معايير قانونية متبعة. عندما تستكمل المحتجزة فترة حكمها وتبقى محتجزة بعد ذلك فإن طبيعة الاحتجاز الاستبدادية تتفاقم )) .

تلفت اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي النظر إلى أنه سبق القول أن نزيلات البيت الاجتماعي منهن من دخلن إليه بمحض إرادتهن لانعدام المأوى والعائل والدخل وهن يتمتعن بحق مغادرة البيت في الوقت الذي يناسبهن ، وأما من جرى إيداعهن بسبب اتهامهن في قضايا من قبل الجهات القضائية فإن بقائهن في البيت ومغادرته مرتبط بالإجراءات القضائية التي اتخذت بشأنهن من قبل الجهات القضائية وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية ، وتجدر الإشارة أن بعض النساء غادرن البيت الاجتماعي ورجعن إليه بمحض إرادتهن للأسباب المذكورة سابقاً ، هذا ولم تحدد المنظمة أسماء حتى يكون للجهات المعنية مراجعة أوضاعهن للتحقق من تلك المزاعم .

ويقول التقرير(( أن بحوثنا أظهرت أن نقل النساء والبنات إلى مرافق إعادة التأهيل هو فقط بداية لاستضافة أخرى من الانتهاك سوف يتحملنها. الموظفون بهذه المرافق يحدون من حرية حركة هؤلاء النسوة والبنات ويخضعوهن إلى معاملة جزائية مشتملة على الحجز الانفرادي المطول لأسباب بسيطة جدا. الأطفال المحتجزون في بيت الأحداث ببنغازي للبنات يشكون من وضع الأصفاد بأيديهن أثناء بقائهن بالحجز الانفرادي. وهذا لا يتفق مع المعايير الدولية لمعاملة الأحداث المحتجزين ، والتي تملي بأن الممارسات التأديبية يجب أن تحافظ على السلامة بطريقة تحافظ على شرف الطفل وأغراض إعادة التأهيل من الحجز )).

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن معاملة نزيلات البيت الاجتماعي أو دور رعاية الأحداث ينظمها قانون الضمان الاجتماعي رقم (13) لسنة 1980 والقرارات الصادرة بمقتضاه ، والقانون رقم (109) لسنة 1972 بشأن دور تربية وتوجيه الأحداث ، وقد كفلت هذه التشريعات حقوق نزلاء تلك الدور من حيث المأكل والملبس والتعليم والتدريب والتأهيل وإجراءات التأديب ، بما فيها الحجز التأديبي ومدته ومقتضيات الإجراءات التأديبية ، والسلطة التي تملك توقيع الجزاء التأديبي .

وتؤكد أن سوء المعاملة التي زعمها التقرير مرفوضة وفقاً لقيم المجتمع الجماهيري ومعاقب عليها قانوناً ومما يؤسف له أن التقرير ساقها دون أن يحدد الوقائع بدقة على نحو ما تعهدت به المنظمة حتى يمكن أن تكون محل للتحقق من صحتها من قبل الجهات المختصة ، ولا يستبعد أن تكون تلك المزاعم من القاصرات الجانحات هي وليدة حالة نفسية مترتبة على وجودهن في الدار في وضع لايتفق مع رغبات من هن في سنهن .

ويضيف التقرير (( أن كل من النساء والبنات يتم فحصهن لأجل الأمراض دون موافقتهن كما يجبرن على تحمل فحص العذرية على أيدي أطباء شرعيين ذكور. هذه الفحوصات تشكل معاملة تنطوي على الاحتقار وهي انتهاك لحقوق المرأة في السلامة البدنية والخصوصية )).

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن الفحص الطبي لغرض تحديد وجود أو عدم وجود أمراض معدية هو أمر تقتضيه ضرورات المحافظة على الصحة العامة في مثل ذلك المحيط ويتم وفقاً للقانون ، وفي خصوص فحص العذرية فلا يوجد شئ اسمه فحص العذرية ، فما يحصل هو أن المتهمات في قضايا المواقعة أو الزنى يجري عرضهن على الطبيب الشرعي بأمر قضائي وفي بعض الأحيان بناءً على طلب محاميهن للتأكد من عدم صحة اتهامهن بارتكاب فعل المواقعة والزنى ويتخذ ذلك بصدد البحث عن أدلة البراءة أو الإدانة وفقاَ للقانون .

كما يتحدث التقرير(( عن أن إحدى النساء بمرفق تاجوراء أخبرتنا أن ابنتها المقيمة بمرفق الأطفال بنفس المجمع قد تم تبنيها بواسطة أسرة أخرى دون موافقتها. المرأة لا تدري بمكان ابنتها. هذا يعتبر انتهاكاً لكل من قانون العقوبات الليبي ومعاهدة حقوق الطفل. أي نساء أو بنات تم أخذ أطفالهن منهن بواسطة موظفي المرفق يجب أن يتحصلن على مراجعة قانونية بسبب الإبعاد وأن ينلن عقد منتظم ومباشر مع الطفل طبقا لمعايير حقوق الإنسان )).

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن القانون الليبي لا يعرف شيئاً اسمه التبني لأن أحكامه مستمدة من قواعد الشريعة الإسلامية التي أبطلت نظام التبني ويعرف القانون الليبي نظام الكفالة وهو مستمد من الشريعة الإسلامية وينظم القانون رقم (10) لسنة 1984مسيحي وقانون الضمان الاجتماعي والقرارات الصادرة بمقتضاه إجراءات الكفالة ، وهي في المنظور الإسلامي عبادة يُتقرب بها إلى الله وتملي الكفالة على الكفيل جملة من الواجبات وللمكفول حقوقاً ، ولا تتم الكفالة إلا بالشروط التي حددها القانون ، وذلك بالنسبة للطفل الذي تخلت عنه أمه بمحض إرادتها ، وكان على التقرير أن يحدد الحالة المزعومة حتي يكون للجهات المختصة التحقق منها .

وزعم التقرير كذلك(( أن البنات المحتجزات في بيت الأحداث ببنغازي تم حرمانهن أيضا من حق التعليم . المرفق يقدم فقط إرشادات دينية وإرشادات عن الخياطة منتهكا حق التعليم المبين في الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان والعديد من المعاهدات الدولية التي تنضم إليها ليبيا وأحكام الأمم المتحدة لحماية الأحداث التي تنص على أن الشباب يجب ألا يفقدوا حقوقهم في التعليم عند احتجازهم )).

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي إن التشريعات التي تنظم دور الرعاية الاجتماعية السابق ذكرها تكفل لكل نزيل قاصراً أو بالغاً حقه في مواصلة التعليم بكافة مراحله وتلزم الجهات القائمة على تلك الدور توفير فرص التعليم والتدريب والتثقيف , وستكون هذه المسألة محل بحث من الجهات المعنية .

وذكر تقرير المنظمة(( أن طبيعة الانتهاك بمرافق إعادة التأهيل الاجتماعية والانتهاكات التي تحدث داخليا تتطلب إجراء فوري من الحكومة الليبية. يجب ألا تكون المراكز الاجتماعية لإعادة التأهيل هي المظلة الوحيدة المتاحة للنساء والبنات المحتاجات للحماية في ليبيا. يتوصل التقرير إلى أن ليبيا يجب أن تنشئ مظلات طوعية غير ذات طبيعة جزائية لأولئك اللائي يحتجن إلى إسكان أو حماية من العنف. جميع النساء والبنات المحتجزات دون إدانة في جريمة وفقا لمعايير المحاكمة العادلة واللائي لا يقضين حكما يجب أن يطلق سراحهن فوراً )).

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي مجدداً أن دور حماية المرأة ( البيت الاجتماعي ) ودور تربية وتوجيه الأحداث تعمل على حماية النساء من الضياع والاستغلال وتؤمن لهن الكنف الاجتماعي الذي فقدنه وتسعى تلك الدور إلى تأمين مصالحة تلك النساء مع أسرهن وعلى تهيئة الظروف لاندماجهن في المجتمع بكرامة ، كما تعمل تلك الدور على تربية الأحداث الجانحين تربية صالحة وتسعى جاهدة لتوفر لهم ظروف الحياة الكريمة وسبل الاندماج في المجتمع عند بلوغهم سن الرشد ودخول معترك الحياة ، ومع تأكيدها على أن ما ورد بالتقرير لايتفق مع قيم المجتمع وتجاهل الاعتبارات الدينية والاجتماعية والثقافية والقانونية للمجتمع الليبي ، فإن الجهات المختصة ستضع نصب عينيها تلك الملاحظات ، ومراجعة أوضاع تلك المؤسسات وفقاً لمعايير التشريعات الوطنية والدولية للوقوف على مدى حاجتها للتحديث والتطوير بما يتلاءم مع تلك المعايير .

[1]قاد العقيد معمر القذافي انقلاباً عسكرياً يُعرف باسم ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969، فأطاح بالملك إدريس السنوسي. وقد حكم البلاد مجلس قيادة الثورة الذي يترأسه العقيد القذافي حتى "الثورة الشعبية" عام 1971 التي أقامت نظام "الديمقراطية المباشرة". وقد تطور هذا النظام عام 1977 ليتحول إلى الجماهيرية الموجودة اليوم.

[2] القانون 10 لعام 1984 والمتعلق بالأحكام الخاصة بالزواج والطلاق وآثارهما، الباب الأول (الزواج)، القسم الثاني (أحكام عامة)، المادة السادسة (الأهلية القانونية). وللقضاة صلاحية إجازة الاستثناءات للزيجات التي تحدث في سنٍّ أدنى "حيث تقرر [المحكمة] وجود منفعة أو ضرورة، وذلك بعد موافقة الولي". داوود س. العليمي ودورين هنشكليف، "الزواج الإسلامي وقوانين الطلاق في العالم العربي"، (لندن، Kluwer Law International، 1996)، ص 183.

[3] القانون 10 لعام 1984، الباب الثاني (التفريق بين الزوجين)، القسم الأول (الطلاق)، المادة 28. داوود س. العليني ودورين هنشكليف، "الزواج الإسلامي وقوانين الطلاق في العالم العربي"، (لندن، Kluwer Law International، 1996)، ص 189.

[4] القانون 10 لعام 1984، الباب الثالث (آثار انحلال الزواج)، القسم السادس (الوصاية)، المادة 62. "المرأة في التشريعات الليبية"، (طرابلس: من إصدارات أمانة شؤون المرأة في المؤتمر الشعبي العام، 1994)، ص 113.

[5] القانون 8 لعام 1989 والمتعلق بتولي المرأة القضاء، المادة 1. "المرأة في التشريعات الليبية"، (طرابلس: من إصدارات أمانة شؤون المرأة في المؤتمر الشعبي العام، 1994)، ص 232.

[6] يقال بأن قانوناً يسمح للمرأة الليبية بنقل الجنسية إلى الزوج هو في المراحل التحضيرية الأخيرة الآن. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مريم الليد، المستشار في محكمة الاستئناف الليبية، طرابلس، 25 أبريل/نيسان 2005.

[7] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئولي كلية الشرطة الخاصة بالبنات، طرابلس، 26 أبريل/نيسان 2005.

[8] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسماعيل مبارك كرامة، وهو المدير العام لهيئة مكافحة المخدرات، طرابلس، 25 أبريل/نيسان 2005.

[9] إن المؤتمر الشعبي الأساسي موجود في كل وحدة إدارية محلية (شعبية). وينتخب كل مجلس شعبي أساسي لجنة شعبية للمحلة تقوم بتعيين الممثل المحلي للمؤتمر الشعبي العام أو للجمعية التشريعية الوطنية.

[10] أنظر "نوع الجنس"، في القسم الخاص بليبيا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بالحكم الرشيد على موقع الانترنيت الخاص بالمنطقة العربية: http://www.pogar.org/countries/gender.asp?cid=10 (تمت زيارة الموقع في 28 يونيو/حزيران 2005).

[11] صادقت ليبيا على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 18 يونيو/حزيران 2004.

[12] المادة 8. تبنى رؤساء الدول والحكومات الأفريقية البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق النساء في أفريقيا في 10 يوليو/تموز 2003. وصادقت ليبيا على هذا البروتوكول في 23 مايو/أيار 2004.

[13] المادة 4 من البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق النساء في أفريقيا.

[14] سرى مفعول العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR999 U.N.T.S. 171، في 23 مارس/آذار 1976، وجرى إقراره كقانونٍ ليبي في 15 مايو/أيار 1970.

[15] اتفاقية حقوق الطفل (CRC)، التي جرى تبنيها في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، 1577 U.N.T.S. 3، وقد سرى مفعولها في 2 سبتمبر/أيلول 1990، وجرى إقرارها كقانون ليبي في 15 مايو/أيار 1993.

[16] أنظر القسم الخاص "بالتحفظات على اتفاقية CEDAW"، قسم الأمم المتحدة الخاص بتقدم المرأة، مديرية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، [على الإنترنت]، http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/reservations.htm، (أخذت المادة في 18 أغسطس/آب 2005).

[17] لقد اعترضت على هذه التحفظات كلٌّ من الدانمرك وفنلندا وألمانيا والمكسيك وهولندا والنرويج والسويد. وقد قالت السويد مثلاً "في الحقيقة، وإذا جرى وضع التحفظات المذكورة موضع التطبيق، فسوف تؤدي لا محالة إلى التمييز ضد النساء استناداً إلى الجنس، وهذا يناقض غاية الاتفاقية كلها".

[18] المصدر السابق.

[19] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناصر أمين، أمين اللجنة الشعبية للداخلية، طرابلس، 26 أبريل/نيسان 2005.

[20] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئول قضائي كبير [تم حجب اسمه]، طرابلس، 2 مايو/أيار 2005.

[21] المصدر السابق.

[22] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناصر أمين، أمين اللجنة الشعبية للداخلية، طرابلس، 26 أبريل/نيسان 2005.

[23] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد محمد إبراهيم العصعبى، رئيس إدارة التدريب في الأمن العام، طرابلس، 3 مايو/أيار 2005.

[24] المصدر السابق.

[25] المصدر السابق.

[26] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد يوسف المهطرش، رئيس النيابة العامة/المدّعي العام، 2 مايو/أيار 2005.

[27] انظر قانون العقوبات، الفصل الثالث.

[28] القانون 70 لعام 1973 "المتعلق بإقرار إقامة الحد في جرم الزنا بحيث يعدِّل بعضاً من أحكام قانون العقوبات". وتُعرِّف المادة الأولى الزنا بأنه المواقعة بين رجلٍ وامرأة لا تربطهما رابطة الزواج. ويتم إيقاع عقوبة الجلد بمن يُدان بجرم الزنا المذكور في المادة 3 و4.

[29] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد المصراتي، المدّعي العام، طرابلس، 27 أبريل/نيسان 2005.

[30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع انتصار الغرياني، المدعية العامة، طرابلس، 2 مايو/أيار 2005.

[31] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد المصراتي، المدعي العام، طرابلس، 27 أبريل/نيسان 2005.

[32] العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، المادة 23 (3)، واتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، المادة 16 (ب).

[33] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد المصراتي، المدعي العام، طرابلس، 27 أبريل/نيسان 2005.

[34] تسهب التوصيات الخاصة في الحديث عن محتويات أحكام الاتفاقية، ويقصد منها تقديم إرشادات للدول الأعضاء لمساعدتها في القيام بالتزاماتها بموجب هذه المعاهدات.

[35] اللجنة الخاصة بإزالة العنف ضد المرأة، التوصية العامة رقم 19، العنف ضد المرأة، وثيقة الأمم المتحدة A/47/38 (1992)، الفقرة 9.

[36] المادة 1، اللائحة الداخلية للبيت الاجتماعي لحماية المرأة.

[37] تحدد المادة 9 من القانون 17 لعام 1992 سن الرشد بثماني عشرة سنة. وفي هذا التقرير تشير كلمة "طفل" و"فتاة" إلى أي شخص دون هذه السن.

[38] المصدر السابق، المادة 3، معايير القبول، اللائحة الداخلية للبيت الاجتماعي لحماية المرأة.

[39] المصدر السابق، المادة 1.

[40] في حين تسمح المادة الرابعة بالاحتجاز خارج السجون في ظروفٍ خاصة وبناءاً على طلب النيابة، فإن هذا الاحتجاز لا يجوز أن يتعدى 15 يوماً. أنظر المادة 25 من القانون 47 لعام 1975 والمتعلقة بالسجون، القسم الرابع الخاص بأمكنة السجينات.

[41] أنظر المادة 25 من القانون 47 لعام 1975 والمتعلقة بالسجون، القسم الرابع الخاص بأمكنة السجينات.

[42]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فايزة خميس، مديرة دار الأحداث الإناث في بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

[43]يجري ترحيل الفتيات غير الليبيات إذا كن مصابات بأمراضٍ سارية. وتبعاً لمديرة الدار، فقد جرى ترحيل فتاة سودانية تحمل فيروس الإيدز وفتاة مصرية مصابة بالتهاب الكبد، وذلك بعد الكشف عليهن في الدار. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فايزة خميس، مديرة دار الأحداث الإناث في بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

[44] لم تخضع إحدى الفتيات إلى اختبار العذرية لأنها كانت محتجزة بجرم السرقة وليس الزنا.

[45] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فتاة محتجزة في دار الأحداث الإناث في بنغازي، [تم حجب اسمها]، 23 أبريل/نيسان 2005.

[46] جرى تغيير أسماء جميع النساء والفتيات المعروضة حالاتهن في هذا التقرير بغية حماية خصوصياتهن. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منى أحمد (اسم مستعار)، بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

[47] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ندى منير (اسم مستعار)، بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

[48] لم تقدم مديرة بيت تاجورا لهيومن رايتس ووتش شرحاً واضحاً لسبب احتجاز فتاة في السادسة عشر في بيت للراشدات.

[49] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمل محمد الهنجري، المديرة العامة للمؤسسات الاجتماعية، طرابلس، 4 مايو/أيار2005.

[50] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عائشة رمضان بن صوفية، مديرة البيت الاجتماعي لحماية المرأة، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[51] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نجاة أبو عزة، مدعي عام، طرابلس، 2 مايو/أيار 2005.

[52] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عائشة رمضان بن صوفية، مديرة البيت الاجتماعي لحماية المرأة، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[53] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عواطف الشريف، الأخصائية الاجتماعية في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[54] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمل محمد الهنجري، المدير العام للمؤسسات الاجتماعية، طرابلس، 4 مايو/أيار2005.

[55] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عائشة رمضان بن صوفية، مديرة البيت الاجتماعي لحماية المرأة، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[56] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد يوسف المهطرش، رئيس النيابة، طرابلس، 2 مايو/أيار 2005. تقضي العادات في ليبيا بأن يقدم العريس مهراً للعروس وأن يتحمل تكاليف المسكن.

[57] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نجاة أبو عزة، مدعي عام، طرابلس، 2 مايو/أيار 2005.

[58] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عائشة رمضان بن صوفية، مديرة البيت الاجتماعي لحماية المرأة، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[59] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عواطف الشريف، الأخصائية الاجتماعية في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[60] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نوال علي (اسم مستعار)، البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[61] تنص المادة 28 من القانون 47 لعام 1975 أن يبقى الطفل مع الأم في البيت الاجتماعي لحماية المرأة حتى يبلغ سنتين من العمر ثم يسلم لوالده أو لمن يتولى الوصاية عليه. وإذا لم يكن للطفل أقارب فعلى مدير السجن إرسال مذكرة إلى السلطات المعنية لكي تتولى وضعه في دارٍ لرعاية الأطفال. ويجب أن يتم إبلاغ الأم والسماح لها برؤيته بانتظام طبقاً للوائح الداخلية.

[62] تنص المادة 9 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على أنه يجب على الدول الأعضاء "تضمن الدول الأطراف عدم فصل الطفل عن والديه على كره منهما، إلا عندما تقرر السلطات المختصة، رهنا بإجراء إعادة نظر قضائية، وفقا للقوانين والإجراءات المعمول بها، أن هذا الفصل ضروري لصون مصالح الطفل الفضلى". كما تنص المادة أيضاً على أنه، وفي أية إجراءاتٍ من هذا النوع، "تتاح لجميع الأطراف المعنية الفرصة للاشتراك في الدعوى والإفصاح عن وجهات نظرها". كما تشترط المادة على الدول الأعضاء أيضاً "تحترم الدول الأطراف حق الطفل المنفصل عن والديه أو عن أحدهما في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة بكلا والديه، إلا إذا تعارض ذلك مع مصالح الطفل الفضلى". أنظر اتفاقية حقوق الطفل، المادة 9 (1) و(2) و(3).

[63]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نوال علي (اسم مستعار)، البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[64]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رنا محمد (اسم مستعار)، البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[65]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هلا محسن (اسم مستعار)، البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[66]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عواطف الشريف، الأخصائية الاجتماعية في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[67] أقامت مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة "مجموعة العمل الخاصة بالاحتجاز التعسفي" عام 1991، وذلك استناداً إلى القرار 42/1991. وتتألف المجموعة من خمسة خبراء مستقلّين يعينهم رئيس المفوضية.

[68]نشرة البيانات عدد 26، القسم 4 "معايير تبنتها مجموعة العمل لتحديد متى يكون التجريد من الحرية تعسفياً"، مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والخاصة بالاحتجاز التعسفي، [على الإنترنت]،

http://www.ohchr.org/english/about/publications/docs/fs26.htm#IV، (تمت زيارته في 28 يونيو/حزيران 2005).

[69] تقرير مجموعة العمل الخاصة بالاحتجاز التعسفي، "الحقوق المدنية والسياسية، ويتضمن مسألتي التعذيب والاحتجاز"، (الدورة التاسعة والخمسون)، وثيقة الأمم المتحدة U.N. Doc. E/CN.4/2003/8، 16 ديسمبر/كانون الأول 2002، المقطع 65.

[70]العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 9.4.

[71] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 10. كما تنص المادة 7 أيضاً على أنه "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة".

[72] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عواطف الشريف، الأخصائية الاجتماعية في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[73] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع امرأة محتجزة في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[74] المبدأ 17 من مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الواقعين تحت أي شكل من أشكال الاحتجاز أو الحبس، قرار الجمعية العامة في الأمم المتحدة رقم 43/173 في 9 ديسمبر/كانون الأول 1988.

[75] المصدر السابق.

[76] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فايزة خميس، مديرة دار الأحداث الإناث في بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

[77] قواعد الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأحداث، المواد 1-3.

[78] أنظر قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية الخاصة بإدارة قضاء الأحداث (قواعد بكين)، قرار الجمعية العامة 40/33 (1985)، ملاحظة على المادة 19.

[79] قواعد الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأحداث، المادة 19.

[80] المصدر السابق، المادة 59.

[81] المصدر السابق، المادة 47.

[82] المصدر السابق، المواد 38 و45 و49.

[83]طبقاً للدكتور كريغ لاركين، أستاذ طب الطوارئ في مركز ساوث وسترن الطبي بجامعة تكساس، وهو خبيرٌ في التوثيق الطبي الشرعي للانتهاكات التي ترتكب من قبل الشركاء في العلاقات الحميمة، لا يوجد اختبار موثوق للعذرية؛ إذ يمكن لغشاء البكارة أن يتمزق بفعل مجموعة كبيرة من النشاطات العادية، كما أن وجوده سليماً لا يشير إلى الامتناع عن العلاقات الجنسية. اتصال هيومن رايتس ووتش بالدكتور لاركين عبر البريد الإلكتروني، 14 فبراير/شباط 2006.

[84] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع امرأة مُحتَجَزة في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[85] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طفلة مُحتجَزَة في بيت الأحداث الإناث ببنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

[86]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعيد الشفط، مدّعٍ عام، طرابلس، 4 مايو أيار 2005.

[87] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تنص المادة السابعة على أن: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة". وينص المبدأ السادس من مجموعة المبادئ على أن: "لا يجوز إخضاع أي شخص يتعرض لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية".

[88] المادة 25 من قرار وزير الشؤون الاجتماعية والشباب رقم 20 لعام 1973 والخاص بتربية الأحداث وتوجيههم.

[89] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عواطف الشريف، الأخصائية الاجتماعية في البيت الاجتماعي لحماية المرأة في تاجورا، 4 مايو/أيار 2005.

[90] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع امرأة مُحتجزة في البيت الاجتماعي لحماية النساء في تاجورا، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[91] قواعد الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأحداث، المادة 66.

[92] المصدر السابق، المادة 67.

[93] المصدر السابق، المادة 64.

[94] اتفاقية حقوق الطفل (CRC)، المادة 37 (أ)؛ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، المادة 7؛ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي جرى تبنيّها في 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، 1465 U.N.T.S 85 (دخل حيّز التنفيذ في 26 يونيو/حزيران 1987، وصادقت عليه ليبيا في 15 يونيو/حزيران 1989)، المادة 16.

[95] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فتاة مُحتجزة في دار الأحداث الإناث في بنغازي [تمّ حجب اسمها]، بنغازي، 23 أبريل/نيسان 2005.

[96] ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن "التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع"، وأنّ "التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم". العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المادة 13. أما المادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل فتقرّ "بحق الطفل في التعليم" وتلاحظ أنّ على الدول الأعضاء أن تبذل قصارى الجهد لجعل التعليم الثانوي متوفراً ومتاحاً لجميع الأطفال.

[97] اللجنة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مترجم من الملاحظة العامة رقم 13: الحق في التعليم، وثيقة الأمم المتحدة رقم E/C.12/1999/10، 8 ديسمبر/كانون الأول 1999، الفقرة 6 (آ).

[98] المصدر السابق، الفقرة 6 (ب).

[99] قواعد الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأحداث، المادة 38.

[100]قواعد بكين، المادة 26.6.