Egypt


مصر
Egypt

  • ملخص
  • السياق العام
  • نظرة عامة
  • القبض على الأطفال وترحيلهم
  • مقار الاحتجاز
  • قانون الطفل
  • عوائق مؤسّسية
  • المعايير الدولية
  • توصيات
    الملاحق :
  • الملحق الأول
  • الملحق الثاني
  • الملحق الثالث
  • الملحق الرابع
  •  

    متهمون بأنهم أطفال

    إساءة معاملة الشرطة المصرية للأطفال المحتاجين للحماية

    1 مُلخّص

    تقوم الشرطة المصرية بصورة معتادة , بالقبض على الأطفال الذين تعتبرهم "معرضين للانحراف" أو "معرضين للخطر" وباحتجازهم .لا يرتكب هؤلاء الأطفال أي فعل إجرامي , وفي العديد من الحالات فإن مبرر إلقاء القبض عليهم - قيامهم بالتسول , أو عدم توفّر المأوى لهم , أو تغيّبهم عن المدرسة بغير إذن , أو إصابتهم بمرض عقلي - يُظهر أنهم بحاجة للحماية والمساعدة بدلاً من العقاب . وبدلاً من تلقّي العناية , فإنهم يتعرّضون للضرب والايذاء والعنف الجنسيين , على يد أفراد الشرطة ؛ ويُحتجزون في ظروف خطرة وغير صحية لفترات قد تصل إلى أيام أو أسابيع , وعادة ما يكون ذلك مع محتجزين جنائيين بالغين , يقومون بدورهم بالإساءة للأطفال ؛ كما يُحرمون من تلقّي مقدار كافي من الطعام والمياه والفراش والعناية الطبية .

    لقد وضِعَت فئات الأطفال "المعرضين للانحراف" و "المعرضين للخطر" في قانون الطفل في مصر , ظاهرياً من أجل حماية الأطفال المعرضين لظروف صعبة , ولكنها أصبحت ذريعة لحملات جماعية , للقبض على الأطفال وإخلاء الشوارع منهم , وللحصول منهم على معلومات حول الجرائم , وإجبارهم على المغادرة إلى أحياء أخرى , وإخضاعهم لاستجوابات بالرغم من عدم وجود أي دليل على ارتكابهم لفعل إجرامي . وقد ارتفع عدد حالات إلقاء القبض على الأطفال بشدّة منذ العام 2000 , وتجاوز عدد الأطفال الذين احتجزوا بسبب هذه التهم 11.000 حالة في العام 2001 وحدة , ويشكّل هذا الرقم ربع عدد حالات احتجاز الأطفال في مصر في تلك السنة . وفي العديد من الحالات يكون الأطفال ضحايا للإساءات قبل القبض عليهم , إذ يكون بعضهم قد تعرّض للعنف في المنْزل , أو لظروف خطرة واستغلالية في العمل , أو أنهم حُرموا من التعليم لأن أسرهم لم تتمكن من تحمّل تكاليف الرسوم المدرسية والكتب والزي المدرسي .

    إن غياب العمل المنظّم لإيقاف الإساءات المرتبطة بالقبض على الأطفال وحجزهم , بموجب الفئات الموضوعة في قانون الطفل , يعود جزئياً , إلى قلة الوسائل القانونية الفعالة التي يمكن للأطفال وأولياء أمورهم الالتجاء اليها . وعموماً , تأمر النيابة العامة بإطلاق سراح الأطفال , دون إجراء أي تحقيق حول إساءات الشرطة بحقهم , وبعد إجراء مراجعة خاطفة لقضاياهم . وفي العديد من الحالات , لا يعلم الأهل بأمر القبض على أطفالهم إلاّ بعد إطلاق سراح الأطفال ؛ وفي حالات أخرى تقوم الشرطة , وببساطة , بإعادة الطفل إلى الشارع .

    يُفصّل هذا التقرير الانتهاكات الخطيرة التي أوجزناها أعلاه , وهو يستند إلى مقابلات أجريت مع سبعة وثلاثين طفلاً , ومع عدد كبير من المسئولين الرسميين , والخبراء بشئون رعاية الأطفال , في منطقة القاهرة الكبرى , التي تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية . وتفيد المعلومات التي حصلنا عليها من منظمات غير حكومية تعمل في مدن أخرى , بأن المشكلة لا تنحصر في القاهرة , بل تتواصل في مدن أخرى . إن الانتشار الواسع , والطبيعة المنهجية لهذه الانتهاكات , يؤكّدان على الحاجة إلى إجراء عملية إصلاح , هيكلي للطريقة التي تتناول بها الحكومة المصرية قضايا الأطفال المحتاجين للحماية , أو الأطفال المخالفين للقانون .

    وكما سنفصّل لاحقاً , تناشد منظمة هيومان رايتس ووتش {منظمة مراقبة حقوق الإنسان}, الحكومة المصرية أن تنهي فوراً سياسة توقيف وإحتجاز الأطفال الذين يُعتبَرون "معرضين للانحراف" أو "معرضين للخطر" , والتوقف عن احتجازهم , وأن توفّر لهم بدلاً من ذلك , المساعدة التي يحتاجونها . وكي يكون هذا الإنهاء فعّالاً , يتطلّب الأمر من النيابة العامة والقضاة , القيام بمراقبة فعلية لممارسات إلقاء القبض على الأطفال ولظروف احتجازهم لدى الشرطة . ونوصي بصورة خاصة , أن يقوم النائب العام باستحداث منصب جديد توكل له مهمة الإشراف على التحقيقات الحكومية المتعلّقة بتعذيب الأطفال المحتجزين لدى الشرطة وإساءة معاملتهم , وأن تقوم وزارات الداخلية , والعدل , والتأمينات والشئون الاجتماعية , بالعمل معاً لضمان إيكال المسئولية الأساسية عن معالجة الأمور المتعلقة بالأطفال المعرضين لظروف صعبة , إلى متخصصين برعاية الطفل , بدلاً من الشرطة . ويجب أن تكون هذه التغييرات بمثابة خطوات أولية في عملية إصلاح , اشتدت الحاجة إليها , لكامل النظام القانوني الخاص بالأحداث , من أجل تحويله إلى نظام يحفظ حقوق الأطفال ويعزز رفاهيتهم وتطورهم , حتى يصبحوا أعضاء منتجين في المجتمع .

    الإساءات أثناء إلقاء القبض على الأطفال وترحيلهم وفي مقار الاحتجاز

    عادة ما يقوم أفراد الشرطة في القاهرة , بضرب الأطفال بالقبضات والعصي أثناء إلقاء القبض عليهم . وقد تحدّث أحد الأطفال الذين قابلناهم , عن تعرّضه لصعقة كهربائية من عصاة مُكهربة . ويستخدم أفراد الشرطة الفاظاً مُهينة لإذلال الأطفال وإخافتهم , كما يُرحّلونهم في سيارات غير آمنه , وأكثر هذه السيارات خطورة , هي شاحنات معدنية كبيرة تُستخدم في ترحيل السجناء , تخلو من المقاعد ومن التهوية الكافية . وروى لنا الأطفال بأن الشرطة عادة ما تُرحلهم بتلك الشاحنات , بمعية محتجزين جنائيين بالغين , وهؤلاء بدورهم يقومون بشتمهم , وأحياناً مهاجمتهم جسدياً ؛ كما روت إحدى الفتيات عن تعرّضها للتحرش الجنسي من قبل أحد رجال الشرطة أثناء عملية الترحيل . أما وسائل الترحيل الأقل خطورة , فعادة ما تكون مُهينة , كما يحدث عندما تقوم الشرطة بتقييد الأطفال كمجموعة , تكون أحياناً كبيرة , باستخدام الحبال أو القيود الحديدية , ومن ثم تُجبرهم على المسير لمسافة عدة شوارع , أو على ركوب وسائل النقل العام بينما هم مقيدون .

    وكثيراً ما يقوم أفراد الشرطة بتهديد الأطفال بإلقاء القبض عليهم , أو بقضاء فترات طويلة في الحجز لينتزعوا منهم رشوة , أو أنهم ببساطة يسرقون نقود الأطفال المحتجزين لديهم . وفي بعض الحالات , يقوم رجال الشرطة بابتزاز البنات جنسياً مقابل حمايتهن من العنف الجنسي من قبل الآخرين .

    وعندما يصبح الأطفال في الحجز فإن الإساءات تستمر . فعادة ما تقوم الشرطة في القاهرة باحتجاز الأطفال في مقار احتجاز مزدحمة وقذرة مخصصة للبالغين , وهناك يتعرضون للإساءات على يد المحتجزين الجنائيين , وعدم تقديم الطعام والفراش والعناية الطبية لهم . وعندما يُنقل الأطفال إلى حجز إدراة رعاية الأحداث في قسم الأزبكية , كما يتطلّب القانون المصري , يواجهون هناك أيضاً ازدحاماً ونقصاً في الغذاء والفراش , ويُحرمون من العناية الطبية , ومن الممكن كذلك أن يحتجزوا مع أطفال يكبرونهم أو يصغرونهم سناً بكثير , من الممكن أن يكونوا قد ارتكبوا جرائم خطيرة .

    قال الأطفال لمنظمة هيومان رايتس ووتش , أن أفراد الشرطة يقومون بضربهم في مقار الاحتجاز , باستخدام العصي والسياط وخراطيم المياه والأحزمة , كما يعرضونهم للتحرّش والعنف الجنسيين , أو أنهم يتغاضون عمّا يتعرضوا له من تحرّش وعنف جنسيين من قبل المحتجزين البالغين . وفي بعض هذه الحالات يكون سوء المعاملة , والهادف إلى معاقبة الأطفال , من الشدّة بحيث يشكّل تعذيباً . كما اشتكى الأولاد والبنات من أن أفراد الشرطة يستخدمون ألفاظاً مهينة لإذلالهم وإخافتهم . وفي حالة البنات , أحياناً ما يكون استخدام الألفاظ الجنسية المهينة , مقدمة للعنف الجنسي . أما الأطفال الذين رفعوا شكاوى جراء إساءة معاملة الشرطة لهم , فقد خاطروا بالتعرض لخطر الانتقام من قبل الذين أساءوا إليهم , ومن قبل الضباط الأعلى رتبة الذين يُفترض أنهم يشرفون عليهم .

    الإساءات من خلال الإجراءات

    مع أن القانون المصري يقتضي مثول كافة المحتجزين أمام النيابة العامة , خلال أربع وعشرين ساعة من إلقاء القبض عليهم , إلاّ أن الاطفال الذين يُلقى القبض عليهم بوصفهم "معرضين للانحراف" عادة ما يُحتجزون لفترات أطول , دون أن يَمْثلوا أمام النيابة العامة . وفي بعض الحالات , يُطلق سراحهم دون أن يروا أحداً من وكلاء النيابة على الإطلاق . إن من شأن التأخير في عرض الأطفال على النيابة العامة , في أحسن الأحوال , أن يضعف حقهم في تحدّي قانونية احتجازهم وفي رفع شكاوى عن سوء المعاملة , أو بطلب اتخاذ إجراءات لحمايتهم , وفي أسوأ الأحوال , من شأنه أن يحرمهم فعلياً من هذا الحق .

    وبرغم الشيوع المنهجي لانتهاكات حقوق الأطفال المحتجزين لدى الشرطة , إلاّ أن السلطات المصرية لا تقوم بمراقبة منتظمة لظروف احتجاز الأطفال أو بالتحقيق بالحالات الواضحة من الاحتجاز التعسّفي , أو الإساءات خلال فترة الاحتجاز , أو باتخاذ إجراءات تأديبية مناسبة ضد المسئولين عن ارتكابها .

    لا يقوم مسئولوا وزارة الداخلية بالتحقيق في الإساءات التي يتعرض لها الأطفال المحتجزين لدى الشرطة , أو بحفظ إحصائيات بهذا الخصوص , وليس لدى الوزارة إجراءات محددة تُتيح للأطفال رفع شكاوى بهذا الشأن . كما لا يقوم وكلاء النيابة من النيابة العامة للأحداث بزيارات منتظمة لأماكن احتجاز الأطفال , أو بإجراء تحقيقات كافية لظروف توقيفهم واحتجازهم كما يتطلّب القانون المصري . وأخبَرَنا أطفال كان قد قُبض عليهم بوصفهم "معرّضين للانحراف" بأن وكلاء النيابة عادة , لا يتحدثون إليهم على الإطلاق , أو أنهم يوجهون لهم أسئلة بسيطة فحسب , مثل سؤالهم عن اسمائهم وعناوينهم , مما يحرمهم فعّلياً من فرصة المشاركة في الدفاع عن أنفسهم , أو من رفع شكاوى متعلقة بإساءة المعاملة . ويقتضي القانون أيضاً , إعداد تقارير عن ظروف الأطفال الاجتماعية وفرص إعادة تأهيلهم , من أجل عرضها على المحكمة أو النيابة العامة عند مثول الأطفال أمامهم , ويجب أن تُعد هذه التقارير من قبل أخصّائيين اجتماعيين تابعين لوزارة التأمينات والشئون الاجتماعية . أمّا في واقع الأمر , فإن هذه التقارير تستند إلى مقابلات مختصرة وسطحية , ولا تحتوي إلاّ على معلومات ضئيلة عن الخلفية الاجتماعية للطفل , وعادة ما يتجاهل القضاة والنيابة العامة تلك التقارير . ولا يمنح القانون الأطفال "المعرضين للانحراف" الحق بالحصول على تمثيل قانوني عند مثولهم أمام النيابة العامة أو محكمة الأحداث , رغم أنه بإمكان القضاة والنيابة العامة إصدار أمر بإيداع الطفل في المؤسسات الاجتماعية لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات .

    تناشد منظمة هيومان رايتس ووتش , الحكومة المصرية بمنح الأولوية لتنفيذ التوصيات الرئيسية التالية , وهناك توصيات أكثر تفصيلاً للحكومة المصرية , وللأمم المتحدة , ولحكومات الدول المانحة للمساعدات , سترد في الفصل التاسع لاحقاً .

    توصيات رئيسية للحكومة المصرية

  • الإنهاء الفوري لممارسات القبض على الأطفال المعتبرين "معرضين للانحراف" أو "معرضين للخطر" , وتعديل قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 لضمان عدم تعريض الأطفال للعقاب بناءً على "جريرة السن" , أي على سلوك لا يعاقب عليه القانون إذا ما قام به شخص بالغ . ويجب الإبقاء في الذهن أن قسماً كبيراً من الأطفال المحتجزين بموجب هذه التصنيفات , هم أطفال محرومون من بيئتهم العائلية بصورة دائمة أو مؤقتة , أو أن مصلحتهم الفضلى تقتضي عدم بقائهم في تلك البيئة , وبناءً على ذلك يجب ضمان حصولهم على حماية خاصة , وعلى المساعدة التي يستحقونها بموجب اتفاقية حقوق الطفل .
  • الشروع بخطوات فورية لتقليل دور الشرطة في القضايا المتعلقة بالأطفال , إلى الحد الأدنى , ومن ضمن ذلك الإلغاء الفوري لسياسة وزارة الداخلية بالاحتجاز الروتيني للأطفال في مقار احتجاز الشرطة .
  • التأكد من أن كافة الأطفال المجردين من حريتهم . محتجزون بشكل منفصل عن البالغين , وكفالة وسائل التمثيل القانوني بصورة فورية لهم , و حق الطعن في قانونية تجريدهم من حريتهم . ودائما , يجب ألاّ يُستخدم إجراء السجن أو الاحتجاز ضد الأطفال إلا كملاذ أخير , ولأقصر فترة زمنية ممكنة .
  • استحداث منصب دائم في وزارة العدل , يكرَّس لمراقبة معاملة الأطفال في مقار الاحتجاز . ويجب أن يكون من مهام المنصب مراقبة التحقيقات المتعلقة بتعذيب وإساءة معاملة الأطفال المحتجزين لدى الشرطة , والاحتفاظ بإحصاءات دقيقة , يسمح للعامة بالاطلاع عليها , عن الشكاوى الخاصة بالتعذيب وإساءة المعاملة , مع تحديد هوية أفراد الشرطة المسئولين عن هذه الممارسات , وكذلك التحقيق في ممارسات أقسام الشرطة التي يُوجَّه ضدها شكاوى عديدة.
  • يجب حماية الأطفال الذين ترعاهم الحكومة من الاحتجاز التعسفي , ومن كل ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الشرطة , أو من قبل موظفين ومسئولين حكوميين آخرين , أو من قبل محتجزين آخرين . ويجب التأكّد , بصورة خاصة , من أن النيابة العامة تقوم فعلياً بمراقبة أوضاع الأطفال المحتجزين لدى الشرطة , أو الذين في عناية مؤسسات الرعاية الاجتماعية , أو المجردين من حريتهم بأي شكل أخر. ويجب التأكد أيضاً من أن جميع هذه المؤسسات تفي بالمعايير الدولية , وأن النيابة العامة تقوم بإجراء تحقيق فوري في حالات التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة , وكذلك حالات الاحتجاز التعسّفي للأطفال , كما يجب تقديم مرتكبيها للقضاء .
  • على القضاة العاملين في النظام القانوني للأحداث , أن يراقبوا أوضاع الأطفال المحتجزين لدى الشرطة , أو الذين في عناية مؤسسات الرعاية الاجتماعية , أو المجردين من حريتهم بأي شكل أخر.
  • على الحكومة المصرية القيام , ودون تأخير , بالتوقيع والمصادقة على وتنفيذ البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة , من خلال تأسيس نظام زيارات دورية لمقار الاحتجاز , تقوم بها جهات مستقلة , محلية ودولية .

    مناهج البحث

    يستند هذا التقرير إلى بحث أجرته منظمة هيومان رايتس ووتش في العاصمة المصرية , القاهرة , في الفترة ما بين 25 حزيران (يونيو) 2002 , و30 تموز (يوليو) 2002 . وقد اخترنا القاهرة مكاناً لدراستنا لأنه يحدث فيها العدد الأكبر من حالات القبض على الأطفال "المعرضين للانحراف" , بالمقارنة مع أي مدينة مصرية أخرى . وكذلك , ولكونها العاصمة , فإنها تحتوي على الإمكانيات اللازمة لإجراء إصلاح فعّال ومراقبة فعلية للنظام القانوني الخاص بالأحداث . وقامت باحثة من منظمة هيومان رايتس ووتش , بإجراء مقابلات مباشرة مع أطفال يعيشون في الشوارع , وأطفال محتجزين لدى الشرطة , ومسئولين من الحكومة المصرية , وممثلين عن منظمات غير حكومية مصرية . وقد جرت كافة المقابلات باللغة العربية , مع استثناءات قليلة .

    أجرت منظمة هيومان رايتس ووتش مقابلات مع سبعة وثلاثين طفلاً . كان منهم أربعة وعشرين طفلاً يعيشون أصلاً في منطقة القاهرة الكبرى , وتعرف بمحافظة القاهرة والجيزة والقليوبية . أمّا بقية الأطفال فقد قدموا إلى القاهرة من محافظات أخرى , ويتوزعون على النحو التالي : 3 من الاسكندرية , 2 من المنيا , 2 من الإسماعيلية , 2 من بني سويف , 1 من الدقهلية , 1 من الغربية , 1 من أسيوط , 1 من الشرقية , 1 من كفر الشيخ .

    تراوحت أعمار الأطفال ما بين سن التاسعة , إلى سن الثماني عشرة سنة . وكان منهم اثنتي عشرة فتاة , تراوحت أعمارهن ما بين أربع عشرة سنة وثماني عشرة سنة , ومنهم خمسة وعشرين ولداً تراوحت أعمارهم ما بين تسع سنوات وسبع عشرة سنة . كان خمسة وثلاثون من الأطفال قد قُبض عليهم لمرة واحدة على الأقل , وكان منهم من قُبض عليه عدد من المرات بلغ العشرة . وكان كل الأطفال الذين احتجزوا قد تعرضوا إلى حالات ضرب وإساءة معاملة من قبل الشرطة أثناء الاحتجاز , أو أنهم قد شهدوا حالات كهذه . وأجرينا كذلك أربع مقابلات مع أشخاص بالغين تراوحت أعمارهم ما بين ثماني عشرة سنة وتسع عشرة سنة , وكانوا قد احتجزوا مؤخراً مع أطفال في مقار الاحتجاز لدى الشرطة .

    أجرت منظمة هيومان رايتس ووتش كافة المقابلات مع الأطفال على انفراد . وجرى ثلاثون منها في مراكز استقبال لأطفال الشوارع , تديرها منظمات غير حكومية محلية , أما المقابلات السبع الباقية - ثلاث بنات وأربعة أولاد- فقد جرت في إدارة رعاية الأحداث في قسم الأزبكية {وهو حجز للأحداث تابع لمديرية أمن القاهرة } , وفي مديرية حجز الأحداث لمحافظة القاهرة . وقد قمنا باختيار الأطفال الذين قابلناهم في مراكز الاستقبال اختياراً عشوائياً , من ضمن الأطفال الذين تصادف وجودهم في المراكز في وقت إجراء المقابلات . واخترنا الأولاد الذين قابلناهم في حجز الأزبكية اختياراً عشوائياً , من مجموعة أولاد كانوا موجودين في زنزانة تضم أولاد صغار , حددتهم الشرطة بوصفهم "أطفالاً معرضين للانحراف" . وكانت الباحثة من منظمة هيومان رايتس ووتش , قد قابلت ثلاث من الفتيات الأربع الموجودات في الحجز , قبل أن يطلب منها مدير الحجز مغادرة المكان .

    تكرّم علينا قضاة محكمة الأحداث في القاهرة , بأن سمحوا لنا بحضور جلسة للمحكمة , رغم أن جلسات المحكمة مغلقة عادة أمام العموم . وقد قابلنا مدير الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث التابع لوزار الداخلية , ومدير إدارة رعاية الأحداث في قسم الأزبكية , كما قابلنا أفراد شرطة ممن يحرسون الأطفال في قسم شرطة بولاق الدكرور . وأثناء مقابلة كنا نجريها مع وكلاء نيابة في مكتب النيابة العامة للأحداث في القاهرة , انقطعت المقابلة عندما تدخّل أحد مساعدي مدير الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث التابع لوزارة الداخلية , وأعلم وكلاء النيابة بأنه من غير المصرّح لهم الحديث علناً عن عملهم .

    طلبت منظمة هيومان رايتس ووتش إذناً للسماح لها بزيارة مؤسسات وزارة الشئون الاجتماعية المخصصة للأطفال "المعرضين الانحراف" ولكن الطلب لم يُلبَّ . وقدّم لنا متخصصون من وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية , معلومات عن تلك المؤسسات , وعن طريقة معاملة الأطفال الذين يُحالون إلى النيابة العامة للأحداث وإلى محكمة الأحداث . كما حصلنا على معلومات إضافية من خلال مقابلاتنا مع مسئولين من المجلس القومي للطفولة والأمومة , وهو "أعلى سلطة حكومية موكلة برسم السياسات وبالتخطيط والتنسيق , ومراقبة النشاطات وتقييمها في مجالات حماية وتنمية الطفل" , وكان من ضمن من قابلناهم , الأمين العام للمجلس , وأحد أعضاء اللجنة الفنية الاستشارية , وكان قد شارك في صياغة قانون الطفل لعام 1996 ولائحة تنفيذه . كما أجرت منظمة هيومان رايتس ووتش مقابلات مع خبراء اجتماعيين وقانونيين من المجلس القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية , المموَّل من الحكومة , وكان المركز قد أجرى أبحاثاً خاصة بأطفال الشوارع , والأطفال العاملين , والأطفال المحتجزين لكونهم "معرضين للانحراف" , وأبحاثاً في قضايا خاصة بالنظام القانوني للأحداث . [1]

    وقد تحدث إلينا , أحاديث صريحة , مجموعة من الممثلين عن عدد كبير من المنظمات عبر الوطنية والمنظمات غير الحكومية المحلية والإقليمية ونشطاء عاملون في مجال حقوق الإنسان ومحامون , عن خبراتهم في تقديم الخدمات وتصميم البرامج للأطفال المصريين الذين يعيشون أويعملون في الشوارع .

    وضعنا اسماءاً مستعارة لكافة الأطفال الوارد ذكرهم في هذا التقرير , وذلك حفاظاً على خصوصياتهم .

    المعايير الدولية

    نقوم في هذا التقرير , بتقييم تعامل السلطات المصرية مع الأطفال "المعرضين للانحراف" , وفقاً للقانون الدولي كما يرد في اتفاقية حقوق الطفل , وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية , والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة . ويُذكر أن مصر هي من الأطراف المصدقة على كافة هذه المواثيق . إضافة إلى ذلك , هناك مجموعة أخرى من القواعد والمعايير وضعتها الأمم المتحدة , مثل القواعد النموذجية الدنيا لإدارة الشئون القانونية للأحداث (قواعد بكين) , والخطوط الإرشادية للوقاية من انحراف الأحداث (قواعد الرياض) , إلى جانب قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المجردين من حريتهم . وتوفر هذه المعايير دليلاً هادياً موثوقاً بخصوص التعامل مع الأطفال المخالفين للقانون . ومن جانب آخر , فإن القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء , والمباديىء الأساسية لمعاملة السجناء , ومجموعة المباديء المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن , توفر دليلاً هادياً موثوقاً بخصوص معاملة كافة الأشخاص المجردين من حريتهم , سواء كانوا أطفالاً أو بالغين .

    المصطلحات المستخدمة

    تشير كلمة "طفل" في هذا التقرير , إلى أي شخص لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر . أما اتفاقية حقوق الطفل , فهي تُعرّف الطفل على أنه "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة , ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه" [2] .

    أعدّت منظمة هيومان رايتس ووتش كافة أعمال الترجمة , من اللغة الإنجليزية إلى العربية , وكافة أعمال الترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية , إلاّ إذا أُشير إلى غير ذلك .

    هوامش الفصل الأول

    [1] تأسس المجلس القومي للطفولة والأمومة , بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 54 لسنة 1988 , ويتلقّى المركز رعاية خاصة من السيدة سوزان مبارك , حرم السيد رئيس الجمهورية , التي ترأس اللجنة الفنية الاستشارية للمجلس . ويرأس المركز رئيس الوزراء , ويضم في عضويته ثلاثة عشر وزيراً . راجع , المجلس القومي للطفولة والأمومة , "المجلس" [من موقع الإنترنت] http://www.nccm.org.eg/ (زيارة , 20 تموز (يوليو) 2002) .
    [2] اتفاقية حقوق الطفل , البند 1 , أُقرّت في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 1989 . قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 44/25 . U.N. Doc. A/RES/44/25 . (وقد دخلت الاتفاقية إلى حيز النفاذ في 2 أيلول (سبتمبر) 1990 ) . وكذلك , يُعرّف القانون المصري "الطفل" بأنه , أي شخص لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة . قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 , الجريدة الرسمية عدد 13 [مُلحق] , إصدار 28 آذار (مارس) 1996 , البند 2 .
  •