Skip to main content

اليمن

حداث في 2009

تدهورت كثيراً أوضاع حقوق الإنسان في اليمن عام 2009. فالتقدم الذي سبق إحرازه بمجال سيادة القانون تآكل جراء المئات من الاعتقالات التعسفية واستخدام القوة المميتة بحق المتظاهرين السلميين، في أثناء رد السلطة المركزية على تزايد الاضطرابات السياسية في الجنوب. وشهدت عودة النزاع مع المتمردين الحوثيين في الشمال ارتكاب الطرفين حسب التقارير لانتهاكات لقوانين الحرب، واستخدام الجنود الأطفال، واستمرار الحكومة في منع وصول المساعدات الإنسانية للنازحين. وشنت القاعدة في الجزيرة العربية هجمات من اليمن داخل البلاد وفي المملكة العربية السعودية.

النزاع في الشمال

في 12 أغسطس/آب اندلعت مصادمات متفرقة بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية في محافظة صعدة شمالي اليمن، لتتحول إلى الجولة السادسة من القتال المكثف بين الطرفين منذ يونيو/حزيران 2004. وأسفر النزاع عن تشرد ونزوح أكثر من 150 ألف شخص، الكثير منهم ما زالوا بمعزل عن المنظمات الإنسانية. وفي سبتمبر/أيلول منعت المملكة العربية السعودية دخول اللاجئين إلى المملكة، وأوقفت توصيل المساعدات الإنسانية لليمن عبر أراضيها، وأعادت قسراً لاجئين كانوا قد عبروا حدود المملكة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني أصبحت القوات السعودية طرفاً في النزاع المسلح.

واستمرت السلطات اليمنية في تقييد قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى الأشخاص المحتاجين للمساعدات في محافظة صعدة، إذ قطعت خطوط الهاتف أيضاً. وفي أغسطس/آب طالبت الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية ووقف جزئي لإطلاق النار في بعض المناطق من أجل السماح للمساعدات بالوصول إلى المدنيين ولكي يتمكن المدنيون من الفرار إلى بر الأمان.

وقامت القوات الحكومية والمتمردون الحوثيون على حد سواء بتجنيد الأطفال للقتال. ونفذ المقاتلون الحوثيون عمليات إعدام بلا محاكمة وعرضوا المدنيين للضرر بإطلاق النار من مناطق مأهولة بالسكان. وتناقلت التقارير إجراء القوات الحكومية لعمليات قصف جوي عشوائية في مناطق مأهولة بالمدنيين، بما في ذلك سوق الطلح المزدحم، في 14 سبتمبر/أيلول وتجمع للأشخاص النازحين في العاضي يوم 16 سبتمبر/أيلول.

قمع الحركة الانفصالية في الجنوب

أجرت قوات الأمن عمليات اعتقال تعسفي جماعية بمناسبة احتجاجات الحراك السلمي الجنوبي، وهو تجمع فضفاض من الجهات المطالبة بمطالب انفصالية. ونصبت قوات الأمن نقاط تفتيش في الأيام المعلن فيها عن الاحتجاجات واعتقلت المشتبهين بالمشاركة، وأيضاً بعض المارة غير المشاركين. وعدد الاعتقالات في احتجاج عدن يوم 7 يوليو/تموز أدى بالسلطات إلى نقل المحتجزين إلى هناجر صناعية بل وحتى استاد رياضي.

واستهدفت الاعتقالات الأخرى قيادات متصورة للحراك الجنوبي. ففي مطلع يونيو/حزيران أوقفت الشرطة وليد شعيبي، رئيس اتحاد جنوب اليمن في الضالع، ونقلته إلى سيارة الأمن، بعد أن كان يسير من منزله الطلابي في عدن متجهاً إلى الخارج. المحامي محمد حسني حاول في 7 مايو/أيار تمثيل المشتبهين، لكن تم اعتقاله واحتجازه في مقر التحقيق الجنائي لمدة ستة أيام. وقبل احتجاج 7 يوليو/تموز المزمع عقده، اعتقلت السلطات في 2 يوليو/تموز قيادتين من الحراك الجنوبي، هما قاسم الدعيري وعلي السعدي، وما زالا محتجزين حتى كتابة هذه السطور.

عمدت قوات الأمن أيضاً إلى "إخفاء" بعض الأشخاص. ففي أبريل/نيسان اعتقلوا أحمد بامعلم في حضرموت، ولم يعرف محاموه من منظمة "هود" مكانه، وهي منظمة حقوقية، حتى زيارته في سجن صنعاء الحربي في يوليو/تموز.

وأثناء تظاهرات 15 أبريل/نيسان في الحبيلين، أطلق الأمن المركزي دون تحذير مسبق أو تعرضه لاستفزاز، أطلق أسلحته الأوتوماتيكية على المتظاهرين، ليُصاب رجل في قدمه. وأثناء احتجاج 21 مايو/أيار في عدن، أطلقت قوات الأمن في مناسبات متعددة النيران دون تحذير مسبق أو تعرضها لاستفزاز، مما أسفر عن إصابة 23 متظاهراً منهم نصر حموزيبة، ضابط الجيش السابق والناشط بالحراك الجنوبي. ورد المتظاهرون برمي الحجارة على قوات الأمن، التي ردت بدورها بالقوة المميتة. إلقاء المتظاهرين للحجارة - وهو ما قد يُعتبر أمراً يجرمه القانون - لا يتطلب التدخل بالقوة المميتة. وفي 30 مايو/أيار خرج المتظاهرون في مسيرة سلمية في الشهر، مطالبين بإطلاق سراح نحو 75 شخصاً معتقلين أثناء الاحتجاجات قبل يومين. وعندما وصلوا إلى مسافة أمتار من شرطة الأمن المركزي التي كانت تعترض الطريق، أطلقت الشرطة في الهواء أولاً، ثم على المتظاهرين، لتقتل عواض برام. ولم تفتح الحكومة التحقيق في الحادث. وفي الضالع، أطلقت قوات الأمن النار على توفيق الجعدي لترديه قتيلاً أثناء مظاهرة في 31 مايو/أيار، دون تحذير مسبق أو تعرضها لاستفزاز.

 

حرية الإعلام

في 11 مايو/أيار أنشأ القضاء محكمة جديدة لمحاكمة الصحفيين. في 11 يوليو/تموز عقدت هذه المحكمة المتخصصة أولى جلساتها، على صلة باتهامات وجهت سابقاً (في ديسمبر/كانون الأول 2006) إلى سامي غالب، رئيس تحرير صحيفة النداء، على خلفية مقال كتبه عن الفساد بقسم الحج والعمرة بوزارة الأوقاف. ويمكن لنيابة الصحافة والنشر إحالة الصحفيين إلى المحكمة على خلفية مخالفات لقانون العقوبات وقانون الصحافة والنشر.

وزير الإعلام حسن اللوزي أعلن في 4 مايو/أيار عن حظر على توزيع ثماني صحف يمنية مستقلة يومية وأسبوعية كبرى، هي الأيام والمصدر والوطني والديار والمستقلة والنداء والشارع والأهالي، جراء نشرها موضوعات "ضد الوحدة الوطنية والمصالح العليا للبلاد" و"التحريض على انتهاك القانون والنظام، ونشر الكراهية والعداوة بين شعب اليمن الواحد". كما فرضت الحكومة رقابة غير رسمية، ووضعت "خطوطاً حمراء" تشمل أي نشر لمقابلات مع قيادات الحراك الجنوبي والصور الفوتوغرافية الخاصة بالمصابين والقتلى في الاحتجاجات بالجنوب، وذكر أسماء المنظمات وراء هذه الاحتجاجات. وامتد ضغط السلطات على المنافذ الإعلامية إلى الهجوم الفعلي على الأيام، أقدم صحف اليمن المستقلة وأوسعها انتشاراً. ففي 1 مايو/أيار أوقف مسلحون شاحنة تسليم نسخ الأيام في منطقة الملاح بمحافظة لحج وأحرقوا 16500 نسخة من الصحيفة. وليلة 2 مايو/أيار صادر جنود في نقطتي تفتيش على مقربة من عدن أكثر من 50 ألف نسخة من الأيام، وأعطوا الموظفين إيصالاً موقعاً من الشرطة والمخابرات ووزارة الإعلام. وفي 4 مايو/أيار توقفت الأيام عن النشر جراء محاصرة مقرها. وفي 12 مايو/أيار تبادلت قوات الأمن إطلاق النار مع حراس مجمع الأيام في عدن، مما أسفر عن مقتل أحد المارة وإصابة آخر إصابة خطيرة.

الإرهاب ومكافحة الإرهاب

نفذت القاعدة في الجزيرة العربية - بعد اندماج القاعدة في اليمن مع الفروع السعودية للقاعدة - هجمات على السعودية واليمن من اليمن، التي يُقال إن نحو 24 شخصاً سعودياً من المطلوبين أمنياً، ومنهم 9 سجناء سابقين في غوانتانامو، يُقال إنهم يختبئون فيها. وفي مارس/آذار أسفر تفجير انتحاري عن مقتل أربعة سائحين من كوريا الجنوبية في حضرموت، وفي أغسطس/آب عبر انتحاري إلى السعودية وكاد يغتال رئيس مكافحة الإرهاب السعودي، الأمير محمد بن نايف. والمسلحون الإسلاميون من بين المشتبهين المحتملين لاختطاف تسعة سائحين في يونيو/حزيران شمالي اليمن، وثلاثة منهم - ممرضتان ألمانيتان ومعلم من كوريا الجنوبية - تم قتلهم.

واحتجزت قوات الأمن تعسفاً أكثر من 135 مشتبهاً بالإرهاب دون نسب اتهامات إليهم، ومنهم محتجز سابق من غوانتانامو تم احتجازه نحو 5 أشهر، وطفلين محتجزين كرهائن كي يسلم أقاربهما أنفسهم.

وقد أدى قلق الولايات المتحدة من سياست مكافحة الإرهاب اليمنية إلى وقف تسليم أكثر من 90 يمني في غوانتانامو، أي نصف المحتجزين هناك تقريباً. ولم يعد إلى اليمن من هناك منذ عام 2007 إلا شخصين، هما سالم حمدان في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 وعلاء علي أحمد في سبتمبر/أيلول 2009.

عقوبة الإعدام

في عام 2009 أعدمت الحكومة اليمنية أكثر من 30 شخصاً حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول، ومنهم عائشة الحمزة، جراء قتلها لزوجها، الذي زعمت أنه أساء إلى ابنتهما. وحكمت المحاكم بالإعدام على عناصر بالقاعدة ومتمردين حوثيين وأشخاص يُزعم عملهم بالتخابر لصالح إسرائيل وإيران.

حقوق النساء والفتيات

في خطوة إيجابية، أعطى البرلمان في فبراير/شباط للنساء الحق في منح الجنسية اليمنية لأطفالهن، وحدد سناً دنيا للزواج هي 17 عاماً. إلا أن الزيجات المبكرة ما زالت متفشية، وتعرض الفتيات الصغيرات للعنف الأسري والوفاة أثناء الولادة، وتؤدي لتسربهن من التعليم. وفي سبتمبر/أيلول ماتت فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً أثناء الولادة. واليمن يعاني من أحد أعلى معدلات الوفيات أثناء الولادة في العالم. وخمس وسبعون في المائة من سكان اليمن يعيشون في مناطق ريفية دون مستشفيات.

والنساء اللاتي يتزوجن ضد رغبة الآباء أحياناً ما تنسب إليهن تهم الزنا ويتعرضن للسجن. الاغتصاب الزوجي غير مُجرم في اليمن، مما يعرض النساء والفتيات المتزوجات للحصار قسراً في عهدة أزواج مسيئين. والنساء اللاتي يقمن بالفرار من العنف الأسري يتم حبسهن أحياناً، وتتعرض الكثيرات منهن للاحتجاز المطول عندما يرفض قريبها الرجل الحضور لاصطحابها من الحجز. وثمة سياسة جديدة تسمح للقريبات من النساء بالحضور لاصطحاب السجينات، لكن حتى الآن لا تُراعى هذه السياسة على طول الخط.

الأطراف الدولية الرئيسية

السعودية وقطر ودول الخليج الأخرى توفر مساعدات هامة لليمن، منها ما يُعطى للقيادات القبلية والمؤسسات الدينية.

كما تقدم تسع دول من الاتحاد الأوروبي المساعدات لليمن. أكبر مانح، المملكة المتحدة، تخطط لمنح ما يُعادل 189 مليون دولار لليمن بين عامي 2007 و2011. وفي العام المالي 2010 طالبت إدارة أوباما الكونغرس بالموافقة على تقديم 55.5 مليون دولار، أي زيادة بمقدار 20 مليون دولار عن مساعدات عام 2009، مما يرجع بمعدلات المساعدات الأميركية المقدمة إلى معدلات عام 2007. وأكبر زيادة تذهب إلى برنامج "الحكم العادل والديمقراطي" وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون ضمن هذه الفئة. وتدعم واشنطن علناً وحدة اليمن لكنها انتقدت الهجمات على صحيفة الأيام.

لعبت الأمم المتحدة والدول المانحة دوراً أكبر في عام 2009 بمجال الضغط على الحكومة كي تتيح المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين في نزاع صعدة.