"و ِّ قع هنا فحسب"

ملخص

بعد أن فاز الملاكم المغربي زكريا المومني ببطولة العالم في ملاكمة " لايت كونتاكت " عام 1999 ، اتصل مرارا وتكرارا بالسلطات المغربية للمطالبة بوظيفة في وزارة الشبيبة والرياضة التي كان يعتقد أنها من حقه قانونا بصفته مغربيا حائزا على لقب عالمي.

عندما تم رفض طلبه، عرض المومني قضيته كثيرا أمام وسائل الإعلام المغربية والدولية. في 27 سبتمبر/أيلول 2010، أوقفته الشرطة في مطار الرباط لدى عودته من رحلة إلى باريس. اتهموه بـ "المس بالمقدسات"، وهو مصطلح غالبا ما يستخدم للإحالة على الملكية وشخص الملك، واعتقلوه.

وفقا لرواية المومني، اقتاده مسؤولون أمنيون إلى مكان مجهول حيث قاموا بتقييد يديه، وجردوه من ملابسه، وعصبوا عينيه، وأخضعوه للتعذيب. وقال المومني إنهم ضربوه، وعلقوه من يديه، وصعقوه بالكهرباء، وحرموه من النوم والطعام خلال ثلاثة أيام.

في صباح يوم 30 سبتمبر/أيلول، يقول المومني، أعادت الشرطة له ملابسه مرة أخرى، وصعدوا به سلالم معدنية، ووضعوه في سيارة. اقتادوه إلى مركز الشرطة في الدائرة الثانية في الرباط، حيث أزالوا العصابة عن عينيه. وجد نفسه في غرفة مع 13 رجلا، معظمهم بزي مدنية. قالوا له سيوقع على بعض الوثائق من أجل استرجاع متعلقاته الشخصية. وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

وضعوا الوثائق أمامي، لكنهم كانوا يغطون الجزء العلوي من الصفحة. قلت لهم إني أريد قراءة ما أوقع عليه. قالوا: "فقط وقع هنا، وستحصل على الأشياء الخاصة بك، وستكون حرا طليقا".

وقال المومني إن مسؤولين أمنيين اقتادوه مباشرة من مركز الشرطة إلى المحكمة، حيث جرت محاكمته في غياب محام الدفاع، أو الشهود، أو الجمهور. أربعة أيام ذلك، في 4 أكتوبر/تشرين الأول، علم المومني، وهم قابع في السجن، أن المحكمة أدانته بتهمة الاحتيال وحكمت عليه بثلاث سنوات سجنا نافذا. واستندت الإدانة على المحضر الذي يصر المومني أنه أجبر على توقيعه دون قراءته.

أقر الدستور المغربي الجديد، الذي وافق عليه الناخبون في يوليو/تموز 2011، خطوة رئيسية سواء في حماية الحق في محاكمة عادلة للمتهمين أو تعزيز استقلال القضاء والوصول إلى العدالة. وكانت البنود القضائية في الدستور تتويجا لحملة رسمية لإصلاح نظام العدالة في المغرب، والتي تهدف، على حد قول الملك محمد السادس، إلى " توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق ".

ومع ذلك، تشير العيوب الدائمة في النظام القضائي إلى أن القضاء سيكون مهمة شاقة. ويقدم هذا التقرير تحليلا لست قضايا حساسة سياسيا والتي تم البت فيها ما بين 2008 و 2013، بما في ذلك قضية زكريا المومني، حيث انتهكت المحاكم حق المتهمين في محاكمة عادلة.

وتسلط القضايا الست، والتي تشمل ما مجموعه 84 متهما منهم 81 قضوا عقوبات في السجن، الضوء على نقطتي ضعف رئيسيتين. أولا، في خمس من الحالات الست، أصدرت المحاكم إدانات تستند إلى حد كبير على تصريحات حصلت عليها الشرطة من المتهمين، والتي رفضها هؤلاء المتهمون أمام المحكمة. لم تبذل المحاكم جهدا سليما لتحديد ما إذا تم الحصول على هذه التصريحات عن طريق التعذيب من المتهمين أو وسائل أخرى غير مشروعة. وتبني المحاكم قناعاتها أيضا على تصريحات مكتوبة ومجرمة من قبل شهود أو مشتكين دون مطالبة هؤلاء الأشخاص بالإدلاء بشهادتهم أمام المحكمة حيث يمكن للمتهمين أو ممثليهم الطعن فيها.

ثانيا، في حالتين من الحالات الست، هناك حرمان واضح لـ 32 متهما، خصوصا 25 منهم الذين قضوا على الأقل 18 شهرا رهن الاعتقال الاحتياطي، من الحصول على محاكمة في فترة مناسبة أو جلسة محاكمة بعدما تم اتهامهم أو عُرضوا لإجراءات إدارية مجحفة.

وليس واضحا ما إذا كانت إخفاقات النظام القضائي المغربي في هذه الحالات تعكس عدم وجود استقلال قضائي - ضغط أو تدخل من قبل السلطة التنفيذية أو جهة أخرى - أو ببساطة عدالة ذات نوعية رديئة، حيث لا يظهر القضاة العناية الواجبة في محاولة تمييز الحقيقة من خلال دراسة جميع الأدلة ذات الصلة وعدم الأخذ بتصريحات ربما تم الحصول عليها من خلال وسائل غير مسموح بها. انعدم الاستقلالية والعناية الواجبة قد يكونا على حد سواء لعبا دورا. وأيا كانت الأسباب، فالنتيجة واضحة: إدانات غير عادلة للمتهمين.

في خمس محاكمات، درسنا استعداد المحكمة لقبول أدلة إدانة، والتي اعتبرها المتهمون كاذبة، لا سيما "اعترافات" المتهمين التي أدلوا بها أثناء الحراسة النظرية لدى الشرطة. وتشمل هذه الحالات محاكمات:

·        25 صحراويا في عام 2013 لدورهم المزعوم في مقتل رجال شرطة خلال أعمال عنف دامية اندلعت في الصحراء الغربية في عام 2010؛

·        الناشط الحقوقي والنقابي الصديق كبوري وتسعة متهمين معه لدورهم في الاضطرابات التي اندلعت في مدينة بوعرفة في عام 2011؛

·        الملاكم زكريا المومني بتهمة الاحتيال في عام 2010؛

·        35 متهما اعتقلوا في عام 2008 واتهموا بالانتماء إلى خلية إرهابية، والمعروفة باسم قضية "بلعيرج"، وهو اسم عائلي لواحد من المتهمين الرائدين؛

·        محاكمة عام 2012 لـ ستة محتجين من حركة 20 فبراير/شباط الشبابية للاعتداء على ضباط شرطة حين رفضوا فض "غير قانوني".

في كل هذه المحاكمات، أدانت المحكمة وسجنت المتهمين في المقام الأول على أساس اعترافاتهم المتنازع عليها. بقيامها بذلك، أظهرت المحكمة نقصا واضحا من خلال فشلها في إجراء تحقيقات جدية في مزاعم المدعى عليهم بالتعذيب أو سوء المعاملة خلال الاستنطاق من قبل الشرطة، بينما أقرت في نفس الوقت تصريحات المدعى عليهم للشرطة كأدلة.

في قضية بلعيرج، على سبيل المثال، بررت المحكمة رفضها مزاعم التعذيب على أساس أن المتهمين لم يثيروها في أول ظهور لهم أمام المحكمة. من جهة، أبلغ في الواقع بعض المتهمين المحكمة في وقت سابق أن الشرطة أساءت معاملتهم حين كانوا رهن الاستنطاق، دون إجراء أي نوع من التحقيق. ولكن حتى إذا لم تكن قد فعلت ذلك، ينبغي على المحكمة أن لا ترفض مزاعم التعذيب جملة لمجرد أن المدعى عليه "تأخر" في التصريح بها. في حين يحق للمحكمة اعتبار توقيت إثارة المدعى عليه زعما بالتعذيب أنه مناسب للحكم على مصداقيته، فإنه ينبغي أن تدرك أيضا أن هناك أسبابا كثيرة أخرى وراء عرض المدعى عليه مزاعم التعذيب في وقت متأخر من المحاكمة غير رغبة الإفلات من العقاب.

فشلت المحاكم أيضا في منح الدفاع فرصة كافية للطعن في أدلة الإثبات الأخرى، وحرمت المدعى عليهم من حقهم في استدعاء شهود قد تلقي شهادتهم الضوء على الحقائق المتنازع حول صحتها.

من جهة، تساهم قوانين المغرب بخصوص الأدلة في نقص اجتهاد المحاكم أثناء التدقيق في مزاعم التعذيب أو سوء المعاملة. يأمر الفصل 290 من قانون المسطرة الجنائية المحكمة بأن تفترض أن المحاضر التي أعدتها الشرطة ذات مصداقية، في القضايا التي يواجه فيها المدعى عليه أقل من خمس سنوات سجنا [1] . تقتبس المحاكم في كثير من الأحيان هذه القاعدة في الأحكام المكتوبة حيث قررت إدانة متهمين استنادا إلى تصريحات للشرطة تجرمهم، حتى لو زعم المتهمون أنهم تصريحاتهم انتزعت تحت الإكراه. ينبغي مراجعة الفصل 290 بحيث يكون معيار الإثبات هو مثل الذي يطبق على الجرائم الأكثر خطورة، والذي يشترط على المحكمة أن تعامل محاضر الشرطة مثل أي دليل آخر، دون أن يكون هناك أي استنتاج على مصداقيتها.

في اثنتين من الحالات الست التي تناولها هذا التقرير، أخرت المحاكم دون مبرر إحضار متهمين إلى المحاكمة أو إنهاء محاكمتهم، ماسة بالمتهمين وتحرمهم من حقهم بموجب القانون الدولي في "محاكمة في غضون فترة زمنية معقولة"، وهو الحق الذي نص عليه حديثا في الفصل 120 من الدستور المغربي.

في العديد من الأنظمة القضائية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المغرب، يحدث تأخير في نظام العدالة بسبب، على سبيل المثال، اكتظاظ المحاكم، أو طلبات الدفاع لتأجيل الجلسات، أو ضرورات الإجراءات القضائية. ولكن، في هاتين الحالتين، لا يبدو أن هذه العوامل مسؤولة عن هذا التأخير.

في كلتا الحالتين، من بين المتهمين مناصري استقلال الصحراء الغربية. تنظر السلطات إلى دعاة استقلال الصحراويين على أنهم "انفصاليين" والذين يتصرفون في انتهاك للقوانين المغربية التي تحظر "المس بالوحدة الترابية".

في أول قضية من القضيتين، أمضى 21 من 25 متهما 26 شهرا رهن الاعتقال الاحتياطي قبل أن يذهبوا للمحاكمة لدورهم المزعوم في الاشتباكات العنيفة التي وقعت في أكديم إزيك، الصحراء الغربية، في نوفمبر/ ت شرين الثاني 2010، والتي قتل خلالها 11 فردا من قوات الأمن.

في القضية الثانية من هاتين القضيتين، اتهمت الحكومة سبعة نشطاء بالمس بأمن المغرب الداخلي أثناء زيارتهم لمخيمات اللاجئين التي تديرها البوليساريو قرب تندوف، الجزائر، من خلال جمع أموال هناك لإثارة القلاقل والتخريب في الصحراء الغربية، وهذا يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بخمس سنوات سجنا. أمضى ثلاثة من المتهمين السبعة عاما ونصف رهن الاعتقال الاحتياطي قبل أن يخلي القاضي سبيلهم. مرت سنتان منذ إطلاق سراحهم، انصرمت سنتان دون استئناف المحاكمة أو إلغاء المتابعة. وفقا لرد الحكومة لـ هيومن رايتس ووتش فأن المحكمة تجري "تحقيقا تكميليا" والذي لا يزال مستمرا.

هذا التناقض الواضح في مقاربة المحكمة للقضية – أولا، تعاملت مع القضية باعتبارها خطيرة بما يكفي لوضع ثلاثة من المتهمين لمدة 18 شهرا رهن الاعتقال الاحتياطي، ثم تطلق سراحهم دون استئناف المحاكمة خلال عامين - قد يشير إلى أن مخاوف سياسية توجه تعاطي المحكمة مع القضية.

تؤدي استنتاجات تحليلنا للقضايا الست التي فحصت هنا إلى توصيتين رئيسيتين. أولا، ينبغي للمحاكم أن تدرس بجد أي ادعاءات عبر عنها المدعى عليهم بأن الشرطة انتزعت تصريحات يُجرمون فيها أنفسهم بالقوة أو الإكراه، واستثناء جميع التصريحات التي تم الحصول عليها بتلك الطريقة، إلا تلك التي تشكل دليلا ضد أولئك المسؤولين عن الإساءة للمدعى عليه. ثانيا، ينبغي للمحاكم وضع حد لممارسة الاعتقال الاحتياطي للمتهمين لفترات طويلة دون مبرر وإجراء محاكمات بسرعة معقولة، وبسرعة أكبر عندما يكون المتهمون رهن الاعتقال الاحتياطي. توصيات مفصلة أدناه.


توصيات

إلى الحكومة المغربية                                                   

  • اتخاذ خطوات لمنع التعذيب وسوء المعاملة، وللتحقق والتأكد من ألا يتم قبول التصريحات المُجرِّمة والتي تم الحصول عليها من خلال استخدام التعذيب أو سوء المعاملة كدليل، كما تنص على ذلك المادة 293 من قانون المسطرة الجنائية.
  • التأكد من أن يتم إخبار جميع الأشخاص الذين وضعوا رهن الحراسة النظرية فورا بحقهم في الاستعانة بمحام، وأنه يمكنهم، إن طلبوا ذلك، الحصول فورا على محام، الاتصال الذي يجب أن يشمل إمكانية الزيارة في حين لا يزال رهن الحراسة الظرية من قبل محام لإجراء مشاورات سرية؛ وفقا لمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين.
  • تعديل قانون المسطرة الجنائية بحيث تشير إلى كلما كان هناك ادعاء بالتعذيب أو سوء المعاملة، فإن وعبء الاثبات يقع على عاتق الادعاء لإثبات أن أي اعتراف أدلي به لم يتم الحصول عليه بوسائل غير قانونية، وفقا للتوصية التي قدمها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في تقرير عن المغرب في 28  فبراير/شباط 2013.
  • التأكد من أن النيابة العامة، وقضاة التحقيق، وقضاة المحاكم يمنحون للمتهمين فرصة كافية لكي: يثيروا في مرحلة من التحقيق والمحاكمة أي سوء معاملة قد يكونوا تعرضوا لها أثناء الاحتجاز لدى الشرطة؛ يقرأوا بعناية تصريحاتهم للشرطة، وتحدي أي أوجه عدم دقة مزعومة فيها، ويتشاوروا مع محام قبل أول مثول لهم أمام النيابة العامة أو القاضي.
  • التأكد من أن يعكس ممثل النيابة العامة، وقضاة التحقيق، وقضاة المحاكم في محضر جلسة الاستماع والحكم المكتوب أي تصريحات أدلى بها المتهمون أمامهم عن سوء المعاملة أو عدم الدقة في تصريحاتهم للشرطة.
  • اتخاذ خطوات للقضاء على التعذيب والإكراه أثناء إعداد التقارير من قبل الشرطة القضائية. تشمل الخطوات الممكنة لضمان أن تكون مثل هذه التصريحات طوعية، تسجيل فيديو لاستجوابات الشرطة، ومطالبة المسؤول عن الاستجواب بالمثول أمام المحكمة لاستجواب مضاد، وإلغاء المادة 290، كما هو موضح أدناه.
  • تنفيذ توصية المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب التي قدمها عقب زيارته إلى المغرب في سبتمبر/أيلول 2012 "لمواصلة تطوير قدرات الطب الشرعي للنيابة العامة والقضاء، وإعمال الحق في تقديم شكوى، والتأكد من أن للمتهمين الذين يمثلون لأول مرة أمامهم فرصة عادلة لإثارة مزاعم التعذيب أو سوء المعاملة التي قد يكونوا تعرضوا لها على يد الشرطة أو أجهزة الاستخبارات".
  • اشتراط أن يتلقى القضاة وممثلو النيابة العامة تكويناً فيما يتعلق بالتزامهم بالتحقيق في مزاعم التعذيب بصرامة، بغض النظر عن متى أثارها الدفاع أثناء المحاكمة، وتوثيق جهودهم في التحقيق كتابة. وينبغي أن يشمل هذا التدريب التوعية حول الأسباب، غير الرغبة في الإفلات من العقاب، التي تجعل المدعى عليه يثير التعذيب أو سوء المعاملة في مرحلة لاحقة من مراحل المحاكمة، حتى لو أكد المدعى عليه في وقت سابق في العملية القضائية صحة تصريحاته (ها) المكتوب كما أعدتها الشرطة.
  • تثقيف القضاة على واجبهم في تقييم مصداقية ادعاءات سوء المعاملة حتى في حالة عدم وجود أدلة مادية على التعذيب، ووسائل إجراء هذا التقييم، استنادا إلى المعايير الدولية، على النحو المبين في دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ("بروتوكول إسطنبول").
  • تثقيف القضاة على التزامهم، في الحفاظ على "المساواة في الأسلحة" لمنح النيابة العامة والدفاع، فرصة استدعاء الشهود للاستجواب إن تم عرضهم على أنظار المحكمة وإذا كان يظهر أنهم ذوي صلة بتحديد الحقيقة حول التهم الموجهة للمتهمين، بوجه خاص، والحقيقة حول محاضر الشرطة التجريمية عندما يتم الطعن فيها من جانب الدفاع.
  • لمنع الإجحاف في حق المتهمين الناجم عن التأخير المفرط وغير المعقول في إنجاز المحاكمات، تنفيذ القوانين التي تشترط أن تتم المحاكمات دون تأخير لا مبرر له، وذلك تماشيا مع الفصل 120 من دستور عام 2011، الذي ينص على أنه لكل شخص الحق في محاكمة عادلة ، وفي حكم يصدر ضمن أجل معقول ".
  • تعديل قانون المسطرة الجنائية ليشترط مراجعة قضائية منتظمة وجوهرية لجميع لقضايا الاعتقال الاحتياط ، مع وضع مسؤولية متزايدة على سلطات الدولة لتفسير الاعتقال الاحتياطي كلما تأخرت المحاكمة والشخص رهن الاعتقال، من خلال إظهار أنه يتم اتخاذ كل الخطوات الممكنة لضمان أن تتم المحاكمة بأسرع ما يمكن. إذا لم يتم الوفاء بهذه المسؤولية ينبغي للمحكمة أن تأمر بالإفراج عن المعتقل.
  • تعديل القانون المحلي لحصر اختصاص المحاكم العسكرية في الجرائم العسكرية البحتة. بموجب القانون المغربي، تتسع اختصاصات المحاكم العسكرية لتشمل أيضا الجرائم التي ارتكبها مدنيون أفراد قوات الأمن. ويخالف هذا الاختصاص الواسع قاعدة أساسية في القانون الدولي، والتي تشترط محاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية. وبالإضافة إلى ذلك، لا تخضع أحكام المحاكم العسكرية للاستئناف إلا أمام محكمة النقض، مما يشكل انتهاكا للحق المعترف به دوليا للمتهمين بالاستئناف ليس فقط على أساس الشكل ولكن أيضا على أساس الموضوع.
  • سن قانون يعطي قوة للفصل 133 من دستور عام 2011، والذي يعطي للمتهمين الحق في تقديم التماس إلى محكمة دستورية جديدة للبث في دستورية القانون المطبق في قضيتهم.
  • تعزيز حقوق المحاكمة العادلة للمتهمين لضمان "مساواة الأسلحة" بين الادعاء والدفاع من خلال مراجعة الفصل 290 من قانون المسطرة الجنائية، والذي يعطي المحاضر التي تعدها الشرطة مصداقية أصلية في القضايا التي تشمل جرائم تحمل عقوبة أقل من خمس سنوات سجنا. يضع هذا القانون عبء الإثبات على المدعى عليه لإثبات أن المحاضر التي أعدتها الشرطة مزيفة. ينبغي تعديل القانون للقضاء على هذا العبئ غير العادل، بحيث يتم التعامل مع محضر الشرطة بنفس الطريقة مثل كل الأدلة الأخرى المقدمة إلى المحكمة دون الإدلاء بأي استدلال على مصداقيتها.

وفيما يتعلق بقضية أكديم إزيك، التي يوجد 21 من بين 25 متهما فيها في السجن، وقضية بلعيرج، التي يوجد 17 من بين 35 متهما فيها في السجن، ينبغي للسلطات المغربية:

  • إطلاق سراح المتهمين الذين لا يزالون في السجن أو منحهم محاكمة جديدة وعادلة. وبالنسبة للمتهمين في قضية أكديم إزيك، ينبغي تجري أي محاكمات جديدة أمام محكمة مدنية.
  • إذا تمت إعادة المحاكمات في هذه القضايا، ينبغي أن تكون القرينة هي أن يكون جميع المتهمين في حالة سراح إلى غاية محاكمتهم. ينبغي أن يكون لأي مدعى عليه ترغب سلطات الادعاء في احتجازه الحق في محاكمة فورية أمام قاض للبت في قانونية اعتقاله، مع كون الحرية هي القرينة. ينبغي أن يقوم أي قرار قضائي باعتقال متهم احتياطيا على أسس صحيحة، مثل أن يكون المتهم خطيرا، أو أنه يحتمل أن يكرر جرائمه، أو التلاعب في الأدلة، أو يطير خارج البلاد؛
  • عند إعادة محاكمة المتهمين، ينبغي أن تنظر المحكمة في مزاعم تعرضهم للتعذيب، وضمان، امتثالا للقانون المغربي والدولي، أن لا يتم قبول أي تصريح انتزع عن طريق العنف أو الإكراه كدليل. يجب على المحكمة إجراء تحقيقات حتى لو كانت آثار تعذيب جسدية محتملة قد تلاشت. يجب أن تنسجم التحقيقات مع المعايير الدولية للتحقيق في الشكاوى الفردية بالتعذيب، لا سيما تلك التي الموجودة في دليل التقصي والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية أو المهينة ("بروتوكول إسطنبول")؛

إذا قررت المحكمة أن تعتبر محضر الشرطة كدليلا، والذي يدعي المتهم أنه انتزع تحت وطأة التعذيب، ينبغي أن تفسر في حكمها المكتوب لماذا قررت أن مزاعم التعذيب أو الإكراه غير اللائق غير ذي مصداقية.

للحكومات والمؤسسات التي تقدم المساعدة للمغرب                                       

في باب برامج المساعدة على الإصلاح القضائي وسيادة القانون، تشجيع المغرب على تنفيذ التوصيات المذكورة أعلاه، ولا سيما تلك التي تهدف إلى مطالبة القضاة بـ:

·        التدقيق بنقدية أكبر في القيمة الاستدلالية للمحاضر التي أعدتها الشرطة حين يطعن المتهمون في محتوياتها؛

·        وضع ومتابعة أساليب تحقيق أكثر شمولا في مزاعم التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة بغض النظر عن متى أثيرت خلال سير الإجراءات؛

·        فرض قيود قانونية على مدة الاعتقال الاحتياطي، ليس فقط خلال مرحلة التحقيق القضائي ولكن أيضا عندما يكون هناك فشل في إجراء محاكمة أو إجراءها في غضون فترة معقولة من الزمن، وضمان مراجعة قضائية منتظمة وجوهرية للأوامر الاعتقال الاحتياطي.


منهج التقرير

يستند هذا التقرير على دراسة المحاكمات التي تم اختيارها والتي جرت بين عامي 2008 و 2013. حضر مراقبو هيومن رايتس ووتش بعض جلسات أربعة منهم. درسنا أيضا الأحكام المكتوبة، وملفات القضايا، وقابلنا محامي الدفاع، ومسؤولين من وزارة العدل والحريات، ومصادر معلومات أخرى ذات صلة، بما في ذلك المتهمون في بعض القضايا. عكسنا أيضا في التقرير، وطبعنا في الملحق الأول، البيانات المقدمة لنا من قبل الحكومة بشأن هذه القضايا. ومع ذلك، وبالنسبة للحالات الست الجديدة، التي تضم متظاهري حركة 20 فبراير/شباط الشبابية، لم تطلب هيومن رايتس ووتش رسميا ولم تتلق أي تعليق رسمي.

كتبت هيومن رايتس ووتش إلى وزير العدل، السيد مصطفى الرميد، في 12 يناير/كانون الثاني 2012، تبلغه فيها عن عملنا بشأن المحاكمات العادلة وطلبنا لقاء. لم نتلق أي رد. ومع ذلك، استقبلنا ممثلو المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في الرباط يوم 23 يناير/كانون الثاني 2012.

بينما كان ممثلون عن هيومن رايتس ووتش في المغرب في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2012 ، أبلغنا السيد الوزير، الرميد، بأنه يمكنه استقبالنا في 19 نوفمبر/تشرين الثاني. ولأن ممثليها، لن يكونوا في المغرب في ذلك التاريخ، كتبت هيومن رايتس ووتش رسالة تقترح فيها العودة في ديسمبر/كانون الأول إذا كان مستعدا للقاء، وأوجزنا أيضا الاستنتاجات المؤقتة لهذا التقرير. لم نلق أي رد.

لم يواجه مراقبو هيومن رايتس ووتش للمحاكمة أي عقبات في دخول قاعات المحاكم ومراقبة المحاكمات، مع استثناءات ثلاث: في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، و 18 ديسمبر/كانون الثاني 2012، و 8 يناير/كانون الثاني 2013، حين منعت الشرطة ممثلنا من الدخول إلى المحكمة الابتدائية في الرباط، حيث قدم نفسه إليهم على أنه من هيومن رايتس ووتش، وأوضح أنه جاء لمراقبة محاكمة كامارا لاي [2] . في كل مرة، تقول له الشرطة إنه يحتاج إذنا من وزارة العدل والحريات. تمكن ممثلنا من الدخول في مرة ثانية عندما اصطحبه محامو الدفاع إلى الداخل. في 14 مايو/أيار 2013، رفض ضباط الشرطة في مدخل المحكمة السماح لممثلي هيومن رايتس ووتش، واللذين جاءا لسماع الحكم في قضية لاي، بالدخول.

وفيما يتعلق بمحاكمة أكديم إزيك أمام المحكمة العسكرية بالرباط، حضر مراقبنا جلسات 1 و 9 و 10 و 13 و 14 فبراير/شباط 2013، ولكنه لم يحضر جلسات 8 و 11 و 12 و 15 و 16 فبراير/شباط. بالسنبة للتواريخ التي كان غائبا فيها، حصل مراقبنا تقرير عن الإجراءات من محامو الدفاع ومراقبين آخرين للمحاكمة. قابلت هيومن رايتس ووتش العديد من أعضاء فريق الدفاع في القضية، بما في ذلك نور الدين ضلليل في الدار البيضاء يوم 19 مارس/آذار 2012، ومحمد فاضل الليلي، ومحمد بوخالد، ومحمد لحبيب الركيبي، ولحماد بازيد في العيون في 23 يونيو/حزيران 2012 ، ومحمد الحبيب الركيبي في 13 سبتمبر/أيلول 2012 في الرباط، ومحمد المسعودي في الرباط خلال شهر فبراير/شباط 2013.


خلفية

تدفع القوى المؤثرة في اتجاهين معاكسين بشأن نظام العدالة في المغرب. في القضايا ذات طابع سياسي، تواصل المحاكم حرمان المتهمين من حق الحصول على محاكمة عادلة بإدانتهم على أساس الاعترافات التي يقولون إن الشرطة انتزعتها تحت وطأة التعذيب أو الإكراه، دون أن تبذل المحكمة جهدا جديا للتحقيق في مزاعمهم. تعزز هذه الممارسة انطباعا بأن المحاكم تخدم كامتداد لأجهزة الدولة الأمنية القمعية.

ولكن هناك أيضا منطق يدفع المغرب إلى تسريع وتيرة الإصلاح. يرغب قادته في أن يتم الاعتراف بالمغرب، محليا ودوليا على حد سواء، كنموذج إقليمي في مجال حقوق الإنسان. عندما اندلعت احتجاجات في الشوارع مؤيدة للإصلاح في المغرب في شهر فبراير/شباط 2011، لم ترد السلطات بقمع أعمى لهؤلاء، ولكن عن طريق وعد بدستور جديد والدعوة لانتخابات مبكرة. بينما عارض المغرب بحزم وبنجاح مقترحات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإعطاء ولاية حقوق الإنسان لبعثة حفظ السلام في الصحراء الغربية المتنازع عليها، فإنه يقول إنه يخطو من تلقاء نفسه خطوات كبيرة في مجال حقوق الإنسان.

يؤكد الخطاب الرسمي حول الإصلاح على مهمة إصلاح القضاء بما في ذلك عبر تعزيز استقلاله. لقد كان هذا موضوعا لتصريحات علنية لقادة المغرب لعدة سنوات، بما في ذلك الملك محمد السادس. يحتوي دستور 2011 عدد عدد مهم من الأحكام التي، إذا ما نفذت، من شأنها الدفع نحو هذا الهدف.

دستور جديد                                                                                    

في يوليو/تموز 2011، وافق الناخبون المغاربة على دستور جديد غني بتأكيدات على حقوق الإنسان، بما في ذلك البعض التي لم تكن مضمنة في الدستور السابق الصادر في عام 1996. ولا يزال يتعين ترجمة هذه التأكيدات إلى قوانين وممارسات تحد من الانتهاكات المستمرة. وتوحي القفزة إلى الأمام في لغة حقوق، على الرغم من ذلك، بإرادة من جانب المغرب ليحدد لنفسه معايير على مستوى عال التي يمكن من خلالها الحكم على قوانينه وممارساته.

من بين المجالات في الدستور الجديد التي تفتح آفاقا جديدة هي تعزيز استقلال القضاء وحقوق الأشخاص أمام المحاكم. وقال الملك محمد السادس إن الأحكام الدستورية " تنص على ضمان الملك لاستقلال القضاء وتكرس القضاء كسلطة مستقلة قائمة الذات عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ".

وقال الملك إن هذه الأحكام توجت حملة إصلاح القضاء، والتي بدأت في عام 2009. في خطاب ألقاه في 20 أعسطس/آب من ذلك العام، أعلن عن "الإصلاح الشامل والعميق للقضاء" لـ " توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف ، باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق ". وتحدث عن " تخليق القضاء لتحصينه من الارتشاء واستغلال النفوذ "، وتعزيز ضمانات استقلال القضاء.

منذ ذلك الحين، واصل الملك التأكيد على أهمية الإصلاح القضائي. ونصب في 8 مايو/أيار 2012 الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة ، وهي هيئة من 40 عضوا مكلفة بقيادة حوار وطني من شأنه أن يسفر عن ميثاق لإصلاح القضاء [3] . وأعلن في 30 يوليو/تموز 2012، وهو يوم عطلة لتخليد جلوسه على العرش 13 عاما قبل ذلك:

وانطلاقا من كون دولة الحق والقانون هي مصدر كل تقدم٬ فقد جعلنا العدالة في مقدمة أوراشنا الإصلاحية . وحيث إن الدستور الجديد يضع استقلال القضاء في صلب منظومته٬ فإن الشروط باتت متوافرة لإنجاح هذا الورش الكبير . [4]

عقدت الهيئة العليا، منذ إنشائها، برئاسة وزير العدل والحريات، السيد مصطفى الرميد، سلسلة من الندوات في مختلف مدن البلاد حول جوانب مختلفة من الإصلاح القضائي. افتتح الرميد الندوة الثامنة من مثل هذه الندوات، المكرسة لاستقلال القضاء، والتي عقدت في مدينة أكادير في 11 و 12 يناير/كانون الثاني 2013 [5] . وهناك أعلن أن "ميثاق وطني" بشأن الإصلاح القضائي سيكون جاهزا بحلول مارس/آذار [6] 2013. لم يتم الإعلان عنه إلى حدود وقت طبع هذا التقرير.

من بين الإصلاحات التي ينبغي أن تحظى بالأولوية هي مراجعة قوانين لوضع حد لمحاكمة مدنيين متهمين أمام محاكم عسكرية في زمن السلم. قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان هذه التوصية وغيرها من التوصيات إلى الملك محمد السادس في شهر فبراير/شباط عام 2013، محيلا على كلا من الدستور والتزامات المغرب بموجب المعاهدات الدولية. "رحب" الملك في يوم 2 مارس/آذار بهذه التوصيات.

الممارسات السيئة المستمرة

إن الدفع نحو ضمان محاكمة عادلة للمتهمين يتطلب قطيعة مع الممارسات السائدة. ووثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات دولية ومغربية أخرى لحقوق الإنسان عشرات الحالات في العقد الماضي حيث أدانت المحاكم المغربية مواطنين بسبب إجراءات قضائية جائرة. فمن غير الممكن تحديد عدد "السجناء السياسيين" أو عدد السجناء الذين أدينوا ظلما. فوراء حفنة من الأشخاص الذين هم بوضوح في السجن في انتهاك لحقوق الإنسان لأنهم اتهموا وأدينوا لخطابهم أو نشاطهم السياسي اللاعنفي، هناك مئات من المتهمين الذين أدينوا بجرائم جنائية ظاهريا مثل الاتجار في المخدرات أو مساعدة منظمة إرهابية - لكنهم يدعون بأنهم أبرياء من هذه التهم وأنهم أدينوا على أساس أدلة معيبة. لا يمكننا تقييم عدد مزاعمهم، إن وجدت، التي هي صحيحة.

ويدعي آخرون أنهم حوكموا بتهم جنائية ملفقة للانتقام منهم لأسباب أخرى لها علاقة بالسياسة أو أنشطة احتجاجية. لقياس ويتطلب قياس وتيرة الإدانات غير العادلة دراسة القضايا واحدة تلو الأخرى وأساس الأدلة عن هذه الاتهامات، وهي مهمة خارج نطاق هذا التقرير. ويعرض هذا التقرير مثالا واحدا مقنعا عن التهم التي يبدو أنها ملفقة للانتقام من شخص لكونه انتقد السلطات: زكريا المومني، الذي أدين بالاحتيال على ما يبدو لمعاقبته على الضغط على الملك والقصر الملكي لتأمين عمل حكومي كان يعتقد أنه من حقه.

على الرغم من الحظر المفروض على التعذيب واعتراف المغرب به، فإن التعذيب وإساءة معاملة المشتبه بهم جنائيا لا يزال يمثل مشكلة خطيرة في المغرب. التعذيب وسوء المعاملة في حق المشتبه بهم في الحجز، وتحديدا تحت الاستنطاق لا يزال يمثل مشكلة في المغرب، كما أكده المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب بعد بعثته إلى المغرب في شهر سبتمبر/أيلول 2012 [7] . قابلت هيومن رايتس ووتش العديد من المعتقلين والمعتقلين السابقين على مدى العقد الماضي والذين وصف بمصداقية سوء المعاملة التي تعرضتهم لها قوات الأمن أثناء الاحتجازه، بما في ذلك الضرب، والتهديد، والتكبيل، والحرمان من الطعام والماء، والحرمان من النوم، وغيرها من الوسائل التي تشكل تعذيبا أو سوء معاملة. [8]


إدانات تستند إلى حد كبير على اعترافات مثار خلاف

الصديق كبوري وآخرون

تدور بواعث القلق بشأن المحاكمة العادلة في هذه القضية حول إدانة متهمين استنادا إلى اعترافات كانت مثار خلاف، وتقارير مكتوبة أعدتها الشرطة، دون أن يبذل القضاة جهدا جاد لاستكشاف مزاعم المدعى عليه بسوء المعاملة أو استدعاء الشهود الذين كانوا ذوو صلة بمعالجة أدلة الادعاء.

تتعلق القضية باحتجاجات في بلدة بوعرفة النائية، في الشمال الشرقي من المغرب، في 18 مايو/أيار 2011. دعا الصديق كبوري، وهو ناشط محلي، المواطنين إلى المشاركة في الاحتجاجات. بالموازاة مع مع مواطنين يتظاهرون سلميا، ألقى بعض المتظاهرين الحجارة، مما تسبب في إصابات وأضرار في الممتلكات. لا ينازع أحد هذه الحقائق. ما هو مفقود في ملف القضية هو أي دليل يبين أن كبوري حرض بشكل مباشر على العنف، كما خلصت المحكمة الابتدائية.

أصبحت الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية مثل تلك التي اجتاحت بوعرفة في 18 مايو/أيار 2011، شائعة على نحو متزايد في بلدات ومدن عبر المغرب. غالبا ما تنتهي المسيرات والاعتصامات المفتوحة بتدخل قوي من قبل مؤسسات إنفاذ القانون لتفريق المتظاهرين، وبشكل غير نادر مع إلقاء الحجارة على الشرطة وبعض الأضرار في الممتلكات [9] . بعد بوعرفة، وقعت مثل هذه الاحتجاجات في آسفي الساحلية في أغسطس/آب 2011 [10] ، وتازة في جبال الأطلس في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2012 [11] ، وفي بني بوعياش وإمزورن في الريف في مارس/آذار 2012 [12] . في كل حالة، اعتقلت السلطات، واتهمت، وحصلت على إدانة وسجن متظاهرين لمثل هذه الاتهامات كتنظيم مظاهرات غير مصرح بها، والمشاركة في تجمعات "مسلحة"، وعرقلة حركة المرور في الشارع العام، وعصيان أو إهانة الشرطة، والتسبب في أضرار في الممتلكات.

ينشط الصديق كبوري في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والحزب الاشتراكي الموحد المعارض، ولجان العمل الاجتماعي، بما في ذلك تلك التي تحتج ضد غلاء المعيشة وتدهور الخدمات العامة. كما يرأس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان . كان كبوري أحد الم شاركين في تنظيم حملة مقاطعة طويلة الأمد من قبل سكان بوعرفة لفواتير الماء الخاصة بهم، والتي اعتبروها مرتفعة جدا. غالبا ما يشارك كبوري، وهو ربما الناشط الاجتماعي الأكثر شهرة في بوعرفة، في الحوارات والوساطات بين السلطات المحلية والمجموعات الاحتجاجية، وفقا لعدد من السكان الذين قابلناهم. [13]

طيلة أسبوعين في مايو/أيار 2011، نظم إئتلاف من العاطلين عن العمل اعتصاما في الجانب المقابل لمقر العمالة في بوعرفة. كانوا يطالبون، ولكن دون جدوى، بحوار مع مسؤول كبير. في 18 مايو/أيار، أصبحت العلاقات أكثر توترا بين المتظاهرين والشرطة، الذين صدوا محاولة بعض المتظاهرين الدخول إلى مقر العمالة. أضرم أحد المتظاهرين العاطلين عن العمل النار في نفسه احتجاجا على ذلك. عندما جاء زملائه لمساعدته، تحركت الشرطة لتفريق الاعتصام.

عند هذه اللحظة، كان كبوري في المدرسة في بوعرفة حيث يعمل. عندما سمع خبر إضرام النارفي النفس، ترك المدرسة ومشى في شوارع بمكبر للصوت، وحث المواطنين على مسيرة نحو العمالة للتعبير عن الدعم للمتظاهرين. امتلأت الشوارع بالناس، وقبل فترة طويلة كانت الشرطة تطارد وتشتبك مع الشباب. ووفقا لبيان قدم في وقت لاحق من قبل السلطات لـ هيومن رايتس ووتش (انظر الملحق الأول):

[عندما وصلت الجموع] إلى حوالي 600 شخصا أغلبهم من القاصرين حيث توجهوا لمقر العمالة محاولين اقتحامها، وعند تم منعهم من طرف قوات الأمن قاموا برشق عناصر الأمن وأفراد القوات المساعدة بالحجارة والزجاجات الفارغة مما تسبب في إصابتهم بجروح متفاوتة الخطورة كما قاموا برشق   إدارة مراقبة التراب الوطني بالحجارة وحاولوا اقتحامها مما تسبب في إلحاق خسائر مادية بها كما استهدفوا سيارات رجال الأمن والدرك الملكي وقاموا باقتلاع علامات المرور والتشوير وإشعال النيران بالعجلات المطاطية وقد نتج عن هذه الاعتداءات إصابة 18 موظفا تابعا للمديرية العامة للأمن الوطني و 14 عنصرا تابعا للقوات المساعدة و 6 عناصر تابعة للدرك الملكي .

وقامت الشرطة ببعض الاعتقالات في ذلك اليوم، ولكنها أفرجت عن أولئك الدين اعتقلتم. ومع ذلك، وبعد بضعة أيام، ألقت الشرطة القبض على تسعة شبان، وجهت لهم المحكمة الابتدائية في بوعرفة تهما في 26 مايو/أيار 2011. (أسقطت المحكمة الاتهامات ضد واحدة من التسعة، وهو قاصر).

الصديق كبوري، 11مايو/أيار 2013. كبوري أمضى ثمانية أشهر في السجن، رفقة تسعة رجال آخرين، في ارتباط مع مظاهرة في مدينة بوعرفة.

©2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

حضر كبوري جلسة الشباب في 26 مايو/أيار، وبينما هو هناك نصح أسرهم جول كيفية التعبئة للضغط من أجل إطلاق سراحهم، وفقا لأقارب الشبان المعتقلين [14] . يحتوي ملف القضية تقريرا من قبل ضابط شرطة يفيد بأن كبوري كان في المحكمة يوم 26 مايو/أيار، و "حرض" الأسر على الاحتجاج ضد احتجاز أبنائها.

اعتقلت الشرطة كبوري لدى خروجه من قاعة المحكمة. اعتقلوا نقابيا آخر، هو محجوب شنو، في مكان آخر في بوعرفة ذلك اليوم. وأضافت النيابة العامة كبوري وشنو، وكلاهما في الأربعينات من عمرهما، إلى نفس نفس الشباب، متهما إياهم في البداية بنفس الجرائم المتصلة بالعنف الذي وقع في 18 مايو/أيار.

ويبدو من ملف القضية أن الأدلة الرئيسية المستخدمة من قبل المحكمة لإدانة المتهمين تتكون من تصريحات يزعم أن الشباب أدلوا بها أثناء احتجازهم لدى الشرطة، وتقرير مكتوب قدم من قبل وكيل الشرطة واصفا أحداث 18 مايو .


بينما هم محتجزون لدى الشرطة، وقع كل الشباب المتهمين رفقة كبوري على تصريحات أعدت من قبل الشرطة، حيث يقولون إنهم سمعوا كبوري يحث المواطنين في الشوارع على مسيرة في اتجاه مقرات الحكومة، وصرح خمسة من هؤلاء أيضا أن كبوري أعلن أن الرجل الذي قام بإضرام النار في نفسه قد مات. (في الواقع، نجا الرجل مع إصابات لم تكن خطيرة). ومع ذلك، لم تورط أي من تصريحات كبوري في ارتكاب حث على أعمال عنف.

في 16 يونيو/حزيران 2011، أدانت محكمة فجيج الابتدائية في بوعرفة جميع الرجال العشرة. [15] وجدت أن ثمانية رجال أصغر سنا مذنبين بالعنف ضد موظفين عموميين، وتدمير ممتلكات خاصة وعامة، وحيازة أسلحة، وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم، والمشاركة في تجمع عمومي غير مصرح به، وعصيان القوات العمومية. الرجال الثمانية الصغار هم محمد نبكاوي، وجمال عتي، وعبد الصمد كربوب، وياسين بليط، وعبد العالي كديدة ، وعبد القادر قازة، عبد العزيز بوضبية ، وإبراهيم مقدمي.

كما أدانت المحكمة كبوري وشنو للمشاركة في تجمع عمومي غير مصرح به، وعصيان قوات الأمن، وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بعملهم – أي نفس التهم الموجهة للمتهمين الصغار، باستثناء التهم التي تنطوي على العنف، والأسلحة، والإضرار بالممتلكات. حكمت المحكمة كل العشرة بدفع غرامات وأحكام بالسجن تتراوح ما بين 30 و 36 شهرا. كان الحكم بالنسبة لـ كبوري وشنو هو 30 شهرا.

في 26 يوليو/تموز 2011، أيدت محكمة الاستئناف في وجدة كل الأحكام ولكنها أسقطت تهمة إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بعملهم. وخفضت الأحكام الأصلية بالنسبة لـ كبوري وشنو إلى سنتين، وإلى ما بين 16 و 18 شهرا بالنسبة للشباب. [16]

الذين تظاهروا في ذلك اليوم في الشوارع قاموا بذلك دون إخطار السلطات أولا، كما يمكن أن يشترطه القانون بشأن التجمعات العامة. ومع ذلك، أوضح لنا أكثر من شخص في بوعرفة أن إخطار السلطات المحلية في وقت مبكر بدون جدوى بما أنها لن تسمح بذلك. وعلاوة على ذلك، لم يكن مخططا لهذه المظاهرة في وقت مبكر ولكن، بدلا من ذلك، اندلعت استجابة لأحداث ذلك اليوم.

كتبت محكمة الدرجة الأولى في حكمها أن كبوري وشنو حرضوا الشباب على مقاومة الشرطة واقتحام مقر العمالة. وكتب الحكومة لـ هيومن رايتس ووتش:

ومن خلال المعطيات المذكورة يتبين أن المحكمة استندت في الحكم الصادر عنها إلى القناعة التي توفرت لديها بخصوص حالة التلبس وخطورة الأفعال المرتكبة والمتمثلة في أحداث الشغب ومواجهة المتهمين لقوات الأمن بالحجارة والزجاجات الفارغة بتحريض من الصديق كبوري والمحجوب شنو، حيث استعمل المذكور أولا جهاز مكبر الصوت مما أدى إلى تجمع أكثر من 600 شخص أغلبهم من القاصرين توجهوا نحو مقر العمالة وتصدت لهم قوات الأمن مما أدى إلى إلحاق خسائر مادية بالسيارات وتخريب ممتلكات الدولة وإصابة العديد من رجال القوة العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، الأفعال التي اعترفوا بها سواء أمام الضابطة القضائية أو أمام السيد وكيل الملك، وأن تراجعهم عن هذه الاعترافات أمام المحكمة لم يكن معززا بأي دليل مادي . [17]

في 4 فبراير/شباط 2012، أصدر الملك محمد السادس عفوا والذي شمل المتهمين العشرة في هذه القضية. في حين أن الرجال هم الآن خارج السجن، فإن هذا لا يغير من ظلم الإجراءات التي كلفتهم ثمانية أشهر في السجن. [18]

نفى المدعى عليهم الشباب، في أول مثول لهم أمام وكيل الملك في 26 مايو/أيار 2011، التصريحات التي نسبت إليهم من قبل الشرطة. جاء في حكم المحكمة المكتوب أن المتهمين الثمانية قالوا إنهم رأوا أشخاصا يلقون الحجارة ولكنهم نفوا أن يكونوا قد شاركوا في أي عمل من أعمال العنف. خلافا لتصريحات الشرطة، نفى بعضهم أيضا أن يكون كبوري قد حرضهم على المشاركة، وفقا لمحامي الدفاع عبد الواحد بنعيسى. [19] ونفى بعض حتى أن يكون قد شارك في الاحتجاجات على الإطلاق. [20] وقال بنعيسى وكبوري لـ هيومن رايتس ووتش [21] إن بعضهم قال لوكيل الملك إن الشرطة قد صفعوهم وهددوهم للتوقيع على تصريحاتهم. ومع ذلك، لا تظهر هذه المزاعم بكونهم صفعوا وهددوا في المحضر الرسمي لتلك الجلسة أو في جزء من حكم المحكمة الذي يلخص جلسة الاستماع أمام وكيل الملك. [22]

وفقا لمحامي الدفاع بنعيسى، فإن وكيل الملك لم يحقق فيما إذا كان المتهمون قد تم في الواقع إساءة معاملتهم. وقال بنعيسى في وقت لاحق إنه لم يطلب إجراء فحص طبي للمتهمين لأنه لم يرى أي علامات جسدية بسبب سوء معاملتهم؛ وهذا الغياب يمكن أن يكون متسقا مع كون سوء المعاملة اقتصرت على الصفعات والتهديدات. [23]

في المحاكمة، قال ستة من الشباب للقاضي إن الشرطة صفعهم أو هددتهم لإجبار على التوقيع، وفق ما جاء في الحكم المكتوب. وذكر بعضهم أنهم لم يقرأوا حتى تصريحاتهم قبل التوقيع. سمح القاضي للمتهمين بتقديم هذه الادعاءات أثناء مثولهم، ولكنه لم يستجب لهم وأظهر في حكمه المكتوب أنه اعتبر اعترافاتهم صحيحة وأن نفيهم لا يمكن تصديقه.

نفى كبوري في المحاكمة أن يكون قد حرض أو ارتكب أعمال عنف. ونفى أيضا أن تكون مناشدته للمواطنين قد تضكنت إعلانه أن شابا قد مات بعد أن أضرم النار في نفسه. وذكر أن أنشطته في ذلك اليوم كانت محدودة في نشاطه السلمي المعتاد بوصفه عضوا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

تختلف تصريحات كبوري في المحاكمة عن تصريحاته للشرطة المجودة في ملف القضية. وقال إنها تختلف أيضا عن محاضر الشرطة التي قرأها ووقع عليها:

بعد انتهاء الشرطة من من استنطاقي، قدموا لي محضرا مكتوبا. راجعته، ووجدته صحيحا، فوقعت عليه. في المحاكمة، صدمت لتجد عندما وجدت أن محضري قد تم تعديله ليحتوي على أشياء لم أقلها أبدا. لقد قلت ذلك للمحكمة. [24]

وكمثال على ذلك، يعترف كبوري، في تصريحاته للشرطة التي قدمت للمحكمة، بأنه أعلن وفاة الشباب الذين أضرموا النار في أنفسهم، وهذا خبر زائف ويفترض أنه يمكن أن يثير غضبا شعبيا. قال كبوري للمحكمة إنه لم يعلن ذلك في يوم 18 مايو/أيار، ولم يعترف للشرطة بأنه قد فعل ذلك.

يتضمن ملف القضية فيديو يظهر كبوري في الشوارع في ذلك اليوم، وهو يتحدث إلى مواطنيه. في مقاطع الفيديو التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، والتي نشرت على موقع يوتيوب من قبل أشخاص مجهولين، لا يحرض كبوري الآخرين على العنف. ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه المقاطع هي نفسها تلك الموجودة في ملف القضية.

بالإضافة إلى محاضر المتهمين، الأدلة الأخرى التي تتهم كبوري هي تقارير أعدت من قبل ضابط شرطة تفيد أنه سمع كبوري يحث المواطنين ليس فقط للانضمام الى المسيرة ولكن أيضا لإقتحام مقر العمالة. ليست في ملق القضية أي أدلة أخرى تدعم هذا الادعاء الثاني من قبل الضابط. قدم الادعاء أيضا سكاكين ومقاليع كأدلة يزعم أنها ضبطت في ارتباط باضطرابات 18 مايو/أيار، ولكنها لم تثبت أي صلة بين هذه الأدلة المادية والمتهمين، وفقا لمحامي المتهمين عبد الواحد بنعيسى وعمر بنعلي. [25]

يحتوي ملف القضية على محضر مكتوب وقعه ضابط شرطة الذي أورد فيه أسماء المتهمين الصغار ويقول إنهم "شوهدوا" وهم يلقون بالحجارة على الشرطة. ومع ذلك، فإن المحضر لا يحدد من الذي شاهدهم أو كيف حدد شهود الشرطة هوية راشقي الحجارة.

وقال المحامون لـ هيومن رايتس ووتش أى لا شيء يربط هؤلاء المتهمين بأعمال العنف التي وقعت في ذلك اليوم ما عدا تصريحات المتهمين المكتوبة للشرطة، والتي أنكروها، وهذا المحضر الذي أعده ضابط شرطة.

طلب الدفاع من المحكمة استدعاء ضباط الشرطة للإجابة عن أسئلة حول ما رأوه، وكيف تعرفوا على هؤلاء المتهمين بين كل ألئك الذي كانوا يرشقون بالحجارة بعد ظهر ذلك اليوم. رفض القضاة المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف هذا الطلب، ولكنهم لم يقدموا تبريرا آخر لهذا الرفض في الأحكام المكتوبة غير القول إن المحكمة تتوفر بالفعل على كل العناصر اللازمة للحكم في المسألة.

وقال المحامي بنعلي لـ هيومن رايتس ووتش إن الدفاع طلب أيضا من محكمة الاستئناف استدعاء الشهود الذين سيشهدون على ما يبدو على أن كبوري حاول كبح جماح المتظاهرين بدلا من تحريضهم على العنف [26] . كما رفضت محكمة الاستئناف أيضا هذا الطلب. على نهج لغة الفصل 290 من قانون المسطرة الجنائية، كتبت، في تأييد الإدانات، "وحيث إن الاعتراف المدون بمحاضر الضابطة القضائية المنجزة على شكل سليم ي و ثق بمضمونها إلى أن يثبت ما يخالف ذلك". [27]

أمام اعترافات ونفي تلك الاعترافات، فإنه كان بإمكان المحكمة أن تستدعي الشهود الذين طالب بهم المتهمون والذين بدت شهادتهم ذات الصلة لتحديد صحة اعترافاتهم. بدلا من ذلك، فإن المحكمة عاملت المحاضر المكتوبة المعدة من قبل الشرطة على أنها يفترض أن تكون ذات ثقة، ورفضت استدعاء الشهود الذين طالب بهم الدفاع وأدانت جميع المتهمين على أساس "اعترافاتهم" وتقارير الشرطة الموجودة في الملف.

بطل الملاكم زكريا المومني المسجون بتهمة الاحتيال

تشير الأدلة في هذه القضية إلى أنه بعد أن اشتكى علنا من سلطات الدولة، قبض على زكريا المومني، وهو بطل ملاكمة، وحوكم وأدين بالاحتيال في غضون ثلاثة أيام. لم يكن المومني ناشطا سياسيا أو اجتماعيا بل شخصا قام بحملة علنية ​من  أجل قضيته الشخصية، والتي كانت هي جعل القصر الملكي يمنحه منصبا حكوميا يعبره من حقه بموجب القانون.

الأدلة المستخدمة لإدانة المومني تتكون من اعترافاته للشرطة، وهو ما أكد أنه تم الحصول عليها عبر التعذيب بعد اعتقال غير قانوني واعتقال في مكان سري، وتصريحات مكتوبة مقدمة من قبل إثنين من الرجال الذين زعموا أن المومني احتال عليهم وهرب بأموالهم بعد وعد بإيجاد وظائف لهم في أوروبا.

الانتهاكات الرئيسية لحق المومني في محاكمة عادلة تتعلق بقبول المحكمة اعتراف المومني المطعون فيه كدليل، وتصريحات المشتكيين المكتوبة، على الرغم من أنهما لم يمثلا أمام المحكمة للإدلاء بشهادتهما إلى غاية المحاكمة الثالثة في القضية.

استمرت القضية بسرعة غير مألوفة: وضعت الشرطة المومني رهن الحراسة النظرية في يوم إثنين، وفي صباح يوم خميس حصلوا على اعتراف وإعلان موقع منه يتنازل فيه عن حقه في الاستعانة بمحام، وبحلول بعد ظهر ذلك اليوم، كانت محاكمته قد جرت في غياب محام، أو شهود، أو أقارب، أو معارف.

ولأن التهم الموجهة إلى المومني اعتبرت جرائم بسيطة التي تحمل عقوبة سجن لمدة أقصاها خمس سنوات أو أقل، فإنه تم تطبيق افتراض الصدق في تصريحاته للشرطة بموجب الفصل 290 من قانون المسطرة الجنائية في قضيته.

عندما ادعى المومني أنه تم الحصول على اعترافه عبر التعذيب، فإن المحكمة لم تحقق في مزاعم تعرضه للتعذيب. في رواية المومني لـ هيومن رايتس ووتش عن تجربته، قال إنه أثار ادعاءه التعذيب في كل فرصة أمام المحكمة، محاولا في كل وقت إظهار آثاره على جسده للمحكمة، دون أن يتلقى في أي وقت فحصا طبيا أو أي نوع من التحقيق القضائي.

وعلاوة على ذلك، فإن المحكمة لم تعط المومني فرصة الطعن على نحو كاف في تصريحات المشتكيين المكتوبة والتي تجرمه. في محاكمته الأولى والثانية من محاكمات المومني الثلاث، اقتنعت المحكمة نفسها بتصريحات المشتكيين المكتوبة دون طلب مثولهما أمام المحكمة. فقط في محاكمة المومني الثانية استئنافيا، وبعد أن أمضى 15 شهرا خلف القضبان وألغت محكمة النقض الحكم الاستئنافي الأول، طلبت المحكمة مثول المشتكيين شخصيا والإجابة عن الأسئلة.

وثمة عامل آخر يؤجج الشكوك حول طريقة التعامل مع محاكمة المومني وهو السرعة غير المألوف التي سارت بها القضية، كما أشير إليه أعلاه: ثلاثة أيام فقط بين إلقاء القبض علية وانتهاء المحاكمة. مثل هذه السرعة غير عادية للغاية ما عدا، ربما، في الحالات التي يصرح المدعى عليه بأنه مذنب منذ البداية ولا يتحدى لا التهم ولا الإجراءات. [28]

خلفية القضية

فاز زكريا المومني بطولة العالم في " لايت كونتاكت " في عام 1999. ومنذ ذلك الحين، اتصل مرارا وتكرارا بالسلطات المغربية، بما في ذلك القصر، للمطالبة بوظيفة في وزارة الشبيبة والرياضة والتي يعتقد أنها من حقه كمغربي حائز على لقب عالمي، بموجب ظهير ملكي رقم 1194 - 1166 بتاريخ 9 مارس/آذار 1967، ومذكرة في وقت لاحق بشأن تطبيقه. وقالت زوجة المومني، تالين المومني، لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولا رفيع المستوى في الديوان الملكي استقبله المومني في عام 2006، ولكن في النهاية رفض طلبه للحصول على وظيفة. ومنذ ذلك الحين، كما قالت، قام المومني بمختلف الجهود لإعادة الاتصال بالقصر، بما في ذلك الاقتراب من إقامة محمد السادس في بيتز، فرنسا، في 25 يناير/كانون الثاني 2010، عندما علم أن الملك كان في زيارة. طلب أن يتم استقباله لكن الحراس أبعدوه. [29]

بث المومني كثيرا تظلمه على وسائل الإعلام المغربية والدولية. على سبيل المثال، أظهرت قناة الجزيرة الفضائية في عام 2006 المومني منتقدا وزارة الشبيبة والرياضة والجامعة الملكية " لايت كونتاكت " من أجل الحيلولة دون وصوله إلى وظيفة مدفوعة الأجر. [30] روى مقال على الموقع الإخباري الفرنسي Bakchich.info بتاريخ 29 يونيو/حزيران 2010، جهود المومني غير المثمرة في الاتصال بالقصر. [31] وفصلت صحيفة الأيام الأسبوعية المغربية مظالم المومني في عدد 8 يوليو/تموز 2010، بما في ذلك رفض القصر حسب زعمه. [32]

ملف قضية زكرياء المومني

يتضمن شكاية مكتوبة قدمت إلى المدعي في الرباط، التي وقعها إدريس السعدي ومصطفى واشكاط، اللذين قالا إنهما يقيمان في مدينة الراشيدية. جاء في شكايتهما أنه في 22 يناير/كانون الثاني 2010، التقيا في مقهى في الرباط مع المومني، الذي أخذ 14000 درهم (680 دولار أمريكي) من كل واحد منهما مقابل الحصول على وظائف لهما في أوروبا. وقالا إنه بعد أن أعطاياه أموالهما، وأصبح المومني خارج التغطية. تصعب قراءة تاريخ الشكاية ولكن يبدو أنه يوم 26 - يوما بعد أن سعى المومني إلى استقباله من طرف الملك ومحيطه في فرنسا.

زكريا المومني، 4 فبراير/شباط 2012، يتصل بزوجته بعد دقائق من خروجه من سجن سلا. نال عفواً بعد أن قضى عاماً ونصف بناء على اتهامات مشكوك في صحتها بارتكاب أعمال تزوير.

©2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

وقال المومني لـ هيومن رايتس ووتش في 12 فبراير/شباط 2010، إن الشرطة أوقفته في مطار الدار البيضاء عند دخوله المغرب، وقالوا له إن هناك أمرا بالبحث عه في ارتباط بمسه بـ "المقدسات"، وهو مصطلح يستخدم في كثير من الأحيان للإشارة إلى النظام الملكي وشخص الملك. أطلقوا سراحه بعد استجواب وجيز، ولكنهم أوقفوه لفترة وجيزة لاستجوابه مرة أخرى عندما غادر البلاد ثلاثة أيام بعد ذلك. وقال إنهم قالوا بأنهم سيحاولون طي المسألة ولكن ليست هناك ضمانات. ووفقا للمومني، فإن الشرطة لم تسأله عن شكاية بالاحتيال التي وضعت ضده شهرا قبل ذلك، وفقا لملف القضية، وظل على عدم معرفة بها إلى غاية محاكمته بعد مرور سبعة أشهر. لم يسمع المومني أي شيء أكثر إلى غاية 27 سبتمبر/أيلول 2010، عندما اعتقلته الشرطة في مطار الرباط لدى وصوله من باريس.

من الاعتقال إلى انتهاء المحاكمة

وصف المومني الأحداث بدءا من اعتقاله وانتهاء بمحاكمته 72 ساعة بالكاد بعد ذلك:

وصلت على متن رحلة من باريس إلى مطار الرباط. عندما وصلت إلى مراقبة جوازات السفر، أخذ شرطي جواز سفري وقال: "اتبعني". تبعته إلى مكتب شرطة في المطار، حيث كان هناك رجال شرطة آخرين يرتدون الزي الرسمي. سألت لماذا أنا هناك. نظر رجل شرطة إلى جهاز الكمبيوتر الخاص به، وقال: "المس بالمقدسات". نظرت إلى الشاشة ورأيت نفس الكلمات. اتصلت عبر الهاتف المحمول بأقاربي الذين كانوا بانتظاري في المطار لأقول لهم إنني في الداخل مع الشرطة وربما أخرج قريبا.
ثم جاء بعض الرجال في زي مدني. أخذوا هاتفي المحمولين، وأوقفوا تشغيلهما، فتشوني وفتشوا حقائبي اليدوية، وقيدوا يدي إلى وراء ظهري. أخذوني إلى سيارة لا تحمل علامات متوقفة على مدرج المطار - ليس في موقف السيارات ولكن على جانب المعبر حيث توجد المدرجات. وضعوني في الوسط في المقعد الخلفي. كان هناك سائق، ورجل يجلس إلى جواره في الأمام، ورجل على كل من جانبي في الخلف. وضعوا عصابة علي وطلبوا مني أن أضع وجهي إلى الأسفل. ثم وضعوا سترة فوق رأسي وقالوا لي إن لم أتحرك فكل شيء سيكون على ما يرام.
سافرنا لمدة 45 دقيقة. سمعت أبواب حديد تفتح. بعد ذلك سارت السيارة ثم وقفها . أخرجوني، وصفعوني، ولكموني، وأهانوني. فتحوا قيود يادي، وأزالوا قميصي، وأعادوا تقيد يدي إلى الوراء. ثم نزعوا سروالي وملابسي الداخلية. كنت عاريا تماما، ولا أزال معصوب العينين. قيدوا قدمي ثم بدأوا بالمشي بي إلى الأمام، وهم يصرخون في وجهي لأخفض رأسي، ثم لأرفعه، ولأخفضه، ولأرفعه، بينما أمشي. سمعت بابا يفتح. جعلوني أجلس.
كان هناك أكثر من رجل واحد في الغرفة. وقال واحد منهم: "حسنا، احك لنا حياتك". بدأت لأروي لهم قصتي. عندما وصلت إلى الجزء عن لقاء مع مستشار الملك، منير الماجدي، انقضوا علي ولكموني. وضعوا قضيبا حديديا تحت قدمي وشدوا أصفاد الساق حول كاحلي، تأرجحت ساقاي في الهواء، وضربوا قدمي، وداسوا على صدري، الذي كان حينها على الأرض. ظلوا يهينوني ويضحكون. استخدموا قضيبا حديديا لضربي على السيقان، قائلين "أنت ملاكم، سنكسر ساقيه" [33] . وقالوا: "هذا المكان هو مسلخ الرجال. سنجعلك لحما مفروما وسوف تخرج من هذا المكان في علب، و لا أحد سيعرف أي شيء".
بعد هذا، طلبوا مني أن أحكي قصتي مرة أخرى. عندما وصلت إلى الجزء حول الماجدي، بدأوا بضربي مرة أخرى. وفي لحظة، جذبوا ساقي إلى فوق قضيب، وضعوني رأسا على عقب ولفوا بي. إنهم يسمونها "المروحية". استخدمون الصدمات الكهربائية على صدري وقدمي. كنت ما زلت معصوب العينين بحيث لم أستطع أن أرها قادمة؛ بشكل مفاجئ، شعرت بهزة. في لحظة أخرى، علقوني من ذراعي بحيث كانت ركبتاي على الأرض.
واستمر هذا على نحو متقطع لمدة ثلاثة أيام. لم يسمحوا لي بالنوم. كنت عاريا طوال الوقت. إن انزلقت  من مقعدي، سكبوا الماء علي وأسندوني مرة أخرى. في لحظة ما، قيدوا معصمي إلى كرسي لكي لا أسقط أرضا. عمل الرجال في مناوبات، ويدعو كل واحد الآخر بـ "الحاج". طلبت مهاتفة عائلتي، لكنهم ضحكوا فقط. كانوا يضحكون طوال الوقت. لم يعطوني أي طعام، أعطوني الماء فقط.

وقال المومني إن الشرطة لم تخبره في أي وقت من الأوقات بالجرائم التي يشتبه في أنه ارتكبها. وقال إنهم لم يحاولوا حمله على الاعتراف بأي شيء أو سألوه عن عملية الاحتيال المزعومة التي أدين في نهاية المطاف بها. وقال إنهم أمروه فقط بأن يروي قصته مرارا وتكرارا.

على عكس ما تزعمه الحكومة (انظر أدناه)، وعلى عكس ما يتطلبه القانون المغربي، قال كل من المومني وزوجته، تالين المومني، لـ هيومن رايتس ووتش إن أحدا لم يبلغهما أو يبلغ أي قريب آخر بأن المومني قد أخذ إلى الحجز. [34] وقال المومني إنه أعلم أسرته لأول مرة عن وضعه في مساء يوم 30 سبتمبر/أيلول، فقط بعد وصوله إلى سجن سلا، بعد محاكمته.

بينما لم تحقق هيومن رايتس ووتش في العديد من الحالات التي تعني متهمين في المغرب والذين، مثل المومني، واجهوا اتهامات الحق العام، فقد وجدت أن هناك نمط لدى السلطات في التقصير في إبلاغ الأسرة عندما يعتقل رجال الشرطة يرتدون زيا مدنيا مشتبها بهم يجري التحقيق معهم حول ارتباطات بالإرهاب. عادة ما يعلم أفراد الأسرة بمكان وجود قريبهم فقط بعدا يكون قد وقع على محضر وتم عرضه على النيابة العامة أو قاضي التحقيق. [35]

ويعتقد المومني أن المكان حيث احتجز هو معتقل سري في تمارة، خارج الرباط. تنفي السلطات وجود أي منشأة للاستجواب في هذا المكان، والذي هو مقر للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهي وكالة استخبارات. ومع ذلك، عشرات من المشتبه بتورطهم في الإرهاب يؤكدون أنهم أخذوا إلى هناك في السنوات التي أعقبت التفجيرات الانتحارية في مايو/أيار 2003، في الدار البيضاء. وقد تم توثيق قضاياهم والاستخدام المكثف لمنشأة الاعتقال السري في تمارة من قبل منظمات حقوق الإنسان. [36]

ليس لدى المومني أي دليل على أنه نقل الى تمارة. كان معصوب العينين أثناء نقله ولم يسمع أي شخص يذكر اسم المنشأة؛ لم تظهر "تمارة" في أي مكان في ملف قضيته. يقدم المومني أدلة ظرفية فقط: إنه يقدر أن السياقة من المطار إلى مكان الاحتجاز استغرقت 45 دقيقة، وهو الوقت وهو وقت يتفق مع مدة الرحلة من مطار الرباط - سلا إلى تمارة. وبالإضافة إلى ذلك، قال إنه سمع أحد المحققين يقول لزميله إنه وصل متأخرا إلى مناوبته لأن سيارته تعطلت، مما اضطره إلى تركها في أسواق السلام (سوق ممتاز كبير في المنطقة المجاورة) ومشى 20 دقيقة. وقال إنه سمع الرجل نفسه يقول إنه سيعود إلى المنزل على متن الحافلة 58، وهو الخط الذي يربط بين تمارة والرباط.

وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه في صباح يوم 30 سبتمبر/أيلول، إن الشرطة أعطوه ملابسه، وصعدوا به مجموعة من السلالم المعدنية، ووضعوه في سيارة. اقتادوه إلى مركز الشرطة في الدائرة الثانية في الرباط، حيث أزالوا العصابة عن عينيه، وحولوا أصفاد يديه من الوراء إلى الأمام. وجد نفسه في غرفة مع 13 رجلا، معظمهم في زي مدني. قالوا له إنه عليه أن يوقع بعض الوثائق لكي يستعيد متعلقاته الشخصية.

وضعوا الوثائق أمامي، لكنهم كانوا يغطون الجزء العلوي من الصفحة. قلت إني أريد أن أقرأ ما أوقع عليه. قالوا: "فقط وقع هنا، وستستعيد أغراضك الخاصة وتكون حرا في الذهاب". عندما أصريت على قراءته، وضعوا العصابة مرة أخرى، وداسوا على قدمي، وهددوا بإعادتي إلى حيث كنت للتو. كنت لا أزال مصفد اليدين. في تلك اللحظة، وقعت على أشياء كثيرة دون أن أعرف ما هي.

قال المومني إنه وجد، فقط في وقت لاحق، في ملف قضيته اعترافه للشرطة وتصريح بتنازله عن حقه في الاستعانة بمحام، وقعه عليهما كليهما ومؤرخين في 30 سبتمبر/أيلول.

بعد أن وقعت، وضعوني في عربة شرطة وقادوني إلى محكمة في الرباط. أزالوا العصابة عن عيني مرة أخرى ولكنهم أبقوا على الأصفاد. في المحكمة، وضعوني في مكتب صغير في الطابق السفلي. في الداخل، كان هناك رجل يجلس على مكتب، واثنين من رجال الشرطة، وشخص يدون ملاحظات. لم يعرف الرجل الذي يجلس وراء مكتب بنفسه أو طلب هويتي. لم أكن أعرف حتى أنه وكيل الملك [37] . وذكر اسمين [اسمي المشتكيين] وسألني سؤالا واحدا: هل أعرف هذين الشخصين؟ أجبت لا. ثم انحنيت إلى أسفل، مع أصفاد لا تزال في يداي ورفعت معصمي سروال الجينز، وأريته ساقي. كانت هناك دماء عليهما وعلى على السروال. قلت: "أنظر ما فعلوه بي". فأجاب: "لا أريد أن أرى ذلك. خذوه إلى الطابق العلوي". قال لي الرجل أن أوقع على ورقة كتبها الموظف. وأوضح: "إنها تقول فقط إنك قلت أنك لا تعرف الرجلين". وقعت دون قراءة. دامت الجلسة كلها دقيقتين.
بعد ذلك رافقوني من الطابق العلوي إلى الطابق الأرضي، حيث وجدت نفسي في قاعة محكمة كبيرة. جاء وكيل الملك أيضا، ووقف في جانب من الغرفة. لم يكن في الغرفة أي أحد غير القاضي ووكيل الملك، والشرطة، وأنا في الغرفة: لا محامين، ولا مشتكين، ولا متهمين آخرين، ولا جمهور. ابتدأ القاضي مباشرة، ولم يطلب مني بياناتي الشخصية؛ سألني فقط إن كنت أعرف المشتكيين. [38]
وقفت وقلت: "كل ما أعرفه هو أنني وصلت يوم 27، وأنا لا أعرف حتى ما هو اليوم". رفعت كفة سروالي وقلت إنني تعرضت للتعذيب والصعق ببالكهرباء. قاطعني القاضي وقال: "خذوه بعيدا".

لا تشير محضر جلسة الاستماع أمام وكيل الملك ولا حكم المحكمة الابتدائية المكتوب إلى أن المومني تحدث في أي من المرحلتين عن تعرضه للتعذيب. ولم يحضر أي من المشتكيين خلال محاكمة 30 سبتمبر/أيلول، على الرغم من أن ملف القضية يتضمن تصريحات مكتوبة مؤرخة في اليوم السابق، والتي وقعها المحامي عبد الصمد راجي الصنهاجي، مؤكدا شكايتهما الأصلية ضد المومني.

يتذكر المومني أنه بعد محاكمته السريعة:

رافقتني الشرطة خارج قاعة المحكمة وإلى زنزانة حيث، ولأول مرة، وجدت نفسي مع معتقلين آخرين. انتظرت 15 دقيقة أخرى، ووضعوني في عربة الشرطة. سألت أين نحن ذاهبون الآن، فأجابوا، "إلى سجن سلا". عندما وصلت إلى السجن، استطعت استعارة هاتف وتحدثت إلى زوجتي للمرة الأولى منذ اعتقالي.
في صباح اليوم الموالي رأيت محاميا للمرة الأولى. [المحامي] عبد الرحيم الجامعي جاء إلى السجن. طلب مني أن أروي له ما حدث. لم يطلع بعد على الملف. رويت له ما ممرت منه، ولكن كنت ما زلت لا أعرف ما هي القضية.

قال الجامعي لـ هيومن رايتس ووتش في وقت لاحق إنه لاحظ، خلال هذه الزيارة، جروحا وكدمات على أحد ساقي المومني. [39] وقال أيضا إن المومني شكا له من ألم في ذراعيه نتيجة تكبيل يديه لأغلب الأوقات خلال ثلاثة أيام.

في 4 أكتوبر/تشرين الأول، وجدت المحكمة المومني مذنبا بالاحتيال وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات. يستشهد الحكم المكتوب باعتراف المومني باعتبارها الدليل الرئيسي ضده، ويضيف "حيث أن ما ورد في محضر الضابطة القضائية يعد جديرا بالثقة ويمكن تفنيده فقط من خلال إثبات عكس ذلك، وفقا للفصل 290 من قانون المسطرة الجنائية، وهذا ما لم يستطع المدعى عليه القيام به. [40]

قال المومني إنه علم بالحكم فقط في وقت لاحق؛ ولا أحد استدعاه لحضور النطق به.

قدم المحامي الجامعي طلبا باستئناف الحكم في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2010. قدم أيضا ملتمسا إلى المحكمة لاستدعاء المشتكيين وكلف عونا قضائيا بتسليم الاستدعاء للمشتكيين. بحث العون القضائي عن أحد المشتكيين وكتب تقريرا جاء فيه أن صاحب الشكوى لم يتم العثور عليه في العنوان الذي أعطاه. وقال الجامعي إن محكمة الاستئناف أجلت المحاكمة مرتين لأن المشتكيين لم يمثلا. [41]

من منطلق الشك في تصريحات المشتكيين، طلب الجامعي أيضا من المحكمة استدعاء ضابط الشرطة الذي قيل إنه أخذ تصريحاتهما بتاريخ 29 سبتمبر/أيلول 2010، والتي كانت في ملف القضية.

في نهاية المطاف فصلت محكمة الاستئناف في القضية في جلسة واحدة في 13 يناير/كانون الثاني 2011، رئاسة القاضي الهاشمي السليماني. لم يستدع القاضي السليماني المشتكيين أو ضابط الشرطة الذي تلقى شكايتهما. كما هو الحال في المحاكمة ابتدائيا، لم يحضر المحامي الذي يمثل المشتكيين. ولم يتضح بعد سبب عدم حضور المشتكيين، اللذين يفترض أن يطالبا باستعادة الأموال التي يفترض أن المومني قد احتال عليهما بخصوصها، لعرض قضيتهما ضده. ومع ذلك، تحدث المومني هذه المرة، رفقة محاميه الحاضر، مطولا عن تعرضه للتعذيب وأظهر للمحكمة ندوبا على ساقيه.

وأشار حكم محكمة الاستئناف المكتوب إلى تصريحات المومني في المحكمة بأنه لم يكن يعرف متهميه، ولم يأخذ أي أموال منهما، وأنه تعرض للتعذيب في الحجز. ويسجل أيضا أن الدفاع طلب من مثول ضابط الشرطة كشاهد. ولكنها مع ذلك أكدت من جديد الإدانة، مستندة في حكمها على اعتراف المومني للشرطة، والذي اعتبرته ذا مصداقية. ومع ذلك، خفضت عقوبة المومني إلى عامين ونصف. [42]

استأنف المومني إلى المحكمة العليا لإلغاء الحكم. في 29 يونيو/حزيران 2011، أحالت المحكمة القضية على محكمة الاستئناف لإعادة المحاكمة. انتقدت المحكمة العليا، التي حكمت بصفتها محكمة النقض، المحكمة لفشلها، دون إبداء الأسباب، استدعاء ضابط الشرطة الذي أخذ تصريحات المشتكيين، و لفشلها في الاستجابة لطلب الدفاع باستدعاء محامي المشتكيين إلى المحكمة. [43]

تم تأجيل المحاكمة الثالثة، المقرر أن تبدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2011، في حين سعت المحكمة إلى مثول المشتكيين. في 15 ديسمبر/كانون الأول 2011، جرت المحاكمة أمام محكمة الاستئناف بالرباط، ومثل متهمو المومني في المحكمة للمرة الأولى. أعاد المشتكيان موضوع شكايتهما المكتوبة. وذكر المومني مرة أخرى أنه بريئ من التهم، وأنه لم يسمع ولا التقى متهميه في حياته.

لاحظ الدفاع عدة تناقضات ومفارقات في شهادة المشتكيين. أولا، اختاروا الادلاء بشهادتهه كشاهدين وليس كمشتكيين، وهو ما يعني أنهما لا يسعيان إلى استرجاع المال الذي زعما أنه نصب عليهم فيه. هذا يبدو غريبا نظرا لأنهما قدما نفسيها على أنهما رجلين يائسين من العثور على عمل، وفي هذه الحالة فالمال الذي كانا قد خسراه من شأنه أن يمثل مبلغا كبيرا بالنسبة لهما.

ثانيا، أشارا في شكايتهما الأصلية المكتوبة وشهادتهما أمام المحكمة إلى الرجل الذي عرف نفسه باسم "سلطان" والذي قدمهما لـ المومني وزعما أنه متواطئ في عملية الاحتيال. يذكر تقرير الشرطة بشأن هذه القضية، بتاريخ 2 فبراير/شباط 2010، "سلطان" كشريك. التمس محامي المومني من المحكمة تحديد واستدعاء المزعوم أنه شريك المومني في الجريمة. ولكن المحكمة لم تقم بذلك في أي وقت من الأوقات أثناء سير الدعوى. برر ممثل النيابة العامة غياب سلطان بالقول إن كل ما يتوفرون عليه هو اسم، ربما كنية فقط، ولا يمكن تحديد مكانه.

كما أشار الدفاع في المحكمة إلى التناقضات بين شهادة المشتكيين التي قدماها أمام المحكمة ومضمون تصريحيهما المكتوبين للشرطة أكثر من سنة قبل ذلك، في ارتباط بمعلوماتهما الشخصية: المدينة التي يقيمان فيها، إن كانا يعملان أم لا، وحالتهما العائلية.

أيدت محكمة الاستئناف في 22 ديسمبر/كانون الأول 2011 الحكم، ولكنها خفضت العقوبة إلى 20 شهرا. وفي 4 فبراير/شباط 2012، أفرج عن المومني بعفو ملكي، بعد أن قضى 17 شهرا في السجن.

قدمت السلطات المغربية لـ هيومن رايتس ووتش دفاعا مكتوبا عن تعامل القضاء مع هذه القضية، معتبرة أنه نفذ اعتقاله ومحاكمته في احترام للقانون في كل مرحلة. هذه مقتطفات رئيسية:

تجدر الإشارة أن هذه الادعاءات لا أساسا لها من الصحة، إذ ثبت من خلال وثائق الملف أن المعني بالأمر وضع تحت الحراسة النظرية بمخفر الشرطة القضائية الخاضع لمراقبة النيابة العامة ابتداء من تاريخ 27/09/2010 على الساعة 18 مساء إلى غاية الساعة 11 صباحا، وبعد أن تتم تمديد مدة الحراسة النظرية في حقه 24 ساعة إضافية، بإذن من النيابة العامة طبقا للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية (الفقرة الأولى من المادة 66)، كما أشعرت عائلته بهذا الإجراء.
كما تبين من محضر المعني بالأمر أن الضابطة القضائية استمعت إلى المشتكيين اللذين استطاعا التعرف على المشتكى به من بين عدة أشخص عرضوا عليها.

وحول ما إذا كانت الشرطة قد أبلغت عائلة المومني عن اعتقاله، قالت الحكومة إن تصريح المومني للشرطة يقر بأن الشرطة أبلغت أقاربه [44] . لكن، وكما هو مشار إليه أعلاه، تنكرت المومني لتصريحاته قائلا إنها انتزعت منه خلال التعذيب؛ وقالت زوجته، في الوقت نفسه، إنه لم يعرف أي أحد في الأسرة مكان وجوده إلى أن استطاع الاتصال بهم من سجن سلا يوم 30 سبتمبر/أيلول.

وحول الادعاء بأنه تم انتزاع اعترافاته تحت الإكراه، وبأنه حرم من حقه في الحصول على محام، قال بيان السلطات لـ هيومن رايتس ووتش:

بعد الاستماع إلى المعني بالأمر في محضر قانوني من طرف الشرطة القضائية، تليت عليه تصريحاته ووقع بخط يده على المحضر دون أي إكراه، كما أشعر عند مثوله أمام وكيل الملك بحقه في تنصيب محام للدفاع عنه حالا، إلا أنه اختار الدفاع عن نفسه، سواء أمام النيابة العامو أو أمام هيئة الحكم، وفي المرحلة الاستئنافية كان يؤازره الأستاذ عبد الرحيم الجامعي محامي بهيئة القنيظرة الذي أبدى دفوعاته وتقدم بمرافعته أثناء مناقشة القضية.
والجدير بالإشارة أن المحكمة كونت قناعتها من خلال مناقشتها للقضية وما جاء في محضر الضابطة القضائية الذي يتوفر على قوة ثبوتية في الجنح ما لم يثبت المحامي العكس (المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية).

وبخصوص ادعائه تعرضه للتعذيب، أضاف البيان:

المعني بالأمر لم يثر واقعة تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة عن مثوله أمام النيابة العامة، أو أثناء مناقشة قضيته، وحتى بعد استئنافه للحكم الابتدائي، مع الإشارة أن القانون يسمح له بطلب خبرة طبية عند مثوله أمام قاضي المايبة العامة لأول مرة. كما أنه يجب على هذا القاضي الأمر تلقائيا إذا عاين ما يبرر إجرائها ، ولم يعاين وكيل الملك أي آثار لعنف على المتهم، كما أن الأخير لم يطلب إجراء خبرة طبية عليه وأن إدعاء تعرضه للتعذيب لم يظهر إلا بعد مناقشة القضية أمام محكمة الاستئناف وهو ما لم تجد المحكمة ما يؤكده. مع الإشارة أن المعني بالأمر ودفاعه لم يتقدما بأي شكاية في الموضوع، ويبعى من حقه تقديم شكاية للنيابة العامة في مواجهة الأشخاص يدعي أنهم عرضوه للتعذيب.

كما تمت الإشارة إليه أعلاه، تختلف هذه الرواية الرسمية جذريا عن رواية المومني. يؤكد المومني أن السلطات لم تخطر أي قريب عن اعتقاله، وأنهم نقلوه إلى معتقل سري، وأنه تعرض للتعذيب للتوقيع على اعتراف كاذب وتنازله عن حقه في الاستعانة بمحام، وأنه أبرز على الفور التعذيب لكل من وكيل الملك وقاضي الجلسة، وأظهر لهما علامات على ساقيه، وقاموا فقط بمقاطعته وتجاهلا ذكر تصريحاته عن التعذيب في محضر هذه الجلسات.

وفيما يتعلق بادعاءات المومني بالتعذيب، دافعت السلطات عن عدم أخذ المحكمة بها، قائلة إنها تفتقر إلى المصداقية لأنه، وفقا للسلطات، لم يثرها إلا بعد أول محاكمته استئنافيا، وأن وكيل الملك، علاوة على ذلك، لم يلاحظ وجود علامات التعذيب على جسده عندما استقبله الوكيل مباشرة بعد خروجه من الحجز لدى الشرطة.

لا يوجد طرف ثالث يمكنه تأكيد ادعاء مومنى بأنه أثار موضوع تعذيبه في مثوله الأول أمام النيابة أو في محاكمته الأولى، مع تجاهل المحكمة لأقواله. السبب أنه لم يحضر محامون أو شهود خارجيون هذه الجلسات.

في محاكمتين أخرين مبينتين في هذا التقرير، قضيتي بلعيرج وأكديم إزيك، قدمت السلطات المغربية حججا مماثلة للدفاع عن حكم الإدانة، قائلة إن المتهمين لم يثيروا التعذيب وسوء المعاملة حتى مرحلة متأخر من المحاكمة، وبالتالي فإن المحكمة تصرفت بشكل مناسب في عدم أخذ هذه المطالبات بعين الاعتبار. وفي الواقع، على تظهر محاضر المحكمة لهذه الجلسات أن على الأقل بعض من المتهمين في مجموعة بلعيرج وأكديم إزيك أثاروا مزاعم التعذيب في وقت مبكر من العملية. في رأي هيومن رايتس ووتش، لم تأخذ المحاكم على محمل الجد في هذه الحالات ادعاءات المتهمين بتعرضهم للتعذيب حتى عندما يقولون إنهم أثاروها في مرحلة مبكرة.

تقول السلطات في بيان تلقته هيومن رايتس ووتش من وزير الشؤون الخارجية المغربي، في 27 سبتمبر/أيلول 2011 والذي يرد في الملحق الأول، إن التصريحات التي أدلى بها المشتكيين للشرطة ضد المومني ترد فيها تفاصيل هوياتهما، وعناوينهما، وبطاقات التعريف الوطنية. لذلك، فإنه كان من السهل، تقول السلطات ضمنيا، على فريق دفاع المومني الاتصال بهما أو طلب استدعائهما من طرف المحكمة. [45]

ومع ذلك، كما ذكر أعلاه، لم يكن الأمر بهذه السهولة. التمس محامي الدفاع عبد الرحيم الجامعي من المحكمة استدعاء المشتكيين وكلف عونا قضائيا بتسليم الاستدعاءات لهما. وقال الجامعي إن العون القضائي بحث عن أحدهما، وكتب تقريرا يقول فيه إنه لا يستطيع العثور عليه في العنوان المذكور. على الرغم من جهود الدفاع لاستدعائهما، لم يمثل المشتكيين أمام المحكمة في المحاكمتين الأوليين. مثلوا للمرة الأولى فقط بعد أن ألغت محكمة النقض حكم الاستئناف وأمرت بإعادة المحاكمة جزئيا على أساس أن المحكمة لم تبرر فشلها في استدعاء المشتكيين أو محاميهما. عندما مثلا أخيرا أمام المحكمة، خلال ثاني محاكمة استئنافيا، كان المدعى عليه قد قضى بالفعل 15 شهرا في السجن.

محاكمة بلعيرج الجماعية لمشتبهي الإرهاب

بعد مرور أربع سنوات على المحاكمة الجماعية لمشتبهي الإرهاب، التي انتهت بإدانة 35 متهمًا، ما زال 21 من هؤلاء في السجن. وأثارت القضية اهتمامًا واسعًا لأن من بين المتهمين ستة وجوه سياسية، بما في ذلك أربع شخصيات بارزة في أربعة أحزاب: ثلاثة منها إسلامية معتدلة، وآخر اشتراكي. وأصبحت القضية معروفة بلقب زعيم المجموعة المزعوم: عبد القادر بلعيرج.

وفي 29 يوليو/تموز 2009، أدانت محكمة الاستئناف في سلا، التي لها صلاحية النظر في جميع التهم التي تعتمد على قانون مكافحة الإرهاب للعام 2003 في جميع أنحاء البلاد، أدانت جميع المتهمين في المحاكمة الابتدائية ببعض التهم التالية: تعريض الأمن الداخلي للخطر بتكوين عصابة إجرامية بهدف ارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المسّ الخطير بالنظام العام، وحيازة ونقل أسلحة ومتفجرات لاستخدامها في تنفيذ المخططات الإرهابية، وتزوير وثائق وسرقة هويات، وجمع الأموال والممتلكات لتنفيذ المخططات الإرهابية، وغسل الأموال والسرقة. [46]


وفي 16 يوليو/تموز 2010، أيدت محكمة الاستئناف الأحكام، وخففت عقوبات ستة متهمين.
[47] وأكدت محكمة الاستئناف الأحكام في يونيو/حزيران 2011. لكنها أعادت ستة متهمين إلى محاكمة جديدة أدين فيها خمسة مرة أخرى وتمت تبرئة واحد. الأخير هو عبد العظيم التقي العمراني، الذي أتم بالفعل عقوبة السجن ثلاث سنوات.

ورغم أن الحكومة وصفت التنظيم على أنه "من أخطر التنظيمات الإرهابية التي تم تفكيكها مؤخرًا"، [48] لم تتضمن التهم الموجهة إليهم أي أعمال ملموسة تم ارتكابها منذ 2001. علاوة على ذلك، فالأعمال الملموسة المنسوبة إليهم قبل 2001 تضمنت عمليات اغتيال في بلجيكا لم تقم السلطات البلجيكية أبدًا بمحاكمتها، وعملية سرقة في الدار البيضاء تعرض بسببها أشخاص آخرون للمحاكمة والإدانة في منتصف التسعينيات.

كانت جلسات قضية بلعيرج مفتوحة للعموم، وتمكن مراقبون عن هيومن رايتس ووتش ومنظمات دولية ومغربية أخرى من متابعة أطوارها دون عراقيل. وحضرت هيومن رايتس ووتش ثلاثا من بين العديد من الجلسات. وسمح قاضي المحاكمة للمحامين والمتهمين بالحديث، بما في ذلك عن التعذيب الذي قالوا إنهم تعرضوا له. وتم تضمين مزاعمهم في نصّ الحكم. كما وفرت المحكمة مترجمين للمتهمين الذين يتحدثون الفرنسية أفضل من العربية.

إدانات  قضائية اعتمادًا على تصريحات الشرطة دون التحقيق في مزاعم المشتبه فيهم بالتعرض إلى التعذيب ووجود تزوير

اعتمد حكم الإدانة في بشكل كبير على تصريحات يُزعم أن المتهمين أدلوا بها إلى الشرطة (محاضر الشرطة)، وهي تصريحات يؤكد بعضها البعض عندما تتم دراستها معًا، وكلها تُدين جميع المتهمين بالانتماء إلى منظمة إرهابية وُجدت منذ بداية التسعينات إلى أن اعتقلت الشرطة عناصرها في بداية 2009. هذا الاعتماد الكبير على تصريحات الشرطة لإدانة المتهمين كان متكررًا في محاكمات أخرى في حق مشتبهي الإرهاب في المغرب. [49]

وكما بينت هيومن رايتس ووتش في تقاريرها السابقة حول قضية بلعيرج، [50] فان المساس الرئيسي بحق المتهمين في محاكمة عادلة تمثل في فشل المحكمة في بذل جهد واضح لتحديد مصداقية مزاعمهم بالتعرض إلى التعذيب، وتزوير أقوالهم، وأعمال غير قانونية أخرى. وإذا ما صحّت هذه الأعمال، فإنها تستدعي الملاحقة باعتبارها انتهاكًا للقانون المغربي، وتعطي مصداقية لمزاعمهم بأن التصريحات التي نقلتها الشرطة لم تكن دقيقة، ولا يمكن الاعتماد عليها باعتبارها أدلة قانونية. كان الدليل الوحيد المهم الذي تم استخدامه في المحكمة هو وجود مخزن للأسلحة. ولكن المحاكمة اعتمدت على أدلة قليلة تبرز علاقة المشتبه فيهم بالسلاح غير اعترافاتهم. ولم يعتمد نصّ الحكم المكتوب على الأسلحة كدليل إدانة. [51]

وتمثل الخط الرئيسي الذي اعتمد عليه دفاع المشتبه فيهم في الطعن في دقة تصريحات الشرطة، وفي طواعية التصريحات التي نقلتها الشرطة عن زملائهم المتهمين. وإذا توصلت المحكمة إلى أنه لا يمكن الاعتماد على تصريحات الشرطة كدليل، ربما يتم إطلاق سراحهم لعدم وجود أدلة دامغة ضدّهم.

وأنكر بعض المشتبه فيهم "الاعترافات" أمام قاضي التحقيق. وقال بعضهم للمحكمة أثناء أول مثول أمامها إنهم تعرضوا إلى التعنيف على يد الشرطة، بينما لم يقم آخرون بذلك إلا بعد مرور شهور على بدء المحاكمة. وطعن آخرون في التصريحات لأسباب أخرى غير التعذيب، فقد قالوا إن الشرطة لم تعرضهم إلى العنف الجسدي بينما احتالت عليهم بإدراج توقيعاتهم في صيغ مزورة من التصريحات التي قاموا بمراجعتها والموافقة عليها. وفي كل الحالات، ومع بلوغ مرحلة المحاكمة، أنكر جميع المشتبه فيهم الاعترافات المنسوبة إليهم.

زوجات متهمي قضية "بلعيرج"، 14 سبتمبر/أيلول 2012. من اليسار إلى اليمين: حورية عامر، سميرة الرماش، ميمونة البش، زوجات كل من مختار لقمان (يقضي عقوبة بالسجن 15 عاماً)، منصور بلاغديش (أطلق سراحه في فبراير/شباط 2013 بعد أن قضى 5 سنوات في السجن) وأحمد خوشياع (يمضي عقوبة 8 سنوات).

©2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

وفي نهاية المطاف، رفضت المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف جهود المشتبه فيهم في إنكار تصريحات الشرطة. وفسر الحكم الكتابي الصادر عن المحكمة الابتدائية أحكام الإدانة على أن مزاعم المشتبه فيهم فيما يتعلق بالإكراه والتزوير كانت "غير مُثبتة"، وتم التصريح بها في وقت متأخر من مسار المحاكمة، وفي جميع الحالات تم تقويضها على مستوى التفاصيل بعد التثبت من تصريحات مختلف المتهمين بشكل جماعي. وخلُص الحكم إلى أن:

حيث أنه لم يثبت للمحكمة من خلال الاطلاع على وثائق الملف أن المتهمين تعرضوا للاختطاف والاحتجاز والتعذيب وأن الدفاع لم يدل بما يثبت ذلك وأن الشكايات المقدمة من طرف ذويهم لا يمكن أن تكون وسيلة إثبات لهذه الحالة، أما فيما يخص التعذيب فإن المتهمين والدفاع لم يثيروا ذلك في ابانه امام النيابة العامة أو أمام السيد قاضي التحقيق لاتخاذ الإجراء المناسب وأن المتهمين الذين صرحوا أمام السيد قاضي التحقيق بأنهم تعرضوا للتعذيب، فإنه لم يطلبوا إجراء خبرة طبية عليهم لإثبات ذلك وأن قاضي التحقيق لم يلاحظ عليهم أي عنف ظاهر مما يتعين رد الدفع المذكور. [52]

واعتمد نص حكم الاستئناف، الذي ثبّت جميع الإدانات وعددها 35 ولكنه خفف بعض العقوبات، على نفس التمشي.

يتعين على المحكمة أن تكون يقظة عندما تكون القضية معتمدة بشكل كامل على تصريحات المشتبه فيهم كما روتها الشرطة، تُجرّم بعضهم البعض، وعندما تفتقر القضية إلى أشكال أخرى من الأدلة التي يمكن التثبت منها من قبيل شهادات شهود العيان، والتقارير المختبرية، والتصنت على المكالمات الهاتفية أو المراقبة بالكاميرات بشكل مرخص فيه، وتقارير المخبرين، وبصمات الأصابع، وغيرها من أنواع الأدلة الجنائية.

وكيف يمكن تصديق تقرير قاضي التحقيق وكل المشتبه فيهم اعترفوا في غضون أيام معدودة وبشكل طوعي بجرائم خطيرة جدًا؟ وعلى سبيل المثال، ورّط مصطفى المعتصم ومحمد المرواني، وكل  منهما رئيس لحزب سياسي، أنفسهم وأشخاص آخرين في سنوات من التخطيط للقيام بأعمال عنيفة، بما في ذلك المتاجرة في الأسلحة، ومحاولة سرقة عربة لنقل الأموال، ومحاولة اغتيال مواطن يهودي.

ولكن المشتبه فيهم زعموا أن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت التعذيب أو سوء المعاملة، أو تعرضت للتزوير. وأمام هذه المزاعم، كان يتعين على المحكمة محاولة معرفة ما إذا كانت الشرطة قد حصلت على الاعترافات بطريقة قانونية قبل اعتمادها كأدلّة. إلا أن ملف القضية لا يحتوي على أي فحوصات طبية أجريت على المتهمين، ولا يوجد في الحكم الكتابي الصادر عن المحكمة أي إشارة إلى أنه تم بحث المسألة.

وفيما يتعلق بالقيمة الإثباتية للمحاضر التي أعدتها الشرطة، ينصّ قانون المسطرة الجزائية، كما أسلفنا الذكر، على تعليمات مختلفة حسب خطورة الجريمة: إذا كان المشتبه فيهم متهمون بجرائم صغيرة تتطلب عقوبات لا تتجاوز خمس سنوات سجنًا، يُمكن للمحكمة أن تعتبر محاضر الشرطة جديرة بالثقة في غياب أي دليل يناقضها. ولكن في القضايا التي يواجه فيها المشتبه فيهم عقوبات بالسجن لمدة تتجاوز خمس سنوات، مثل قضية بلعيرج، فإن على المحكمة اعتماد محاضر الشرطة كما تعتمد أي دليل آخر، وأن لا تفترض أنها موثوق فيها. [53]

وعندما لا تظهر على المشتبه فيه علامات تعذيب جسدي، أو عندما يُنكر الاعترافات المنسوبة إليه في وقت لاحق من المحاكمة، فان ذلك ليس سببًا كافيًا حتى ترفض المحكمة جميع مزاعمه. وتوجد عديد الأسباب التي تجعل المشتبه فيه يعترف بشيء ما ولكنه يتراجع عنه في وقت لاحق إضافة إلى الرغبة في تجنب العقاب. كما توجد طرق للتأكد من مصداقية مزاعم التعذيب بعد أن تمر عليه أسابيع أو أشهر، وحتى في غياب آثاره.

ويبدو أن المحكمة لم تبذل عناية كافية للتثبت من مزاعم المشتبه فيهم في قضية بلعيرج فيما يتعلق بالأدلة المستخدمة ضدّهم، واعتمدت بشكل كبير على الاعترافات التي عارضها المشتبه فيهم، وهو ما قلّص من نزاهة المحاكمة.

خلفية قضية بلعيرج

بينما أقام المغرب محاكمات لمجموعات من المشتبه فيهم يُزعم أنهم ينتمون إلى منضمات إرهابية، فان قضية بلعيرج تُعتبر أول محاكمة في الماضي القريب تشمل وجوه سياسية.

وبُعيد الإعلان عن اعتقال المشتبه فيهم في فبراير/شباط 2008، قال شكيب بنموسى، وزير الداخلية آنذاك، للبرلمان إن المجموعة على علاقة بالقاعدة. [54] واستنادًا إلى التهم، تأسست المنظمة في 1992. ورغم أن هذه المنظمة وُجدت لمدة 15 سنة قبل أن تم "تفكيكها"، إلا أن عدد الأعمال الإجرامية المنسوبة لها قليل جدا، وكلها تعود إلى سنة 2001 وقبلها. ومن بين هذه الأعمال تهريب الأسلحة إلى المغرب، سرقة متجر ماكرو في الدار البيضاء في 1994، وإطلاق النار وإصابة مواطن يهودي في الدار البيضاء في 1996، ومحاولة سرقة عربات لنقل الأموال بين 1994 و2001. أما في الفترة الممتدة بين 2001 واعتقالهم في 2008، فقد بقي المشتبه فيهم متهمين بمراقبة أهداف أخرى، ولكن ليس بتنفيذ اعتداءات أو سرقات أو جرائم خطيرة أخرى.

جرت المحاكمة في محكمة الاستئناف في سلا، التي لها صلاحية النظر في المحاكمات الابتدائية التي يتم فيها توجيه تهم عملا بقانون مقاومة الإرهاب. وقام القاضي عبد القادر ال شنتوف بترؤس مرحلة "التحقيق" في ربيع 2008 وقدم تقريره إلى المحكمة في 25 يوليو/تموز من نفس السنة. وبدأت المحاكمة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2008، برئاسة القاضي عبد العزيز بنشقرون، وانتهت في 27 يوليو/تموز 2009.

ومن بين الشخصيات السياسية الستة يوجد ثلاثة مشتبه فيهم من أحزاب إسلامية معتدلة ورابع من حزب اشتراكي:

·        مصطفي المعتصم (مولود في 1954)، رئيس حزب البديل الحضاري، وهو حزب قانوني شارك في الانتخابات التشريعية سنة 2007 ولكنه لم يفز بأي مقعد.

·        محمد أمين الركالة (مولود في 1959)، الناطق الرسمي باسم نفس الحزب.

·        محمد المرواني (مولود في 1959)، رئيس حركة الأمة، الذي اتبع الإجراءات القانونية للتسجيل كحزب سياسي ولكنه لم يحصل على موافقة في الوقت الذي تمت فيه الاعتقالات.

·        عبادلة ماء العينين (مولود في 1963)، وهو عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أهم حزب إسلامي في البلاد بـ 46 مقعدًا في البرلمان في الوقت الذي تمت فيه الاعتقالات.

·        عبد الحفيظ السريتي (مولود في 1965)، مراسل قناة المنار، وهي قناة فضائية تابعة لـ حزب الله اللبناني.

·        حميد نجيبي (مولود في 1969)، عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، وهو حزب صغير متحالف مع حزبين آخرين لهم خمسة مقاعد في البرلمان.

 

استنادًا إلى لائحة التهم [55] ، عقد المشتبه فيهم اجتماعًا في طنجة سنة 1992 قرروا فيه مواصلة هدفهم المتمثل في إقامة دولة إسلامية في المغرب بتأسيس منظمة سرية لها جناح سياسي وآخر عسكري. وتوجد مزاعم على أن مصطفى المعتصم ومحمد المرواني، وبعض المشتبه فيهم الآخرين ومنهم عبد القادر بلعيرج، حضروا الاجتماع الذي عُقد في 1992. وأطلقوا على المنظمة، أو على أجزاء منها، أسماء "الاختيار الإسلامي" و"جند الله". وزعمت النيابة العامة أن المجموعة ناقشت اغتيال وزراء في الحكومة، وضباط من الجيش، ويهود مغاربة لزعزعة استقرار البلاد، وتنفيذ سرقات لتمويل أنشطتها. واستنادًا إلى لائحة الاتهام، فإن دور عبد القادر بلعيرج كان تمويل المنظمة والحصول على أسلحة لها.

موقف السلطات المغربية من محاكمة بلعيرج

استنادًا إلى السلطات المغربية فإن "جميع مراحل المحاكمة في هذا الملف مرت في ظروف روعيت فيها ضمانات المحاكمة العادلة، وخاصة ما يتعلق بمؤازرة الدفاع للمتهمين، وتوفير شروط المناقشة العلنية وحضور الشهود والمترجمين واستعمال وسائل الإثبات". [56]

وردّت السلطات على أكثر المزاعم جدية  ضد عدالة المحاكمة، حيث زعم بعض المشتبه فيهم أن المحققين استخدموا العنف ليجبروهم على التوقيع على تصريحات مزيفة، حيث قالت السلطات إن المشتبه فيهم لم يقدموا شكواهم في فرص سابقة، ولذلك أصبح من الصعب على المحكمة التحقيق في هذه المزاعم وتصديقها:

تم الادعاء بأنهم تعرضوا للتعذيب. تجدر الإشارة في هذا الصدد أن مقتضيات المادتين 99 و134 من قانون المسطرة الجنائية تنص على أنه يجب على كل من الوكيل العام للملك وقاضي التحقيق أن يستجيبا لطلبات المتهم الذي كان موضوعًا تحت الحراسة النظرية أو لطلب دفاعه الرامي إلى إخضاعه لفحص طبي. كما يتعين على الوكيل العام للملك وقاضي التحقيق أن يأمرا تلقائيًا بالفحص الطبي إذا لاحظا على المتهم علامات تبرر إجراءه بالإضافة إلى أن المتهمين المذكورين لم يثيروا هذا الدفع عند مثولهم أمام الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق، كما أن هذا الأخير لم يُعاين وجود أية علامات من شأنها أن تبرر أمره التلقائي بإجراء خبرة طبية عليهم. [57]

كما عبّر محمد عبد النبوي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والحريات، على موقف مماثل، بالقول:

مثُل المشتبه فيهم أمام النائب العام ثم بعد ذلك، في نفس اليوم، أمام قاضي الحقيق. كما حضر محاموهم في أول يوم تم الاستماع إليهم. وبعد ذلك بعشرة أيام، بدأنا نسمع شكاوى التعذيب. لم يلاحظ النائب العام أي علامات للتعذيب. لقد كان لديهم محامون، لماذا لم يُطالبوا بتحقيق في ذلك الوقت؟ كما أن المحامين لم يطالبوا بفحص طبي في بداية التحقيق، وهو وقت مناسب للقيام بذلك. نحن نحاول حماية الناس، لكن إذا لم تتوفر لهم أدلة... [58]

هذان التصريحان اللذان قدمتهما السلطات يزيفان حقائق متعلقة بقضية الحال، ويفترضان أنه لا يمكن تصديق مزاعم التعذيب إلا إذا تم تقديمها في أول فرصة سانحة لذلك.

قام بعض المشتبه فيهم في قضية بلعيرج، وليس جميعهم، بإعلام المحكمة بمزاعمهم المتعلقة بسوء المعاملة في أول فرصة سانحة لذلك. وعلى سبيل المثال، يُشير محضر الاستماع لـ عبادلة ماء العينين إلى أنه اشتكى عند مثوله لأول مرة أمام قاضي التحقيق عبد القادر الشنتوف في 28 فبراير/شباط 2008، بعد مرور تسعة أيام على اعتقاله، اشتكى من أن الشرطة كانت تضربه وتهين أفرادا من عائلته. [59] ورغم أن محاضر المحكمة الخاصة بـ ماء العينين أشارت إلى تشكياته، لا توجد أي إشارة إلى التحقيق في ما إذا كانت المزاعم المتعلقة بأعمال العنف غير القانونية التي مارستها الشرطة ذات مصداقية. وذكر حكم المحكمة أن محامي ماء العينين طلب من القاضي في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2008 الأمر بإجراء فحص طبي عليه، ولكن المحكمة رفضت ذلك.

المتهم محمد الشعباوي، وهو ضابط شرطة رفيع المنصب اتهم بمساعدة منظمات إرهابية من داخل صفوف قوات الأمن، أخبر هيومن رايتس ووتش بأنه في مثوله الأول أمام قاضي التحقيق شنتوف، طالب بفحص طبي وأنزل سرواله ليظهر للقاضي الندبات والكدمات التي قال إنها نتيجة تعرضه للركل أثناء الاستجواب. لكن القاضي لم يأمر بالفحص ولا هو سجل ما رآه من علامات على جسد الشعباوي. [60] عندما مثل الشعباوي للمرة الثانية أمام قاضي التحقيق بعد أسابيع، كانت آثار العنف قد تماثلت للشفاء ولم تعد هناك جدوى من طلب فحص طبي، على حد قوله.

محمد الشعباوي، 16 مايو/أيار 2013. ضابط شرطة كبير أدين في قضية "بلعيرج". خرج الشعباوي من السجن في فبراير/شباط 2013 بعد أن أتم عقوبته بمدة خمس سنوات.

©2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

وقال أحمد خوشياع، وهو مشتبه فيه آخر، لقاضي التحقيق أثناء مثوله لأول مرة أمامه إن أعوان الدولة استخدموا "العنف" ضدّه، وإن مضمون محاضر الشرطة كان مزورًا. ذكر ذلك تقرير القاضي شنتوف في الصفحات 133ـ134. [61] وفي وقت لاحق أيضًا، أنكر أحمد خوشياع، وهو من مواليد 1966، الاعترافات التي قدمتها الشرطة، وتحدث عن اختطافه واحتجازه بمعزل على العالم الخارجي والمعاملة السيئة التي لقيها رهن الاعتقال. كما قال المتهم لقاضي التحقيق إن أعوان الدولة قاموا باختطافه وتعذيبه، كما يذكر ذلك تقرير القاضي في الصفحة 100.

واستنادً إلى نصّ الحكم الصادر عن المحاكمة الابتدائية، اعترض قرابة ثُلثي المشتبه فيهم على جميع محاضر الشرطة أو جزء منها عندما مثلوا أمام قاضي التحقيق. ولا تعلم هيومن رايتس ووتش كم من المشتبه فيهم الآخرين زعموا أنهم تعرضوا إلى التعذيب وفي أي وقت أفصحوا عن ذلك في فترة التحقيق التي دامت عدّة شهور. ولكن بعض محامي الدفاع طلبوا من قاضي التحقيق شنتوف بفتح تحقيق في مزاعم موكليهم بالتعرض إلى التعذيب. ولما رفض القاضي شنتوف ذلك، استأنفوا المطلب فنظر فيه قاض من محكمة الاستئناف ورفضه هو الآخر.

لم يزعم جميع المشتبه فيهم أنهم أُجبروا على توقيع اعترافاتهم تحت تأثير التعذيب، فالشخصيات السياسية الستة ضمن المشتبه فيهم زعموا أن الشرطة خدعتهم وجعلتهم يوقعون على صيغ مزورة من التصريحات التي قاموا بمراجعتها ووافقوا عليها. في حين رفض المتهم الشعباوي أن يوقع على أقواله للشرطة، رغم أنه يقول إن أعوان الشرطة لكموه وركلوه أثناء الاستنطاق. [62]

ويبدو أن المحكمة اكتفت بترك المشتبه فيهم يتحدثون عن الانتهاكات التي قالوا إنهم تعرضوا لها ووجهت لهم أسئلة روتينية، ولكنها لم تفتح تحقيقًا خاصًا في مدى مصداقية المزاعم المتعلقة بالتعذيب وتزوير الوثائق. فلا قاضي التحقيق ولا قاضي المحاكمة طرح أسئلة للتثبت من مزاعم المشتبه فيهم أو طالب بعرضهم على خبير ليفحصهم ويتقابل معهم لمحاولة التأكد من مصداقية وطواعية اعترافاتهم. في المقابل، رفضت المحكمة مزاعم المشتبه فيهم المتعلقة بالتعذيب كليةً. ورفضت أيضاً محكمة الاستئناف المزاعم، قائلة بأنها لم تكن "مثبتة"، ولم "يثيروا ذلك في إبانه"، وأن المتهمين "لم يطلبوا إجراء خبرة طبية عليهم لإثبات ذلك وأن قاضي التحقيق لم يلاحظ عليهم أي عنف ظاهر ". [63]

ضرورة التحقيق في كل شكوى ذات مصداقية تتعلق بالتعذيب بغض النظر عن توقيت تقديمها

إن التحجج بأن المشتبه فيهم في قضية بلعيرج لم يثيروا مزاعم التعذيب في الوقت المناسب يُعتبر إشكالا لأسباب عديدة.  وكما تمت الإشارة إلى ذلك، اشتكى بعض المشتبه فيهم من التعذيب في أول فرصة كانت سانحة. ولا تعلم هيومن رايتس ووتش ما إذا طالب الأشخاص الذين اشتكوا بشكل رسمي بإجراء فحوص طبية عليهم في ذلك الوقت. ولكن حتى إن لم يفعلوا، كان يُفترض من المحكمة الاستجابة لشكاوى التعذيب وسوء المعاملة لسببين اثنين. أولا لأن القانون المغربي يُجرّم التعذيب، ولذلك فالمشتكون زعموا أن الشرطة ارتكبت جريمة. كان يُفترض أن تثير هذه المزاعم اهتمام النائب العام، ولا يبدو أن ذلك حصل فعلا في أي قضية قامت هيومن رايتس ووتش بالبحث فيها.

ثانيًا، ينص القانون المغربي على أن أي اعتراف يتم انتزاعه "بالعنف أو الإكراه" لا يمكن اعتماده كدليل (المادة 293 من قانون المسطرة الجنائية المغربي). ولذلك عندما يقدم المتهمون مزاعم من هذا النوع، يُصبح هذا النصّ القانوني ملزمًا للمحكمة كي تتحقق في مدى جديته لضمان عدم استخدام أي اعتراف تم انتزاعه "بالعنف أو الإكراه" كجزء من الأدلة. وهذا ما يجب أن ينجر عنه الأمر بفتح تحقيق مستقل في المزاعم أو السعي إلى التعمق في الموضوع باستجواب المتهم حول مزاعمه، وفحص باقي الأدلة ذات الصلة واستدعاء شهود، بمن في ذلك الذين كانوا يمارسون سلطة عليه أثناء الاستجواب.

لاحظت الشرطة بشكل صحيح أن بعض المعتقلين في قضية بلعيرج، على الأقل، أكدوا وهم في صحبة محاميهم على صحة محتوى محاضر الشرطة عندما مثلوا أمام قاضي التحقيق، ولكنهم حاولوا إنكار اعترافاتهم في مرحلة لاحقة من المحاكمة. كما لاحظت بشكل صحيح أن مرور الزمن على خروج الأشخاص من الاعتقال لدى الشرطة يُعقد مهمة التأكد من مصداقية مزاعمهم بالتعرض إلى التعذيب.

توجد العديد من الأسباب التي من شأنها أن تجعل المشتبه فيهم يؤكدون على أن الاعترافات التي دونتها الشرطة ليست "دقيقة". وعلى سبيل المثال، فسّر عبد القادر بلعيرج نفسه لقاضي المحاكمة السبب الذي جعله يؤكد على صحة محاضر الشرطة أمام القاضي التحقيق ليتراجع بعد ذلك ويقوا إن اعترافاته تعرضت إلى التزوير. وقال عبد القادر بلعيرج لقاضي المحاكمة إن المحققين هددوه بـ "مزيد من التعذيب" إذا تراجع عن اعترافاته أمام قاضي التحقيق. واستنادًا إلى نصّ الحكم، قال عبد القادر بلعيرج في 2 أبريل/نيسان 2009 في المحكمة إن أحد الأعوان الذين يزعم أنهم قاموا بتعذيبه كان حاضرًا في غرفة تحقيق القاضي الشنتوف عندما كان يستجوبه حول اعترافاته. وقال محامي الدفاع عبد الرحيم الجماعي لـ هيومن رايتس ووتش إنه طلب من قاضي المحاكمة استدعاء القاضي الشنتوف للإجابة على أسئلة تتعلق بجلسته، ولكنه رفض الطلب.

واستنادًا إلى أحد أقارب واحد من المشتبه فيهم الآخرين، وكان قد حضر جلسة 9 أبريل/نيسان 2009، فسر المتهم محمد اليوسفي لقاضي المحاكمة بنشقرون إنه أكد على صحة محاضر الشرطة عند مثوله أمام قاضي التحقيق في 1 يوليو/تموز 2008 لأن الشرطة هددته بالعنف إذا تراجع عن أقواله. [64]

كما قال متهمون في قضايا أخرى لـ هيومن رايتس ووتش إن مثولهم لأول مرة أمام المدعي العام أو قاضي التحقيق لم يكن مناسبًا للحديث عن التعذيب أو إنكار محاضر الشرطة. وعادة ما تكون هذه الجلسات الأولى روتينية ولا تتجاوز بضع دقائق. ويطرح فيها المدعي العام أو القاضي أسئلته بشكل سريع حول هوية المتهم دون أن ينظر إليه أصلا. ويتعرض المتهم، الذي نادرًا ما يكون له محام يُمثله في هذه الجلسة، إلى التخويف بسهولة. [65]

إجراءات اعتقال واحتجاز غير قانونية، وإثباتها من شأنه تدعيم مصداقية مزاعم التعذيب

يوجد في قضية بلعيرج أسباب أخرى تشجع على أخذ مزاعم المشتبه فيهم مأخذ الجدّ. ويتمثل السبب الأول في كون بعض المشتبه فيهم زعموا أنهم تعرضوا إلى ظروف احتجاز، إن كان ذلك صحيحًا، فيها انتهاك للقانون المغربي، وهو ما يشير شكوكًا في ما إذا كانت اعترافاتهم قد قدمت عن طواعية. 

يسمح القانون المغربي للشرطة بوضع المعتقلين المشتبه في ارتكابهم لجرائم إرهابية رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لمدة أقصاها 12 يومًا. [66] ويوفر القانون للمعتقلين بعض أنواع الحماية، بما في ذلك التأكد من إعلام عائلاتهم بمجرد وضع أحدهم رهن الاحتجاز، [67] وأن لا يتم الاحتجاز إلا في مكان احتجاز معترف به، [68] وأن الاحتجاز، الذي يمكن أن يدوم 12 يومًا، يجب أن لا يتم بمعزل عن العالم الخارجي طيلة مدة الاحتجاز، وهو ما يعني أنه يحق للشخص المحتجز الالتقاء بمحام في الأيام الأربعة الأولى لاحتجازه، وهي مدة قابلة للتمديد بيومين اثنين إذا وافق النائب العام على ذلك . [69]

هذه الأحكام القانونية من شأنها أن تجعل الأمر أكثر صعوبة إذا حاولت الشرطة استخدام وسائل إكراه غير قانونية ضدّ أحد المحتجزين، وانتهاكها قد يساعد على توفير أدلة ظرفية على أن الشخص المحتجز قد تعرض إلى الإكراه ليعترف بشيء ما. 

وزعم ا ل عديد من المشتبه فيهم في قضية بلعيرج أنهم كانوا ضحايا لانتهاكات جسيمة لقوانين الاعتقال والاحتجاز. وقال عبد القادر بلعيرج، القائد المزعوم، للمحكمة إن السلطات قامت باعتراضه في أحد شوارع مراكش في يناير/كانون الثاني 2008، وليس في 18 فبراير/شباط كما قالت السلطات، وأنه تعرض إلى الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة شهر كامل قبل أن يُعرض على قاض.

كما تعرض مختار لقمان، وهو مشتبه فيه آخر في نفس القضية، إلى الاحتجاز لفترة أطول مما يسمح به القانون دون أن تقوم السلطات بإعلام عائلته بذلك، بحسب ما قالته زوجته حورية عامر. كما قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجها، وهو تاجر من مواليد 1958، غادر منزله في سلا في اتجاه العمل حوالي الساعة التاسعة صباحًا من يوم 2 فبراير/شباط 2008، ولكنه لم يعد في آخر المساء كما كان معتادًا. وأضافت أن عائلته أمضت أكثر من أسبوعين ونصف تبحث عنه في مراكز الشرطة والمستشفيات، وتملأ استمارات الأشخاص المفقودين في مراكز الأمن، دون أن تعثر له على أثر. [70] ولم تعلم العائلة باحتجازه إلا في حوالي 20 فبراير/شباط 2008 عندما أعلن وزير الداخلية شكيب بنموسى عن تفكيك شبكة إرهابية، وظهرت قائمات في أسماء الأشخاص المحتجزين على الانترنت. كما قالت حورية عامر إن زوجها لم يتعرض أبدًا إلى الاعتقال قبل ذلك.

وتم اعتقال المشتبه فيه أحمد خوشياع على يد أعوان شرطة في لباس مدني دون أن يعرفوا بأنفسهم قرب منزله في مدينة القنيطرة على الساعة الحادية عشر والنصف مساءً يوم 27 يناير/كانون الثاني 2008، بحسب زوجته ميمونة البش. كما قالت زوجته إن عائلته لم تتمكن من الحصول على معلومات عليه لمدة ثلاثة أسابيع، وهو وكيل أسفار لم يتعرض في حياته إلى الاعتقال أبدًا. وقامت عائلته بتحرير ثلاثة محاضر في شخص مفقود قبل أن يعلموا أنه محتجز لدى الشرطة.

وتتناسب مزاعم المشتبه فيهم في قضية بلعيرج فيما يتعلق بفترات الاحتجاز المطولة وعدم إعلام عائلاتهم بذلك مع معاملة متهمين في قضايا إرهاب أخرى كما قامت بتوثيقها هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى. [71]

ولكن يبقى من الصعب إثبات احتجاز المشتبه فيهم لفترات مطولة بشكل غير قانوني. ويمكن للمشتبه فيه أن يعتمد على التاريخ الذي قامت فيه عائلته بالإعلام عن فقدانه، وأحيانًا يقوم بتحديد شهود شاهدوا اختطافه على يد أشخاص في ملابس مدنية، ولكن تواريخ الاعتقال والعرض على المحكمة التي تُدون في محاضر الشرطة دائما لا تتجاوز الآجال المسموح بها. ورغم أن المعتقلين يزعمون أن الشرطة تزور تاريخ الاعتقال بتأخيره إلى وقت لاحق، إلا أنهم لا يمتلكون أي دليل مادي على ذلك.

في قضية بلعيرج، رفضت المحكمة مزاعم المشتبه فيهم المتعلقة بالاحتجاز غير القانوني على أنها "غير مثبتة". ولا يوجد في الحكم الكتابي، الابتدائي والاستئنافي، أي إشارة إلى أن المحكمة حاولت التثبت من مصداقية هذه المزاعم باستجواب المشتبه فيهم عن كل الجزئيات أو باستدعاء شهود يقدمون معلومات عن مصداقيتها. وخلُص الحكم إلى أن:

حيث إنه لم يثبت للمحكمة من خلال الاطلاع على وثائق الملف أن المتهمين تعرضوا للاختطاف والاحتجاز والتعذيب وأن الدفاع لم يدل بما يثبت ذلك وأن الشكايات المقدمة من طرف ذويهم لا يمكن أن تكون وسيلة إثبات لهذه الحالة أما فيما يخص التعذيب فإن المتهمين والدفاع لم يثيروا ذلك في إبانه أمام النيابة العامة أو امام قاضي التحقيق لاتخاذ الإجراء المناسب وأن المتهمين الذين صرحوا أمام قاضي التحقيق بأنهم تعرضوا للتعذيب فإنه لم يطلبوا إجراء خبرة طبية عليهم لإثبات ذلك وأن قاضي التحقيق لم يلاحظ عليهم أي عنف ظاهر مما يتعين رد الدفع المذكور. [72]

 

وأيد الحكم الاستئنافي ما خلصت إليه المحكمة الابتدائية، مستعملا نفس اللغة. [73]

وتشير دراسة محاضر الشرطة حول اعترافات المشتبه فيهم مختار لقمان وأحمد خوشياع ومنصور بلاغديش، والجهود التي بذلوها منذ مرحلة "التحقيق" لإنكار هذه الاعترافات، تشير إلى أن المحكمة فشلت في التثبت بشكل جدّي في ما إذا كانت هذه الاعترافات قد انتزعت بطرق غير قانونية.

كان الشعباوي، وهو من مواليد 1962 وأب لأربعة أطفال، رئيس مركز للشرطة في مدينة فاس عندما اعتقله رجال من الشرطة القضائية يرتدون زيا مدنيا في تلك المدينة في 18 فبراير/شباط 2008. وقال شعباوي إنهم نقلوه إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في المعاريف في الدار البيضاء، و احتجزوه هناك في عزلة لمدة 9 أيام؛ غير قادر على الوصول إلى محام أو أسرته. وقال الشعباوي لـ هيومن رايتس ووتش بشأن استنطاقه :

حوالي ساعتين بعد الوصول إلى المعاريف، عصبوا عيني وقيدوني، وأخذوني إلى مكتب، جعلوني أجلس على كرسي. بدأ رئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية يطرح على أسئلة. أولا، سألني إن كنت أعرف محمد المرواني. قلت: "نعم، إنه جاري في الرباط". وتابع "المرواني هو عضو في منظمة إرهابية والتي كانت تهرب الأسلحة إلى المغرب ". أجبته "وما علاقتي بذلك؟" ثم سألني عما أعرفه عن المرواني وأيديولوجيته، ولماذا لم أقدم أبدا تقريرا أفيد فيه ما أعرفه عنه. وعندما كررت أني أعرف المرواني فقط كجار لي ولم أعط الإجابات التي يريدونها، لكموني على وجهي وركلوني على ساقي. ثم أعادوني إلى زنزانتي.


قال الشعباوي إنه عندما وضعوه في زنزانته، قدم له الحراس الطعام والشراب وعاملوه بشكل عادي. ولم يكن لا مكبل اليدين ولا معصوب العينين. وتابع:

في اليوم الثاني، قيدوني وعصبوا عيني وأخذوني إلى غرفة. سألني المحققون عن علاقاتي مع منظمات إرهابية وعما إذا كنت قد زودتهم بمعلومات عن الشرطة. مرة أخرى، وعندما لم يعطهم الإجابات التي أرادوها، ضربوني.
في ذلك المساء، أحضروني إلى مكتب وقدموا لي محضرا من 26 صفحة. سمحوا لي بقراءته. كان مزورا بالكامل: جاء فيه أني اعترفت بانضمامي إلى تنظيم إرهابي مع المرواني، وبمساعدة المنظمة من داخل جهاز الشرطة. رفضت التوقيع. قال رئيس لي رئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وقع عليه وسوف نجد لك طريقة لحل هذه المشكلة. رفضت. لم يستخدموا أي عنف في هذه اللحظة، وأعادوني إلى زنزانتي.
في اليوم التالي، قدموا لي محضرا من ثماني صفحات وسمحوا لي بقراءته. تم تزوير هذا المحضر الآخر أيضا بالكامل. رفضت التوقيع وأعادوني إلى زنزانتي.

محضر تصريحات الشعباوي الثاني للشرطة، كما يظهر في ملف القضية، مؤرخ في 19 فبراير/شباط 2008. نفى فيه أن يكون عميلا للمرواني داخل قوات الشرطة. لكن الشعباوي "يعترف" بانضمامه إلى منظمة "الاختيار الإسلامي"، وبحضور اجتماعات مع المرواني ولقمان وهو يرتدي قناع الوجه ويستخدم الطاهر كاسم مستعار. ينتهي المحضر بالإشارة إلى أن الشعباوي طالعه، ووافق على مضمونه، ولكنه رفض التوقيع.

قال الشعباوي إنه طلب أثناء وجوده رهن الحراسة النظرية الاتصال بمحام ولكن المحققين رفضوا. وقال إنه شاهد محام للمرة الأولى خلال مثوله الأول أمام قاضي التحقيق في 28 فبراير/شباط 2008.

في المحاكمة، نفى الشعباوي، محتويات محاضر الشرطة في كل مرحلة من محاكمته. وأشار أيضا إلى أنه في حين ورطه سبعة من المتهمين معه في تصريحاتهم للشرطة، خلال جلسة مواجهة جماعية أمام قاضي التحقيق، فقد نفى خمسة من السبعة أنهم فعلوا ذلك أو حتى معرفتهم به. قال مختار لقمان، وهو السادس، إنه يعرف الشعباوي فقط كجار لصديقه المرواني، الذي كان يزوره في بعض الأحيان. لم يجب المرواني نفسه، لأنه، جنبا إلى جنب مع غيره من خمسة متهمين "سياسيين"، قاطع المحاكمة في هذه المرحلة احتجاجا على رفض المحكمة بالسماح لمحاميّ الدفاع بنسخ ملفات القضية لكي يستطيع المتهمون أنفسهم بالاطلاع عليها (انظر أدناه).

تورط تصريحات الشرطة المنسوبة للمشتبه فيه مختار لقمان بشكل خاص اثنين من المشتبه فيهم الآخرين هما المرواني، واحد من الشخصيات السياسية الستة في هذه القضية، والشعباوي، وهو ضابط شرطة. واستنادًا إلى تصريحات مختار لقمان، حضر هو ومحمد المرواني عديد الاجتماعات التي ناقشوا فيها توسيع "جند الله"، وهي منظمة جهادية. كما قدّم في تصريحاته أسماء العديد من المشتبه فيهم الآخرين في قضية بلعيرج حضروا بعض الاجتماعات. واقترح محمد المرواني تمويل "جند الله" بسرقة السيارات، بما فيها تلك المخصصة لنقل الأموال. ولا يذكر التصريح أي سرقات أو أعمال عنيفة شارك فيها لقمان، ولكنه يقول إنه ناقش السرقات مع محمد المرواني وقام بالمراقبة. واستنادًا إلى الاعترافات التي قدمتها الشرطة، قدم محمد المرواني في مرحلة ما لـ مختار لقمان أسلحة لحفظها بشكل مؤقت. ووقعت كل هذه الأنشطة في 2009 أو قبل ذلك.

عندما خرج مختار لقمان من الاحتجاز السابق للمحاكمة ومثل أمام قاضي التحقيق لأول مرة، كان مصحوبًا بمحاميه خليل الإدريسي. واستنادًا إلى نص الحكم، رفض لقمان الإدلاء بأي تصريح في هذه الجلسة الأولى، وقال إنه كان متعبًا جدًا ويرغب في الانتظار إلى أن يطلع محاميه على القضية. وأثناء مثوله أمام قاضي التحقيق للمرة الثانية، كان أيضًا مصحوبًا بمحاميه، وأنكر جميع الأنشطة الإجرامية والتآمرية، بما في ذلك حيازة الأسلحة المذكورة في تصريحات الشرطة المنسوبة له. ورغم أنه اعترف بأنه يعرف محمد المرواني ومحمد الشعباوي، إلا أنه لم يقل إن ذلك تم في إطار منظمة إسلامية متطرفة أو نشاط إجرامي ما. 

وقال مختار لقمان للمحكمة إنه تعرض إلى التعذيب كي يوقع على محاضر للشرطة لم تكن صحيحة. ولا تملك هيومن رايتس ووتش نسخة نصية مما قال للمحكمة، ولكن زوجته حورية عامر قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنه قال لها إن الشرطة قامت بضربه وإهانته من بداية احتجازه، وحتى قبل الشروع في استجوابه. كما قالت إن الشرطة استخدمت معه أثناء الاستجواب الصدمات الكهربائية، وهو ما جعله يُغمى عليه. وفي النهاية، جاؤوه باعتراف وقالوا له إنه إذا كان يرغب في رؤية أبنائه، فعليه التوقيع على ذلك. كما قالت زوجته إنه وقع على الاعترافات دون أن يقرأها.  

وأدانت المحكمة مختار لقمان بتكوين عصابة إجرامية بنية الإعداد لأعمال إرهابية وتنفيذها، وحيازة ونقل أسلحة في إطار عصابة تهدف إلى زعزعة النظام العام، إضافة إلى تهم أخرى. وحكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة 15 سنة.

وتقول محاضر الشرطة إن أحمد خوشياع "اعترف" بقربه من منظمة محمد المرواني في منتصف التسعينات، وإنه ذهب إلى سوريا لتلقي تدريب عسكري على يد حزب الله. وبعد ذلك، قال التصريح إنه التقى مع بعض عناصر الخلية المسلحة، وإنه كان حاضرًا عندما ناقشوا الأهداف المحتملة للسرقة والهجمات، وقام بمراقبة لصالحهم، وشاهد أسلحتهم، ونقل الأموال بينهم. كما أعطى أحمد خوشياع أسماء العديد من المشتبه فيهم الآخرين المنتمين إلى المنظمة المسلحة، ولكنه لم يعترف بأنه شارك في أي نشاط عنيف.

واستنادًا إلى نصّ الحكم، كان أحمد خوشياع مصحوبًا بمحامييه أثناء أول ظهور له أمام قاضي التحقيق، ورفض الإدلاء بأي تصريح إلى أن يتمكن محاموه من الاطلاع على ملف القضية. كما قال في هذا المستوى إن ضباط الشرطة استخدموا معه العنف أثناء الاستجواب. [74]

وأثناء مثوله للمرة الثانية أمام قاضي التحقيق، كان خوشياع أيضًا مصحوبًا بمحاميه، وأنكر مضمون التصريحات التي نسبتها له الشرطة. كما أنكر انتماءه إلى أي حركة إسلامية أو حزب سياسي، وقال إنه لم يلتقي أبدًا بمحمد المرواني، وان لا علاقة له بالأسلحة أو أي محاولة لسرقة السيارات. وقال أيضًا إنه سافر إلى سوريا في 2001، ولكن هدفه كان محاولة الدخول إلى أوروبا من تركيا.

كما زعم أحمد خوشياع أنه تعرض إلى الاختطاف، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والمعاملة السيئة، وأنكر مرة أخرى الاعترافات التي نسبتها له الشرطة. ولا تمتلك هيومن رايتس ووتش نسخة من شهادته أمام المحكمة. ولكن استنادًا إلى زوجته ميمونة بوش، فان أحمد قال لها إن الشرطة قامت بعصب عينيه أثناء الاستجواب وقامت بضربه، وهددوه بزوجته، وأجبروه على الانحناء لفترات طويلة. كما قال لها إنه وقع في نهاية الأمر على محضر للشرطة دون أن يقرأه. [75]   

وأدانت المحكمة أحمد خوشياع بتهديد الأمن الداخلي للدولة بتكوين عصابة مسلحة والإعداد لارتكاب أعمال إرهابية، وحيازة ونقل أسلحة في إطار تلك العصابة، إضافة إلى تهم أخرى. وحكمت عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات.

وقال منصور بلغديش، وهو من القنيطرة أيضا، إن الشرطة أجبرته على التوقيع على تصريح دون أن يقرأه. واستنادًا إلى زوجته سميرة الرماش، قامت الشرطة باعتقال منصور، وهو أستاذ مرحلة إعدادية مولود في 1976، قرب منزله في 19 فبراير/شباط 2008، واقتادته إلى مقاطعة الشرطة بمعاريف في الدار البيضاء. كما قالت إنه أعلمها إن الشرطة قامت باستجوابه وقدموا له اعترافًا وطلبوا منه التوقيع عليه وهو لا يزال معصوب العينين. كما قال لها في وقت لاحق إنه عندما حاول رفض ذلك، أمسكوه من رقبته ودفعوا رأسه في اتجاه الأرض، وقالوا له: "إذا أردت مغادرة هذا المكان، فعليك التوقيع على هذا". كما قالت سميرة الرماش: 

قال لي زوجي إنه لم يتحدث كثيرًا، ولكنهم أجبروه على التوقيع على عديد الصفحات. وتمكن من النظر من تحت عصابته فقرأ جملة لم يقلها أبدًا تتعلق بمراقبة يهود من القنيطرة. ولكنه لم يتمكن من الاطلاع على مضمون التصريحات إلا عندما قام بذلك مع محاميه خليل الإدريسي. [76]

واستنادًا إلى نص الحكم، أنكر منصور بلاغديش مضمون الاعترافات التي قدمتها الشرطة عندما مثل أمام قاضي التحقيق. وقامت المحكمة بإدانته وحكمت عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. وأفرجت عنه السلطات في فبراير/شباط 2013.

وقال عبد القادر بلعيرج، القائد المزعوم، للمحكمة إن الشرطة قامت بتعذيبه. ولكن هيومن رايتس ووتش لا تمتلك نسخة من تصريحاته. وقال بلعيرج في رسالة إلى محاميه البلجيكي فانسون لوركان إن المحققين قاموا بعصب عينيه أثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي، وقاموا بضربه، وتعليقه من رجليه، واستخدموا معه الصدمات الكهربائية. [77]

وتكتسب تصريحات بلعيرج المتعلقة بالتعذيب، التي قدمها أثناء فترة المحاكمة، خطورة كبيرة بالنظر إلى أن ملفه يتضمن، وعلى غير العادة، تصريحين مختلفين أدلى بهما للشرطة في تاريخين مختلفين. وبينما لا يذكر تصريحه الأول الشخصيات السياسية الستة المشتبه فيها، فان تصريحه الثاني يتحدث عنها ويورطها بشكل مباشر في المنظمة الإرهابية المزعومة. وهذا ما يثير تساؤلات حول ما حدث لـ بلعيرج بينما كان رهن الاحتجاز ليقدم تصريحًا ثانيًا يختلف عن تصريحه الأول. إضافة إلى ذلك، قد تكون المعلومات المتعلقة بالمشتبه فيهم من القيادات السياسية التي جُمعت أثناء الجولة الثانية من التحقيق قد تمت بشكل طوعي، إلا أن مزاعم عبد القادر بلعيرج المتعلقة بالاحتجاز لفترات طويلة والتعذيب تثير العديد من الأسئلة.

وإذا سلمنا بمصداقية تصريحات بلعيرج كما قدمتها الشرطة، التي أنكرها في محاكمة 7 أبريل/نيسان 2009، [78] فإنه اعترف بانتمائه إلى منظمة إرهابية شارك في تأسيسها في المغرب في 1992، وأيضًا بعلاقته مع منظمة أبو نضال الفلسطينية الإرهابية في الثمانينات، وفي أنشطة جهادية وجنائية لأكثر من ربع قرن. وشمل ذلك التورط في ست جرائم قتل ذات دوافع أيديولوجية في بلجيكا في 1988ـ1989 من بين ضحاياها يهود وإمام مسلم معتدل، وسرقة مكاتب في منطقة برنكس في لوكسمبورغ في 2000، وسرقات أخرى في بلجيكا تم القيام بها لتمويل أعمال جهادية. واستنادًا إلى تصريحات الشرطة، سافر عبد القادر بلعيرج أيضًا إلى أفغانستان، حيث التقى بزعماء تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري قُبيل هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة. كما اعترف بالسفر إلى لبنان في 1983 للتدرب على استخدام الأسلحة والمتفجرات.

وطالبت النيابة العامة بتسليط عقوبة الإعدام على عبد القادر بلعيرج. [79] وأدانته المحكمة بالتهم الموجهة إليه، ومنها القيام باغتيالات في بلجيكا في 1988ـ1989، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة. يُذكر أن السلطات البلجيكية لم توجه له أبدًا أي تهم تتعلق بالجريمة رغم أنها قامت بالتحقيق معه حول اغتيال الإمام ووضعته تحت المراقبة. [80]

ومن بين العيوب الأخرى الظاهرة في هذه القضية رفض المحكمة تمكين المشتبه فيهم من الحصول على نسخ من ملف القضية، بما في ذلك تصريحاتهم للشرطة أثناء مرحلة التحقيق. ويُعتبر السماح للدفاع بالحصول على نسخة من الملف بأكمله أمرا اعتياديًا في المغرب، ولكنه ليس حقًا يمنحه القانون. وينصّ قانون المسطرة الجنائية في المادة 139 على أن يكون ملف القضية جاهزًا لمراجعة الدفاع. ولذلك كان بإمكان محامي الدفاع في قضية بلعيرج الاطلاع على ملف القضية في قاعة المحكمة دون أن يأخذوه إلى موكليهم المحتجزين كي يقوموا بدراسته.

وقي قضية في غاية التعقيد مثل هذه، ومع وجود اعترافات لأكثر من ثلاثين مشتبها فيهم وكلهم يورطون بعضهم البعض، فإن عجز المشتبه فيهم عن دراسة الملف بأنفسهم قبل الإجابة على أسئلة قاضي التحقيق يضعهم في موضع ضعف. ولهذا قاطعت الشخصيات السياسية من بين المتهمين أسئلة قاضي التحقيق. وردّ القاضي على المقاطعة بتقديم اعترافاتهم إلى المحكمة دون الاستماع إلى شهاداتهم حول مصداقيتها.

وعندما تمكن السياسيون الستة من الإطلاع على ملف القضية، قالوا إنهم اكتشفوا أن محاضر الشرطة لم تكن مطابقة لتصريحاتهم. وأنكروا هذه المحاضر أمام المحكمة واعتبروها تزويرًا خطيرًا لتصريحاتهم.

العبادلة ماء العينين، 14 سبتمبر/أيلول 2012. أدين في قضية "بلعيرج"، وأمضى أربع سنوات في السجن قبل العفو عنه.

©2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

وزعم الرجال الستة أنه تم خداعهم بالتوقيع على نسخ مزورة لاعترافاتهم دون التعرض إلى معاملة جسدية قاسية وإلى احتجاز مطول سري أو غير قانوني، على عكس ما قاله العديد من المشتبه فيهم الآخرين. ولكن زعم بعضهم أيضًا بالتعرض إلى سوء المعاملة، فقد قال عبادلة ماء العينين للنائب العام إن الشرطة قامت بضربه وإهانته. كما قال مصطفى المعتصم إن الشرطة هددته باعتقال أفراد آخرين من حزبه السياسي إن لم يُوقع. وقال محمد المرواني إن الشرطة طلبت منه التوقيع رغم أنه كان مريضًا ويعاني من حمى عالية.

وتحدث ماء العينين لـ هيومن رايتس ووتش عن اعتقاله والتحقيق معه:

اعترضني رجال في لباس مدني أمام منزلي [في الرباط] على الساعة الثامنة والنصف صباحًا بينما كنت أصعد إلى سيارتي لأوصل أبنائي إلى المدرسة. وفي الليلة السابقة [18 فبراير/شباط 2008]، كنت قد شاهدت في التلفزيون أنهم قاموا باعتقال مصطفى المعتصم ومحمد المرواني. لم تكن لديّ أدنى فكرة عما يحدث. كنت أعرف أنهم من الشرطة، ولكنهم لم يعلموني بسبب اعتقالي، واقتادوني إلى مقاطعة الشرطة في معاريف في الدار البيضاء. أجلسوني وشرعوا في استجوابي حول أعمالي، وعندما لم أقل لهم ما كانوا يودون سماعه، بدؤوا في ضربي وإهانتي وأفراد من عائلتي. وبعد ذلك، نزعوا نظاراتي، وعصبوا عيني، وشدوا يديّ بوثاق وراء ظهري، وواصلوا طرح الأسئلة. وفي لحظة ما، عندما اعتقدوا أنني لم أكن متعاونًا، جاء رجل ضخم وقوي، كان بإمكاني معرفة حجمه رغم أنني كنت معصوب العينين، ووضع يده على عنقي ودفعني بقوة في اتجاه رجلي، وتواصل الاستجواب.
وعندما فرغوا من ذلك، جاءوني بمحضر وبنظارتي كي أستطيع قراءته. كان المحضر دقيقًا بشكل عام في ما يتعلق بما قلته لهم حول مراحل حياتي، والأحزاب السياسية التي نشطت فيها، والأشخاص الذين أعرفهم، وسفري إلى الخارج، وما إلى ذلك. ولكن كانت توجد بعض الأخطاء التي طلبت منهم إصلاحها. وفي وقت لاحق من الليل، جاء إلى زنزانتي ضابط ومعه كومة من الأوراق، وقال إن فيها نسخًا عديدة لاعترافاتي كي أوقع عليها. قرأت النسخة الأولى كاملة فوجدتها دقيقة، ثم قرأت الصفحة الأولى من النسخة الثانية ووجدتها أيضًا دقيقة. وعندها طلب مني الضابط أن أسرع، ولذلك وقعت على الأوراق دون قراءتها. أعتقد أن عددها كان حوالي عشرين نسخة. فعلت ذلك لأن الوقت كان متأخرًا في الليل، وكنت منهكًا، وكان الضابط رجلا طيبًا وقال إنه يريد العودة إلى منزله، وبكل صراحة لم يخطر لي أنهم ربما كانوا يريدون خداعي، وخاصة أنهم تعاونوا معي في إصلاح الأخطاء التي وردت في المسودة.
ولم أكتشف أن كل شيء تغيّر في النسخة المكتوبة من تصريحاتي إلا في وقت متأخر جدًا، بعد أن بدأت المحاكمة. وعلى سبيل المثال، قاموا بتغيير تواريخ الاجتماعات التي تحدثت عنها حتى يجعلوها متوافقة مع اجتماعات حضرها مشتبه فيهم آخرون. ولكن في إحدى المرات، لم ينتبهوا إلى التغييرات التي قاموا بها فدونوا لي تصريحًا يعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 1992 أتحدث فيه عن اجتماع في المستقبل، وحيث كانت كلمة "مستقبل" تشير إلى صيف 1992. كما دونوا تصريحًا آخر لي وأنا في المغرب لأخطط للقيام بأعمال إرهابية في الوقت الذي كنت لا أزال طالبًا في بلجيكا، وكان بإمكان المحكمة التأكد من ذلك من خلال التثبت في تواريخ دخولي إلى المغرب على جواز سفري... ولكن التزوير الأكبر في محاضر الشرطة هو عندما دونوا موافقتي على أني قمت بنقل أحد المشتبه فيهم الآخرين بينما كان يخطط للسطو على شاحنة... ولكني لم أصرح بأي شيء من ذلك أبدًا. [81]

كما قال المتهمون "السياسيون" الخمسة الآخرون للمحكمة إن الشرطة قامت بخداعهم بنفس الطريقة، فكلهم قاموا بقراءة محاضر تصريحاتهم وتأكدوا من دقتها، لكنهم قالوا إن الشرطة عادت إليهم وهم رهن الاحتجاز وقدمت لهم العديد من "النسخ" من اعترافاتهم وطلبت منهم التوقيع عليها. وقال بعضهم إن الشرطة مارست عليهم ضغوطًا بطرق شتى للتوقيع على جميع النسخ دون تفحصها بشكل جيّد، وهو ما قاموا به فعلا، فاكتشفوا بعد ذلك أن النسخة الموجودة في ملف القضية فيها تزوير من قبيل حذف تفاصيل تبرئة، وإضافة تفاصيل إدانة لجعلها متطابقة مع صورة مؤامرة واسعة النطاق.

وفي المحاكمة، تحدث المتهمون عن التناقضات بين ما قالوا إنهم صرحوا به للشرطة ومحتوى نسخ محاضر الشرطة التي قُدمت إلى المحكمة. ولكن المحكمة لم تبذل أي جهد للتأكد من هذه المزاعم، ولم تبعث بأي إشارة على أنها تشك في مصداقية محاضر الشرطة كما قٌدمت لها. 

وفي المحاكمة أيضًا، تحدث المحامون على أن الأعمال المزعومة المنسوبة إلى المشتبه فيهم، كما تم تقديمها في مختلف المحاضر، لم تكن متناسقة وغير قابلة للتصديق إلى درجة الشك في مصداقيتها. وعلى سبيل المثال، تم اتهام بعض المشتبه فيهم بسرقة متجر "ماكرو" في الدار البيضاء في 1994. كما قال المحامون في المحكمة إن السلطات أعلنت وقت وقوع السرقة أنها قامت باعتقال منفذيها، وهم مشتبه فيهم جهاديون تم بعد ذلك الحكم عليهم في هذه العملية وأعمال أخرى قاموا بها في المغرب. كما قال المحامون إنه اعتمادًا على الاعترافات التي تم نفيها، يصعب التصديق بعلاقة المشتبه فيهم بعملية السرقة التي وقعت منذ أربعة عشر سنة التي يُفترض أن السلطات فرغت منها منذ ذلك الزمان.

كما نفى بعض المشتبه فيهم تهمة محاولة قتل مواطن مغربي يهودي، هو بابي أزنكوت، في الدار البيضاء في 1996. ولكن مرة أخرى، يكون أهم دليل على تورط المشتبه فيهم في هذه القضية هي اعترافاتهم التي نفوها. وشهد بابي أزنكوت في قضية بلعيرج أنه لم يشاهد المعتدي عليه. وأشار فريق الدفاع إلى أن الوصف الذي قدمه شاهد العيان للمعتدي لم يكن متطابقًا مع المتهمين في القضية.

وقال عبد الرحيم الجماعي، وهو أحد المحامين الذين يمثلون الشخصيات السياسية الستة، لـ هيومن رايتس ووتش إنه يوجد عامل آخر من شأنه التشكيك في مصداقية محاضر الشرطة لاعترافات المشتبه فيهم يتمثل في تشابه الصياغة المستعملة بالعربية الفصحى رغم وجود فارق شاسع بين مستويات المتهمين في تمكنهم من اللغة العربية. كما قال الجماعي إن بعض المشتبه فيهم، على سبيل المثال، يتمتعون بمستوى تعليمي بينما يوجد واحد منهم يعمل في موقف سيارات وهو أمي تقريبًا. وأضاف أن المشتبه فيه عبد اللطيف البختي كان يعيش في بلجيكا ولم يكن يقرأ العربية، ورغم ذلك وقع على اعترافاته المكتوبة بالعربية.

زعم الحكومة بعدم وجود تمييز بين المعتقلين

في ردها على استفسارات هيومن رايتس ووتش، قالت الحكومة إن الشخصيات "السياسية" الستة الذين وجهت لهم تهمًا في هذه القضية هم مشتبه فيهم مثلهم مثل الـ 29 متهمًا آخر، ولا يختلفون عنهم إلا في قدر شهرتهم لدى مسانديهم. وكتبت الحكومة: "هذه القضية عرفت عدة حملات تشهيرية وإعلامية وادعاءات منها أن قضية المتهمين الست المذكورين أعلاه هي قضية سياسية اعتبارًا لانتماءاتهم السياسية والحزبية".

ورغم زعم الحكومة بأن الشخصيات السياسية لا يختلفون على بقية المشتبه فيهم، إلا أن مصيرهم أخذ طريقًا آخر في حكم الإدانة. وتم تخفيف عقوبات خمسة من بين هؤلاء الستة عندما كانوا في السجن أثناء محاكمة الاستئناف من السجن لمدة 20 و25 سنة إلى 10 سنوات، بينما لم يتمتع بهذا التخفيف إلا واحد من بقية المتهمين الـ 29 في الاستئناف وهو صلاح بلعيرج الذي يبدو أنه كان يعاني من مشاكل صحية كبيرة.

وفي 14 أبريل/نيسان 2012، لما أعلن الملك عن عفو ملكي أطلق بموجبه عدد كبير من المساجين، لم يشمل هذا العفو من مشتبهي قضية بلعيرج الا الشخصيات السياسية الخمس الذين كانوا لا يزالون في السجن، رغم أن المحكمة أدانتهم بلعب أدوار قيادية في ما وصفتها الحكومة على أنها "من أخطر التنظيمات الإرهابية التي تم تفكيكها مؤخرًا"، إضافة إلى المشتبه فيه صلاح بلعيرج الذي لم يبق من حكمه إلا أقل من سنة واحدة في السجن. ولم يتمتع أي واحد من بقية المتهمين الـ 21 "غير السياسيين" الذين يقضون عقوبات بذلك العفو.

احتجاجات شباب 20 فبراير / شباط في سيدي البرنوصي ـ الدار البيضاء

إدانة متظاهرين مطالبين بالإصلاح اعتمادًا على اعترافاتهم

في 12 سبتمبر/أيلول 2012، أدانت محكمة في الدار البيضاء ستة نشطاء من حركة 20 فبراير/شباط المطالبة بالإصلاح بتهمة إهانة أعوان من الشرطة والاعتداء عليهم، وإهانة الشرطة بصفتها مؤسسة دولة، وعدم الامتثال لأوامر مغادرة تجمع غير قانوني. [82] وتعود التهم إلى مظاهرة نُظمت في شوارع الدار البيضاء في 22 يوليو/تموز 2012. وكما هو الحال في القضايا السابقة، اعتمدت المحكمة على محاضر الشرطة  في إدانة المشتبه فيهم رغم أنهم زعموا أمام المحكمة أن الشرطة استعملت معهم القوة والتهديدات لإجبارهم على التوقيع على اعترافات خاطئة. [83]

ولكن خلافًا للقضايا السابقة، أمرت المحكمة في هذه القضية بعرض المشتبه فيهم على الفحص الطبي عند خروجهم من الاحتجاز. ولكن تقرير الفحص الطبي كان سطحيًا ولم يستجب للمعايير الدولية المتعلقة بفحص ضحايا التعذيب والإكراه البدني. وإذا كان ذلك الفحص يمثل الفحوص الطبية التي تأمر بإجرائها المحاكم على المعتقلين الذين يزعمون أنهم تعرضوا إلى العنف على يد الشرطة، فعلى المغرب تحسين جودة هذه التقارير من خلال ضمان مطابقتها للمعايير الدولية كما ينص عليها بروتوكول اسطنبول.

وفي 9 يناير/كانون الثاني، أيدت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء الإدانة، ولكن خففت عقوبات المشتبه فيهم الذكور الخمسة إلى السجن ستة أشهر. وفي 23 يناير/كانون الثاني، تم إطلاق سراحهم جميعًا. وخلافًا للقضايا الأخرى المذكورة في هذا التقرير، لم تكتب هيومن رايتس ووتش رسالة مفصلة إلى السلطات تطالبها فيها بالتعليق على مخاوفها المتعلقة بعدالة المحاكمة.

وقامت الشرطة باعتقال المشتبه فيهم الستة بينما كانت بصدد تفريق مسيرة فيها بضع مئات الأشخاص في حي سيدي البرنوصي الذي تسكنه فئات كادحة. كان التجمع من تنظيم حركة شباب 20 فبراير، وهي مجموعة ضعيفة التنظيم أشرفت على اجتماعات في عديد المدن في كامل أنحاء البلاد في ذلك التاريخ سنة 2011 احتجاجًا على الفساد والبطالة وغلاء المعيشة وقمع الشرطة وتجمع السلطات في يد الملك. وسمحت السلطات في بعض الأحيان بتنظيم المسيرات دون تدخل، ولكنها قامت أحيانًا أخرى بتفريقها بالقوة وعرضت المشاركين فيها على المحاكمة.

وقال مشاركون في مسيرة 22 مارس/آذار لـ هيومن رايتس ووتش إن المحتجين رددوا شعارات قوية مناوئة للنظام الملكي ولكنهم حافظوا على الطابع السلمي. وفي وقت لاحق في المساء، تحركت الشرطة لتفريق المتظاهرين، وقامت باعتقال ستة مشتبه فيهم، وأدخلتهم إلى عربة، واقتادتهم إلى مركز الشرطة.

وتحدثت ليلى نسيمي، إحدى نشطاء حركة 20 فبراير/شباط التي قالت إنها مازالت تعاني من آلام في الظهر بسبب الضرب الذي تعرضت له في عربة الشرطة، تحدثت لـ هيومن رايتس ووتش عن اعتقالها وسوء المعاملة التي تعرضت لها:

كانت المسيرة قد انتهت، ومازال بعض الناس في المكان وقد شرعوا في المغادرة: كنت جالسة في إحدى المقاهي، ولما رأيت الشرطة تتحرك وقفت لأشاهد ما لذي يجري. أمسكني أعوان الشرطة وأدخلوني إلى عربتهم، وشرعوا في ضربي على الفور. وكانوا كلما أدخلوا شخصًا آخر إلى السيارة، يقومون بضرب جميع من فيها. ثم قاموا بنقلنا إلى مركز أناس للشرطة القضائية في سيدي البرنوصي. لم أتعرض إلى الضرب في ذلك المركز، ولكنني شاهدت ماذا كانوا يفعلون للآخرين في الممرات قبل آن يقتادونا إلى مكاتب منفصلة، لقد كانوا يضربونهم، وينزعون عنهم سراويلهم، ويطلبون منهم أن يصرخوا "عاش الملك" [واحد من شعارات حركة شباب 20 فبراير "عاش الشعب"]. وإذا رفضوا، كانت الشرطة تضربهم أكثر فأكثر. [84]

وقال سمير برادلي، الذي تقابلت معه هيومن رايتس ووتش بعد أن قضى عقوبته في السجن، إن الشرطة قامت بلكمه وركله وإهانته في العربة. كما قال إن أحد الأعوان، في لحظة ما، قام بضربه بهراوة على رأسه فصار ينزف دمًا. وفي المركز، قامت الشرطة بتنظيم المشتبه فيهم صف في إحدى الغرف، ثم قامت بضربهم وإهانتهم. 

وقال سمير برادلي إنه عندما أغمي عليه، وقف شرطي فوق على قدميه إلى أن صرخ. وأضاف إنه طلب محاميًا، ولكن الشرطة أهانته وزادت في ضربه وسأله أحد أعوان الشرطة "هل تعتقد نفسك في أوروبا؟" كما قال سمير برادلي إنه عندما طلب قراءة اعترافاته قبل التوقيع عليها، قاموا بإهانته وضربه، ولذلك وقع عليها دون قراءتها. [85]  

وفي 25 يوليو/تموز، بعد ثلاثة أيام من الاحتجاز السابق للمحاكمة، تم عرض المشتبه فيهم الستة على نائب المدعي العام مصطفى فديوي الذي أعلمهم أنه وجه لهم تهم تنظيم تجمع "غير مرخص له"، والاعتداء على أعوان الشرطة وإهانتهم بينما كانوا يقومون بواجباتهم، وإهانة مؤسسة الشرطة.

وكما هو مدون في المحاضر الرسمية لجلسة الاستماع لدى النيابة العامة، أنكر المتهمون الستة التهم وقالوا إن الشرطة قامت بتعذيبهم، واعتدت عليهم بالضرب في السيارة، وفي أغلب الأحيان في المركز أيضا. وبحسب المحضر أيضًا، قال المشتبه فيه طارق رشدي، وعمره 29 سنة، إن أعوان المركز نزعوا عنه ثيابه، وأدخلوا أصابعهم في شرجه.

بينما قال يوسف أوبلا، وهو مشتبه فيه آخر وعمره 23 سنة، إن أعوان الشرطة قاموا بشده من رموشه، ونزعوا عنه ملابسه، وأدخلوا أصابعهم في شرجه. وقال سمير برادلي، وعمره 34 سنة، إن الشرطة قامت بضربه ونزع رموشه.

سمير برادلي، 10 مايو/أيار 2013. أمضى برادلي رفقة أربعة نشطاء شبان آخرين مؤيدين للإصلاح، أمضى ستة أشهر في السجن في ارتباط مع مظاهرة في الدار البيضاء.

©2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

ولاحظ نائب المدعي العام مصطفى فديوي في المحضر الرسمي، الذي قامت هيومن رايتس ووتش بمراجعته، إن عين يوسف أوبلا كانت زرقاء، وكان يحمل كدمات في ذراعه الأيمن، كما لاحظ وجود جرح في رأس سمير برادلي "يبلغ طوله حوالي 2 سنتيمتر"، ووجود كدمات وعلامات حمراء على الذراع الأيمن لـ عبد الرحمان العسال، وعمره 43 سنة، وجروح صغيرة على أنف وعنق نور السلام القرطاشي، وعمره 21 سنة، ولا توجد أي جروح على جسد طارق رشدي. ولم يتحدث المحضر عن ليلى نسيمي، وعمرها 51 سنة.

وأمر المدعي العام بعرض المشتبه فيهم على الفحص الطبي، فزارهم الطبيب في نفس اليوم وكتب تقريرًا من صفحة واحدة تحدث عنهم جميعًا. وذكر التقرير، المؤرخ في 25 يوليو/تموز 2012، إن الفحص الطبي لم يكشف "شيئًا محددًا... ولا وجود لصدمة... [ولكن] توجد خدوش سطحية في فروة رأس سمير برادلي". [86]

وقال المحامي عمر بنجلون لـ هيومن رايتس ووتش إن المشتبه فيهم الآخرين أعلنوا في وقت لاحق للمحكمة أن الطبيب لم يقم بفحصهم جسديًا. كما قال سمير برادلي إن الطبيب سألهم عن أسمائهم دون أن يفحصهم. [87]

وتم إحالة القضية على المحكمة الابتدائية في عين سباع (الدار البيضاء)، فقامت المحكمة بإطلاق سراح ليلى نسيمي بشكل مؤقت بينما أمرت باحتجاز الرجال الخمسة، وكلهم من الدار البيضاء، في انتظار المحاكمة.

وتضمن ملف القضية محاضر مكتوبة أعدتها الشرطة تقول إن المحتجين أصابوا الأعوان بجروح بينما كانوا بصدد تفريق المسيرة، وتوجد تقارير طبية لدعم هذه المزاعم. ولكن المحاميين محمد المسعودي وعمر بنجلون قالا إن هذه المحاضر لم تحدد الأشخاص الذين قالت الشرطة إنهم اعتدوا عليها، باستثناء ضابط وحيد اتهم ليلى نسيمي بالعضّ. واستنادًا إلى المسعودي وبنجلون فان هذا الاتهام ومحاضر الشرطة التي أنكرها المشتبه فيهم هي الأدلة الوحيدة على توجيه تهمة الاعتداء على الشرطة إلى المشتبه فيهم. [88]

ولم يقدم أي شاهد أو عون أمن شهادته أثناء المحاكمة التي دامت عدة جلسات وانتهت بجلسة مطولة تواصلت إلى الساعة الثالثة فجرًا يوم 11 سبتمبر/أيلول 2012. كما لم تقدم النيابة العامة أي مقطع فيديو أو أي دليل ملموس آخر، بحسب بنجلون والمسعودي.

واستنادًا إلى المحامي بنجلون، نفى المشتبه فيهم الخمسة محتوى "الاعترافات" التي قُدمت للشرطة. وبينما قال أربعة منهم إنهم وقعوا على الاعترافات تحت التعذيب، قال القرطاشي، وهو متهم آخر، إنه رفض التوقيع على اعترافاته، وبرر رفضه أثناء المحاكمة بأن الشرطة لم تقم أبدًا باستجوابه في ما يتعلق بأحداث ذلك المساء. وقالت ليلى نسيمي لـ هيومن رايتس ووتش إنها وقعت على اعترافاتها دون أن تقرأها لأنها لم تكن تحمل معها نظاراتها، وتفطنت لاحقًا إلى أن المحضر يتضمن اعترافها بعضّ عون أمن، وهو اعتراف أنكرت أنها صرحت به وأعادت إنكاره في المحكمة. 

وفي 7 سبتمبر/أيلول 2012، قال ثلاثة مشاركين في المظاهرة، يبدو أنهم شهود الدفاع، للمحكمة إنهم لم يشاهدوا إهانة الشرطة أو الاعتداء عليها. وقال واحد منهم إن الشرطة استخدمت العنف ضدّ المتظاهرين وليس العكس، بحسب نصّ الحكم.

وطلب الدفاع من المحكمة استدعاء أعوان الشرطة المشتكين للردّ على بعض الأسئلة، ولكن القاضي عبد اللطيف بلحميدي رفض ذلك. واستنادًا إلى محاميي الدفاع، تضمن الملف أيضًا شهادات بعض أصحاب الأعمال المحليين وهم يشتكون من الأضرار التي ألحقتها مسيرة 22 يوليو/تموز بأعمالهم دون أن يحددوا الجناة. وقال محامو الدفاع إن هؤلاء المشتكين لم يظهروا أبدا في المحكمة رغم طلبات الدفاع باستدعائهم للإدلاء بشهاداتهم.

وأصدر القاضي حُكمًا بسجن نور السلام القرطاشي ويوسف أوبلا لمدة ثمانية أشهر، وسمير برادلي وعبد الرحمان العسال وطارق رشدي لمدة عشرة أشهر، وليلى نسيمي لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ. كما قضى بتغريم كل متهم مبلغ 500 درهم (60 دولار أمريكي)، ومنح مبلغ خمسة آلاف درهم (600 دولار أمريكي) لكل شرطي زعم أنه تعرض إلى إصابة، يقوم بدفعها المشتبه فيهم. وكما تمت الإشارة الى ذلك سابقًا، تم إطلاق سراح جميع المشتبه فيهم الرجال في يناير/كانون الثاني 2013 بعد أن خففت محكمة الاستئناف في الأحكام المسلطة عليهم.

ليلى نسيمي، إحدى المتهمين الستة المدانين في ارتباط بمظاهرة الدار البيضاء. الصورة إهداء ليلى نسيمي.

واستنادًا إلى محامي الدفاع، تحدث المتهمون أثناء المحاكمة عن العنف والتهديد والإهانة التي قالوا إن الشرطة استخدمتها معهم لإرغامهم على التوقيع على اعترافات خاطئة، وقام القاضي باستجوابهم حول هذه الاعترافات.

وذكر نص الحكم بوضوح أن المحكمة اعتمدت على اعترافات المشتبه فيهم كما وردت في محاضر الشرطة لإدانتهم. [89] كما ذكر إن الدفاع طالب في أولى جلسات المحاكمة باستدعاء أعوان الأمن الذين قاموا برقن اعترافات المشتبه فيهم، وكذلك الطبيب الذي أعدّ التقرير الطبي بعد أن قام بفحصهم. ورفضت المحكمة هذه المطالب واعتبرتها بدون مبرر و"غير مجدية". ولاحظ نص الحكم أن المشتبه فيهم قالوا في جلسة 31 أغسطس/آب إن الشرطة قامت بضربهم، وإن الاعترافات التي دونتها الشرطة غير صحيحة، وإنهم بريئون من التهم الموجهة إليهم. أما في ما يتعلق بتهم التجمع غير القانوني، قال المتهمون إن دستور سنة 2011 يضمن لهم حق الاحتجاج السلمي.

ورأت المحكمة أن استناد الدفاع إلى الحقوق المضمنة في الدستور الجديد لم يكن مناسبًا لأن القانون المتعلق بالتجمعات العمومية مازال ساري المفعول. أما في ما يتعلق بتهم إهانة الشرطة والاعتداء عليها، فقد لاحظ نصّ الحكم أن المتهمين اعترفوا بهذه الأعمال في تصريحاتهم للشرطة، وهو إعلان يوجد في العديد من هذه الأحكام، وأكدوا "على أنه يجب الوثوق في مضمون محاضر الشرطة القضائية في غياب أدلة تتعارض معها". ويبدو أن المحكمة اعتمدت بشكل كامل على هذه المحاضر في إدانة المشتبه فيهم بالاعتداء على الشرطة لأن جميع أدلة الإدانة الأخرى في القضية لم تثبت أن هؤلاء المتهمين هم الذين ارتكبوا الأعمال التي تقوم عليها المحاكمة باستثناء المشاركة في المظاهرة، وهو ما اعترفوا به بشكل طوعي. ولكن الاستثناء الوحيد، كما تمت الإشارة إلى ذلك، هو محضر كتابي أعده أحد أعوان الشرطة يتهم فيه ليلى نسيمي بعضه.

وفي ما يتعلق بمزاعم التعذيب، خلصت المحكمة إلى "عدم وجود أدلة في القضية تبرز تعرض المشتبه فيهم إلى التعذيب. وتحدث المتهمون عن بعض الأعمال ولكنهم بالغوا فيها ولم يقدموا أي أدلة مقنعة [عن التعذيب]. إضافة إلى ذلك، لم يتوصل الطبيب [الذي قام بفحصهم] إلى ما كانوا يزعمون". كما نص الحكم على أن الخدوش التي لاحظها النائب العام على المشتبه فيهم كانت عادية وهي "ناتجة عن تفريق التجمع بالقوة". ولكن المحكمة لم تشرح كيف عرفت سبب هذه الإصابات. بالإضافة إلى ذلك، لم يؤثر عرض المتهمين على الفحص الطبي، الذي أمر به النائب العام بعد أن شاهد علامات العنف على أجسادهم، بحسب المحكمة، في القيمة الاستدلالية لمحاضر الشرطة المتعلقة باعترافات المشتبه فيهم.

ورغم أن النائب العام تصرف بشكل صحيح لما أمر بالفحص الطبي، الذي أجراه الطبيب في نفس اليوم، إلا أن التقرير الذي تم إعداده لم يكن كافيًا لمساعدة المحكمة على ضمان احترام التزامها تجاه قانون المسطرة الجنائية بأن لا يتم اعتماد أي اعتراف تم انتزاعه بالعنف أو الإكراه على أنه دليل. واستنادًا إلى أحد خبراء الطب الشرعي، الدكتور دوارت فييرا، مدير المعهد الوطني البرتغالي للطب الشرعي بين 2007 و2012، كان التقرير "غير مقبول على إطلاق، وهو تقرير طبي قانوني بلا قيمة جنائية". وعمل الدكتور فييرا كخبير في الطب الشرعي في بعثة المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بالتعذيب، التي وصلت إلى المغرب بعد ثلاثة أيام من إدانة المحكمة للمشتبه فيهم في قضية سيدي البرنوصي. وقام الدكتور فييرا، بطلب من هيومن رايتس ووتش، بالتثبت من التقرير الطبي وإعطاء تقييمه له، والتقرير موجود في الملح ق الخامس أدناه. [90]

وقال خوان منديز، المقرر الخاص المكلف بالتعذيب، في نهاية مهمته في المغرب إن واحدًا من الأسباب التي تجعل المحاكم نادرًا ما تعتبر الاعترافات غير مقبولة على أساس أنها انتزعت تحت الإكراه "قد تكون النوعية الرديئة لتقارير الطب الشرعي، والتي لا تقدم للنيابة العامة والقضاة مساعدة كبيرة في عملية اتخاذ قراراتهم". وخلص خوان منديز إلى أن:

هناك حاجة إلى الاستثمار في مجالات الطب النفسي والطب الشرعي، مع توفير تدريب على يد خبراء الطب الشرعي في تقييم سوء المعاملة والتعذيب بما يتماشى مع المعايير الدولية، ومنها بروتوكول إسطنبول. وفي الممارسة، لا يمكن لضمانات منع التعذيب أن تعمل بشكل جيّد لأنه "لا توجد أدلة" على حصول تعذيب، ولذلك يبقى الاعتراف أو التصريح في المحضر ولا يتم بذل أي جهد للتحقيق في ذلك ومحاكمة ومعاقبة مرتكبيه. [91]

محاكمة نشطاء صحراويين أمام المحكمة العسكرية في قضية أكديم إزيك

في فبراير/شباط عام 2013، حاكمت المحكمة العسكرية [92] بالرباط وأدانت 25 رجلا صحراويا بتهم تتعلق ب مقاومة قوات الأمن عند تفكيكها مخيم أكديم إزيك الاحتجاجي قرب العيون في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2010. أودت أعمال عنف ذلك اليوم بحياة 11 فرداّ من قوات الأمن. [93] وأصدرت أحكاما ثقيلة بالسجن، بما في ذلك تسعة أحكام بالسجن مدى الحياة. استأنف المتهمون الحكم مباشرة إلى محكمة النقض، وليس هناك محاكمات في مرحلة الاستئناف في نظام المحكمة العسكرية. إلى حدود طبع هذا التقرير، لم تكن محكمة النقض قد أصدرت قرارها بعد، و يظل 21 من المتهمين في سجن سلا.

كان القاضي الذي ترأس المحاكمة، نور الدين زحاف، المدني الوحيد في هيئة المحكمة المكونة من خمسة قضاة. ضمن القضاة أن تكون الجلسات، التي عقدت في قاعة المحكمة والتي يمكن أن تستوعب أكثر من 200 شخص، علنية ومتاحة للعشرات من الصحفيين والمراقبين المحليين والدوليين، بما في ذلك مراقباً من هيومن رايتس ووتش. سمح القضاة للمتهمين، الذين مثلوا في ملابس مدنية ولم يكونوا مكبلي اليدين، بالتحدث دون انقطاع، تقريبا من دون استثناء.

وعلى الرغم من الطريقة المنظمة والشفافة التي أجرت بها المحكمة المحاكمة، فإن عدة جوانب من المحاكمة تضع عدالتها موضع شك:

·        محاكمة مدنيين أمام محكمة عسكرية، في انتهاك للمعايير الدولية؛

·        طول فترة الاعتقال الاحتياطي – 26 شهرا بالنسبة لمعظم المتهمين - من دون مراجعات دورية وقرارات كتابية من المحكمة تعلل رفضها منح السراح المؤقت لهم (يتم تناول هذه المسألة في الفصل التالي)؛

·        فشل المحكمة في التحقيق في مزاعم بأن المتهمين أثاروا في مرحلة مبكرة من مراحل المحاكمة أن الشرطة قد عرضتهم للتعذيب أو الإكراه ليوقعوا على تصريحات كاذبة؛ و

·        اعتماد المحكمة على تصريحات المتهمين المتنازع عليها للشرطة كأساس رئيسي، إن لم يكن الوحيد، لإدانتهم، كما يوضح حكم المحكمة المكتوب، الذي صدر بعد شهر من صدور الأحكام.

حضر مراقب هيومن رايتس ووتش عدة جلسات للمحاكمة (انظر القسم بعنوان "منهج التقرير" أعلاه). وتبادلنا أيضا مراسلات مع السلطات حول هذه القضية (انظر الملحق الأول).

خلفية الأحداث موضوع المحاكمة

في أكتوبر/تشرين الأول 2010، أقام صحراويون بلدة مؤقتة تتألف من آلاف الخيام في الصحراء خارج مدينة العيون، في أكديم إزيك، للاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الصحراء الغربية، وهي منطقة شاسعة متنازع عليها والتي يديرها المغرب بحكم الأمر الواقع منذ السيطرة عليها في عام 1975، بعد انسحاب إسبانيا، القوة الاستعمارية. دخلت السلطات المغربية في مفاوضات مع قادة حركة الاحتجاج، ولكن عند نقطة معينة قررت أنه على الآلاف من المتظاهرين في أكديم إزيك المغادرة.

في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، تدخلت قوات الأمن لتفكيك المخيم. غادر بعض سكان المخيم فورا في حين قاوم الآخرون قوات الأمن. تسبب ذلك في مواجهات عنيفة بين صحراويين وقوات الأمن في المخيم والتي امتدت إلى مدينة العيون، حيث تضررت العديد من المباني العامة والخاصة والسيارات. قتل إحدى عشر ضابطا من الأمن في ذلك اليوم، وفقا للحصيلة الرسمية [94] . يشير الكتاب الأبيض للحكومة عن أحداث أكديم إزيك أن هؤلاء هم أربعة عناصر من الدرك الملكي، وأربعة من القوات المساعدة، وواحداً من القوات المسلحة، وواحداً من الأمن الوطني، وواحداً من الوقاية المدنية [95] .

اعتقلت قوات الأمن، أثناء وبعد الأحداث، مئات الصحراويين على خلفية الاشتباكات. وأحيل إلى المحكمة العسكرية بالرباط 24 شخصا كمجموعة، بتهم من بينها العنف المميت ضد موظفين مكلفين بإنفاذ القانون، وتكوين عصابة إجرامية، والتمثيل بجثة. في عام 2012، اعتقلت السلطات صحراويا آخر في ارتباط بهذه الأحداث، وأضافته كمتهم في هذه القضية. وأحالت السلطات أكثر من 120 صحراويا آخرين إلى المحاكمة أمام محكمة الاستئناف في العيون بتهم ليس من بينها التسبب في وفاة آخرين. وقد أفرج عنهم مؤقتا، في انتظار المحاكمات التي لم تبدأ بعد.

ووفقا لرواية المسؤولين المغاربة عن الأحداث، فإن نشطاء صحراويين مؤيدين للاستقلال، في تحالف مع مجرمين، سيطروا على المخيم الاحتجاجي وعسكروه، ومنعوا سكانه من المغادرة، وعارضوا أيضا المفاوضات مع السلطات المغربية حول مطالب اجتماعية واقتصادية، وأعدوا بعناية للمقاومة العنيفة، التي شملت الحجارة، والزجاجات، وقنينات الغاز، و"أسلحة بيضاء" والتي استخدمت ضد قوات الأمن عندما دخلت الأخيرة المخيم في 8 نوفمبر/تشرين الثاني [96] .

عندما أحيلت القضية إلى المحكمة في فبراير/شباط عام 2013، كان 21 من المتهمين رهن الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا منذ نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2010، وقد تم القبض على اثنين آخرين في الآونة الأخيرة، ويجري البحث عن واحد وآخر مفرج عنه مؤقتا. (قائمة المتهمين في الملحق الثالث). العديد من المدعى عليهم دعاة معروفون إلى استقلال الصحراويين وحقوق الإنسان، بمن فيهم النعمة أسفاري، ومحمد التهليل، وأحمد السباعي، والذين سجنوا من قبل لنشاطهم السياسي.

اتهمت المحكمة جميع المتهمين بتشكيل عصابة إجرامية، وهي تهمة يُعاقب عليها بخمس إلى عشر سنوات سجنا، بموجب الفصلين 293 - 294 من القانون الجنائي. واجه معظمهم أيضا تهمة الاعتداء المميت عمدا على الشرطة (يعاقب عليها بالإعدام، بموجب الفصل 267.5 من القانون الجنائي). واتهم البقية بـ "المشاركة" في هذه الجرائم، ويعاقب عليها بموجب فصول القانون الجنائي 129 – 130. على سبيل المثال، حوكم أسفاري، الذي اعتقلته الشرطة قبل اندلاع أعمال العنف بيوم واحد، لـ "المشاركة" بسبب دوره القيادي المفترض في إعدادها. وبالإضافة إلى ذلك، وجهت إلى اثنين من المتهمين تهمة "التمثيل بـ أو تشويه" جثة، ويعاقب عليها بـ سنتين إلى خمس سنوات سجنا وغرامة مالية، تحت الفصل 271 من القانون الجنائي.

وقال جميع المتهمين إنهم أبرياء من التهم. وذكر بعضهم في المحاكمة أن السبب الحقيقي وراء محاكمتهم هو نشاطهم من أجل تقرير مصير الصحراويين.

حوالي الساعة الثانية صباح يوم 17 فبراير/شباط 2013، أعلنت المحكمة العسكرية أحكام الإدانة في حق جميع المتهمين. حكم على اثنين بما قضيا وأفرج عنهما. في حين تلقى الباقون أحكاما بالسجن تتراوح بين 20 عاما والمؤبد [97] . وحتى كتابة هذه السطور، كان 21 متهما يقضون عقوباتهم في سجن سلا.

محاكمة مدنيين أمام محكمة عسكرية

للمحكمة العسكرية، تحت قانون القضاء العسكري، الاختصاص القضائي على المدنيين الذين توجه إليهم اتهامات بارتكاب جرائم ضد أعضاء القوات المسلحة الملكية والقوات ذات الصلة (الفصل 3) [98] . في 22 ديسمبر/كانون الأول 2011، أحال قضاة التحقيق المعتقلين إلى محكمة عسكرية لمحاكمتهم استناداً إلى الفصلين 7 و76 من هذا القانون. [99]

تخالف الإحالة إلى محكمة عسكرية قاعدة أساسية في القانون الدولي تشترط محاكمة المدنيين أمام محاكم مدنية. في "قضية سليمان ضد السودان"، أكدت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أنه يجب على المحاكم العسكرية فقط "نظر الجرائم ذات الطبيعة العسكرية البحتة التي يرتكبها الموظفون العسكريون" و "ويمنع على المحاكم الخاصة النظر في القضايا التي تدخل ضمن صلاحيات المحاكم الطبيعية". وبالإضافة إلى ذلك، تنص المبادئ التوجيهية بشأن الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا التي تبنتها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على أن "الغرض الوحيد من المحاكم العسكرية هو البت في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية البحتة التي يرتكبها العسكريون".

في المغرب، يحرم المتهمون أمام محكمة عسكرية من عدم وجود مرحلة محكمة استئنافية. فرصتهم للطعن في حكم الدرجة الأولى تقتصر على تقديم ملتمس إلى محكمة النقض، والتي يمكن أن تنقض الحكم بسبب أخطاء مسطرية، أو الاختصاص القضائي، أو الشطط في استعمال السلطة، أو تطبيق القانون، ولكنها لا تدرس وقائع القضية. في المقابل، يشمل نطاق اختصاص محاكم الاستئناف في نظام المحاكم المدنية مراجعة للوقائع.

في بداية المحاكمة يوم 1 فبراير/شباط، اعتبر الدفاع أن إحالة القضية إلى محكمة عسكرية يخالف دستور 2011، الذي يحظر "المحاكم الاستثنائية" في الفصل 127. وقال الدفاع أيضا إن المحاكمة انتهكت مبدأ المساواة الدستوري بين المواطنين، بما أن للمدنيين الذين يحاكمون أمام محاكم عسكرية حق محدود أكثر في الاستئناف مما لو تمت محاكمتهم أمام محكمة مدنية. في 8 فبراير/شباط، رفضت المحكمة هذه الحجج، قائلة إنه وعلى الرغم من دستور 2011، فالقوانين التي تعطي المحاكم العسكرية الاختصاص القضائي على المدنيين لا زالت سارية المفعول. وعلاوة على ذلك، قال القاضي إن المحكمة العسكرية هي محكمة "مختصة" وليست "محكمة خاصة".

فشل المحكمة العسكرية في التحقيق في ادعاءات التعذيب

أكد المتهمون الواحد تلو الآخر، عندما أتيحت لهم فرصة الحديث أثناء المحاكمة، إنكارهم لتصريحاتهم للشرطة. وقال المتهمون إن قوات الأمن عذبتهم وأجبرتهم على التوقيع على تصريحات لم يقرأوها. وقالوا إنهم اكتشفوا لاحقا أن المحاضر لا تعكس أقوالهم.

في بداية المحاكمة، طلب الدفاع من المحكمة التحقق من هذه الادعاءات. في 14 فبراير/شباط، حث ممثل النيابة العامة القاضي على رفض هذا الطلب، معتبرا أنه كان على الدفاع تقديم الطلب في وقت سابق، في مرحلة التحقيق في القضية. في حين يبدو أن المتهمين لم يطلبوا على وجه التحديد من قاضي التحقيق أن يأمر بإجراء فحص طبي للتأكد من آثار التعذيب، قال له معظمهم في أول جلسة في الموضوع إن الشرطة عذبتهم.

دائما ما تسبق أول جلسة أمام قاضي التحقيق جلسة روتينية بعد فترة وجيزة من إنهاء المتهمين فترة الحراسة النظرية لدى الشرطة. الغرض من هذه الجلسة الأولي هو التأكد من هوية المتهمين، وإطلاعهم على التهم الموجهة إليهم، ويمكنهم تقديم ملتمسات. مثل كل المتهمين تقريبا في هذه القضية في الجلسة الأولى دون محام. وفي الثانية، وهي جلسة أطول، يسأل قاضي التحقيق المتهمين، بحضور محاميهم، عن مزيد من التفاصيل حول الاتهامات.

توضح تقارير عن جلسات الاستماع الأساسية أنه في هذه المرحلة - قبل نحو عامين من بدأ المحاكمة - قام ما لا يقل عن 17 متهما بإبلاغ قاضي التحقيق عن تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة، والتي قال معظمهم إنها دفعتهم إلى توقيع اعترافات كاذبة. ولا يبين ملف القضية أي دليل على أن المحكمة أجرت فحصا طبيا على أي متهم في أي وقت للتحقق من أدلة على سوء المعاملة؛ أكد محامو الدفاع لـ هيومن رايتس ووتش عدم وجود خبرات كافية في مجال الطب الشرعي.

خلال المحاكمة، سأل القاضي زحاف بعض المتهمين أسئلة قليلة وقصيرة حول التعذيب الذي قالوا إنهم تعرضوا له، لكنه لم يجر تحقيقاته الخاصة ولم يأمر بإجرائها. ويوحي حكم المحكمة المكتوب بقبول حجة ممثل النيابة العامة، أن الأوان كان قد فات على إجراء مثل هذا التحقيق.

يبدو منطق المحكمة هذا غير سليم، حتى لو كان للمرء أن يتجاهل حقيقة أن معظم المتهمين أخبروا في الواقع قاضي التحقيق عن التعذيب، فإنه لا يوجد شيء في القانون المغربي أو في القانون الدولي يمنع المتهمين من تقديم حجج جديدة في أي مرحلة من مراحل المحاكمة. في حين أن توقيت إثارة التعذيب قد يكون مهما لتقييم دوافعه ومصداقيته، فإن الدفع به في وقت متأخر من المحاكمة لا يمكن أن يكون أساسا للرفض. إن واجب السلطات المغربية، ولا سيما المحاكم وقضاة التحقيق، برفض الأدلة التي تم الحصول عليها عن طريق التعذيب هو واجب مطلق، وينشأ كلما ظهر الظن بأنه تم الحصول على الأدلة عن طريق التعذيب.

إدانات على أساس تصريحات المتهمين للشرطة المتنازع على صحتها

لا يفصِّل حكم المحكمة الكتابي أساس الأدلة بأن جميع المتهمين مذنبون. ولكن، ونظرا لأنه لم يشر إلى أي دليل إدانة آخر مهم، فإنه يعتمد بشكل واضح وإلى حد كبير على اعترافات المتهمين للشرطة والتي كانت مثار خلاف - مثل قرار قاضي التحقيق العسكري العقيد محمد البقالي في وقت سابق في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 ب إحالة القضية على المحاكمة. [100]

قال الوكيل العام، العقيد عبد الكريم حكيمي، في مرافعاته الشفوية أمام المحكمة في 14 فبراير/شباط 2013، إن الأدلة الأولية ضد المتهمين هي اعترافات للشرطة تجرمهم وآخرين. وقال إن الشرطة لم تستخدم الإكراه للحصول على هذه التصريحات وأن المدعى عليهم اعترفوا عن إرادة بجرائمهم.

في الواقع، قال كل المتهمين لقاضي التحقيق إنهم أبرياء من التهم الموجهة إليهم، ومعظمهم أخبروه أن الشرطة عذبتهم أثناء الاحتجاز - حتى وإن لم يطلبوا صراحة إجراء فحص طبي في هذه المرحلة. وقال كثيرون أيضا لقاضي التحقيق إن الشرطة أجبرتهم على توقيع أو أن يضعوا بصماتهم على تصريحات لم يقرأوها. تعكس التقارير الرسمية لهذه الجلسات هذه الادعاءات. لا يحتوي ملف القضية على أي دليل على أن الطبيب فحص أيا من المتهمين للتعذيب، أو أن المحكمة أجرت تحقيقا في هذه المسألة، لتقييم مصداقية ادعاءاتهم.

تقدم تجربة المشضوفي، (مواليد عام 1985)، وهو يرويها، نموذجا. اعتقل الدرك المشضوفي صباح يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني، اليوم الذي فككت فيه قوات الأمن المخيم، في طريق تؤدي من المخيم إلى العيون. خلال خمسة أيام التي احتجزته فيها في قاعدتهم في العيون، أخرجوه مرتين من زنزانة جماعية وحققوا معه وحده في مكتب، بينما هو جالس على ركبتيه، مكبل اليدين، مع اثنين أو ثلاثة وكلاء يقفون خلفه. قال إن هذه الاستجوابات استمرت حوالي 15 دقيقة لكل منها، وتركزت على نشاطه في المخيم، ومن يدير المخيم، وعما إذا كان يعرف الأشخاص المعروضة صورهم. ذكر المشضوفي كيف ضربه أكثر من وكيل من بين الوكلاء الواقفين وراءه على الرأس والرقبة في كل مرة نفى فيها الاتهامات أو فشل في توفير المعلومات التي طلبوها. وقال إنه في لحظة ما، قال له أحد المحققين إن الشرطة ستكتب ما تريد بغض النظر عما قاله لهم في الواقع.

في اليوم الخامس، قدم رجال الدرك محضرا للمشضوفي ليوقعه. وقال إنه عندما طلب قراءته أولا، لكنهم رفضوا، وفي نهاية المطاف جعلوه يمهره ببصمته في حين كانت يداه لا تزالان مكبلتين إلى الوراء. وفي مرة أخرى جعلوه يوقع وثيقة أخرى لم يسمحوا له بقراءتها. وفقا للمشضوفي، فقد غطوا الصفحات باستثناء مساحة في الأسفل مخصصة للتوقيع. لم يكن قادرا في أي وقت من الأوقات أثناء احتجازه في العيون على الاتصال بعائلته أو بمحام. وقال إنه علم محتويات تصريحاته فقط عندما تلاها عليه قاضي التحقيق فيما بعد.

بعد خمسة أيام من الاحتجاز في العيون، نقلته السلطات بالطائرة وغيره من المعتقلين إلى الرباط، حيث عرضوهم على قاضي التحقيق العسكري. خلال الجلسة الأولى أمام القاضي، لم يكن للمشضوفي أي محام. أخذ القاضي تفاصيل عن هويته وطلب منه الرد على التهم الموجهة إليه، والتي نفاها. قال المشضوفي إنه في هذه الجلسة الأولية، والتي استمرت خمس دقائق، لم يطلع القاضي عن تعرضه للتعذيب أو طلب فحص طبي. قال، ومع ذلك: "كان بإمكان القاضي أن يرى بسهولة علامات التعذيب: كانت هناك دماء علىّ وجرح على عيني حيث ضربني رجال الدرك. لكن القاضي لم يرد على هذا...  كل ما أفكر فيه هو الحصول على بعض الطعام والنوم".

في الجلسة الثانية، حضر محام مع المشضوفي. سأله القاضي مرة أخرى الرد على الاتهامات. قال المشضوفي لـ هيومن رايتس ووتش:

عندما قلت إنني بريء، رد القاضي: "ليس هذا ما قلته للشرطة". أخبرت القاضي عن التعذيب، والعلامات التي كانت لا تزال واضحة على جسدي، وحول إجباري على توقيع تصريحات دون قراءتها. لم يقم القاضي بمقاطعتي، لكنه طرح أسئلة لإعادة توجيه الحديث نحو مواضيع أخرى. طلبت منه إجراء فحص طبي لأنني لم أعد أسمع بالأذن التي ضربتني الشرطة عليها. وبدا القاضي موافقا على هذا، ولكن في النهاية لم يقم أي طبيب بفحصي في أي وقت بشأن علامات التعذيب. [101]

تؤكد التقارير الرسمية للجلسة الثانية لقاضي تحقيق المشضوفي، أنه نفى محتويات محضر تصريحاته للشرطة وأنه قال للقاضي إن رجال الدرك عذبوه (انظر الملحق الثالث). عندما التقينا المشضوفي، بعد عامين ونصف من اعتقاله وثلاثة أشهر بعد خروجه من السجن، كانت لا تزال هناك ندبة صغيرة فوق عينه اليمنى، قال إنها نتيجة ضربه من طرف دركي بمصباح يدوي.

إن صياغة بعض التصريحات للشرطة تثير تساؤلات حول طبيعتها الطوعية. على سبيل المثال، تتضمن تصريحات النعمة أسفاري للشرطة إعلانات مثل أن الغرض من إنشاء المخيم الاحتجاجي كان هو "خلق الفتنة والرعب مع الإخلال بالنظام العام وزعزعة الاستقرار والهدوء الذي يسود [مدينة العيون] ونواحيها..." ولتحقيق هذه الغاية "بادرت، بحكم نشاطي في بعض المنظمات غير الحكومية، إلى جلب وجمع وادخار مبالغ مالية مهمة، حصلت عليها من طرف منخرطين في العمل الجمعوي من الخارج، اعتقادا منهم بأنني سأوظفها في مشاريع خيرية، في حين كان المخطط يرمي إلى تمويل فكرة المخيم وأداء واجبات المتطوعين من أبناء الإقليم وتوظيفهم هم الآخرين في أعمال من شأنها المس بالأمن العام والحريات العامة في التنقل للمحتجزين بالمخيم وإعطاء صورة معاكسة للرأي العام على الأمن والطمأنينة اللذان يسودان المدينة". [102]

وقال محمد لمين هدي لقاضي التحقيق إن الشرطة عذبته وجعلته يبصم على تصريحه وهو معصوب العينين. ووفقا لتصريحه للشرطة، أعلن هدي أن الأصفاري ومحمد بوريال، القادة المزعومين للتمرد،  محرضون من "جهات أجنبية همها الوحيد وهدفها الأسمى هو زعزعة الاستقرار الأمني بالمناطق الصحراوية والمس بالأمن الداخلي بالبلاد". ويتواصل تصريح هدي:

قامت [القوات العمومية والسلطة المحلية] بجهود حثيثة من أجل فض المخيم بشكل سلمي حيث انصاعت لمطالب المواطنين ومكنت جزء منهم مما كان يطمح إليه من مطالب، مما دفع كثرا من المواطنين إلى إبداء رغبتهم في مغادرة المخيم. وأمام هذه الإشكالية قرر النعمة الأصفاري ومعاونيه وبعد استشارة المسمى زايو سيدي عبد الرحمان استنفار كافة الفرق الأمنية حيث تم مدها بأوامر صارمة تقضي بمنع المواطنين من مغادرة المخيم عن طريق الترهيب والوعيد واحتجازهم إن اقتضى الأمر ذلك" [103] .

 

لم تعرض النيابة العامة أدلة أكثر من تصريحات المتهمين للشرطة. استمعت المحكمة لواحد فقط من شهود الإثبات، رجل الإطفاء رضوان لحلاوي، الذي شهد في 13 فبراير/شباط بأنه ساعد يوم الاشتباكات في إجلاء رجال أمن مصابين. وقال إن كتفه أصيب وأن مجموعة من المدنيين احتجزوه لفترة. ومع ذلك، قال للمحكمة إنه لم يتعرف على أي من المتهمين.

وعرضت النيابة العامة أشرطة فيديو في المحكمة، في 14 فبراير/شباط، مصورة في الغالب من مروحيات تحلق فوق المخيم. أظهرت تسجيلات الفيديو إلقاء المدنيين الحجارة، والكثيرين منهم ملثمين. في إحدى اللقطات، يظهر شخص يلقي بالحجارة على فرد من قوة الأمن ملقى على الأرض، وفي مشهد آخر، يظهر شخص ملثم يتبول على فرد من قوة الأمن ملقى على الأرض.

المتهم المدان بالتمثيل بجثة هو محمد البشير بوتنكيزة. في تصريحه للشرطة، اعترف برميه الشرطة بالحجارة والتبول على جثة. لكن بوتنكيزة احتج ببراءته أمام قاضي التحقيق في أول مثول له، وقال للقاضي في ثاني مثول له إن الشرطة عذبته كي يوقع على محضر لم يقرأه. في المحاكمة، يوم 11 فبراير/شباط، كرر بوتنكيزة هذه الادعاءات وقال إنه ليس الشخص الذي أظهره الفيديو وهو يمثل بجثة. وطلب من المحكمة تعيين خبير لتحديد ما إذا كان هو ذاك الشخص. لم تفعل المحكمة ذلك. وفي حكمها الصادر كتابة، لم تشر المحكمة إلى أن مقاطع الفيديو تشكل في رأيها أدلة ضد أي من المتهمين.

عرضت النيابة العامة أيضا أسلحة أمام المحكمة في 8 فبراير/شباط التي يزعم أن الشرطة ضبطتها في المخيم، بما في ذلك سيوف، ولكن ليس بنادق. ومع ذلك، لم تقدم النيابة العامة أي دليل آخر يربط الأسلحة بالمتهمين غير "اعترافات" يقرون فيها بحيازتها واستخدامها. طلب الدفاع من المحكمة أن تأمر باختبارات الحمض النووي على الأسلحة لمعرفة ما إذا كانت تخص المتهمين. لم تفعل المحكمة ذلك.

رفضت المحكمة ملتمسات الدفاع باستدعاء ضباط الشرطة الذين دونوا تصريحات المتهمين. لم يشهد أي ضابط شرطة أثناء المحاكمة.

علاوة على ذلك، لم يقدم أي تقرير عن تشريح الجثة في المحاكمة لتوضيح كيف ومتى مات أفراد قوات الأمن. ولم تحدد المحكمة مَن مِن بين المتهمين تسبب في وفاة مَن مِن بين مسئولي إنفاذ القانون. ولم تثبت من من بين أفراد الشرطة توفي نتيجة عنف المتظاهرين.

خلاصة القول، أدانت المحكمة المتهمين على أساس تصريحاتهم للشرطة المطعون فيها، واعتبرتها أدلة برغم أنها لم تبذل جهوداً تُذكر للتحقيق في ادعاءاتهم، التي أثاروها في وقت سابق في مرحلة التحقيق، بأن هذه التصريحات كاذبة وتم الحصول عليها من خلال التعذيب ووسائل الإكراه الأخرى غير المسموح بها.


الحرمان من الوصول إلى العدالة في الوقت المناسب

 

قضية أكديم إزيك

ثغرة إضافية في محاكمة المتهمين في قضية أكديم إزيك المذكورة أعلاه هي انتهاك حق المتهمين في أن يحاكموا دون تأخير لا مبرر له، وهو حق يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والفصل 120 من دستور 2011 المغربي. قضى واحد وعشرون متهما على الأقل 26 شهرا رهن الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا، التي تقع على بعد 1200 كيلومتر من العيون، حيث تعيش معظم أسرهم. (سلا هو السجن الأقرب إلى المحكمة العسكرية بالرباط، التي أحيلت إليها قضيتهم).

عندما أنهى المتهمون أيامهم الأولى رهن الحراسة النظرية لدى الشرطة، أمر قاضي التحقيق العقيد محمد البقالي باعتقالهم في انتظار المحاكمة، بسبب خطورة الجرائم التي اتهموا بارتكابها.

التاقي المشضوفي، 15 مايو/أيار 2013. غادر المشضوفي السجن في فبراير/شباط 2013 بعد أن حكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن 27 شهراً كان قد أمضاها بالفعل في سجن أكديم إزيك.

© 2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch.

ينص قانون المسطرة الجنائية في المادة 159 على أن الاعتقال الاحتياطي يجب أن يكون إجراء "استثنائيا". وتحدد المادة 177 فترة الاعتقال الاحتياطي بشهرين، في حالة جرائم خطيرة، قابلة للتجديد لخمس مرات إضافية بأمر من قاضي التحقيق، ليصبح المجموع 12 شهرا.

ومع ذلك، فهذه المهلة تنطبق فقط على مرحلة التحقيق: بعد أن يحيل قاضي التحقيق القضية إلى المحاكمة، فالقانون المغربي لا يحد من الوقت الذي يمكن للمتهمين أن يقضوه في الاحتجاز، ولا يشترط مراجعة دورية للاحتجاز.

وهكذا، حينما أنهى قاضي التحقيق تحقيقاته في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أمضى المتهمون في قضية أكديم إزيك 15 شهرا أخرى رهن الاعتقال الاحتياطي قبل أن تبدأ المحاكمة.

لا القانون الدولي ولا المغربي يحدد الحد الأقصى للاعتقال الاحتياطي أو ما يشكل اعتقالا احتياطيا مفرطا. عوامل مختلفة، مثل تعقيد القضية، تستحق أخذها بعين الاعتبار. ومع ذلك - كما سيتم الإشارة إليه في القسم الوارد أدناه بشأن القانون الدولي -  للمشتبه به الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي الحق في مراجعة دورية لاعتقاله الاحتياطي من قبل القاضي، والذي يجب أن ينظر فيما إن كان لا يزال قانونيا، أخذا بعين الاعتبار أن الاعتقال الاحتياطي يجب أن يكون استثناء ويجب أن تكون الإجراءات في اتجاه المحاكمة سريعة.

وفقا لقانون المسطرة الجنائية، المادة 180، يمكن للمدعى عليه أو محاميه أن يطلب من المحكمة في أي وقت إطلاق سراحه من الاعتقال الاحتياطي، ويتعين على المحكمة الرد كتابة، وله تجديد هذا الطلب مراراً. يحتوي قانون القضاء العسكري على حكم مماثل في المادة 67. [104]

النعمة اصفاري، 4 أغسطس/آب 2008، يمضي حالياً عقوبة بالسجن 30 عاماً أنزلتها به محكمة عسكرية في قضية أكديم إزيك.

© 2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

في قضية أكديم إزيك، لا يبدو أن الاعتقال الاحتياطي للمتهمين الذي يزيد عن سنتين كان موضوع مراجعة شفافة ودورية. لم تقم المحكمة العسكرية، في حدود ما استطاعت هيومن رايتس ووتش تحديده، بالرد على الملتمسات الكتابية المقدمة من الدفاع للإفراج مؤقتا عن المتهمين. وليس للمتهمين وسيلة إنصاف فعالة للطعن في استمرار اعتقالهم، ونتيجة لذلك أصبح الاعتقال الاحتياطي تعسفيا، في انتهاك للحظر المفروض على الاعتقال التعسفي في المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

في البداية، قررت المحكمة العسكرية افتتاح المحاكمة في 13 يناير/كانون الثاني 2012، بعد 14 شهرا من الأحداث. ومع ذلك، في 12 يناير/كانون الثاني، قال فريق الدفاع إنه تم إخطارهم عن طريق مكالمة هاتفية أن المحكمة أجلت انطلاق المحاكمة، من دون تحديد موعد جديد.

بعد ذلك بثمانية أشهر، أعلنت المحكمة العسكرية أن المحاكمة ستبدأ في 24 أكتوبر/تشرين الأول. ومع ذلك، في 23 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت المحكمة تأجيل آخر لأجل غير مسمى، بسبب، حسب ما ورد، أن العربي البكاي قد اعتقل في سبتمبر/أيلول وأضيف كمتهم في القضية، وهو ما يتطلب وقتا إضافيا لمراجعة ملف القضية.

في 31 ديسمبر/كانون الأول، تم إبلاغ المتهمين أن المحاكمة ستبدأ في 1 فبراير/شباط 2013. هذه المرة، انطلقت كما كان مقررا، واختتمت بعد ذلك بأسبوعين.

محاكمة سبعة نشطاء صحراويين

اعتقل المغرب سبعة نشطاء صحراويين في أكتوبر /تشرين الأول 2009 واتهمهم بعد عام بـ " المس بالأمن الداخلي". بدأت المحاكمة في أكتوبر/تشرين الأول 2010، ولكنها استمرت بشكل متقطع، مع العديد من التأجيلات. أفرجت السلطات مؤقتا عن أربعة من السبعة في غضون سبعة أشهر من اعتقالهم، إلا أنها احتفظت بثلاثة آخرين رهن الاعتقال الاحتياطي لمدة 18 شهرا قبل الإفراج عنهم في أبريل/نيسان 2011، عندما كانت المحاكمة لا تزال جارية. وبعد مرور أكثر من عامين، ما زالت التهم معلقة حتى الآن لم تعقد أي جلسات محاكمة.

تعرض المتهمون السبعة لانتهاك حقهم في أن يحاكموا في غضون فترة زمنية معقولة. وكان الانتهاك حادا خصوصا بالنسبة لأولئك الذين احتجزوا لمدة 18 شهرا رهن الاعتقال الاحتياطي، ولكنه يمتد إلى الآخرين، الذين لديهم أيضا الحق في إنهاء حالة عدم اليقين بشأن مصيرهم.

ينبغي تقييم ما يشكل تأخيرا غير معقول على أساس كل حالة على حدة، مع الأخذ بعين الاعتبار تعقيد وظروف كل حالة، فضلا عن خطورة التهم وما إذا كان المتهمون رهن الاعتقال الاحتياطي.

تنطوي هذه القضية على سبعة متهمين واتهامات كانت في البداية ثقيلة قبل أن يتم تخفيفها. ظلت القضية قيد التحقيق لمدة عام من قبل قاض عسكري، بما أن التحقيق تركز على تهمة المس بـ "الأمن الخارجي" للمغرب وهي جريمة للمحكمة العسكرية الاختصاص القضائي فيها حتى بالنسبة للمدنيين. [105] قبل وصول المعتقلين الحد القانوني للاعتقال أثناء مرحلة التحقيق، وهو 12 شهرا، الذي ينطبق على الجرائم الخطيرة، [106] أحال قاضي التحقيق العسكري القضية على محكمة مدنية لمحاكمتهم بتهم أقل خطورة.

ورغم أن تلك التهم أقل خطورة، لكن مع ذلك أصبحت أساسا للمحكمة للاحتفاظ بثلاثة من المتهمين رهن الاعتقال أثناء المحاكمة. هذا القرار، إلى جانب التحقيق الذي طال أمده وإنهاء المحاكمة، كلها ترجح أن السلطات، على أقل تقدير، أعطت أولوية أقل للتأكد بشكل عادل وسريع من أن هؤلاء النشطاء الصحراويين في مجال حقوق الإنسان وتقرير المصير انتهكوا القانون.

في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2009، اعتقلت السلطات المغربية النشطاء الصحراويين علي سالم التامك، وإبراهيم دحان، وأحمد الناصري، والدكجة لشكر، ويحظيه التروزي، ورشيد الصغير، وصالح لبيهي فور عودتهم من زيارة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين قرب تندوف، بالجزائر. جميع المعتقلين، وهم ستة رجال وامرأة واحدة، من دعاة تقرير مصير الصحراء الغربية. وتدير جبهة البوليساريو، التي تعترف بها الأمم المتحدة كممثل للشعب الصحراوي، هذه المخيمات. تفضل البوليساريو إجراء تصويت شعبي حول تقرير المصير، بما في ذلك خيار الاستقلال التام، في حين يقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا للمنطقة لكنه يرفض الاستقلال كخيار. وقد شارك المغرب وجبهة البوليساريو، التي تدعمها الجزائر، في مفاوضات متقطعة وإلى الآن غير مثمرة.

تعتبر السلطات المغربية الدعوة السلمية إلى الاستقلال، أو حتى إجراء استفتاء حيث يكون الاستقلال هو أحد الخيارات، مسا بـ "الوحدة الترابية"، التي يعاقب عليها القانون. [107] سبق لكل من التامك، وإبراهيم دحان، والتروزي والصغير، والناصري أن سجنوا من قبل المغرب، جنبا إلى جنب مع مئات الصحراويين الآخرين، بسبب الأنشطة المؤيدة للاستقلال. وقع كل من دحان ولشكر ضحية للاختفاء القسري في السابق [108] . ينشط أيضا التامك، ودحان، والناصري في منظمات حقوق الإنسان الصحراوية. التامك، المقيم في العيون، هو نائب رئيس تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان . أما دحان، من مدينة العيون، فهو رئيس الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان . وكان الناصري في ذلك الوقت نائب رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في السمارة. ولشكر عضوة في المكتب التنفيذي للجمعية الصحراوية . وقد رفضت السلطات المغربية منح الاعتراف القانوني للجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان. [109]

بعد إلقاء القبض عليهم، قضى السبعة ثمانية أيام في مقر الشرطة القضائية في الدار البيضاء، أربعة منهم كانوا معصوبي العينين مقيدي اليدين في زنازن انفرادية، وفقا لدحان والصغير والتروزي. إلا أن السلطات المغربية لم تبلغ أقارب المعتقلين بإلقاء القبض عليهم حتى مساء الخميس 12 أكتوبر/تشرين الأول 2009، وفقا لدحان والصغير والتروزي، [110] وذلك في خرق لقانون المسطرة الجنائية. أحالهم القاضي الذي مثلوا أمامه في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2009، على سجن سلا.

حقق قاضي تحقيق عسكري مع السبعة بتهمة "المس بأمن الدولة الخارجي"، وهي جريمة بموجب المواد 190 - 193 من القانون الجنائي والتي بموجبها يمكن محاكمة مدنيين أمام محكمة عسكرية، طبقا للمادة 4 من قانون القضاء العسكري. يمكن أن تؤدي جريمة بموجب المادة 190 من القانون الجنائي إلى عقوبة بالسجن لمدة 20 عاما، بالإضافة إلى غرامة مالية، حال ارتكابها في زمن السلم. في 21 سبتمبر/أيلول 2010، وبعد التحقيق مع المتهمين السبعة لما يقرب من اثني عشر شهرا، [111] خفض قاضي التحقيق العسكري التهم بموجب المادة 190 - 193 وأحالهم على محكمة مدنية، والتي قدمت تهمة أقل خطورة ضدهم هي المس بأمن الدولة الداخلي بموجب المادة 206 من القانون الجنائي. [112]

إبراهيم دحان، 12 سبتمبر/أيلول 2012. أمضى دحان عاماً ونصف رهن الاعتقال الاحتياطي قبل الإفراج عنه على ذمة قضية الصحراويين السبعة المتهمين بـ "المس بالأمن الداخلي". بعد إخلاء سبيله بعامين، ما زال لم يتم استئناف القضية.

©2013 Eric Goldstein/Human Rights Watch

وتتصل هذه التهمة بزيارة الوفد لمخيمات اللاجئين في تندوف لمدة أسبوعين، حيث التقوا علنا ​​بمسؤولين في جبهة البوليساريو. خلال زيارة النشطاء لتندوف، أدانت بعض الأحزاب السياسية والصحف المغربية، بما في ذلك جريدة حزب الوزير الأول، بالسبعة واعتبرتهم "خونة". حسب بيان نشرته وكالة المغرب العربي وهي وكالة الأنباء المغربية الرسمية، في 8 أكتوبر / تشرين الأول 2009 ، فإن الوكيل العام أمر باعتقال السبعة بسبب لقائهم بـ " جهات معادية للمغرب " ، في إشارة محتملة للقاءاتهم مع مسؤولي جبهة البوليساريو، من بينهم الرئيس في المنفى .

وفي  6 نوفمبر / تشرين الثاني، بعد أن قضى السبعة أربعة أسابيع رهن الاعتقال، ألقى الملك محمد السادس خطابا أشار فيه إلى الموقف المتشدد تجاه النشطاء الصحراويين، حيث أعلن :

لقد حل الوقت الذي يتعين على كافة السلطات العمومية، مضاعفة جهود اليقظة والتعبئة، للتصدي بقوة القانون، لكل مساس بسيادة الوطن، والحزم في صيانة الأمن والاستقرار والنظام العام؛ ... وبروح المسؤولية، نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع ؛ فإما أن يكون   المواطن مغربيا، أو غير مغربي . .. فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا ... ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة، والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن ...

 

وفي 28 يناير / كانون الثاني، منحت السلطات المغربية لشكر، المرأة الوحيدة في المجموعة، السراح المؤقت بناء على تقارير تفيد تدهور حالتها الصحية . وفي 18 مارس / آذار خاض المعتقلون الستة المُتبقين إضرابا عن الطعام احتجاجا على استمرار احتجازهم دون محاكمة . دام الإضراب 41 يوما. قال هؤلاء النشطاء في بيان لهم، إن زيارتهم لـ تندوف كانت " لأسباب إنسانية وحقوقية بحتة " . [113] ونفوا تسلمهم أموالا لتمويل أو إثارة القلاقل بين الصحراويين في المغرب أو في الصحراء الغربية . وفي 18 مايو / أيار منحت السلطات المغربية السراح المؤقت لـ التروزي والبيهي، وكلاهما من مدينة العيون، والصغير، وهو من مدينة الداخلة .

افتتحت جلسات المحاكمة في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2010، بعد عام الاعتقال، أمام محكمة الدار البيضاء الابتدائية في عين السبع. أجلت المحكمة الجلسة فورا لأن السلطات أخفقت في نقل المتهمين الثلاثة المعتقلين من السجن إلى قاعة المحكمة. شابت اختلالات عديدة جلسة المحاكمة. شهدت أيضا الجلسات اللاحقة اختلالات، وأدت إلى تأجيل المحاكمة. في 15 أكتوبر/تشرين الأول، دخل المتهمون قاعة المحكمة وهم يهتفون لصالح تقرير مصير الصحراويين، ورفعوا علامة النصر بأصابعهم، وفقا لمراقبين دوليين كانوا حاضرين. [114] رد عدد كبير من المحامين المغاربة يرتدون معاطفهم، والذين كانوا حاضرين في قاعة المحكمة ولكن لا يمثلون أي طرف في القضية، بترديد شعارات مؤيدة لـ "مغربية الصحراء". عمت الفوضى القاعة فرفع القاضي الجلسة.

كان من المفترض أن تستأنف المحاكمة يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، ولكنها تأجلت لستة أسابيع أخرى. وذكرت مراقب هيومن رايتس ووتش أنه قبل انطلاق الجلسة، شكل رجال ونساء يرتدون معاطف المحامين السوداء فريقا كبيرا ومهيبا أمام مدخل قاعة الجلسات واحتلوا الصفوف الأمامية داخل القاعة . ورددوا شعارات " الصحراء مغربية " ، وحمل بعضهم الأعلام المغربية وصورة الملك محمد السادس .

وحوالي الساعة الثانية بعد الزوال، دخل رئيس المحكمة القاضي حسن جابر إلى القاعة، فوقف الجمهور، وعم الصمت القاعة . وعندما نادى القاضي على المتهمين لدخول قاعة المحكمة، دخلوا وهم يهتفون بشعارات صحراوية مؤيدة لتقرير المصير . دفع هذا ببعض المؤيدين إلى رفع أيديهم بإشارة النصر، في حين بدأ حاضرون آخرون في ترديد شعارات مؤيدة للمغرب .

تصاعد الصياح وحدة التوتر دون أي تدخل واضح من قبل قوات الأمن لاستعادة النظام . وبعد حوالي 20 دقيقة غادر القاضي قاعة المحكمة . بعد ذلك قام بعض الحاضرين بلكم وركل نشطاء صحراويين معروفين من الذين حضروا المحاكمة، بمن فيهم العربي مسعود من تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان ( كوديسا ) واثنين من الصحفيين الإسبان ، هما إدواردو مارين من إذاعة كادينا سير وأنطونيو كارينيو من تلفزيون إسبانيا  (تي في إي).

وبدأت المحاكمة بشكل جدي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول واستمرت حتى يومي 7 و14 يناير/كانون الثاني 2011. سعت النيابة العامة إلى إثبات أن الاجتماعات التي عقدها المتهمون أثناء وجودهم في الجزائر، والمال الذي يزعم أنهم حصلوا عليه هناك، تشكل جرائم منصوص عليها في المادة 206 من القانون الجنائي. وقالت السلطات المغربية لـ هيومن رايتس ووتش إن المتهمين " تلقوا دعما ماديا من السلطات الجزائرية من أجل تحريض سكان المناطق الجنوبية على العصيان والقيام بأعمال شغب تمس بالمصالح العليا للبلاد ". [115]

اعترف بعض المتهمين بتلقي المال حين كانوا في الجزائر، لكنهم قالوا إنه لم يكن سوى مبلغا صغيرا لتغطية نفقات سفرهم. ونفى متهمون آخرون تلقيهم المال حين كانوا هناك، وقالوا إن الناشط الصحراوي المقيم في الدار البيضاء، محمد المتوكل، وعائشة دحان، أخت المتهم إبراهيم دحان، أعطوهم المال الذي كان في حوزتهم.

وقال القاضي إن المحكمة ستعلن عن حكمها في 28 يناير/كانون الثاني 2011. بدلا من ذلك، قررت المحكمة استدعاء المتوكل وعائشة دحان كشاهدين. وقدم الاثنان شهادتهما يومي 4 مارس/آذار و25 مارس/آذار 2011، على التوالي. في 28 مارس/آذار 2011، مثل المتهمون الثلاثة المعتقلون مرة أخرى أمام القاضي. وخلال جلسات المحكمة، لم تقدم النيابة العامة أي دليل على أن المتهمين تلقوا "دعما ماديا" من السلطات الجزائرية لإثارة القلاقل، وفقا للمتهم دحان.

وفي 14 أبريل/نيسان 2011، أمرت المحكمة بالإفراج المؤقت عن المتهمين الثلاثة المعتقلين، دون جدولة موعد لاستئناف القضية. ومنذ ذلك الحين، لم تظهر المحكمة أي علامات على استئناف المحاكمة؛ جميع المتهمين السبعة أحرار مؤقتا وليست هناك عرقلة لتنقلاتهم. وأشارت السلطات إلى أن المحكمة تجري "تحقيقا تكميليا" في هذه القضية، والتي لا تزال مستمرة. [116]


ردود المغرب

قدمت السلطات المغربية ردودًا على الأسئلة التي أثرناها بشأن الحالات التي نوقشت في هذا التقرير وضمانات المحاكمة العادلة بصفة عامة. وتم إدراج هذه الردود كاملة في الملحق الأول. يبحث هذا الفصل في أهم العناصر المكونة لهذه الردود، وخاصة دفاع السلطات عن المحاكم التي حكمت بإدانة مشتبه فيهم سعوا إلى إثبات عدم مصداقية محاضر الشرطة لأن الاعترافات انتزعت تحت التعذيب والمعاملة السيئة.

يتمتع القضاة بسلطة تقديرية واسعة لاتخاذ هذه القرارات. ويحاول المتهمون، الساعون إلى تفادي العقاب، التشكيك في أي تصريحات منسوبة إليهم من شأنها إدانتهم. ولكن ربما يكون بعضهم قد أجبر على الإدلاء باعترافات غير سليمة. وضمانًا لحقوق المتهمين، يتعين على المحكمة التحقق من مزاعم المشتبه فيهم بجدية، وخاصة في غياب أدلة تؤكد بوضوح تلك الادعاءات أو تدحضها.

ويمنع كل من القانون الدولي والقانون المغربي التعذيب بشكل واضح. كما يمنع القانون المغربي قبول أدلة تم انتزاعها بـ "العنف" أو "الإكراه". ويُلزم قانون المسطرة الجنائية، باستثناء حالات معدودة، النائب العام بالأمر بإجراء فحوص طبية إذا لاحظ وجود علامات عنف على المشتبه فيه. وإذا اشتكى المشتبه فيه من عنف الشرطة أو طالب بالعرض على الفحص الطبي؛ يتعين على النائب العام الأمر بالفحص قبل أن يشرع في استجوابه. [117] ويُلزم القانون قاضي التحقيق باتخاذ نفس الإجراء، ولكن ليس قاضي المحاكمة. [118]

قالت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في تقريرها لسنة 2009 حول المغرب:

لا يُعتدّ بالاعتراف المنتزع قهرًا عن طريق العنف أو الإكراه أو التعذيب، ويتعين استبعاده متى كانت هناك رابطة سببية بين الاعتراف والإكراه أو العنف أو التعذيب. وعلى المحكمة البحث في هذه الرابطة لتكوين اقتناعها لاستبعاد الاعتراف للعلّة المذكورة.
[هذا] يستهدف حماية المصلحة العامة، وليس مصلحة خاصة فقط. وبهذا يتبين أن المشرع لم يقف عند حدّ إبطال الاعتراف المنتزع بالإكراه حرصًا منه على مشروعية الدليل، وإنما نص صراحة على مسؤولية مرتكبه جنائيًا، لزجر كل الأفعال والممارسات التي تسيء إلى حقوق الإنسان. [119]

وشددت السلطات المغربية على أن ا ل عديد من المشتبه فيهم لم يُثيروا مزاعم التعذيب أو الإكراه في أول فرصة سانحة لهم، أي عندما تم عرضهم على النائب العام أو قاضي التحقيق بعد الخروج من الاحتجاز لدى الشرطة. ولكنهم قاموا بذلك في وقت لاحق، وهو ما قالت السلطات إنه يجعل المزاعم أقل مصداقية ويُصعب من إمكانية التثبت منها. وفي ما يتعلق بقضايا بلعيرج وقديم ايزيك والمومني، قالت لنا السلطات إن مزاعم المشتبه فيهم لم تكن ذات مصداقية لأنهم قاموا بإثارتها في وقت متأخر من المحاكمات (انظر الملحق الأول أدناه)، وهو تأكيد  لا يستند إلى قاعدة شرعية إضافة إلى أنه يفتقر إلى الدقة، بحسب المشتبه فيهم.

وفي حقيقة الأمر تظهر المحاضر الرسمية للجلسات أن العديد من المشتبه فيهم في قضيتي بلعيرج وأكديم إزيك أعلموا بسرعة النائب العام أو قاضي التحقيق بالمعاملة السيئة. [120] كما زعم المتهم زكريا المومني أنه اشتكى من التعذيب عندما مثل أمام قاضي التحقيق، ولكن هذا الأخير لم يدون مزاعمه في محضر الجلسة. ولا يجد أي طرف ثالث يستطيع تأكيد ما قاله المومني لأن لا محاميه ولا أحد من معارفه حضروا تلك الجلسة.

ورغم أن توقيت إثارة مسألة التعذيب مهم في تحديد دوافعه ومصداقيته، فإن تأخُر أحد المشتبه فيهم في إثارته لا يجب أن يكون أساسًا لرفضه دون اتباع إجراءات. ولا يوجد في القانون المغربي والقانون الدولي ما يمنع أي مشتبه فيه من تقديم حجج جديدة في أي مرحلة من مراحل المحاكمة، بما في ذلك مرحلة الاستئناف. كما لا ينص القانون المغربي على أي موعد نهائي يخول للمتهم التمتع بحقه في طلب فحص طبي لإظهار علامات التعذيب، كما تنص على ذلك المادة 88.4 من قانون المسطرة الجنائية. ويحق للقاضي رفض ذلك الطلب وتقديم أسبابه، ولكن لا يوجد أي قانون ينص على ضرورة رفض المطلب لأنه قُدّم في وقت متأخر من القضية.

توجد أسباب قد تجعل المشتبه فيه يثير مزاعم التعذيب في وقت "متأخر" بخلاف محاولة الإفلات من الإدانة. وقال بعض المشتبه فيهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يتحدثوا عن التعذيب في أول الجلسة لأن الجلسة انتهت قبل أن يعلموا بذلك، ولم تدم أكثر من دقيقة أو دقيقتين أمام نائب عام أو قاض لم يرفع رأسه عن الملفات الموجودة على مكتبه. كما قال معتقلون آخرون لـ هيومن رايتس ووتش، بعد خروجهم من الاحتجاز، إنهم كانوا يخشون انتقام الشرطة إذا تحدثوا عن التعذيب (انظر قضية بلعيرج). وقد يكون المدعى عليهم مصدومين مما تعرضوا له ولا يستطيعون الإفصاح عن ذلك لأول مسؤول قضائي يلتقون به.

وعلاوة على ذلك، قد يفكر المشتبه فيهم الخارجين من الاحتجاز، في المغرب وغيره من الأماكن، أو قد يتلقون نصحًا من المحققين أو حتى محامييهم، الذين ربما يكونون من تعيين المحكمة أو تم توكيلهم على عجل، بأن "التعاون" يوفر لهم فرصًا أفضل في الحصول على معاملة لطيفة. وربما تقول الشرطة للمدعي عليه، كما حدث لـ المومني على حد قوله، إن عليه فقط التوقيع على بعض الأوراق أو ربما الإجابة على بعض الأسئلة ثُم سيتم إطلاق سراحه. وفي وقت لاحق، عندما يكتشف المتهمون أنهم يواجهون تهماً خطيرة وعقوبات بالسجن طويلة، ربما يعيدون التفكير في "التعاون" ويختارون إنكار "اعترافاتهم". 

كما لا يجب اعتماد غياب آثار واضحة بحصول تعذيب جسدي على المتهمين كأساس لرفض مزاعمهم المتعلقة بالانتهاك دون المتابعة بإجراءات للتحقق، كما حدث في محاكمة صدٌيق كبوري والمتهمين الآخرين. وبينما تخلف بعض أشكال التعذيب والإكراه علامات جسدية تبقى لمدة أسابيع أو أكثر، فان أشكالا أخرى، من قبيل الصفع، أو الحرمان من النوم لفترات طويلة، أو فرض أوضاع بدنية مرهقة لا تترك أي آثار يمكن مشاهدتها. [121] وإذا كانت المحكمة لا تملك الخبرة الكافية للتحقق من مزاعم التعذيب؛ يتعين عليها أن تكلف طرفًا مستقلا بالقيام بذلك. [122]

كما يتعين على المحكمة التحقق من الأدلة الظرفية المتعلقة بتقييم مزاعم المشتبه فيه بالتعرض إلى التعذيب أو الانتهاك: هل احترمت السلطات، على سبيل المثال، الضمانات الإجرائية في ما يتعلق بالاعتقال والاحتجاز، التي يهدف جزء منها إلى الحماية من التعذيب؟ هل تعرض المشتبه فيه إلى الاختطاف في الشارع على يد أشخاص في ملابس مدنية؟ هل تم احتجازه في مكان سري؟ هل تم منعه من الاتصال بمحام أو بعائلته؟ هل تم احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي أطول من الفترة القانونية المحددة؟ زعم بعض المشتبه فيهم في قضية بلعيرج أمام المحكمة بحصول جميع هذه الأشياء، ولكن يبدو أن القاضي لم يحاول التثبت من المزاعم قبل اعتماد محاضر الشرطة المتعلقة باعترافات المشتبه فيهم كأدلة.

في زيارة للمقرر الخاص الأمم المتحدة المعني بمسألة التعذيب خوان منديز، إلى المغرب، في سبتمبر/أيلول 2012، ورغم أنه أشاد بـ "ظهور ثقافة حقوق الإنسان"، لاحظ منديز أوجه قصور تشمل:

·        وجود شهادات ذات مصداقية على حصول "ضغط بدني وعقلي على المعتقلين لا مبرر له أثناء التحقيقات"، بما في ذلك الضرب (باليد والهراوات)، واستخدام الصدمات الكهربائية، والحرق بالسجائر، والاعتداء الجنسي، والتهديد باغتصاب أفراد من عائلة الضحية وأشكال أخرى من سوء المعاملة ترقى الى التعذيب.

·        عدم وجود ضمانات كافية لحصول المعتقلين على استشارة قانونية،

·        رداءة نوعية التقارير الطبية والطب الشرعي، وهو ما يقوض فائدتها كأدلّة،

·        عدم كفاية نظام التظلم في ما يتعلق بمزاعم التعذيب وسوء المعاملة، ونظام التحقيق، والمحاكمة، ومعاقبة الجناة. [123]

وقال منديز في تقريره النهائي، الذي نُشر في 28 فبراير/شباط 2013:

علم المقرر الخاص أن المحاكم وأعضاء النيابة العامة لا يمتثلون لالتزامهم بفتح تحقيق كلما وجدت أسباب منطقية للاعتقاد بأن اعترافًا تم انتزاعه تحت التعذيب أو المعاملة السيئة، والأمر على الفور بفحص طبي مستقل (انظر المواد 74(8) و135(5) من قانون المسطرة الجنائية) إذا اشتبهوا في تعرض الشخص المعتقل إلى المعاملة السيئة. ويبدو أن القضاة يقبلون الاعترافات دون محاولة التثبت منها بمقارنتها بأدلة أخرى، حتى لو أنكر المشتبه فيه ذلك أمام القاضي وأدعى التعرض إلى التعذيب. إضافة إلى ذلك، تشير الشهادات التي تم تلقيها إلى أن العديد من الحالات التي تم عرضها على المحاكم اعتمدت فقط على اعترافات المتهمين، في غياب أي أدلة مادية أخرى. وهذا ما ينتج عنه تشجيع على تعذيب المشتبه فيهم وسوء معاملتهم.

كما تم إعلام المقرر الخاص، في عديد المرات، أنه عندما يحاول المشتبه فيهم إثبات إصاباتهم في المحاكم، فان القاضي يتصرف بالتشكيك في مصداقيتهم لأنهم لم يثيروا ذلك في وقت سابق ـ عند الخروج من الاحتجاز والمثول لأول مرة أمام النائب العام أو قاضي التحقيق [124] .

 

عندما تكون الجريمة التي تتم الملاحقة القضائية عليها تستوجب عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات أو أكثر، لا ينص قانون المسطرة الجنائية على أي إجراءات حول كيفية تعامل المحكمة مع محاضر الشرطة، فهي جزء من باقي الأدلة التي يتعين النظر فيها. إلا أن قواعد الإثبات المتعلقة بالجرائم التي تستوجب عقوبة بالسجن لأقل من خمس سنوات مختلفة، إذ تنص المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية على أنه إذا وقع رجل الشرطة على محاضر تتضمن الكلام كما نطق به المشتبه فيه أمامه، فإن على المحكمة أن تثق في كلام الشرطة إلا إذا استطاع المتهم أن يثبت العكس. [125] هذا الافتراض يضع عبئًا غير عادل على المتهم الذي يسعى إلى إنكار ما ادعت الشرطة أنه اعترف به في غياب محاميه أو أي طرف ثالث آخر. واستندت المحاكم في قضايا الكبوري والمومني وسيدي البرنوصي الى الصياغة الموجودة في هذه المادة في نصوص الأحكام للقبول بمضمون محاضر الشرطة كدليل رغم أن المتهمين أنكروا الاعترافات؛ لأنها انتزعت تحت التعذيب والمعاملة السيئة (انظر أيضًا قضية نافع الساه وعبد الله البوساتي، كما هي مذكورة في تقرير سابق لـ هيومن رايتس ووتش). [126]

ويتعين على المغرب مراجعة قانون المسطرة الجنائية لتوسيع معايير الإثبات في ما يتعلق بالجرائم الخطيرة والجنح الأقل خطورة حتى يتم التعامل مع محاضر الشرطة في جميع المحاكمات الجنائية مثلها مثل أي نوع آخر من الأدلة، دون افتراض صدقيتها.

ردّ المغرب الموجه إلى هيومن رايتس ووتش في ما يتعلق بضمانات المحاكمة العادلة

في خطاب موجه إلى هيومن رايتس ووتش، أنكرت السلطات المغربية المزاعم المتعلقة بأن المحاكم نادرًا ما تقوم بمحاكمة عادلة في القضايا التي لها صبغة سياسية، وقالت إنه لا توجد "محاكمات سياسية" في المغرب. واستنادًا إلى خطاب الحكومة، فإن قانون المسطرة الجنائية:

·        يتضمن "كل ما يمكن أن يكرس مبدأ المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها دوليًا، حيث وقع التنصيص على أن البراءة هي الأصل، والحق في التزام الصمت وفي التوفر على محام يمكنه زيارة المعتقل منذ لحظة وضعه رهن الحراسة النظرية [الاحتجاز السابق للمحاكمة]".

·        يضمن "حق الطعن والتقاضي على درجتين والحق في التوفر على مساعدة قانونية والتوفر على مترجم والإشعار بالتهمة، ومناقشتها علنيًا ووجاهيًا وحضور الشهود".

·        يُقرّ "حرية إثبات الجرائم ونفيها" ويقصي "كل اعتراف منتزع بالعنف أو الإكراه ومعاقبة مرتكبه، علمًا أن الاعتراف أمام القضاء نفسه [127] يخضع لسلطات المحكمة في تقدير قوته".

·        يُعطي للنيابة العامة سلطة "مراقبة الشرطة القضائية وتسيير أعمالها وزيارة أماكن الاحتفاظ بالمشتبه فيهم رهن الحراسة النظرية للتأكد من شرعيتها ومن تطبيق الضمانات الموكولة للأشخاص المشتبه فيهم". [128]

نظر هذا التقرير في هذه التأكيدات من خلال دراسة حالات محددة لمحاكمات غير عادلة نتجت عنها أحكام إدانة. ويتمثل العيب الرئيسي في هذه المحاكمات في اعتماد المحاكم على محاضر الشرطة كأدلة دون التحقيق في مزاعم المشتبه فيهم بأن اعترافاتهم انتزعت تحت التعذيب وغيره من ضروب الانتهاكات، والاعتماد على أدلة أخرى متنازع في قيمتها كان يتعين على المحاكم التدقيق فيها بعناية أكبر، مثل الشهادات المكتوبة التي يدلي بها أشخاص لم تطلب منهم المحكمة ذلك. ومن بين جميع القضايا المطروحة في هذا التقرير، لم تأمر المحكمة بإجراء فحص طبي على المشتبه فيهم الذين زعموا أن الشرطة قامت بضربهم لانتزاع اعترافات منهم إلا في حالة واحدة. ولكن الفحص الطبي بدا غير كاف واستخدمته المحكمة لتدعم نتيجة أن المتهمين اعترفوا بشكل إرادي.

تثير رسالة الحكومة إلى هيومن رايتس ووتش المذكورة أعلاه تحفظين اثنين. أولا: هي تذكر بشكل غير دقيق أن المحامي يستطيع زيارة المعتقل "منذ لحظة" وضعه رهن الحراسة النظرية. ورغم أن ذلك يمكن أن يحدث إذا سمح بذلك النائب العام، إلا أن قانون المسطرة الجنائية، كما تم تعديله في 2011، يعطي للمشتبه فيه حق الاتصال بمحام بعد احتجازه بـ 24 ساعة، وفي أجل أقصاه 36 ساعة إذا وافق النائب العام على التمديد فيه. وفي القضايا التي فيها جرائم إرهاب، يحق للمشتبه فيه الاتصال بمحام بعد أربعة أيام من الاحتجاز، أو في أجل أقصاه ستة أيام إذا وافق النائب على ذلك. [129] ولكن في جميع القضايا التي قمنا بدراستها، لم يتمكن أي من المعتقلين من الالتقاء بمحام قبل أن تقدم لهم الشرطة محاضر اعترافاتهم للتوقيع عليها.

ثانيًا: تأكيد السلطات على حق المشتبه فيهم في الطعن والتقاضي على درجتين صحيحه إذا كان الأمر يتعلق بالمشتبه فيهم الذين أدانتهم محاكم مدنية ابتدائية. في هذه الحالة، يحق لهم أن يحاكموا في محكمة الاستئناف قبل المرور إلى النقض. ولكن ذلك لا ينطبق على المشتبه فيهم الذين يحاكمون في محاكم عسكرية، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين. وينص قانون القضاء العسكري على الاستئناف دون النقض، الذي ينظر في المسائل الإجرائية، والولاية القضائية، وإساءة استعمال السلطة، وتطبيق القانون، ولكن ليس في الوقائع. وخلافًا لذلك، يُسمح لمحاكم الاستئناف في نظام المحاكم المدنية بمراجعة الوقائع.


الدستور المغربي لعام 2011

يحتوي دستور سنة 2011 على عدة إشارات إلى حقوق الإنسان وإصلاح القضاء واستقلاليته. إلا أن الصياغة كانت في العديد من الحالات مشروطة بتبني قوانين مستقبلية لتطبيق المبادئ الدستورية. ورغم ذلك، فإن إدراج هذه الصياغة، التي كان يفتقر لها الدستور السابق، أمر ايجابي لأنها ترسخ هذه الحقوق في أعلى وثيقة قانونية في البلاد.

وبعد مرور قرابة السنتين على تبني الدستور، لم يتبن المغرب إلى الآن أية قوانين لتطبيق المبادئ الدستورية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان أو استقلالية القضاء. وفي خطابه أمام الجلسة الافتتاحية للبرلمان في الموسم الجديد، في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2012، دعا الملك محمد السادس الحكومة والسلطة التشريعية إلى الإسراع في تبني القوانين التي يتطلبها الدستور. وتحدث الملك عن المبادئ المتعلقة بالسلطة القضائية، ودعا إلى اعتماد قوانين خاصة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقوانين التي تحكم القضاة:

وهنا نود ٬ مجددا ٬ أن ندعوكم إلى الالتزام الدقيق بروح ومنطوق مقتضيات الدستور المتعلقة بالسلطة القضائية٬ كما نحث الهيئة العليا للحوار حول إصلاح المنظومة القضائية ٬ على أن تجعل من استقلاليته الحجر الأساس ضمن توصياتها. [130]

ويؤكد تصدير الدستور على أن القانون الدولي يسمو عن القانون الداخلي، وهو ما لم يكن موجودًا في دستور 1996. ولكن هذا "في نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة". وتس ت طيع السلطات، اعتمادًا على الكيفية التي تتبناها لتأويل هذه الشروط، تقويض سمو قانون حقوق الإنسان الدولي.

إضافة إلى ذلك، فان القانون الدولي الذي له أولوية هو فقط "الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب"، ولذلك فهو لا يشمل المعايير العامة لقانون حقوق الإنسان خارج الاتفاقيات التي انضم إليها المغرب. ويتعارض ذلك مع القبول الأشمل للقانون الدولي المنصوص عليه في دساتير جنوب أفريقيا وكينيا. ينص الدستور الجنوب أفريقي في المادة 232 على أن "القانون العرفي الدولي هو قانون في الجمهورية ما لم يتعارض مع الدستور أو قانون صادر عن البرلمان"، وتنص المادة التالية على أنه "عند تأويل أي نص قانوني، يتعين على كل محكمة تفضيل أي تأويل معقول للنص يتماشى مع القانون الدولي على أي تأويل آخر لا يتماشى مع القانون الدولي".

أما دستور كينيا، فينص في المادة 2.5 على أنه "يتعين أن تكون القواعد العامة للقانون الدولي جزءً من القانون الكيني"، وينص في المادة 21.4 على أنه "على الدولة سن قوانين وتطبيق تشريعات لتحقيق التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية".

ويؤكد الفصل 6 من الدستور المغربي على أن الناس متساوون أمام القانون: "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصًا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له".

ويواصل الدستور التأكيد على العديد من الحقوق في ما يتعلق بعلاقة المواطن بالمنظومة القانونية. وتضمن الفصول 23 و120 الحق في "المحاكمة العادلة"، بينما ينص الفصل 120 أيضًا على أن "حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم". وتؤكد الفصول 23 و119 على افتراض البراءة، بينما يمنع الفصل 109 أي تدخل في القضايا المعروضة على المحاكم وينص على أنه "يُعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيمًا، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة"، ويتعين على القضاة إصدار أحكامهم فقط بالاعتماد على التطبيق المحايد للقانون.

ويضمن الفصل 118 حق التقاضي لكل شخص "للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون". وينص الفصل 120 على الحق "في حكم يصدر داخل أجل معقول"، بينما ينص الفصل 121 على أن يكون التقاضي مجاني لمن لا يتوفر له موارد كافية "في الحالات المنصوص عليها قانونًا". أما الفصل 122، فيعطي الحق لكل من تضرر من "خطأ قضائي" في الحصول على تعويض، بينما ينص الفصل 123 على أن تكون المحاكمات علنية إلا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك.

لم يكن دستور 1996 يحتوي على أي من هذه الحقوق، المذكورة في الفصول 23 و109 و118 و119 و120 و121 و122 من دستور 2011. ولكن هذا لا يعني أن القانون المغربي لم يكن يعترف بهذه الحقوق في السابق. وعلى سبيل المثال، يؤكد قانون المسطرة الجنائية في مادته الأولى على افتراض البراءة. ويُعتبر إعلاء هذه الحقوق إلى درجة المبادئ الدستورية خطوة مرحب بها لتأكيد أهميتها داخل الإطار القانوني.

كما نص الدستور على تغيير تركيبة الهيئة المشرفة على مهنة القضاء بطريقة تقلص، دون أن تلغي تمامًا، تأثير السلطة التنفيذية على ترقية وتعيين وتأديب القضاة. ومازال الملك يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية (الفصل 115)، الذي حلّ مكان المجلس الأعلى للقضاة، ولكن منصب "الرئيس المنتدب" أصبح الآن يشغله الرئيس الأول لمحكمة النقض عوض وزير العدل والحريات كما كان ينص على ذلك دستور 1996 (الفصل 86أ)، والذي لم يعد موجودًا في المجلس الجديد. كما توجد إضافة أخرى في دستور 2011 تتمثل في أن رئيس مجلس حقوق الإنسان ووسيط الدولة أصبحا عضوين في المجلس الأعلى للسلطة القضائية أيضا. [131]

كما أنشأ الدستور في الفصل 129 محكمة دستورية لها سلطة البت في دستورية القوانين. ويتعين على هذه المؤسسة، التي لم تتأسس بعد، مراجعة القوانين المقترحة والبت في تطابقها مع الدستور (الفصل 132). ولا يمكن إصدار أي قانون قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته (الفصل 134)، ولا يمكن استئناف أحكام هذه المحكمة (الفصل 134).

وإذا اعترض أحد الأطراف المتنازعة في المحاكم على قانون يتم اعتماده في قضاياهم لدى المحكمة الدستورية لأنه "يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور" (الفصل 133). وإذا قبلت المحكمة ذلك، يُعتبر القانون لاغيًا.

وتُعتبر هذه السلطة التي مُنحت للمحكمة الدستورية لمراجعة القوانين الموجودة تقدمًا مقارنة بدستور 1996، الذي أنشأ مجلسًا دستوريًا ولكن سلطته لا تتجاوز التأكد من دستورية القوانين المقترحة (الفصول 58 و81). كما يعطي الدستور الجديد للمواطنين الماثلين أمام المحاكم، لأول مرة، حق الاستئناف لدى هيئة أعلى للنظر في دستورية القوانين التي يتم تطبيقها في قضيتهم.

ومازالت المحكمة الدستورية لم تمارس أي من هذه السلطات لأن البرلمان مازال لم يتبن النصوص القانونية الضرورية لإنشائها.

كما يحظر دستور 2011 في جميع الظروف أعمال التعذيب أو أي معاملة "قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية" (الفصل 22). وينص الفصل 23 على أن "الاعتقال التعسفي أو السري أو الاختفاء القسري، من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات". ولحماية حقوق الأشخاص رهن الاحتجاز، ينص نفس الفصل على أن تقوم السلطات "على الفور" بإخبار كل شخص "بكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه ومن بينها حقه في التزام الصمت". ويجب أن يتمكن "في أقرب وقت ممكن من مساعدة قانونية ومن إمكانية الاتصال بأقربائه، طبقًا للقانون".

لا يذكر دستور 1996 التعذيب أو الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي أو أي حق من الحقوق المذكورة أعلاه الخاصة بالأشخاص رهن الاحتجاز. بينما يجرم القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية في المغرب التعذيب والاعتقال التعسفي ويمنحان للمحتجزين أغلب الحقوق المذكورة آنفًا، إلا أن إدراجها في شكل مبادئ في دستور 2011 يوحي بإرادة سياسية لإعطائها أولوية في مسار الإصلاح.

وتندرج مسائل التعذيب، والاعتقال التعسفي، والحصول على مساعدة قانونية بشكل سريع، وإعلام الأقارب، وافتراض البراءة، ضمن مسألة الحصول على محاكمة عادلة. ويوجد في القضايا المعروضة في هذا التقرير انتهاك لعديد الحقوق التي صارت مضمنة في الدستور المغربي.


 

الإطار القانوني الدولي

يُكرسٌ القانون الدولي لحقوق الإنسان حق المشتبه به في المحاكمة العادلة، ويحدد مكونات ذلك الحق. كما يحدد الحقوق التي يتمتع بها المشتبه به أثناء الاعتقال والاحتجاز التي تهدف، في جزء منها، إلى حماية حقه في المحاكمة العادلة بإنشاء ضمانات، من بين أشياء أخرى، للحماية من التعذيب وغيره من أساليب الإكراه وانتزاع اعترافات إدانة لنفسه أو لغيره. ويجب عدم قبول هذه الاعترافات في محاكمة عادلة.

ويحتوي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضم إليه المغرب في 1979، في المادة 14 على تأكيد لأهم الحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة. وتنص هذه المادة في جزء منها على أن:

1.     الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون .

2.     من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا .

لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية :
أ) أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها،
ب) أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه،
ج) أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له، 
د) أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكما، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر،
هـ) أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام،
د) أن يزود مجانا بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة،
ز) ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب .

وتتعزز الضمانة الموجودة في المادة 14(ج) الخاصة بالمحاكمة "دون تأخير لا مبرر له" بالمادة 9(3) التي تنص على أن " يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه ".

ومن المسائل ذات الأهمية الخاصة لهذا التقرير الضمانة المتعلقة بعدم إكراه المشتبه فيه على الاعتراف بذنب ضد نفسه في المادة 14(ز) وضمانة تساوي المعاملة في المادة 14(هـ). وفي ما يتعلق بالضمانة الأولى، تنص لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام على أنه:

يجب أن يُفهم هذا الضمان على أنه يعني عدم تعرض المتهم لأي ضغوط نفسية غير مبررة أو ضغوط جسدية مباشرة أو غير مباشرة من قِبل سلطات التحقيق بغية انتزاع اعتراف بالذنب ... و يقع على عاتق الدولة عبء إثبات أن الأقوال التي أدلى بها المتهم كانت بمحض إرادته .

أما في ما يتعلق بالضمانة الثانية، فتنص لجنة حقوق الإنسان على أن:

هذا الضمان مهم لكفالة فعالية دفاع المتهم ومحاميه ويكفل للمتهم بالتالي السلطات القانونية ذاتها المتمثلة في استدعاء الشهود واستجواب أو إعادة استجواب أي متهم يقدمه الادّعاء . بيد أن هذه الفقرة لا تمنح الحق بصورة مطلقة في استدعاء أي شاهد يطلبه المتهم أو محاميه، بل تمنح الحق في استدعاء شهود يُسلّم بأهميتهم بالنسبة للدفاع، وفي الحصول على فرصة ملائمة في مرحلة من مراحل المحاكمة لاستجواب شهود الاتهام والاعتراض على أقوالهم . [132]

تسعى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي انضم إليها المغرب في 1993، ليس فقط إلى إلغاء التعذيب في حد ذاته، وإنما أيضًا إلى منع التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة من تقويض الحق في محاكمة عادلة. وتعطي للأشخاص الحق في التظلم من التعذيب لدى السلطات والحصول على تحقيق سريع ومحايد في ذلك (المادة 13). كما تنص الاتفاقية على أن تضمن الدول " عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات " (المادة 15).

قام المغرب بتعديل قانونه الجنائي لتعريف التعذيب وتجريمه، ولإلغاء اعتماد الاعترافات التي تم انتزاعها بـ "العنف" أو "الإكراه" كأدلة. ولكن على أرض الواقع، وكما يبرز ذلك هذا التقرير، لا تبذل المحاكم جهدًا كافيًا للتحقيق في المزاعم المتعلقة بأن المحققين استخدموا التعذيب أو القوة غير الملائمة للحصول على اعترافات قبل اعتمادها كأدلة، ومنها أصبحت الأساس الذي تمت عليه الإدانة.

ويعطي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لجميع المشتبه فيهم الحق في المحاكمة "دون تأخير لا مبرر له"، وفي حالة الاحتجاز السابق للمحاكمة، فإن لهم الحق في المحاكمة "في مهلة معقولة" أو أن يفرج عنهم. ولا ينص كل من القانون الدولي والقانون المغربي على سقف زمني معين لفترة الاحتجاز السابق للمحاكمة، أو ما يجعلها مطولة. وتوجد العديد من الأسباب التي تستحق الأخذ في عين الاعتبار، ومنها درجة تعقيد القضية. [133] ولكن يحق للمشتبه فيه الذي يقبع رهن الاحتجاز على ذمة المحاكمة في أن يقوم قاض بمراجعة دورية لاحتجازه، والذي يتعين عليه، في حالة التمديد في فترة الاحتجاز، تقديم الأسباب التي تبرر ذلك، مع أن يأخذ في عين الاعتبار أن الاحتجاز السابق للمحاكمة هو استثناء وليس قاعدة، وأن الإجراءات السابقة للمحاكمة يجب أن تكون سريعة. [134] ويٌمكن اعتبار الاحتجاز السابق للمحاكمة غير الخاضع لمراقبة دورية من قبل أحد القضاة شكلا من أشكال الاحتجاز التعسفي، وهو ما يمنعه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 9.

وتؤكد المعايير الدولية على حق المشتبه فيه في الاتصال بشكل مباشر وسريع بمحام. وتنص مبادئ الأمم المتحدة بشأن دور المحامين في المادة 5 على أنه يتعين إعلام الأشخاص الذين هم رهن الاحتجاز أو الذين توجه لهم تهم جنائية "فورًا... بحقهم في أن يتولى مساعدتهم وتمثيلهم محام يختارونه". كما تنص المادة 7 على أن تكون الاستعانة بمحام سريعة "خلال مهلة لا تزيد عن ثمان وأربعين ساعة من وقت القبض عليهم أو احتجازهم". كما تنص المادة 8 بوضوح على أن الحق في الاتصال بمحام يشمل زيارته لهم: " توفر لجميع المقبوض عليهم أو المحتجزين أو المسجونين فرص وأوقات وتسهيلات تكفى لأن يزورهم محام ويتحدثوا معه ويستشيروه، دونما إبطاء ...". [135]

 


 

شكر وتنويه

أجرى بحوث هذا التقرير كل من إبراهيم الأنصاري، مساعد باحث، وإريك غولدستين، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. كتب التقرير إريك غولدستين. راجعه كل من سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتوم بورتيوس، نائب مدير قسم البرامج. قدم كلايف بالدوين، مستشار قانوني أول في هيومن رايتس ووتش، المراجعة القانونية. قدمت المنسقتان بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أروى عبد المولى وجيليان سلوتزكر، مساعدة في الإنتاج والمراجعة. ساعد المتدرب فارس السليمان في البحوث، وساعدت المتدربة شانون ميش في المراجعة. جهز التقرير للنشر كل من غريس شوي مديرة المطبوعات، وكاثي ميلز منسقة المطبوعات، وآنا لوبريور مديرة المالتي ميديا ، وفيتزروي هوبكنز المدير الإداري .


الملحق الأول : ردود وبيانات من السلطات المغربية

أثناء إعداد هذا التقرير، كتبت هيومن رايتس ووتش عدة رسائل مفصلة إلى السلطات المغربية بشأن الحالات الواردة فيه. وصلت هيومن رايتس ووتش ردود بشأن محاكمة الصديق كبوري ومن معه، ومحاكمة الصحراويين السبعة. وبالإضافة إلى ذلك، تلقت هيومن رايتس ووتش من السلطات المغربية مراسلات متعلقة بحالتين أخريين وردتا في هذا التقرير، ردا على لقاءات مباشرة أو على بيانات صادرة عن هيومن رايتس ووتش: محاكمات بلعيرج ومن معه، وزكريا المومني.

لم نكتب إلى السلطات بشأن القضية الأحدث في هذا التقرير، وهي محاكمة ستة متظاهرين من حركة 20 فبراير/شباط الشبابية، ولم نتلق أي معلومات رسمية بشأن هذه القضية. كانت المحاكمة استئنافيا في هذه القضية، والتي انتهت الآن، لا تزال جارية وقت إنهاء هذا التقرير.

كتبنا رسائل يومي 7 يوليو/تموز و 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، نطلب فيها معلومات عن قضية أكديم إزيك لكننا لم نتلق أي جواب. ولكن في 25 مارس/آذار 2013، عقب اختتام المحاكمة، بعث الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى هيومن رايتس ووتش بـ "كتاب أبيض حول أحداث مخيم أكديم إزيك"، صادر عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان. وتبادلنا بعد ذلك مرسلات نعيد نشرها أدناه.

ردت السلطات باللغة العربية، إلا في الحالات التي تتم الإشارة إليها؛ وقد ترجمت هيومن رايتس ووتش إلى اللغة الإنجليزية البيانات التي تلقتها وأعادت نشرها بالكامل أدناه. كما تم اقتباسها في الأقسام ذات الصلة من هذا التقرير.

بالإضافة إلى مراسلات بشأن قضية محددة، بعثت السلطات المغربية، في 28 فبراير/شباط 2012، البيان التالي بشأن المحاكمات العادلة عموما، ردا على تقرير هيومن رايتس ووتش العالمي 2012 والذي نشر حديثا:

بالنسبة لما جاء في التقرير من كون المحاكم المغربية قليلا ما تعرف محاكمات عادلة في القضايا ذات الطابع السياسي، فإن هذه الملاحظة كذلك يطبعها التعميم، حيث لم تتم إلى حالات معينة حتى يتسنى الإجابة عليها بدقة. وبالمرور على تعبير المحاكمات السياسية التي نؤكد على عدم وجودها بالمغرب، وأن بعض الجهات تستغل محاكمات من أجل الحق العام لإثارة الانتباه إلى مطالب سياسية خاصة بها فإنه يتعيت التذكير أن قانون المسطرة الجنائية يتضمن كل ما يمكن أن يكرس مبدأ المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها دوليا، حيث وقع التنصيص على أن البراءة هي الأصل، والحق في التزام الصمت وفي التوفر على محام يمكنه زيارة المعتقل منذ لحظة وضعه رهن الحراسة النظرية، بالإضافة إلى حق الطعن والتقاضي على درجتين والحق في التوفر على مساعدة قانونية والتوفر على مترجم والإشعار بالتهمة، ومناقشة ووجاهيا وحضور الشهود. كما يقر القانون حرية إثيات الجرائم ونفيها وعدم الاعتداد بكل اعتراف منتزع بالعنف أو بالإكراه ومعاقبة مرتكبيه، علما أن الاعتراف أمام القضاء[136] نفسه يخضع لسلطات المحكمة لتقدير قوته.

ومن جهة أخرى أوكل القانون للنيابة العامة مراقبة الشرطة القضائية وتسيير أعمالها وزيارة أماكن الاحتفاظ بالمشتبه فيهم رهن الحراسة النظرية للتأكد من شرعيتها ومن تطبيق الضمانات الموكولة للأشخاص المشتبه فيهم.


قضية المسمى الصديق كبوري ومن معه

بيان من المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان

 تم التوصل به في 16 أغسطس/آب 2012

على إثر أحداث الشغب التي عرفتها مدينة بوعرفة بتاريخ 18/05/2011 أنجزت الشرطة القضائية بحثا يستفاد منه أن حوالي 16 شخصا ينتمون لجمعية المعطلين المستقلين الغير معترف بها ببوعرفة، نظمت وقفة احتجاجية أمام مقر عمالة إقليم فجيج ببوعرفة مطالبين بتوفير مناصب شغل لهم، كما حاولوا اقتحام مقر العمالة وأثناء منعهم قاموا باحتلال الشارع العام مما شل حركة السير والجولان بالمدينة، كما انضم إليهم 25 فردا من نقابة الإنعاش الوطني [137] و 12 شخصا من العسكريين الموقوفين عن العمل، وأثناء مطالبتهم من طرف رجال الشرطة بعدم احتلال الشارع العام واحترام القانون، قام أحد المحتجين يدعى رشيد الزياني والذي يشغل مهمة أمين المال بالجمعية المذكورة، بسكب مادة البنزين على ثيابه وثياب رفاقه ليقوم محمد مكطوف المستشار بالمكتب المحلي لتأسيس الجمعية بإشعال ولاعة وسط رفاقه مما تسبب في إصابة المسمى رشيد الزياني بحروق نقل على إثرها إلى مستشفى الفارابي بوجدة لتلقي العلاج، وبعد انتهاء الوقفة الاحتجاجية قام أعضاء الجمعية وبتحريض من المسمين الصديق كبوري الكاتب المحلي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل والمحجوب شنو كاتب النقابة الوطنية لمستخدمي الإنعاش الوطني ومجموعة من الأشخاص بتعبئة الساكنة التي وصل عددها إلى حوالي 600 شخصا أغلبهم من القاصرين حيث توجهوا لمقر العمالة محاولين اقتحامها، وعند منعهم من طرف قوات الأمن قاموا برشق عناصر الأمن وأفراد القوات المساعدة بالحجارة والزجاجات الفارغة مما تسبب في إصابتهم بجروح متفاوتة الخطورة كما قاموا برشق   إدارة مراقبة التراب الوطني بالحجارة وحاولوا اقتحامها مما تسبب في إلحاق خسائر مادية بها كما استهدفوا سيارات رجال الأمن والدرك الملكي وقاموا باقتلاع علامات المرور والتشوير وإشعال النيران بالعجلات المطاطية وقد نتج عن هذه الاعتداءات إصابة 18 موظفا تابعا للمديرية العامة للأمن الوطني و 14 عنصرا تابعا للقوات المساعدة و 6 عناصر تابعة للدرك الملكي .

وبناء على ضوء هذه الوقائع تم إيقاف عشرة متهمين من بينهم المسمى الصديق كبوري والمحجوب شنو وعند الاستماع إليهم تمهيديا أقروا بالأفعال المنسوبة إليهم حيث تم تقديمهم أمام السيد وكيل الملك الذي تابعهم في حالة اعتقال من أجل جنح إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بعملهم واستعمال العنف ضدهم والعصيان وتخريب وتكسير وتعييب عمدا شيء مخصص للمنفعة العامة وحمل السلاح في ظروف من شأنها أن تشكل تهديدا للأمن العام أو لسلامة الأشخاص أو الأموال والمساهمة في تنظيم مظاهرة بدون ترخيص بالطريق العمومي والتجمهر به والتسبب في إلحاق خسائر مادية عمدا بمال منقول مملوك للغير .

وبتاريخ 17/06/2011 أصدرت المحكمة الابتدائية ببوعرفة حكما قضى بمؤاخذة   المتهمين محمد نبكاوي، جمال عتي، عبد الصمد كربوب، عبد القادر قازة، ياسين بليط، عبد العزيز بوضبية، عبد العالي كديدة من أجل المنسوب إليهم ومعاقبة كل واحد منهم عن مخالفة التسبب عمدا في إلحاق خسائر مادية بملك الغير بغرامة مالية نافذة قدرها 200 درهم ومعاقبة كل واحد منهم عن باقي المنسوب إليهم بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 1000 درهم وبراءة المتهم إبراهيم مقدمي من أجل تنظيم مظاهرة بالطريق العمومي بدون ترخيص وبمؤاخذته من أجل باقي المنسوب إليه ومعاقبته عن مخالفة التسبب عمدا في إلحاق خسائر مادية بملك الغير بغرامة مالية نافذة قدرها 200 درهم، وعن باقي المنسوب إليه بسنتين وعشرة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 1000 درهم وبمؤاخذة المتهمين الصديق كبوري والمحجوب شنو من أجل التجمهر والتظاهر بدون ترخيص بالشارع العام والمشاركة في العصيان والمشاركة في إهانة موظفين عمومييين أثناء قيامهم بعملهم ومعاقبة كل واحد منهما بسنتين ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها 1000 درهم وبراءتهما من أجل باقي المنسوب إليهما .

وقد تم الطعن في الحكم المذكور وفتح للقضية ملف جنحي تلبسي استئنافي عدد 1134/11 صدر فيه قرار بتاريخ 26/07/2011 قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المتهمين الصديق كبوري والمحجوب شنو من أجل جنحة المشاركة في إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بعملهم وبإلغائه فيما قضى به من إدانة باقي المتهمين من أجل جنحة إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بعملهم والحكم من جديد ببراءة جميع المتهمين مما ذكر أعلاه وبتأييده مبدئيا فيما قضى به مع تعديله وذلك بتخفيض العقوبة الحبسية المحكوم بها على كل واحد من المتهمين إلى 16 شهرا حبسا نافذا في حق المتهم لمقدمي ابراهيم وإلى سنتين حبسا نافذا في حق كل من المتهمين الصديق كبوري والمحجوب شنو وإلى 18 شهرا حبسا نافذا في حق كل واحد من باقي المتهمين، والذي تم الطعن فيه بالنقض من طرف المتهمين الصديق كبوري والمحجوب شنو وعبد الصمد كربوب وقضت محكمة النقض بتاريخ 29/02/2012 بسقوط الطلب .

ومن خلال المعطيات المذكورة يتبين أن المحكمة استندت في الحكم الصادر عنها إلى القناعة التي توفرت لديها بخصوص حالة التلبس وخطورة الأفعال المرتكبة والمتمثلة في أحداث الشغب ومواجهة المتهمين لقوات الأمن بالحجارة والزجاجات الفارغة بتحريض من الصديق كبوري والمحجوب شنو، حيث استعمل المذكور أولا جهاز مكبر الصوت مما أدى إلى تجمع أكثر من 600 شخص أغلبهم من القاصرين توجهوا نحو مقر العمالة وتصدت لهم قوات الأمن مما أدى إلى إلحاق خسائر مادية بالسيارات وتخريب ممتلكات الدولة وإصابة العديد من رجال القوة العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، الأفعال التي اعترفوا بها سواء أمام الضابطة القضائية أو أمام السيد وكيل الملك، وأن تراجعهم عن هذه الاعترافات أمام المحكمة لم يكن معززا بأي دليل مادي، كما أن محاكمة المتهمين في جميع مراحلها كانت عادية متعوا خلالها بحقهم في دفاعهم بدفوعات شكلية أجابت عنها المحكمة وتم خلالها احترام جميع مبادئ وقواعد المحاكمة العادلة مع التمسك بالمساطر القانونية وفق أحكام القانون .

هذا وينبغي الإشارة إلى أن المتهمين الصديق كبوري والمحجوب شنو تم الإفراج عنهما بتاريخ 4 فبراير / شباط 2012 بعدما تم تمتيعهما بالعفو الملكي السامي .

قضية زكريا المومني

بيان من وزير المغرب للشؤون الخارجية

 ورد في 27 سبتمبر/أيلول 2011 باللغة الفرنسية

وترجم إلى الإنجليزية من قبل هيومن رايتس ووتش

بشأن ادعاءات الفشل في إبلاغ العائلة عن مكان وجوده

بشأن ادعاءات فريق دفاع [المومني] لم ينجح في الاتصال بالمشتكين

بيان من المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان

ورد في 28 فبراير/شباط 2012

إن المسمى زكريا مومني كان موضوع مذكر بحث على الصعيد الوطنين، بناء على الشكاية التي تقدم بها إلى النيابة العامة بالرباط السيد عبد الصمد راجي صنهاجي محام بهيأة الرباط لفائدة موكليه مصطفى أشكاط وإدريس السعدي، في مواجهة المعني بالأمرالذي أوهمها أن بإمكانه توفير عقدي عمل لهما بفرنسا أو بإحدى الدول الأوربية مقابل مبلغ قدره 24000 درهم لكل واحد منهما، وقد سلماه بتاريخ 23/01/2010 مبلغ 14000 درهم لكل واحد كدفعة أولى، في انتظار إتمام بقية المبلغ وقت إحضار عقدي العمل، وسلم لهما رقم هاتفه النقال بفرنسا وهو 0033661428342، وبعد مدة اتصلا به بالرقم المذكور فوجداه غير مشغل، آنذاك اتضح لهما أنهما كانا ضحية نصب، وبعد ضبط المشتكى به والاستماع إليه، أكد أنه فعلا استولى على المبالغ المالية المذكورة، لعدم توفره على عمل ومدخول قارين، ولحاجته للإنفاق على نفسه فكر في الحصول على مداخيل ولو بشكل غير مشروع مستغلا رغبة بعض المغاربة في الهجرة إلى الخارج كما تعرف المشتكيان على المعني بالأمر من بين مجموعة من الأشخاص عرضوا عليهما، وبناء على ذلك تمت متابعته من طرف النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط من أجل النصب وصدر في حقه حكم بتاريخ 04/01/2010 قضى بمؤاخذته من أجل ما نسب إليه والحكم عليه بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 500 درهم، تم استئنافه من طرف المشتكي، وفتح للقضية ملف جنحي استئنافي عدد 3792/10/19 قضى بتأييد الحكم الابتدائي مع تخفيض العقوبة إلى سنتين ونصف حبسا نافذا، تم الطعن فيه بالنقض من طرف المحكوم عليه، وأصدر المجلس الأعلى قرارا قضى بالنقض والإحالة على محكمة الاستئناف بالرباط، وبعد إحالة القضية على المحكمة فتح لها ملف عدد 3610/11/19 وبجلسة 15/12/2011 حضر المتهم مؤازرا بدفاعه والشاهدين (المشتكيين) مصطفى واشكاط وإدريس السعدي، وبعد أدائهم اليمين القانونية أمام المحكمة أكدا معا كافة تصريحاتهما الواردة بمحضر الضابطة القضائية، وبتاريخ 22/12/2011 أصدرت المحكمة قرار قضى برفض السراح المؤقت وبتأييد الحكم الابتدائي مع تعديله بتخفيض العقوبة الحبسية المحكوم بها ابتدائيا إلى عشرين شهرا حبسا نافذا، والقرار المذكور لم يكن محل طعن بالنقض من طرف النيابة العامة.

والجدير بالإشارة أن المعني بالأمر تم الإفراج عنه بعد استفادته من العفو الملكي الصادر بتاريخ 05 فبراير/شباط 2012 بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.

بيان حول قضية زكريا المومني المرسلة من قبل وزارة الخارجية

ورد في 26 مايو/أيار 2011

[يبدأ هذا البيان بموجز عن القضية، والذي حذفناه لأنه صيغة سابقة من بيان أعيد نشره أعلاه، وورد في 28 فبراير/شباط 2012، عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان. ويسترسل البيان]

قضية عبد القادر بلعيرج ومن معه

بيان من المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان المغربية

ورد في 28 فبراير/شباط 2012

قضية أكديم إزيك

كما هو مذكور أعلاه، لم ترد السلطات المغربية على رسائل هيومن رايتس ووتش التي بعث بها يومي 7 يوليو/تموز و 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، حيث طرحت أسئلة محددة حول الاعتقال الاحتياطي للمتهمين في قضية أكديم إزيك. ومع ذلك، وفي 25 مارس/آذار 2013، بعد صدور الحكم في القضية، بعثوا لنا بـ "كتاب أيض حول أحداث مخيم أكديم إزيك". في اليوم نفسه، بعثنا برسالة عبر البريد الإلكتروني يوم 25 مارس/آذار، طلبنا فيها توضيحا حول مقطع رئيسي واحد من الكتاب الأبيض بشأن المحاكمة. جاء في هذا المقطع:

النيابة العامة :

التشديد، في سياق الاعتراض على طلب إجراء خبرة، على أن المتهمين لم يطلبوا ذلك كما أنهم لم يؤكدوا على أنهم تعرضوا للتعذيب أمام قاضي التحقيق رغم أن التحقيق جرى بحضور دفاعهم؛

 

في الواقع، وفقا لمحاضر الشرطة الموجودة في ملف القضية، أطلع ما لا يقل عن 17 متهما قاضي التحقيق في أول جلسة جوهرية أمامه إنهم قد تعرضوا للتعذيب؛ وقال كثير منهم إنهم أجبروا على التوقيع على تصريحات للشرطة دون قراءتها. طلبنا في رسالتنا عبر البريد الإلكتروني:

في هذه القضية، أليس قاضي التحقيق هو الذي أجرى التحقيق، وليس الوكيل العام للملك؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن المحاضرتشير إلى أن معظم المتهمين أثاروا التعذيب في هذه المرحلة. فماذا يقصد ممثل النيابة العامة عندما جادل بأن المتهمين قد فشلوا في إثارة مزاعم التعذيب أمام قاضي التحقيق - - ولماذا يبدوا الكتاب الأبيض متبنيا لهذا الادعاء؟

 

ردا على ذلك، توصلنا في 1 أبريل/نيسان 2013، البيان التالي باللغة الإنجليزية، والذي نعيد نشره كما ورد:

Kingdom of Morocco
Interministerial Delegation for Human Rights
Clarifications  Concerning Gdim Izik – HRW

 

Regarding the confusion concerning the Prosecutor and the investigating judge with regard to the delay of the defendants’ requests, first, it should be noted that the extract in question refers to the prosecutor’s assessment voiced during the trial in February 2013, with regard to allegations of torture made by the accused at the time.     

The White Paper maintains that the Prosecutor reveals the fact that the defendants had not requested medical expertise during the investigation, even though they were assisted by lawyers. The fact that they did not request an expertise during this phase simply compels the Prosecutor to conclude that, if the defendants had actually been tortured, they, or their lawyers, would have asked for forensic examinations to ordered and performed.

Therefore, this is not about the Prosecutor has "directing" the investigation in any way whatsoever, or the allegations of torture or her expertise requests were submitted as part of the instruction. As a reminder, at the procedural level, it is the prosecutor who brings matters before the investigating judge. The order for referral, made by the judge, can be based on a request of the Prosecutor to refer the matter to the Permanent Tribunal of the Royal Armed Forces (TPFAR), which was the case here.

Moreover, the judge before whom the matter was brought did not estimate it necessary at the time to order investigations into the allegations of torture, and a fortiori, order medical examinations, which had not been requested in the first place.

During the trial in February 2013, most of the defendants have actually claimed to have been tortured, and accordingly, requested forensic examinations, as it is reported in the White Paper.

Refusal to order medical examinations by the TPFAR during the trial, in February 2013, can be explained simply by the fact that, taking into account the time that has elapsed since the start of the procedure, it is inherently difficult to investigate the allegations of torture or ill-treatment which are older than two years. The only case in which it was actually possible to conduct a forensic examination, is that in which the trace of injury was obvious at trial; however, it turned out that the injury in question had no link whatsoever with the allegations of torture made by the accused.

With regard to the Prosecutor’s statement, which maintains that the defendants have not made any allegations of torture before the investigating judge, although the minutes suggest otherwise (at least for 17 people), this assertion is mainly due to the fact that they had not formally requested a medical examination, provided that such request is intrinsically linked to any allegations of torture or ill-treatment.

In this case, if the investigating judge has not responded to the allegations made by the defendants at the time, it was because that these allegations were clearly unfounded, as he did not notice at the time any obvious sign or injury which would have indicated that they had been subjected to ill-treatment while arrested.

Finally, it should be noted that in general, the Criminal Procedure Code (article 134) provides the opportunity for the Crown General Prosecutor, the Crown Prosecutor, the investigating judge or magistrate in charge of the case, to order a medical examination automatically, when people brought before them manifest signs which suggest that they would have been tortured or subject to ill-treatment, without the need for the people and / or their lawyers to request it.

 

 

قضية سبعة صحراويين يحاكمون بتهمة "المس بالأمن الداخلي"

بيان من المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، المغرب

تم التوصل به في 16 أغسطس/آب 2012

تبعا للزيارة التي قام بها كل من علي سالم التامك، يهديه التروزي، إبراهيم دحان، أحمد ناصيري، صالح لوبيهي، رشيد صغير والدكجة لشكر إلى مخيمات تيندوف، التقوا خلالها بجهات معادية للمغرب، وتوجهوا عبر طائرة عسكرية جزائرية إلى مخيمات تندوف حضروا خلالها عدة جلسات مع مسؤولين مدنيين وعسكريين جزائريين، وكذا استعراضات ومناورات عسكرية منظمة على شرفهم من طرف مرتزقة البوليساريو، بالإضافة إلى عقد ندوات صحفية كانوا ينعتون فيها المغرب بالعدو. كما تلقوا دعما ماديا من السلطات الجزائرية من أجل تحريض سكان المناطق الجنوبية على العصيان والقيام بأعمال شغب تمس بالمصالح العليا للبلاد، على إثر ذلك أمرت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الضابطة القضائية بإجراء بحث معهم وإحالتهم على العدالة.

ولهذه الغاية تم إيقاف الأشخاص المذكورين بتاريخ 08/10/2009 بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وسلموا لمصالح الشرطة للبحث معهم، حيث تم وضعهم تحت الحراسة النظرية في نفس اليوم للبحث معهم حول  الأفعال المنسوبة إليهم، وقدموا أمام النيابة العامة بتاريخ 15/10/2009 التي قررت بعد دراسة المحضر المنجز في حقهم إحالتهم على مدير العدل العسكري للاختصاص، الذي قرر إحالتهم على التحقيق من أجل المس بسلامة الدولة الخارجية والمس بسلامة الدولة الداخلية بتسلم هبات من جماعة أجنبية لتمويل نشاط ودعاية، من شأنهما المساس بوحدة المملكة وسيادتها، وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي.

وبتاريخ 28/01/2010 أصدر السيد قاضي التحقيق قرارا قضى بتمتيع المسماة الدكجة لشكر بالسراح المؤقت، وبتاريخ 18/05/2010 تم تمتيع المتهمين يحضيه التروزي ورشيد الصغير وصالح البويهي بالسراح المؤقت.

وبتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2010 أصدر قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية قرارا قضى بعدم متابعة المتهمين علي سالم التامك، إبراهيم دحان، احمد الناصري، يحضيه التروزي، رشيد الصغير، صالح البويهي و الدكجة لشكر بجرائم المس بسلامة الدولة الخارجية، وعدم اختصاص المحكمة العسكرية بالنظر في جريمة المس بالسلامة الداخلية للدولة و إحالة ملف القضية على من له حق النظر.

وبناء على ذلك أحيلت القضية على المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء وفتح لها ملف جنحي تلبسي عدد 8241/10/10.

وبتاريخ 14/04/2011 أصدر القاضي المكلف بإجراء تحقيق تكميلي في الملف المذكور أمرا قضى بالإفراج المؤقت لفائدة المتهمين علي سالم التامك وإبراهيم دحان وأ حمد الناصري.

ولازالت إجراءات التحقيق التكميلي جارية في القضية.

ويتضح من خلال مجريات القضية أن محاكمة المعنيين بالأمر تمت وفقا لما ينص عليه القانون وأنهم متعوا خلالها بكافة ضمانات المحاكمة العادلة.

 

 


 

الملحق الثاني: قائمة المتهمين في قضية بلعيرج
 والأحكام التي صدرت في حقهم

عبد القادر بلعيرج، السجن المؤبد

عبد اللطيف بختي 30 سنة سجنا نافـذا

عبد الصمد بنوح، 30 سنة سجنا نافـذا

جمال الباي، 30 سنة سجنا نافـذا

الحسين بريغش، 30 سنة سجنا نافـذا

رضوان الخليدي، 30 سنة سجنا نافـذا

عبد الله الرماش، 30 سنة سجنا نافـذا

محمد اليوسفي، 30 سنة سجنا نافـذا

محمد المرواني، 25 سنة سجنا نافــذا، خفضت إلى 10 سنوات في الاستئناف، وأفرج عنه بعفو في 12 أبريل / نيسان 2012

المصطفى المعتصم، 25 سنة سجنا نافــذا، خفضت إلى 10 سنوات في الاستئناف، وأفرج عنه بعفو في 12 أبريل / نيسان 2012

محمد أمين الركالة، 25 سنة سجنا نافــذا، خفضت إلى 10 سنوات في الاستئناف، وأفرج عنه بعفو عام 2012

ماء العينين العبادلـة، 20 سنــة سجنا نافــذا، ، خفضت إلى 10 سنوات في الاستئناف، وأفرج عنه بعفو عام 2012

عبد الحفيظ السريتي، 20 سنــة سجنا نافــذا، ، خفضت إلى 10 سنوات في الاستئناف، وأفرج عنه بعفو عام 2012

عبد العالي شيغنو، 15 سنة سجنا نافذا

مختار لقمان، 15 سنة سجنا نافذا

عبد الرحيم الناضي، 10 سنوات سجنا نافذا

عبد الرحيم أبو الرخا، 10 سنوات سجنا نافذا

حسن كلام، 8 سنوات سجنا نافذا

صلاح بلعيرج، 8 سنوات سجنا نافذا، خفضت إلى 5 سنوات، ثم أفرج عنه بعفو عام 2012

أحمد خوشياع، 8 سنوات سجنا نافذا

سمير ليهي، 8 سنوات سجنا نافذا

مصطفى التهامي، 8 سنوات سجنا نافذا

بوشعيب رشدي، 6 سنوات سجنا نافـذا

محمد أزرقي، 5 سنوات سجنا نافـذا ( أفرج عنه بعد إتمام عقوبته في فبراير / شباط 2013)

منصور بلغديش، 5 سنوات حبسا نافـذا ( أفرج عنه بعد إتمام عقوبته في فبراير / شباط 2013)

عادل بنايم، 5 سنوات سجنا نافـذا ( أفرج عنه بعد إتمام عقوبته في فبراير / شباط 2013)

محمد شعباوي، 5 سنوات سجنا نافـذا ( أفرج عنه بعد إتمام عقوبته في فبراير / شباط 2013)

جمال الدين عبد الصمد، 3 سنوات سجنا نافذا (أفرج عنه بعد إتمام عقوبته)

عبد العظيم التاقي العمراني 3 سنوات سجنا نافذا (أفرج عنه بعد إتمام عقوبته، وتمت تبرئته بعدما نقضت محكمة النقض أدانته)

العربي شيـن، سنتان سجنا نافـذا (أفرج عنه في بداية عام 2010 بعد إتمام عقوبته)

إبراهيم مايا، سنتان سجنا نافـذا (أفرج عنه في بداية عام 2010 بعد إتمام عقوبته)

عبد اللطيف بوطرواين، سنتان سجنا نافـذا (أفرج عنه في بداية عام 2010 بعد إتمام عقوبته)

حميد نجيبي، سنتان سجنا نافـذا (أفرج عنه في بداية عام 2010 بعد إتمام عقوبته)

محمد عبروق، سنة واحدة سجنا موقـــوف التنفيذ

علي السعيدي، سنة واحدة حبسا موقـــوف التنفيذ


الملحق الثالث: قائمة المتهمين في قضية أكديم إزيك

وفيما يلي قائمة المتهمين، والتهم التي أدينوا بها والأحكام الصادرة في حقهم. يشير العمود الثاني إلى أي من المتهمين صرح لقاضي التحقيق بأنه تعرض للتعذيب. تستند هذه القائمة على السجلات المحاضر الرسمية لتلك الجلسات، وربما لا تشمل جميع المعتقلين الذين أثاروا مثل هذه المزاعم.

الاسم

مزاعم التعذيب أو الإكراه المقدمة إلى قاضي التحقيق ، وفقا لمحضر الجلسة

التهم التي أدين بها

الحكم

أحمد السباعي

 

الدخول في عصابة إجرامية والعنف ضد موظف عمومي المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

مؤبد

محمد البشير بوتنكيزة

صرح يوم 4 مارس/آذار 2011، أنه تعرض للتعذيب على يد الشرطة والدرك على حد سواء. وقال خلال المحاكمة إنهم أرغموه على التوقيع على تصريحات دون قراءتها

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف المؤدي إلى الموت مع نية إ ح داثه وذلك في حق موظف عمومي، وارتكاب أعمال وحشية على جثة

مؤبد

سيدي عبد الله أبهاه

صرح في 18 مارس/آذار 2011، أنه تعرض للتعذيب على يد الشرطة والدرك. وقال لقاضي التحقيق في 11 أبريل/نيسان 2011، إنه وقع على تصريحاته للشرطة وهو معصوب العينين ومكبل اليدين

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف في حق موظف عام أثناء قيامه بمهامه المفضي إلى الموت مع نية إحداثه، وارتكاب أعمال وحشية على جثة

مؤبد

محمد باني

 

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف في حق أفراد القوات العمومية أثناء أدائهم لمهامهم المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

مؤبد

إبراهيم الإسماعيلي

صرح في 17 يونيو/حزيران 2011 ، أن رجال الدرك الذين استجوبوه جعلوه يوقع على تصريحاته تحت الضرب والشتائم

الدخول  في عصابة إجرامية، والمساهمة في العنف ضد موظف عام أثناء قيامه بمهامه المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

مؤبد

سيد أحمد لمجيد

صرح يوم 5 مايو/أيار 2011، أن رجال الدرك عذبوه

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف في حق موظف عام المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه، والمشاركة فيه

مربد

عبد الله لخفاوني

صرح في 25 فبراير/شباط 2011، أن عناصر الشرطة عذبوه طيلة خمسة أيام واغتصبوه

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف في حق موظف عمومي المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

مؤبد

عبد الجليل العروسي

صرح في 18 فبراير/شباط 2011، أن أشخاصا لم يتعرف عليهم ألقوا القبض عليه وهددوه باغتصابه هو وزوجته، ثم سلموه لمجموعة أخرى، والتي كسرت ساقه

الخول في عصابة إجرامية، والعنف ضد موظف عمومي المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

مؤبد

حسنا عليا (غيابيا)،

 

لم ترد في حكم المحكمة المكتوب قائمة التهم التي أدين بها عليا

مؤبد

النعمة أصفاري

صرح في جلسة يوم 12 يناير/كانون الثاني 2011، أن الشرطة عذبته

تكوين عصابة إجرامية، والمشاركة في العنف في حق أفراد القوات العمومية المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه وذلك أثناء قيامهم بأعمالهم

30 عاما سجنا

حسن الداه

صرح في 29 أبريل/نيسان 2011، أنه تعرض للتعذيب، وجرد من ملابسه وتم تهديده بالاغتصاب قبل أن يوقع على تصريحاته

تكوين عصابة إجرامية، والمشاركة في العنف ضد موظف عام أثناء أدائه لوظيفته المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

30 عاما سجنا

بانكا الشيخ

صرح في 12 يناير/كانون الثاني 2011، أن الشرطة عذبوه وأجبروه على توقيع تصريحاته وهو معصوب العينين

تكوين عصابة إجرامية، والمشاركة في العنف في حق أفراد القوات العمومية أثناء قيامهم بوظائفهم المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

30 عاما سجنا

محمد بوريال

 

تكوين عصابة إجرامية، والعنف في حق موظف عام أثناء قيامه بمهامه المؤدي إلى الموت مع نيه إحداثه

30 عاما سجنا

محمد التهليل

صرح في 13 مايو/أيار 2011، أن رجال الدرك عذبوهه، ووقع تصريحاته وهو معصوب العينين

الدخول في عصابة إجرامية، والمشاركة في العنف في حق موظف عام أثناء قيامه بعمله المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

25 عاما سجنا

محمد لمين هدي

صرح في 25 مارس/آذار 2011، أنه تعرض للتعذيب؛ وفي مثول آخر له في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قال إنه وضع بصمته على تصريحاته للشرطة وهو معصوب العينين

الدخول في عصابة إجرامية، والمشاركة في العنف في حق موظف عام أثناء قيامه بعمله

25 عاما سجنا

عبد الله التوبالي

صرح في 8 أبريل/نيسان 2011، أن الشرطة عذبوه وأنه وقع تصريحاته وهو معصوب العينين وعار

تكوين عصابة إجرامية، والعنف ضد أفراد القوات العمومية أثناء قيامهم بمهامهم المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه، والمشاركة والمساهمة في ذلك، وهذا بعد إعادة وصف الأفعال

25 عاما سجنا

الحسين الزاوي

 

تكوين عصابة إجرامية، والمساهمة في العنف ضد موظف عام أثناء قيامه بعمله، المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه، وذلك بعد وصف الأفعال، وكذا من أجل المشاركة في ذلك، وارتكاب أعمال وحشية على جثة

25 عاما سجنا

الديش الضافي

صرح في 22 أبريل/نيسان 2011، أنه تعرض للتعذيب ووقع تصريحاته للشرطة وهو معصوب العينين

تكوين عصابة إجرامية، والمشاركة في العنف في في حق موظف عام أثناء قيامه بمهامه المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

25 عاما سجنا

محمد مبارك الفقير

 

الدخول في عصابة إجرامية، والمساهمة في العنف ضد موظف عام أثناء قيامه بوظيفته مع نية إحداث الموت، وذلك بعد وصف الأفعال مجددا

25 عاما سجنا

محمد خونا بوبيت

صرح في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2011، أن الشرطة عذبوه أثناء استجوابه، وفي جلسة في 16 ديسمبر/كانون الأول 2011 ، قال إنه وضع بصمته على تصريحاته للشرطة وهو معصوب العينين

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف ضد موظف عام أثناء قيامه بوظيفته المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

25 ع اما سجنا

العربي البكاي

 

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف في حق أفراد القوات العمومية المؤدي إلى الموت في حق موظف عام أثناء قيامه بوظيفته

25 عاما سجنا

محمد الأيوبي

صرح في 11 مارس/آذار 2011، أن "جنديا" اغتصبه داخل خيمة في المخيم وأنه تعرض أيضا للعذيب في مقر للدرك

الدخول في عصابة إجرامية، والعنف في حق موظف عام أثناء قيامه بعمله والمؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

20 عاما سجنا

البشير خدا

صرح في 6 مايو/أيار 2011، أن الشرطة عذبوه وأنه وقع تصريحاته للشرطة وهو معصوب العينين

الدخول في اتفاق إجرامي، والمشاركة في العنف ضد موظف عام أثناء قيامه بعمله المؤدي إلى الموت مع نية إحداثه

20 عاما سجنا

التاقي المشضوفي

صرح في 4 فبراير/شباط 2011، أن أشخاصا، في مقر للدرك، ضربوه وسكبوا الماء والبول عليه

بعد إعادة وصف الأفعال المنسوبة إليه، من أجل الإيذاء

مع سبق الإصرار في حق موظفين عموميين أثناء

قيامهم بمهامهم

ما قضاه بالسجن وأفرج عنه

سيدي عبد الرحمن زايو

 

بعد إعادة وصف للأفعال المنسوبة إليه، من أجل

المشاركة في الإيذاء مع سبق الإصرار في حق موظفين

عموميين أثناء قيامهم بمهامهم

ما قضاه بالسجن وأفرج عنه


الملحق الرابع: تصريحات للشرطة
 نسبت إلى اثنين من المتهمين في محاكمة أكديم إزيك

وفيما يلي تصريحات كاملة للشرطة من قبل إثنين من المتهمين في محاكمة أكديم إزيك. وتقدم على أنها أمثلة لمحاضر الشرطة التي تقع في صميم المحاكمة. بالنسبة للنيابة العامة، كانت "اعترافات" تشكل الدليل الأساسي ضد المتهمين. ورد الدفاع بأنه ينبغي للمحكمة أن تتجاهل هذه التصريحات لأنها كاذبة، وفي كثير من الحالات، انتزعت من خلال التعذيب على يد الشرطة.

النعمة أصفاري

أصفاري النعمة، بن عبدي ولد سيدي ولد موسى، مغربي، مزداد بتاريخ 1 أغسطس/آب 1970 بطانطان، والساكن بها، 3 زنقة أيت لحسن، طالب باحث، من أمه لمواغف بنت محمد لحبيب، الحامل لب ط اقة التعريف الوطنية رقم 11056- JF .

- شهر دجنبر 2007 ( ديسمبر / كانون الأول ) ، أدين بشهرين موقوفي التنفيذ من طرف المحكمة الابتدائية بالسمارة من أجل إهانة موظف { عميد شرطة }

- شهر غشت 2009 (أغسطس/آب)، أدين بأربعة أشهر حبسا نافذا من طرف المحكمة الابتدائية بطانطان من أجل إهانة موظف أثناء مزاولته مهامه {حارس أمن}

إنني من مواليد 1970 بطانطان، قضيت طفولتي بالقصابي بإقليم كلميم إلى غاية حصولي على الشهادة الإبتدائية. ومنها تابعت دراستي الإعدادية والثانوية بكلميم بكل من إعدادية الحضرمي وثانوية محمد الخامس. بعد حصولي على شهادة البكالوريا سنة 1990، شعبة الآداب العصرية، انتقلت بعدها إلى كلية القانون والاقتصاد بجامعة القاضي عياض بمراكش، وحصلت على الإجازة بها سنة 1994، وما بين 1995-1996 حصلت على دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية من نفس الجامعة. 1997-1998 خضعت لفترة تدريب لنيل دبلوم التوثيق NOTARIAT ، ولكن فشلت في إتمامه، وفي أواخر سنة 1998، تمكنت من التسجيل بجامعة سان دوني والحصول على تأشيرة الدخول إلى فرنسا والحصول فيما بعد على شهادة التمكن MAITRISE في شعبة القانون العام، وبعدها حصلت على دبلوم الدراسات المعمقة DIPLOME DES ETUDES APPROFONDIES ب جامعة نانتير NANTAIRE في موضوع حقوق الإنسان والحريات العامة. ومنذ سنة 2005 وأنا بصدد التحضير لأطروحتي لنيل الدكتوراه في أواخر السنة الحالية، في موضوع العوائق السياسية في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودول المغرب العربي (المغرب -الجزائر – تونس)، كما أحيطكم علما بأنني متزوج من فرنسية عمرها 49 سنة، أستاذة مادة التاريخ والجغرافيا بالعاصمة الفرنسية باريس.

في إطار التخطيط لفكرة نزوح مجموعة من العائلات خارج مدينة العيون واستقرارها تحت خيام للتنديد بتدهور حالتها الاجتماعية والاقتصادية، ومحاولة مني لتفعيل هذا المشروع وخلق الفتنة والرعب مع الإخلال بالنظام العام وزعزعة الاستقرار والهدوء الذي يسود هذه المدينة ونواحيها، قررت سابقا بتعاون مع المسمى محمد أمبارك الفقير بمحاولتين تم التصدي لهما بنجاح من طرف الساهرين على أمن وطمأنينة الساكنة، أما العملية الثالثة فقد تمكنا من إنجاحها بعد التخطيط الجيد لها.

ومن أجل تفعيل المطالب الاجتماعية للنازحين التي لقيت استحسانا بعد التنسيق المحكم لها بادرت، بحكم نشاطي في بعض المنظمات الغير حكومية، إلى جلب وجمع وادخار مبالغ مالية مهمة، حصلت عليها من طرف منخرطين في العمل الجمعوي من الخارج، اعتقادا منهم بأنني سأوظفها في مشاريع خيرية، في حين كان المخطط يرمي إلى تمويل فكرة المخيم وأداء واجبات المتطوعين من أبناء الإقليم وتوظيفهم هم الآخرين في أعمال من شأنها المس بالأمن العام والحريات العامة في التنقل للمحتجزين بالمخيم وإعطاء صورة معاكسة للرأي العام على الأمن والطمأنينة اللذان يسودان المدينة.

ومن هذا المنطلق، أصبحت كلمتي مسموعة داخل المخيم واللجنة الساهرة على تنظيمه تعمل بتوصياتي، وهكذا كان أي تفاوض لها مع السلطات يلقى عدم الرضا من طرفي محاولة مني في ربح الوقت لتلقى هذه القضية صدى إعلامي واسع بإمكانه أن يخدم مصالحي الشخصية.

أما بخصوص الأسلحة البيضاء التي وجدتموها بحوزتي والمعروضة أمامي من طرفكم، فقد حصلت عليه من أجل منحها لعناصر الأمن الداخلي بالمخيم بغية استعمالها في تخويف وترهيب بعض النازحين ممن أبانوا عن رغبتهم في العودة نهائيا إلى مدينة العيون وهو ما تحقق لنا إلى حدود تدخل القوات العمومية.

سؤال : هل تتبع كل مراحل مفاوضات الجنة التنسيقية مع السلطة المحلية بالإقليم في إطار مشكل النازحين؟

جواب : لقد كنت أكلف بهذه المهمة بوريال محمد، السويح أمبارك، الزاوي حسن ، لفضيل رضوان، الضافي الديش ، التوبالي وآخرون.

سؤال : ما هي الأهداف التي كانت وراء مشروعكم هذا؟

جواب : لقد كانت بالأساس تنصب في فكرة واحدة لا غير، وهي خلق نوع من الفتنة وزعزعة النظام العام، لأني كنت أرى فكرة احتجاز النازحين بالمخيم وسيلة سترغم القوات العمومية في آخر المطاف على التدخل وبالتالي انتشار رقعة الفوضى إلى مدينة العيون ولما لا إلى مدن أخرى بالمغرب.

سؤال : ما هي الدوافع وراء حصولكم على هذا الدعم المالي من الخارج؟

جواب : لقد كنت أتوصل به من أجل تمويل الخلايا المنظمة للمخيم واحتجاز المقيمين به بهدف التصدي لكل تدخل من طرف القوة العمومية.

سؤال : من هم الأشخاص الساهرين على تنفيذ أوامرك داخل المخيم؟ وأين تنحصر مهمتهم؟

جواب : إن الأشخاص الآتية أسماؤهم: إبراهيم السماعيلي – لفقير محمد أمبارك – العروسي عبد الجليل – أحمد السباعي – لحماد خطاري وحسن الداه.

أما عن مهمتهم فتكمن في التصدي لأي هجوم تقوم به ع نا صر القوة العمومية وكذلك القتل والتنكيل بها وحرق وإتلاف كل معداتها بواسطة الزجاجات الحارقة وقنينات الغاز.

سؤال : لماذا تولدت عندكم هذه الفكرة؟

جواب : أقوم بمثل هذه العمليات انتقاما لما آلت إلبه الأمور من تدني المستوى المعيشي، الاقتصادي منه والاجتماعي وكذلك لما تقوم به الدولة بإعطاء الأولوية والأفضلية لأفراد لا علاقة لهم بالسكان الأصليين بالعيون.

سؤال : صرحتم سابقا بتماطلكم في الحوار مع السلطة من أجل ربح الوقت حتى يلقى مخططكم صدى واسع من شأنه خدمة قضيتكم. ما هو المغزى من هذه الفكرة؟

جواب : لقد أقنعت أعضاء لجنة الحوار باستعمال أساليب المناورة مع السلطات المحلية بإعطاء وعود كاذبة بالاستعداد لإجلاء المخيم في حال تلبية المطالب الاجتماعية للنازحين، والهدف الحقيقي وراء هذه الفكرة هو ربح المزيد من الوقت لتسهيل جلب أعداد كبيرة من النازحين لتعزيز الصفوف وتوسيع رقعة المخيم لإعطاء صدى واسع وإعلامي وبالتالي تسهيل مخطط المواجهة مع القوة العمومية.

سؤال : هل أنت نادم عما كنت تخطط له من خلق الفتنة بالمنطقة؟

جواب : أؤكد لكم بأنني لست نادما على هذا المخطط ومستعد للقيام به مرة أخرى إلى غاية تحقيق المقصود.

سؤال : هل كنت تتعرض لأي مضايقة أثناء ولوجك للمخيم؟

جواب : لقد كنت أدخل إليه بكل حرية وبدون تعرضي لأي مضايقات من طرف عناصر القوة العمومية علما بأنني لدي سوابق في الاعتداء على عناصر الشرطة بالسمارة.

سؤال : كيف كنتم توفقون بين تسييركم للمخيم وعملية التنسيق مع باقي عناصر خليتكم به؟

جواب : إن المجموعة الساهرة على تسيير المخيم كانت جميعها على صلة بي عن طريق ممثلي اللجان المختلفة التي عملت على تزويدها بالدعم اللوجستيكي والمادي لنفيذ المهمة المنشودة على أحسن وجه.

سؤال : هل لديك ما تضيفه في تصريحك؟

جواب : هذا ما لدي من تصريح.

[في نهاية المحضر جاءت العبارة التالية:]

المعني بالأمر يعرف القراءة والكتابة، تصريحه تلاه بنفسه فأصر عليه دون زيادة، نقصان، حذف أو تغيير. وأمضى معنا في دفتر التصريحات.

محمد لمين هدي

[في يوم واجد وعشرون توفمبر/تشرين الثاني من سنة ألفين وعشرة على الساعة الثانية عشرة بعد الزوال تابعنا بحثنا في الموضوع حيث استمعنا للمسمى محمد لمين هدي، هذا الأخير وبعد مواجهته بالمنسوب إليه من فعل أمدنا بالتصريح التالي.]

محمد لمين هدي بن أحمد سالم بن عابدين،، مغربي، مزداد سنة 1980 بالعيون والقاطن بها زنقة وليلي رقم 257 العيون، بدون مهنة، من أمه مانينة بنت محمد، أعزب، الحامل لبطاقة التعريف الوطنية رقم 102367 SH .

سوابقه القضائية:

- يقول بدون سوابق قضائية.

لقد ولدت وكما سبقت الإشارة إلى ذلك بمدينة العيون سنة 1980 وذلك في كنف أسرة تتمتع بوضع اجتماعي مزري، في بداية مشواري الدراسي ولجت المدرسة الابتدائية المسماة بئر أنزران لكي أنتقل بعد ذلك إلى إعدادية الحسن الأول لكنني لم أفلح في متابعة دراستي حيث انقطعت عنها في السنة الرابعة إعدادي حيث كان ذلك مرده لعدم قدرة عائلتي على الاستجابة لمتطلباتي الدراسية. وخلال سنة 1997 ولجت معهد التكوين المهني تخصص ترصيص والذي درست فيه على مدى عامين كاملين. وبعد حصولي على دبلوم النشاط المهني المشار إليه مارست المهنة نفسها على مدى ثلاثة سنوات. وبسبب حالة والدي الصحية المتردية والتي عجز بسببها على الاهتمام بقطيع الماعز الذي يتوفر عليه، اضطررت إلى الحلول مكانه واهتممت بأمر رعي ذلك القطيع لمدة ليست باليسيرة. وخلال مستهل سنة 2006 قدمت طلبا من أجل الحصول على رخصة ثقة خاصة بسيارة أجرة صغيرة حيث تم تمكيني منها. وبموجب تلك الرخصة اهتممت بسياقة سيارة أجرة صغيرة خاصة بمجينة العيون وذلك إلى الحين الذي تم القبض علي فيه.

أما فيما يتعلق بالظروف وكذا الملابسات التي جعلتني أتورط تورطا مباشرا في الأحداث التي عرفها مخيم أكديم إزيك، فإني أسردها لكم بشكل مفصل ودقيق كما يلي:

في البداية تجدر الإشارة إلى أن فكرة النزوح الجماعي لساكنة مدينة العيون من الصحراويين للاستقرار في مخيم يتم إنشاؤه بضواحي المدينة تفتقت وانبثقت من ذهن أشخاص معينين كان على رأسهم المسم ى الأسفاري النعمة والمسمى بوريال محمد، هذين الأخيرين وبإيعاز ووحي من جهات أجنبية همها الوحيد وهدفها الأسمى هو زعزعة الاستقرار الأمني بالمناطق الصحراوية والمس بالأمن الداخلي بالبلاد، شرعا في استقطاب كل من بإمكانه مد يد المساعدة لهم في إخراج فكرتهم إلى حيز الوجود. وقد كنت من بين الأشخاص الأوائل الذين اتصل بهم المسمى النعمة الأسفاري ومرافقيه، هذا الأخير بسط أمامي وأطلعني عن تفاصيل وحيثيات ذلك المخطط مشيرا إلى أنه في بداية الأمر سيتم استمالة شريحة واسعة من المواطنين الصحراويين بدعوى مطالبة الدولة بتمكينهم من حقوقهم الاجتماعية مما سيتيح توافذ أعداد هائلة من المواطنين الصحراويين على المخيم على الذي تم اختيار مكانه بشكل دقيق مسبق. كما أضاف موضحا أن الكم الهائل من المواطنين الصحراويين النازحين سيضمن لنا ورقة ضغط رابحة سيتم شهرها في وجه السلطات. كما سيمكننا من تنفيذ مخططنا التخريبي في الخفاء متسترين بستار حاجة المواطنين ورغبتهم في الارتقاء بوضعهم الاجتماعي المتردي. وبعد نجاح فكرة النزوح وبعد أن أخذت إعداد هائلة من المواطنين تتقاطر على مخيم أكديم إزيك، وبعد اجتماع ضم كل من المسمى النعمة الاسفاري، محمد بوريال، زايو سيدي عبد الرحمان باعتبار هؤلاء الثلاثة هم المهندسين الفعليين لفكرة المخيم، بالإضافة إلى الأشخاص الذين تم استقطابهم بشكل لاحق وهم المسمون: عبد الله لخ م اوني – عبد الجليل العروسي – لفقير محمد أمبارك – الإسماعيلي إبراهيم – الزاوي الحسين – عبد الله التوبالي – محمد بوتباعة – أحمد السباعي – السويح أمباركة – أباهاه سيدي عبد الله وآخرون لم أستطع استحضار أسماؤهم اللحظة. بعد الاجتماع المشار إليه اقترح هؤلاء تشكيل فرق أمنية بتخصصات مختلفة تخضع لتراتبية محكمة يتربع على هرمها السلطوي المسمى النعمة الأسفاري – محمد بوريال والمسمى زايو سيدي عبد الرحمان والذي كان يتحرك خلف الستار ومن وراء الكواليس كلبا للتكتم والسرية. كما اقترحوا تقسيم المخيم إلى دوائر أمنية قاتمة بجد ذاتها، وحددوا له حددوا جغرافية يتم عزلها عن سلطة الدولة. وبالنظر إلى ما يتوفر عليه المسمى عبد الجليل العروسي من جاهزية بدنية فقد تم اختياره ليرأس تلك الفرق الأمنية تحت الإشراف المباشر للمسمى النعمة الأس فاري ومعاونيه السالف ذكرهم. وقد كان الهدف المراد تحقيقه وراء تشكيل تلك الفرق هو إخضاع المخيم وساكنته والعمل على جعل تلك السكنة تخدم مصالح المخطط التخريبي المرسوم. وبعد أن تم تحقيق كل ذلك بشكل تدريجي ونجحت الخطة التي تم وضعها بشكل كامل، طرحت إشكالية القوات العمومية والسلطة المحلية على أرض الواقع، هذه الأخيرة قامت بجهود حثيثة من أجل فض المخيم بشكل سلمي حيث انصاعت لمطالب المواطنين ومكنت جزء منهم من ما كان يطمح إليه من مطالب، مما دفع كثرا من المواطنين إلى إبداء رغبتهم في مغادرة المخيم. وأمام هذه الإشكالية قرر النعمة الأسفاري ومعاونيه وبعد استشارة المسمى زايو سيدي عبد الرحمان استنفار كافة الفرق الأمنية حيث تم مدها بأوامر صارمة تقضي بمنع المواطنين من مغادرة المخيم عن طريق الترهيب والوعيد واحتجازهم إن اقتضى الأمر ذلك لدرجة أن المخيم أصبح محاصرا بالحراس من كل جانب مما ساهم بشكل كبير في إجهاض كل محاولات التسوية التي رعتها وقامت بها السلطة المحلية. خلال تلك الفترة وبتكليف من مباشر من المسمى الأسفاري النعمة كلفت بمهمة تتبع ومراقبة تحركات القوات العمومية حيث أني كنت أنجز تقارير يومية عن تحركاتها. تلك القارير التي حرصت على أن أضمنها أعداد تلك القوات العمومية وكذا عدد الآليات التي تتوفر عليها. هذا بالإضافة إلى مسح شامل يتعلق بالأماكن التي تتموقع فيها. وعلى ضوء التقارير التي كنت أعدها قام المسمى النعمة الأسفاري – زايو سيدي عبد الرحمان – بوريال محمد وكذا المسمى عبد الجليل العروسي بوضع خطة الدفاع عن المخيم في حالة اجتياحه من طرف أفراد القوة العمومية. تلك الخطة التي كان الهدف منها استهداف القوات العمومية وتشتيتهم وبالتالي النيل منهم بشكل فردي أو جماعات عن طريق حصدهم بالسيارات الرباعية الدفع. وحتى يتسنى لي إتمام مهمتي على أكمل وجه وبطلب من المسمى النعمة الأسفاري فقد حرصت على تتبع خطوات تلك القوات بواسطة كاميرا فيديو أمدني بها، كما أني كنت أطلعه وأسلمه محتوى ما قمت بتصويره في الحين واللحظة. وقد كان المعني بالأمر يقوم بإرسال تلك المقاطع إلى جهات خارجية. هذا في الحين الذي كنت أضطلع فيه بوضع نسخ تلك المقاطع على الشبكة العنكبوتية.

وبعد أن استشعرت تحركات مريبة من جانب القوات العمومية، بادرت إلى إخطار الأسفاري النعمة ومعاونيه وكذا المسمى عبد الجليل العروسي بذلك مما جعلهم يستنفرون جميع الحرس التابع للمخيم. وخلال الليلة نفسها اهتممت بزيارة كل حارس في مكانه وزودتهم بالقنينات الحارقة التي ساهمت بشكل كبير في إعدادها وتعبئتها. وفي فجر ذلك اليوم وبعد أن أصبحت المواجهة وشيكة حيث استطعنا رؤية القوات العمومية وهي تزحف على المخيم، وخلال ذلك ورغم أني أبديت للمسمى الأسفاري النعمة رغبتي في البقاء بجانبه بغرض حمايته إلا أنه أصر على أن أقوم بأخذ مكاني بين الصفوف التي التي شكلت من أجل الذود عن حرمة المخيم. ذلك الأمر الذي لم أمتثل له حيث قمت بالركوب في سيارة رباعية الدفع كانت من بين السيارات التي تم تعيينها مسبقا من أجل الهجوم على أفراد القوة العمومية والتي وجدت بها أشخاص لم أستطع التعرف عليهم، وبعد أن أصبح مشاة القوات العمومية على مرمى حجر،  عملت على تحفيز السائق وحثه رغم مهاجمتهم حيث انطلق بسرعة جنونية وأخذ بحصدهم بسيارته وبشكل جعل الكثير منهم تسحق عظامهم تحت السيارة التي كنت من بين ركابها. وبعد أن اختلط الحابل بالنابل ترجلت من تلك السيارة حيث التحقت خلسة بالجموع التي كانت بصدد مغادرة المخيم وقد كان من بينهم حراس المخيم الذين استطاعوا الإفلات من التوقيف. هؤلاء وفي طريقنا نحو مدينة العيون ساهمت رفقتهم في اعتراض سبيل حافلة تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط والتي قمنا جميعا بتخريبها وحرقها عن آخرها. وفي اليوم نفسه وبعد أن التحقت بمدينة العيون وأثناء مروري من شارع السمارة انضممت إلى جموع من المخربين الذين استباحوا ممتلكات الناس واجتهدوا في حرقها وتخريبها. وبعد أن أصبحت القوة العمومية قاب قوسين من أخذ زمام الأمور التحقت بمنزلنا حوالي الثالثة بعد الزوال، والذي اختبأت فيه إلى أن عادت الأمور إلى سابق عهدها.

ب م لقد تم استقطابي من طرف المسمى الأسفاري النعمة.

ب م لقد كنت مكلفا من طرفه بمهمة التجسس على القوات العمومية.

ب م لقد كنت أرفع له تقارير مفصلة عن تحركاتها.

ب م بطلب من المسمى النعمة الأسفاري قمت بتصوير تحركات القوة العمومية.

ب م لقد كان المدعو زايو سيدي عبد الرحمان هو المستشار الخاص للنعمة أسفاري.

ب م لقد كان على علم تام بالمخطط التخريبي المراد القيام به.

ب م لقد كان هذا الأخير طرفا في ذلك المخطط.

ب م لقد قمت بتزويد حراس المخيم بالقنينات الحارقة قبل زحف القوة العمومية.

ب م على ضوء المعلومات التي استقيتها تم وضع خطة الدفاع عن المخيم.

ب م خلال الصباح الذي عرف الزحف على المخيم قمت بالركوب في سيارة رباعية الدفع قمت بتحفيز صاحبها من أجل دهس وحصد مشاة القوة العمومية.

ب م لقد استطعنا بواسطة تلك السيارة جرح الكثير منهم وكذا القضاء على بعضهم .

ب م لقد ساهمت في حرق حافلة تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط .

ب م لقد التحقت بجماعة المخربين وسط مدينة العيون وساهمت بشكل فعلي معهم في استباحة متاجر وأملاك العامة عن كريق النهب والحرق.

ب م هذا ما لدي أصرح لكم به.

[ في نهاية المحضر جاءت العبارة التالية :]

المصرح يعرف القراءة والكتابة تصريحه تلاه بنفسه فوافق أن لا يزيد، ينقص أو يغير في مضمونه شيئا فأصر وأبصم بإبهامه الأيمن في دفتر التصريحات .


 

الملحق الخامس : تقرير طبي
 
عن حالة المتهمين في قضية سيدي البرنوصي   

في أربع حالات من ست حالات واردة في هذا التقرير، ادعى المتهمون أن الشرطة عذبتهم أثناء الاستنطاق. في الحالة الخامسة (الصديق كبوري والمتهمين معه)، ادعى المتهمون أن الشرطة صفعتهم وهددتهم. في حالة واحدة فقط، تضم أعضاء من حركة 20 فبراير/شباط الشبابية، أمرت المحكمة بإجراء فحص طبي للبحث عن أدلة على الاعتداء الجسدي. كان الفحص مهما ليس فقط للتحقق مما إذا كانت جرائم عنف محتملو قد ارتكبت ضد الأشخاص المحتجزين، ولكن أيضا لتسليط الضوء عما إذا كانت اعترافات المتهمين طوعية كما هو مطلوب من قبل القانون لتأخذ بها المحكمة كدليل.

يبدو الفحص الطبي في هذه القضية سطحيا وأقل بكثير من المعايير الدولية التي تحكم فحوص الطب الشرعي بشأن التعذيب. أصدر الطبيب تقريرا من صفحة واحدة يغطي جميع المتهمين الستة، أعيد نشره أدناه. ونرفق هذا التقرير بتقييم من قبل الدكتور دوارتي فييرا، الذي يرأس المعهد الوطني البرتغالي للطب الشرعي، وشغل منصب رئيس الأكاديمية الدولية للطب الشرعي 2007-2012، وشغل منصب الخبير الطبي في الفريق الذي رافق مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب خلال بعثته إلى المغرب والصحراء الغربية في شهر سبتمبر/أيلول 2012.

تقرير طبي من قبل الطبيب الفاحص لستة متهمين

 


مراسلة من الدكتور دوارتي فييرا إلى هيومن رايتس ووتش [138]

لقد طلب مني ... التعليق على تقرير الطب الشرعي ( “le constat medical” ) على السيد يوسف أوبلا، وعبد الرحمن العسال، ونور السلام قرطاشي، وسمير برادلي، وطارق رشدي، وليلى ناسيمي، الذي صدر في الدار البيضاء، في 25 يوليو/أيلول 2012 ، عن الدكتور سعيد القاديلي. هذه هي التعليقات نتيجة تقييمي للتقرير:

1.     لا توجد أية إشارة إلى الوقت الذي استغرقه الفحص الطبي (لا وقت البدء ولا وقت الانتهاء)..

2.     ليس هناك ما يدل على أن الأشخاص الذين تم فحصهم أعطوا موافقتهم المسبقة لإجراء فحص طبي وتقرير طبي واحد يغطيهم جميعا في وقت واحد.

3.     لا توجد أي إشارة حول وجود أو عدم وجود قيود وعوائق مفروضة على الفحص الطبي.

4.     بصرف النظر عن توقيع الطبيب الذي أجرى الفحص، ليس هناك ما يدل على أن شخصا آخر حضر أثناء الفحص الطبي، وإذا ما تم إجراء الفحوص الطبية بشكل منفصل (كما كان ينبغي القيام به) أو بشكل جماعي.

5.     عموما، فإن التقرير هو مختصر للغاية، مع جزء موضوعي من 8 أسطر فقط. ومن وجهة نظر تقرير الطب الشرعي بشأن حالات مزعومة لسوء المعاملة أو التعذيب، فإن هذا قصير بشكل غير معقول، وهو نفسه إشارة إلى أنه لا يمكن أن يكون حقا قد تم إجراء تقييم شامل.

6.     لا يذكر التقرير ادعاءات مختلف الأشخاص المعروضين على الفحص.

7.     قدمت نتائج الفحص الجسدي في جملة واحدة: " l´examen clinique ne révèle en général rien de particulier à part quelques signes subjectifs ; pas de traumatisme, autrement à part Samir Bradli qui présente une trace du cuir chevelu type écorchure superficielle et l´examen clinique ne révèle rien de particulier   " ...[139]

8.     لا توجد مخططات جسم داعمو أو صور، وليس هناك وصف جقيق للموقع التشريحي للجرح الوحيد المذكور وطبيعته.

9.     معنى عبارة " quelques signes subjectifs ( بعض العلامات الشخصية )"   ليس واضحا .

10.                         لا يوجد وصف لأعراض نفسية في نهاية المطاف، ولا أية إحالة لأي من الأشخاص الذين فحصوا لمزيد من التقييم النفسي من قبل أخصائي.

11.                         ليست في التقرير محاولة لاستيضاح أي تفاصيل أيا كانت عن الأفعال المزعومة التي أدت بالأشخاص الذين فحصوا إلى " constat medical ( فحص طبي )" و لا أي ملاحظات بشأن شكاواهم.

12.                         ليست هناك أي محاولة للحصول على تفاصيل دقيقة أو توثيقها عن مزاعم التعرض لسوء المعاملة أو التعذيب، أو أي دقة في التعرف على أجزاء الجسم التي كانت مستهدفة.

 

وفي الختام، فإن تقرير الطب الشرعي الصادر عن الدكتور سعيد القادلي يقع في مرتبة أدنى بكثير من الممارسة المقبولة دوليا لإجراء فحص طبي على ضحايا مزعومين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما هو مفصل في دليل التحقيق والتوثيق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي نشرته الأمم المتحدة في عام 2001 والمعروف باسم بروتوكول إسطنبول.

التقرير ... لا يقدم أي تفاصيل عن الفحوصات التي أجريت، ويقدم فقط وصفا غير مفصل جيدا وغير علمي لنتائج هذه الفحوصات.

مع هذه الدرجة من الإيجاز، ليس هناك ما يدل على أنه تم إجراء تقييم شامل لادعاءات الضحايا ... لا يمكن لأي قرار قضائي الاعتماد على مثل هذا التقرير غير مقبول، والذي ليست له أي قيمة في الطب الشرعي.

 



[1] جاء في الفصل 290 من قانون المسطرة الجنائية : " المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية شأن التثبت من الجنح والمخالفات، يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة وسائل الإثبات ".

[2] الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان " Maroc : Libération provisoire et poursuite du harcèlement judiciaire de M. Camara Laye (المغرب: الإفراج المؤقت واستمرار المضايقة القضائية لـ كامارا لاي)" 15 نوفبر/تشرين الثاني 2012، http://www.fidh.org/Maroc-Liberation-provisoire-et-12433 ( تمت زيارته في 21 ديسمبر / كانون الأول 2012).

[3] نص خطاب الملك بالفرنسية على http://mohamed6.canalblog.com/archives/2009/08/21/14805632.html   ( تمت زيارته في 9 مايو / أيار 2013)

[4] “Maroc: Installation de la Haute Instance du dialogue national : le Roi pose le premier acte de la réforme de la justice ( المغرب : تنصيب الهيأة العليا تنصيب الهيئة العليا للحوار الوطني : الملك يضع الخطوة الأولى لإصلاح العدالة )" ، Maghreb Info ، http://www.maghrebinfo.fr/maroc/actualites/713-maroc-installation-de-la-haute-instance-du-dialogue-national-le-roi-pose-le-premier-acte-de-la-reforme-de-la-justice.html  ( تمت زيارته في 2 مايو / أيار 2013)

[5] خطاب الملك محمد السادس، 30 يوليو / تموز 2012 ، , http://www.bladi.net/discours-du-roi-mohammed-vi-du-30-juillet-2012.html ( تمت زبارته في 2 سبتمبر / أيلول 2012).

[6] "La charte nationalesur la réformejudiciaire sera prête avant fin mars ( سيتم الإعلان قبل نهاية مارس / آذار المقبل عن الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة )" Le Matin ، 11 يناير / كانون الثاني 2013 ، http://www.lematin.ma/journal/Justice_La-Charte-nationale-sur-la-reforme-du-systeme-judiciaire-sera-prete-avant-fin-mars/176570.html ( تمت زيارته في 2 أبريل / نيسان 2013) .

[7] البيان الذي صرح به خوان مانديز، المقرر الخاص حول مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بعد نهاية زيارته للمغرب من 15 إلى 22 سبتمبر / أيلول 2012 ، http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=12569&LangID=E ( تمت زيارته في 11 ديسمبر / كانون الأول 2013).

[8] انظر هيومن رايتس ووتش، " المغرب في مفترق الطرق " ، 21 أكتوبر / تشرين الأول 2004 ، http://www.hrw.org/node/75141 ، " حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومخيمات تندوف للاجئين " ، 29 ديسمبر / كانون الأول 2008 ، http://www.hrw.org/ar/reports/2008/12/16-0 ، " المغرب : كفاك بحثا عن ابنك، الاعتقالات غير القانونية في إطار قانون مكافحة الإرهاب " ، 25 أكتوبر / تشرين الأول 2010 ، http://www.hrw.org/ar/reports/2010/10/25-0 .

[9] علي عمار، " Maroc - Le temps des révoltes paysanne ( زمن تمرد الفلاحين )" ، Slate Afrique ، 29 يونيو / حزيران 2012 , www.slateafrique.com/89885/maroc-la%20revolution-viendra-peut-etre-des-zones-rurales ( تمت زيارته في 4 أبريل / نيسان 2013)

[10] لحسن مواسي، " احتجاجات آسفي تتحول إلى أعمال عنف "/ مغاربية، 7 أغسطس / آب 2011 ، http://magharebia.com/ar/articles/awi/features/2011/08/07/feature-01 ( تمت زيارته   في 4 أبريل / نيسان 2013)

[11] مصطفى اللويزي، " Une agitation sociale qui tourne au drame : Violences tous azimuts à Taza ( اضطراب اجتماعي يتحول إلى مأساة : عنف شامل في تازة )" ، Libération ، 3 فبراير / شباط 2012 ، http://www.libe.ma/Une-agitation-sociale-qui-tourne-au-drame-Violences-tous-azimuts-a-Taza_a24878.html ( تمت زيارته في 4 أبريل / نيسان 2013)

[12] يونس سعد علمي، " Emeutes : 8 ans après le seisme, Imzouren explose ( أعمال الشغب: بعد 8 سنوات من الزلزال، إمزورن ينفجر)"، L’Economiste ، 13 مارس/آذار 2012، http://www.leconomiste.com/article/892245-emeutes-8-ans-apr-s-le-s-isme-imzouren-explose ( تمت زيارته في 4 أبريل / نيسان 2013)

[13] مقابلات أجرتها هيومن رايتس ووتش، بوعرفة، 31 يناير / كانون الثاني و 1 فبراير / شباط 2012.

[14] مقبلات هيومن رايتس ووتش مع العديد من آباء المتهمين، بوعرفة، 31 يناير / كانون الثاني 2012.

[15] حكم عدد 67/2011/4 ، جنحي / تلبسي، محكمة فجيج الإبتدائية في بوعرفة، 16 يونيو / حزيران 2011.

[16] قضية عدد 11/1134 / جنحي، محكمة الاستئناف في وجدة، حكم عدد 4722 ، 26 يوليو / تموز 2011.

[17] يبدو أن هذا التصريح غير ذي صلة : لم " يعترف " المتهمون لوكيل الملك؛ في الواقع احتجوا ببراءتهم ونفوا التصريحات التي نسبت إليهم من قبل الشرطة. انظر أدناه في النص.

[18] وبالإضافة إلى ذلك، فقد كبوري وظيفته كمدرس في المدرسة العمومية بسبب سجنه. انه لم تتم إعادة تعيينه إلا بعد سنة من الإفراج عنه، وفقط في مدينة وجدة. ويعتقد أن القصد من هذا التعيين هو إبقائه بعيدا عن بوعرفة، على بعد ثلاث ساعات، حيث لا تزال تعيش عائلته. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الصديق كبوري، الرباط، 11 مايو/أيار 2013 .

[19] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الواحد بنعيسى، بوعرفة، 1 فبراير / شباط 2012 ، ومقابلة عبر الهاتف، 4 أكتوبر / تشرين الأول 2012.

[20] حكم عدد 67/2011/4 جنحي / تلبسي

[21] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الواحد بنعيسى، بوعرفة، 1 فبراير / شباط 2012 ، ومع الصديق كبوري، الرباط، 11 مايو / أيار 2013.

[22] . مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الواحد بنعيسى، بوعرفة، 1 فبراير / شباط 2012.

[23] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الواحد بنعيسى، بوعرفة، 1 فبراير / شباط 2012.

[24] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الصديق كبوري، الرباط، 11 مايو / أيار 2013.

[25] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر بنعلي، بوعرفة، 1 فبراير / شباط 2012

[26] مراسلة بالبريد الالكتروني من عمر بنعلي إلى هيومن رايتس ووتش، 28 أغسطس / آب 2012.

[27] قضية عدد 11/1134 ، ص . 22.

[28] لا تتوفر هيومن رايتس ووتش على أية بيانات بشأن متوسط ​​الانتظار في المغرب بين الاعتقال والمحاكمة. ومع ذلك، فإن نسبة عالية من نزلاء السجون الذين هم رهن الاعتقال الاحتياطي هي إشارة على أن الذين ألقي عليهم القبض ووضعوا رهن الاعتقال الاحتياطي يجب أن ينتظروا وقتا طويلا لبدء أو إنهاء محاكمتهم. ونقلت الصحافة عن مسؤول في وزارة العدل قوله أنه في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2012 ، 31113 شخصا كانوا رهن الاعتقال الاحتياطي في السجون المغربية، أو 44.68 ٪ من مجموع نزلاء السجون. " Déclaration relative à la détention préventive: Mustapha Ramid rencontre les associations signataires (تصريح بشأن الاعتقال الاحتياطي: مصطفى الرميد يلتقي بالجمعيات الموقعة)"، Au Fait ، 18 ديسمبر/كانون الأول 2012، http://www.aufaitmaroc.com/actualites/maroc/2012/12/18/mustapha-ramid-rencontre-les-associations-signataires_201640.html ( تمت زيارته في 7 مايو / أيار 2013).

[29] مراسلة عبر البريد الالكتروني من تالين المومني إلى هيومن رايتس ووتش، 22 أبريل / نيسان 2011.

[30] زكرياء المومني، " المومني زكرياء الجزيرة الرياضية " ، تقرير فيديو http://www.youtube.com/watch?v=Gwt6CIj3_Go ( تمت زيارته في 22 فبراير / شباط 2013).

[31] Jacques-Marie Bourget ، " Une histoire d’entêtement (قصة عناد)"، Bakchich ، http://www.bakchich.info/international/2010/09/29/zakaria-moumni-un-boxeur-a-disparu-58688 (تمت زيارته في 22 فبراير/شباط 2013).

[32] مصطفى منصور، " مومني : بطل عالمي يبحث عن أجر زهيد " ، الأيام، 8 يوليو / تموز 2010 ، http://www.liberez-zakaria-moumni.org/docs/al-ayyam.pdf ( تمت زيارته في 22 فبراير / شباط 2013).

[33] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المومني، 6 أغسطس / آب 2012 ، سنتين تقريبا بعد اعتقاله، ندوب عمودية طويلة وضيقة لا تزال ظاهرة على ساقيه .

[34] مراسلة بالبريد الإلكتروني من تالين المومني إلى هيومن رايتس ووتش، 6 أكتوبر / تشرين الأول 2010 ، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع زكرياء المومني، أنطوني، فرنسا، 6 أغسطس / آب 2012.

[35] انظر هيومن رايتس ووتش، " المغرب : كفاك بحثاً عن ابنك " ، أكتوبر/تشرين الأول 2010 ، ص .14 ، http://www.hrw.org/ar/reports/2010/10/25

[36] انظر هيومن رايتس ووتش، " المغرب في مفترق الطرق " ، و " المغرب : كفاك بحثاً عن ابنك ".

[37] تقول محاضر المحكمة أنه كان نائب وكيل الملك إلياس صلوب، ملحق بالمحكمة الابتدائية في الرباط .

[38] القاضي محمد يمودي رئيس الجلسة، وفقا لمحاضر الجلسة .

[39] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الرحيم الجامعي، الرباط، 26 أكتوبر / تشرين الأول 2010.

[40] قضية عدد 21/1576/10 جنحي / تلبسي، محكمة الرباط الابتدائية، حكم رقم 1316 ، 4 أكتوبر / تشرين الأول 2010.

[41] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الرحيم الجامعي عبر الهاتف، 9 مارس / آذار 2011.

[42] ملف عدد 19/2010/3792 ، الغرفة الجنحية في محكمة الاستئناف بالرباط الغرفة الجنحية، قرار رقم 92 ، 13 يناير / كانون الثاني 2011.

[43] قضية عدد 2011/10/6/4259 ، قرار رقم 10/688 ، المحكمة العليا، غرفة الجنايات، 29 يونيو / حزيران 2011.

[44] انظر الملحق رقم 1 المرفق بهذا التقرير .

[45]  انظر الملحق 1 لهذا التقرير.

[46]  محكمة الاستئناف بسلا، قضية رقم 27/2008/32، 29 يوليو/تموز 2009.

[47]   محكمة الاستئناف بالرباط، قضية عدد: 28/09/40 ، 16 يوليو/تموز 2010.

[48]  انظر الملحق 1 في هذا التقرير:

  Statement from Morocco’s Interministerial Delegation for Human Rights, received February 28, 2012

[49]  انظر هيومن رايتس ووتش، "المغرب: كفاك بحثا عن ابنك: الاعتقالات غير القانونية في إطار قانون مكافحة الإرهاب"، أكتوبر/تشرين الأول 2010، http://www.hrw.org/ar/reports/2010/10/25

[50]  السابق: هيومن رايتس ووتش، "المغرب: يجب التصدي للإدانات الجائرة في المحاكمة الجماعية لمشتبهي الإرهاب"، 29 ديسمبر/كانون الأول 2009، http://www.hrw.org/ar/news/2009/12/29 "المغرب: تأييد إدانة 35 شخصًا بالإرهاب من بينهم شخصيات سياسية"، 28 يوليو/تموز 2010، http://www.hrw.org/ar/news/2010/07/28/35   "المغرب/الصحراء الغربية: معارضون في السجون ومحاكمات غير عادلة"، 24 يناير/كانون الثاني 2011، http://www.hrw.org/ar/news/2011/01/24-4

[51]  انظر هيومن رايتس ووتش: "المغرب: يجب التصدي للإدانات الجائرة في المحاكمة الجماعية لمشتبهي الإرهاب".

[52]   محكمة الاستئناف بالرباط، قضية عدد: 27/2008/32 ، 29 يوليو/تموز 2009.

[53]  قانون المسطرة الجنائية، المادة 290.

[54]  سباستيان روتلا، “In Morocco, an Unlikely Group of Terror Suspects,” ، لوس آنجلس تايمز، 27 فبراير/شباط 2008.

[55]  محكمة الاستئناف بالرباط، غرفة التحقيق الأولى، الملف 08/17.

[56]  انظر الملحق 1.

[57] السابق.

[58]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبد النبوي، الرباط، 27 يناير/كانون الثاني 2010.

[59]  محكمة الاستئناف بالرباط، محاضر جلسات الاستماع أمام قاضي التحقيق، 28 فبراير/شباط 2008. تحتفظ هيومن رايتس ووتش بنسخة من المحاضر.

[60]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الشعباوي، الرباط، 16 مايو/أيار 2013.

[61]  يذكر التقرير أن أحمد خوشياع قال إنه كان ضحية لـ "عنف" الشرطة. اختيار الكلمات في هذه الصياغة يقوم به القاضي أثناء تلخيصه لشهادة المشتبه فيه لكاتب المحكمة. ربما كانت كلمات المشتبه فيه أكثر وضوحًا.

[62]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الشعباوي، الرباط، 16 مايو/أيار 2013.

[63]  محكمة الاستئناف بسلا، قضية رقم 27/2008/32، 29 يوليو/تموز 2009.

[64]  مراسلة عبر البريد الالكتروني من أحد أقارب المشتبه فيهم لـ هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/حزيران 2009. صاحب الرسالة طلب أن يبقى اسمه خفيًا.

[65]   انظر، على سبيل المثال، رواية زكرياء المومني أعلاه.

[66]  قانون رقم 03ـ03 الصادر في 28 مايو/أيار 2003 لمقاومة الإرهاب، الفقرة 4 من المادة 66: "إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية، فان مدة الحراسة النظرية تكون ستا وتسعين ساعة قابلة للتمديد مرتين لمدة ست وتسعين ساعة في كل مرة، بناءً على اذن كتابي من النيابة العامة".

[67]  قانون المسطرة الجنائية، المادة 67.

[68]  السابق، المادة 608.

[69]  السابق، المادة 66.

[70]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حورية عامر، سلا، 27 يوليو/تموز 2009.

[71]  هيومن رايتس ووتش، "المغرب: كفاك بحثًا عن ابنك"، منظمة العفو الدولية، المغرب ـ الصحراء الغربية: ينبغي عدم اعتماد "الاعترافات" التي انتزعت تحت التعذيب كدليل في محاكمة الناشط الصحراوي، 14 أبريل/نيسان 2013، http://amnesty.org/en/library/asset/MDE29/003/2013/en/4ff8f952-5501-4df5-9e76-8d3149fd6848/mde290032013ar.html ، (تمت الزيارة في 2 مايو/أيار 2013)، منظمة العفو الدولية، استمرار الانتهاكات ضدّ الأفراد المشتبه في قيامهم بأنشطة تتعلق بالإرهاب في المغرب، 16 يونيو/حزيران 2010، http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE29/013/2010/en/60ca3778-51a0-4fda-8111-4db522405749/mde290132010ar.html ، (تمت الزيارة في 2 مايو/أيار 2013).

[72]   محكمة الاستئناف بالرباط، قضية عدد: 27/2008/32 ، 29 يوليو/تموز 2009.

[73] محكمة الاستئناف بالربط، قضية عدد: 28/09/40 ، 16 يوليو/تموز 2010، ص: 254

[74]  "العنف" هو المصطلح المستخدم في حكم المحكمة، قد تكون الكلمات التي استعملها فعلا أكثر تعبيرًا.

[75]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ميمونة البُش، الرباط، 12 مارس/آذار 2009.

[76]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سميرة الرماش، القنيطرة، 14 سبتمبر/أيلول 2012.

[77]  جان بيار بورلوو، « Une lettre de Belliraj: ‘j’ai été torturé (رسالة من بلعيرج: لقد تعرضت إلى التعذيب)، لو سوار، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، http://archives.lesoir.be/unelettre-de-belliraj-j-8217-ai-ete-torture-_t-20081114-00K1G9.a.html?&v5=1 (تمت الزيارة في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2010)، « Procès de Rabat: le Belgo-marocain Belliraj se dit victime de tortures  (محاكمة الرباط: بلعيرج، ذو الجنسية البلجيكيةـالمغربية يقول انه تعرض إلى التعذيب)، الوكالة الفرنسية للأنباء، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، http://www.journaux.ma/maroc/actualite-internationale/proces-de-rabat-le-belgo-marocain-belliraj-se-dit-victime-de-tortures (تمت الزيارة في 8 مايو/أيار 2013).

[78]   « Maroc: Belliraj nie avoir commis des meurtres en Belgique (المغرب: بلعيرج ينفي ارتكاب جرائم قتل في بلجيكا)، الوكالة الفرنسية للأنباء، مذكورة في لا درنيار مينيت، 7 أبريل/نيسان 2009، http://www.dhnet.be/infos/belgique/article/256626/belliraj-nie-avoir-commis-des-meurtres-en-belgique.html ، (تمت الزيارة في 31 أغسطس/آب 2012).

[79]  مازال المغرب يستخدم عقوبة الإعدام ولكنه لم يُنفذ أي إعدام منذ 1993.

[80]   انظر جان بيار بورلو، « Belliraj avait été entendu chez nous (تم التحقيق مع بلعيرج عندنا نحن)، لوسوار، 26 فبراير/شباط 2008، http://archives.lesoir.be/belliraj-avait-ete-entendu-chez-nous_t-20080226-00F31E.html (تمت الزيارة في 2 مايو/أيار 2013). انظر أيضا مارك اكهاونت، “Belliraj Killed for Abu Nidal and Worked for Al-Qa'idah," ، دي ستاندارد، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2008، كما تم ترجمته الى الانجليزية من BBC Monitoring International Reports ، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2008، http://www.accessmylibrary.com/article-1G1-187043808/belgian-magistrates-interrogate-terror.html (تمت الزيارة في 2 مايو/أيار 2013).

[81]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبادلة ماء العينين، الرباط، 14 سبتمبر/أيلول 2012.

[82]  المواد 263 و265 و267 من قانون المسطرة الجنائية، والمادة 21 من قانون التجمعات العمومية الصادر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1958، كما تم تعديله بالمرسوم رقم 1.02.200 الصادر في 23 يوليو/تموز 2002.

[83]  انظر هيومن رايتس ووتش، "المغرب: استخدام اعترافات متنازع على صحتها في حبس متظاهرين"، 17 سبتمبر/أيلول 2012، http://www.hrw.org/ar/news/2012/09/17-0

[84]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ليلى نسيمي، الدار البيضاء، 11 سبتمبر/أيلول 2012.

[85]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سمير برادلي، الدار البيضاء، 19 أبريل/نيسان 2913.

[86]  التقرير الطبي في الملحق 5.

[87]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر بنجلون، الرباط، 14 سبتمبر/أيلول 2012، ومع سمير برادلي، الدار البيضاء، 19 أبريل/نيسان 2013.

[88]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر بنجلون، الرباط، 14 سبتمبر/أيلول 2012، ولقاء عبر الهاتف مع محمد المسعودي، 13 سبتمبر/أيلول 2013.

[89]  المحكمة الابتدائية في باب سباع، الدار البيضاء، قضية جناحية رقم 6340/101/2012، حكم رقم 8451، 12 سبتمبر/أيلول 2012.

[90]  للاطلاع على تقييم نقدي آخر بخصوص فحص طبي أمرت به إحدى المحاكم على ضحية زعمت بالتعرض إلى التعذيب في المغرب، انظر مناقشة قضية علي أعراس، في الكرامة، “Follow-up to the Recommendations of the Committee against Torture in the Context of the Fourth Periodic Review of Morocco,” ، الصفحة 7، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2012، http://www2.ohchr.org/english/bodies/cat/docs/followup/AlkaramaMorocco47_en.pdf ، (تمت الزيارة في 2 يناير/كانون الثاني 2013).

[91]  تصريح لـ خوان منديز، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، في ختام زيارته للمغرب من 15 إلى 22 سبتمبر/أيلول 2012، 22 سبتمبر/أيلول 2012، http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=12569&LangID = (تمت الزيارة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2012).

[92] المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية، قضايا جنائية عدد 10/2746/3063   ع ع و 10/2746/3063 ع ع إضافي من 1 إلى 10 و 10/369/3125 ق س إضافي و 10/369/3125   ق س إضافي 1 و 2 ، حكم عدد 2013/313 ، فبراير / شباط 2013.

[93] غطت هيومن رايتس ووتش الأحداث في : " الصحراء الغربية : ضرب وتعسف من طرف قوات الأمن المغربية " ، 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2010 ، http://www.hrw.org/ar/news/2010/11/26

[94] انظر هيومن رايتس ووتش، " الصحراء الغربية : ضرب وتعسف من طرف قوات الأمن المغربية ". انظر أيضا، المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، كتاب أبيض حول أحداث أكدير إزيك، الرباط : فبراير / شباط 2013.

[95] المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، كتاب أبيض حول أحداث أكديم إزيك .

[96] بيانات مختلفة غير مؤرخة قدمتها سفارة المغرب في واشنطن، نسخ منها موجودة في ملف لدى هيومن رايتس ووتش.

[97] توجد قائمة المتهمين بما في ذلك التهم الموجهة إليهم والأحكام الصادرة في حقهم في الملحق الثالث.

[98] قانون القضاء العسكري، 10 توفمبر / تشرين الثاني 1956 ، ظهير رقم 1-56-270 ، http://adala.justice.gov.ma/production/legislation/ar/Nouveautes/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A.pdf ( تمت زيارته في 12 مايو / أيار 2013)

[99] ينص الفصل 7 من قانون القضاء العسكري على أنه، " إذا توبع في آن واحد آحد الأشخاص ... بأن ارتكب جناية أو جنحة من اختصاص المحكمة العسكرية وجناية أخرى أو جنحة من اختصاص الممحاكم العادية فإنه يحال أولا على المحكمة التي لها حق النظر فيما يعاقب عليه بأشد عقوبة ثم يحال على محكمة لها حق النظر في غير ما ذكر إن اقتضى الحال ذلك . وفي حالة ما إذا صدر حكمان بعقوبتين فإن أشد العقوبة هي التي يسري مفعولها على المحكوم عليه ".

ينص الفصل 76.4 على أنه، " إذا استقر رأي قاضي التحقيق العسكري على أن الجريمة تتصف يجناية أو جنحة من اختصاص المحكمة العسكرية فيعلن عن إحالة المتهم على هذه المحكمة ".

[100] يشير قاضي التحقيق العسكري في تقريره أن كل المتهمين الذين مثلوا أمامه أعلنوا براءتهم؛ وقال لهم بعضهم، على حد تعبيره، إنهم وقعوا تصريحاتهم للشرطة دون قراءتها. ومع ذلك، قال إن البعض الآخر، ذكروا أمامه أن الشرطة لم تكرههم أو تضغط عليهم:

وحيث وإن كان المتهمون قد نفوا في مرحلة الاستنطاق التفصيلي معهم ما هو منسوب إليهم من أفعال فإن نفيهم ذاك لا يرتكز على أي أساس من الواقع لكونه تفنده بما فيه الكفاية تصريحاتهم أمام الضابطة القضائية والتي أكد جلهم في شأنها وبصفة خاصة تصريحات المتهم النعمة الأصفاري والتهم بانكا الشيخ والمتهم الاقي المشضوفي والمتهم عبد الجليل العروصي والمتهم عبد الله لخفاوني والمتهم أبهاه عبد الله والمتهم محمد لمين هدي والمتهم عبد الله التوبالي والمتهم حسن الزاوي والمتهم الديش الضافي والمتم خدا البشير والمتهم حسن الداه والتهم محمد التهليل والتي صدرت عنهم دون أي ضغط أو إكراه .

في الواقع، فإن عددا من المتهمين، بمن فيهم بعض الذين وردت أسماؤهم أعلاه، أخبروا قاضي التحقيق أن الشرطة قد أخضعتهم للتعذيب أو سوء المعاملة، وأنهم أجبروا على توقيع على المحاضر دون قراءتها. انظر الملحق الثالث أدناه.

[101] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع التاقي المشضوفي، الرباط، 15 مايو / أيار 2013.

[102] تصريح النعمة الأصفاري للشرطة كاملا في الملحق الرابع.

[103] تصريح محمد لمين هدي للشرطة كاملا في الملحق الرابع.

[104] قانون القضاء العسكري، 20 نوفمبر / تشرين الثاني 1956 ، ظهير رقم 1-56-270 .

[105] قانون القضاء العسكري، 20 نوفمبر / تشرين الثاني 1956 ، ظهير رقم 1-56-270 .

[106] تحدد فترة الاعتقال الاحتياطي في شهرين في الجرائم الخطيرة، قابلة للتجديد خمس مرات بأمر من قاضي التحقيق، لما مجموعه 12 شهرا . قانون المسطرة الجنائية، المادة 177.

[107] انظر ، على سبيل المثال، المادة 410 من قانون الصحافة لعام 2002.

[108] بخصوص اختفاء دحان القسري 1987-1991، انظر منظمة العفو الدولية، " المغرب / الصحراء الغربية : المدافعون الصحراويون عن حقوق الإنسان يتعرضون للاعتداءات " ، 24 نوفمبر / تشرين الثاني 2005 ، http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE29/008/2005/en/8bfa3351-d482-11dd-8743-d305bea2b2c7/mde290082005ar.html ( تمت زيارته في 13 نوفمبر / تشرين الثاني 2012). وبخصوص اختفاء الدكجة لشكر القسري 1980-1991، انظر الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تقرير حول : وضعية النشطاء السبعة المعتقلين بسجن الزاكي بسلا المغربية " مجموعة الدكجة لشكر " ، 10 دجنبر / كانون الأول 2009 ، http://asvdh.net/3747 ( تمت زيارته في 13 نوفمبر / تشرين الثاني 2012).

[109] انظر هيومن رايتس ووتش، " حرية تكوين : الجمعيات نظام تصريحي بالاسم فقط " ، 7 أكتوبر / تشرين الأول 2009 ، http://www.hrw.org/ar/reports/2009/10/07-0

[110] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يحظيه التروزي ورشيد الصغير، الرباط، 8 مايو / أيار 2010 ، وإبراهيم دحان، 12 سبتمبر / أيلول 2012 ، الرباط .

[111] المحكمة العسكرية في الرباط، غرفة الأولى، قضية عدد 2837/2546/09 ، 21 سبتمبر / أيلول 2010.

[112] تنص المادة 206 من القانون الجنائي على أنه " يؤاخذ بجريمة المس بالسلامة الداخلية للدولة، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من ألف إلى عضرة آلاف درهم، من تسلم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من شخص أو جماعة أجنبية، بأي صورة من الصور هبات أو هدايا أو قروضا أو أية فوائد أخرى مخصصة أو مستخدمة كليا أو جزئيا لتسيير أو تمويل نشاط أو دعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية أو سيادتها أو استقلالها أو زعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي ".

[113] " توضيحات أساسية " ، وقعها كل من التامك، ودحان، والصغير، ولبيهي، والتروزي، 10 مارس / آذار 2010 ، http://awsa.org.au/wp-content/uploads/2010/04/eng-2.pdf ( تمت زيارته في 13 نوفمبر / تشرين الثاتي 2012).

[114] فرع السويد للجنة الحقوقيين الدوليين، " تقرير مراقبة المحاكمة، من جلسات المحكمة الابتدائية، عين السيبة الدار البيضاء، المغرب، ضد إبراهيم دحان وعلي سالم تامك وأحمد الناصري، والدكجة لشكر، ويحظيه الترروزي، وصالح لبيهي، ورشيد الصغير"، 7 فبراير/شباط 2011، http://www.icj-sweden.org/Trial%20observation%20Group%20of%207,%202011,%20final%20version.pdf (تمت زيارته في 7 أغسطس/آب 2012).

[115] انظر الملحق الأول .

[116] بيان السلطات بشأن القضية في الملحق الأول .

[117]    قانون المسطرة الجنائية، المواد 73 و74.

[118]  السابق، المادة 134.5، ولكن المادة 88.4 تنص على أنه "إذا طلب المتهم أو محاميه إجراء فحوص عليه أو إخضاعه للعلاج، فلا يمكن رفض الطلب الا بأمر معلّل".

[119]  التقرير الدوري الرابع المقدم من المغرب إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، الفقرات 148 و143، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، CAT/C/MAR/4 ، http://www.arabhumanrights.org/publications/countries/morocco/cat/cat-c-mar-4-09e . (تمت الزيارة في  1 مايو/أيار 2013).

[120]  مثولهم أمام النائب العام أو قاضي التحقيق تحدده طبيعة الجريمة كما هي مبينة في قانون المسطرة الجنائية.

[121]  لاحظ منفريد نواك، الذي كان آنذاك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، عندما كتب عن ممارسة التعذيب بشكل عام دون الإشارة إلى أي دولة، لاحظ أنه "يوجد ارتفاع في أساليب التعذيب التي تُستخدم كي لا تترك أي آثار جسدية ظاهرة. وتشمل هذه الأساليب تعريض الأشخاص إلى درجة حرارة مرتفعة، والوضعيات المتعبة، والضرب بقوارير بلاستيكية مملوءة بالتراب، والهز والتغطيس في الماء. ويتطلب هذا التزايد الملحوظ في الأساليب مواجهته بزيادة الخبرات الطبية الشرعية  في أماكن الاحتجاز وفي الجهود المبذولة لمكافحة التعذيب. كما تعتبر أساليب التعذيب النفسي تحديًا خاصًا.  وتعتبر عمليات الإعدام الوهمية، والحرمان من النوم، وسوء المعاملة، وانتهاك الرهاب الشخصي، والحبس الانفرادي لفترات مطولة، بغاية انتزاع معلومات أساليب لها نفس النتائج المدمرة المترتبة على أساليب التعذيب الجسدي"، تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، منفريد نواك، دراسة حول ظاهرة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في العالم، بما في ذلك تقييم ظروف الاحتجاز، 5 فبراير/شباط 2010، A/HRC/13/39/Add.5 ، http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/docs/13session/A.HRC.13.39.Add.5_en.pdf (تمت الزيارة في 4 أبريل/نيسان 2013).  

[122]  ينص دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول)، وهو مجموعة من التوجيهات التي صاغها خبراء دوليون ووافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة على أنه "حين تكون إجراءات التحقيق السليم غير مستوفاة بسبب قلة الموارد أو الخبرة، أو شبهة التحيز، أو وجود نمط ظاهر من التعسف أو غير ذلك من الأسباب الوجيهة، يتعين على الدولة التي تتابع عملية التقصي بإيجاد لجنة تحقيق مستقلة أو بإجراء مشابه. وينبغي أن يكون اختيار أعضاء مثل هذه اللجنة مبنيًا على كونهم من الأفراد المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والاستقلال. ولا بد على الأخص من يكونوا مستقلين تمامًا عن أية مؤسسة أو جهة أو شخص يكون محلا للتحقيق. ويجب أن توفر للجنة سلطة جمع على كل المعلومات اللازمة للتحقيق وإجراء التحقيق على النحو المبين في هذه المبادئ".

[123]  تصريح لـ خوان منديز، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة في ختام زيارته إلى المغرب من 15 إلى 22 سبتمبر/أيلول 2012، 22 سبتمبر/أيلول 2012، http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=12569&LangID=E (تمت الزيارة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2012).

[124]  تقرير المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة، خوان منداز، Addendum: Mission to Morocco ، A/HRC/22/53/Add.2 ، 28 فبراير/شباط 2013، http://www.ohchr.org/Documents/HRBodies/HRCouncil/RegularSession/Session22/A-HRC-22-53-Add-2_en.pdf ، (تمت الزيارة في 12 مايو/أيار 2013).

[125]  تنص المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية على أن "المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات".

[126]  خلصت هيومن رايتس ووتش بعد دراسة محاكمة الصح والبوساطي إلى "عدم وجود أدلة في الملف ثثبت الاعترافات التي أدلى بها المشتبه فيهم إلى الشرطة فخففت المحكمة التهمة من جريمة إضرام النار، (المادة 580)، إلى جنحة الاعتداء على موظف عمومي، (المادة 267). وبعد ذلك أدانتهم فقط اعتمادًا على "اعترافاتهم". وقامت بذلك دون أن تشرح السبب الذي جعلها تعتبر محاضر الشرطة محل ثقة". هيومن رايتس ووتش، “Human Rights in Western Sahara and in the Tindouf Refugee Camps,” ، ديسمبر/كانون الأول 2008،  الصفحة 46، http://www.hrw.org/node/77259/section/9 .

[127]  يبدو أن المعنى المقصود يتضمن الشرطة القضائية.

[128]  رسالة عبر البريد الالكتروني من سفارة المغرب في واشنطن الى هيومن رايتس ووتش في 29 فبراير/شباط 2012.

[129]  قانون المسطرة الجنائية، المادة 66، كما تم تعديلها في 2011.

[130]  نص خطاب الملك باللغة الفرنسية موجود على http://www.oujdacity.net/national-article-68489-fr/texte-integral-du-discours-de-sm-le-roi-devant-les-deux-chambres-du-parlement.html ، (تمت الزيارة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2012).

[131]  تأسس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بموجب المرسوم 1ـ11ـ19 الصادر في 1 مارس/آذار 2011، والمذكور في الفصل 161 من دستور 2011، هو مؤسسة "مستقلة" مكلفة بمراقبة وحماية وتعزيز حقوق الإنسان في المغرب. الوسيط، كما يعرفه المرسوم 1ـ11ـ25 الصادر في 17 مارس/آذار 2011، وبالفصل 162 من دستور 2011، هو مؤسسة "مستقلة" أنشأتها الدولة وتهدف إلى الدفاع عن الحقوق وسيادة القانون في إطار العلاقة بين المؤسسات والمواطنين الذين يتعاملون معها.  

[132]  لجنة حقوق الإنسان، التعليق العام رقم 32، المادة 14: الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، المواد 41 و39، CCPR/C/GC/32, 2007 ، http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G07/437/71/PDF/G0743771.pdf?OpenElement (تمت الزيارة في 14 مايو/أيار 2013).

[133]  انظر التعليق العام رقم 32 للجنة حقوق الإنسان، المادة 14: الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، CCPR/C/GC/32 ، 23 أغسطس/آب 2007، الفقرة 35، http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G07/437/71/PDF/G0743771.pdf?OpenElement ، (تمت الزيارة في 14 مايو/أيار 2013).

[134]  قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: "امتثالا للمادتين 9 و14 [من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية]، ينبغي أيضًا القيام دوريًا بمراجعة حالة الأشخاص المحتجزين بانتظار المحاكمة، كما ينبغي محاكمتهم دون تأخير لا مبرر له" الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الانسان على التقرير الأولي المقدم من ملدوفا، /CO/75/MDA (Concluding Observations/Comments) ، 26 يوليو/تموز 2002، http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/0/7945fe5e4947c21bc1256c3300339d88?Opendocument ، (تمت الزيارة في 10 أبريل/نيسان 2013).

[135]  مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين، اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، هافانا، كوبا، من 27 أغسطس/آب إلى 7 سبتمبر/أيلول 1990، http://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain?docid=3ddb9f034 ، (تمت الزيارة في 14 مايو/أيار 2013).

[136] يبدو أن المعنى القصود عنا يشكل أيضا الشرطة القضائية .

[137] تفسير من هيومن رايتس ووتش: الإنعاش الوطني هو برنامج عمومي لخلق فرص عمل. وتتكون التقابة من عمال الإنعاش الوطني الذين يسعون إلى شروط عمل أفضل.

[138] الدكتور دوارتي فييرا، في مراسلة عبر البريد الالكتروني مع هيومن رايتس ووتش، 26 سبتمبر/أيلول 2012. أضافت هيومن رايتس ووتش تصحيحات صغيرة إلى تهجئة ويناء المراسلة من الدكتور فييرا.

[139] الترجمة : " لا يكشف الفحص السريري عادة عن شيء خاص باستثناء بعض العلامات الشخصية؛ لا صدمات، إلا في حالة سمير برادلي الذي لديه أثر في فروة الرأس  من نوع سحجات سطحية ولا يكشف الفحص السريري أي شيء خاص".