التقرير العالمي 2023

مراجعتنا السنوية لحقوق الإنسان حول العالم

نموذج جديد للقيادة الحقوقية العالمية

الاستنتاج الواضح من السلسلة الطويلة لأزمات حقوق الإنسان في العام 2022، كهجمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتعمدة على المدنيين في أوكرانيا، والسِجن في الهواء الطلق الذي يحتجز فيه الرئيس شي جين بينغ الأويغور في الصين، وتعريض "طالبان" ملايين الأفغان لخطر المجاعة، هو أن السلطة الاستبدادية المطلقة تفضي إلى معاناة إنسانية هائلة. لكن العام 2022 كشف أيضا عن تغير جوهري في النفوذ في العالم يمهد الطريق أمام جميع الحكومات المعنية للرد على هذه الانتهاكات بحماية نظام حقوق الإنسان العالمي وتعزيزه، لا سيما عندما تكون أفعال القوى الكبرى غير كافية أو إشكالية.

شهدنا قادة عالميين يتاجرون بازدراء بالالتزامات الحقوقية ومساءلة منتهكي حقوق الإنسان مقابل انتصارات سياسية مفترضة قصيرة المدى. المصافحة الودودة بالقبضات بين جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بمجرد تولي بايدن منصبه ومواجهته ارتفاع أسعار الوقود، أسقطت تعهده المبدئي عندما كان مرشحا لرئاسة الولايات المتحدة بجعل السعودية "دولة منبوذة" بسبب سجلّها الحقوقي. خففت إدارة بايدن انتقادها للانتهاكات وتصاعد الاستبداد في الهند، وتايلاند، والفلبين، وأماكن أخرى في آسيا لأسباب أمنية واقتصادية، رغم خطابها حول إعطاء الأولوية للديمقراطية وحقوق الإنسان في هذه المنطقة، بدل الاعتراف بأن جميع هذه القضايا مرتبطة ببعضها البعض.

بالطبع، هذه المعايير المزدوجة لا تقتصر على القوى العظمى العالمية. دعمت باكستان "مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" في مراقبة الانتهاكات في كشمير ذات الأغلبية المسلمة، لكن نظرا لعلاقتها الوثيقة مع الصين، تجاهلت باكستان الجرائم ضد الإنسانية المحتملة ضد الأويغور وغيرهم من المسلمين الترك في شينجيانغ. نفاق باكستان صارخ بشكل خاص نظرا إلى دورها كمنسق لـ "منظمة التعاون الإسلامي" المكونة من 57 دولة.

لا تنشأ أزمات حقوق الإنسان من العدم. الحكومات التي لا تفي بالتزاماتها القانونية لحماية حقوق الإنسان في بلادها تزرع بذور السخط وعدم الاستقرار، وفي نهاية المطاف، الأزمات. إذا تُركت دون رادع، فإن الفظائع التي ترتكبها الحكومات المنتهِكة تتصاعد، ما يعزز الاعتقاد بأن الفساد، والرقابة، والإفلات من العقاب، والعنف هي أكثر الأدوات فعالية لتحقيق أهدافها. تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان له تكلفة باهظة، وينبغي ألا يستهان بآثاره.

لكن في عالم تتغير فيه مراكز النفوذ، وجدنا أيضا فرصة لإعداد تقريرنا العالمي 2023، الذي يفحص حالة حقوق الإنسان في نحو 100 دولة. يجب فهم كل قضية ومعالجتها على أساس مزاياها الخاصة، وكل منها يتطلب عملا قياديا. أي دولة تدرك القوة التي تأتي من العمل بالتنسيق مع الآخرين للتأثير على تغيير حقوق الإنسان يمكن أن توفر تلك القيادة. هناك مساحة أكبر، وليست أصغر، للحكومات للوقوف وتبني خطط عمل تحترم الحقوق.

ظهرت تحالفات وأصوات قيادية جديدة يمكنها تشكيل هذا الاتجاه وتعزيزه. اتبعت فنلندا، والنرويج، والسويد نهجا مبدئيا لمحاسبة السعودية على جرائم الحرب في اليمن. مهّدت جنوب أفريقيا، وناميبيا، وإندونيسيا الطريق أمام مزيد من الحكومات للاعتراف بأن السلطات الإسرائيلية ترتكب الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

LEFT: Girls in a bedroom of their house damaged by Saudi-led air strikes on a nearby military site in Sanaa, Yemen, January 19, 2022. © 2022 Khaled Abdullah/Reuters RIGHT: Palestinian children who have returned to their neighborhood observe the damage from their home which was struck by an Israeli attack in Gaza City on May 21, 2021.
من اليسار: فتيات في غرفة نوم في منزلهن تضررت جراء غارات جوية بقيادة السعودية على موقع عسكري قريب في صنعاء، اليمن، 19 يناير/كانون الثاني 2022. © 2022 خالد عبد الله/رويترز من اليمين: أطفال فلسطينيون عادوا إلى حيّهم يعاينون الأضرار من منزلهم الذي قُصِف في هجوم إسرائيلي على مدينة غزة في 21 مايو/أيار 2021.  محمد عبد أ ف ب/

طالبت دول جزر المحيط الهادئ، كمجموعة، بتخفيضات أكثر طموحا للانبعاثات من الدول الأكثر تلويثا، بينما تقود فانواتو جهودا لوضع الآثار الضارة لتغير المناخ أمام "محكمة العدل الدولية" لمصلحتها – ومصلحتنا.

أبطلت "المحكمة العليا الأمريكية" 50 عاما من الحماية الفيدرالية للحقوق الإنجابية، لكن "الموجة الخضراء" للتوسع في حقوق الإجهاض في أمريكا اللاتينية، لا سيما في الأرجنتين، وكولومبيا، والمكسيك، تقدم اتجاها مضادا ملفتا.

أنصار حقوق الإجهاض في بوغوتا
أنصار حقوق الإجهاض في بوغوتا يحتفلن أمام المحكمة الدستورية في كولومبيا بعد حكمها بعدم تجريم الإجهاض في جميع الظروف حتى الأسبوع الـ24 من الحمل، في 21 فبراير/شباط 2022. © 2022 ناتاليا أنغاريتا/ نيويورك تايمز/ ردوكس
من اليسار: متظاهرة مؤيدة لحقوق الإجهاض ترفع منديلا أخضر كُتب عليه "الإجهاض لكل المكسيك" أثناء احتجاج أمام السفارة الأمريكية في مكسيكو سيتي، لدعم حقوق الإجهاض، 29 يونيو/حزيران 2022. © 2022 تويا سارنو جوردان/رويترز من اليمين: متظاهرات مؤيدات لحق اختيار الإجهاض يحتفلن، بينما يناقش الكونغرس الأرجنتيني مشروع قانون لتشريع الإجهاض في 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، في بوينس آيرس. وافق الكونغرس على مشروع القانون في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020. © 2020 ريكاردو سيبي/غيتي إيمجز
من اليسار: متظاهرة مؤيدة لحقوق الإجهاض ترفع منديلا أخضر كُتب عليه "الإجهاض لكل المكسيك" أثناء احتجاج أمام السفارة الأمريكية في مكسيكو سيتي، لدعم حقوق الإجهاض، 29 يونيو/حزيران 2022. © 2022 تويا سارنو جوردان/رويترز من اليمين: متظاهرات مؤيدات لحق اختيار الإجهاض يحتفلن، بينما يناقش الكونغرس الأرجنتيني مشروع قانون لتشريع الإجهاض في 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، في بوينس آيرس. وافق الكونغرس على مشروع القانون في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020. © 2020 ريكاردو سيبي/غيتي إيمجز

هذا هو الدرس الشامل المستفاد من عالمنا الذي يزداد اضطرابا: علينا إعادة تصور كيف يُمارَس النفوذ في العالم، وأن جميع الحكومات ليس لديها الفرصة لاتخاذ إجراءات لحماية حقوق الإنسان داخل حدودها وخارجها فحسب، بل تتحمل مسؤولية ذلك.

 

أوكرانيا: مثال إيجابي وتحذير

غزو فلاديمير بوتين واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير/شباط وما تلاه من فظائع سرعان ما صعد إلى قمة الأجندة الحقوقية في العالم عام 2022. بعد أن أجبرت القوات الأوكرانية الجيش الروسي على الانسحاب من بوتشا، شمال العاصمة كييف، وجدت الأمم المتحدة أن 70 مدنيا على الأقل سقطوا ضحية  عمليات قتل غير قانونية، منها الإعدام بإجراءات موجزة، وهي جرائم حرب. تكرر نمط الفظائع الروسية هذا بعدد هائل.

في مسرح ماريوبول، لجأ مئات السكان النازحين، ورسموا الكلمة الروسية "ديتي" (أطفال) على الأرض في الخارج بأحرف كبيرة بحيث يمكن رؤيتها في صور الأقمار الصناعية. كان الهدف من هذا التنبيه حماية المدنيين، بمن فيهم العديد من الأطفال الذين يحتمون بالداخل. رغم ذلك، بدا التنبيه وكأنه مجرد حافز للقوات الروسية التي دمرت قنابلها المبنى وقتلت ما لا يقل عن 12، وربما أكثر، من المحتمين فيه. يبدو أن إلحاق المعاناة بالمدنيين، مثل الضربات المتكررة على البنية التحتية للطاقة التي يعتمد عليها الأوكرانيون في الكهرباء والمياه والتدفئة، جزء أساسي من استراتيجية الكرملين.

تجرؤ بوتين سببه إلى حد كبير إفلاته الطويل من العقاب. لم تكن الخسائر في أرواح المدنيين في أوكرانيا مفاجأة للسوريين الذين عانوا من انتهاكات جسيمة من الضربات الجوية بعد تدخل روسيا لدعم القوات السورية بقيادة بشار الأسد في العام 2015. استعان بوتين بقادة عسكريين بارزين من تلك الحملة في سوريا لقيادة المجهود الحربي في أوكرانيا، مع عواقب متوقعة ومدمرة للمدنيين الأوكرانيين. رافقت روسيا أعمالها العسكرية الوحشية في أوكرانيا بقمع النشطاء الحقوقيين والمناهضين للحرب في روسيا، وخنق المعارضة وأي انتقاد لحكم بوتين.

لكن نتج عن أفعال روسيا أمر إيجابي، إذ تم تفعيل نظام حقوق الإنسان العالمي بأكمله الذي نشأ للتعامل مع أزمات مثل هذه. فتح "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" فورا تحقيقا لتوثيق الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان في الحرب وحفظها، واختار لاحقا مقررا خاصا لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان داخل روسيا. أدانت "الجمعية العامة للأمم المتحدة" أربع مرات – بهامش واسع – الغزو الروسي وانتهاكات روسيا لحقوق الإنسان. كما علقت الجمعية العامة عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، ما قلص قدرتها على إفساد جدول أعمال المجلس بشأن أوكرانيا وغيرها من أزمات حقوق الإنسان الخطيرة.

رحبت الدول الأوروبية بملايين اللاجئين الأوكرانيين، وهي استجابة جديرة بالثناء، ولكنها كشفت أيضا عن المعايير المزدوجة لمعظم الدول الأعضاء في "الاتحاد الأوروبي" في معاملتها المستمرة لعدد كبير من السوريين، والأفغان، والفلسطينيين، والصوماليين وغيرهم ممن يلتمسون اللجوء. فتح المدعي العام لـ "المحكمة الجنائية الدولية" في لاهاي تحقيقا في أوكرانيا بعد إحالة الوضع إلى المحكمة من قبل عدد غير مسبوق من دولها الأعضاء. حشدت الحكومات الجهود أيضا لإضعاف نفوذ بوتين العالمي وقوته العسكرية، حيث فرض الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وغيرها عقوبات دولية مستهدِفة ضد الأفراد، والشركات، والكيانات الروسية.

أظهرت هذه الاستجابة الاستثنائية ما هو ممكن للمساءلة وحماية اللاجئين وحماية حقوق الإنسان لبعض الأشخاص الأكثر ضعفا في العالم. في الوقت نفسه، يجب أن تكون الهجمات على المدنيين والانتهاكات المروعة في أوكرانيا تذكيرا بأن هذا الدعم الموحد، رغم أهميته، لا ينبغي الاعتقاد بأنه حل سريع.

عوضا عن ذلك، على الحكومات التفكير كيف سيكون الوضع لو كان المجتمع الدولي قد جهودا متضافرة لمحاسبة بوتين قبل ذلك بكثير، في العام 2014 مع بداية الحرب في شرق أوكرانيا، والعام 2015 على انتهاكاته في سوريا، أو بسبب القمع المتصاعد لحقوق الإنسان داخل روسيا خلال العقد الماضي. التحدي المستقبلي هو تكرار الحكومات اتخاذ أفضل ممارسات الاستجابة الدولية المتعلقة بأوكرانيا وتوسيع نطاق الإرادة السياسية لمعالجة الأزمات الأخرى في جميع أنحاء العالم حتى الوصول إلى تحسن ملموس في حقوق الإنسان.

 

تحقيق المساءلة في إثيوبيا

لم يحظَ النزاع المسلح في شمال إثيوبيا سوى بجزء ضئيل من الاهتمام العالمي المركّز على أوكرانيا، رغم عامين من الفظائع، بما فيها عدد من المذابح، من قبل الأطراف المتحاربة.

في العام 2020، اندلعت التوترات بين الحكومة الاتحادية الإثيوبية والسلطات الإقليمية في تيغراي، "الجبهة الشعبية لتحرير تغراي"، وتحولت إلى نزاع في منطقة تيغراي، حيث تدعم القوات الإقليمية في أمهرة والجيش الإريتري القوات المسلحة الإثيوبية. فرضت الحكومة قيودا شديدة على وصول المحققين الحقوقيين والصحفيين إلى المناطق المتضررة من النزاع بشدة منذ ذلك الحين، ما يصعّب التدقيق في الانتهاكات التي تتكشف، حتى مع امتداد النزاع إلى منطقتي أمهرة وعفار المجاورتين.

أدانت الحكومات والأمم المتحدة عمليات القتل بإجراءات موجزة، والعنف الجنسي الواسع، والنهب، لكنها لم تفعل شيئا آخر يذكر. أسفرت حملة التطهير العرقي ضد السكان التيغراي في غرب تيغراي عن العديد من الوفيات، والعنف الجنسي، والاحتجاز الجماعي، والتهجير القسري للآلاف. استمر حصار الحكومة الفعلي لمنطقة تيغراي حتى العام 2022، ما حرم السكان المدنيين من الحصول على الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية الضرورية، فضلا عن الكهرباء، والمصارف، والاتصالات، في انتهاك للقانون الدولي.

منعت الدول الأفريقية الثلاث المنتخبة في مجلس الأمن الدولي، الغابون، وغانا، وكينيا، وكذلك روسيا والصين، وضع إثيوبيا على جدول أعماله الرسمي للمناقشة، رغم صلاحية المجلس بحفظ السلام والأمن الدوليين واستعادتهما. كما ترددت الحكومات في تبني عقوبات مستهدِفة ضد الكيانات والأفراد الإثيوبيين المسؤولين عن الانتهاكات. عوضا عن ذلك، وقع التدقيق الدولي على عاتق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي جدد بصعوبة تفويض الآلية التي أنشأها في ديسمبر/كانون الأول 2021 للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة، وتوثيقها، وتحديد المسؤولين عنها. مع ذلك، تواصل السلطات الاتحادية الإثيوبية عرقلة عملها بشدة.

نتج عن عملية السلام التي دامت 10 أيام بقيادة "الاتحاد الأفريقي" في نوفمبر/تشرين الثاني هدنة بين الحكومة الاتحادية الإثيوبية وسلطات تيغراي، ما يوفر فرصة للدول الخارجية للعب دور قيادي في دعم الحلول التي يمكن أن توقف العنف القاتل والإفلات من العقاب المستمرين. مع صعوبة الوصول إلى مسارات المساءلة المحلية، ثمة حاجة إلى مراقبة دولية للاتفاقية، إلى جانب جهود موثوقة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في زمن الحرب.

على الجهات الرئيسية الداعمة والمراقِبة للاتفاقية، بما فيها الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة، مواصلة الضغط والتلويح به لضمان قدرة منظمات التحقيق المستقلة على الوصول إلى مناطق النزاع وتوثيق الأدلة وحفظها. يجب أن تظل المساءلة عن هذه الجرائم أولوية حتى يتمكن الضحايا وعائلاتهم من الحصول على قدر من العدالة والتعويضات.

 

ضوء أقوى على بكين

حصل الرئيس الصيني شي جين بينغ على ولاية ثالثة غير مسبوقة كرئيس لـ "الحزب الشيوعي الصيني" في أكتوبر/تشرين الاول، فنصّب نفسه "زعيما مدى الحياة"، وضمن تقريبا استمرار عداء الحكومة الصينية المستمر لحماية حقوق الإنسان. أحاط شي نفسه بالموالين وضاعف جهوده في بناء دولة أمنية، ما أدى إلى تعميق انتهاكات الحقوق في جميع أنحاء البلاد.

في منطقة شينجيانغ، تعتقل بكين جماعيا نحو مليون من الأويغور وغيرهم من المسلمين الترك، الذين يتعرضون للتعذيب، والتلقين السياسي، والعمل القسري، وتفرض القيود الشديدة على حقوق الدين والتعبير والثقافة لعامة السكان، وتبرز هذه الممارسات نظرا لخطورتها، وحجمها، وقسوتها. وجدت الأمم المتحدة أن الانتهاكات في شينجيانغ قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، في تكرار لنتائج هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى.

التقرير الصارم للمفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة آنذاك، ميشيل باشليه، بناء على سنوات من التحقيق، والوثائق الداخلية، والقوانين، والسياسات، والبيانات، والتصريحات السياسية للحكومة الصينية، أنشأ نقطة مرجعية مشتركة حاسمة ينبغي للحكومات أن تعمل من خلالها. عدم صدور التقرير إلا في الدقائق الأخيرة من ولاية باشليه يدل على ضغوط بكين الشديدة لدفنه.

أثار التقرير تعبئة دبلوماسية ملحوظة. اقتُرِح قرار بفتح نقاش حول التقرير في مجلس حقوق الإنسان، ولكنه لم يمر بسبب نقص صوتين فقط. أظهرت هذه النتيجة ضغط بكين على حكومات مثل إندونيسيا، التي قالت إنه "يجب ألا نغلق أعيننا" عن محنة الأويغور ثم صوتت بـ "لا"، وكذلك تأثيرها على قرارات الدول التي امتنعت عن التصويت، بما فيها الأرجنتين، والهند، والمكسيك، والبرازيل. لكن تصويت الصومال، والهندوراس، والباراغواي بنعم، ودعم رعاية القرار المشتركة من قبل تركيا وألبانيا، إلى جانب 24 دولة معظمها غربية، تُظهر إمكانات التحالفات العابرة للأقاليم والائتلافات الجديدة للالتقاء لتحدي توقعات الحكومة الصينية بالإفلات من العقاب.

أدى تسليط الضوء الجماعي على حالة حقوق الإنسان الفظيعة في شينجيانغ إلى وضع بكين في موقف دفاعي، وتعمل الحكومة الصينية جاهدة لتبرير سلوكها الشنيع. تزيد النتيجة في جنيف مسؤولية قيادة الأمم المتحدة لاستخدام ثقلها السياسي الكامل لدعم التقرير ومواصلة المراقبة والتوثيق وتقديم التقارير عن الوضع في شينجيانغ، وعلى نطاق أوسع في الصين. أي شيء أقل من ذلك سيكون تنازلا عن ركيزة حقوق الإنسان في مسؤولية نظام الأمم المتحدة عن حماية المسلمين الترك في شينجيانغ.

في الوقت نفسه، مع تنامي الانزعاج من الطموحات القمعية للحكومة الصينية، سعت حكومات من بينها أستراليا، واليابان، وكندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي إلى إقامة تحالفات تجارية وأمنية مع الهند، والتستر خلف تسميتها "أكبر ديمقراطية في العالم". لكن حزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسي القومي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، كرر عديدا من الانتهاكات نفسها التي مكّنت الدولة الصينية من القمع، كالتمييز المنهجي ضد الأقليات الدينية، وخنق المعارضة السلمية، واستخدام التكنولوجيا لقمع حرية التعبير، لتشديد قبضتها على السلطة.

المقايضة المستهترة بحقوق الإنسان التي يبدو أن قادة العالم يتبعونها، والتي تُبرَّر على أنها ثمن للتعامل بين الدول، تتجاهل الآثار الطويلة المدى لتنازلاتهم. تعميق العلاقات مع حكومة مودي مع تجنب سجلها الحقوقي المنتهِك يهدر نفوذا قيما لحماية الحيّز المدني الثمين، ولكن المعرّض لخطر متزايد، الذي تعتمد عليه الديمقراطية الهندية.

احترام الحقوق وصفة للاستقرار

يستغل المستبدون الوهم الذي يروّجون له بأن وجودهم ضروري للحفاظ على الاستقرار، والذي يبرر بدوره ما يرتكبون من قمع وانتهاكات حقوقية واسعة بمحاولتهم الحفاظ عليه.

لكن يتسبب هذا "الاستقرار"، الذي يقوده السعي المتواصل إلى السلطة والسيطرة، في تضعضع وتقويض كل ركيزة ضرورية لمجتمع فاعل قائم على سيادة القانون، ويتسبب أيضا في أحيان كثير في فساد واسع، واقتصاد متصدع، ونظام قضائي منحاز وميؤوس منه. يتداعى الحيّز المدني الحيوي بدوره مع وجود نشطاء وصحفيين مستقلين قابعين في السجن، أو متوارين عن الأنظار، أو خائفين من الانتقام.

تُبرِز الاحتجاجات المستمرة في 2022 منذ أشهر في إيران سوء تقدير الأنظمة الاستبدادية في تخيلها أن القمع هو طريق مختصر نحو الاستقرار. اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد في أعقاب وفاة المرأة الكردية الإيرانية مهسا (جينا) أميني (22 عاما) في سبتمبر/أيلول بعد اعتقالها على يد "شرطة الآداب" لارتدائها "حجاب غير لائق". لكن الاحتجاج على الحجاب الإجباري ما هو إلا احتجاج على أكثر رموز القمع وضوحا. إذ ردد الجيل الجديد من المحتجين في جميع أنحاء البلاد أيضا إحباطات الأجيال التي سبقتهم: أناس سئموا العيش بلا حقوق أساسية، ويحكمهم أناس يتجاهلون بقسوة رفاه شعوبهم.

تحولت المطالبة بالمساواة التي أثارتها النساء وتلميذات المدارس إلى حركة وطنية للشعب الإيراني بأكمله ضد حكومة حرمته بشكل منهجي من حقوقه، وأساءت إدارة الاقتصاد، ودفعت بالناس إلى الفقر. قمعت السلطات الإيرانية بشدّة ما أصبح احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة واستخدمت القوة المفرطة والقاتلة، تتبعها المحاكمات الصُورية وأحكام الإعدام ضد من تجرؤوا على تحدي سلطة الحكومة. التلميحات بأن السلطات قد تحلّ شرطة الآداب هي أدنى بكثير من مستوى المطالب بإلغاء قوانين الحجاب الإلزامي التمييزية، وأكثر بعدا عن مستوى أغلب الإصلاحات الهيكلية الأساسية التي يطالب بها المتظاهرون لإخضاع الحكومة للمزيد من المساءلة.

يمكن رؤية الصلة بين الإفلات من العقاب على الانتهاكات وسوء الإدارة في مكان آخر. أثار نقص الوقود والغذاء والضروريات الأخرى، بما في ذلك الأدوية، احتجاجات حاشدة في سريلانكا، مجبرة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا ثم لاحقا شقيقه الرئيس غوتابايا راجاباكسا على الاستقالة. للأسف، تخلى من اختاره البرلمان لاستبدالهما، رانيل ويكراماسينغي، عن التزاماته بالعدالة والمساءلة عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال الحرب الأهلية التي استمرت 26 عاما في البلاد، وانتهت في العام 2009.

كما ظهرت تصدعات في أساسات البلدان التي كانت تبدو منيعة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، امتد الإحباط المتزايد بشأن إجراءات الإغلاق الصارمة التي اتخذتها بكين كجزء من إستراتيجيتها "صفر كوفيد" إلى الشوارع، حيث احتج المتظاهرون في المدن في جميع أنحاء البلاد ضد الإجراءات الصارمة للحزب الشيوعي، وكذلك ضد حكم الرئيس شي في بعض الحالات. تُظهر عروض التحدي الملفتة هذه، التي يقودها في الغالب شبان وشابات، أنه يستحيل محو الرغبة في حقوق الإنسان رغم الموارد الهائلة التي كرستها الحكومة الصينية للقمع.

يسهل الاحتفاء بالمتظاهرين الذين ينزلون إلى الشوارع للنضال من أجل حقوق الإنسان، لكن علينا ألا نتوقع منهم أن يقوموا بأنفسهم بتشخيص المشاكل – وهو ما يفعلونه رغم الخطر المحدق بهم وبعائلاتهم – ومحاسبة المسؤولين عن الحرمان الذي عانوا منه. يتعين على الحكومات التي تحترم الحقوق توظيف طاقتها السياسية واهتمامها لضمان أن يؤتي التغيير المطلوب في حقوق الإنسان ثماره. ينبغي للحكومات أن تفي بمسؤولياتها الحقوقية العالمية، وليس مجرد التأمل فيها والمطالبة بها.

ففي حالة السودان مثلا، والذي تحدّت ثورة شعبه في 2018-2019 هيكلية السلطة التعسفي التي قمعت البلاد لعقود، خرّب انقلاب عسكري في أواخر 2021 الانتقال المدني-العسكري المشترك الذي استمر لمدة عامين وقاد البلاد. تسبب الانقلاب في عودة القادة المستبدين والعسكريين السودانيين المتورطين في انتهاكات جسيمة ليكونوا مسؤولين عن مستقبل البلاد، وبعضهم عاد إلى ارتكاب الانتهاكات من جديد.

لكن "لجان المقاومة الشعبية" السودانية، وهي مجموعات مدنية مؤيدة للديمقراطية أُنشئت في أعقاب ثورة 2018، ما زالت قائمة رغم القمع الشديد. تصر هذه الجماعات على انتقال مدني فقط، وتريد محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. في ديسمبر/كانون الأول، توصلت الأطراف السياسية إلى اتفاق مبدئي مع قادة الانقلاب العسكري أرجأ المناقشات حول إصلاح قطاعي العدالة والأمن إلى مرحلة لاحقة، لكن رفض المتظاهرون ومجموعات الضحايا الاتفاق.

إذا كان للسودان أن يسير نحو مستقبل أكثر احتراما للحقوق، فيجب أن تمثل مطالب هذه المجموعات، مثل الدعوات إلى العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب لمن هم في السلطة، أولوية للولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والشركاء الإقليميين لدى تعاملهم مع القيادة العسكرية في السودان. لن يتنازل أولئك الذين قاموا بانقلاب للحصول على السلطة عن تلك السلطة من دون رادع أو تبعات مالية.

وبالمثل، يظل تركيز مطالب الملايين الذين يضغطون من أجل حقوق الإنسان والحكم المدني الديمقراطي في ميانمار أمرا بالغ الأهمية لمعالجة الأزمة المستمرة. في فبراير/شباط 2021، نفّذ جيش ميانمار انقلابا، وهو يقمع المعارضة بوحشية منذئذ. ارتكب المجلس العسكري على مدى عامين انتهاكات منهجية، من القتل خارج نطاق القضاء إلى التعذيب والعنف الجنسي، وبعضها يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

أنتجت "رابطة دول جنوب شرق آسيا" ("آسيان") "إجماع النقاط الخمس" والذي جرى التفاوض عليه بين الرابطة والمجلس العسكري في ميانمار لمعالجة الأزمة في البلاد. لم يحقق الاتفاق ما هو مأمول منه، إذ رفض المجلس العسكري الامتثال للاتفاق، باعتراف دول عديدة من آسيان، مثل ماليزيا، وإندونيسيا، وسنغافورة. منذ الانقلاب، منعت آسيان ممثلي المجلس العسكري الحاكم في ميانمار من حضور الاجتماعات رفيعة المستوى للكتلة. لكنها، بخلاف ذلك، لم تفرض سوى ضغوطا ضئيلة على ميانمار. في الوقت ذاته، تختبئ الحكومات القوية الأخرى، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وراء ما تدعوه بالاحترام الإقليمي لتبرير إجراءاتها المحدودة.

لتحقيق نتيجة مختلفة، ينبغي تحتاج آسيان إلى تبني نهجٍ مختلف. في سبتمبر/أيلول، كان وزير الخارجية الماليزي آنذاك سيف الدين عبد الله أول مسؤول في الرابطة يلتقي علنا بممثلي حكومة الوحدة الوطنية المعارضة الميانمارية، والتي شكلها المشرعون المنتخبون، وممثلو الأقليات العرقية، ونشطاء المجتمع المدني بعد الانقلاب. على آسيان القيام بالمثل وتوسيع انخراطها ليشمل ممثلي المجتمع المدني.

على آسيان أيضا تكثيف الضغوط على ميانمار عبر التنسيق مع الجهود الدولية لقطع عائدات المجلس العسكري من العملات الأجنبية ومشتريات الأسلحة، وهو ما سيضعف بدوره جيش ميانمار. على إندونيسيا، بصفتها الرئيسة في العام 2023، قيادة مراجعة السجل الحقوقي للمجلس العسكري الحاكم وعدم امتثاله لإجماع النقاط الخمس، وكذلك النظر في تعليق عضوية ميانمار لتأكيد الالتزام بأن تكون آسيان "موجهة نحو الناس ومتمحورة حول الناس".

 

يمكن لحقوق الإنسان أن تحدد وتصمم المسار المستقبلي

بعد عامٍ آخر من تقلص الفضاء المدني الحقيقي والافتراضي في جميع أنحاء العالم، علينا أن نعترف بأن تزايد الهجمات على منظومة حقوق الإنسان عائد جزئيا إلى فعاليتها؛ إذ تحول حركة حقوق الإنسان دون نجاح الحكومات المنتهِكة من خلال كشفها الانتهاكات وإبراز أصوات الناجين والمعرضين للخطر.

في العام 2022، بعد ستة أسابيع من الغزو الشامل لأوكرانيا، أغلقت السلطات الروسية مكتب هيومن رايتس ووتش في موسكو بعد 30 عاما من العمل المتواصل بدون اتباع الإجراءات القانونية، وكذلك أغلقت مكاتب أكثر من 12 منظمة غير حكومية أجنبية. وجاء إغلاق المنظمات بعد عقد من القوانين والإجراءات القمعية التي اعتمدتها الحكومة الروسية لتدمير المجتمع المدني ودفع مئات النشطاء والصحفيين ومحامي حقوق الإنسان وباقي المنتقدين إلى المنفى. بذل الكرملين جهودا كبيرة لإخماد المعارضة، وذلك بسبب التهديد الذي تمثله المعارضة. وهنا تكمن حقيقة أساسية: كل من يحاولون جاهدين قمع حقوق الإنسان يظهرون ضعفهم وليس قوتهم.

أثبتت حقوق الإنسان مرارا أنها عدسة مركزة يمكن استخدامها للتعرف على أكثر التهديدات الوجودية التي نواجهها، مثل تغير المناخ. يواجه كل ركن من أركان العالم، من باكستان إلى نيجيريا إلى أستراليا، دورة تكاد لا تنتهي من الكوارث المناخية التي ستشتد بسبب تغير المناخ، علاوة على التغيرات البطيئة مثل ارتفاع مستوى سطح البحر. بعبارة أبسط، نحن نشهد تكلفة تقاعس الحكومات عن العمل، والاعتداءات المستمرة من قبل الملوثين الكبار، والتبِعات على المجتمعات وكيف يدفع الثمن الأكبر من هم أصلا مهمشون.

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالعلاقة الوثيقة بين الناس والطبيعة، وأكدت في العام الماضي أن حق الإنسان في بيئة نظيفة، وصحية، ومستدامة هو حق شامل. مع تزايد الآثار المدمرة لتغير المناخ حول العالم، ثمة واجب قانوني وأخلاقي للمسؤولين الحكوميين يتمثل في تنظيم القطاعات الاقتصادية التي لا تتوافق طريقة عملها مع حماية الحقوق الأساسية.

تحتاج الحكومات إلى العمل بشكل عاجل لتنفيذ انتقال عادل للتخلص من الوقود الأحفوري والحيلولة دون استمرار الشركات الزراعية في جرف غابات العالم بهدف درء أسوأ آثار تغير المناخ ومواجهة الخسائر الناجمة عن حقوق الإنسان في جميع مراحل عملياتها. في الوقت ذاته، ينبغي للحكومات العمل بشكل عاجل في دعم حقوق الإنسان في استجاباتها للظواهر المناخية المتطرفة والتغيرات البطيئة الحدوث التي هي أصلا لا مفر منها، وحماية السكان الأكثر عرضة للخطر، بمن فيهم الشعوب الأصلية، والنساء، والأطفال، وكبار السن، وذوي الإعاقة، والأشخاص الذين يعيشون في الفقر.

تقود مجتمعات عديدة أيضا حملات تعمل على حماية أساليب حياتها ومنازلها من عمليات الفحم، والنفط، والغاز التي تلوث المياه التي تعتمد عليها في الطهي، والتنظيف، والشرب، وتتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحر، وتبتلع الأراضي التي يعيشون عليها. وضع مجتمعات الخطوط الأمامية والمدافعين عن البيئة في الطليعة هو من أقوى الطرق للرد على أنشطة الشركات والحكومة المضرة بالبيئة وحماية النظم البيئية الحيوية اللازمة لمواجهة أزمة المناخ.

تبرز أهمية المدافعين عن الغابات من السكان الأصليين لحماية منطقة الأمازون البرازيلية، وهي نظام بيئي حيوي لإبطاء تغير المناخ من خلال تخزين الكربون. مكّنت إدارة الرئيس السابق جاير بولسونارو من إزالة الغابات على نحو غير قانوني وإضعاف حماية حقوق السكان الأصليين عوضا عن دعمهم. ترافق الدمار البيئي المذهل خلال فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات مع انتهاكات حقوقية خطيرة، منها العنف والترهيب ضد أولئك الذين حاولوا إيقاف ذلك.

تعهد الرئيس البرازيلي المنتخب حديثا لويز إيناسيو لولا دا سيلفا بتقليص إزالة الغابات في الأمازون إلى الصفر والدفاع عن حقوق السكان الأصليين. خلال فترتيه السابقتين من 2003 إلى 2010، انخفض قطع الأشجار بشدة، لكن شجعت إدارته أيضا إنشاء السدود ومشاريع البنية التحتية الأخرى ذات الآثار البيئية والاجتماعية المكلفة في الأمازون. قدرة الرئيس لولا على الوفاء بالتزاماته المتعلقة بالمناخ وحقوق الإنسان لها أهمية بالغة للبرازيل والعالم.

 

احتضان دولي جديد لحقوق الإنسان

يُظهر حجم أزمات حقوق الإنسان، ونطاقها، وتكرارها في جميع أنحاء العالم مدى الحاجة الملحة إلى وضع إطار جديد ونموذج جديد للعمل. النظر إلى أعظم التحديات والتهديدات التي نواجهها في عالمنا الحديث مستخدمين عدسة حقوق الإنسان سيساعدنا في الكشف عن الأسباب الجذرية للاضطرابات من ناحية، ومن ناحية أخرى الحصول على الإرشادات الكفيلة بمعالجتها.

من اليسار: فتيات يدرسن في مدرسة سرية في مكان غير معلوم في أفغانستان، 25 يوليو/تموز 2022. © 2022 دانيل ليل/أ ف ب/غيتي إيمجز من اليمين: إبراهيم، صبي عمره 5 سنوات لديه توحد،  يمسكه والده في إدلب، سوريا، يونيو/حزيران 2022. الأطفال ذوو الإعاقة المحاصرون في الحرب السورية معرضون بشكل أكبر للأذى، ويفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية، والتعليم، والمساعدات الإنسانية، والأجهزة المساعدة، والدعم النفسي-الاجتماعي. © 2022 هيومن رايتس ووتش
من اليسار: فتيات يدرسن في مدرسة سرية في مكان غير معلوم في أفغانستان، 25 يوليو/تموز 2022. © 2022 دانيل ليل/أ ف ب/غيتي إيمجز من اليمين: إبراهيم، صبي عمره 5 سنوات لديه توحد،  يمسكه والده في إدلب، سوريا، يونيو/حزيران 2022. الأطفال ذوو الإعاقة المحاصرون في الحرب السورية معرضون بشكل أكبر للأذى، ويفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية، والتعليم، والمساعدات الإنسانية، والأجهزة المساعدة، والدعم النفسي-الاجتماعي. © 2022 هيومن رايتس ووتش

يقع على عاتق كل حكومة واجب حماية حقوق الإنسان وتعزيز احترامها. بعد سنوات من الجهود المجزأة والمحدودة تجاه المدنيين المعرضين للتهديد في أماكن مثل اليمن، وأفغانستان، وجنوب السودان، تذكرنا التعبئة العالمية حول أوكرانيا بالإمكانات الاستثنائية للحكومات عندما تُدرك مسؤولياتها الحقوقية على نطاق عالمي. على جميع الحكومات أن تجلب روح التضامن هذه نفسها إلى باقي الأزمات الحقوقية حول العالم، وليس فقط عندما يتناسب ذلك مع مصالحها.