Israel



Israel Israel & Occupied Palestinian Territories
  

.VIII  التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي والممارسات المُقارنة

الحظر على التمييز

إن المساواة وعدم التعرض للتمييز هما من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية. والحظر ضد التمييز مذكور في المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان234 وتم تقنينه في معاهدات حقوق الإنسان الكبرى التي صدقت إسرائيل عليها، وتشمل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،235 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،236 والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،237 واتفاقية حقوق الطفل.238

ولا توجد في إسرائيل أية ضمانات دستورية أو تشريعية بالمساواة. ولا تحظر قوانين الأراضي الإسرائيلية أو الأنظمة الحاكمة لإدارة الأراضي الإسرائيلية وسلطات التخطيط التمييز في تخصيص الأراضي والإسكان أو هي تدعم التخطيط كوسيلة لإضفاء المساواة بين رعايا الدولة.

وفي التقرير بتاريخ فبراير/شباط 2007 الصادر عن لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الخاص بالنظر في تقرير إسرائيل، وهي اللجنة المشرفة على مراقبة التزام الدول بالتزاماتها بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، أوصت اللجنة بأن: "يجب أن تقوم الدولة الطرف بتقييم مدى إمكانية أن يرقى استمرار الفصل بين "القطاعين" العربي واليهودي إلى فصل عنصري".239

أما فيما يخص تخصيص الأراضي ودور لجان الاختيار في الانتقاء بشأن دخول الأفرا إلى المجتمعات الصغيرة، أوصت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز: "يجب أن تتخذ الدولة الطرف كل التدابير الممكنة لضمان تخصيص أراضي الدولة دون تمييز، سواء مباشر أو غير مباشر، بناء على العنصر أو اللون أو السلالة أو الأصل القومي أو العرقي. وعلى الدولة الطرف أن تقيم نطاق وأثر معيار "الاستدامة الاجتماعية" في هذا الصدد".240

وقام ألكسندر كيدار، أستاذ القانون الإسرائيلي، بتوثيق معاملة إسرائيل التمييزية للبدو فيما يتعلق بالحصول على الأراضي، وبيّن وجود شكلين من التمييز، أحدهما مباشر والآخر غير مباشر. "إن الحق في المساواة يتم انتهاكه أيضاً حين يؤخذ باستخدام العضوية الجماعية (المريب) كمعيار لتوفير المزايا الاجتماعية، وفي الحالات التي يُعتبر فيها المعيار ذات الصلة محايداً، لكن تطبيقه يؤدي لنتائج تمييزية الطابع". وأضاف: "مثلاً تخصيص حقوق الأراضي في النقب، خاصة منح الحق في الإقامة في الضواحي والمزارع ذات الملكية الفردية لليهود فقط، ينتهك بشكل بيّن – في رأيي – مبدأ المساواة المذكور في القانون الدولي".241

الحق في الإسكان الملائم والخصوصية واختيار السكن

صدقت إسرائيل على جملة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية التي تضمن الحق في الإسكان الملائم والخصوصية والحماية من عمليات الإخلاء بالإكراه والسماح باختيار محل السكن. إلا أن إسرائيل لم تحافظ على التزاماتها هذه فيما يتعلق بالسكان البدو. ويلزم العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الدول الأطراف باستخدام "كل التدابير المستطاعة" لصيانة وحماية الحق في الإسكان وللحماية من الإخلاء بالإكراه.

وفي التعليق العام رقم 4 الصادر عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي اللجنة المخولة مراقبة التزام الدول الأطراف بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قالت اللجنة: "الحق في السكن ينبغي ألا يفسر تفسيرا ضيقا أو تقييدياً يجعله مساويا، على سبيل المثال للمأوى الموفر للمرء بمجرد وجود سقف فوق رأسه، أو يعتبر المأوى على وجه الحصر سلعة. بل ينبغي النظر إلى هذا الحق باعتباره حق المرء في أن يعيش في مكان ما في أمن وسلام وكرامة".242 ويذكر التعليق العام قائمة بالعوامل الضرورية لتوفير السكن الملائم، وتشمل الضمان القانوني لشغل السكن، والسكن الملائم من الناحية الثقافية، وتوفير الخدمات والبنية التحتية.

كما أنه يتضح من زيارات هيومن رايتس ووتش للقرى غير المعترف بها ومن مقابلاتها مع ملاك البيوت البدو، أن البدو في القرى غير المعترف بها يعيشون في ظروف مجردة تماماً من الأمن أو السلم أو الكرامة. وقد صادر جهاز التخطيط الإسرائيلي من القرى أي سند قانوني، وهي القرى التي يشغلها عشرات الآلاف من البدو، وبفعله هذا فقد حرم المواطنين البدو من الضمان القانوني لشغل السكن والخدمات الملائمة والبنية التحتية والصلاحية للسكن. وبالنتيجة، يتردد البدو كثيراً في استثمار أموالهم في بيوتهم الحالية لكي يجعلونها قابلة للسكنى، إذ يعرفون أنها قد تتعرض للهدم، وبهذا فهم ملزمون بالعيش في ظروف متواضعة غير ملائمة إثر إجراء عمليات الهدم.

وجاء في التعليق العام رقم 4:

حق الشخص في أن يختار بحرية محل إقامته والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات العامة - هو أمر لا غنى عنه إذا ما أريد إعمال الحق في السكن الملائم والمحافظة عليه لصالح جميع الفئات في اﻟﻤﺠتمع. وبالمثل، فان حق الفرد في ألا يخضع لأي تدخل تعسفي أو غير مشروع في خصوصياته أو خصوصيات أسرته أو منزله أو مراسلاته يشكل بعداً بالغ الأهمية في تعريف الحق في السكن الملائم.243

وقد قامت إسرائيل منذ عام 1948 بإعداد فرص إسكان جد قليلة لبدو النقب، إذ لم توفر غير سبع بلدات حكومية وتسع قرى معترف بها حديثاً. ومن الناحية النظرية يمكن للبدو طلب الإقامة في القرى اليهودية الريفية أو شبه الزراعية، لكن "لجان الاختيار" تحمي ديمغرافية هذه المجتمعات الصغيرة وترفض على الدوام أصحاب الطلبات من غير اليهود بناء على عدم توافر شرط "الاستدامة" لديهم. وإدارة الأراضي الإسرائيلية بدورها تخصص أراضي الدولة بناء على توصيات لجان الاختيار. وبهذا فإن الدول تحرم فعلياً البدو من الحصول على أراضي الدولة على قدم المساواة وكذلك من الخيارات الملائمة فيما يخص الأماكن التي يرغبون في الإقامة فيها.

وقد وصف الكثير من البدو لـ هيومن رايتس ووتش كيف تدخل سلطات التخطيط والشرطة عنوة إلى بيوتهم وأراضيهم، دون إنذار مسبق ودون استصدار أي أمر قانوني بالدخول، وهذا لكي يسلمونهم الأوامر، وإجراء قياسات على العقار أو الأرض، والتفتيش بحثاً عن إنشاءات جديدة. وهذه الأفعال قد ترقى إلى التدخل التعسفي في خصوصية البدو وفي شئون أسرهم وبيوتهم.

الأمن في شغل السكن

أعلن  المجلس الاقتصادي والاجتماعي في التعليق العام رقم 4:

بصرف النظر عن نوع شغل المسكن، ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من الإخلاء بالإ كراه، ومن المضايقة، وغير ذلك من التهديدات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون حاليا إلى هذه الحماية، وذلك من خلال تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتأثرة.244

وفي إسرائيل تتمتع قطاعات كبيرة من السكان بالأمن في شغل السكن، وهو الأمر الذي تحميه قوانين الملكية. إلا أن البدو في القرى غير المعترف بها يعانون من عدم التناسب في غياب أمن شغل السكن. وعلى الرغم من دور الدولة المركزي في ظهور هذا الموقف، وعلى الرغم من الثغرة الكبيرة بين غياب أمن شغل السكن لدى البدو وأمن شغل السكن الواسع الذي يتمتع به غيرهم من السكان، فإن الحكومة قد اتخذت خطوات غير كافية لتوفير أمن شغل السكن للبدو. وفي واقع الأمر فقد استغلت الدولة عرضة البدو للخطر في هذا الصدد من خلال استخدامها لإجراءات تنفيذ عقابية.

الحق في الأرض

في التعليق العام رقم 4، اعترفت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأهمية الحصول على الأرض كمورد للسكن. وفيما يتعلق بالجماعات المحرومة، قال التعليق العام: "يجب أن تتاح للجماعات المحرومة إمكانية الاستفادة بصورة كاملة ومستمرة من موارد السكن الملائم

وفي إسرائيل يبدو أن النقيض هو ما يحدث. ففيما يتمتع غالبية السكان بإمكانية الحصول على الأراضي عبر توسيع المجتمعات القائمة وإنشاء مجتمعات جديدة، فإن البدو لا يمكنهم كسب الاعتراف بغالبية القرى غير المعترف بها.

عمليات الإخلاء بالإكراه

فيما يخص عمليات الإخلاء بالإكراه، فقد كتبت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قائلة: "خالات إخلاء المساكن بالإكراه تتعارض بداهة مع مقتضيات العهد ولا يمكن أن تكون مبررة إلا في الظروف الاستثنائية جداً ووفقاً لمبادئ القانون الدولي ذات الصلة".246 وفي التعليق العام رقم 7 عن الإخلاء بالإكراه قالت اللجنة: " وإن النساء والأطفال والشباب والمسنين والشعوب الأصلية والأقليات الإثنية وغيرها، وسائر الضعفاء من أفراد وجماعات، يعانون جميعًا بشكل غير متكافئ من ممارسة الإخلاء بالإكراه".247 كما شددت اللجنة على التزام الحكومة بضمان عدم التمييز في حالة وقوع عمليات الإخلاء وأن المتأثرين بالإخلاء يجب مشاورتهم وإمدادهم بالبدائل المجدية والتعويض الملائم، وتوفير سبل الانتصاف أو الإجراءات القانونية.248 ولم يحصل في أي من القضايا التي وثقت في هذا التقرير أن تلقى الأفراد تعويضات عن هدم البيوت، ولا هم يعتقدون أن ثمة سبل انتصاف قانونية متوافرة، نظراً للعقبات الجسيمة التي تحول بينهم وبين اللجوء إلى المحاكم. فضلاً عن أن الكثير من الأفراد أو الجماعات التي صدرت بحقهم أحكام هدم أو إخلاء شهدوا بأنه حتى حين حاولوا التعاون مع السلطات للعثور على بدائل ملائمة، ضاعت جهودهم سدى.

وجاء أيضاً في التعليق العام رقم 7: "وفي الحالات التي يعتبر فيها أن للإخلاء ما يبرره، ينبغي أن يجري ها الإخلاء بالامتثال الدقيق للأحكام ذات الصلة من القانون الدولي لحقوق الإنسان ووفقاً للمبادئ العامة المراعية للمعقولية والتناسب".249 وهدم البيوت جراء عدم توافر التصريح، في الظروف التي لا يوجد للمالك فرصة للحصول على مثل هذا التصريح، هو كما يتضح بجلاء مخالفة لمبادئ المعقولية والتناسب الخاصة بأي هدف مشروع يُزعم أن عمليات الهدم هذه تسعى إليه.

وجاء في التعليق العام رقم 7 أن يحصل الأشخاص الذين يواجهون الإخلاء على تحذير مسبق، وأن عمليات الإخلاء يجب ألا تسفر عن تشريد الأشخاص. "وفي حال عجز المتضررين عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، على الدولة الطرف أن تتخذ كل التدابير المناسبة، بأقصى ما هو متاح لها من موارد، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم، أو إعادة توطينهم أو إتاحة أراضٍ منتجة لهم، حسب الحالة".250

ونادراً ما يتلقى البدو في القرى غير المعترف بها إنذار مسبق بخصوص زمن أو تاريخ عملية الهدم التي ستتم ولا هم يعرفون متى ولا حتى ما إذا كانت الهدم بموجب أمر هدم رسمي. ولا تقدم السلطات للبدو مأوى مؤقت أو سكن بديل بعد الهدم، على العكس مما يحدث مع ضحايا الهدم أو الإخلاء الإسرائيليين، مثلما حدث مع المستوطنين في غزة.

وأخيراً، أشار التعليق العام رقم 7 إلى أهمية البيانات المناسبة بما أن "رصد ممارسة الحق في السكن الملائم رصداً فعالاً، سواء من جانب الحكومة المعنية أو من جانب اللجنة، يتعذر في حال عدم جمع البيانات المناسبة".251 ولا توجد معلومات أساسية متوافرة علناً عن نطاق أو توجهات الهدم في إسرائيل.

حقوق الأرض الخاصة بالسكان الأصليين

على مدى العشرين عاماً الماضية نشطت الدول والسكان الأصليون من أجل إعداد إعلان الأمم المتحدة الخاص بحقوق السكان الأصليين. وفي يونيو/حزيران 2006 تبنى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة مشروعاً للإعلان الخاص بحقوق السكان الأصليين وأوصى بتبنيه من قبل الجمعية العامة.252 وفيما لا يعتبر مشروع الإعلان ملزم قانوناً وسوف يخضع للكثير من الجدال والتفاوض إثر تبنيه، فهو يعكس تقييم الساحة الدولية للمبادئ الخاصة لحقوق السكان الأصليين التي يمكن تقنينها على هيئة وثيقة ملزمة في المستقبل. ويذكر مشروع الإعلان أن السكان الاصليين لهم الحق في "تملك وتطوير والسيطرة على الأراضي واستخدامها وفيما يجب مقارنة مجال هذه الحقوق إلى المطالب المتنافسة معها والتي تشمل الصالح العام، فإن الحق الجوهري الخاص بحماية الأراضي والممتلكات الخاصة بالسكان الأصليين هو حق واضح.

وفي بعض المناطق التي بها سكان أصليين كثيرين مثل الأميركتين، توجد ضمن معاهدات حقوق الإنسان الإقليمية ضمانات أكثر وضوحاً بشأن الحق في الملكية، وقد خلصت محاكم حقوق الإنسان الإقليمية إلى أحكام هامة إزاء حقوق الأرض الخاصة بالسكان الأصليين. وفي قضية "مجتمع ماياغنا (سومو) أواس تينغني ضد نيكاراغوا"، حكمت المحكمة الأميركية لحقوق الإنسان بأن ثمة حق إنساني دولي بالتمتع بمزايا الملكية، بما في ذلك حق السكان الاصليين في حماية أراضيهم القديمة وموارد السكن والتمتع بالأراضي التي كانوا يستخدمونها ويشغلونها منذ القدم".254

وأحد المصاعب الخاصة بصياغة إطار قانوني عالمي لحماية حقوق السكان الأصليين يكمن في حقيقة أنه لا يوجد تعريف عالمي موحد مقبول لـ"السكان الأصليين". إلا أن ثمة منهجين اساسيين للتعريف اكتسبا القبول في المجتمع الدولي: (1) منهج تعريفي شخصي، وبموجبه يُسمح لجماعات السكان الأصليين بتعريف أنفسهم على أنهم أصليون، و(2) منهج موضوعي، بموجبه يرتبط مصطلح "أصلي" بجماعة أو فرد تستوفي أو يستوفي بصفات موضوعية محددة، مثل وجود لغة مميزة أو ثقافة أو انتماء قبلي خاص، أو أن يكون منحدراً من أصول سكان المنطقة في وقت الغزو أو الاستعمار. ويمكن أن يستوفي البدو في إسرائيل بالعديد من هذه المعايير الموضوعية، ويتزايد تعريف السكان البدو لأنفسهم باعتبار أنهم سكان أصليين. وفي محاولة الوصول إلى "تسوية" نهائية مع السكان البدو بشأن ملكية الأراضي واستخدامها وحيازتها في النقب، يجب على إسرائيل أن تراعي الممارسات المقارنة التي تتخذها دول أخرى كما هو مذكور تفصيلاً في الجزء التالي.

ممارسات حديثة لحكومات أخرى

في بعض البلدان الأخرى التي يوجد فيها نزاع على أراضي السكان الأصليين، حاولت الحكومات والمحاكم التصدي لهذه المطالبات بالأراضي وتوفير التعويض لمن تعرضوا تاريخياً لعدم الإنصاف. مثلاً صاغت حكومات نيوزيلاندا وكندا وأستراليا هيئات وطنية، تتراوح بين اللجان إلى المحاكم، للنظر في المشكلة، وأصدرت محاكمها الوطنية أحكام قضائية تمثل سوابق تعترف بحقوق الأرض الخاصة بالسكان الأصليين وبمبدأ "ملكية الساكن الأصلي".255

نيوزيلاندا

في نيوزيلاندا، قضي قانون برلماني صادر عام 1975 بتشكيل هيئة تقصي دائمة، وهي محكمة ويتانغي. ويكلف القانون المحكمة بالتحقيق وصياغة التوصيات بخصوص المطالبات التي يتقدم بها سكان ماوري الأصليين على صلة بطيف واسع من القضايا. وقد نظرت المحكمة في عدة مطالبات بالأراضي تقدم بها السكان الأصليون، وأعادت ملكية الأرض إلى سكانها الأصليين من الماوري أو أوصت الحكومة بدفع التعويضات اللازمة.

كندا

في كندا، عام 1991، شكّل رئيس الوزراء في ذلك الحين براين مولروني، الهيئة الملكية المعنية بالسكان الأصليين. وأصدرت الهيئة تقريرها الذي جاء في 4000 صفحة وخمسة أجزاء عام 1996، وفيه 440 توصية تطالب بتغييرات جوهرية تشمل سن تشريعات وتشكيل مؤسسات جديدة، والمزيد من الموارد وإعادة توزيع الأراضي وإعادة بناء المجتمعات الخاصة بالسكان الأصليين والشعوب الأصلية، وتخصيص حكومات ومجتمعات لهم. كما أن المحكمة العليا الكندية خلصت إلى حُكم مثل سابقة قضائية، في قضية "ديلغاموكو ضد ولاية بريتش كولومبيا [1997] 3 إس سي آر 1010"، تصدت فيها لأول مرة لفكرة "ملكية السكان الأصليين". وفي تلك القضية حكمت المحكمة لصالح مطالبة السكان الأصليين بملكية وحيازة أكثر من 133 قطعة أرض فردية، وإجمالي مساحتها بلغ 58000 كيلومتر مربع في شمال غرب ولاية بريتش كولومبيا.

أستراليا

أضافت المحكمة العليا الأسترالية سابقة حكم في حكمها بتاريخ 3 يونيو/حزيران 1992 في قضية "مابو ضد كوينزلاند". وفي تلك القضية سعى السكان الأصليين من شعوب الميريام للحصول على الاعتراف بأنهم ملاك أو أصحاب أراضي تخص قبائل الموراي في كوينزلاند، بناء على ملكية هذه الأراضي منذ زمن بعيد. وقالت حكومة كوينزلاند بأن بعد الاستعمار حصلت الحكومة البريطانية على ملكية كل هذه الأراضي. وفي الحُكم الذي أنزلته المحكمة، حكم غالبية القضاة بأن ثمة مبدأ يسمى "ملكية السكان الأصليين" في القانون العام وأن حق السكان الأصليين في الأرض لم يبطل لدى وقوع الغزو.

ورداً على الحكم في قضية مابو، فعّل البرلمان الفيدرالي الأسترالي قانون حق ملكية السكان الأصليين لعام 1993، الذي تم تعديله عدة مرات منذ ذلك الحين. ونص القانون على منح حق مبدئي للسكان الأصليين بناء على حكم المحكمة العليا، وأكسب السكان الأصليين القدرة على المطالبة بالأراضي التي يرتبطون بها منذ زمن طويل وعلى نحو متصل. كما أنشأ القانون محكمة ملكية السكان الأصليين التي نظرت في 95 مطالبة بالأراضي تقدم بها السكان الأصليون، وفي 64 من هذه القضايا رأت المحكمة توافر حق ملكية السكان الأصليين على جزء أو كل المنطقة المتنازع عليها. وما زال يوجد 595 حكماً بانتظار الصدور.256

كما أن قانون ملكية السكان الأصليين منح الحاصلين على حق ملكية الساكن الأصلي الحق في التفاوض على اتفاقيات استخدام الأراضي الخاصة بالسكان الأصليين، وهي اتفاقات طوعية يتم إبرامها بين مجموعات وأخرى من السكان الأصليين، وهذا على صلة بأمور مثل حقوق التعدين والمشروعات الخاصة باستخدام وإدارة الأراضي والمياه. وهذه الاتفاقات ملزمة قانوناً حالما يتم إبرامها. وقد تفاوض السكان الأصليون في أستراليا على 268 من هذه الاتفاقات.257

وطبقاً لفريد شاني، نائب رئيس محكمة ملكية السكان الأصليين، فإن المحكمة قد رأت أن جماعات السكان الأصليين في مناطق هامة في غرب أستراليا، يتمتعون بحق ملكية السكان الأصليين الخاص وأنه في مناطق أخرى من البلاد حصل السكان الأصليون على حق ملكية السكان الأصليين الجزئي.258

صياغة آلية للمطالبة بالأراضي في إسرائيل

يتضح من هذه الأمثلة ما الذي يمكن للحكومات أن تتخذه في ظل توافر النوايا الحسنة في أثناء محاولة التفاوض على حلول منصفة إزاء المطالبة بالأراضي المتنازع عليها. وأمام إسرائيل فرصة لصياغة آلية مشابهة للفصل في مطالبات الأراضي في النقب التي لم يتم الفصل فيها.

وعملية "تسوية الملكية" الموصوفة في الفصل الثالث ليست آلية قانونية في أعين غالبية البدو، الذين يرون تجديد التقاضي باعتباره محاولة لنزع ما تبقى لديهم من مطالبات قليلة بالأراضي. وفي الوقت الحالي ينصح الكثير من ممثلي البدو والمنظمات المجتمعية السكان البدو بألا يخوضوا في التقاضي إذا كان الناتج الذي لا مفر منه هو فقدان حقهم في أراضيهم. وثمة مشكلة أخرى هي طول الفترة الزمنية التي مرت منذ تسجيل المطالبات بالأراضي في السبعينيات. فأحياناً يكون من تقدموا بالطلبات من أشخاص قد ماتوا، وعدد الورثة المستحقين للمشاركة في المطالبة الأصلية بالأرض قد تزايد. فضلاً عن أن العملية القانونية القائمة بعيدة كل البعد عن كونها تتمتع بالشفافية. فغالبية منظمات البدو قالت إن المرة الأولى التي سمعوا فيها بتجدد رفع دعاوى مضادة من الحكومة كان حين ذهب إليهم سكان القرى من البدو طلباً للمشورة حين وصلتهم إخطارات بأحد هذه القضايا. ولم تعلن الحكومة رسمياً قط عن أنها ستعيد بدء عملية التقاضي، ولا هي قدمت أية معلومات عن كيف ستسير هذه العملية. وأدى هذا إلى حرمان المنظمات المجتمعية والمحامين من تقييم مختلف الأساليب القانونية ومن التشاور مع خبراء خارجيين، ومن تحضير موكليهم للقضايا.

وبدلاً من التقاضي بشأن مطالبات الأراضي المتنازع عليها في المحاكم الإسرائيلية تحت مظلة تشريع تقييدي لملكية الأرض يضمن ألا يفي البدو بمسؤولية الملكية المستدل عليها عملاً، فعلى إسرائيل أن تصيغ آلية جديدة ومستقلة للتفاوض مع المجتمع البدوي، مثل إنشاء محكمة خاصة. وهذه العملية قد تشمل تشكيل هيئة مستقلة لدراسة المشكلة وتقديم توصيات حول هذه الآلية. ويجب أن يكون عمل الهيئة وأي آلية تستتبعها مستقلاً وشاملاً وبمشاركة الأطراف.




234  جاء في المادة 2: " لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر". الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تم تبنيه في 10 ديسمبر/كانون الأول 1948، G.A. Res. 217A(III), U.N. Doc. A/810 at 71 (1948).

235  المادة 2.1 جاء فيها أنه تتعهد كل دولة طرف في العهد باحترام الحقوق المعترف بها في العهد " دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب" العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، G.A. Res. 2200a (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171, ودخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976، وصدقت عليه إسرائيل في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1991.

236  المادة 2.2 جاء فيها أنه تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد " بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب". العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، G.A. Res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 49, U.N. Doc. A/6316 (1966), 993 U.N.T.S. 3 ودخل حيز النفاذ في 3 يناير/كانون الثاني 1976، وصدقت عليه إسرائيل في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1991.

237  الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، تم تبنيها في 21 ديسمبر/كانون الأول 1965، G.A. Res. 2106 (XX), annex, 20 U.N. GAOR Supp. (No. 14) at 47, U.N. Doc. A/6014 (1966), 660 U.N.T.S. 195 ودخلت حيز النفاذ في 4 يناير/كانون الثاني 1969، وصدقت عليها إسرائيل في 1 يناير/كانون الثاني 1979.

238  المادة 2.1 من الاتفاقية جاء فيها أنه تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها "لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر". اتفاقية حقوق الطفل، تم تبنيها في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، G.A. Res. 44/25, U.N. Doc. A/RES/44/25 دخلت حيز النفاذ في 2 سبتمبر/أيلول 1990، وصدقت عليها إسرائيل في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1991.

239  لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، "ملاحظات ختامية صادرة عن لجنة القضاء على التمييز العنصري: إسرائيل"، CERD/C/ISR/CO/13 14 يونيو/حزيران 2007.

240  المرجع السابق.

241  انظر: ألكسندر كيدار، "استيطان الأراضي في النقب من منظور دولي"، نشرة مركز عدالة، عدد 8، سبتمبر/أيلول 2004.

242  لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، "الحق في السكن الملائم"، التعليق العام رقم 4. UN Doc. HRI/GEN/1/Rev.7 (1991) فقرة 7.

243  المرجع السابق، فقرة 9 هـ..

244  المرجع السابق، فقرة 8 أ.

246  المرجع السابق، فقرة 18.

247  لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، "الحق في السكن الملائم (مادة 11.1) من العهد: خالات إخلاء السكان بالإكراه"، التعليق العام رقم 7، UN Doc. HRI/GEN/1/Rev.7 (1997), فقرة 10.

248  المرجع السابق، فقرة 13.

249  المرجع السابق، فقرة 14.

250  المرجع السابق، فقرة 16.

251  المرجع السابق، فقرة 21.

252  في عام 1995 تبنت مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قرار رقم 32 لعام 1995، الخاص بتشكيل فريق عمل بأجل مفتوح له غرض واحد هو العمل على صياغة مسودة لإعلان خاص بحقوق السكان الأصليين. واجتمع الفريق العامل في 11 جلسة حتى اليوم وأصدر مسودة الإعلان التي تبناها مجلس حقوق الإنسان (خليفة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان) في يونيو/حزيران 2006. قرار رقم 2 لعام 2006، تم تبنيه في 29 يونيو/حزيران 2006.

254  قضية "مجتمع ماياغنا (سومو) أواس تينغاي ضد نيكاراجوا"، حكم بتاريخ 31 أغسطس/آب 2001، المحكمة الأميركية لحقوق الإنسان: Inter-Am. Ct. H.R., (Ser. C) No. 79 (2001).  

255  طبقاً لقانون حق ملكية الساكن الأصلي الأسترالي لعام 1993 "تعبير ملكية الساكن الأصلي يعود إلى حقوق جماعية أو فردية للسكان الأصليين، فيما يتعلق بالأرض أو المياه، في حالة: أ. كون الحقوق والمصالح المنظورة قائمة وصحيحة بموجب القوانين التقليدية القديمة... و... بمراعاة التقاليد، الخاصة بالسكان الأصليين...، و ب. حين يكون للسكان الأصليين صلة بالأرض أو المياه، و ج. حين يتم الاعتراف بالقوانين والمصالح من قبل القانون العام في أستراليا".

256  انظر: “National native title statistics,” Talking Native Title, العدد 22، صفحة 8، 22 مارس/آذار 2007، على: http://www.nntt.gov.au/metacard/files/TNT22/issue22_march07.pdf (تمت الزيارة في 25 مارس/آذار 2007).

257  المرجع السابق.

258  انظر: “National native title statistics,” Talking Native Title, العدد 22، صفحة 8، 22 مارس/آذار 2007، على: http://www.nntt.gov.au/metacard/files/TNT22/issue22_march07.pdf (تمت الزيارة في 25 مارس/آذار 2007). صفحة 4.