VI. انتهاكات أسايش للحق في المحاكمات العادلة

تنتهك عناصر أسايش بشكل منتظم حقوق المحاكمات العادلة للمشتبه بهم في قضايا متصلة بالإرهاب وقضايا جنائية عادية، وهذا حيث هم رهن الاحتجاز في مراكز الاحتجاز. وتخالف هذه الانتهاكات القانون العراقي والقانون الدولي، وتتضمن: عدم إبلاغ المحتجزين بأسباب اعتقالهم، وعدم مثول المحتجزين أمام قاضي تحقيق بالسرعة الكافية، وعدم توفير آلية لطعن المشتبه بهم في شرعية احتجازهم، وعدم مثولهم للمحكمة دون تأخير لا داعي له، وعدم تمثيلهم من جانب محامي دفاع، وإبقاء المحتجزين رهن الاحتجاز السابق على المحاكمة لفترات مطولة، واستخلاص الاعترافات بالإكراه.

والشكوى الأكثر شيوعاً التي وجدتها هيومن رايتس ووتش أثناء المناقشات التي جرت مع المحتجزين في مراكز احتجاز أسايش هي نقص المعلومات الخاصة بموقفهم القانوني ومتى يمكن لقضاياهم أن تجد لها حلاً. ووجدت هيومن رايتس ووتش أن السلطات الكردستانية تُبقي على معظم المشتبه بهم في قضايا متصلة بالإرهاب في مراكز احتجاز أسايش دون محاكمة لفترات تتراوح بين عامٍ وخمسة أعوام. ولم يتم إخطار هؤلاء المحتجزين بالتهم الموجهة إليهم، أو مُنحوا فرصة الطعن في شرعية احتجازهم. وكان من بين الأشخاص المعتقلين للاشتباه في تورطهم في جرائم خطيرة، بعض الأشخاص ممن تمت تبرئتهم من جانب المحاكم الجزائية أو قضي بالفعل فترة عقوبته، ولكنه بقي رهن احتجاز أسايش.

وقد تم اعتقال عبدول من جانب آسايش في أكتوبر/تشرين الأول 2001، حين ذهب للحصول على تصريح أمني بالبقاء في السليمانية، وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

مشكلتي الأساسية هي لماذا لا يحاكموني؛ فقد طلبت محاكمة وأريد أن أفهم القانون، وجرى تحقيق، لكن لا أعرف أين أنا، ولا أحصل على إجابات منهم حين أسألهم. وقد تعرضت للتعذيب أثناء التحقيق، وتم وضعي في الحبس الانفرادي في بعض الأحيان. وجلبوا لي أوراقاً ووقعت عليها بالإكراه

أما فاضل فهو محتجز في مركز احتجاز آسايش أربيل منذ أغسطس/آب 2005، وعبر عن إحباط مماثل: "إذا لم تكن هناك تهمة ضدي، فلماذا أنا مُحتجز؟ وإذا كنت قد فعلت شيئاً، فلماذا لا يحاكمونني؟ لقد دمروني"95

والأغلبية العظمى من المحتجزين من جانب آسايش في كل من مراكز احتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني هم أشخاص مشتبه بهم في حوادث على صلة بالإرهاب والتخريب والتجسس والإتجار بالمخدرات والقتل. والمجموعة الأكبر التي قابلتها هيومن رايتس ووتش مشكلة من أكراد عراقيين تم اعتقالهم في إقليم كردستان، والكثير منهم مشتبه بعضويتهم في جماعات مسلحة مزعومة نفذت أو ادعت تنفيذ أعمال عنف في الإقليم. ومن بين هذه الجماعات أنصار الإسلام، وأنصار السنة، وجماعة التوحيد والجهاد، والقاعدة. وطبقاً للمسؤولين الأكراد، فقد أجرت قوات الأمن العديد من الاعتقالات على أساس من معلومات استخباراتية ومراقبة للمشتبه بهم على امتداد فترة زمنية، بينما قبضوا على البعض الآخر على أساس من "الاعترافات" المستخلصة من المحتجزين الذين هم بالفعل رهن احتجاز قوات آسايش.

وبعض الذين تكلمت إليهم هيومن رايتس ووتش ذكروا أن لهم قطعاً بعض الصلات بهذه الجماعات، أو أنهم قد تم اعتقالهم بعد تنفيذ أو محاولة تنفيذ، هجمات مسلحة على أهداف مختارة. إلا أن هذا كان نادر الحدوث، ومعظم المحتجزين يدعون أنهم لا يعرفون سبب اعتقالهم، وقالوا إنهم ببساطة قد وُصموا بأنهم "إسلاميين".

وقال جمال، الذي اعتقلته قوات آسايش في مايو/أيار 2004 لـ هيومن رايتس ووتش:

حضر عناصر آسايش وأخذوني إلى مبنى آسايش القديم. واتهموني بأنني من حزب أنصار الإسلام. وقلت لهم إنني على مدى العام ونصف العام الماضي لم أعد عضواً بالأنصار. وحققوا معي في اليوم الأول، ومنذ ذلك الحين لم تتم تحقيقات متابعة

أما هادي الذي تحتجزه آسايش منذ مايو/أيار 2005، فقال لـ هيومن رايتس ووتش: "تهمتي الوحيدة أنني أعرف أصدقاء متهمين بأنهم من الإسلاميين

وقال آخرون إنهم أخذوا رهائن بدلاً من أقارب لهم تسعى السلطات إلى اعتقالهم. وقال مُحتجزٌ يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً لـ هيومن رايتس ووتش إنه مُحتجز لأكثر من 19 شهراً في مركز احتجاز آسايش في أربيل بدلاً من أبيه.98 وقال محتجزان آخران إنهما رهن الاحتجاز بدلاً من شقيقيهما. وقال أحدهما – وهو فؤاد – لـ هيومن رايتس ووتش:

تم اعتقالي في 24 يونيو/حزيران 2005

وبدا أن المحتجزين لا يعرفون حقوقهم التي ينص عليها القانون. ولم يتقدم معظمهم بطلب توكيل محامٍ يمثله. وفي العادة لم يكن المحتجزين في موقف يسمح لهم بالسعي لتوكيل محام، إما بسبب نقص الموارد المالية، أو لأن أثناء شهور الاحتجاز الأولى كانوا قيد الحبس الانفرادي دون اتصال بالآخرين، أو لأنهم على ما يبدو لا يعرفون أن هذا من مصلحتهم أو يحق لهم (لم يتم إخطار محتجز واحد ممن قابلتهم هيومن رايتس ووتش بحقه في توكيل محامٍ من جانب سلطات السجن). بالإضافة إلى أن الأغلبية العظمى من المحتجزين قالوا إنهم لم يمثلوا أمام قاضٍ خلال 24 ساعة من الاعتقال،100 ولم يمثلوا أمام قاضٍ بعد اعتقالهم، ولم يتضح لهم أن أي من المسؤولين الذين قابلوهم في الحبس هم من القضاة.

وأنكر مسؤولو آسايش هذه المزاعم، وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن كل الأفراد رهن احتجازهم يمثلون بشكل منتظم أمام قاضي تحقيق خلال فترة قصيرة بعد الاعتقال، وتؤخذ أقوالهم، ويتم مد فترة احتجازهم بما يتفق مع قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي.101 وعلى النقيض، وصف المحتجزون كيف قضوا فترات مطولة في الحبس الانفرادي، وخلاله عرّضهم مسؤولو السجن للإساءة البدنية وأجبروهم على توقيع اعترافات لم يقرأوها (الإساءة البدنية للمحتجزين تمت مناقشتها في القسم VII أدناه). وقال إبراهيم لـ هيومن رايتس ووتش إنه قضي "سبعة شهور في الحبس الانفرادي ويدي مقيدتين وعيني معصوبتين. وكان هذا في سجن آسايش أربيل القديم. وبعد سبعة شهور، أخرجوني من الحبس الانفرادي، وبعد ثمانية شهور، سمحوا لأسرتي بزيارتي".102

وقال المحتجزون القلائل الذين أكدوا مثولهم أمام قاضي استجوبهم إن الجلسة كانت في العادة تستمر لدقائق قليلة، وخلالها يسألهم القاضي تأكيد ما ذكروه في "اعترافهم". وبعد هذا يأمرهم القاضي بالعودة إلى الزنازين ولا يعرفون بعدها ما سيحدث لهم. وهذا بدوره يعتبر احتجازاً مستمراً قائماً دون أية إجراءات قانونية من أي نوع.

ولم يتضح على أي أساس يجدد قضاة التحقيق فترات الاحتجاز للأشخاص المشتبه بهم في أعمال إرهابية، خاصة أن السلطات قالت إن التشريع الجاري تطبيقه لا يؤهلهم لطلب المحاكمة عن هذه الجرائم. وكذلك لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل يوحي بأن المحاكم الجزائية ذات الصلة تُصرح بمد فترات الاحتجاز بما يتجاوز الشهور الستة الأولى بالنسبة للمحتجزين الذين لم يمثلوا أمام القضاء. ولدى كل من آسايش الخاصة بالحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني قاضي تحقيق واحد.103 ولا يقابل أي من قضاة التحقيق الآخرين الذين لا علاقة لهم بآسايش، هؤلاء المحتجزين. وفي الماضي قال بعض قضاة التحقيق لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض الحالات التي وردت إليهم يأمرون فيها بإطلاق سراح المحتجزين؛ لأنه لا يوجد سند قانوني للتصريح باستمرار الاحتجاز.

ورفض قاضي التحقيق المكلف بالنظر في قضايا محتجزي آسايش من الحزب الديمقراطي الكردستاني، مقابلة هيومن رايتس ووتش، وأحال المنظمة إلى شعبة الشؤون القانونية في آسايش جيشتي. وما كان من رئيس تلك الشعبة، ودوره الأساسي هو المستشار القانوني للعاملين بآسايش، إلا أن ادعى أن هناك قاضي تحقيق ينظر في كل حالات الاحتجاز، وإن كان هذا إثر "فترات تأخير لا مناص منها في بعض الحالات".104 وتقدم بنفس التأكيدات مدير آسايش أربيل عبد الله علي، قائلاً لـ هيومن رايتس ووتش إن آسايش لا تحتجز على نحو غير قانوني إلا "أعداد صغيرة من المحتجزين". ووافق على اطلاع هيومن رايتس ووتش على ملفات المحتجزين تحت إشرافه بغرض التأكد.105 ورحبت هيومن رايتس ووتش باستعداده هذا، ولكن حتى كتابة هذه السطور لم تسنح الفرصة لفحص الملفات.

وفي مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش يوم 8 أغسطس/آب 2006 مع القاضي سروان أحمد صالح، قاضي التحقيق المسؤول عن النظر في قضايا الاحتجاز الخاصة بآسايش التابع للاتحاد الوطني الكردستاني، قال إن المحتجزين المتهمين بجرائم يعاقب عليها القانون الجزائي العراقي يمثلون أمامه للنظر في قضاياهم. وتتضمن هذه الجرائم القتل وتهريب المخدرات، والتزويف، والتجسس، وتهريب الآثار. واعترف القاضي بأنه بينما ينفذ أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية، فهو لا يمكنه استجواب المشتبه بهم خلال 24 ساعة كما ينص القانون، وقال إن: "عدد القضايا كبير، وهي على الأقل 20 قضية يومياً. وعلى مدى 10 شهور كنت الشخص الوحيد الذي يتولى هذا الأمر. والآن معي محققين قضائيين لمساعدتي، وكلفا بالعمل منذ شهرين أو ثلاثة شهور. لكننا ما زلنا نواجه تأخير بمقدار 12 يوماً قبل أن تؤخذ أقوال المشتبه بهم". وفيما يتعلق بالمشتبه بهم في أعمال إرهابية، يقول القاضي صالح: "كل المتهمين بجرائم يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب يمثلون أمامي، لكن ليس كل الآخرين. لماذا أقابلهم إن لم يكن بوسعي فعل شيء لهم؟ أراجع فقط القضايا المحالة إليّ من جانب آسايش

وجاءت شهادته متفقة مع التعليقات التي عبر عنها العقيد حسن نوري، رئيس وحدة الشرطة في آسايش السليمانية التابع للاتحاد الوطني الكردستاني، قبله بثلاثة شهور. وقال العقيد نوري لـ هيومن رايتس ووتش:

القاضي صالح يراجع فقط القضايا التي يغطيها القانون، مثل القتل مع سبق الإصرار، والتجسس، وغيرها من الجرائم. وفي قضايا أخرى، نخطره بوقوع الاعتقالات، ويقرر إن كان يجب بقاء المحتجزين رهن الاحتجاز. وتؤخذ أقوال المشتبه بهم في البداية من جانب ضابط التحقيق، ثم من جانب محقق قضائي، ثم يعرضون على قاضي التحقيق. ولا تنطبق هذه الإجراءات على الإرهابيين.107

وفي اجتماع يوم 8 أغسطس/آب 2006، انتقد وزير العدل فاروق جميل تقييم هيومن رايتس ووتش بأن آسايش لم تقدم معظم المحتجزين أثناء احتجازهم للمثول أمام قاضي تحقيق بعد الاعتقال. وقدّر أنه فيما يخص الأشخاص رهن احتجاز الاتحاد الوطني الكردستاني فهناك "سبعة في المائة فقط" من المحتجزين ينتمون لهذه الفئة، والباقون مثلوا أمام قاضٍ.108 لكن المعلومات التي قدمها العقيد حسن نوري بعد يومين تعارض تأكيدات الوزير. وقال العقيد نوري إن من بين الـ 244 محتجزاً في آسايش سليمانية في 10 أغسطس/آب، "حوالي 50 أو 60 منهم قيد الحبس الاحتياطي دون المثول أمام قاضٍ". وأضاف أنه في موقع السلام العسكري، وهو منشآة أخرى تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني غربي مدينة السليمانية، تحتجز آسايش كل المحتجزين في الحبس الاحتياطي دون المثول أمام قاضٍ.109 وزارت هيومن رايتس ووتش موقع السلام في 9 و10 أغسطس/آب، وبلغ عدد المحتجزين هناك، طبقاً لمسؤولي السجن، 111 سجيناً يوم 9 أغسطس/آب و124 يوم 10 أغسطس/آب.110

التورط الأميركي المزعوم في نقل المحتجزين إلى سجون آسايش

أثناء زيارات هيومن رايتس ووتش لمراكز احتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، قابلت هيومن رايتس ووتش 12 محتجزاً عراقياً قالوا إن عناصر الجيش العراقي وعناصر الجيش الأميركي اعتقلوهم أثناء عمليات مشتركة خارج إقليم كردستان ثم نقلوهم إلى السلطات الكردية.111 وكان معظمهم من المسلمين السنة الذين تم اعتقالهم في محافظتي الموصل وكركوك بين أكتوبر/تشرين الأول 2004 وأبريل/نيسان 2005.112 وقال سبعة منهم إن عناصر الجيش الأميركي قاموا باستجوابهم قبل نقلهم. ولم يحدد أي منهم أسباب الاعتقال. وقال اثنان إن القوات الأميركية وعناصر الجيش العراقي اعتقلوهما ضمن مداهمات موسعة شملت اعتقال مجموعة كبيرة من الأشخاص في حيهما، ثم قاموا باستجوابهما بشأن هجمات شملت استخدام المتفجرات. وفي معظم الحالات لم يكن المحتجزين قادرين على منح معلومات أكثر دقة عن هوية من اعتقلوهم، وبدا أنهم يخلطون بين قوات من البشمرجة الكردستانية وعناصر القوات المسلحة العراقية. وعلى نحو مماثل، وفيما يتعلق بتورط الجيش الأميركي، لم يكن المحتجزين قادرين على توفير أية تفاصيل خاصة بوحدات الجيش التي تورطت في العمليات. وكانوا ببساطة "الأميركيين" (قابلت هيومن رايتس ووتش أيضاً ثلاثة محتجزين قالوا إن القوات الأميركية لم تكن متورطة في احتجازهم، لكن قبل نقلهم إلى احتجاز السلطات الكردية، استجوبهم أشخاص أميركيين).113

وأكد مسؤولو آسايش لـ هيومن رايتس ووتش أن هؤلاء المحتجزين الاثني عشر كانوا من بين مجموعة أكبر أصبحت رهن احتجازهم بهذه الطريقة. ورفض مسؤولو الاتحاد الوطني الكردستاني منحنا معلومات إضافية عن هذه الحالات أو عددها، وقصروا أقوالهم على تأكيد أن مثل عمليات نقل المحتجزين هذه قد وقعت. وفي منتصف مايو/أيار 2006 قال مدير آسايش جيشتي الخاص بالحزب الديمقراطي الكردستاني، عصمت أرجوشي ، لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الجيش الأميركي والعراقي قد اعتقلت هؤلاء المحتجزين كجزء من مجموعة أكبر "تُقدر بحوالي 300 إلى 400 شخص" في عمليات مشتركة، ومعظمها في محافظة الموصل، ثم حولتهم لاحتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني في أواخر عام 2004 وأول عام 2005. وحين تم الضغط عليه للتقدم بأسباب عمليات النقل هذه، قال أرجوشي إنه يعتقد أن لا الجيش الأميركي ولا العراقي يثق بشرطة الموصل من أنها ستبقيهم رهن الاحتجاز، ولهذا تم نقلهم إلى السلطات الإقليمية الكردستانية.

وأضاف أن عمليات النقل هذه تسببت في مشكلات لآسايش الحزب الديمقراطي الكردستاني، وليس فقط في زيادة الأعداد في مراكز الاحتجاز المزدحمة أصلاً، بل أيضاً في زيادة أعداد المحتجزين من ذوي الموقف القانوني غير المحدد. ولم يتقدم الجيش الأميركي بأية تفاصيل عن الجرائم المزعوم أن هؤلاء المحتجزين قد ارتكبوها، وقال: "ألقوا القبض علينا دون أية معلومات، ولم يشاركنا الأميركيون في أي من المعلومات الخاصة بهم، ولم يعودوا لإجراء المزيد من الاستجواب بعدها"، وقال أرجوشي إن الحزب الديمقراطي الكردستاني أطلق سراح معظمهم على فترات، وما زال رهن الاحتجاز إلى الآن "قرابة 30 إلى 40 شخصاً"، وقال لـ هيومن رايتس ووتش: "نريد إعادتهم بصورة قانونية إلى المحاكم ذات الاختصاص بالنظر في قضاياهم في المناطق التي وقعت بها الجرائم"، وأبدى تفاؤله من أن المشكلة سوف تُحل "خلال شهر واحد". كما أشار إلى أنه وإن كانت لا توجد حالياً آلية تمكن من نقلهم، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد أعاد رغماً عن هذا مجموعة صغيرة من المحتجزين من الموصل إلى قوة شرطة تلك المدينة قبل أسبوعين، وقال إنه لا يعرف بما جرى لهم بعدها. وإذا لم يتسنى نقل المحتجزين الباقين بنفس الاسلوب، فسوف يطلق الحزب الوطني الكردستاني سراحهم "دون الرجوع إلى الأميركيين".114

وقال مدير آسايش جيشتي التابع للاتحاد الوطني الكردستاني، سيف الدين علي لـ هيومن رايتس ووتش: "تربطنا علاقات طيبة بالأميركيين فيما يتعلق بالإرهاب. ومن المرجح أن لدينا محتجزين يهمونهم، والعكس صحيح. ولا نجري عمليات استجواب مشتركة للمشتبه بهم معهم، لكننا نتبادل المعلومات. وأحياناً يسلموننا أشخاصاً من مناطق خارج إقليم كردستان، مثل كركوك. وأحياناً نسلمهم محتجزين أيضاً"، ولم يكن سيف الدين علي محدداً بشأن عدد المحتجزين في عمليات النقل تلك.115

وفي أواخر مايو/أيار 2006، ناقشت هيومن رايتس ووتش قضية نقل المحتجزين مع الميجور جنرال جون د. غاردنر، قائد عمليات الاحتجاز لدى القوة متعددة الجنسيات، وعرضت عليه تفاصيل عن الحالات الخاصة بالمحتجزين الاثني عشر المذكورين أعلاه. وقال الميجور جنرال غاردنر لـ هيومن رايتس ووتش إنه لا دراية لديه بحبس محتجزين على يد السلطات الكردستانية بالنيابة عن الجيش الأميركي. وطلب معلومات إضافية عن الوحدات العسكرية المزعوم تورطها في عمليات الاعتقال والنقل،116 وتعهد بمتابعة الحالات التي نقدمها. وأضاف أنه يجب ألا تحتجز السلطات الكردستانية أية محتجزين بالنيابة عن القوة متعددة الجنسيات، وأن عليها أن تحاكم هؤلاء المحتجزين رهن احتجازهم طبقاً للقانون العراقي أو أن تطلق سراحهم.117

وفي أواسط أغسطس/آب 2006 قال غاردنر لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم تظهر تحت الضوء أية أحداث جديدة تشير إلى أن عناصر الجيش الأميركي قد تورطت في اعتقال أو استجواب أو نقل الاثني عشر محتجزاً. وكذلك قال إنه في الحالات التي تم اعتقال الأشخاص فيها في عمليات مشتركة مع القوات المسلحة العراقية، فليس من المرجح أن الجيش الأميركي يحتفظ بسجلات بهذه العمليات، عدا ما يخص نقل المشتبه بهم إلى حبس عمليات الاحتجاز.118 وفي 17 أغسطس/آب قدمت هيومن رايتس ووتش للميجور جنرال غاردنر قائمة فيها 25 محتجزاً عراقياً آخرين رهن احتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني. وقدم مدير آسايش جيشتي التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني عصمت أرجوشي، القائمة قبل عدة أيام بناء على طلب المنظمة.119 وكما هو الحال في معظم الحالات السابقة، كان 25 من الواردة أسمائهم في القائمة من العرب السنة من منطقة الموصل، وقيل إنهم اعتقلوا بين أواخر 2004 وأوائل 2005 في عمليات أميركية عراقية مشتركة ثم نقلوا إلى إقليم كردستان.

وعلى هذا الأساس وعلى اساس من معلومات أخرى، قال الميجور جنرال غاردنر لـ هيومن رايتس ووتش إنه سيتابع الأمر مباشرة مع السلطات الكردستانية. وبالتالي قابل عصمت أرجوشي في أربيل في 1 سبتمبر/أيلول وقابل سيف الدين علي في السليمانية في 11 سبتمبر/أيلول 2006. وفيما يتعلق بالاجتماعين، قال غاردنر لـ هيومن رايتس ووتش إنه طلب معلومات إضافية عن الحالات المزعوم أن القوات الأميركية متورطة فيها في نقل المحتجزين إلى أي من الحزب الديمقراطي الكردستاني أو الاتحاد الوطني الكردستاني. وذكر أنه أوضح في كل من الاجتماعين أن القوة متعددة الجنسيات لا تريد احتجاز أي من المحتجزين "بناء على طلب منّا".120 ولم يمد الاتحاد الوطني الكردستاني غاردنر بأية تفاصيل عن هذه الحالات، ولكن الحزب الديمقراطي الكردستاني فعل هذا؛ إذ قال عصمت أرجوشي لـ هيومن رايتس ووتش أثناء اجتماع معه بعدها بأيام قليلة إنه قدم قوائم كاملة بالأسماء والبيانات. ولم يشر إلى عدد الاسماء المذكورة في القائمة، لكنه أضاف أنه أرسل المعلومات عينها إلى وزارة الداخلية في بغداد. وعن المذكورين في القائمة، قال أرجوشي إنه يرى وجود دليل كافي لإحالة 40 إلى 50 محتجزاً إلى المحكمة. وبالنسبة للباقين، رأى انتظار رأي وزارة الداخلية وعمليات احتجاز القوة متعددة الجنسيات. وإذا لم يصله رأي من الوزارة، كما قال، فسوف يأمر بإطلاق سراحهم.121

وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول، قال الميجور جنرال غاردنر لـ هيومن رايتس ووتش إن فريق تحقيق من عمليات المحتجزين سوف يجري مقابلات مع أكبر عدد ممكن من المحتجزين المدرجة أسمائهم في قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني، في محاولة لاستخلاص المعلومات الخاصة بالتورط الأميركي في نقلهم إلى احتجاز السلطات الكردستانية. وبعض هذه المقابلات حدث بالفعل بعد هذا بأيام قليلة.122 مع تقديم أسماء المحتجزين وبيانات أخرى من طرف الحزب الديمقراطي الكردستاني، سيقوم فريق التحقيق الأميركي أيضاً بالاتصال بعناصر الجيش العراقي في الموصل ممن قيل إنهم متورطين في تسليم المحتجزين. وكانت متابعة هذه الحالات جارية أثناء كتابة هذا التقرير. وأخيراً قال غاردنر لـ هيومن رايتس ووتش إنه سيوصل نتائج التحقيقات التي أمر بها بخصوص هذه الحالات إلى وزارة العدل في بغداد وأربيل، وسيدعو السلطات الكردستانية إلى محاكمة أو إطلاق سراح المحتجزين بما يتفق مع القانون العراقي.123

وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 أخبر الميجور جنرال غاردنر هيومن رايتس ووتش بأنه كتب إلى وزير العدل بحكومة كردستان الإقليمية، فاروق جميل، يخطره بإتمام القوة متعددة الجنسيات التحقيقات الخاصة بحالات المتحجزين طرف الحزب الديمقراطي الكردستاني إثر نقلهم من الموصل. وذكر أن القوة متعددة الجنسيات غير قادرة على المعرفة بشكل كامل إن كان المحتجزين قد احتجزوا في بداية الأمر من جانب القوات الأميركية، لكنه قرر أن مزيداً من الاحتجاز لهؤلاء الأفراد ليس في صالح الولايات المتحدة أو العراق. وطلب غاردنر من وزير العدل المساعدة في إطلاق سراح المحتجزين وتسليمهم إلى ذويهم على الفور ما لم يجد قاضي تحقيق، وفي أثناء النظر في القضايا، دليلاً يبرر مد فترة احتجاز شخص بعينه بما يتفق مع القانون. وطلب غاردنر كذلك أن يخطره وزير العدل بإطلاق سراح المحتجزين حالما يتم.




95  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المُحتجز "فاضل"، المحتجز في آسايش جيشتي في أربيل، 2 مايو/أيار 2006.

98  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المحتجز "حسّان" المحتجز في آسايش أربيل في أربيل، 29 أبريل/نيسان 2006.

100  يتطلب القانون العراقي أن تجلب السلطات المشتبه به للمثول أمام قاضي تحقيق خلال 24 ساعة  من الاعتقال، قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، المادة 123.

101  قال مدير آسايش أربيل عبد الله علي لـ هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب 2006 إنه يمكننا الاطلاع على بعض ملفات المحتجزين للتأكد  من أنهم يحالون إلى قاضي التحقيق بما يتفق مع القانون. وجاء العرض في اليوم الأخير من زيارة هيومن رايتس ووتش، وهكذا فلم تسنح الفرصة للمنظمة كي تفحص الملفات المذكورة. مقابلة مع عبد الله علي مدير سجن آسايش أربيل، 14 أغسطس/آب 2006.

102  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المحتجز "إبراهيم" المحتجز في آسايش أربيل في أربيل، 29 أبريل/نيسان 2006.

103  هناك عدة قضاة تحقيق، وهم موكلون بالعمل على قضايا آسايش فقط، يساعدون هذين القاضيين.

104  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد خالد روجبياني، آسايش جيشتي، أربيل، 14 أغسطس/آب، 2006.

105  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله علي، 14 أغسطس/آب، 2006

107  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد حسن نوري، آسايش سليمانية، السليمانية، 7 مايو/أيار 2006.

108  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فاروق جميل، السليمانية، 8 أغسطس/آب 2006.

109  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد حسن نوري، 10 أغسطس/آب 2006

110  معظم السجناء في مركز الاحتجاز هذا تحت إشراف آسايش سليمانية، وبقيتهم تحت إشراف آسايش جيشتي. قابلت هيومن رايتس ووتش 10 محتجزين خلال اليومين.

111  قال أحد المحتجزين لهيومن رايتس ووتش إن عناصر الجيش الأميركي اعتقلوه في محافظة الموصل، واحتجزوه في قاعدة أميركية بقيارة (قاعدة صدام العسكرية سابقاً) لمدة خمسة أيام، واستجوبوه. وقال إنهم بعدها حولوه إلى قوات الأمن الكردية في بلدة مخمور. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المحتجز، آسايش شاقلاوة، محافظة أربيل، 3 مايو/أيار 2006.

112  في وقت إجراء المقابلات، كان أربعة منهم رهن احتجاز الاتحاد الوطني الكردستاني، والخمسة الباقين محتجزين من جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني.

113  اعتقلت قوات الأمن الكردستانية اثنين منهم في صيف 2002 في المنطقة التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني. وقال الثالث إن عناصر ميليشيات بدر في زي الجيش العراقي اعتقلوه في أبريل/نيسان 2005 في الموصل. مقابلات هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة محتجزين، آسايش جيشتي، السليمانية، 6 مايو/أيار، وآسايش آكرا، 9 مايو/أيار 2006.

114  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عصمات أرجوشي، مدير آسايش جيشتي، أربيل، 11 مايو/أيار، 2006.

115  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيف الدين علي، مدير آسايش جيشتي، السليمانية، 5 مايو/أيار 2006.

116  لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من توفير هذه المعلومات، فلا المحتجزين ولا السلطات الكردية تمكنت من تحديد وحدات الجيش الأميركي المتورطة.

117  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الميجور جنرال جون د. غاردنر، قائد عمليات الاحتجاز في القوة متعددة الجنسيات (القوة 134)، بغداد، 20 مايو/أيار 2006.

118  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الميجور جنرال جون د. غاردنر، بغداد، 16 أغسطس/آب 2006

119  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عصمت أرجوشي، أربيل، 13 أغسطس/آب 2006. وفي تلك المقابلة قال عصمت أرجوشي لـ هيومن رايتس ووتش إن هؤلاء المحتجزين نقلوا – حسب الزعم – إلى احتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني من طرف الجيش الأميركي والعراقي، وبقي 100 منهم في الاحتجاز. وقبلها، في شهر مايو/أيار، أشار إلى أن حوالي 30 إلى 40 شخصاً منهم ما زالوا رهن الاحتجاز. وطلبت هيومن رايتس ووتش أسماء وبيانات كل المحتجزين في هذه المجموعة، لكنها لم تتلق غير أسماء 25 منهم.

120  مقابلات هيومن رايتس ووتش مع الميجور جنرال جون د. غاردنر، بغداد، 30 سبتمبر/أيلول و14 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

121  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عصمت أرجوشي، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

122  المرجع السابق. أكد أرجوشي أن عناصر مركز عمليات الاحتجاز التابع للقوة متعددة الجنسيات بدأوا إجراء المقابلات مع محتجزي الحزب الديمقراطي الكردستاني في 16 أكتوبر/تشرين الأول.

123  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الميجور جنرال جون د. غاردنر، بغداد، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2006.