Libya



Libya Libya
  

<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >>

V. الانتهاكات أثناء القبض على الأشخاص

قامت السلطات الليبية في أوقات مختلفة خلال العقد الماضي، كان أقربها عهداً عام 2004، بحملات اعتقال منهجية وواسعة النطاق للمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين بلا وثائق رسمية.75 ووصف كثيرون ممن التقت بهم هيومن رايتس ووتش الانتهاك البدني وغيره من صور إساءة المعاملة، واتفقت شهاداتهم مع الروايات الأخرى المنشورة في هذا الصدد.

فقد درج مسئولو الأمن الليبيون على القبض على المهاجرين واللاجئين في حالتين، الأولى وهم على الحدود أو على مقربة منها – باتجاه الدخول إلى ليبيا أو الخروج منها – والثانية في أثناء حملات تمشيط المدن. ففي كلتا الحالتين، أفاد عدد من المهاجرين واللاجئين بوقوع انتهاكات من جانب الشرطة الليبية وحراس السجن الليبيين، كما شكوا من التكدس في منشآت الاحتجاز، ومن سوء الصرف الصحي والتغذية فيها، ومن عدم معرفة السبب وراء احتجازهم وعدم تمكنهم من الاتصال بمحام وعدم تيسر أي فرصة للمراجعة القانونية لأوضاعهم. وفي إحدى الحالات، قال شاهد إنه سمع أربع نساء يصرخن ويبكين بعد أن اقتادهم حراس الأمن إلى غرف منفصلة، مما يوحي بأنهن تعرضن للإيذاء الجنسي. وفي العديد من الحالات، أفاد أجانب في ليبيا أن الشرطة أخلت سبيلهم أو سمحت لهم بالفرار بعد دفع رشوة.

وتسير عمليات القبض على الأشخاص إلى حد كبير باتجاه إرجاعهم إلى بلادهم الأصلية، حيث تحتجز السلطات مجموعات كبيرة من الأجانب في منشآت مختلفة لفترات متفاوتة تمهيدا لإعادتهم لبلادهم. وعلى الرغم مما قدمته هيومن رايتس ووتش من طلبات، فلم تقدم الحكومة الليبية أي معلومات حول الإجراءات أو المعايير المتبعة في القبض على الأجانب الذين لا يحملون أي وثائق رسمية. كما خلص وفد المفوضية الأوروبية الذي زار ليبيا لبحث الهجرة غير الشرعية في تقريره إلى أن "كثيرين من المهاجرين غير الشرعيين الذين التقى الوفد بهم في المراكز [مراكز الاحتجاز] قد قبض عليهم بصورة عشوائية فيما يبدو".

وقال أكثر من نصف المهاجرين واللاجئين الستة والخمسين الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش في سياق إعداد هذا التقرير إن السلطات الليبية احتجزتهم في مرحلة ما من مراحل إقامتهم. وأشارت الجامعة الأمريكية بالقاهرة إلى نسبة مماثلة بعد أن أجرت مقابلات مع خمسة وستين من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في يناير/كانون الثاني 2006 في إطار دراسة عن الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا. وتبين أن "أقل قليلاً من نصف" هؤلاء قد احتجزتهم السلطات الليبية، و"أعرب كل المجيبين تقريبا عن خوفهم الدائم من الاحتجاز".76

وكما وثقنا في الفصل السابق "الحرمان من الحق في طلب اللجوء"، فإن ليبيا ليس بها قانون أو إجراءات خاصة باللجوء؛ وهكذا لا يجد الأفراد المحتجزون الفرصة لتقديم طلب اللجوء. بل على العكس من ذلك، تلجأ الحكومة الليبية إلى الإرجاع القسري لكثير من المحتجزين لتواجدهم دون تصريح، بصرف النظر عما إذا كانوا قد يواجهون الاضطهاد أو التعذيب عند عودتهم.

وتقول الحكومة الليبية إن القبض على الأجانب الموجودين في ليبيا بصفة غير شرعية ضروري للحفاظ على النظام العام، وإن قوات الأمن تقوم بذلك وفقا لقانون الهجرة.77 وفي إبريل/نيسان 2006، أرسلت الحكومة مذكرة إلى هيومن رايتس ووتش قالت فيها إن بعض ضباط الشرطة "يغالون في استخدام القوة"، إلا أن "التجاوزات في هذه الحالات لا تعدو أن تكون تصرفات فردية منعزلة، لا علاقة لها بأي منهج". وفي هذه الحالات "تم اتخاذ الإجراء القانوني الواجب"، على الرغم من أن الحكومة لم تعط أي إحصاءات عن عدد رجال الشرطة الذين اتهموا أو أدينوا لاستخدامهم القوة المفرطة أو لخرقهم القانون بأي صورة أخرى.78

وترفض الحكومة تماما الادعاءات القائلة بأن الشرطة وغيرها من قوات الأمن قد اعتدت على المحتجزين جنسيا أو استخدمت القوة المفرطة بشكل أفضى إلى وفاة أحد الأجانب، حيث قالت المذكرة "إن مستوى الضرر البدني لا يمكن أن يصل أبدا إلى حد الموت أو الحالات الحرجة أو الأذى البدني الشديد أو الاغتصاب أو انتهاك السلامة البدنية".

القبض على الأشخاص عند الدخول والمغادرة

كثيرا ما تلقي سلطات الأمن القبض على المهاجرين أو طالبي اللجوء أو اللاجئين على الحدود الليبية أو بالقرب منها بينما هم يحاولون دخول البلاد أو مغادرتها. وفي إحدى الحالات، قبضت شرطة الحدود الليبية على زوجين إريتريين، تسفاي وألمظ، على مشارف الكفرة في إبريل/نيسان 2003. وقال الزوجان اللذان فرا من إريتريا في عام 1997، بعد أن أجبرا على الخدمة في الجيش، إنهما قضيا بعد ذلك ستة أعوام في السودان، وفي عام 2003، استأجرا مهربا لاصطحابهما هما وطفلتهما إلى ليبيا. وقال الزوجان في مقابلة مشتركة معهما إن شرطة الحدود ألقت القبض عليهما مع 25 آخرين في السيارة التي كانت تقلهم، وأرسلتهما إلى مركز احتجاز غير معروف حيث بقيا ثمانية أيام. وقال تسفاي "كانوا يجعلوننا ننظف الفناء فور استيقاظنا من النوم، وكانوا يضربوننا بالسياط لو توقفنا. وكانوا يركلوننا ويضربوننا بلا أي سبب، وعندما طلبنا شيئا نأكله أشار رجال شرطة الحدود إلى شاحنة محملة بطعام فاسد تعيش فيه القطط وقالوا لنا أن نأكل منه".79

وقال الزوجان إن السلطات احتجزت 28 شخصا في غرفة واحدة بلا نافذة، وكانت ألمظ مع طفلتها هي المرأة الوحيدة في المجموعة، وكانا ينامان على الأرض بدون فراش. وقال تسفاي وألمظ إن الشرطة كانت ترغم المجموعة على العمل يوميا، إما في تنظيف الفناء وإما في حفر الخنادق. وقد أصيبت ابنتهما بالجفاف، لكن الحراس منعوا عنها الرعاية الطبية. وحيث أن تسفاي يتكلم العربية، فقد فهم أن الشرطة تنتظر القبض على المزيد من الناس، حتى يتم ترحيلهم جماعيا إلى السودان.

وكان الآخرون في المجموعة يخشون العودة فاستطاعوا الفرار من مركز الاحتجاز ليلاً؛ أما تسفاي وألمظ فقررا عدم الذهاب بسبب طفلتهما. وعندما استيقظ الحراس في الصباح التالي ووجدوا أن المحتجزين الآخرين قد لاذوا بالفرار، قام أحدهم بضرب تسفاي ليعرف منها إلى أين فر الرجال. لكنه في وقت لاحق، وخلافا لما هو متوقع، أركب الأسرة سيارة وأطلق سراحهم في متنزه بالكفرة.

وقال إريتري آخر، كان قد دخل ليبيا من السودان بدون تصريح، لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن ألقت القبض عليه وضربته في الكفرة، وإنه يعتقد أنهم اعتدوا جنسيا على أربعة من النساء في مجموعته. وقال بركات، البالغ من العمر 23 عاما، إنه فر من إريتريا إلى السودان في يونيو/حزيران 2002 هربا من الخدمة العسكرية. وفي أغسطس/آب، ذهب إلى ليبيا "لأنني رأيت الكثيرين يذهبون إلى ليبيا".80

وقال بركات إن أفراد القوات الليبية قبضوا عليه في الكفرة وهو في طريقه للدخول إلى ليبيا بصورة غير شرعية، وكانوا يرتدون زيا رسميا كاكي اللون ويحملون السلاح، كما اعتقلوا أربع نساء وعشرة رجال آخرين معه. وقد صادرت قوات الأمن ما معهم من مال وضربت الرجال. وبعد انتهاء الضرب، يبدو أن أربعة من رجال الأمن حاولوا الاعتداء على أربعة من النساء في المبنى الذي احتجزوهن به؛ حيث قال بركات لهيومن رايتس ووتش "أخذ كل رجل واحدة من الفتيات إلى غرفة مختلفة، ثم سمعنا بكاء وصياحا فثُرنا، وكان ذلك ليلا، فضربونا لأننا حاولنا التمرد".

وبعد ذلك بفترة وجيزة نجح بركات في الهرب من مركز الاحتجاز والوصول إلى طرابلس حيث قضى شهرين. وقال "كنت أتساءل هل توجد أي منظمة أو سفارة في ليبيا يمكن أن تساعد اللاجئين، ولم أسمع مطلقا بوجود مفوضية شؤون اللاجئين هناك؛ لذلك تصورت أن فرصتي الوحيدة تكمن في الفرار إلى إيطاليا لأنجو بحياتي".

ووصل بركات إلى إيطاليا في أكتوبر/تشرين الأول 2002، حيث قدم طلبا للجوء، لكن الطلب رفض فأمر بمغادرة البلاد. وفي مايو/أيار 2005، كان لا يزال يعمل بدون تصريح ويحاول الاختباء من الشرطة.

أما أحمد البالغ من العمر 27 عاما، وهو من دارفور، فقال إن الشرطة الليبية ضربته عقب وصوله إلى ليبيا. وقال إنه فر من قريته في دارفور بسبب هجمات الميليشيات في عام 1993، وشق طريقه إلى ليبيا بصورة غير قانونية في ذلك العام في شاحنة للبضائع المهربة. وقال أحمد إن السائق كان رجلا طيبا فعندما وصلت الشاحنة إلى الكفرة أعطاه السائق نقودا ليسافر إلى بني غازي. وأضاف أحمد أنه بعد وصوله بفترة وجيزة عثرت عليه الشرطة نائما في متنزه عام، وأخبر هيومن رايتس ووتش أنهم ضربوه وأن أحد رجال الشرطة جلده بحزام ذي إبزيم معدني كبير فأحدث جرحا غائرا في رأسه.81

واقتادت الشرطة أحمد إلى أحد مراكز الشرطة، حيث أخذه رجل وصفه بأنه ضابط كبير طيب القلب، إلى الحي الذي يعيش فيه السودانيون في المدينة، وقال أيضا إنه أخذه إلى مستشفى لمعالجة الجرح الذي في رأسه، حيث سأله طبيب بلغاري عمن ضربه، فلما أخبره أنه أحد رجال الشرطة حرر الطبيب مذكرة له بذلك ونصحه بأن يبلغ عن الواقعة إلى الشرطة. وعندما ذهب أحمد إلى مركز الشرطة بمذكرة الطبيب، مزقها رجال الشرطة وردوا عليه بغضب – حسب زعمه – ويذكر أحمد أن أحدهم قال له "اخرج من هنا واغرب عنا... إن فعلت ذلك لقتلناك".

أما أنابيسا، وهي إثيوبية أرثوذكسية عمرها 23 عاما ومعترف بها الآن كلاجئة في إيطاليا، فقد أخبرت هيومن رايتس ووتش أن الشرطة الليبية ضربت مجموعة من الأجانب كانت قد قبضت عليهم بعد محاولة فاشلة للذهاب إلى إيطاليا. وطبقا لما أفادت به المرأة، فقد استقلت هي وسبعة وأربعون آخرون سفينة لأحد المهربين من الساحل الليبي في سبتمبر/أيلول 2003، لكن السفينة غرقت في الطريق. وقالت إن أربعة أشخاص غرقوا بينما أنقذت سفينة فرنسية الثلاثة والأربعين الباقين (إريتريين وإثيوبيين وصوماليين ومغاربة وآخرين من المغرب العربي). وسلم الفرنسيون الناجين إلى الليبيين الذين اقتادوهم إلى السجن في شاحنة بلا نوافذ. وقالت أنابيسا إن مسئولي الأمن الليبيين كانوا يضربون المهاجرين واللاجئين ويركلونهم طوال الطريق، حتى النساء.82 ويروي الفصل السادس "الانتهاكات في الحجز" تجربتها أثناء احتجازها.

الاعتقالات في إطار حملات التمشيط بالمدن

شرعت الحكومة الليبية عام 2001 في مزيد من الجهود المتضافرة للقبض على المهاجرين واللاجئين في المناطق الحضرية بعد تفجر أعمال العنف ضد الأجانب في الزاوية ومناطق أخرى من البلاد في سبتمبر/أيلول 2000 (انظر الفصل الثامن "انتهاكات أخرى ضد المهاجرين واللاجئين"). ووردت أنباء عن قيام الحكومة بطرد الآلاف من الأجانب الذين لا يحملون وثائق سليمة إلى حدود النيجر وتشاد، حتى ولو كانوا من غير مواطني هذين البلدين.83 وفي أغسطس/آب 2003، كثفت الشرطة من جهودها بإجراء حملات تمشيط موسعة، تضمنت مداهمات لأربع مناطق يتركز فيها المهاجرون في طرابلس.84 وقال شهود عيان إن قوات الأمن الليبية استخدمت القوة المفرطة في بعض هذه الحملات.

وروى إثيوبي في الثلاثين من عمره، يدعى جبري، وقد قدم طلبا للجوء في إيطاليا - روى كيف ألقت الشرطة القبض عليه خلال حملة تمشيط في طرابلس في سبتمبر/أيلول 2003. وقال إن أفراد الشرطة المسلحين، وإن كانوا في زي مدني، جاءوا إلى منزله بضاحية جورجي، حيث فحصوا أوراقه ولما وجدوا أن بطاقة هويته مزورة ألقوا القبض عليه. كما ألقت الشرطة القبض على أكثر من 100 إثيوبي وإريتري آخر في تلك الليلة، ومن بينهم نساء وأطفال. وادعى جبرى أن الشرطة استخدمت العصي وأنبوبا من البلاستيك طوله ثلاثة أقدام تقريبا لضرب الرجال عند القبض عليهم، لكنهم لم يضربوا النساء ولا الأطفال. كما قال جبري إن الشرطة أخذت مدخراته دون إعطائه إيصالا. واقتادت الشرطة الأجانب المقبوض عليهم إلى سجن كبير في مكان ما خارج طرابلس. وفي السجن أخبرهم الحراس أنهم قبض عليهم لأنهم مسيحيون و"جواسيس لإسرائيل".

وقد أخبر بعض المهاجرين واللاجئين هيومن رايتس ووتش أن الشرطة أخلت سبيلهم أو سمحت لهم بالهرب بعد دفع رشوة. فعلى سبيل المثال، قال رجل إريتري إنه خلال خمسة أشهر قضاها في طرابلس، ألقت الشرطة القبض عليه ست أو سبع مرات، لكنها كانت تطلق سراحه دائما بعد أن ينقدهم مبلغا من المال، وقال "كان وضعا صعبا؛ لأن الشرطة كثيرا ما كانت تقبض علينا، وتأخذنا إلى قسم الشرطة فيضربوننا ثم يخلون سبيلنا بعد أن ندفع مبلغا معينا من المال. وأحيانا كان البعض يقبض عليهم مرة أخرى بينما هم يغادرون قسم الشرطة".85

وقال أحمد من دارفور، الذي أشرنا إليه من قبل، إن الشرطة ألقت القبض عليه عام 2002 في شارع الرشيد في طرابلس أثناء حملة تمشيط للقبض على المهاجرين بدون وثائق رسمية، وكان هو واحدا منهم. وأوضح أن الشرطة كانت تشن حملات تمشيط اعتيادية في يومي الثلاثاء والخميس من كل أسبوع في سوق طجورة، وأضاف قائلا لهيومن رايتس ووتش "في البداية كانوا يضربون كل الأجانب السود، حتى بدون أن يسألوهم من أين أتوا- أي يبدءون في الضرب هكذا مباشرة- ولكن أفراد الشرطة أخطأوا يوماً ما فضربوا ليبياً أسود، فأصبحوا أكثر حرصا بعد ذلك بأن يسألوك من أين أنت قبل أن يضربوك". وقال أحمد إن الشرطة وضعته في غرفة في قسم الشرطة مع مائة آخرين، حيث بقي خمسة أيام قبل أن ينقل إلى السجن، الذي يزعم أنه ظل فيه شهرين آخرين دون توجيه اتهام إليه.86

وفي منتصف 2004 تم على ما يبدو تكثيف حملات القبض الجماعي على الأجانب بلا وثائق. فطبقا لما أفادت به مفوضية شؤون اللاجئين ولشهادة عدد من المهاجرين واللاجئين في ليبيا في ذلك الوقت، فإن الشرطة أجرت حملات تمشيط في شوارع طرابلس إلى جانب عمليات التفتيش من منزل لمنزل. وقال ليبيري اسمه ديفيد ب. الذي شهد بعض أعمال القبض على الأشخاص إن السلطات كانت تأخذ المقبوض عليهم إلى مكان اسمه "جنزور" (قد يكون مركزاً للشرطة في حي جنزور في طرابلس) "حيث يُحشرون في مبنى صغير مفتوح... دون خدمات رعاية صحية مناسبة أو طعام كاف".87 وزعم ديفيد أن بعض المحتجزين توفوا نتيجة الاختناق والصدمة والجوع.

وطبقا لما أفادت به مفوضية شؤون اللاجئين، فقد ألقت الشرطة الليبية القبض على 31 لاجئا وطالب لجوء، ممن يحملون خطابات الإثبات من المفوضية في أثناء حملات التمشيط التي بدأت تقريبا في سبتمبر/أيلول 2004 .88 واحتجزت السلطات كل أولئك الموجودين في مركز الفلاح للاحتجاز في طرابلس، عدا لاجئ صومالي احتجزته في إدارة الهجرة. وفي نهاية الأمر أخلت السلطات سبيل هؤلاء بعد أن كسبت المفوضية دعم عدد من سفراء دول الاتحاد الأفريقي.89

وقال أحد كبار المسئولين الليبيين إن الحكومة الليبية كفت عن القيام بحملات تمشيط واسعة للمهاجرين بلا وثائق في المدن؛ حيث قال علي امدورد، المدير العام لشؤون القنصلية باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي "في الوقت الحاضر توقفنا عن اعتقال الأشخاص". وألمح إلى أن السياسة الحالية تتمثل في اعتقال من يغادرون ليبيا إلى أوروبا فقط، لا في قيام الشرطة بحملات تمشيط في طرابلس وغيرها من المدن.90

إلا أن امدورد قال إن الشرطة تواصل إلقاء القبض على الأجانب الذين يتسولون في الشوارع، ومعظمهم من المغاربة والمصريين والتونسيين، الذين زعم أنهم يستخدمون في شبكات للجريمة المنظمة يديرها أبناء جلدتهم، قائلا "يجب أن يكون للأجانب عمل، فإذا وجدنا أحدا يفعل ذلك أمسكنا به".

وينكر امدورد وغيره من المسئولين الليبيين أن الشرطة تحتجز الأجانب بصورة تعسفية، ويؤكدون أن الحكومة تتخذ إجراءات للقضاء على الانتهاكات من جانب ضباط الشرطة في أثناء القبض على الأشخاص. وقال إن تحقيقا أجري عام 2004 اتخذت بعده إجراءات تأديبية مع رجال الشرطة المتورطين في ثلاث قضايا فساد، لكنه لم يدلِ بأي تفاصيل عن هذه القضايا.

وفي الثامن من أغسطس/آب 2004، أصدرت لجنة تابعة للجنة الشعبية العامة للأمن العام توجيهات لحماية أرواح وممتلكات الأجانب المقبوض عليهم، على الرغم من أنه ليس من الواضح حتى الآن إلى أي مدى يجري تنفيذ هذه التوجيهات. وتنص التوجيهات التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش على ما يلي:

"الضبط والترحيل بهدوء، دون عنف أو ضرب أو أي تصرف آخر غير حضاري".

"تسجيل الأموال الموجودة في حيازة هؤلاء الأشخاص في سجلات رسمية ومضابط رسمية".

"معاملة هؤلاء الأشخاص بالطريقة اللائقة مع تفادي إيذائهم، واحترام آدميتهم".

"[على المسئولين] السماح لهم بحمل متعلقاتهم وأموالهم وتوفير وسائل الانتقال الضرورية لهم بالتنسيق مع الإدارات المعنية".91

ويدعو القرار رقم 67 (2004) لأمين الأمن العام الملحق بهذه التوجيهات إلى تشكيل لجنة لمتابعة أعمال القبض على المهاجرين غير الشرعيين واحتجازهم وترحيلهم. وتنص المادة الخامسة من هذا القرار على ضرورة أن تراعي اللجنة "الضوابط الخاصة المتعلقة بحقوق الإنسان التي تضمن الأمن الشخصي وأمن الممتلكات الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين".92

وقد استعلمت هيومن رايتس ووتش من الحكومة الليبية حول ما إذا كانت قد شكلت هذه اللجنة بالفعل لمتابعة القبض على الأجانب بلا وثائق واحتجازهم وترحيلهم، وعمن تضمهم اللجنة من المسئولين لو كان التشكيل قد تم. ولكن حتى الأول من أغسطس/آب 2006 لم تكن الحكومة قد ردت بعد.93




75 عبارة "المهاجرون واللاجئون" هنا وفي بقية هذا التقرير تشمل طالبي اللجوء وغيرهم ممن يحتاجون إلى الحماية الدولية.

76 حمود، ص 30.

77 القانون الليبي الأساسي الذي ينظم دخول الأجانب وإقامتهم ومغادرتهم هو القانون رقم 6 (1987)، المعدل بالقانون رقم 2 (2004). انظر الفصل التاسع "المعايير القانونية".

78 مذكرة من الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

79 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تسفاي هـ. وألمظ ن.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

80 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بركات ت.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

81 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أ.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

82 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أنابيس س.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

83 وزارة الخارجية الأمريكية، التقرير القطري حول ممارسات حقوق الإنسان: ليبيا 2001، الصادر في الرابع من مارس/آذار 2002، على الموقع التالي على الإنترنت، بتاريخ 13 مارس/آذار 2006:

http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2001/nea/8273.htm

84 المناطق الأربع هي مخيم طريق المطار (ومعظم نزلائه من النيجيريين ومواطني دول غرب إفريقيا)، ومخيم القرم (للتشاديين والسودانيين)، ومخيم القرم الثاني (لمواطني غرب إفريقيا)، ومخيم منطقة الزهراء المعروف بغوط أبو ساج. وقد أزالت السلطات الليبية تلك المخيمات كلها إلا الأخير منها، الذي كان الوحيد الذي ظل قائما في عام 2005. وكانت كل هذه المخيمات مقامة على أراض مملوكة للحكومة، عدا مخيم طريق المطار الذي تدخل الملكية الخاصة في جزء منه. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شخص طلب عدم الإفصاح عن اسمه، طرابلس، إبريل/نيسان 2005.

85 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تسفاي هـ. وألمظ ن.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

86 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أ.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

87 رسالة بريد إلكتروني من ديفيد ب. إلى هيومن رايتس ووتش، أغسطس/آب 2004.

88 تضمن المحتجزون 12 لاجئا ليبيريا، وأسرتين صوماليتين لاجئتين، إحداهما تضم أربعة أطفال والأخرى ستة (ولم يحتجز أبو الأطفال الستة، بينما احتجزت الأم وأطفالها في إجراء لا تفسير له)، ولاجئا صوماليا (احتجز وحده)، وثلاثة من طالبي اللجوء الإثيوبيين، وثلاثة من طالبي اللجوء الإريتريين منهم واحد احتجز مع طفليه (توأمين عمرهما ثمانية أشهر)، وطالب لجوء من الكونغو.

89 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئولي مفوضية شؤون اللاجئين، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

90 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

91 الوثيقة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش.

92 من ترجمة غير رسمية قامت بها هيومن رايتس ووتش للقرار رقم 67/2004 للجنة الشعبية العامة للأمن.

93 طلبت هيومن رايتس ووتش من الحكومة الليبية أيضا أن تعلمها بعدد رجال الشرطة وحرس الحدود الذين أجرت التحقيق معهم وعاقبتهم على مخالفة التوجيهات.


<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >> September 2006