Jordan



Jordan Jordan
  

III. خلفية

توجد في الأردن الآن أكبر نسبة لاجئين في العالم بالمقارنة مع عدد السكان.11 ويمثل اللاجئون الفلسطينيون المسجلون لدى الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) قرابة 30% من سكان الأردن البالغ عددهم 5.8 مليوناً.12 وإضافةً إلى هذه الكتلة من اللاجئين المقيمين لفترةٍ طويلة ممن نزحوا أو طردوا من إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة والذين جاؤوا الأردن من الغرب، هناك تدفق أكبر من "لاجئي الأمر الواقع" في السنوات الأخيرة (ويبلغ عددهم الآن 500000، لكنه قد يصل المليون) الذين وفدوا من العراق.13

إن بين العراق والأردن روابط تاريخية. فقد كان ملك العراق (قبل التحول إلى الجمهورية عام 1958) شقيقاً لملك الأردن، وهما ينحدران من الأسرة الهاشمية التي أتت من السعودية.14 كما كان العراق الشريك التجاري الأول للأردن،15 ووفر لفترةٍ طويلة (بوصفه بلداً مستقراً نسبياً) حريةً نسبية للعراقيين الفارين من القمع والاضطرابات السياسية في العراق.16

بدأت أعداد من ينزحون من العراق إلى الأردن بالازدياد من بضعة آلاف إلى بضع مئات من الآلاف في التسعينات، وذلك أثناء قمع صدام الشديد للعراقيين الشيعة والأكراد (مع قلة عدد الأكراد العراقيين الذين توجهوا إلى الأردن)، إضافةً إلى كل من يعارض حكمه. أما السبب الآخر لنزوح العراقيين فكان التدهور الاقتصادي المتسارع والوضع الإنساني المتردي في العراق، وهو ما نتج جزئياً عن نظام العقوبات الشاملة التي فرضها مجلس الأمن. وفي بداية حرب أبريل/نيسان 2003، كان من المتوقع أن يستضيف الأردن ما يتراوح بين 250 و300 ألفاً من اللاجئين العراقيين.17 وقد أدت حرب 2003 وعواقبها التي ما تزال متواصلة حتى الآن إلى دفع موجاتٍ جديدة من العراقيين إلى الأردن بحيث تضاعف عددهم بالحد الأدنى بحلول عام 2006 ويعتقد أن عدد سكان عمان ازداد بمقدار الثلث منذ بدء الحرب.18

وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2005، أبدت كلٌّ من الحكومة والضابطة العدلية الأردنية تساهلاً كبيراً في إنفاذ قوانين الهجرة. ولم تكن تعمد إلى ترحيل العراقيين إلا إذا خرقوا قوانين أخرى. لكن التوتر بدأ يشوب تسامح الأردنيين وحسن وفادتهم للعراقيين عندما تسبب ثلاثة عراقيين في مقتل 60 شخصاً بتفجيرهم قنابل زرعوها في ثلاثة فنادق كبيرة بعمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

ورغم أن العراقيين الذين قابلناهم في الأردن نادراً ما تحدثوا عن تعرضهم شخصياً إلى إساءاتٍ أو مضايقات في أعقاب تلك التفجيرات، فإن استياءهم يشهد تزايداً بينما تشدد الحكومة رقابتها على الشباب العراقيين الذين يقيمون أو يعملون على نحوٍ غير شرعي.19 والظاهر أن المواقف تزداد تصلباً على الجانب الأردني أيضاً، كما يبدو أن العراقيين يتعرضون لخطرٍ متزايد من اعتبارهم سبباً في جملةٍ واسعة من المشكلات الاجتماعية. ويقول أحد المراقبين:

عندما سألت الأردنيين عن العراقيين الذين يعيشون بينهم عبروا عن مشاعر من قبيل: ’إن العراقيين يزيدون من صعوبة أوضاعنا لأن الأسعار في تزايدٍ مستمر...‘؛ ’إن الشاب الذي يريد الزواج لا يستطيع العثور على شقة لأن الأسعار مرتفعة جداً...‘؛ ’يأخذ العراقيون فرص العمل كلها...‘؛ ’أصحاب العمل يفضلونهم لأنهم يقبلون بأجورٍ أقل....‘؛ ’كان الأردن يعيش في أمانٍ واطمئنان، لكن الجريمة تتزايد اليوم. وتوجد في الأردن الآن دعارة وسرقة وسطو‘.20

قفز عدد من سجلتهم المفوضية العليا للاجئين من طالبي اللجوء المحتجزين من 16 حالة كمتوسط شهري إلى 40 حالة في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، وهو الشهر الذي شهد تفجيرات الفنادق.21 وبعد هذه التفجيرات، يبدو أن الأردن راح (وعلى نحوٍ متزايد) يرحّل من تجاوزوا مدة التأشيرات الممنوحة لهم؛ وهو الآن يرفض السماح بدخول أعداد متزايدة من العراقيين، وذلك وفق أقوالٍ غير رسمية.22 وقد قال لنا سائقو سيارات الأجرة بين بغداد وعمان، وكذلك العراقيون الذين اجتازوا هذه الرحلة إلى عمان، أن رجال الحدود الأردنيين يرفضون الآن السماح بدخول معظم العراقيين الذين ينشدون دخول الأردن براً عند نقطة الكرامة، وهي المعبر الحدودي البري الوحيد بين العراق والأردن.23




11 يقدم "مسح اللاجئين في العالم" الذي تعده اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين خريطةً لنسبة اللاجئين إلى سكان عدد من البلدان المضيفة المختارة. ومنذ عام 1993 حتى 2003، جاء الأردن في رأس القائمة بوصفه البلد الذي يضم أعلى نسبة من اللاجئين قياساً لعدد السكان. لكن الأردن فقد هذا التميز في عامي 2004 و2005 عندما غيّر محررو هذا المسح من أسلوب حسابهم لعدد اللاجئين (كفوا عن قبول أرقام اللاجئين التي تقدمها الأونروا). وفي عام 2006 عاد الأردن إلى قمة القائمة عندما أحصى "مسح اللاجئين في العالم" 450000 لاجئاً عراقياً و158200 لاجئاً فلسطينياً و1300 لاجئاً آخر. اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين، "جدول 13: نسب اللاجئين إلى عدد سكان البلدان المضيفة"، "مسح اللاجئين في العالم 2006"، ص 14. (لاحظ أن في الأراضي الفلسطينية المحتلة نسبة أعلى من اللاجئين، لكنها ليست دولةً). والجدول متوفر على الرابط: http://www.refugees.org/data/wrs/06/docs/ratios_of_refugees_to_host_country_populations.pdf (تمت زيارة الرابط في 22 يونيو/حزيران 2006).

12 يقول مكتب المعلومات السكانية أن عدد سكان الأردن في أواسط 2005 كان 5795000 نسمة. http://www.prb.org/TemplateTop.cfm?Section=PRB_Country_Profiles&template=/customsource/countryprofile/countryprofiledisplay.cfm&Country=272 (تمت زيارة الرابط في 22 يونيو/حزيران 2006). وفي 31 مارس/آذار 2005 كان عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في الأردن 1780701 شخصاً. إحصائيات الأونروا متوفرة على الرابط: http://www.un.org/unrwa/publications/pdf/rr_countryandarea.pdf (تمت زيارة الرابط في 22 يونيو/حزيران 2006).

13 قال مسئولون في وزارة الداخلية لهيومن رايتس ووتش أن العدد كان يقارب 500000، لكنه يمكن أن يزداد أو ينقص بمقدار 100000. ويقدر مسئولو المفوضية العليا للاجئين العدد بأنه 750000. وتقول مقالةٌ ظهرت مؤخراً في نيويورك تايمز أن "المسئولين العراقيين والمنظمات الدولية يقدرون عدد العراقيين في الأردن بمليون شخص تقريباً". سابرينا تافرنيس، "بدء هجرة الطبقة المتوسطة مع انتشار الموت في العراق"، نيويورك تايمز، 19 مايو/أيار 2006.

14 في عام 1916، ثار الشريف حسين (حاكم مكة ورأس الأسرة الهاشمية) ضد الحكم العثماني وتحالف مع البريطانيين ضد الإمبراطورية العثمانية. وتلت ثورة الشريف حسين مراسلاتٌ مكثفة مع المسئولين البريطانيين الذين غذوا من خلالها مطامح العرب في الاستقلال. وفي أعقاب هزيمة العثمانيين نصب البريطانيون عبد الله ابن الشريف حسين أميراً على ما كان يدعى باسم إمارة شرق الأردن (1923 - 1946). ثم صار عبد الله ملكاً على الأردن اعتباراً من عام 1946 حتى اغتياله عام 1951. ونصب البريطانيون أيضاً شقيقه فيصل ملكاً على العراق (1921 – 1933). أما الشريف حسين فظل حاكماً في الحجاز (1916 - 1924)؛ ثم خلفه لفترةٍ وجيزة ابنه علي (1924 – 1925) حتى جرى ضم الحجاز إلى المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبد العزيز (1926 – 1953). انظر ألبرت حوراني، "تاريخ الشعوب العربية"، (كيمبردج، ماساشوستس: منشورات جامعة هارفارد، 2002)، ص 315 – 322، 507.

15 "العراق والولايات المتحدة في رأس قائمة شركاء الأردن التجاريين"، جوردان تايمز، 22 يناير/كانون الثاني 2003، متوفر على الرابط: http://www.jordanembassyus.org/01222003003.htm (تمت زيارة الرابط في 31 يوليو/تموز 2006).

16 المفوضية العليا للاجئين، خطة العمليات في الأردن، سنة 2006، روجعت في سبتمبر/أيلول 2005، الجزء 1 [ضمن أرشيف هيومن رايتس ووتش].

17 هيومن رايتس ووتش، "اللاجئون العراقيون وطالبو اللجوء والأشخاص المشردون: الظروف والمخاوف الحالية عشية الحرب"، فبراير/شباط 2003، ص 15، ملاحظة 91. متوفر على الرابط: http://www.hrw.org/backgrounder/mena/iraq021203/index.htm (تمت زيارة الرابط في 6 يوليو/تموز 2006).

18 جاي سولومون، "تفجيرات الأردن تلفت النظر إلى آثار الحرب ـ أدى تدفق العراقيين وثروتهم إلى النمو والتوتر معاً"، وول ستريت جورنال آسيا، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

19 لا تشير هيومن رايتس ووتش عادةً إلى معظم العراقيين في الأردن بكلمة "غير مسجلين" لأنهم قدموا بجوازات سفر سارية المفعول وجرى التحقق منهم وإعطاؤهم تأشيرات دخول إلى الأردن. لكننا نستخدم تعبير "يقيمون أو يعملون على نحوٍ غير شرعي" للإشارة إلى من تجاوزوا مدة الإقامة وفق تأشيرة الدخول (وكثيرٌ منهم مازال يحمل جوازات سفر سارية المفعول)، و/أو من لا يملكون ترخيصاً بالعمل.

20 إنغريد ماكدونالد، "الحرب عند الجيران"، أمريكان سكولار، المجلد 75، العدد 2، 1 أبريل/نيسان 2006.

21 رسالة بالبريد الإلكتروني من مكتب مفوضية اللاجئين بعمان إلى هيومن رايتس ووتش، 24 مايو/أيار 2006.

22 انظر أدناه الفقرات التي تتحدث عن رفض السماح للعراقيين بالدخول، واعتقالهم، وترحيلهم.

23 المصدر السابق.