Tunisa



Tunisia Tunisia
  

<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة التالية  >>

III. معلومات جديدة من سجناء أفرج عنهم مؤخراً

في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2004، أعيد انتخاب الرئيس بن علي لولاية رابعة مدتها خمس سنوات، بعد فوزه بنسبة 94.5 في المائة من الأصوات، وفقاً للنتائج الرسمية للانتخابات. وبعد ذلك بأسبوع، أصدر الرئيس عفواً مشروطاً عن عدد يتراوح بين 70 و80 من السجناء السياسيين، معظمهم ممن أوشكت عقوباتهم على الانتهاء؛ وكان من بينهم ثلاثة من كبار أعضاء حزب النهضة المحظور، أمضوا معظم عقوبات السجن المفروضة عليهم في زنازين العزل؛ والثلاثة هم علي العريض الذي أمضى 11 عاماً، من عقوبة السجن لمدة 14 عاماً المفروضة عليه، رهن الحبس الانفرادي؛ وزياد الدولاتلي المحكوم عليه أيضاً بالسجن 14 عاماً، والذي أمضى 11 عاماً من مدة عقوبته رهن الحبس الانفرادي أو في مجموعات صغيرة معزولة 5؛ ومصطفى بن حليمة الذي ظل محتجزاً في عزلة طيلة السنوات الست الماضية. وكان الثلاثة قد أدينوا بالتآمر للإطاحة بالدولة عن طريق استخدام العنف في المحاكمات الجماعية التي جرت عام 1992. وقد توجه مبعوث من منظمة هيومن رايتس ووتش إلى تونس في ديسمبر/كانون الأول 2004، وأجرى مقابلة مع كل من العريض والدولاتلي؛ أما بن حليمة فقد رد على أسئلة قدمتها له هيومن رايتس ووتش عبر طرف وسيط.

وقبل إطلاق سراحهم، لم تكن تتوفر شهادات مباشرة فيما يتعلق بالعزل الطويل الأمد لسجناء النهضة خلال السنوات الخمس الماضية. وكان مرد ذلك إلى أن معظم هؤلاء السجناء كانوا يقضون عقوبات لمدة 15 عاماً أو أطول من ذلك في سجون لا يسمح لأحد بزيارتهم فيها إلا ذويهم. وقد استقت منظمة هيومن رايتس ووتش المعلومات التي جمعتها من قبل إما من سجناء آخرين أفرج عنهم، أو من أقارب السجناء المعزولين، وهي معلومات محدودة بسبب الرقابة الشديدة على اختلاطهم بغيرهم من السجناء، ولأسباب أخرى.

والشهادات المباشرة التي أدلى بها السجناء المفرج عنهم حديثاً، والذين أمضوا عقوباتهم بمعزل عن سائر السجناء، تؤكد المعلومات التي تم جمعها من قبل فيما يتعلق بعدة جوانب رئيسية.

أولاً، قال الرجال الذين أجرينا مقابلات معهم إنهم لم يطلبوا، لا هم ولا غيرهم من السجناء المعزولين الذين يعرفونهم، احتجازهم في عزلة؛ وقالوا إن أحداً من هؤلاء السجناء – على حد علمهم – لم يتلق أي تفسير رسمي لاحتجازه في عزلة طويلة الأمد، ولم يبلغ بمدة هذا الاحتجاز.

ثانياً، قال السجناء الذين قابلناهم إنهم لم يتلقوا أي رعاية أو إشراف طبي دوري فيما يتعلق باحتجازهم في عزلة طويلة الأمد؛ وأضافوا أن أحداً من الأطباء لم يقم بزيارتهم لتقييم لياقتهم العقلية والبدنية وإمكانية عزلهم فترة طويلة، سواء قبل إيداعهم في هذه العزلة أو أثناءها. وبدلاً من ذلك، فمبقدورهم، مثل أي سجين آخر، أن يطلبوا – من خلال أحد حراس السجن – رؤية طبيب إن كانت لديهم أي أسباب صحية.

ثالثاً، أكد السجناء أن ظروف السجناء المعزولين تحسنت في مجملها منذ عام 1998؛ وشملت جوانب التحسن الأوضاع المادية للزنزانات، والمرافق، والضوء، والفترة التي يقضونها خارج الزنزانة، والظروف التي تجري فيها الزيارات العائلية.

غير أن السلطات التونسية لم تعترف حتى بممارسة أسلوب العزل الطويل الأمد للسجناء، فضلاً عن تحديد القوانين التي تسمح بها؛ وهذا الأسلوب، على نحو ما تمارسه السلطات التونسية، لا يطابق أي شكل من أشكال العقاب القضائي – حيث أن هذه العقوبة قد ألغيت عام 1989 – ولا يطابق أي عقوبة من العقوبات التي يخول القانون لإدارة السجن توقيعها على السجناء، باعتبار أن مثل هذا العقاب يقتصر على فترات طول كل منها عشرة أيام، ويقتضي إشرافاً طبياً وثيقاً. وفضلاً عن هذا، فإن سلطات السجن لم تقدم لكل نزيل على حدة تبريراً رسمياً لإيداعه في عزلة عن سائر السجناء، بل فرضت عليهم هذه العزلة سنوات طويلة في، دون مراقبة سلوكهم بصفة دورية وسط مجموعة من السجناء، الأمر الذي يؤدي بنا إلى نتيجة لا مناص منها، وهي أن الغرض الأوحد من سياسة العزل ليس جزائياً، بل هو تحطيم معنويات زعماء حركة النهضة وتوقيع عقاب إضافي غير قانوني عليهم في إطار القمع المستمر لحركتهم.



[5] بالرغم من أن العزل في مجموعات صغيرة أخف وطأة من الحبس الانفرادي، فقد يبلغ أيضاً حد المعاملة السيئة التي يمكن أن تلحق أضراراً بالصحة العقلية للسجين، وذلك إذا كان ينطوي – كما هو الحال في تونس – على حرمانه من أي فرصة تذكر لممارسة أنشطة تعليمية أو ترفيهية، أو من المصادر الأخرى للتنبيه والنشاط الذهني، وكان يلزمه بالبقاء في بيئة رتيبة غير متغيرة، ويجبره على التفاعل مع مجموعة محدودة للغاية من النزلاء الذي يشاركونه نفس الزنزانة. ولمزيد من المعلومات عن العزل في مجموعات صغيرة، انظر أيضاً هيومن رايتس ووتش، "العزل في مجموعات صغيرة في السجون التركية: كارثة يمكن تجنبها"، تقرير هيومن رايتس ووتش، المجلد 12، العدد 8، مايو/أيار 2000.


<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة التالية  >>April 2005