Morocco



Morocco Morocco
  

<<  |  الصفحة الرئيسية  |  >>

المساواة في التعامل مع الضحايا: الصحراويين

تواجه هيئة الإنصاف والمصالحة صعوباتٍ من نوعٍ خاص عند قيامها بعملها في الصحراء الغربية، وذلك بفعل الصعوبات العملياتية وبفعل جو الاستقطاب المهيمن في المنطقة. كما أن عليها أن تصارع التعصب الذي تشجعه الدولة رسمياً تجاه تلك المنطقة، والذي يتجلى في القوانين التي تعاقب أي كلامٍ يجعل "مغربية" المنطقة موضع تساؤل.64

وكما ذُكر أعلاه، فإن جلسة الاستماع العامة، التي كان مقرراً عقدها في العيون بالصحراء الغربية، كانت هي الجلسة المقررة الوحيدة التي جرى إلغاؤها. ورغم أن هيومن رايتس ووتش لا تعلم بوجود أي سبب رسمي معلن لإلغائها، فقد أخبرنا المفوضون أن ذلك كان بفعل المناخ السياسي المتوتر في المنطقة في أعقاب الإضطرابات العنيفة في شهر مايو/أيار. وذلك واحدٌ من الأسباب التي جعلت أحداث تلك المنطقة ضعيفة التمثيل في جلسات الاستماع العلنية التي عقدتها هيئة الإنصاف والمصالحة. وتبعاً للإحصائيات التي تقدمها هيئة الإنصاف والمصالحة عبر موقعها على الإنترنت، فإن الأحداث المتصلة بنزاع الصحراء الغربية لا تمثل إلا 2% من الأحداث التي تحدث عنها الشهود في جلسات الاستماع السبع.

حتى بدء وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة من الأمم المتحدة عام 1990، خاض المغرب طيلة خمس عشرة سنةً حرباً منخفضة الشدة ضد "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ونهر الذهب"، والمعروفة باسم البوليساريو. يسعى البوليساريو لاستقلال الصحراء الغربية، وهي منطقةٌ تصنفها الأمم المتحدة بأنها "منطقةٌ ليست خاصة للحكم الذالي"، وهي منطقةٌ لا تزال تحت السيطرة المغربية الفعلية. وقد كان من المفترض أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى إجراء استفتاء ترعاه الأمم المتحدة في المنطقة للاختيار بين قبول السيادة المغربية وبين الاستقلال. لكن المغرب استخدم الخلاف الذي نشب بشأن قوائم من يحق لهم التصويت لمنع خطة إجراء الاستفتاء من التقدم، وذلك في الوقت الذي يقترح فيه الحكم الذاتي الإقليمي كبديل عن الاستفتاء.

وخلال حقبة النزاع المسلح، نفذت قوات الأمن المغربية مئات الاختفاءات القسرية، كما اعتقلت المئات أيضاً وحكمت عليهم بالحبس لمدد طويلة بعد محاكماتٍ غير منصفة. وبالرغم من توقف القمع بعد عام 1990، ومن قيام الملك الحسن الثاني بإطلاق سراح حوالي 270 من الصحراويين "المختفين" عام 1991، فقد احتفظت قوات الأمن في تلك المنطقة بسيطرةٍ أشد من المناطق الأخرى. إن القمع المستمر والتوترات السياسية في تلك المنطقة تعقد مهمة هيئة الإنصاف والمصالحة.

لقد قيدت السلطات الحكومية نشاطات حقوق الإنسان المستقلة في المنطقة. ففي يونيو/حزيران 2003، أمرت إحدى المحاكم بحل الفرع المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، وذلك بحجة أنه يقوم بنشاطاتٍ "انفصالية" و"غير قانونية". إن هذا المنتدى منظمة وطنية تمثل ضحايا انتهاكات الماضي، وقد كان ناشطاً في تتبّع عمل هيئة الإنصاف والمصالحة. وقد واجهت جماعةٌ محلية، وهي الاتحاد الصحراوي لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الدولة المغربية في الصحراء الغربية، عقباتٍ كثيرة أثناء مسعاها لإنجاز إجراءات اكتساب المركز القانوني. وقد نالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ترخيصاً بافتتاح قسم لها في مدينة العيون عام 2005، وذلك بعد ما يقارب سنتين من التأخير.

قد يتردد السكان المحليون قبل التقدم للحديث عن الانتهاكات التي عانوها في الماضي، وذلك خوفاً من انتقام السلطات. وقد يترددون أيضاً بسبب شعورهم بعدم الثقة في نوايا مؤسسات الدولة المغربية، أو بسبب الضغط السياسي عليهم من جانب الانفصاليين لكي يجعلوا القضية "الوطنية" تتقدم على القضايا الفردية. كما أن هناك حقيقة كون نسبة كبيرة من سكان الصحراء يعيشون في معسكرات اللاجئين في تندوف بالجزائر منذ السبعينات، وهذا ما يعقد مهمة هيئة الإنصاف والمصالحة في جعلهم يساهمون في عملها.

لا يجادل أحدٌ في أن القوات المغربية قد تسببت في "اختفاء" الصحراويين خلال السبعينات والثمانينات، لكن عدد الحالات موضوعٌ للجدل. فخلال سنواتٍ كثيرة، قام عددٌ من منظمات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية المتعاطفة مع قضية تقرير المصير للصحراويين بإعداد وتوزيع قوائم تضم حوالي 1500 صحراوي ممن يعتبر أنهم "اختفوا" على أيدي السلطات المغربية في السبعينات والثمانينات.

وقد قال بنزكري، رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، أن الهيئة قد بذلت جهداً كبيراً في تدقيق جميع القوائم التي حصلت عليها بشأن الصحراويين "المختفين"، كما راجعت الأرشيف ذات الصلة لدى الجيش والدرك، وأوفدت باحثيها إلى الصحراء الغربية، وقابلت أقارب المفقودين، وتشاورت مع مجموعة العمل الخاصة بالاختفاءات القسرية والإجبارية التابعة للأمم المتحدة ومع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وحصلت من خلال مساعي الصليب الأحمر على معلوماتٍ من الصحراويين الذين كانوا محتجزين لدى المغرب والذين يعيشون الآن في مخيمات تندوف. وقد قال بنزكري أن هذه الأبحاث قد مكنت هيئة الإنصاف والمصالحة "من استيضاح أمر عدد لا بأس به من الحالات رغم وجود حالات كثيرة مازال يجب استيضاح أمرها".65 كما قال أن عدد الأشخاص "المختفين"، والذين مازالوا مفقودين، من جميع المناطق في المغرب يصل إلى 260 شخصاً، كما أشار إلى أنه يعتبر أن عدد حالات الاختفاء المؤكدة للصحراويين أقل بكثير من معظم التقديرات التي تضعها المنظمات غير الحكومية. وقال بنزكري أن بعض قوائم المنظمات غير الحكومية تتضمن أسماء أشخاص مفقودين لم يقم دليلٌ على احتجازهم من قبل القوات المغربية قبل "اختفائهم". وقد شرح الأمر بأن هذه القوائم قد تتضمن أسماء مقاتلي البوليساريو الذين قتلوا أثناء المعارك مع القوات المغربية دون أن تتم استعادة جثثهم أو أن تلك الجثث قد دفنت دون إبلاغ الأهل.

أما بالنسبة للفئات الأخرى من انتهاكات حقوق الإنسان التي عاناها سكان الصحراء الغربية المدنيين، فقد قال بنزكري أن على هيئة الإنصاف والمصالحة أن تقرر الشروط التي يسري فيها القانون الإنساني الدولي.

إن النظام القانوني يعطي الجيوش نوعاً من حرية العمل في تعاملها مع السكان المدنيين. فعلى سبيل المثال، وإذا أجبرت مجموعة من السكان المدنيين على الجلاء عن منطقة النزاع، فإن من الضروري بالنسبة للهيئة أن تقرر ما إذا كان الجيش المغربي "قد نفذ هذا الإجلاء طبقاً للقواعد سارية المفعول".

وفي آخر المطاف، فإن على هيئة الإنصاف والمصالحة أن تبين أنها قد عاملت القضايا الفردية وتاريخ القمع في الصحراء الغربية بطريقةٍ تنسجم مع معاملتها للضحايا وللقمع في الأماكن الأخرى.

 



64 من الأمثلة الحديثة على عدم التسامح تجاه أي تحدٍّ للخطاب الرسمي الحكم الصادر بحق الصحفي علي المرابط جراء وصفه الصحراويين الموجودين في تندوف بأنهم "لاجئين"، وليس بأنهم سكانٌ تحتجزهم البوليساريو بما يخالف إرادتهم. أنظر هذا التقرير، القسم 3.

65  مقابلة هيومن رايتس ووتش، الرباط، 6 أبريل/نيسان 2005.


<<  |  الصفحة الرئيسية  |  >> November 2005