Iraq



Iraq Iraq
  

next  |  index  |  previous 

III. انتفاضة الصدر عام 1999

تقول القائمة التي تضم اسم مصطفى جواد10 إنه وعشرات غيره من الشباب قد تعرضوا للقتل بعد إدلائهم المزعوم باعترافات بالمشاركة في الانتفاضة واسعة النطاق للعراقيين من المسلمين الشيعة احتجاجاً على اغتيال أحد أبرز قادتهم الدينيين، آية الله العظمى محمد صادق الصدر. وقد تم اغتياله في يوم 19 فبراير/شباط 1999 أثناء وجوده بسيارته في طريق العودة إلى منزله برفقة ولديه مصطفى ومأمل، والذين كانا مساعديه الأساسيين، إضافة إلى سائقه.

صدم الاغتيال الجالية العراقية من المسلمين الشيعة، والبالغة نسبتها 55% من سكان العراق. وكانت الحكومة العراقية في نهاية السبعينات، وخاصة بعد تولي صدام حسين رئاسة البلاد عام 1979، قد استهدفت بالتحرش والقمع رجال الدين الشيعة الذين اعتبرتهم متعاطفين مع النظام الثوري في إيران. وبمرور الوقت فإن هذه السياسة، التي كانت تهدف أساساً إلى تعزيز قبضة صدام حسين على السلطة، قد أدت إلى ظهور حركة إسلامية شيعية أشد بأساً في العراق.11

وقد شغل آية الله الصدر منصب آية الله العظمى عام 1992 بعد وفاة آية الله أبو القاسم الخوئي.12 واعترف النظام العراقي بآية الله الصدر في البداية ظناً منه أن باستطاعته احتواءه؛ فقد دعا آية الله الصدر في البداية إلى إبعاد رجال الدين عن السياسة. ولكنه بدأ لاحقاً في انتقاد سياسات الحكومة في خطب الجمعة وفي دعوة الناس إلى حضور صلوات الجماعة على غير هوى من النظام. ويذكر أنه في أوائل ديسمبر/كانون الأول عام 1998 قد قام بإلغاء مسيرة إلى قبر الإمام الحسين في كربلاء بعد أن حاصرت الحكومة المدينة بقوات الأمن لتنفيذ قرارها بمنع المسيرة. وفي 5 مارس/آذار1999 قامت صحيفة الإندبندنت اللندنية بنشر نص ما يقال إنها آخر خطبة لآية الله الصدر، والتي ألقاها في 12 فبراير/شباط 1999 وتم تسجيلها على شريط جرى تهريبه إلى خارج العراق. ووفقاً للنص المنشور فقد طالب آية الله الصدر بالإفراج عن أكثر من مئة من رجال الدين الشيعة الذين جرى اعتقالهم بعد انتفاضة مارس/آذار 1991 ولم يعلن عن مصائرهم أو أماكن وجودهم.

نتج عن اغتيال آية الله الصدر وولديه اندلاع مواجهات عنيفة لعدة أيام بين المتظاهرين وقوات الأمن في أحياء بغداد ذات الكثافة الشيعية العالية13، وكذلك في المدن ذات الأغلبية الشيعية مثل كربلاء والناصرية والكوفة والبصرة. ولقي العشرات مصرعهم في هذه المواجهات بينما اعتقل المئات.14

وفي البصرة في يوم 17 مارس/آذار 1999، حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً هاجمت مجموعات من المتظاهرين المسلحين مباني حكومية ومقار لجهات استخباراتية ومكاتب لحزب البعث. وأشارت التقارير الصحافية وقتها إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوات الحكومية، بلغت حد استخدام الأسلحة والمدفعية الثقيلة.15 وقال عدة شهود لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن المتظاهرين هاجموا وقتلوا 40 عضواً بحزب البعث على الأقل. ولا يزال العدد الحقيقي مجهولاً إلى اليوم نظراً لأن الحكومة العراقية لم تفصح أبداً عن حجم الانتفاضة. وقد أخبر عدة شهود عيان منظمة هيومن رايتس ووتش أن إطلاق النار قد استمر في بعض مناطق البصرة لأكثر من ساعة. بينما سُمعت أصوات طلقات الأسلحة الآلية في مناطق أخرى طوال الليل.



[10]  طلب جواد كاظم علي من منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام اسمه وأسماء أفراد عائلته الحقيقية.

[11]  انظر فالح ع.جبار، الحركة الشيعية في العراق (لندن، الساقي، 2003).

[12] يشير منصب آية الله إلى كون حامله قد بلغ أسمى درجات الدراسة العلمية لعلوم الإسلام الشيعي.

[13]  مثل المنطقة كثيفة السكان التي تم إنشاؤها بعد ثورة 1958 وعرفت في البداية باسم مدينة الثورة، قبل أن تغير الحكومة اسمها في 1982 إلى مدينة صدام. وتعرف المنطقة منذ سقوط النظام باسم مدينة الصدر.

[14] التقرير السنوي لمنظمة هيومن رايتس ووتش لعام 2000، ص 359.

[15] "القوات العراقية تصطدم بالشيعة"، وكالة الأسوشيتد برس، 20 مارس/آذار 1999.


next  |  index  |  previous 

February 2005