Egypt



Egypt Iraq
  

الصفحة الرئيسية  |  الصفحة التالية  >>

I. ملخص

في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2004 نجم عن انفجار ضخم لسيارة مفخخة تدمير فندق هيلتون طابا الواقع على الحدود المصرية-الإسرائيلية. وتلا ذلك انفجاران أصغر حجماً وقعا في مخيمين سياحيين على مقربة من الفندق. وتسببت الهجمات في مصرع ثلاثين شخصاً وإصابة أكثر من مائة. وكان أغلب الضحايا من السياح، ومنهم الكثير من الإسرائيليين، إضافة إلى المصريين العاملين في الفندق.

وتركزت التوقعات الأولوية لكل من السلطات المصرية والإسرائيلية على منظمة القاعدة أو غيرها من المنظمات الدولية التي كان قد سبق لها تنفيذ هجمات واسعة ضد المدنيين. ولكن وزارة الداخلية المصرية بعد حوالي أسبوعين فقط من الهجمات، في 25 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت أنها حددت هويات الأشخاص التسعة المسئولين عن الهجمات، وجميعهم من منطقة شمال سيناء: خمسة منهم ألقي القبض عليهم، بينما قتل اثنان أثناء تنفيذ الهجمات، وظل اثنان آخران هاربين.

وفي هذه الأثناء، بدأ جهاز مباحث أمن الدولة في 13 أكتوبر/تشرين الأول حملة من الاعتقالات الجماعية التعسفية داخل وحول مدينة العريش، المركز التجاري والحكومي لمحافظة شمال سيناء، فيما بدا وكأنه جزء من تحقيقات الجهاز في هجمات طابا. واستمرت هذه الاعتقالات بنفس الكثافة بعد الإعلان الصادر عن وزارة الداخلية في 25 أكتوبر/تشرين الأول وحتى أوائل ديسمبر/كانون الأول. وقالت منظمات حقوق الإنسان المصرية إن قوات الأمن قد ألقت القبض على ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شخص، منهم بضع مئات تعرضوا للاعتقال لمجرد تأمين استسلام أفراد مطلوبين من نفس العائلة.

ولم تقدم الحكومة اعترافاً أو إنكاراً رسمياً لهذا الرقم. ولكن مسئولاً أمنياً رفض الإفصاح عن اسمه أصر على كون عدد المعتقلين حتى أوائل ديسمبر/كانون الأول في حدود ثمانمائة معتقل "فقط". وحتى أوائل فبراير/شباط كانت الحكومة لا تزال ممتنعة عن تقديم أي معلومات إلى الأهالي أو المحامين بشأن عدد المعتقلين أو مكان وجودهم. وفي 28 يناير/كانون الثاني وردت أنباء بشأن صدامات وقعت بين رجال الشرطة وحوالي ألف وخمسمائة متظاهر حاولوا تنظيم مسيرة احتجاج على الاعتقالات. وقد أعلنت الحكومة في أوائل فبراير/شباط أنها قامت بالإفراج عن تسعين شخصاً كانوا قد اعتقلوا في إطار التحقيق في الهجمات.

وفي اليوم الأول من فبراير/شباط نقلت الصحف أن تبادلاً لإطلاق النار قد نشب بين رجال الشرطة وآخرين من المشتبه فيهم بالقرب من مدينة رأس صدر الواقعة في وسط سيناء، مما أسفر عن مصرع شخص واحد لم يكن قد أعلن عن اسمه في السابق ضمن أسماء المشتبه فيهم. بينما نجم عن مزيد من المواجهات في الخامس من فبراير/شباط مصرع شخص واحد على الأقل من بين الهاربين المشتبه فيهما.

 وقد قامت منظمة هيومن رايتس ووتش في أوائل ديسمبر/كانون الأول بزيارة إلى مصر قامت خلالها بإجراء مقابلات مع معتقلين سابقين وشهود عيان على الاعتقالات في منطقة العريش بصحبة اثنين من نشطاء الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب. وكان القاسم المشترك بين كافة الحالات التي قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بالتحقيق فيها هو أن مباحث أمن الدولة قد ألقت القبض على أشخاص دون إخطارهم بأسباب القبض عليهم. وكانت الاعتقالات تتم غالباً من خلال اقتحام منازل المعتقلين قبيل الفجر. وقام المسئولون في الغالب باحتجاز المقبوض عليهم في مكاتب فروع مباحث أمن الدولة لثلاثة أو أربعة أيام، وأحياناً لأكثر من أسبوع كامل، دون توجيه اتهامات إليهم. ورغم قيام السلطات بالإفراج عن البعض إلا أن غالبية المعتقلين قد جرى نقلهم إما إلى سجن طرة بالقاهرة أو إلى سجن دمنهور بمنطقة الدلتا. ولم تتمكن منظمة هيومن رايتس ووتش من معرفة ما إذا كان قد تم توجيه اتهام إلى هؤلاء المعتقلين قبيل أو منذ ترحيلهم إلى السجن. ومن الظاهر أن معظم هؤلاء المعتقلين هم من الإسلاميين أو ممن يعتقد أنهم إسلاميون، أي أولئك الذين يفضلون نظاماً للحكم يقوم على ما يعتبر من وجهة نظرهم متسقاً مع المبادئ الأساسية للإسلام.

وقد اخبر أقارب المعتقلين منظمة هيومن رايتس ووتش أنهم يخشون "إثارة المشاكل" إن ألحوا على المسئولين للحصول على معلومات بشأن أقاربهم. ولم يبلغ هؤلاء الأقارب بمكان وجود أزواجهم، وأبنائهم، وآبائهم، وأشقائهم إلا بشكل غير رسمي، إن كانوا محظوظين، من خلال معتقلين آخرين شاهدوهم قبل إطلاق سراحهم.

وكان تسبب انعدام المعلومات بالذات في الكثير من الألم للعائلات بسبب انتشار أقوال بشأن تعرض المعتقلين للتعذيب وإساءة المعاملة خلال استجوابهم. وتتسق هذه الأقوال مع الممارسات الموثقة لمباحث أمن الدولة أثناء إجراء التحقيقات في القضايا ذات البعد السياسي. وقد قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بإجراء مقابلات مع عدد من المعتقلين السابقين قدموا شهادات مقنعة بشأن تعرضهم للتعذيب على يد مستجوبيهم من محققي مباحث أمن الدولة. بينما شهد آخرون بكونهم رأوا معتقلين آخرين يتعرضون لتعذيب شديد أو سمعوا صراخ معتقلين أثناء تعذيبهم. ونظراً إلى أن معظم من تعرضوا في الغالب للتعذيب لا يزالون بين المئات، إن لم يكن الآلاف، ممن لا يزالون رهن الاعتقال، وأن معظم من أخلي سبيلهم يشعرون بالخوف من النتائج المحتملة للقاءهم بمحققي حقوق الإنسان المستقلين، فإن منظمة هيومن رايتس ووتش تعتقد أن التعذيب وإساءة المعاملة قد وقعا بشكل واسع النطاق أثناء التحقيق في هجمات طابا.

وقد قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بالاتصال بكل من وزارة الداخلية، ومكتب النائب العام، ومكتب رئيس نيابة أمن الدولة العليا، ومحافظ سيناء، ونائب مدير مباحث أمن الدولة في العريش لطلب تحديد مواعيد لمناقشة بواعث قلق المنظمة والحصول على معلومات بشأن التحقيقات ومعرفة رؤية مسئولي الحكومة. وفي جميع الحالات فقد تم رفض الطلب أو عدم الرد عليه. وحسب علم منظمة هيومن رايتس ووتش فإن الحكومة لم تفتح أي تحقيق في مزاعم التعذيب وإساءة المعاملة، كما لم تقم بمقاضاة أو معاقبة أي من المسئولين الذين شاركوا في تعذيب أو إساءة معاملة المعتقلين.

تعتمد الحكومة المصرية في سياساتها لمواجهة الإرهاب على السلطات الاستثنائية التي يمنحها لها قانون الطوارئ الصادر عام 1958 والساري بلا انقطاع منذ عام 1981 ويجب تجديد العمل به كل ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى قانون مكافحة الإرهاب الصادر في عام 1992. وينتهك هذان القانونان الحماية الواردة في الدستور المصري لحقوق الإنسان عبر منح الحكومة سلطة القبض على الأشخاص واعتقالهم تعسفياً لأجل غير مسمى. ولكن قانون الطوارئ نفسه يلزم السلطات بأن تخبر الفرد فوراً بأسباب اعتقاله وأن تسمح له بالاتصال بعائلته ومحاميه، كما يسمح له بالحق في التظلم من اعتقاله بعد مضي ثلاثين يوماً. وإضافة إلى ذلك فإن القوانين لا تجيز التعذيب تحت أية ظروف.

وتسلم منظمة هيومن رايتس ووتش بمسئولية الحكومة المصرية عن اتخاذ إجراءات لمواجهة التهديدات الجدية لأمن مواطنيها والمقيمين على أراضيها على غرار هجمات طابا. لكن القانون الدولي لا يدع مجالاً للغموض: لا يوجد تهديد أمني مها بلغت جسامته يبرر التعذيب؛ وتخضع قدرة الحكومة على احتجاز الأشخاص دون اتهام لقيود شديدة. وتضمن اتفاقيات حقوق الإنسان التي تعد مصر طرفاً فيها، وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الحماية الأساسية للأشخاص حتى في ظل إعلان حالة الطوارئ.

إن سجل الحكومة المصرية في القبض التعسفي والتعذيب وإساءة معاملة المعتقلين مزمن وموثق.1 وتطالب منظمة هيومن رايتس ووتش الرئيس حسني مبارك بأن يصرح علناً وبوضوح أن الحكومة لن تتسامح مع أعمال التعذيب وسوء المعاملة، وأن من يرتكبون هذه الأفعال من قوات الشرطة، بمن فيهم ضباط مباحث أمن الدولة، سيتعرضون للمساءلة والمقاضاة والعقاب.

أما فيما يتعلق بالاعتقالات الجماعية الأخيرة والغياب المطلق للشفافية من جهة الحكومة، فإن منظمة هيومن رايتس ووتش تطالب الحكومة بأن تعلن عن أسماء المعتقلين في إطار التحقيق في هجمات طابا؛ وأن تطلق فوراً سراح كل المعتقلين ما لم يكن قد وجه إليهم اتهام محدد؛ وأن تفتح تحقيقاً دقيقاً ومحايداً في مزاعم القبض التعسفي والتعذيب؛ وأن تعاقب أو تقاضي المسئولين الذين تثبت في حقهم مخالفة القوانين، وأن تضمن حصول من تعرضوا للاحتجاز غير القانوني أو التعذيب وإساءة المعاملة على تعويض فوري ومنصف. ولابد أن يتمتع كافة المعتقلين الذين وجهت إليهم اتهامات بمحاكمة منصفة وبكافة الحقوق القانونية للمتهمين.




1 انظر علي سبيل المثال تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، خلف الأبواب المغلقة: التعذيب والاعتقال في مصر (نيويورك، يوليو 1992)، و"وباء التعذيب في مصر" (تقرير موجز لمنظمة هيومن رايتس ووتش)، فبراير 2004، وتقرير في زمن التعذيب: إهدار العدالة في الحملة المصرية ضد السلوك المثلي (نيويورك، 2004).


الصفحة الرئيسية  |  الصفحة التالية  >> February 2005