VII. ضعيف جداً، متأخر جداً: التجاوب السوداني والدولي 2004

بعد عشر سنوات من الإبادة الجماعية في رواندا ورغم سنوات من النقد الذاتي، كان تجاوب المجتمع الدولي مع الأحداث في السودان مخجلاً. السبب الأولي لتأجيل معالجة الحرب في دارفور كان محادثات السلام الجدية التي بدأت في منتصف 2002 لإنهاء حرب استمرت 20 عاماً بين الحكومة السودانية وجيش/حركة تحرير شعب السودان المتمرد، وهي قوة سودانية ثقلها الأساسي في الجنوب. كانت المفاوضات بين الأطراف تحرز تقدماً ولكن الحرب في غرب السودان، التي اندلعت في 2003، لم تكن على أجندة مفاوضات نيفاشا، كينيا هذه.

وقد تخوف المجتمع الدبلوماسي من أن يؤدي التركيز على دارفور إلى إضعاف اهتمام وقدرة الأطراف والثلاثية (أمريكا، بريطانيا، النرويج) على إكمال هذه المحادثات بنجاح. ومع تطاول المفاوضات ونفاذ مختلف المواعيد النهائية التي وضعتها الثلاثية للأطراف، بدأت دارفور تخيم على نيفاشا حيث بدأ مدى الأزمة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان تهز الرأي العام.

تجاوب الحكومة السودانية والجماعات المتمردة: اتفاق وقف إطلاق النار

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير النصر على المتمردين في دارفور قبل الأوان ، ووعد بالعبور الإنساني الكامل لوكالات الغوث الدولية في 9 فبراير/شباط 2004.146 كان إعلان النصر سابقاً لأوانه، ولم يكن السماح بالعبور وشيكاً.

وقد منعت الحكومة السودانية بالكامل تقريباً وكالات الغوث الدولية من الوصول إلى دارفور لمدة أربعة أشهر حاسمة، من أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2003 حتى أواخر فبراير/شباط 2004.

إن العنف والتهجير ضد المدنيين الذي واصلت الحكومة ممارسته ترك ويترك عواقب إنسانية وخيمة.147 إذ تم تهجير أكثر من مليون إنسان من منازلهم، ولا تزال الغالبية العظمى منهم داخل دارفور.

لم يتحسن العبور إلا في مارس/آذار بعد أشهر من الضغط الذي مارسته الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، ولكن الحكومة واصلت عرقلة العبور الإنساني فارضة إجراءات بيروقراطية على التأشيرات وعلى طالبي "تصريحات السفر" من عمال الإغاثة. وقد حذرت البعثة الإنسانية للأمم المتحدة إلى دارفور في 1 مايو/أيار من أن "الأزمة في دارفور، غرب السودان، سوف تتدهور بشكل كبير ما لم يتحسن الوضع الأمني بصورة فورية وأن يسمح للوكالات الإنسانية بالوصول إلى المحتاجين".

وتحت الضغط، عقدت جولة من مفاوضات السلام بين المتمردين والحكومة السودانية في نجامينا، تشاد، برعاية الرئيس التشادي إدريس ديبي، في أواخر مارس/آذار؛ وقد كان وقف إطلاق النار السابق في أغسطس/آب 2003 قد مات منذ زمن طويل.148

رفضت الحكومة السودانية "تدويل" الصراع في دارفور وحاولت منع مشاركة الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة في المحادثات، ربما لأنها أكثر قدرة على التأثير على الاتحاد الأفريقي الغر وعلى الرئيس التشادي إدريس ديبي، الذي ساعدته في الوصول إلى السلطة في 1990 – فقد شن انقلابه العسكري من دارفور. ورغم تلكؤ الحكومة السودانية فقد حضر المحادثات ممثلون عن الاتحاد الأوربي وأمريكا وقد عرضوا دعم العملية التفاوضية ودعم وقف إطلاق النار بالأشخاص والتمويل والدعم اللوجستي وغير ذلك.149

ومع ذلك استدعى الأمر تصريحين قويين من الأمين العام للأمم المتحدة ومن الرئيس الأمريكي، في 7 و8 أبريل/نيسان على الترتيب، للضغط على الحكومة لاتخاذ أي إجراء. وبصورة متعجلة وقعت الحكومة السودانية مع جماعتي التمرد اتفاق وقف إطلاق نار "إنساني" بالحد الأدنى في 8 أبريل/نيسان، ملتزمين أيضاً بمواصلة المفاوضات السياسية لإنهاء الحرب.

وقد دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 11 أبريل/نيسان 2004، ولكن سرعان ما بدأت الخروقات، ولاسيما استمرار هجمات الجنجويد على المدنيين. ولم يكن ذلك مفاجئاً نظراً إلى عدم التزام الحكومة بنزع سلاح وتفكيك جماعات الجنجويد. وقد حمل وقف إطلاق النار الحكومة مسئولية "تحييد" الميليشيا، دون تحديد واضح لهذا التعبير. ويشعر الكثير من المراقبين بالقلق من إمكانية أن تقدم الحكومة السودانية على دمج الميليشيا في الشرطة وفي الجيش النظامي، وهي إمكانية تثير الخوف نظراً إلى جسامة الجرائم التي ارتكبوها.

ومن نقاط الضعف الأخرى في اتفاق 8 أبريل/نيسان لوقف إطلاق النار غياب جدول زمني واضح وهيكل للرقابة الدولية وغياب أية آلية للرقابة على انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة على آلاف الدارفوريين. كما يفتقد الاتفاق إلى إجراءات عكس أعمال التطهير العرقي، كالاتفاق على أن تقوم الحكومة السودانية بسحب فوري لميليشيا الجنجويد من الأجزاء التي استولت عليها في دارفور من 2003 حتى الوقت الحالي.

في أواخر أبريل/نيسان، بدأت المحادثات السياسية في نجامينا وسط تقارير عن أن الحكومة السودانية كانت تحاول شق تحالف المتمردين على أسس عرقية. ولم يكن قد تم نشر مراقبين لوقف إطلاق النار بعد. وقد تزايدت التقارير التي تتحدث عن انتهاكات وقف إطلاق النار وعن عدم وجود حماية للمدنيين.

الأمم المتحدة: تصريحات قوية من موظفي الأمم المتحدة

لقد لعب موظفو الأمم المتحدة دوراً رئيسياً في توعية حكومات العالم ووسائل الإعلام بخطورة ومستوى الانتهاكات في دارفور، ولكن الهيئات السياسية في الأمم المتحدة مثل مجلس الأمن ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فشلت في تقديم استجابة كافية على الأزمة حتى الآن.

وقد صرح العديد من كبار موظفي حقوق الإنسان والخبراء في الأمم المتحدة تصريحات قوية تعبر عن القلق مما يجري في دارفور في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2004.150 وفي 19 مارس/آذار، أعطى موكيش كابيلا، الذي كان في حينها الممثل المقيم للأمم المتحدة في السودان، وهو يتكلم إلى الصحفيين في نيروبي، أقوى تصريح حتى الآن، حيث وصف الوضع في دارفور على أنه "تطهير عرقي".151 وقال إن بعض الجماعات العربية، وبدعم من الحكومة، تشن حملة تطال مليون شخص شبيهة من حيث الطبيعة بالإبادة الجماعية التي جرت في رواندا في 1994.

وفي 2 أبريل/نيسان، حضر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، جان إيغلاند، إلى مجلس الأمن ووصف الوضع الإنساني في دارفور بأنه "تطهير عرقي"152 وأعرب عن أمله بأن يبقى المجلس ممسكاً بزمام الأمر وأن يتخذ إجراءات إضافية إذا لم يتحسن الوضع.153 ورغم هذه الإشارات القوية، أصدر رئيس مجلس الأمن إلى الصحافة تصريحاً فاتراً متفق عليه مسبقاً عبر فيه عن قلقه من "الأزمة الإنسانية" في دارفور وامتنع عن الإقرار بأن وضع حقوق الإنسان هو سبب الأزمة الإنسانية.154

وقد عبرت الأمم المتحدة بقوة عن قلقها حيال الوضع في دارفور مرة أخرى في 7 أبريل/نيسان عندما تكلم الأمين العام كوفي أنان أمام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الذكرى العاشرة للإبادة الجماعية في رواندا، مشيراً إلى ملاحظات إيغلاند عن التطهير العرقي، ومحذراً من إمكانية أن يقدم المجتمع الدولي على خطوة ما إذا لم يسمح بعبور كامل للعاملين في مجال حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية.155 وأشار إلى أن التقارير عن انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان في دارفور:

تترك عندي تخوفاً عميقاً. ومهما تكن المصطلحات التي يستخدمها المجتمع الدولي لوصف الوضع، فإنه لا يستطيع أن يقف مكتوف الأيدي.

وبدعوة من الحكومة السودانية، أقترح أن أرسل فريقاً عالي المستوى إلى دارفور للحصول على فهم أفضل لسياق وطبيعة هذه الأزمة، وللعمل من أجل تحسين الوصول إلى هؤلاء الذين يحتاجون إلى المساعدة والحماية. من الضروري أن يمنح عمال المساعدات الإنسانية الدوليين وخبراء حقوق الإنسان عبوراً كاملاً إلى المنطقة، وإلى الضحايا، دون أي تأخير. وإذا لم يتحقق ذلك، على المجتمع الدولي أن يكون مستعداً لاتخاذ خطوة سريعة ومناسبة.

وحين أقول "خطوة" في مثل هذه الأوضاع فإنني أقصد سلسلة من الخطوات لا تستبعد العمل العسكري.156

وكان من المقرر أن تغادر البعثة التي أشار إليها أنان في ملاحظاته في منتصف أبريل/نيسان، برئاسة مساعد الأمين العام جان إيغلاند، ولكن الحكومة السودانية أخرت مغادرتها، فقد رفضت هذه الحكومة منح تأشيرات لعدد من أعضائها، بمن فيهم إيغلاند. وأخيراً غادرت البعثة برئاسة جيمس موريس، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، وكان من المفترض أن تكتمل المهمة في أوائل مايو/أيار.157

بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الحرارة أكثر من الضوء

بالرغم من الكلمات القوية للأمين العام كوفي أنان للجنة حقوق الإنسان ومن البيان السابق، في 26 مارس/آذار 2004، الذي أصدره ثمانية من خبراء حقوق الإنسان من اللجنة والذين اتخذوا خطوة غير معتادة بأن أصدروا بياناً مشتركاً عبروا فيه عن "قلقهم من مستوى انتهاكات حقوق الإنسان ومن الأزمة الإنسانية التي تتوالى فصولاً في دارفور، السودان...."، فإن مناقشات اللجنة كانت مخيبة بالنسبة لكل من كان يأمل بأن الهيئة العالمية الأولى المعنية بحقوق الإنسان سوف تستخدم نبرة عالية إزاء هذه القضية.158

في أوائل أبريل/نيسان، أرسل مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان فريقاً من الخبراء في مجال حقوق الإنسان للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في دارفور.159 وكان مقرراً أن تكون هذه مهمة منفصلة عن مهمة التقييم الإنساني التي ستتم بتوجيه جان إيغلاند.

ومن 5-15 أبريل/نيسان قام فريق مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان بإجراء بحث بين اللاجئين السودانيين في تشاد، وكان عددهم حينها أكثر من مئة ألف. وقد رفضت الحكومة السودانية في البدء مساعي الفريق لإجراء تحقيقات داخل الأراضي السودانية، حيث رفضت منح الوفد تأشيرات دخول. ولكن الحكومة السودانية، وهي عضو في اللجنة، غيرت رأيها ووافقت على منح تأشيرات للوفد في اليوم الذي كان مقرراً فيه صدور التقرير – وذلك برأي الغالبية، لمنع توزيع التقرير على اللجنة.

وقد أدان التقرير، الذي لم يصدر رسمياً أبداً، بقوة انتهاكات الحكومة السودانية في دارفور، والتي يمكن أن تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وأكد التقرير أن الحكومة تمارس "حكماً إرهابياً" موجهاً ضد الأفارقة الفور والمساليت والزغاوة.160

في 20 أبريل/نيسان غادرت بعثة كشف الحقائق التابعة لمكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان جنيف متوجهة إلى دارفور.161 وسرعان ما تسرب تقرير المكتب عن "حكم الإرهاب" وأصبح خبراً عاجلاً.162 وقد عبر بعض أعضاء اللجنة عن غضبهم جراء التسريب وطالبت حكومات باكستان والسودان وغيرهما بالتحقيق في التسريبات.163

وتم تأجيل تصويت اللجنة على موضوع السودان حتى اليوم الأخير من الجلسة السنوية للجنة، في 23 أبريل/نيسان. وفي اللحظة الأخيرة تراجع الاتحاد الأوربي الذي كان شارك في رعاية قرار قوي يدين الانتهاكات ويطلب تفويض مقرر خاص لحقوق الإنسان. وتقول التقارير إن أعضاء الاتحاد الأوربي تخوفوا من عدم كفاية الدعم من جانب الأعضاء العرب والأفارقة في هيئة الأمم المتحدة التي تراجعت أمام الضغط السوداني. وبدلاً من ذلك، تم أخيراً تمرير قرار ضعيف. وتضمن هذا القرار تعيين خبير مستقل لحقوق الإنسان ولكنه لم يشجب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها الحكومة السودانية. وقد صوت عضو واحد ضد هذا البيان المهادن – الولايات المتحدة – وامتنع عضوان عن التصويت هما استراليا وأوكرانيا.

وقد طالبت الولايات المتحدة بجلسة خاصة للجنة لمناقشة الوضع في دارفور بعد عودة بعثة مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان من السودان في أوائل مايو/أيار. وفي خطاب له إلى اللجنة، حذر السفير الأمريكي ريتشارد ويليامسن:

بعد عشر سنوات من الآن، سيتم تذكر اللجنة الستون لحقوق الإنسان على شيء واحد، شيء واحد فقط: هل لدينا الشجاعة والقوة لاتخاذ خطوة قوية ضد "التطهير العرقي" في دارفور. هكذا سيوجه لنا السؤال: "أين كنتم في الوقت الذي كان يجري فيه التطهير العرقي؟ وماذا فعلتم؟164

لقد فشلت أهم هيئة عالمية لحقوق الإنسان في أداء الدور الذي أنشأت من أجله، وقصرت نفسها على تعابير مثل "القلق العميق" – بدلاً من الإدانة – حيال الوضع في السودان. وقد عينت خبيراً مستقلاً لتقييم أداء السودان في مجال حقوق الإنسان بدلاً من المقرر الخاص ذي الفاعلية الأقوى.165

الاتحاد الأوربي والدول الأوربية الأعضاء

لقد كان رد الفعل الأوربي على الوضع في دارفور متفاوتاً. فالاتحاد الأوربي عبر في 25 فبراير/شباط عن "قلقه الجدي" وقال إنه "شعر بالخطر جراء التقارير التي تتحدث عن استمرار ميليشيا الجنجويد بالهجوم المنهجي على القرى وعلى مراكز برنامج التنمية الدولية. ويدين الاتحاد الأوربي الهجمات بشدة ويدعو الحكومة السودانية لوضع حد للفظاعة التي يرتكبها الجنجويد".166 كما أصدر البرلمان الأوربي قرارات وتصريحات قوية حول الأزمة في دارفور. وقد ضغطت بعض الدول الأوربية بقوة وراء الكواليس لتحسين أداء الحكومة السودانية في مجال حقوق الإنسان واستجابة الاتحاد الأوربي له.

ورغم بعض التصريحات العامة القوية من الاتحاد الأوربي، هناك القليل من الإدانة العامة من قبل حكومات أوربية رئيسية مثل المملكة المتحدة وفرنسا وهولندا، وجميعها لها سفارات في الخرطوم وعلاقات مع حكومة السودان ومصالح هامة في محادثات سلام إيغاد الجارية في نيفاشا، كينيا لإنهاء الحرب في جنوب السودان. وبالفعل، رغم الإدراك المتزايد لمدى الانتهاكات التي تحدث في دارفور، بدت الحكومات الأوربية، حتى أبريل/نيسان، غير راغبة في ممارسة ضغط جدي على حكومة السودان، خشية أن تؤدي دارفور إلى تقويض سنتين من محادثات نيفاشا.

كما فضل الأوربيون أن يتركوا القيادة للاتحاد الأفريقي في مراقبة وقف إطلاق النار، مختارين بدلاً من ذلك أن يقدموا الدعم المالي واللوجستي والدعم بالعناصر للبعثة التي يقودها الاتحاد الأفريقي. ولكن وزيراً ألمانياً طلب أن تقوم قوات الأمم المتحدة بمراقبة وقف إطلاق النار، بدلاً من قوات الاتحاد الأفريقي التي يجري الإعداد لها.167

ويبدو أن آليات الرد السريع للاتحاد الأوربي لم تعمل بالمعنى السياسي أو الدبلوماسي أو العملي على تنبيه الاتحاد لكي يتخذ إجراءات فعالة في قضية دارفور. لقد كانت الأمم المتحدة تحذر من الحاجة الإنسانية الملحة منذ 2003. ولم يرد الاتحاد الأوربي ولا غيره من المانحين على رفض الحكومة السودانية العبور الإنساني ولا على التقارير الأولية عن حدوث انتهاكات. وبدلاً من ذلك لم تأت الحكومات الأوربية على ذكر انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة التي أدت إلى النزوح، إلى أن بلغ عدد النازحين أكثر من مليون مع توقع حدوث كارثة إنسانية.

الاتحاد الأفريقي والدول الأفريقية الأعضاء

كانت إدانة الدول الأفريقية الأعضاء في الاتحاد الأفريقي لانتهاكات حكومة السودان ضعيفة أو معدومة. وقد ساعد الأعضاء الأفارقة في لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، متصرفين كمجموعة، في تقويض القرار المقترح على اللجنة في أبريل/نيسان والقاضي بتعيين مقرر خاص وإدانة انتهاكات الحكومة السودانية في دارفور.

ولعب الاتحاد الأفريقي دور المراقب لوقف إطلاق النار وللمحادثات السياسية الجارية في نجامينا، تشاد، وقد أوكلت إليه مهمة إنشاء لجنة وقف إطلاق النار في دارفور عقب اتفاق وقف إطلاق النار في 8 أبريل/نيسان.

وفي بيان صادر عن جلسة أبريل/نيسان، عبر مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي عن قلقه حيال "الوضع الإنساني الخطير في دارفور"، ودعا حكومة السودان "محاكمة المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان"، ولكن منذئذ تركز الجهد على نشر مراقبين لوقف إطلاق النار.

وقد طالب الاتحاد الأفريقي بعشرة ملايين دولار أمريكي لمهمة مراقبة وقف إطلاق النار وللمساعدة الإنسانية في دارفور.168 إن اقتراح الاتحاد الأفريقي لتأسيس لجنة لوقف إطلاق النار ضعيف من نواح عدة، وبالتحديد فيما يتعلق بعدد المراقبين. وهو يقترح أيضاً مشاركة 100-200 جندي بمثابة "حماة" لمراقبي وقف إطلاق النار،، عند الحاجة،169 ويقترح أن يكونوا من الجنود الأثيوبيين والتشاديين. وكلا البلدين غير محايد تجاه السودان.

ومنذ كتابة هذا التقرير، بعد شهر (30 يوماً) من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار(قبل 45 يوماً)، لا وجود لمراقبين على الأرض رغم أن مهمة الاستطلاع قد تبدأ قريباً.

الولايات المتحدة

لقد اتخذت الحكومة الأمريكية أقوى موقف عام حيال دارفور قياساً على أي حكومة أخرى، وأعطت تصريحات متكررة تدين انتهاكات حقوق الإنسان وتدعو الحكومة السودانية لمعالجة الوضع. وفي 7 أبريل/نيسان أدان الرئيس الأمريكي جورج بوش "الفظاعات" في السودان ودعا إلى السماح بعبور إنساني غير مقيد.170

وعقد مجلس النواب الأمريكي جلسات استماع عن دارفور، أو جلسات تم فيها تناول موضوع دارفور.171 وقد لفت موظفو المعونات الأمريكيون النظر مراراً إلى الحاجات الإنسانية الكبيرة في المنطقة، مع قيامهم بزيارات متكررة إلى دارفور وإدلائهم بتصريحات. وقد عقد الرئيس التنفيذي للمعونة الأمريكية مؤتمراً صحفياً ليدين مماطلة الحكومة السودانية في منح تأشيرات لثمانية وعشرين عامل إغاثة طارئة أمريكيين.172

إن حقيقة كون السياسة الأوربية تجاه دارفور مغايرة للسياسة الأمريكية سمحت لحكومة السودان أن تستغل التعارض بين الحكومات لصالحها، حيث انتقد الأوربيون ضمناً الولايات المتحدة كونها عدائية أكثر مما يجب وربما تهدد محادثات نيفاشا. ومع تنامي الزخم، دفعت الولايات المتحدة باتجاه طرح قضية دارفور على مجلس الأمن في الوقت الذي عملت أمريكا والاتحاد الأوربي على ترك لجنة وقف إطلاق النار للاتحاد الأفريقي.

الاستجابة الإنسانية

لقد حرم غالبية المدنيين المنكوبين من ملكياتهم وأرضهم وحرية حركتهم. ونظراً لأنهم محصورون في مخيمات ومستوطنات للنازحين وغير قادرين على الوصول إلى أراضيهم أو حتى على جمع الطعام من البرية أو على الذهاب إلى الأسواق أو الهجرة للعمل الذي يمكن في الحالات العادية أن يؤمن لهم معيشتهم وقت الأزمات، فإنهم معتمدون كلياً على المساعدة الإنسانية. حتى اليوم، فإن المساعدة الإنسانية المتوفرة للمدنيين في دارفور غير كافية. فليس هناك سوى بضعة وكالات إنسانية عالمية تعمل في دارفور، ويقولون إن الحاجات أكثر بكثير من قدرة العلميات الإنسانية الموجودة.

وفي الكثير من مناطق دارفور يتزايد سوء التغذية وتتدهور الأحوال الصحية بسرعة. في بعض الأماكن استهلكت مخزونات الطعام في أوائل أبريل/نيسان.173 وتلوح في الأفق ملامح كارثة إنسانية محتملة، حيث يقدر بعض المراقبين أن مئة ألف إنسان يمكن أن يموتوا بسبب المرض وسوء التغذية وظروف أخرى ما لم تتم زيادة كبيرة في حجم المعونات.174




146 "تصريح فخامة عمر حسن أحمد البشير، رئيس جمهورية السودان"، الخرطوم، 9 فبراير/شباط 2004.

147 "مؤكدة وجود أزمة إنسانية كبيرة، الأمم المتحدة تطالب بتحسين الوضع الأمني"، أخبار الأمم المتحدة، 1 مايو/أيار 2004، على:

http://wwww.reliefweb.int/w/rwb.nsf/480fa8736b88bbc3c12564f6004c8ad5/f1e23a64dfa393e549256e88001fc03 5?OpenDocument (تم الاطلاع في 2 مايو/أيار 2004).

148 انظر " يقول متمردو دارفور أنه من غير المرجح استئناف وقف إطلاق النار"، إيرين، نيروبي، 3 ديسمبر/كانون الأول 2003.

http://www.irinnews.org/report.asp?ReportID=38203&SelectRegion=East_Africa&SelectCountry=SUDAN قال جيش تحرير السودان: "وقف إطلاق النار هذا مضيعة للوقت، لا يوجد وقف إطلاق نار".

149 السفير مايكل رانبيرغر، مستشار خاص بالسودان، وزارة الخارجية الأمريكية، عن "موت المهجرين في السودان"، إذاعة إن بي آر، واشنطن دي سي، 30 أبريل/نيسان 2004،

http://www.moretothepoint.com (تم الاطلاع في 3 مايو/أيار 2004).

150 رئيس الحقوق بالوكالة يعبر عن قلقه من الوضع المتدهور في منطقة دارفور في السودان"، جنيف، 29 يناير/كانون الثاني 2004 وغيرهارد آر. بوم، بيان صحفي، كولونيا، ألمانيا، 2 فبراير/شباط 2004. وكان بوم على رأس وفد ألمانيا إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من 1992 إلى 1998 ومقررها الخاص لحقوق الإنسان في السودان من 2000 إلى 2003.

151 بي بي سي أون لاين، "جرائم اغتصاب واسعة غرب دارفور"، 19 مارس/آذار 2004.

http://news.bbc.co.uk/2/hi/africa/3549325.stm (تم الاطلاع في 30 أبريل/نيسان 2004).

152 بيان صحفي للأمم المتحدة، "السودان: المبعوث يحذر من تطهير عرقي ومجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار"، 2 أبريل/نيسان 2004.

http://www0.un.org/apps/news/story.asp?NewsID=10307&Cr=sudan&Cr1=.

153 الأمم المتحدة، "موجز صحفي عن الأزمة الإنسانية في دارفور، السودان"، نيويورك، 2 أبريل/نيسان 2004.

154 مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بيان صحفي، "تصريح صحفي عن دارفور، السودان، من قبل رئيس مجلس الأمن"، نيويورك، 2 أبريل/نيسان 2004، http://www.un.org/News/Press/docs/2004/sc8050.doc.htm (تم الاطلاع في 3 مايو/أيار 2004).

155"الأمين العام يحيي اليوم العالمي لذكرى الإبادة الجماعية في 94"، جنيف، 7 أبريل/نيسان 2004.

156 http://www.unog.ch/news2/documents/newsen/sg04003e.htm

157 إيرين، "بعثة الأمم المتحدة تصل إلى الخرطوم، وتغادر متوجهة إلى دارفور"، نيروبي، 29 أبريل/نيسان 2004.

http://www.irinnews.org/report.asp?ReportID=40825&SelectRegion=East_Africa&SelectCountry=SUDAN.

158 بيان صحفي للأمم المتحدة، "ثمانية خبراء حقوق إنسان في الأمم المتحدة يعربون عن قلقهم حيال الانتهاكات الواسعة التي تنقلها التقارير من دارفور، السودان"، جنيف، 26 مارس/آذار 2004.

159 "بعثة الأمم المتحدة تبدأ التحقيق في الانتهاكات في غرب السودان"، وكالة الأنباء الفرنسية، جنيف، 6 أبريل/نيسان 2004.

http://wwww.reliefweb.int/w/rwb.nsf/480fa8736b88bbc3c12564f6004c8ad5/0777c05b5cfab6e385256e6e006aec

d9?OpenDocument.

160 التقرير موجود على:

http://www.ecosonline.org/back/pdf_reports/Nieuws/April/UNdarfur.pdf

161 إيرين، "بعثة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تتوجه إلى دارفور"، نيروبي، 22 أبريل/نيسان 2004.

http://www.irinnews.org/report.asp?ReportID=40700&SelectRegion=East_Africa&SelectCountry=SUDAN.

162 "حجب تقرير عن انتهاكات السودان" بي بي سي أون لاين، 22 أبريل/نيسان 2004.

http://news.bbc.co.uk/1/hi/world/africa/3648451.stm (تم الاطلاع في 3 مايو/أيار 2004).

163 "تأجيل تصويت الأمم المتحدة عن السودان وسط اتهامات عن تسريب تقرير دارفور"، وكالة الأنباء الفرنسية ، جنيف، 22 أبريل/نيسان 2004.

164 السفير الأمريكي ريتشارد وليامسون، تصريح أمام لجنة حقوق الإنسان، جنيف، 23 أبريل/نيسان 2003،

http://www.humanrightsusa net/statements/0423Sudan.htm

165 بيان صحفي للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، "تعبر لجنة حقوق الإنسان عن قلقها العميق إزاء وضع حقوق الإنسان في غرب السودان"، جنيف، 23 أبريل/نيسان 2003.

http://www.unhchr.ch/huricane/huricane.nsf/NewsRoom?OpenFrameSet.

166 تصريح للرئاسة بالنيابة عن الاتحاد الأوربي عن الوضع في دارفور (السودان)، 6750/04, P 26/04، بروكسل، 25 فبراير/شباط 2004.

167 بيان صحفي لوزارة التنمية الألمانية، "يجب أن يقوم أصحاب القبعات الزرق التابعين للأمم المتحدة بمراقبة وقف إطلاق النار في غرب السودان"، برلين، 29 أبريل/نيسان 2004،

http://www.bmz.de/en/press/pressemitteilungen/presse20040429.html (تم الاطلاع في 3 مايو/أيار 2004).

168 "الاتحاد الأفريقي يطالب بمبلغ 10 مليون دولار أمريكي لأزمة دارفور في السودان"، وكالة الأنباء الفرنسية، أديس أبابا، 22 أبريل/نيسان 2004.

http://wwww.reliefweb.int/w/rwb.nsf/480fa8736b88bbc3c12564f6004c8ad5/287fceb61a815221c1256e7e0036e6

c3?OpenDocument

 169 الاتحاد الأفريقي، اقتراحات لإنشاء بعثة لوقف إطلاق النار، غير مؤرخ. ويحدد الاقتراح أن يتم "تفكيك القوات" في غضون أسبوعين من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وأن تتم مهمة الاستطلاع في غضون ثلاثين يوماً – موعد متأخر إذا أخذنا في الاعتبار إلحاحية الوضع.

170 جورج بوش، تصريح، "الرئيس يدين الفظاعات التي تتم في السودان"، 7 أبريل/نيسان 2004.

171 مجلس النواب الأمريكي، لجنة العلاقات الدولية، اللجنة الفرعية المعنية بأفريقيا، جلسة استماع، "السودان: هل اتفاق السلام قريب؟" واشنطن، دي سي، 11 مارس/آذار 2004.

http://wwwc.house.gov/international_relations/afhear108.htm#Hearings/Meetings%20of%20108th%20Congress

مجلس الشيوخ الأمريكي، لجنة العلاقات الخارجية، اللجنة الفرعية الخاصة بأفريقيا، السناتور روسل فينغولد، تصريح: "الوضع في دارفور"، مجلس الشيوخ، واشنطن دي سي، 30 مارس/آذار 2004؛ السناتور إدوارد كينيدي، تصريح: "عن السودان"، مجلس الشيوخ الأمريكي، 29 أبريل/نيسان 2004.

172 مؤتمر صحفي، واشنطن دي سي، 27 أبريل/نيسان 2004.

173 "الحمى وسوء التغذية تتزايد في منطقة دارفور، السودان"، تصرح صحفي لمنظمة أطباء بلا حدود، باريس، 28 أبريل/نيسان 2004.

174 تصريح من روجيه وينتر، مساعد مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، نجامينا، تشاد، 31 مارس/آذار 2004.

http://www.usaid.gov/press/speeches/2004/sp040331.html (تم الدخول في 3 مايو/أيار 2004)