الولايات المتحدة الأمريكية
USA
Report

الولايات المتحدة


الجزء التالي
المحتويات
  

الولايات المتحدة الأمريكية:
"نحن لسنا العدو"
جرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين ومن يُظَن أنهم من العرب أو المسلمين
بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول

ملخص

في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 أصبح العرب والمسلمون في الولايات المتحدة هدفا لموجة شديدة من العنف كرد فعل لهذه الهجمات، إلى جانب الأشخاص الذين يُتوَهَّم خطأ أنهم مسلمون كالسيخ أو بعض مواطني جنوب آسيا. وتتضمن جرائم الكراهية التي وقعت في هذا السياق القتل العمد والضرب وإشعال الحرائق والهجوم على المساجد والاعتداء على السيارات والتهديد اللفظي. وكان هذا العنف موجها إلى الأفراد لا لشيء سوى أنهم ينتمون، أو يُظَنُّ أنهم ينتمون، إلى نفس الخلفية الوطنية أو الديانة التي ينتمي إليها الخاطفون وأعضاء تنظيم القاعدة الذين يعتبرون مسؤولين عن الهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون.

ولم يكن العنف الموجه ضد العرب والمسلمين في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول مجموعة من الحوادث غير المسبوقة، فعلى مدى السنوات العشرين الماضية أضحت جرائم الكراهية الناجمة عن ردود الأفعال العكسية ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة أمرا يمكن التنبؤ به، ويثيره الصراع في الشرق الأوسط وأعمال الإرهاب التي تنسب إلى العرب والمسلمين. إلا أن جرائم الكراهية التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول كانت متفردة في شدتها ومداها. وإذا لم تكن ثمة إحصائيات وطنية شاملة يمكن الوثوق بها في هذا الصدد، فإن الجاليات العربية والمسلمة تفيد بوقوع أكثر من 2000 حادث مرتبط برد الفعل المناوئ في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. ويفيد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الجرائم الموجهة ضد المسلمين تضاعفت 17 مرة على مستوى الولايات المتحدة في عام 2001. وفي مقاطعة لوس أنجيليس وفي شيكاغو ذكر المسؤولون أن الجرائم الموجهة ضد العرب والمسلمين تضاعفت 15 مرة في عام 2001، بالمقارنة بالعام السابق.

وفي حالات كثيرة استجاب مسؤولو الحكومة استجابة سريعة وحاسمة لأحداث العنف التي وقعت كرد فعل لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول؛ فقد أدان الرئيس جورج دبليو بوش والعديد من مسؤولي الولايات والمدن جرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين بصورة علنية. وبالإضافة إلى ذلك، وكما يسجل هذا التقرير، فقد اتخذت حكومات الولايات والحكومات المحلية في شتى أنحاء الولايات المتحدة سلسلة من الخطوات سعيا لاحتواء أعمال العنف وتقديم مرتكبيها إلى العدالة. إلا أن بعض جوانب حملة الحكومة الأمريكية لمكافحة الإرهاب أدت لتقوية الاعتقاد العام بأن الجاليات العربية والمسلمة عموما مشتبه فيها، وترتبط "بالعدو" في حرب الولايات المتحدة على الإرهاب، ومن هذه الجوانب احتجاز 1200 شخص معظمهم من الشرق الأوسط وجنوبي آسيا بسبب احتمال وجود صلات بينهم وبين الإرهاب، والجهود الموجهة لاستجواب خمسة آلاف من الشباب المنتمين للشرق الأوسط، وقرار تسجيل بصمات أصابع الزائرين القادمين من بلدان بعينها من الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

وفي هذا التقرير، تسجل منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" طبيعة العنف الذي جاء كرد فعل لأحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، واستجابة الحكومات المحلية والفيدرالية وحكومات الولايات. وتستند منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" فيه إلى بحوث أجرتها في ست مدن كبرى لتحديد الممارسات العامة المستخدمة لحماية الأفراد والجاليات من جرائم الكراهية. ويركز التقرير بوجه خاص على أربع مكونات في هذا الصدد، وهي نشر قوات الشرطة، وتحريك الدعوى القضائية وتتبع جرائم التحيز والاتصال بالجاليات المضارة.

ويبين بحث المنظمة أن التحرك قبل تفجر جرائم الكراهية المحتملة يمكن أن يخفف من الضرر الذي قد يلحق بالأفراد والممتلكات من جرائم رد الفعل. فنجد مثلا أن النجاح في التصدي للعنف الناجم عن رد الفعل العكسي في ديربورن وميشيغان، حيث لم يقع سوى اعتداءين مرتبطين بالحادي عشر من سبتمبر/أيلول في مدينة بها 30 ألف من العرب الأمريكيين، يعكس الخطوات التي اتخذها المسؤولون المحليون ومسؤولو الولايات قبل الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بوقت طويل؛ إذ حددت شرطة ديربورن على وجه الدقة الجاليات الأكثر تعرضا للخطر، واستعدت لنشر الضباط في الأماكن المطلوب تواجدهم فيه خلال ساعات من الهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، وذلك لأن العلاقات المسبقة بين زعماء الجاليات والمسؤولين سهلت الاتصالات بينهم. أما في بعض المدن الأخرى مثل لوس أنجيليس ومدينة نيويورك، حيث لا تتمتع إدارات الشرطة بعلاقات قوية سابقة مع العرب والمسلمين، فقد سارعت الشرطة بنشر الضباط في المناطق المعرضة للخطر فور بدء حوادث رد الفعل المناوئ.

وعلى الرغم من وجود نظم عديدة لمتابعة جرائم التحيز في الولايات المتحدة، فقد أدى القصور في هذه النظم إلى الحد من الإبلاغ الكامل والدقيق عن طبيعة ومدى العنف الناجم عن رد الفعل العكسي في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وهذا ما يبين أن تخصيص الموارد العامة لمنع جرائم الكراهية والتعامل معها يتطلب رصد هذه الجرائم بشكل أفضل وأكمل وأدق. ولم تضع أي مدينة من المدن التي أجري عليها البحث أي خطة لتخفيف رد الفعل العكسي. إلا أن التاريخ الحديث للولايات المتحدة، كما يشير هذا التقرير، يوضح أن العنف في إطار رد الفعل العكسي يعقب عادة الأعمال الإرهابية المنسوبة إلى العرب أو المسلمين. ولما كان من المتوقع أن تؤدي الأعمال الإرهابية في المستقبل في الولايات المتحدة أو الصراع في الشرق الأوسط إلى توليد موجات جديدة من العنف ضد أفراد الجاليات العربية والإسلامية، فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تعتقد أن الحكومة الفيدرالية والمحلية وحكومات الولايات يجب أن تضع الخطط اللازمة لمنع العنف الناجم عن رد الفعل المناوئ وتخفيف حدته.

وفي آخر الأمر فإن منع العنف ضد العرب يتطلب التزاما وطنيا مستمرا بالتسامح والاحترام والتعددية الثقافية والإقرار بأن "الذنب بالتبعية" ليس له مكان في الولايات المتحدة. ولكن إلى أن يحدث ذلك، فسيظل المسؤولون العموميون يواجهون التحدي المتمثل في ضرورة مكافحة العنف الناجم عن رد الفعل المناوئ من جانب الأفراد الذين يتصرفون من تلقاء أنفسهم، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق المسؤولين بموجب القانون الأمريكي والقانون الدولي.

ويأتي رد الفعل المناوئ في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول ضد العرب والمسلمين في إطار مشكلة أكبر وأقدم، هي مشكلة جرائم الكراهية في الولايات المتحدة. فعلى مدى السنوات العشر الماضية وقعت مجموعة من الحوادث المختلفة، مثل ضرب رودني كينغ، ومقتل يوسف هوكنز عام 1993 لأسباب عنصرية في بنسونهيرست في نيويورك، وإطلاق النار بصورة عشوائية عام 1993 على محطة رود أيلند للقطارات، وإحراق عدد من الكنائس الأمريكية الأفريقية في صيف 1996، ومقتل جيمس بيرد عام 1998، ومقتل ماثيو شيبرد عام 1999، وقد أدت هذه الحوادث إلى اشتداد الدعوة في الولايات المتحدة لتوجيه مزيد من الاهتمام إلى التعصب العنيف والجرائم المدفوعة بالتحيز ضد جماعات معينة على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو الميل الجنسي. وعلى الرغم من أن هذا التقرير يدور حول العنف الموجه ضد العرب والمسلمين تحديدا، فإن جوانب القوة والضعف في استجابات المسؤولين على رد الفعل العكسي في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول تعكس جوانب القوة والضعف في الاستجابة الرسمية لجميع جرائم الكراهية عموما.


الجزء التالي
المحتويات