Egypt



Egypt Egypt
  

II. على المستوى المحلي

1. التعديلات الدستورية الأخيرة وقانون مكافحة الإرهاب المُقترح

جاء في تعهدات الحكومة المصرية أن ثمة "خطوات تاريخية على طريق الإصلاح السياسي" تتحقق في الوقت الحالي، بالإضافة إلى الالتزام بـ "رفع حالة الطوارئ المطبقة حالياً، مع تبني تشريع جديد لمكافحة الإرهاب"، وهذا في إطار "ما تحقق في العامين الماضيين من زخم وإنجازات"20

والتعديلات الدستورية، التي وافق عليها مجلس الشعب في تصويت هيمن على مجرياته الحزب الوطني في 21 مارس/آذار وأجازها الناخبون المصريون في استفتاء 26 مارس/آذار، قد أدخلت بعضاً من أسوأ عيوب حالة الطوارئ إلى الدستور.21 وقال المراقبون القضائيون ومراقبو المجتمع المدني، ومنهم من ينتمون إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن ثمة بعض المخالفات شابت عملية الاقتراع، وإن نسبة مشاركة الناخبين الحقيقية كانت جزءاً ضئيلاً من النسبة الرسمية المعلن عنها للمشاركة وهي 27% من الناخبين المُسجلين.

وقد ألغت التعديلات التي تم إدخالها على المادة 179 من الدستور ضمانات دستورية في شأن حاجة الحكومة إلى الحصول على أذون قضائية قبل تفتيش بيوت المواطنين، ومراسلاتهم، ومراقبة المكالمات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال، في حالة إذا قدرت الحكومة أن النشاط المعني بالتحقيق على صلة بالإرهاب. وفي مثل هذه الحالات يتم السماح للرئيس أيضاً بتحويل القضايا إلى محاكم "استثنائية" أو محاكم عسكرية، وهى محاكم لا تتفق شروط المحاكمة فيها مع المعايير الدولية والإقليمية للمحاكمة المنصفة، ومنها النص على أن تكون المحاكم مستقلة ومحايدة وتسمح لأي طرف في القضية بالطعن في حيادها. كما تخول التعديلات قوات الأمن بممارسة سلطات الاعتقال التي قد تؤدي إلى الاحتجاز التعسفي غير محدد المدة.

وهناك من التعديلات المتبناة أيضاً ما يُجّرم أي حزب سياسي أو نشاط سياسي في إطار من المرجعية الدينية أو أي أساس ديني أو على أساس من النوع أو الأصل. ويحظر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أي حظر فضفاض من هذا القبيل على فئات بعينها من الأحزاب السياسية أو النشاط السياسي، بل يكفل للمواطنين، في المادة 25 منه، الحق في المشاركة في الشؤون العامة سواء بشكل مباشر أو عبر نواب مختارين ينوبون عنهم، والحق في التصويت والترشح في انتخابات دورية ومنصفة. وهذه الحقوق تتضمن المشاركة في الأحزاب السياسية والتصويت لصالحها، ولا يمكن حظرها على أساس من العرق أو الدين أو النوع، بالإضافة لأسس أخرى للحظر. ويخالف القانون النافذ حالياً حقوق مناصري الأحزاب التي تتمتع بمرجعية دينية لبرامجها، إذ ينتهك حقهم في التجمع والتصويت لصالح ممثلين يجسدون اختيارهم.

ويجب رؤية هذا التعديل في سياق حملة القمع الحكومية المستمرة على الإخوان المسلمين في مصر، والتي وبرغم أنها أعلنت شجب العنف لعقود، ورغم أنها كتلة المعارضة الأكبر في البرلمان، تبقى محظورة في مصر. وعلى امتداد العام المنقضي، قامت الحكومة باحتجاز أكثر من 1000 عضو من أعضاء هذا التنظيم، وتم احتجاز الكثير منهم لمدة تبلغ ثمانية أشهر دون توجيه اتهام إليهم أو مثولهم للمحاكمة. وقد برأت محاكم مدنية بعضهم في بداية الأمر، ثم تم اعتقالهم مجدداً فور حصولهم على البراءة وخضعوا للاحتجاز على ذمة محاكمة أمام محكمة عسكرية، لا ترتقي إجراءات التقاضي بها إلى مستوى المعايير الدولية، والتي لا يمكن الطعن في أحكامها في الوقت الحالي.22 وفي 9 مايو/أيار، قام مجلس الشعب بالتصويت على رفع الحصانة البرلمانية عن عضوين ينتميان للإخوان المسلمين، وهذا بعد أيام من احتجازهم بصفة مؤقتة من جانب الحكومة في محافظة المنوفية، بينما كانا يحضران اجتماعاً يناقش انتخابات مجلس الشورى القادمة.

2. الإفلات من العقاب في حالات انتهاك حقوق الإنسان

ترحب المنظمتان الموقعتان أدناه بتعهد الحكومة المصرية بـ "مزيد من الدعم لآليات على المستوى القطري لكافة المواطنين لتمكينهم من التقدم بأية شكاوى والحماية من أي من أنواع الإفلات من العقاب"23 وعلى الأخص بما أن التعذيب قد أصبح منتشراً في مصر ويؤثر على أعداد غفيرة من المواطنين العاديين الذين يجدون أنفسهم رهن اعتقال الشرطة كمشتبه بهم أو على صلة بتحقيقات جنائية. ولا تحقق السلطات المصرية في السواد الأعظم من مزاعم التعذيب برغم التزامها بهذا بموجب كل من القانون المصري والدولي. وفي الحالات القليلة التي شهدت محاكمة ضباط الشرطة على التعذيب أو المعاملة السيئة، كانت الاتهامات في العادة لا تتناسب مع حجم الفعل المُرتكب، وكذلك حال العقوبات المفروضة؛ وهذا النقص في المساءلة العامة الفعالة وفي الشفافية قد أدى إلى انتشار ثقافة الإفلات من العقاب.

وقد أدت أحكام القوانين المصرية التي تسمح بالاحتجاز دون اتصال بالعالم الخارجي لفترات مطولة في حالات كثيرة، إلى صعوبة إثبات وقوع التعذيب؛ فعندما يسمح للمحتجزين باللجوء لمحامين أو أطباء شرعيين، تكون قد مرت فترة باتت معها آثار التعذيب قديمة بحيث يصعب تحديد زمن الإصابة بها.

وقد خضعت المحاكمة جراء التعذيب للعرقلة أيضاً بسبب التعريفات القانونية لهذه الجريمة، وبموجب المادة 126 من قانون العقوبات المصري، فالتعذيب يقتصر على الأذى البدني الذي يلحق بالضحية فقط في حالة إن كان "متهماً"، وفقط حين يتم استخدام التعذيب لإجبار الشخص على الإدلاء باعتراف رغماً عنه. وهذا التعريف الضيق يستبعد، وعلى نحو غير مناسب، حالات إلحاق الأذى الذهني أو النفسي، وإلحاق الأذى لأغراض أخرى غير استخلاص اعتراف. والنتيجة هي أن ضباط الشرطة، في الحالات النادرة التي تمت إدانتهم بالإساءة إلى المحتجزين، يتلقون أحكاماً مخففة، وقد تقدم المشرعون المصريون المعارضون، مراراً ودون أن يلاقوا نجاحاً، بمشروع قانون إلى مجلس الشعب يغير من القانون بحيث يتواءم مع التعريفات الدولية للتعذيب.

3. حرية التنظيم ودور المجتمع المدني

وترحب المنظات الموقعة أدناه أيضاً بتعهد الحكومة المصرية بـ "تشجيع جهود المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والإعلام في الإسهام كشركاء في حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في سياق التشريعات الوطنية النافذة"24 وتأمل المنظمتان في أن تلغي الحكومة، وفي إطار تحقيق هذه الغاية، أمرها بإغلاق مكاتب دار الخدمات النقابية والعمالية؛ فقد قامت عناصر من رجال الأمن بإغلاق مقار لدار الخدمات النقابية والعمالية في 25 إبريل/نيسان، والتي تقدم مساعدة قانونية لعمال المصانع المصريين، وتوعيهم بحقوقهم، وتصدر التقارير عن قضايا حقوق العمال في البلاد؛ وقد ألقت وزارة التضامن الاجتماعي باللوم على دار الخدمات النقابية والعمالية بزعم إثارة الإضطرابات في الأوساط العمالية في أنحاء البلاد.25

وكان إغلاق الحكومة لمقار دار الخدمات النقابية والعمالية هو الخطوة الأخيرة في حملتها القمعية على المنظمة، وفي 11 إبريل/نيسان، ذهب زهاء 100 ضابط شرطة إلى مكتب دار الخدمات النقابية والعمالية في مدينة المحلة الكبرى الواقعة على دلتا النيل لتنفيذ قرار إداري يقضي بإغلاق المكتب، وكان هذا بعد إصدار اللواء الشربيني حشيش، رئيس المجلس المحلي لبلدة نجع حمادي الصناعية الواقعة جنوبي مصر، لقرار إداري في 29 مارس/آذار يقضي بإغلاق فرع الدار في نجع حمادي، بدعوى أنها تنتهك قانون الجمعيات المصري، وإن لم يأت الأمر الإداري على ذكر كيفية الانتهاك.26

كما تأمل المنظمتان الموقعتان أدناه في أن يكون تعهد الحكومة بـ "تشجيع جماعات المجتمع المدني

وقد عبرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان عن قلقها إزاء البيئة القانونية الحكومية العدوانية التي يعمل فيها المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر؛ وفي العام 2006 قالت الممثلة الخاصة:

ما زال القانون رقم 84 لسنة 2002 يعرض الحق في حرية التنظيم للخطر إلى حد كبير، إذ يمنح الحكومة سلطة غير محدودة في مجال إدارة وعمل المنظمات غير الحكومية. والقانون الذي بدأ ينفذ منذ يونيو/حزيران 2003، ينص على عقوبات جنائية جراء الأنشطة "غير المصرح بمزاولتها" ومنها "الانخراط في الأنشطة السياسية أو النقابية، والتي تحق ممارستها للأحزاب السياسية والنقابات" (المادة 11). بالإضافة إلى أن القانون ينص على السجن حتى ستة أشهر جراء تلقي تبرعات بالنيابة عن منظمة غير حكومية دون موافقة مسبقة من الوزارة. والأشخاص الذين يزاولون أنشطة خاصة بالمنظمة غير الحكومية قبل تسجيل المنظمة الرسمي، هم أيضاً عرضة للحبس لفترة تصل إلى ثلاثة أشهر.29

كما تأمل المنظمتان الموقعتان أدناه في أن يُلمح تعهد الحكومة بتشجيع وسائل الإعلام على "الإسهام كشركاء في حماية وصيانة حقوق الإنسان في سياق التشريعات الوطنية النافذة" إلى نية الحكومة في التوقف عن حملتها القمعية الأخيرة على حرية التعبير في البلاد وإصلاح القوانين المصرية الحاكمة لوسائل الإعلام.

وفي 2 مايو/أيار، عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة، عاقبت محكمة جنائية بالقاهرة صحفية الجزيرة هويدا  طه متولي، والتي تعمل في الوقت نفسه في صحيفة القدس العربي الصادرة من لندن، بالحبس ستة أشهر جراء إنتاجها لفيلم تسجيلي عن التعذيب في مصر.

وجاء الحكم في أعقاب سلسلة من التهديدات لحرية التعبير في مصر. ففي 14 إبريل/نيسان 2007، أوقفت عناصر أمنية الصحفي التلفزيوني وصاحب المدونة عبد المنعم محمود في مطار القاهرة وهو يحاول استقلال طائرة إلى السودان حيث كان سيعمل على موضوع خاص بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي لصالح قناة الحوار الفضائية التي تبث برامجها من لندن. وقد كتب عبد المنعم محمود، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في مدونته عن تجربة التعذيب التي خضع لها في العام 2003، وتحدث قبيل اعتقاله عن التعذيب في مصر في مؤتمرات في الدوحة والقاهرة وفي مقابلات مع صحفيين ومنظمات حقوقية. وهو في الوقت الحالي رهن الاحتجاز في سجن طرة القريب من القاهرة، بانتظار محاكمته على تهم خاصة "بالانتماء إلى منظمة محظورة".

وفي 12 مارس/آذار 2007، أكدت محكمة استئناف الإسكندرية الحكم الصادر بحق عبد الكريم نبيل سليمان، صاحب المدونة الذي قام بتوجيه الانتقاد للإسلام والرئيس حسني مبارك. وفي 10 مارس/آذار، عاد الناشط العلماني وصاحب المدونة محمد الشرقاوي، وهو نفسه ضحية لتعذيب الشرطة، إلى بيته ليجد حاسبه النقال مسروقاً، والذي قال عنه إنه يحتوي على تسجيلات فيديو غير منشورة تعرض لوقائع إساءة الشرطة، ولم يتم مس النقود أو الأغراض القيمة بالشقة.

وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، صدر عن محكمة عسكرية في القاهرة حكماً بحق طلعت السادات النائب بمجلس الشعب المنتخب كنائب مستقل وفي الوقت نفسه ينتمي لحزب الأحرار المُجمد وقريب الرئيس السابق أنور السادات، بالسجن لمدة عام بسبب "إهانة القوات المسلحة والحرس الجمهوري".

وفي 26 يونيو/حزيران 2006، حكمت محكمة قريبة من القاهرة على إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة الدستور المعارضة وسحر زكي، الصحفية بنفس الصحيفة، بالسجن لمدة عام جراء "إهانة الرئيس" و"نشر شائعات كاذبة ومغرضة" فيما يتصل بتغطية الدستور لقضية مرفوعة ضد الرئيس مبارك ومسئولين كبار في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وطعن الاثنان في الحكم، وفي 27 فبراير/شباط 2007، خففت محكمة استئناف بالقاهرة من الحكم إلى غرامة بما يعادل 3,950 دولاراً.

وجاءت التعديلات المنتظرة منذ فترة طويلة على قانون الصحافة المصري في يوليو/تموز 2006 تاركة المادة 308 من قانون العقوبات نافذة، وبموجب هذه المادة يمكن الحكم بالحبس لمدة ستة أشهر على الصحفيين الذين "تطعن مقالاتهم في شرف الأشخاص، أو تسيء إلى سمعة العائلات".

كما تم الإبقاء على المادة 179 التي تنص على احتجاز "من يهين الرئيس أو الجمهورية"، وكذلك المادة 102 مكرر التي تنص على السماح باحتجاز "من ينشر عن عمد أخباراً أو معلومات أو بيانات كاذبة أو مغرضة، أو يروج لدعاية مغرضة قائمة، إذا كان هذا كفيل بالإضرار بالأمن العام ونشر الخوف بين المواطنين، أو التسبب في إلحاق الأذى أو الضرر بالمصلحة العامة".

والأحكام القانونية الفضفاضة واسعة المعنى في قانون الصحافة المصري كفيلة بالسماح بالانتهاكات ومخالفة المعايير الدولية الخاصة بحرية التعبير.



20  المرجع السابق، فقرة أ 3.

21  See: "Personal Rights in Peril: The Counter-Terrorism Constitutional Amendment and its Impact on the Legal Protection of Freedoms in Egypt" The Egyptian Initiative for Personal Rights 18 March 2007. The report is available at: http://www.eipr.org/reports/179_07/contents%20ar.htm.

22  هيومن رايتس ووتش، "مصر: معتقلو الإخوان المسلمون يواجهون المحاكم العسكرية"، 15 فبراير/شباط 2007، http://hrw.org/english/docs/2007/02/15/egypt15329.htm.

23  التعهدات المصرية، فقرة 4 ب

24  التعهدات المصرية، فقرة 15 ب

25  هيومن رايتس ووتش، "مصر: أوقفوا مضايقة جماعة حقوق العمال"، 27 إبريل/نيسان، 2007، http://hrw.org/arabic/docs/2007/04/27/egypt15783.htm .

26  هيومن رايتس ووتش، "مصر: أوقفوا مضايقة جماعة حقوق العمال"، 27 إبريل/نيسان، 2007، http://hrw.org/arabic/docs/2007/04/27/egypt15783.htm .

29  تقرير مقدم من جانب الممثلة الخاصة للمدافعين عن حقوق الإنسان في الأمانة العامة للأمم المتحدة، هينا جيلاني – ملحق: مجموعة التطورات التي طرأت على مجال المدافعين عن حقوق الإنسان، وثيقة تابعة للأمم المتحدة رقم: E/CN.4/2006/Add.5 فقرة 517