Jordan



Jordan Jordan
  

الإفلات من العقاب

لا تكفي الآليات الأردنية الخاصة بتحميل المسؤولين عن التعذيب والمعاملة السيئة أو انتهاك حقوق السجناء المسؤولية، سواء عبر توفير الانتصاف للضحايا أو بردع الجناة. ولا يحمل نظام العدالة بشكل فعال المسؤولين مسؤولية ما تم من تعذيب أو إساءة معاملة، مما يؤدي إلى خلق أجواء الإفلات من العقاب. ونقص الشفافية والاستجابة لشكاوى السجناء لهو مما يُظهر أيضاً أن آليات النظر في المظالم هي بدورها غير فعالة. وقد تكرر تجاهل المسؤولين لمزاعم من أفراد أو منظمات حقوقية بشأن انتهاكات لحقوق السجناء دون البدء في تحقيقات جادة تتمتع بالشفافية.

واتفاقية مناهضة التعذيب تنص على أن على الدول التزام بإجراء "تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب".124 والمزاعم المعقولة بالتعذيب وليس فقط ما يوجد عليه أدلة غير قابلة للدحض، تُعد كافية للمبادرة بالتحقيقات. فضلاً عن أن كل سجين تعرض للتعذيب له "الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة وفى أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة. وينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه أو لأي أدلة تقدم".125

وسمعت هيومن رايتس ووتش بروايات أكثر من 60 سجيناً يزعمون بالتعرض للتعذيب أو المعاملة السيئة في عام 2007.126 وفي الحالات التي تم التحقيق فيها، يبدو أن الحراس أساءوا إلى السجناء في ظل إفلات شبه كامل من العقاب. ويعود هذا جزئياً إلى عدم توافر جهة مستقلة لتحميلهم المسؤولية. ومديرية الأمن العام، وهي الجهة المسؤولية عن توظيف كل العاملين بالسجون، بمن فيهم الحراس ومدراء السجون، هي أيضاً السلطة التي تتولى التحقيق في الإساءات في السجون من قبل العاملين ومقاضاة الجناة في تلك الحالات. وادعاء الشرطة التابع لقسم الشؤون القانونية في مديرية الأمن العام هو المسؤول عن توجيه الاتهامات إلى الزملاء من الضباط في إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل. كما تعقد مديرية الأمن العام محكمة استثنائية، هي محكمة الشرطة، وتُعين فيها القضاة، وتُحاكم محكمة الشرطة الأشخاص في القضايا التي يتورط فيها مسؤولين من مديرية الأمن العام.127 ويمكن لمدير مديرية الأمن العام شخصياً أن ينظر في القضايا الجنائية الخاصة بالمخالفات التي يُعاقب عليها بالسجن أقل من ثلاثة أعوام.128 ولا تتمتع المحاكم العادية باختصاص نظر الجرائم التي يرتكبها مسؤولون من مديرية الأمن العام. وكما هو متوقع، فآلية التقاضي الداخلية هذه تفشل في إجراء التحقيقات الملائمة وفي مقاضاة العاملين بالمديرية التي تنظر قضاياهم في الوقت نفسه.

آلية التظلم المعيبة

مُتاح للسجناء أربع قنوات لتقديم الشكوى لدى التعرض للمعاملة السيئة: الشكوى رسمياً لمدير السجن، عادة عن طريق الحراس في الأقسام، والشكوى إلى ادعاء الشؤون القانونية في مديرية الأمن العام، وأصبح له تواجد بدوام كامل في سبعة سجون، وإلى مكتب المظالم وحقوق الإنسان بمديرية أثناء ساعات العمل الرسمية أو بوضع شكوى في صندوق الشكاوى، ثم بصفة غير رسمية للزوار الخارجيين، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمركز الوطني لحقوق الإنسان أو لمحاميهم أو لمن يقومون بالزيارات من أفراد الأسرة.

وغياب السرية والخصوصية في قنوات الشكاوى الرسمية، ونقص الاستقلالية في الادعاء التابع لمديرية الأمن العام، الذي يرتدي أفراده نفس الزي الرسمي لحراس السجن، والكتابة للسلطات نفسها، وكذلك خشية الانتقام من حراس السجن، يبدو أنها تقنع مجتمعة السجناء بالعدول عن تقديم الشكاوى بالتعذيب. بالإضافة إلى أن الادعاء لا يحقق بجدية في حالات التعرض للإساءات التي يتم إخطارهم بها عبر السعي للحصول على شهادات شهود تتمتع بالمصداقية، بل يعتمدون كثيراً على تقارير طب شرعي نهائية تثبت وقوع التعذيب، قبل المبادرة بالتحقيق في القضايا. فضلاً عن أن قدرة مدراء السجون على تقرير أي من حالات الإساءة التي تُحال إلى الادعاء و"تسوية" القضايا داخلياً عبر تأديب الحراس المسيئين ينتج عنها أيضاً وصول القليل من القضايا إلى المقاضاة الرسمية مع فرض عقوبات جنائية على الأشخاص المسيئين.

ومكتب المظالم وحقوق الإنسان تلقى في عام 2007 710 شكوى، منها "95 في المائة من المُشتكين الإداريين".129 وحقق المسؤولون في 19 شكوى ذات طبيعة إجرامية محتملة، وأحالوا ستة قضايا إلى محكمة الشرطة للنظر فيها وقرروا عدم إحالة خمس قضايا إلى المحكمة للنظر فيها بسبب نقص الأدلة (انظر أدناه ما انتهت إليه المحاكمات). وقام رؤساء الوحدات بتأديب مسؤولين في ثماني حالات مخالفات وخروقات إدارية دون اللجوء إلى المحاكم. وبين يناير/كانون الثاني و13 أبريل/نيسان 2008 حقق ادعاء الشرطة في السجون ومكتب المظالم في قضية واحدة شملت الزعم بالتعرض لإساءات.130 وبحلول أغسطس/آب 2008 ارتفع هذا العدد ليبلغ 24 قضية.131

والتعليمات الرسمية لعام 2008 الخاصة بمديرية الأمن العام توجه مدراء السجون، وجميعهم يجرون زيارات منتظمة إلى المهاجع، إلى اتخاذ خطوات معينة لدى توجيه شكوى إليهم. وفيما يعد إضفاء الصبغة الرسمية على الشكاوى خطوة تحظى بالترحيب، فإن التعليمات توضح غياب الاستقلالية في آلية الشكاوى الرسمية، ففيما يجب على الضابط الذي يتلقى الشكوى أن يسجل شكوى كل سجين في سجل وأن يعطي السجناء نسخة من الشكاوى دون أن يفحص فحواها، فإن على السجناء أيضاً أن يقدموا شكاواهم إلى ضابط المهجع الذي يشرف بدوره على السجل.132 إلا أن الضباط قد يكون هو من وجه الإساءة لمُقدم الشكوى.

وفي يناير/كانون الثاني 2008 كلفت مديرية الأمن العام عناصر ادعاء الشرطة تحت إشراف قسم الشؤون القانونية في المديرية، المُرسلين إلى سبعة سجون، بإجراء تحقيقات أكثر فعالية في مزاعم الجرائم المرتكبة من قبل العاملين بالسجون.133 وهذه خطوة هامة نحو إجراء المراقبة محلياً وبصورة متزامنة في الإساءات في السجون. وفي الأوضاع المثالية، من شأن هذا التواجد أن يرسل برسالة رادعة قوية إلى حراس السجن. إلا أنه ليس من الواضح إن كان عناصر الادعاء يقومون دائماً بمهمتهم الخاصة بالتحقيق بنشاط في أي حادث إساءة.134

على سبيل المثال، في زيارة إلى سجن بيرين في 15 أبريل/نيسان 2008، قال المدعي المُعين حديثاً هناك لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم ينظر في قضية إساءة واحدة ضد موظف بالسجن.135 إلا أن ثلاثة محتجزين في السجن نفسه رووا لـ هيومن رايتس ووتش، كل على حدة، واقعة تعذيب في مطلع مارس/آذار، وفيها نقلهم عدة حراس ومعهم سجينين آخرين ليلاً إلى الفناء بعيداً عن مرأى مهاجع السجن وقاموا بضربهم لمدة ساعتين، قبل تعليقهم مقيدي الأيدي من قضيب معدني لمدة ساعة، لأنه تم العثور على أحد السجناء وهو يحاول تهريب المخدرات إلى السجن، ثم قام بذكر أسماء المتعاونين معه.136 وكان مدير السجن يعرف بالواقعة، لكن لا هو ولا الادعاء حققا في مزاعم الإساءة من قبل الحراس.137

وقد تزايد عدد التحقيقات منذ أبريل/نيسان. وقال مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل شريف العمري لـ هيومن رايتس ووتش في يوليو/تموز 2008 إن عناصر ادعاء السجون حققوا في 24 واقعة إساءة عام 2008، بواقع واحدة على الأقل في كل من السجون السبعة.138

ويتعاون العاملون بمكتب المظالم وحقوق الإنسان التابع لمديرية الأمن العام تعاوناً وثيقاً مع ادعاء الشرطة. ويجرون زياراتهم للسجون مرة كل أسبوعين ويفرغون صندوقاً مختوماً توضع فيه الشكاوى، ويقع في منطقة يسهل الوصول إليها، كقاعة الطعام.139

ومسؤولو المظالم فقط هم المفترض أن يكون معهم مفتاح لصناديق الشكاوى. إلا أن السجناء في الموقر وسواقة قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن العاملين بالسجن قاموا بتفريغ الصناديق وقرأوا الشكاوى بمفتاحهم الخاص.140 لكن مديرية الأمن العام أنكرت وقوع هذا.141

أما الشكاوى غير الرسمية للزوار الخارجيين فتتمتع بقدر أكبر من الخصوصية والسرية، لكنها في العادة لا تؤدي إلى التحقيقات الجنائية. ويمكن للمركز الوطني لحقوق الإنسان أن يحيل الحالات التي يتلقاها أثناء الزيارات أو بواسطة الهاتف فقط إلى مسؤولو المظالم لإجراء التحقيقات القضائية، أو يمكنه أن ينشر علناً ما يصله عن وقائع الإساءات، لكن مع عدم ذكر أسماء.142

وفي أعقاب أعمال الضرب الجماعي للسجناء وأحداث الشغب في أغسطس/آب 2007، سمحت مديرية الأمن العام في 3 فبراير/شباط 2008 للمركز الوطني لحقوق الإنسان بفتح مكتب داخل سجن سواقة، وأن يتم فتحه يوم الاثنين من كل أسبوع، لتلقي الشكاوى من السجناء. ويُعد حضور المركز الجديد مُكملاً لعمل المدعين العامين الجدد في السجن ومكملاً لزيارات مكتب المظالم.143 إلا أن مسؤولو مديرية الأمن العام رفضوا طلب المركز بزيارة سجن سواقة أثناء الاضطرابات التي وقعت في السجن في 15 أبريل/نيسان 2008 وحنثوا بوعدهم بفتح مكاتب للمركز في السجون الأخرى.144 ومن بواعث القلق الخاصة بنظام الشكاوى الحالي هو نقص الثقة والفشل في حماية المشتكين والشهود. وقال السجناء لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يخبروا مدعين الشرطة من مكتب المظالم بكل ما قالوه لـ هيومن رايتس ووتش.145 وقال السجناء إنهم يخشون الانتقام جراء الكشف عن الحقيقة لأن المدعين العامين الذين يقومون بالتحقيقات يرتدون نفس الزي الرسمي وهم مسؤولون إدارياً من نفس الجهة التي يتبعها مسؤولو السجون الذين أساءوا التصرف.146

وقال السجين حازم لـ هيومن رايتس ووتش أثناء إحدى الزيارات إنه "بنسبة تسعين في المائة سوف يحضر حراس السجن إلى هنا بعد مغادرتكم ويستجوبوننا عما تناولتم في أسئلتكم، وسوف يعاقبوننا جراء التحدث إليكم".147 وفي كل مهاجع السجون التي زارتها هيومن رايتس ووتش تحدث السجناء صراحة عن وجود مخبرين بينهم ينقلون المعلومات إلى الإدارة لقاء خدمات من الحراس.148 وقال سجين في الجويدة: "لا يمكنني إخباركم بكل ما يجري هنا"، وهذا في صوت هامس، تكرر من عدة سجناء آخرين.149 وقال سجين آخر في سواقة يُدعى رائد: "حين أتى الحراس لضربنا عنفونا قائلين: هل تحسبون أن الصليب الأحمر أفضل منّا؟ وبينما هم يضربوننا راحوا يرددون: كرع على الصليب".150

ومن الأسباب الأخرى لوجود شكاوى قليلة وانخفاض عدد التحقيقات، بالإضافة إلى الخوف من الانتقام، ربما كان فشل مسؤولي المظالم في حماية المشتكين أو الشهود. وقال السجناء لـ هيومن رايتس ووتش إن حراس السجن أفرغوا صندوق الشكاوى "وعاقبوا السجناء الذين تقدموا بالشكوى".151

وفي واقعة من وقائع الإساءة إلى الشهود بدلاً من حمايتهم، قام الحراس وعناصر القوات الخاصة بضرب الشهود ولم يُبعدوا الحراس الذين يفرضون تهديداً عن الاتصال بهم.

ووصف زياد، المُحتجز السابق، التحقيقات في اندلاع حريق في سجن الموقر في أبريل/نيسان 2008: "جاء المدعي وسألنا كيف جرحنا أنفسنا. ثم نقلونا إلى زنازين الحبس الانفرادي وضربونا في الطريق إلى هناك. وضعونا اثنين في الزنزانة".152 وقال سجين آخر يُدعى فوزي لدى سؤاله عن الواقعة نفسها: "جاء مدعي عام مدني في اليوم التالي على الحادث لأخذ أقوالي، لكن الكاتب الذي يدون الأقوال كان حارس سجن نظر لي مُهدداً".153 كما وصف فوزي ما تم من وقائع ضرب بعد أحداث شغب السجن والحريق بثلاثة أيام:

صباح يوم الخميس في الرابعة صباحاً، جاء الفريق 14 والفريق 17 وقوات التدخل السريع ومعهم قائمة بمائة وعشرين سجيناً. قاموا بتقييدنا في الخلف واقتادونا إلى شاحنات نقل السجناء بالخارج، وكانت على وجوههم أقنعة، وأربعة ضباط أمامنا، وأربعة خلفنا. تم وضعنا بمعدل خمسة إلى ستة سجناء في الشاحنة، حيث بدأ الضرب ووجهوا  إلينا الإهانات وقالوا لنا أن نذكر الشيء الصحيح في التحقيقات. وفي طريق العودة إلى الزنزانة قال أحدهم: "لا مزيد من لجان الحريات العامة، ولا المزيد من المركز الوطني لحقوق الإنسان؛ لقد أبعدناهم".154

والقواعد الدولية الخاصة بالتحقيق في التعذيب تتطلب إبعاد المسؤولين الضالعين في التعذيب عن مناصبهم التي تمنحهم السلطة على الشهود:

من ثبت احتمال تورطهم في التعذيب يجب إبعادهم عن أي منصب أو سلطة يمكنهم بموجبه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر الإضرار بالشهود أو أسرهم أو من يجرون التحقيقات. ويجب أن تراعي التحقيقات بما يكفي آثار التحقيق على سلامة الشخص المزعوم تعرضه للتعذيب وغيره من الشهود.155

ملاحقات قضائية غير مُشددة

أسفرت مشكلات نظام الشكاوى عن صدور عدد من الشكاوى أقل من وقائع التعذيب والمعاملة السيئة التي يُحتمل وقوعها في سجون الأردن. وتظهر مشكلات إضافية في مراحل إجراء التحقيقات والملاحقة القضائية. وإجمالاً فإن عدد الملاحقات القضائية جراء إصابة حراس السجون للسجناء بالألم البدني أو النفسي هو عدد قليل مقارنة بتفشي استخدام الحراس للعنف ضد النزلاء واستخدامه استخداماً روتينياً، حسب ما تشير أبحاث هيومن رايتس ووتش في عام 2007.

ومن أسباب تراجع عدد عمليات الملاحقة القضائية هو حُكم في قانون الأمن العام يسمح لـ "قادة الوحدة" مثل مدراء السجون في مديرية الأمن العام عسكرية التنظيم بتأديب المرؤوسين جراء المخالفات دون اللجوء للمحاكمة.156

ويظهر من أبحاث هيومن رايتس ووتش أن ادعاء الشرطة يمضي قدماً إلى المحاكمة فقط في حالة وجود تقارير طب شرعي غير قابلة للدحض تفيد بوقوع تعذيب بدني. وقال مدير المكتب لـ هيومن رايتس ووتش إنه في عدة حالات زعم بالإساءة، لم يتمكن من المضي قدماً في التحقيقات لأن التقارير الطبية لم تحدد أن الإصابات وقعت نتيجة للمعاملة السيئة.157

وربما لا يكون أطباء المستشفيات متخصصين في التحقق من آثار التعذيب، بما فيه التعذيب النفسي، ويبقى السجين مقيداً وفي حضور حارس السجن في المستشفى، مما يُصعب عليه أن يطلب من الطبيب اختباره بحثاً عن علامات التعذيب المحتملة. وفي جميع السجون مراقبة بالفيديو في الأماكن العامة والممرات والمساحات المفتوحة ومناطق الدخول والخروج إلى السجن ومنه والمنطقة الخاصة بزنازين الحبس الانفرادي، وتظهر على شاشات في حجرة تحكم منفصلة وفي مكتب مدير السجن. إلا أنه لا يتم تسجيل شرائط الفيديو بشكل منهجي وحفظها لبعض الوقت لكي تخدم كدليل محتمل في حالات وقوع الإساءات، على الرغم من تخطيط وزارة الداخلية لفعل هذا في المستقبل.158

ويبدو أن مسؤولي المظالم يبذلون أقل الجهد في إجراء البحوث المستقلة في أوضاع الإساءة، على سبيل المثال بإجراء زيارات متكررة وكثيرة للمهاجع من أجل مقابلة النزلاء الذين يعدون ضحايا إساءات وكذلك الشهود، على انفراد وبصفة شخصية، والتحدث إلى أطباء السجن أو العمل على إعداد آليات لتقديم الشكاوى يثق فيها السجناء ولا يخشون معها الانتقام. وفي الحالات التي تعرفها هيومن رايتس ووتش، استند مدعون مكتب المظالم إلى شكاوى رسمية قبل فتح التحقيق، لكن لم يبحثوا بشكل منهجي في أوضاع السجن.159 وزياراتهم كل أسبوعين للسجون متباعدة بما لا يسمح بتقديم المعلومات في الوقت المناسب أو لتوثيق التعذيب إثر حدوثه مباشرة.

وفي عام 2007 حقق المسؤولون في 19 شكوى يُحتمل فيها وقوع جريمة، من بين 710 شكوى تم تلقيها، لكن تمت إحالة ستة فقط إلى المحاكمة مع التسوية الداخلية لخمس حالات أخرى. ويبدو أن مدراء السجون تلقوا شكاوى إساءات أكثر، لكن دون اعتراض من ادعاء الشرطة، فرضوا إجراءات تأديبية متواضعة بحق الحراس المسيئين الخاضعين لهم بصفتهم قادة وحدات.

وقال مدراء الموقر وقفقفا وسواقة لـ هيومن رايتس ووتش مجتمعين بوجود 20 شكوى إساءة تلقوها في أول سبعة أشهر ونصف من عام 2007. وقاموا بتسوية هذه الحالات داخلياً، على الرغم من إخطار الادعاء.160

ومن بين الحالات الـ 24 التي حقق فيها مكتب المظالم وادعاء الشرطة داخل السجون حتى أغسطس/آب 2008، لم تتوفر معلومات عن نتائج التحقيقات إلا في أربع حالات فقط وقعت في سجن السلط. وأحال مكتب المظالم ثلاث قضايا إلى ادعاء الشؤون القانونية من أجل الملاحقة القضائية وإحالتها للمحاكمة، وقام بتجميد الاتهامات في إحدى القضايا، حسب ما قال مدير مكتب المظالم لـ هيومن رايتس ووتش.161

وفي بعض الحالات لم يقم مسؤولو المظالم بملاحقة الحراس المشتبهين قضائياً، على الرغم من وجود أدلة قوية على قيامهم بالإساءة. مثلاً لم يقم المكتب بملاحقة الحراس في واقعة تعذيب كل أو تقريباً كل سجناء التنظيمات في سواقة والجويدة في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2007. ولم تكن هذه الحوادث بين الحالات التسعة عشرة المبلغ عن أن مكتب المظالم حقق فيها في عام 2007. وحين زار مكتب المظالم سواقة في 27 أغسطس/آب في أعقاب أعمال شغب منفصلة وقعت هناك في 22 أغسطس/آب، سجل العاملون بالمكتب مزاعم إساءات وما قال عنه السجناء إنه علامات على أجسادهم تدل على وقوع التعذيب الذي تعرضوا له في يونيو/حزيران ويوليو/تموز. إلا أنه يبدو أنه لم تتم أية تحقيقات في هذه الوقائع الأقدم. وقد حققت مديرية الأمن العام وقامت بالملاحقة القضائية في أحداث التعذيب في أغسطس/آب 2007 في سجن سواقة، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال (انظر أدناه).

وفي أبريل/نيسان 2008 أجرى مكتب المظالم وغيره من ادعاء مديرية الأمن العام تحقيقاً مطولاً في أحداث الشغب وحريق السجن الذي أدى إلى وفاة ثلاثة نزلاء في سجن الموقر، لكن انتهت التحقيقات وفي هدوء إلى أنه لم يقم أي مسؤول بفعل ما يسوء.162 ويظهر من أبحاث هيومن رايتس ووتش في أحداث الشغب والحريق في سجن الموقر في أبريل/نيسان 2008 أن أعمال الضرب والمعاملة السيئة كانت الأسباب وراء أحداث الشغب في 15 أبريل/نيسان 2008 (انظر الملحق 3). وفي يوليو/تموز 2008 عارضت مديرية الأمن العام بقوة ما خلصت إليه هيومن رايتس ووتش من نتائج، فقمنا بإجراء المزيد من الأبحاث والتقصي مع شهود العيان، والذين أكدوا في أغلبهم ما خلصنا إليه من نتائج.

وعارضت مديرية الأمن العام ما ذهب إليه كل من فراس العتي وحازم أبو زياد من تعرضهما للتعذيب في الأيام السابقة على وفاتهما أثناء الحريق. وقد شهد شهود عيان جدد بأن عامر القطيش، حارس السجن المزعوم ارتكابه الإساءة بحقهما، أخرج فراس من حجرته في 13 أبريل/نيسان ووضع الأصفاد في يديه وربطه بواسطتها إلى زنزانة الحجز لعدة ساعات قبل أن يعيده إلى زنازين الحبس الانفرادي.163 وأكد كل من منذر ووادي وجمال في وقت سابق روايات ضرب الحراس للنزلاء وهم يخرجون من حجرتهم المحترقة، وكيف أن أحد الحراس أطلق رصاصة مطاطية على السجين محمد الطباشة. وقال وادي: "ذهبنا إلى منطقة واسعة خارج مجال المباني، لكن داخل جدران السجن، ومكثنا هناك طيلة أربع ساعات. ورقد الطباشة كأنه ميت دون مساعدة طبية، ويحيط بنا القوات الخاصة يرتدون أقنعة الوجه ومعهم أجهزة الصعق بالكهرباء".164 كما ألقى هؤلاء السجناء السابقون أيضاً المزيد من الضوء على سبب احتراق السجناء الثلاثة حتى الموت في حجرتهم.165

كما أفاد السجناء السابقون وقوع مشكلات أثناء تحقيقات مديرية الأمن العام. إذ قال منذر: "هددني مدير السجن قبل الإفراج عني وقال لي أن أؤكد على أن فراس العتي [السجين الذي مات في الحريق] وليس الحراس، هو من ضربني وتسبب في علامات على جسدي. وقال لسجين آخر في حضوري أن يكذب على المحققين بشأن الحجرة التي كان فيها".166 وقام الحراس بضرب السجناء الذين يجرحون أنفسهم ويضعونهم في الحبس الانفرادي، اثنين في كل زنزانة. ثم عزلوا الباقين في مهجع غير مستعمل من السجن.167

محكمة الشرطة

محكمة الشرطة ليست مستقلة ولا تخضع للمتابعة العامة. وأحكامها تكشف عن إنزالها عقوبات مخففة على مسؤولي السجون الذين يتبين ممارستهم للتعذيب.

ويقوم مدير مديرية الأمن العام بتعيين ضباط الشرطة المؤهلين كقضاة في المحكمة وكذلك المدعين الذين يحاكمون زملائهم من الضباط. والدستور الأردني وقانون الأمن العام يسمحان، لكن لا يُلزمان، بتأسيس هذه المحكمة الخاصة ذات الاختصاص القضائي على أعضاء مديرية الأمن العام، في أي جريمة، سواء تم ارتكابها أثناء العمل أو في غير أوقات العمل.168

وقد أوضحت مديرية الأمن العام أن محكمة الشرطة تلتزم بأعلى معايير العدالة، وقال رئيسها السابق لـ هيومن رايتس ووتش إن لا أحد تدخل في عمله على مدار عامين من تولي منصب القضاء فيها.169 إلا أن رئاسة مديرية الأمن العام لم تجب على التساؤل حول لماذا تُعد هذه المحكمة الخاصة ضرورية بالمقام الأول. والرئيس الحالي لمحكمة الشرطة، العقيد محمد الزعبي رد على السؤل قائلاً إن المحكمة قائمة لأنها ضرورية حسب القانون.170

والمحكمة التي تعقد محاكماتها عامة علانية، لا تدعو إلى التدقيق في مجرياتها. وحين زارت هيومن رايتس ووتش محكمة الشرطة للحصول على نسخة من الحُكم الخاص بقضية زيدان، رفض ضباط المحكمة الطلب وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش أن تتحدث إلى مكتب المعلومات بمديرية الأمن العام.171 وفي زيارة لاحقة تم تنسيقها مع مديرية الأمن العام، أمد مدير محكمة الشرطة محمد الزعبي هيومن رايتس ووتش بستة أحكام في ست قضايا عن الزعم بالإساءة لسجناء، وتم إغلاق القضايا في عام 2007. إلا أن ثلاث قضايا منها فقط هي المتعلقة بالإساءة في السجون، واحدة من عام 2004 والأخريان من عام 2007، وهما ضمن أعمال الضرب الجماعي في سجن سواقة في 22 أغسطس/آب 2007 وضرب فراس زيدان الذي أفضى لموته في سجن العقبة في 9 مايو/أيار 2007، وطلب الزعبي من هيومن رايتس ووتش ألا تذكر أسماء الضباط المُدانين، وقام بالشطب عليها.172 والمحكمة التي لا تكشف للعامة مجريات عملها على هذا النحو يصعب عليها خدمة هدف إقامة العدل علناً كرادع ضد الجرائم.

ولم تقم وسائل الإعلام الأردنية بتغطية مجريات المحكمة في تناقض مع التغطية المُكثفة لمحكمة أمن الدولة، وهي محكمة استثنائية عسكرية في أغلبها، وتم تشكيلها لمحاكمة المشتبهين المتهمين بجرائم ضد الأمن الوطني.173

وكما ذُكر أعلاه، فإن قضية أغسطس/آب 2007 في سجن سواقة تورط فيها مدير السجن ومجموعة من الحراس الذين ضربوا عشرات النزلاء قبل تعريضهم لحلق الشعر واللحى قسراً.174 وإثر تحقيق الادعاء في الحادث، قام بتوجيه الاتهام لمدير السجن و12 حارساً، بمن فيهم ضابط أمن وقائي، بـ "ممارسة سلطة غير قانونية نشأ عنها ضرر"، وهذا بموجب المادة 37.8 من قانون الأمن العام، جراء معاملة النزلاء بسلوك لا يتفق مع التعليمات الصادرة عن مديرية الأمن العام.175 ولم توجه المحكمة اتهاماً بالاعتداء للمدير بموجب قانون العقوبات الأردني.

والأدلة في القضية تتكون من تقارير الطب الشرعي عن إصابات النزلاء، وأقوال المتهمين والسجناء الذين شهدوا الواقعة، وكذلك تقرير صادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان. وشارك مدير السجن شخصياً في عمليات الضرب، وتبين أنه استخدم جهاز صعق بالكهرباء، وهو ليس من الأسلحة المُصرح من قبل مديرية الأمن العام باستخدامها.176 واعترف بضربه السجناء، وبأنه أمر بحلق رؤوسهم ولحاهم، وبوضع بعض السجناء في الحبس الانفرادي. واعترف الضباط الاثني عشر الآخرين بالأشياء نفسها، لكنهم ادعوا أنهم تحركوا بناء على أوامر المدير. وقبلت المحكمة الأدلة بأن المدير – حسب قول أحد الشهود المذكورين في القضية "قام المدير الجديد بجمع حوالي 70 نزيلاً وقام بوضعهم بالممرات وقام مع مجموعة من مرتب السجن بضربهم كونهم رؤوس السجن بحسن نية وبدافع السيطرة على النزلاء" وحكمت المحكمة عليه بغرامة 120 ديناراً أردنياً، أو حوالي 180 دولاراً.177

ولم تقم المحكمة بإدانة الضباط الآخرين وقبلت أنهم اتبعوا الأوامر من ثم فهم ليسوا مسؤولين شخصياً عما ارتكبوا. وفيما ذكرت المحكمة أن المادة 61.2 من قانون العقوبات الأردني لا تحل المرء من المسؤولية الجنائية عن "أمر غير مشروع" فقد قالت إن "طبيعة النظام العسكري وحسن سير العمل يجعل من المتعذر على الأظناء تقدير مدى شرعية الأمر".178

ويكشف هذا الحُكم عن الكثير حول نظام السجون: أولاً أن مسؤولي السجون ربما لا يُرى ضربهم للسجناء غير مشروع وأن فعلهم هذا اتباع للأوامر التي يعتقدون أنها مشروعة. ثانياً، تعليمات مديرية الأمن العام التي تحظر الضرب إما لم تحقق أهدافها المقصودة منها أو تم تجاهلها. ثالثاً، طاعة مسؤولي السجن للرؤساء أكثر أهمية على ما يبدو من أي مخاطر محتملة بارتكاب جريمة جراء تنفيذ هذه الأوامر. رابعاً، لا توجد آليات ملائمة لحماية المسؤولين الذين يرفضون الانصياع للأوامر غير القانونية، وكانت المحكمة لتذكرها إذا كان لها وجود. وفي حُكمها، أضفت المحكمة الشرعية على الجرائم التي ارتكبها مسؤولو السجن في إطار تنفيذهم للأوامر.

وفي قضية أخرى، كانت الملاحقة القضائية من قبل الادعاء والمحاكمة لخمسة أشخاص متورطين في ضرب النزيل فراس زيدان الذي أفضى إلى موته في سجن العقبة في مايو/أيار 2007، كانت مستفيضة لكن يظهر فيها مشكلات ذات طبيعة مختلفة. إذ لم يقم الادعاء بالتحقيق بالكامل مع كل الحراس المتورطين، وفشل في حماية الشهود، كما أن القضاة أصدروا أحكاماً مخففة.

وأدانت المحكمة حارسين بضرب زيدان حتى الموت، لكنها خلصت إلى براءة حارس ثالث من هذه الاتهامات جراء تعارض شهادات الشهود من ذوي السجلات الإجرامية الطويلة ولم توجه الاتهام من الأصل لحارس رابع بترهيب الشهود. وفي 17 سبتمبر/أيلول 2007 كشفت هيومن رايتس ووتش في مذكرة أرسلتها إلى الادعاء عن نتائج مقابلاتها مع شهود العيان حول الوقائع، والذين يتبين من شهاداتهم تورط حارسين ثالث رابع في الضرب الذي أفضى إلى الوفاة وفي تهديد الشهود، على التوالي.179 وحكمت المحكمة على حارسين بالسجن عامين ونصف العام مع الأشغال الشاقة جراء "الضرب الذي أفضى إلى الموت" وعلى الحارس الرابع بالحبس شهرين جراء "الإهمال في أداء الواجب".180

وقام الادعاء برفع الاتهامات من "الإهمال في أداء الواجب" و"التصرف ضد الأوامر" و"إساءة استخدام السلطات" إلى "الضرب المفضي إلى الموت" إثر مشاورة هيومن رايتس ووتش لكبار الأطباء النفسيين في الولايات المتحدة، وبعد تدخل من السفارة الأميركية في عمان (كان زيدان مخطوباً لمواطنة أميركية ومن بين أفراد أسرته مواطنين أميركيين) والقصر الملكي.

وأسند الادعاء اتهاماته الأولية إلى تقرير تشريح أولي حدد سبب الوفاة بأنه تناول جرعة زائدة من الكلوميبرامين، وهو مادة كيميائية مستخدمة في العقاقير الطبية النفسية، وتم العثور على المادة في عينة دم زيدان. وأدى التدخل الخارجي إلى اكتشاف أن معدلات الكلوميبرامين كانت في حدود المعدلات العلاجية، فلم تزد على كونها عامل أسهم في الوفاة.181

وفي تناقض مع الحكم الصادر في قضية سواقة، انتهت قضية العقبة إلى أن مدير السجن ارتكب "إهمالاً في أداء الواجب" في مخالفة للمادة 37.6 من قانون الأمن العام بتوجيهه الأمر بإدخال زيدان الحبس الانفرادي دون تقييم حالته الصحية. وتلقى المدير – الذي لم يشارك في أعمال الضرب – حُكماً بالغرامة بمبلغ 120 ديناراً أردنياً  (180 دولاراً).182 وقال مدير مديرية الأمن العام اللواء مازن القاضي لـ هيومن رايتس ووتش إنه استأنف بنفسه في الحُكم في محكمة الاستئناف المدنية.183

ويظهر من قضية سابقة تعود إلى عام 2004 التخفيف في الأحكام التي يتم إنزالها بالحراس المُذنبين بالقتل. ففي سبتمبر/أيلول 2005 انتهت محكمة الشرطة إلى ثبوت الذنب على 10 مسؤولين بالسجون بـ "الضرب المفضي للموت" لعبد الله المشاقبة، وهو نزيل بسجن الجويدة، في يناير/كانون الثاني 2004. وحكمت المحكمة عليهم بالسجن خمسة أعوام مع الأشغال الشاقة، لكن تم تخفيف الحكم على الفور إلى نصف المدة لأن حراس السجن "ما زالوا في ريعان الشباب ولإعطائهم فرصة لتعديل سلوكهم".184

الردود الرسمية على تقارير حقوق الإنسان

تُعد الحكومات الأردنية المتعاقبة من أكثر الحكومات انفتاحاً للتحقيقات المحلية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان في المنطقة، لكنها سريعاً ما ترى أن هذه التحقيقات انتقادات حقوقية لا سند لها من الواقع.185 كما يتزايد إدراك المسؤولين الأردنيين للحاجة إلى استجابة سريعة من وسائل الإعلام لحوادث مثل أعمال الشغب في السجون.186 ويجب الإشادة بالحكومة على شفافيتها واستعدادها لفتح ملف التعذيب في السجون الأردنية.

إلا أنه منذ عام 2007 أصبحت الحكومة تسمح بعدد زيارات أقل من قبل منظمات حقوق الإنسان المحلية. وفي عام 2006 تمكنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ولجنة الحريات العامة التابعة لاتحاد المهندسين من إجراء عدة زيارات للسجون العادية.187

وانفتاح الأردن إزاء التدقيق بمجال حقوق الإنسان من جانب أطراف مستقلة يتناقض مع سلوك الأردن المتحفظ بل والمُتجاهل، إزاء ما تنتهي إليه هذه المنظمات. إذ يقلل المسؤولون من أهمية منظمات حقوق الإنسان، ويرفضون نتائجها، بينما تحقيقاتهم الخاصة ما زالت تقع تحت طائلة الشؤون الداخلية غير الشفافة ونتائج هذه التحقيقات غير مُرضية.

ويرد في إعلانات مديرية الأمن العام العلنية إثر الاضطرابات في السجون حقائق أساسية للجمهور، لكن في الوقت نفسه يرد فيها أحياناً سوء عرض للأسباب وراء الاحتجاجات. وقد ردت مديرية الأمن العام علناً على أحداث شغب السجون في عامي 2006 و2007، وأعلنت عن بدء التحقيقات، لكن فيما بعد لم تخطر الجمهور بما تم أو نتائج التحقيقات.188 ولجأت أسر السجناء في بعض الأحيان إلى منظمات حقوق الإنسان سعياً للحصول على معلومات.189

وفي أغسطس/آب 2008 وصف ناطق باسم مديرية الأمن العام أحداث شغب الموقر باعتبارها احتجاجات على الفصل مؤخراً بين السجناء المدانين عن السجناء على ذمة المحاكمة، بينما في الواقع خلصت تحقيقات مستقلة من قبل المركز الوطني لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش إلى أن السبب الأهم للاحتجاجات كان المعاملة السيئة. وانتقد مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، شريف العمري، في مقابلة بصحيفة الغد، تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان وقال إن المنظمات:

تتحدث عن طرف واحد من المعادلة الإنسانية وهي حقوق الإنسان، وتترك الجزء الآخر وهو واجباته

وعلى الرغم من بياناتها في أبريل/نيسان ومطلع مايو/أيار 2008، بأن التحقيق في أحداث الموقر سوف ينتهي سريعاً، إلا أنه لم يتم الإعلان عن أية نتائج حتى أواخر يوليو/تموز.191 وقال شخص على دراية بالتحقيقات إنها انتهت بتبرئة كل المسؤولين من الأخطاء وإحالة تسعة نزلاء إلى المحاكم العادية بناء على جملة من الاتهامات على صلة بأحداث الشغب.192

وفي حالة أخرى تجاهلت الحكومة ما ورد في مذكرة رايتس ووتش الخاصة المُرسلة للحكومة بشأن الشغب في سجن سواقة وكان باحثو المنظمة قد شهدوا عليه، واختارت بدلاً من هذا أن تسيئ عرض الأحداث والحقائق للإعلام. وأثناء زيارة هيومن رايتس ووتش في 26 أغسطس/آب 2007، شهد الباحثون السجناء يعانون مما يبدو أنها إصابات أصابوا أنفسهم بها. وتم تسجيل روايات 22 سجيناً وصفوا عملية ضرب جماعي سابقة للسجناء في 22 أغسطس/آب، أي اليوم السابق على الزيارة. وسرعان ما تم إخبار مديرية الأمن العام ووزارة الداخلية والمركز الوطني لحقوق الإنسان بكلتا الواقعتين – الضرب الجماعي في 21 أغسطس/آب وإصابة السجناء لأنفسهم في 26 أغسطس/آب، مع توضيح أن هذه الإصابات يبدو أنها إشارة إلى الاحتجاج على التعذيب الذي تعرض له السجناء قبل أربعة أيام مع عدم تحقيق مسؤولي السجن في الواقعة. إلا أنه وطبقاً لتقارير ثلاث صحف أردنية يومية كبرى، فإن الناطق باسم الحكومة استمر في اليوم التالي في الزعم بأن سجناء سواقة "ضربوا أنفسهم ليبدو عليهم علامات من التعرض للتعذيب".193

وبالإضافة إلى عدم عرض الأسباب الحقيقية لأحداث شغب السجون للعامة، فإن المسؤولين يتجاهلون في الأغلب روايات السجناء غير الموثوقة بشأن التعذيب.194 إلا أن وثائق المحكمة الخاصة بالواقعتين تُظهر أن شهوداً تمت مقابلتهم على انفراد من قبل كل من الادعاء وهيومن رايتس ووتش قدموا الروايات نفسها الخاصة بالتعذيب. على سبيل المثال، في واقعة زيارة وزير الداخلية عيد الفايز لفتح سجن الموقر في أبريل/نيسان 2007، اقتبست الرأي منه "التشديد على أهمية السعي لتحري الدقة في تقارير المنظمات الدولية، التي تستقي معلوماتها من مصادر غير موثوقة".195 وبعد عام تقريباً، وأثناء زيارة أخرى للسجن، دعى الفايز المنظمات الدولية إلى "استقاء معلوماتها من مصادر موثوقة وألا تعتمد على مصادر مزيفة".196

وبينما مثل هذا التجاهل للتقارير متوقع من المسؤولين الحكوميين، فإن النواب البرلمانيين الأردنيين والإعلام الأردني يتخذان نفس المنهج الدفاعي بشأن الأجهزة الأمنية. فإلى جانب قلة من منظمات حقوق الإنسان، تواجه مديرية الأمن العام القليل من التدقيق والانتقاد لمعاملتها للمحتجزين.197




124  اتفاقية مناهضة التعذيب، مادة 12.

125  اتفاقية مناهضة التعذيب، مادة 13.

126  من بين 66 حالة زعم بالتعرض للإساءات، كانت ثلاث من محتجزين في بيرين، في أبريل/نيسان 2008.

127  قانون الأمن العام رقم 38 لعام 1965، مادة 85.

128  قانون الأمن العام رقم 38 لعام 1965، مادن 81. ج

129  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مازن الشيشاني، رئيس مكتب التلظمات وحقوق الإنسان، مديرية الأمن العام، عمان، 13 أبريل/نيسان 2008.

130  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاني المجالي، مدير سجن سواقة، 21 أغسطس/آب 2007. وفي عام 2006 تلقى مكتب المظالم وحقوق الإنسان 56 شكوى بالضرب، تسع منها انتهت بوقف التحقيقات، وتقرر عدم إحالة ثلاث قضايا إلى المحكمة، وتمت تسوية أربع قضايا داخل مديرية الأمن العام، وأحيلت قضية واحدة إلى محكمة الشرطة، بينما تستمر التحقيقات في 39 قضية أخرى. لقمان إسكندر "هل استفادت إدارات السجون من توصيات المركز الوطني لحقوق الإنسان؟" العرب اليوم، 1 سبتمبر/أيلول 2007، http://www.alarabalyawm.net/pages.php?news_id=41238&select=%C3%A1%C3%A3%C3%98%C3%87%C3%A1%C3%88 (تمت الزيارة في 28 مايو/أيار 2008). وقال ممثل لمنظمة حقوقية في الأردن توفر الخدمات القانونية للسجناء إن عدد الشكاوى من التعذيب انخفض في السنوات الأخيرة. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محامي حقوقي، عمان، 31 يوليو/تموز 2008.

131  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماهر الشيشاني، مدير مكتب المظالم وحقوق الإنسان، عمان، 31 يوليو/تموز 2008.

132  سعد الليمان وخالد المجالي، دليل عمل مدراء مراكز الإصلاح والتأهيل، مديرية الأمن العام، 2008، صفحة 29.

133  السجون السبعة هي: البلقاء (السلط)، الموقر، قفقفا، الجويدة، سواقة، بيرين والعقبة.

134  لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وجدت أنه من أجل منع التعذيب بفعالية، فعلى الدول أن "تعد آليات محايدة للتفتيش ولزيارة أماكن الاحتجاز والحبس، وأن [توفر] للمحتجزين والأشخاص المعرضين لخطر التعذيب والمعاملة السيئة... تعويضات قضائية وغيرها من التعويضات بحيث يتسنى لهم أن يتم النظر في شكاواهم على الفور وبصورة محايدة". لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التعليق العام رقم 2، تنفيذ المادة 2 من قبل الدول الأطراف، U.N. Doc. CAT/C/GC/2 (2008), فقرة 13.

135  قال إنه يمضي وقته في مساعدة السجناء بالتعجيل بمواعيد محاكماتهم، مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زيد (لم يكشف عن اسم الأب)، مدعي بمديرية الأمن العام، مركز بيرين للإصلاح والتأهيل، 15 أبريل/نيسان 2008.

136  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سجناء في بيرين، 15 أبريل/نيسان 2008.

137  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مدير سجن بيرين، 15 أبريل/نيسان 2008.

138  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شريف العمري، مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، عمان، 31 يوليو/تموز 2008.

139  في أبريل/نيسان 2008، قال مسؤول إن الصناديق يتم تفريغها مرة كل أسبوعين. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماهر الشيشاني، مدير مكتب المظالم وحقوق الإنسان، 13 أبريل/نيسان 2008. وفي أغسطس/آب 2007 قال مسؤولو سجن الموقر إن الصندوق يتم تفريغه أسبوعياً. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ركاد محمود الهلالات، مدير سجن الموقر، 19 أغسطس/آب 2007. لكن بما أن سجناء التنظيمات لا يشاركون الحضور في قاعة الطعام، فليس من الواضح كيف يمكنهم تقديم شكاواهم بوسيلة أخرى غير توصيلها عبر حراسهم.

140  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين داوود، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007، ومع السجين حسن، سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

141  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء مازن القاضي، مديري مديرية الأمن العام، 13 أبريل/نيسان 2008

142  منذ وقع تغيير في القانون الحاكم للمركز عام 2006، أصبح للمركز "الحق في... زيارة مراكز الإصلاح والتأهيل... وفق الأصول المتبعة" قانون رقم 51 لعام 2006 عن المركز الوطني لحقوق الإنسان، الجريدة الرسمية (عدد 4787)، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2006، مادة 10.أ.

143  يصاحب العاملين بالمركز مدعي من مكتب المظالم لدى زيارة السجن، لكن العاملين على مراقبة الحقوق بالمركز يمكنهم مقابلة السجناء على انفراد دون تواجد المسؤولين. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نسرين زريقات، مشرفة وحدة السجون، المركز الوطني لحقوق الإنسان، عمان، 9 أبريل/نيسان 2008.

144  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء مازن القاضي، 13 أبريل/نيسان 2008. وكتب المركز الوطني لحقوق الإنسان تقريراً عن الحرمان من الزيارة. تقرير عن أحداث سجني الموقر وسواقة، المركز الوطني لحقوق الإنسان، عمان، 20 أبريل/نيسان 2008. وقالت مديرية الأمن العام أن الغرض من هذا هو ترك الموضوع يهدأ. محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع ماهر الشيشاني، مدير مكتب المظالم وحقوق الإنسان، عمان، 22 أبريل/نيسان 2008. ولم يتحدث مسؤولو المركز علناً عن حنث مديرية الأمن العام بوعدها. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نسرين زريقات، مشرفة وحدة السجون، المركز الوطني لحقوق الإنسان، عمان، 31 يوليو/تموز 2008. ولم يتم إخطار مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية بهذه التطورات. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم عواودة، مدير مكتب حقوق الإنسان، وزارة الخارجية، عمان، 5 أغسطس/آب 2008.

145  مقابلات هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع سجناء أردنيين سابقين، بلال وأمجد وعبده، منطقة عمان، 2 إلى 5 مايو/أيار 2008. كما وصف المركز الوطني لحقوق الإنسان لـ هيومن رايتس ووتش كيف أن تراجع السجناء عن رواياتهم يمثل مشكلة للمركز، حين استجوبه رسمياً ادعاء الشرطة. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نسرين زريقات، مشرفة وحدة السجون، المركز الوطني لحقوق الإنسان، عمان، 10 أبريل/نيسان 2008.

146  مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق عبده، منطقة عمان، 5 مايو/أيار 2008.

147  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجينين حازم وصدام، سجن الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

148  "المخبرون" يختلفون عن الشاويش الخاص بمهجع السجن. الشاويشية يقومون أحياناً بإحباط السجناء عن الكشف عن أحداث عنف بين السجناء وبعضهم أو بين السجناء والحراس.

149  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين نعمان، الجويدة، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

150  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين رائد، سواقة، 26 أغسطس/آب 2007.

151  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجناء حازم وصدام في الموقر، 19 أغسطس/آب 2007 ومع السجين داوود في سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

152  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق زياد في الموقر، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

153  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق فوزي في الموقر، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

154  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق فوزي، في الموقر، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

155  دليل التحقيقات الفعالة وتوثيق التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ("بروتوكول أسطنبول")، 9 أغسطس/آب 1999، صفحة 19.

156  ليس من الواضح على طول الخط كيف تقرر مديرية الأمن العام أي من الحوادث يتم إحالتها للملاحقة القضائية في محكمة الشرطة وأي منها يجب تركه في أيدي مدراء السجون. على جانب أصدرت محكمة الشرطة أحكاماً في مخالفات مثل انتهاك قانون الأمن العام، بينما على الجانب الآخر، حقق ادعاء مكتب المظالم في عام 2007 في تحقيقات انتهت باتخاذ إجراءات تأديبية.

157  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماهر الشيشاني، مدير مكتب المظالم وحقوق الإنسان بمديرية الأمن العام، عمان، 14 أبريل/نيسان 2008.

158  قال مسؤول حجرة تحكم لـ هيومن رايتس ووتش: "إننا نراقب السجن 24 ساعة يومياً. ومن واجبي أن أراقب ولدى وقوع حدث غير مألوف، أن أسجله لكنني لا أقوم بتسجيل الشرائط بشكل روتيني". وتذرع المسؤولون بالخصوصية كسبب لمنع التسجيل داخل المهاجع والزنازين، لكنهم لم يشرحوا سبب عدم استخدام الكاميرات في التسجيل الروتيني، والاحتفاظ بالتسجيلات لفترة معقولة قبل تدميرها. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مشرف حجرة التحكم، سواقة، 26 أغسطس/آب 2007، ومع مدير سجن أردني، واشنطن، 8 مايو/أيار 2008، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع مخيمر أبو جاموس، الأمين العام لوزارة الداخلية، عمان، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

159  المركز الوطني لحقوق الإنسان أفاد بأنه "لاحظ انخفاضاً ملموساً وتراجعاً بأعداد الشكاوى وادعاءات التعرض للضرب وسوء المعاملة خلال الربع الأخير من هذا العام 2007" في اتجاه بدأ منذ بدأ المركز الكتابة عن أوضاع السجون في عام 2004. المركز الوطني لحقوق الإنسان، التقرير الدوري الخامس عن أوضاع مراكز الإصلاح والتأهيل وأماكن الاحتجاز المؤقت في المملكة لعام 2007، عمان، ديسمبر/كانون الأول 2007، صفحة 20.

160  أفاد مدير أحد السجون وحده، الموقر، أنه بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2007 وقعت ست شكاوى إساءة وتم إبلاغ الادعاء العام بها، مما أدى إلى تجميد عمل اثنين من العاملين. وحالتان من بين هذه الحالات تضمنت استخدام القوة المفرطة، ولم يقم الادعاء بإحالتها لمحكمة الشرطة فقط لأن تقرير الطب الشرعي في القضية الثانية لم يشر إلى وجود علامات على التعذيب. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ركاد محمود الهلالات، مدير سجن الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

وفي قفقفا، بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2007، وقعت أربع شكاوى ضد الحراس بالإساءة إلى النزلاء. وفي قضيتين، خلصت تحقيقات المدير الداخلية إلى أن الحراس ليسوا مذنبين، وفي الحالة الثالثة قام بتأديب الحارس الذي وجده مذنباً بالإساءة إلى أحد السجناء. وظلت الحالة الرابعة تحت التحقيق من قبل مكتب المظالم. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عشران، مدير سجن قفقفا، 25 أغسطس/آب 2007.

وفي سواقة، وقعت عشر حالات إساءة ضد السجناء بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2007. وحقق المدير في الحالات وقام بتسوية أغلبها داخلياً. وقال إنه قام بفصل ضابط عن العمل جراء "الإساءة إلى سجين"، واحتجز ضابطاً آخر لمدة أسبوع جراء واقعة إساءة تم تسجيلها على الكاميرا، وخصم أسبوعين من أجر أحد الحراس جراء إهانة سجين، على الرغم من أن السجين لم يتقدم بشكوى ورغم أن تحقيق داخلي سابق أثبت أن الحارس غير مذنب. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاني المجالي، مدير سجن سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

161  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماهر الشيشاني، مدير مكتب المظالم وحقوق الإنسان، مديرية الأمن العام، عمان، 31 يوليو/تموز 2008.

162  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماهر الشيشاني، مدير مكتب المظالم وحقوق الإنسان، مديرية الأمن العام، عمان، 31 يوليو/تموز 2008.

163  حين عاد فراس في الصباح التالي، لم يتحدث عما حدث، لكنه نام في حجرته. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سجناء سابقين، منذر ووادي وجمال، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008. السجين السابق وادي قال إنه لم ير أو يسمع ضرب فراس، فيما قال جمال إنه كان يعرف بتعرض فراس للضرب. وقال وادي إن عامر القطيش ضربه ضرباً مبرحاً أثناء الأسابيع السابقة على الحريق. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق وادي، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008. وقال جمال إن القطيش وآخرون ضربوه ايضاً، وهذا قبل الحريق بقليل. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق جمال، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

164  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق وادي، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

165  مع تفشي أعمال الشغب وصياح السجناء وتقطيعهم لأنفسهم بأدوات حادة، دخلت القوات الخاصة السجن ومضت من حجرة إلى أخرى تضرب السجناء. ولمنعهم من الدخول قام السجناء بتحصين باب حجرتهم بالأسرة المعدنية وأشعلوا النار في حشية إسفنجية. ثم قام الحراس بدفع الحشية المحترقة إلى الحجرة بهراواتهم، ووقفوا بينما الحجرة تحترق، وعناصر مكافحة الحريق من خلفهم، لا يمكنهم دخول الحجرة. وفر السجناء إلى فناء السجن بالخارج عبر الباب المفتوح، ولم يتبق في الحجرة إلا ثلاثة سجناء، وكانوا محاصرين. وعاد أحد السجناء الفارين، وهو فراس، إلى الحجرة لإنقاذ صديق له، لكنه لم يتمكن من الخروج. ومحمد الطباشة، أحد الأربعة الذين ما زالوا في الداخل، تمكن من الخروج. وتسبب كسر النوافذ في تأجج الحريق أكثر، مما يفسر ما قاله الشهود من قبل عن نشوب حريقين. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجناء السابقين منذر ووادي وجمال وغسان، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

166  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين السابق منذر، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

167  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجناء السابقين منذر ووادي وجمال وغسان، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008. كما استفهمت مديرية الأمن العام عما إذا كان تم نقل سجناء إلى أي سجون أخرى. وأكد أربعة شهود عيان نقل سجناء إلى سجون أخرى، لكنهم حددوا موعد وقوع هذه الأحداث بين أربعة إلى سبعة أيام من وقوع الحريق في السجن، وليس في اليوم التالي. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجناء السابقين منذر ووادي وجمال وغسان، الرصيفة، 4 أغسطس/آب 2008.

168  دستور المملكة الأردنية الهاشمية، 1 يناير/كانون الثاني 1952، مواد 99 و102 و110، وقانون الأمن العام، مادة 85.1. وتحاكم محكمة الشرطة أيضاً مسؤولي مديرية الأمن العام على مخالفات السير التي يتم ارتكابها في غير أوقات العمل. ولا يتمتع مدعين مديرية الأمن العام باختصاص التحقيق في الجرائم التي يرتكبها أشخاص داخل السجن، مثل حوادث الاغتصاب والاعتداء.

169  اجتماع هيومن رايتس ووتش مع عيسى الربابعة، مدير سجن الجويدة، والرئيس السابق لمحكمة الشرطة، واشنطن، 8 مايو/أيار 2008.

170  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الزعبي، رئيس محكمة الشرطة، عمان، 13 أبريل/نيسان 2008. في الواقع المادة 85 من قانون مديرية الأمن العام تسمح بإنشاء مثل هذه المحكمة، لكنها لا تجعل إنشاءها إلزامياً.

171  زيارة هيومن رايتس ووتش إلى محكمة الشرطة، عمان، 13 أبريل/نيسان 2008.

172  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الزعبي، محكمة الشرطة، عمان، 14 أبريل/نيسان 2008.

173  بحث في أربع صحف يومية أردنية كبرى، الرأي والدستور والغد والعرب اليوم، ويكشف البحث عن ندرة ذكر محكمة الشرطة  وعدم ذكر الأحكام الخاصة بقضية زيدان وسجن العقبة.

174  قال سجناء في سواقة لـ هيومن رايتس ووتش إن تقريباً كل أو جميع السجناء البالغ عددهم ألفي سجين تعرضوا للضرب في 22 أغسطس/آب 2007. وشاهدت هيومن رايتس ووتش 100 سجين تقريباً، جميعهم حليقي الرؤوس واللحى. وخلص حُكم المحكمة إلى أن مدير السجن والحراس ضربوا حوالي 70 سجيناً. مقابلات هيومن رايتس ووتش مع السجناء في سجن سواقة، 26 أغسطس/آب 2007.

175  المملكة الأردنية الهاشمية، مديرية الأمن العام، محكمة الشرطة، حُكم بشأن قضية جنائية رقم 760/2006، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2007، صفحة 1.

176  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مازن القاضي، مدير مديرية الأمن العام، عمان، 13 أبريل/نيسان 2008.

177  المملكة الأردنية الهاشمية، مديرية الأمن العام، محكمة الشرطة، حُكم في قضية جنائية رقم 760/2007، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2007، صفحات 3 إلى 5.

178  المملكة الأردنية الهاشمية، مديرية الأمن العام، محكمة الشرطة، حُكم في قضية جنائية رقم 760/2007، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2007، صفحة 4. تتبع مديرية الأمن العام قواعد الرتب والتنظيم العسكري.

179  رسالة من هيومن رايتس ووتش إلى عبد الكريم رضايضة "مذكرة بشأن التحقيق في معاملة فراس زيدان في مركز إصلاح وتأهيل العقبة، 6 إلى 10 مايو/أيار 2007" في 17 سبتمبر/أيلول 2007. المعايير الدولية تتطلب إبعاد الشخص المتورط في التعذيب عن الاتصال بالضحايا أو الشهود. دليل التحقيق والتوثيق الفعال في التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ("بروتوكول أسطنبول")، 9 أغسطس/آب 1999، صفحة 19.

180  المملكة الأردنية الهاشمية، مديرية الأمن العام، محكمة الشرطة، حُكم في قضية جنائية رقم 383/2007، 3 أبريل/نيسان 2008، صفحة 16.

181  الكلوميبرامين يُستخدم في علاج الاكتئاب وقال الشهود لـ هيومن رايتس ووتش إن سجينين – بالإضافة إلى شهود الادعاء الذين يشاركون زيدان مهجعه – كانا يتناولان العقاقير النفسية في ذلك الحين، وكان يقدمها لهما الحراس الذين شاركوا في ضرب زيدان. ولم يحقق الادعاء في كيفية وصول المادة إلى جسد زيدان، على الرغم من أوامر من مديرية الأمن العام توجه ادعاء الشؤون القانونية إلى سرعة "اكتشاف كيفية دخول [المادة] إلى جسد زيدان". ملحوظة بخط اليد من محمود العيطان، مدير مديرية الأمن العام السابق، مكتوبة على أوراق الادعاء الخاصة بالقضية. الأوراق مُسجلة لدى هيومن رايتس ووتش.

182  المملكة الأردنية الهاشمية، مديرية الأمن العام، محكمة الشرطة، حُكم في قضية جنائية رقم 383/2007، 3 أبريل/نيسان 2008، صفحة 16.

183  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء مازن القاضي، مدير مديرية الأمن العام، عمان، 13 أبريل/نيسان 2008.

184  المملكة الأردنية الهاشمية، مديرية الأمن العام، محكمة الشرطة، حُكم صادر عن محكمة الشرطة/الدائرة الأولى، في قضية جنائية رقم 299/2004، 9 مارس/آذار 2004، صفحة 14.

185  مثلاً تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي الجهة الدولية المكلفة بالاهتمام بأوضاع المحتجزين في شتى أرجاء العالم، بزيارة مراكز الاحتجاز الأردنية منذ عام 1979، وقامت بتجميد الزيارات احتجاجاً على الإعاقة الرسمية لها منذ عام 2006. ويزور المركز الوطني لحقوق الإنسان بانتظام مراكز الاحتجاز ومنها مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة (وإن ظلت زيارته معلنة على الرغم من وعود دائرة المخابرات العامة بالسماح بالزيارات الفجائية). مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسؤولين من دائرة المخابرات العامة، عمان، 30 أغسطس/آب 2007، لإطلاعهم على ما خلصت إليه المنظمة بعد أسبوعين من الزيارات الفجائية إلى مركز الاحتجاز وتمت الزيارات بنفس شروط زيارات المركز الوطني لحقوق الإنسان. وفي 2006 أصبحت الأردن أول دولة في المنطقة تدعو المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، على الرغم من أن المسؤولين في مركزي احتجاز أعاقوا زيارته. وحتى الآن لم توقع الأردن على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والذي ينص على أساليب أكثر من أجل منع التعذيب والتحقق من وقوعه.

186  "العلاقة بالإعلام أثناء الطوارئ"، في سعد الليمون وخالد المجالي "دليل عمل مدراء مراكز الإصلاح والتأهيل"، مديرية الأمن العام، 2008، الصفحات 33 و34.

187  المنظمة العربية لحقوق الإنسان, التقرير السنيو, عمان, 2007, و تقرير لجنة الحريات لنقابة المهندسين الاردية, عمان, 12 نيسان, 2006.

188  كما حدث في أحداث شغب سجن قفقفا في مارس/آذار  2006، وفيها مات أحد السجناء، وأحداث شغب سجن سواقة في أغسطس/آب 2007 وكانت هيومن رايتس ووتش حاضرة فيها.

189  اتصلت عدة أسر بـ هيومن رايتس ووتش طلباً للمعلومات عن أقاربهم إثر أحداث شغب في سجن سواقة في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2007، وإثر أحداث شغب في سجن الموقر في أبريل/نيسان 2008.

191  هشال العضايلة وزايد الدخيل، "إعلان نتائج التحقيق في شغب الموقر وسواقة وقفقفا خلال أيام"، الغد، 19 أبريل/نيسان 2008.

192  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماهر الشيشاني، عمان، 31 يوليو/تموز 2008.

193  زايد الدخيل "بعض المساجين ضربوا أنفسهم قبل زيارة وفد "هيومن رايتس"، الغد، 27 أغسطس/آب 2007 على: http://www.alGhad.jo/index.php?news=196384 (تمت الزيارة في 25 أغسطس/آب 2008).

194  إثر نشر هيومن رايتس ووتش لتقريرها "اعتقالات مريبة: دائرة المخابرات العامة ومشكلة سيادة القانون في الأردن" في عمان في سبتمبر/أيلول 2006، كتبت صحيفة الرأي أن سكرتير اللجنة البرلمانية للحريات العامة وحقوق المواطنين، النائب جمال الدمور، قال "إن مصادر هذه المعلومات جاءت من جهات مشبوهة عرف عنها إلصاق النعوت بالدولة الأردنية وتشويه صورتها الناصعة في المحافل الدولية"، في "الحريات النيابية تدحض افتراءات "هيومن رايتس"، الرأي، 21 سبتمبر/أيلول 2006.

195  "الفايز: ضرورة السعي للدقة في تقارير المنظمات الدولية"، الرأي، 26 أبريل/نيسان 2007.

196  موفق كمال "وزير الداخلية: الانتقادات الدولية لسجون المملكة غير موضوعية"، الغد، 6 يناير/كانون الثاني 2008. وبالمثل فإن رئيس مكتب المظلم وحقوق الإنسان، ماهر الشيشاني، ووظيفته التحقيق في إساءات الشرطة، قلل من شأن تقارير حقوق الإنسان وقال إن "بعض مؤسسات ونشطاء حقوق الإنسان يتظاهرون بنسيان الحق الإنساني الخاص بالعيش في أمان بعيداً عن الإرهاب أو الجريمة". موفق كمال "الأمن يحاكم 12 شرطياً بسبب إساءتهم لمواطنين"، الغد، 1 أبريل/نيسان 2007. كما اعتبر المدير السابق لإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، حسين الطراونة، أن المعلومات التي تحصل عليها منظمات حقوق الإنسان من السجناء "أغلبها غير صحيح"، موفق كمال، "مدير مراكز الإصلاح والتأهيل يؤكد للغد أن أبوابها مفتوحة لمؤسسات المجتمع المدني"، الغد، 3 يونيو/حزيران 2006.

197  محمد الشهوان، رئيس أحزاب الحركة الوطنية، وهي كتلة من الأحزاب السياسية، كتب للأمين العام للأمم المتحدة إثر إصدار المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب لتقريره عن التعذيب في الأردن. الشهوان، الذي قال لـ هيومن رايتس ووتش فيما بعد إن لا خبرة لديه في إجراء زيارات السجون، أصر على أنه قام بنفسه بزيارة مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة وسجن الجيودة وأنه خلص إلى وجود "الالتزام التام" بما نصلت عليه اتفاقية مناهضة التعذيب. "أحزاب الحركة الوطنية ترد على (نوفاك) وتنفي وجود تجاوزات في مراكز الإصلاح"، الرأي. اتصال بين هيومن رايتس ووتش ومحمد الشهوان، فبراير/شباط 2007. وعندما أطلعت هيومن رايتس ووتش رئيس البرلمان، عبد الهادي المجالي، بشأن ما انتهت إليه عن الاعتقالات التعسفية والتعذيب من قبل دائرة المخابرات العامة في سبتمبر/أيلول 2006، قال عن التقرير إنه "إهانة للأردن" بينما أشار إلى وجود التعذيب ليس في الأردن فقط، لكن في كل دول أخرى مثل ألمانيا الغربية في السبعينيات. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الهادي المجالي، رئيس مجلس النواب، عمان، 18 سبتمبر/أيلول 2006.

وحين أمر الملك عبد الله بإغلاق سجن الجفر، حسب ما أوصى المركز الوطني لحقوق الإنسان في عام 2005، قال كاتب صحفي في الرأي عن الموضوع "اللجنة الملكية لحقوق الإنسان، لا قانون يساندها أو يؤهلها لإنفاذ توصياتها أو لجعلها إلزامية. وإغلاق سجن الجفر لم يتم بناء على توصياتها أو بناء على أي التزام آخر.. سوى رغبة [مديرية الأمن العام] في إغلاق السجن منذ أربعة أعوام". عبد الهادي راجي المجالي، عن السجون، الرأي، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2007.