<< السابق | الفهرس | التالي >>
  • البيان الصحفي
  • The Report in English
    بيانات صدرت حول قمع المتظاهرين مرتبة تاريخيا
  • مصر: الانقضاض على المظاهرات المعارضة للحرب 24 مارس 2003
  • مصر: استمرار تعذيب المتظاهرين ضد الحرب26 مارس 2003
  • مصر: التعذيب في مقر مباحث أمن الدولة 24 ابريل 2003
  • تمديد اعتقال ناشط مصري اتهام مهندس بإنزال أخبار ومعلومات عن حقوق الإنسان من الإنترنت 17 يوليو 2003
  • مصر: ناشط يبدأ إضراباً عن الطعام مع تمديد اعتقاله 1 أغسطس 2003
  • مصر: ازدراء الحكومة المصرية بالحقوق السياسية الأساسية 28 أغسطس 2003
    أيضا
  • مصر: تصاعد الاعتقالات
    استخدام قانون الطوارئ في خنق حرية التعبير
  • مصر: خلفية عن حقوق الإنسان
    Egypt مصر
    Egypt
  • مصر: اعتداء قوات الأمن على المتظاهرين ضد الحرب

    .III خلفية

    شهدت القاهرة يومي الخميس والجمعة الموافقين 20 و21 مارس/آذار 2003 مظاهرات حاشدة في الشوارع؛ فقد
    وبعد عدة أيام، وتحديداً في 17 أبريل/نيسان، هاجمت قوات الأمن بيت أشرف إبراهيم مرزوق، وهو مهندس وناشط سياسي، فصادرت جهاز كمبيوتر وجهاز فيديو وماسحة ضوئية، إلى جانب بعض الكتب والأوراق. ولم يكن أشرف إبراهيم في منزله في ذلك الوقت، فسلم نفسه إلى السلطات في 19 أبريل/نيسان، وأُودع الحبس بدون تهمة ثلاثة أشهر ونصف في سجن طرة قبل أن توجه إليه النيابة العامة في السابع من أغسطس/آب تهمة الاشتراك في تولي مسؤولية اللجنة القيادية "لجماعة الاشتراكيين الثوريين"، و"حيازة مطبوعات تتضمن ترويجاً وتحبيذاً لأغراض الجماعة"
    اشتعل غضب المتظاهرين بسبب الهجوم الجوي الأمريكي على العراق الذي بدأ في الساعات المبكرة من صباح يوم 20 مارس/آذار، لكن المتظاهرين رددوا أيضا شعارات وهتافات تنتقد سياسات الحكومة المصرية. وذكر العديد من المتظاهرين وممن شهدوا المظاهرات لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن هذه المظاهرات هي قطعا الأكبر من نوعها منذ موجة المظاهرات الطلابية التي هزت مصر عام 1972.

    ففي يوم الخميس 20 مارس/آذار، خرج أكثر من عشرة آلاف متظاهر إلى الشوارع ليتخذوا موقعهم في آخر الأمر في ميدان التحرير، وهو من المراكز المرورية الكبرى في قلب القاهرة، ويقع في محيطه عدد من الوزارات المصرية، ومقر جامعة الدول العربية، والمتحف المصري، والجامعة الأمريكية بالقاهرة. ووصف أحد الصحفيين المظاهرة بأنها "مختلطة" جمعت بين مختلف الفئات والتيارات السياسية والحزبية، إذ ضمت يساريين ووطنيين إلى جانب "الإخوان المسلمين" والنشطاء المخضرمين والطلبة ورجال الأعمال. (2)
    وكان بالإمكان أن تكون هذه المظاهرة مظاهرة عادية تضم عدة مئات من المتظاهرين يطوقهم عدد أكبر من أفراد شرطة مكافحة الشغب المسلحة بالدروع والهراوات، إلا أنها اتسعت وتضخمت مع انضمام تجمعات أخرى من المتظاهرين الذين شقوا طريقهم إلى الميدان. كما انتقدت الهتافات والشعارات حكومة الرئيس حسني مبارك، وحدثت بعض المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، خصوصا عندما اعترضت الشرطة بعض المتظاهرين وحالت بينهم وبين القيام بمسيرة إلى السفارتين الأمريكية والبريطانية القريبتين من الميدان. لكن الأنباء أفادت أن المتظاهرين وقوات الأمن على حد سواء تحلوا في الأغلب والأعم بضبط النفس، وعملوا على منع أي تصعيد للمواجهات العنيفة. وقد ظل المتظاهرون يحتلون ميدان التحرير لمدة 12 ساعة تقريباً.(3)

    أما اليوم التالي الموافق يوم الجمعة فقد كان شأنه مختلفاً عن سابقه، حيث اتسم الموقف بمصادمات حادة بين قوات الأمن والمتظاهرين، ولجوء الحكومة إلى أساليب عنيفة لتفريق المتظاهرين والقبض عليهم. وكان عدد من النشطاء المنتمين لمنظمات الحقوق المدنية والتضامن مع فلسطين ومناهضة الحرب على العراق ومناهضة العولمة قد دعوا إلى تنظيم مسيرة تبدأ عقب صلاة الجمعة من الجامع الأزهر إلى ميدان التحرير والسفارتين الأمريكية والبريطانية. وبدأت المواجهات في الأزهر عندما سدت قوات الأمن مخارج الجامع، لكن الموجودين بالداخل تمكنوا من الخروج في آخر الأمر حيث انضم إليهم المصلون من بعض الجوامع الأخرى، إلى أن بدأ حشد مكون من عدة آلاف مسيرة طويلة نحو ميدان التحرير بقلب العاصمة. وحاولت قوات الأمن من وقت لآخر تفريق المسيرة، ولكن في حوالي الساعة الثالثة مساء كانت عدة حشود تتراوح بين عشرة آلاف وعشرين ألفاً إجمالا - حسبما أفادت الأنباء - قد تجمعت في ميدان عبد المنعم رياض الواقع بالقرب من ميدان التحرير، والذي طوقته قوة ضخمة من قوات الأمن المركزي. واندفعت جموع من المتظاهرين لتخترق صفوف قوات الشرطة باتجاه ميدان التحرير؛ وفي لحظة ما تم إشعال النار في سيارة إطفاء كانت واقفة على أهبة الاستعداد لمد الخراطيم التي تستعملها الشرطة بالمياه، كما ورد أن بعض السيارات الخاصة قد لحقت بها أضرار.(4) وورد أن المتظاهرين مزقوا لافتة كبيرة كانت معلقة عند مقر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بالقرب من الموقع، وأحرقوا الأعلام المصطفة في الشارع الذي يطل عليه فندق هيلتون النيل. وعلى مدى عدة ساعات استقدمت قوات الأمن تعزيزات كبيرة، وفي حوالي الساعة الخامسة مساء كان ميدان التحرير قد تم إخلاؤه من المتظاهرين، وأصبح تحت السيطرة التامة لقوات الأمن، حيث ألقي القبض على مئات المتظاهرين والمارة، وتعرض العشرات للضرب على أيدي شرطة مكافحة الشغب التي ترتدي الزي الرسمي، وفي أحيان كثيرة على أيدي رجال يرتدون الملابس المدنية، يتسلحون بالهراوات والخراطيم. وقام أولئك الرجال ذوو الملابس المدنية باعتداءاتهم دون أن يتدخل ضباط الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي، ووضعوا المعتقلين في سيارات الشرطة بأنفسهم، مما يبين أنهم يعملون مع الحكومة.

    وبعد عدة ساعات من إخلاء ميدان التحرير، هاجم رجال يرتدون الملابس المدنية، وهم مسلحون بالعصي والهراوات، اعتصاما سلميا أمام مقر نقابة المحامين المصرية الواقع على تقاطع شارعي رمسيس وعبد الخالق ثروت على مقربة من ميدان التحرير، ولم يكن المعتصمون قد عطلوا المرور. وقام هؤلاء الرجال ذوو الملابس المدنية بسد المدخل والمخرج الوحيد المفتوح للمبنى، ثم دخلوه. وفي أثناء إلقاء القبض على عدد من الأشخاص ضربوا العديد من المحامين المعروف عنهم أنهم يتولون الدفاع عن المقبوض عليهم بتهم سياسية، والذين يبدو أن السلطات تعتبرهم قيادات التظاهر. وكان رجال الشرطة ذوو الزي الرسمي قد أحاطوا بالمبنى، ولكنهم لم يتخذوا أي خطوة لمنع الرجال ذوي الزي المدني من ضرب المحامين. كما تعرض اثنان من أعضاء مجلس الشعب للضرب الشديد في هذه الواقعة، وهما حمدين صباحي ومحمد فريد حسنين، ثم ألقت قوات الأمن القبض عليهما بعد يومين، وبدأت نيابة أمن الدولة التحقيقات معهما.

    ولم تعلن السلطات عن عدد وأسماء المعتقلين فيما يتعلق بمظاهرات 21 مارس/آذار، لكن معظم الروايات أشارت إلى تقديرات غير رسمية من جانب المسؤولين المصريين مفادها أن العدد يبلغ حوالي 800.(5) واعتقل معظم المقبوض عليهم في معسكر وثكنات الأمن المركزي في حي الدراسة شمالي القاهرة، بينما احتُجز آخرون في العديد من أقسام الشرطة. ويبدو أن معظم المعتقلين قد أفرج عنهم خلال 24 ساعة.
    وفي يوم 21 مارس/آذار، الذي أحبطت فيه الشرطة بعنف محاولة التظاهر في ميدان التحرير، قالت وزارة الداخلية في بيان رسمي إن "القيادة السياسية" للدولة تقدر الضرورة الوطنية لحماية حرية التعبير، ومن ثم فإنها قد قررت "السماح بناء علي تصريح مسبق وبتوقيتات وأماكن محددة بتنظيم مسيرات سلمية منظمة لإظهار تلك المشاعر"، ولكنها لن تسمح "بغير ذلك من تجمعات او مسيرات او تظاهرات بالطرق والميادين العامة نظرا لتعارض ذلك تماما مع سيولة المرور ومصالح المواطنين‏،‏ وتيسير دولاب العمل بالمصالح الحكومية وحفاظا علي أمن ومصالح المجتمع وهو الأمر السائد بكافة دول العالم‏".‏ (6)

    وقد صدر الأمر بحبس ما لا يقل عن 61 شخصا من المقبوض عليهم يوم 21 مارس/آذار على ذمة التحقيق، ووُجِّهت إلى معظمهم تهم من بينها تدمير الممتلكات العامة،(7) والتحريض على الشغب العام،(8) والاشتراك في تجمعات تزيد على خمسة أشخاص في الوقت الذي أمروا فيه بالتفرق.(9) كما ألقى ضباط مباحث أمن الدولة القبض على ثلاثة من طلبة جامعة القاهرة لمشاركتهم في المظاهرات، ووجه إليهم تهمة تشكيل تنظيم غير مشروع. ولم تقدم الرعاية الطبية الكافية في الحجز لمن أصيبوا بجروح خطيرة على أيدي الشرطة أثناء القبض عليهم أو احتجازهم. كما اعتقل سبعة آخرون بتهم مماثلة على مدى عدة أيام تالية، وتم استجوابهم في مقار مباحث أمن الدولة، بما في ذلك المقر الرئيسي في لاظوغلي بالقاهرة.
    وفي 30 مارس/آذار أصدر مكتب النائب العام أمرا بالإفراج عمن كانوا لا يزالون معتقلين لأسباب تتعلق بالمظاهرات المناهضة للحرب التي وقعت يوم 21 مارس/آذار. (10) وعلى مدى الأيام التالية، أفرج عن هؤلاء الأفراد جميعا بكفالة، ولكنهم ظلوا، ولو من الناحية الشكلية، رهن التحقيق بشأن التهم المنسوبة إليهم. وحسبما أفادت التقارير الإخبارية، فقد "حث النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد المواطنين في هذه الفترة المضطربة على ممارسة ضبط النفس، وعلى تفهم أن كل مواطن مصري مسؤول عن الحفاظ على السلم الداخلي أثناء هذه الأوقات الصعبة".(11)

    وقد رفع العديد ممن زعموا أن الشرطة ضربتهم أثناء القبض عليهم أو احتجازهم شكاوى رسمية ذكروا فيها بالاسم بعض المسؤولين الذين زعموا أنهم مسؤولون عن الضرب وطالبوا المدعي العام بالتحقيق في التهم المنسوبة إليهم. وفي اليوم التالي، وهو الجمعة الموافق 28 مارس/آذار، نظم الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم مؤتمرا شعبيا في الجامع الأزهر - بترتيب غير رسمي، فيما يبدو، مع جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة - أذيع على شاشات التلفزة الرسمية. وأفاد أحد التقارير الإخبارية أنه "لم تحدث أي اعتقالات ولا أعمال عنف، والمهم أنه لم تكن هناك أي إشارة للشؤون السياسية الداخلية".(12) وفي الأسابيع التي تلت الانقضاض على مظاهرات القاهرة، قامت مظاهرات ضخمة في الإسكندرية وغيرها من المدن ولكنها اقتصرت على حرم الجامعات.
    ودعت الجماعات التي استُهدف زعماؤها في الاعتقالات التي بدأت يوم 21 مارس/آذار إلى تنظيم مظاهرة أخرى في الرابع من أبريل/نيسان تبدأ من ميدان السيدة عائشة حتى ميدان التحرير، وأصروا على أن حكم المحكمة الإدارية الصادر بتاريخ الرابع من فبراير/شباط 2003 يؤكد على حق المواطنين في تنظيم المظاهرات العامة بدون إذن مسبق.(13) وفي ذلك اليوم، أحاطت الشرطة بنقطة تجمع المتظاهرين، وألقت القبض على ما يتراوح بين 55 و65 شخصا ممن حاولوا التجمع هناك، معظمهم في أثناء محاولتهم دخول الميدان.(14) وقد أطلق سراح معظم المقبوض عليهم خلال 24 ساعة، مع الأمر باستبقاء 11 شخصا في الحبس لمدة 15 يوما رهن التحقيق بتهمة التجمع غير المشروع بهدف تخريب المنشآت العامة، وحيازة وتوزيع مواد تهدف إلى الإخلال بالأمن العام، وتعطيل حركة المرور، وترديد شعارات مناهضة للحكومة.(15)

    وفي منتصف أبريل/نيسان 2003، اعتقلت أجهزة الأمن المصرية المزيد من الأشخاص الذين زعم أنهم نشطاء مناهضون للحرب ومنظمو المظاهرات. وفي يوم السبت 12 أبريل/نيسان اعتقلت قوات الأمن الطلبة عمرو محمد عبد اللطيف، البالغ من العمر 21 عاما، ومحمود حسن، وهو في أوائل العشرينيات من العمر، ووليد عبد الرزاق فؤاد، وهو أيضا في أوائل العشرينيات، وكانوا إذذاك يهمون بالمشاركة في مظاهرة في مبنى نقابة الصحفيين في القاهرة. كما ألقي القبض مساء ذلك اليوم على طالب آخر اسمه رامز جهاد فتحي، وعمره 25 عاما، بينما كان جالساً في مقهى بحي باب اللوق. وفي يوم الأحد 13 أبريل/نيسان، اختفى وائل توفيق، وهو صحفي في أوائل الثلاثينيات، وشوهد بعد ذلك في الحجز في مقر مباحث أمن الدولة. أما مروان حمدي، وهو ناشط في أوائل الثلاثينيات، وإبراهيم السحاري، وهو صحفي في منتصف الثلاثينيات يكتب في صحيفة "العالم اليوم" اليومية المصرية، فقد قبض عليهما في منزليهما في الساعات الأولى من يوم 14 أبريل/نيسان واقتيدا إلى مكان مجهول.
    وبعد عدة أيام، وتحديداً في 17 أبريل/نيسان، هاجمت قوات الأمن بيت أشرف إبراهيم مرزوق، وهو مهندس وناشط سياسي، فصادرت جهاز كمبيوتر وجهاز فيديو وماسحة ضوئية، إلى جانب بعض الكتب والأوراق. ولم يكن أشرف إبراهيم في منزله في ذلك الوقت، فسلم نفسه إلى السلطات في 19 أبريل/نيسان، وأُودع الحبس بدون تهمة ثلاثة أشهر ونصف في سجن طرة قبل أن توجه إليه النيابة العامة في السابع من أغسطس/آب تهمة الاشتراك في تولي مسؤولية اللجنة القيادية "لجماعة الاشتراكيين الثوريين"، و"حيازة مطبوعات تتضمن ترويجاً وتحبيذاً لأغراض الجماعة"، وتعمد إذاعة "أخبار كاذبة عن الأوضاع الداخلية بالبلاد من شأنها إضعاف هيبة الدولة واعتبارها"، وذلك بأنه "تعمد إرسال معلومات كاذبة لجهات خارجية ـ منظمات أجنبية لحقوق الإنسان ـ على خلاف الحقيقة تتضمن انتهاك حقوق الإنسان بالبلاد وكان من شان ذلك إضعاف هيبة الدولة واعتبارها". (16) كما اتُّهم أربعة آخرون غير محتجزين بتولي قيادة الجماعة المذكورة (نصر فاروق البحيري، ويحيى فكري أمين زهرة)، أو بالانضمام إلى الجماعة (مصطفى محمد البسيوني، وريمون إدوارد جندي مرجان).