Human Rights Watch
ساهم في الدفاع عن حقوق الإنسان


1. ملخص
2. توصيات
3. سيطرة الدولة على إنتاج القطن وتحرير إنتاجه
4. الأطفال العاملون بأجر والفقر في الريف
5. الحماية القانونية للأطفال العاملين
6-الأطفال العاملون في مكافحة آفات القطن
7. خاتمة
  • الهوامش
  • شكر وتقدير
  • تقارير أخرى

  • نقض العهود
  • حماية الاطفال العاملين بالمزارع في الولايات المتحدة

  • مصر
    قاصرون بلا حماية:
    الأطفال العاملون في حقول القطن المصرية
    يناير/كانون الثاني 2001
    منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"
    نيويورك . واشنطن . لندن . بروكسل

    1. ملخص

     تستخدم الجمعيات التعاونية الزراعية في مصر أكثر من مليون طفل تتراوح أعمارهم بين السابعة والثانية عشرة كل عام للمشاركة في مكافحة دودة ورق القطن، وهم يؤجرون للقيام بذلك العمل في ظل سلطة وزارة الزراعة المصرية، وتقل أعمار معظمهم عن اثني عشر عاماً، وهو الحد الأدنى المقرر في مصر لسن العاملين الزراعيين الموسميين. ويعمل هؤلاء الأطفال إحدى عشرة ساعة يومياً، بما في ذلك فترة راحة تتراوح بين ساعة وساعتين، سبعة أيام في الأسبوع، وبذلك يتجاوزون كثيراً الحدود المنصوص عليها في قانون الطفل في مصر (1). كما يتعرض الأطفال للضرب على أيدي المشرفين على العمل بصفة معتادة، إلى جانب ما يتعرضون له من حرارة الجو ومبيدات الآفات. وتعتبر هذه الأحوال انتهاكاً لالتزامات مصر بموجب اتفاقية حقوق الطفل، أي التزامها بحماية الأطفال من سوء المعاملة والأعمال الخطرة؛ كما تعتبر من أسوأ أشكال عمل الطفل، وفقاً للتعريف الوارد في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182، التي لم تصادق عليها مصر حتى الآن. وقد جرى تشغيل الأطفال قسراً، للمشاركة في مكافحة الآفات، منذ فترة لا تزيد على عشر سنوات، ولا يزال بعض المزارعين يعتقدون أنهم سيتعرضون لدفع غرامات مالية إذا رفضوا تشغيل أطفالهم؛ ولو أن معظم الأطفال مضطرون حالياً للعمل بعد أن عضهم الفقر بنابه.

    والعمل الذي يقوم به الأطفال للجمعيات التعاونية هو المساعدة في مكافحة دودة ورق القطن عن طريق قطع الأجزاء المصابة من أوراق القطن يدوياً ثم إحراقها، وغالباً ما يكون ذلك أثناء العُطلة الصيفية بعد انتهاء السنة الدراسية، وهو ينهض بدور هام في حماية القطن، الذي يُعتبر المحصول النقدي الأول في مصر، من إحدى الآفتين الرئيسيتين اللتين تهددانه كل عام؛ كما يساهم في التقليل كثيراً من مقدار المبيدات المستخدمة في القضاء على الآفات. ولكن وزارة الزراعة لم تتخذ خُطوات تُذكر، في السنوات الأربع التي انقضت منذ صدور قانون الطفل، لضمان التزام الجمعيات التعاونية بأحكام القانون الخاصة بتشغيل الأطفال. والواقع أنه إذا لم تقم الدولة والمؤسسات التابعة لها بتنفيذ أحكام قانون الطفل، فلن يكون لنا أن نتوقع التزام الهيئات الخاصة في مصر بذلك القانون. وها هي منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تلفت الأنظار إلى المخالفات التي تُرتكب في حق الأطفال المستخدمين في مقاومة دودة القطن، على أمل أن يدفع ذلك الحكومة إلى اتخاذ تدابير إيجابية في هذا الصدد، من بينها تلك الموصى بها في هذا التقرير.
    ويعتبر الجمع اليدوي للطع دودة القطن جزءاً لا يتجزأ من برنامج وزارة الزراعة لمقاومة آفات القطن، ويجري تنفيذه تحت إشراف المهندسين الزراعيين الذين تخصصهم الوزارة لكل جمعية تعاونية. وقد أجرت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" مقابلة مع أحد المهندسين الزراعيين الذي قال إن سبب تشغيل الأطفال دون غيرهم في هذا العمل يرجع إلى انخفاض أجورهم عن أجور الكبار، ولأنهم أقرب إلى طاعة الأوامر، ولأن قصر قامتهم ملائم لإزالة الأوراق المصابة. وإذا كان قانون الطفل يحدد الثانية عشرة كحد أدنى لعمر المشتغلين بالعمالة الزراعية الموسمية، فإن بحوثنا تشير إلى أن غالبية الأطفال المشتغلين في عمليات مكافحة دودة القطن كانوا دون الثانية عشرة من العمر، وأن نسبة كبيرة منهم تبدأ العمل في سن السابعة أو الثامنة.
    وكان قد صدر في عام 1965 قرار وزاري يلزم المزارعين بتقديم طفل واحد على الأقل للعمل بأجر في الجمعيات التعاونية في مقاومة دودة القطن، وهو إلزام استمر تنفيذه، فيما يبدو، في بعض المناطق حتى أوائل التسعينيات. ولكن الظاهر أن التعاونيات لا تجد اليوم صعوبة في العثور على الأيدي العاملة من الأطفال وتشغيلهم، إذ أدت زيادة الفقر في الريف، إلى جانب الانخفاض المطرد في نسبة الأراضي الزراعية المخصصة للقطن، إلى وفرة الأيدي العاملة المأجورة من الأطفال في مساحات كبيرة من الريف المصري. وقد تكون هناك رابطة بين هاتين الظاهرتين الاقتصاديين وبين سياسات الانفتاح الاقتصادي الرامية إلى نقل مصر من تطبيق نظام التخطيط المركزي إلى الاقتصاد الذي تتحكم فيه قوى السوق.
    وإذا كانت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لا تعترض على مزايا إعادة الهيكلة الاقتصادية في ذاتها، فإن على الحكومة أن تأخذ في اعتبارها تأثير ارتفاع إيجار الأراضي الزراعية في مستوى الاستهلاك المنزلي ومشاركة الأطفال في العمل المأجور. وقد وجدت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، من خلال البحث الميداني، أن أطفال أفقر الأسر الريفية هم أقرب الفئات إلى المشاركة في مكافحة دودة القطن، وأنهم من ثم أكثر الفئات تعرضاً للقيام بالأعمال المضنية، والتعرض للمبيدات، وسوء المعاملة من جانب المشرفين على العمل.

    وأجرت "مراقبة حقوق الإنسان" مقابلات ميدانية في قريتين في محافظتين من محافظات الوجه البحري هما الدقهلية والغربية، حيث عقدنا لقاءات مع عشرة أطفال كانوا قد شاركوا منذ عهد قريب في أعمال مكافحة دودة القطن، ومع بعض المهندسين الزراعيين، والمشرفين على العمل، والمزارعين المحليين، ولكننا غيرنا في هذا التقرير أسماء القريتين والأطفال والكبار الذين التقينا بهم، نشداناً لأمنهم. وإذا كان ضيق الوقت قد اضطررنا إلى الاكتفاء بعيّنة محدودة، فلقد نجحنا في التثبت من صحة كثير مما انتهينا إليه من خلال مقابلاتنا مع المتخصصين في التنمية الريفية والعاملين "بمركز الأرض لحقوق الإنسان"، وهو منظمة أهلية مصرية قامت ببحوث مستقلة عن عمليات مكافحة دودة القطن في بعض المحافظات. ولما كان العمل في مكافحة دودة القطن من الأنشطة التي تجري على أساس التنظيم المركزي، فإن ظروف العمل لا تختلف، على ما يبدو، فيما بين مناطق زراعة القطن في مصر بوجه عام، ولو أننا وجدنا أن مراعاة الاحتياطات الخاصة بالصحة والسلامة قد تختلف من قرية إلى قرية.
    وجدنا في القريتين اللتين زرناهما أن متوسط أجر الطفل اليومي يبلغ ثلاثة جنيهات مصرية (0.81 دولار أمريكي)، وأنه يعمل من السابعة صباحاً حتى السادسة مساءً، مع فترة راحة تتراوح بين ساعة وساعتين في الظهيرة، لمدة سبعة أيام في الأسبوع. وعدد الساعات المذكورة يتجاوز كثيراً الحد الأقصى لفترة العمل المسموح بها للأطفال بموجب قانون الطفل، وهي ست ساعات يومياً لمدة لا تزيد عن ستة أيام في الأسبوع. ويعمل الأطفال في فرق يتراوح عدد أنفارها بين خمسة عشر وثلاثين طفلاً، ويشرف على كل منها "خولي" تُعيّنه الجمعيات التعاونية المحلية. وقال جميع الأطفال الذين قابلناهم تقريباً إنهم كانوا يتعرضون للضرب بالخرزانة، بصفة معتادة، إذ كان الخولي يضربهم كلما لاحظ أن أحدهم يتباطأ أو يغفل عن ورقات مصابة باللطع. وهناك العديد من مبيدات الفوسفات العضوي ومبيدات الكربامات المسجلة في مصر، والمسموح باستخدامها في مكافحة الإصابة بدودة ورق القطن وديدان اللوزة في منتصف موسم الإزهار. وقد يؤدي التعرض لهذه المواد الكيماوية إلى التسمم بالمبيدات، الذي قد يكون حاداً وتشمل آثاره الإصابة بالدوار أو التقيؤ أو الإسهال؛ وقد يكون مزمناً، ومن آثاره اضطراب عمل الجهاز العصبي والغدد الصماء والجهاز التناسلي. والأطفال بوجه خاص أشد عرضة للتسمم بالمبيدات بسبب اختلافاتهم الفسيولوجية عن الكبار، التي تسهل امتصاص المبيدات وبقاءها في الجسم، إلى جانب حساسيتهم التي تفوق حساسية الكبار لبعض الكيماويات السامة في درجات تركيز معينة.
    وكانت الاحتياطات المتخذة للوقاية من التعرض للمبيدات تتفاوت بين القريتين اللتين زرناهما. فكان الأطفال يستأنفون العمل في حقول القطن، إما بعد رشّها بالمبيدات مباشرة أو بعد فترة تتراوح بين 24 و48 ساعة، وهي فترة أقصر كثيراً من الفترات الموصى بها التي ينبغي أن تفصل بين استخدام بعض المبيدات المسجلة وبين العودة إلى الحقل. وعلى الرغم من أن وزارة الزراعة قد اعتمدت برنامجاً متكاملاً لمكافحة الآفات يرمي إلى تقليل استخدام المبيدات، فلقد حاول المزارعون وما زالوا يعالجون ما يرونه نقصاً في استخدام المبيدات برش الحقول بالمزيد منها. وتتفاقم المخاطر الصحية الكامنة في الإفراط في استخدام هذه المواد بسبب قدرة المزارعين على الحصول بسهولة على المبيدات التي تعتبر شديدة الخطورة وفق تعريف منظمة الصحة العالمية.
    وتتسم التدابير المتخذة لحماية الأطفال العاملين من الأمراض المرتبطة بشدة الحرارة بعدم الاتساق وبالنقص في حالات كثيرة. وقال لنا الأطفال في إحدى القريتين إنهم كانوا يضطرون إلى شراء قبعات تقيهم لظى الشمس إلى جانب دلو يحملون فيه الماء؛ ولكن الموافقة على طلب الحصول على الماء كانت تعتمد على السلطة التقديرية لخولي الفريق؛ وكان بعض الخولة لا يسمح للأطفال بشرب الماء إلا أثناء فترة راحة واحدة طولها خمس عشرة دقيقة في فترة العمل الصباحية التي تستمر ست ساعات.
    والواقع أن تجاهل الجمعيات التعاونية للقوانين المصرية التي تنص على حد أدنى لسن العاملين الزراعيين الموسميين، ولعدد ساعات عمل الأطفال، وشروط ذلك العمل، واستغلالها الاقتصادي للأطفال، وسوء معاملتها بدنياً لهم، وعدم حمايتهم من المخاطر الصحية المؤكدة، يعتبر مخالفاً للمادتين 32 و37 من اتفاقية حقوق الطفل. كما أن استمرار التعاونيات في ارتكاب هذه المخالفات، محتمية بسلطة وزارة الزراعة، يضع علامة استفهام أمام التزام مصر بتنفيذ وتطبيق قانون الطفل الذي صدر في عام 1996 تنفيذاً لالتزاماتها باعتبارها طرفاً في اتفاقية حقوق الطفل. ومن ثم فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" توصي باتخاذ التدابير المبينة فيما يلي حتى تجري العمليات اليدوية لمكافحة دودة القطن وفقاً لأحكام الاتفاقية المذكورة وقانون الطفل.

    الصفحة الرئيسية || حقوق الطفل || موضوعات عالمية || البريد اللإلكتروني