Kenya


كينيا
Kenya


أفريقيا
   تقرير

ارحموا الأطفال: العقاب البدني في مدارس كينيا

I. ملخص
*مقدمة: العقاب البدني في مدارس كينيا
* العقاب البدني بوصفه عقاباً أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة
* الأنواع الأخرى للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في مدارس كينيا
*السياق التاريخي والثقافي العام
* منهج البحث
II. توصيات

. ملخص

مقدمة: العقاب البدني في مدارس كينيا
في 23 سبتمبر/أيلول 1998، تعرّضت أناستاسيا كاتونغ البالغة من العمر ثلاثة عشر عاماً، لضرب مبرّح باستخدام العصا، من قبل مدير المدرسة التي تدرس بها، السيد ماسيواني بريماري، كما تعرض طلاب الصف جميعهم للضرب. قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بمقابلة الطالبة أناستاسيا كاتونغ ووالديها، وتفحّصت القضية الجنائية التي نتجت عن هذا الاعتداء. وقالت أناستاسيا، "أتى مدير المدرسة إلى الصف، وطلب قائمة بأسماء مصدري الضوضاء، وعندما حصل عليها عاقب مُصدِري الضوضاء. وبعد ذلك ناداني ، وذهبت إليه على مرأى من الطلاب، ثم بدأ بضربي. طلب مني أن استلقي أرضاً وأن أخلع سترتي الخارجية، ثم ضربني بالعصا على ظهري، كانت عصا غليظة تشبه غصن شجرة الصمغ، تلقيت ما بين خمس إلى عشر ضربات من هذه العصا، وكان ذلك أمام بقية طلاب الصف". وأُصيبت أناستاسيا بالإغماء إثر تعرّضها لتلك الضربات. ووصفت لنا ما حدث بعد ذلك بالقول، "عندما أفقت، ذهبت للجلوس في مقعدي، وانتظرت حتى غادر جميع الطلاب إلى بيوتهم، وعندما ذهبت إلى بيتي كنت ما أزال أنزف دماً من جروح في رقبتي وظهري ويدَيّ ... أخبرت أبي بما حدث، ثم ذهبت معه إلى مركز الشرطة".

عندما عادت أناستاسيا كاتونغ إلى المدرسة بعد ثلاثة أيام من ذلك، أخبرها مدير المدرسة أن عليها العودة إلى البيت: "قال لي إنه سيضربني بالعصا ثانية، وقال إن هذا اليوم هو آخر يوم لي في هذه المدرسة". وكذلك واجه والداها تهديدات مماثلة (أمها تعمل في المدرسة نفسها). فعندما ذهب أبوها، السيد ويلي كاتونغ، ليشتكي هدده مدير المدرسة بأنه سيضربه أيضاّ.
تُعتبر قضية أناستاسيا كاتونغ قضية استثنائية، ويعود ذلك جزئياً إلى شجاعة والديها ومبادرتهم برفع شكوى. قامت مديرية التعليم المحلية بنقلها ونقل والدتها التي تعمل معلّمة في المدرسة ذاتها، إلى مدرسة جديدة. وعلى الرغم من أن السلطات وجّهت لمدير المدرسة تهمة الاعتداء، وكانت القضية قيد النظر في محكمة منطقة كيامبو وفي وقت كتابة هذا التقرير، إلاّ أن الطلاب الذين يصابون بجراح على يد المعلمين لا يمكنهم عادة تقديم شكوى رسمية على الأطلاق، دون تحسّب حدوث عواقب وخيمة لذلك. إذ عادة ما يُجبر الذين يحتجّون على إساءة المعاملة، على ترك المدرسة تركاً نهائياً - مما يحرمهم عملياً من فرصة الحصول على التعليم.
ممارسة العقاب البدني
العنف هو جزء معتاد من تجربة الدراسة لمعظم أطفال كينيا. فالمعلمون يستخدمون الصفع والضرب بالعصي والسياط، للحفاظ على الانضباط في الصفوف، ولمعاقبة الطلاب على ضعف الأداء الأكاديمي. إن استخدام العقاب البدني هو مسألة روتينية، وتعسفية، وكثيراً ما تكون وحشية. ومن النتائج الجانبية للعقاب في المدارس، انتشار الكدمات والجروح بين الطلاب، كما إنه ليس من النادر أن يصاب الأطفال بجراح أخطر (مثل كسر العظام والأسنان، وحالات النْزيف الداخلي). وفي بعض الحالات، يؤدي الضرب من قبل المعلمين إلى إصابة الأطفال بتشوهات وإعاقات دائمة، أو حتى الموت.
يشكّل هذه العقاب البدني القاسي والمعتاد انتهاكاً للقانون الكيني ولمعايير حقوق الإنسان الدولية. ووفقاً للجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، فإن العقاب البدني في المدارس يتعارض مع اتفاقية حقوق الطفل، وهي الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان التي حازت على مصادقة أكبر عدد من الدول. كما استنتجت هيئات أخرى عاملة في مجال حقوق الإنسان أن بعض أنواع العقاب البدني الذي يجري في المدارس، يشكّل معاملة أو عقوبة قاسية أو لاأنسانية أو مهينة، وممارسة تتعارض مع حق الطفل في الحصول على التعليم والحماية من العنف.
يحدد القانون الكيني استخدام العقاب البدني في المدارس. ووفقاً للأنظمة التعليمية (للضبط في المدارس)، يمكن استخدام العقاب البدني لمعاقبة سلوك محدد، وذلك بعد إجراء تحقيق وافٍ، ويجب أن يجري بحضور شاهد، ولكن ليس أمام الطلاب الآخرين. والشخص الوحيد المسموح له بتنفيذ العقاب البدني هو مدير المدرسة، ويجب أن يستخدم في ذلك عصاً أو حزاماً ذا قياس محدد، وأن يكون موضع الضرب على الأرداف للأولاد، وعلى راحتي اليدين للبنات. كما يجب على مدير المدرسة ألاّ ينفّذ أكثر من ست ضربات كعقاب في المراة الواحدة، وأن يحتفظ بسجل مكتوب حول كافة مجريات هذه العملية. زعم بعض من تحدثنا إليهم إن مدير النظام التعليمي أصدر في العام 1996 مذكرة حظر فيها فرض العقاب البدني، ورغم ذلك لم يجرِ تنفيذ هذا الحظر، وواصلت الأنظمة التعليمية (للضبط في المدارس) السماح باستخدام هذه العقوبة.
ووفقاً للمقابلات التي أجرتها منظمة هيومان رايتس ووتش مع ما يزيد عن مائتي طفل كيني، ما تزال أنماط العقاب البدني القاسية والمنافية للقانون شائعة الاستخدام. فمن ضمن المدارس الابتدائية والثانوية العشرين التي زارتها المنظمة، كانت واحدة منها فقط -وقد قيل إنها أفضل مدرسة ثانوية في كينيا- تستخدم العقاب البدني وفقاً لإرشادات الأنظمة التعليمية (للضبط في المدارس). ووجدنا في المدارس العشرين التي زرناها، أن استخدام العقاب البدني شائع، ويظهر أنه شائع بصورة متساوية ما بين المدارس في المدن والريف، والمدارس التي يؤمّها أبناء الطبقتين والوسطى، والوسطى المتقدّمة، وتلك التي يؤمّها أبناء الطبقة الفقيرة، وكذلك في المناطق المختلفة من البلاد، وبين التجمعات الإثنية والدينية المختلفة.

إن الأسلوب الأكثر شيوعاً للعقاب البدني في كينيا، هو أن يستخدم المعلم عصاً لضرب الطلاب، وعادة ما تكون عصاً خشبية غير منتظمة الشكل، يبلغ طولها ما بين قدمين إلى ثلاثة أقدام[60 - 90 سم]، ويبلغ قطرها تقريباً ثلاثة أرباع البوصة [2سم تقريباً]. ويُعاقِب بعض المعلمين الطلابَ بجلدهم باستخدام سوط مصنوع من المطاط (عادة ما يكون شريحة من إطار سيارة قديم)، أو باستخدام عصا غليظة، أو ببساطة بالصفع أو الركل أو القرص. وفي معظم الحالات يجري ضرب الأولاد على الأرداف، بينما البنات على راحتي اليدين. مع ذلك، فأحياناً ما يتعرّض الأطفال للضرب على أجزاء أخرى من أجسادهم: على الظهر، أو الذراعين، أو الفخذين، أو باطن القدمين، وأحياناً على الوجه والرأس. وعموماً، يُجبر الأطفال على الركوع (وأحياناً الاستلقاء) أمام الطلاب الآخرين في الصف لتلقي الضرب. وفي أحيان أخرى، يقوم المعلمون بضرب الأطفال في أماكن جلوسهم على مقاعد الدرس.

قد يتلقّى الطفل ما بين ضربتين إلى عشرين ضربة بالعصى في المرّة الواحدة، وذلك اعتماداً على طبيعة الإساءة التي يرتكبها، وعلى قسوة المعلم والمدرسة. وبناءً على ما قاله الأطفال لمنظمة هيومان رايتس ووتش، فإنهم يشهدون في بعض المدارس حالة ضرب مرة أو مرتين في الأسبوع، وعادة ما يتلقّى الطلاب ضربتي عصا أو ثلاث في المرة الواحدة. كما قال أطفال آخرون إنهم يتعرضون للضرب أو يشهدون الآخرين يتعرضون للضرب لمرات متتالية طوال اليوم، وتقريباً كل يوم، وعادة ما يتلقّون خمس ضربات أو أكثر في كل مرة. وسمعنا كذلك أخبار متفرّقة عن أطفال تعرّضوا للضرب بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم المدرسية، ولكن تحدثنا مع طفل واحد فقط قال إنه تعرض شخصياً للعقاب لذلك السبب.
يُستخدم العقاب البدني ضد الطلاب بسبب مخالفات متنوعة لقواعد السلوك. فقد يتعرّض الأطفال للعقاب البدني بسبب تأخرهم عن المدرسة، أو التغيّب عن المدرسة دون إذن (حتى في حالات المرض غير المتوقعة)، أو بسبب اتساخ الملابس المدرسية أو تمزقها، أو الوقاحة، أو الرسم على الجدران، أو الشجار، أو السرقة، أو استخدام المخدرات، أو أي شكل من أشكال السلوك التي قد تعيق التدريس في الصف (كتابة الملاحظات للطلاب الآخرين، الحركات غير المسموحة، التحدث مع الطلاب الآخرين، "إصدار الضوضاء"، وإلى آخره).
إضافة إلى ذلك، يشيع استخدام العقاب البدني بسبب الأداء الأكاديمي الضعيف: ففي صفوف الرياضيات، على سبيل المثال، من غير النادر أن يقوم المعلمون بضرب الطلاب بسبب الإجابة الخاطئة على مسألة رياضية (وأحياناً يقوم المعلمون بذلك على سبيل الضبط، استناداً إلى أن الأطفال الذين لا ينتبهون للشرح، هم فقط من يخطئون في تقديم الإجابة الصحيحة). وفي بعض الصفوف والمدارس، يحدد المعلمون علامات معيّنة ينبغي على الطلاب تحصيلها، ويتعرّض الطلاب الذين يخفقون في تحقيق ذلك للضرب بالعصا. وعلى الرغم من أن الفقر أو الحياة الأسرية قد تشكّل أسباباً لعدم قدرة الطالب على تحقيق توقعات المعلّم، إلا أن المعلمين لا ينظرون إلى هذه المسألة عند تنفيذ العقاب. ويقوم كثير من المعلمين بمعاقبة الطلاب الذين لا ينجزون وظائفهم البيتية أو لا يتعلمون الدرس، وبصرف النظر عما إذا كانت الكتب والمواد الضرورية متوفرة للطفل، أو أن الفرصة متاحة للطفل لإنجاز الوظيفة البيتية.

تحدّث الكثيرون أيضاً عن العقوبات الجماعية: فعلى سبيل المثال، إذا لم يكن أداء إحدى المدارس جيداً في الامتحان الوطني، يمكن أن يتعرّض جميع طلاب أحد الصفوف للضرب بالعصا بصرف النظر عن مستوى الأداء الفردي لكل طالب. وكذلك إذا اكتُشفت رسومات وكتابات على جدران أحد الصفوف، فمن الممكن تعرّض جميع طلاب الصف للضرب إذا لم يُعرف الفاعل. وإذا صدرت ضوضاء عن مجموعة من الطلاب، فيمكن حينها أن يجري ضرب جميع الطلاب من هذه المجموعة في وقت واحد (إذ يقوم عدة معلمين بضرب طلاب مختلفين)، أو يقوم معلم واحد بضرب طلاب المجموعة بالتتالي.
من الممكن أيضاً أن يشترك مجموعة من المعلمين بضرب أحد الأطفال. ففي عدد من المدارس التي زرناها، أخبَرَنا الطلاب بأن العقوبة المعتادة "لمُصدري الضوضاء" في الصف، هي أن يذهب الفاعل إلى غرفة المعلمين، ومن ثم يُجبر على الركوع أو الاستلقاء، ومن ثم يشترك بضربه بين ثلاثة إلى ستة معلمين في الوقت ذاته، باستخدام العصي أو الأسواط.

الجراح الخفيفة كالكدمات والتورّم هي نتيجة روتينية "طبيعية" للعقاب البدني. والجراح الأخطر (كالجراح الغائرة؛ والتواء المفاصل؛ وكسر الأصابع) هي أقل شيوعاً، ولكن كان العديد من الأطفال الذين قابلناهم إما تعرّضوا بأنفسهم لجراح كهذه، أو يعرفون طلاباً آخرين تعرضوا لها. (من الممكن أن يحصل التواء المفاصل وكسر الأصابع بسهولة، إذا أزاح الطالب يده ليتجنب ضربة العصا أثناء نزولها وأصابته في أطراف أصابعه). أما الجراح شديدة الخطورة (كفقد السمع المؤقت أو الدائم؛ وكسر الأسنان؛ وكسر الرسغ أو عظمة الترقوة؛ والجراح الداخلية التي تتطلب عملية جراحية) فهي نادرة، ولكنها تحدث مع ذلك؛ وكنّا قد قابلنا عدة أطفال ممن أصيبوا في السابق بجراح كهذه، أو أنهم يعرفون أحداً أصيب بها.
في حالات قليلة يموت الأطفال كنتيجة للعقاب البدني، وقد أوردت الصحف الكينية بضعة حالات كهذه في السنتين الأخيرتين. ومع ذلك، كان من المستحيل الحصول على إحصاءات دقيقة حول هذه الحالات الخطيرة: فالعديد من حالات الضرب الشديد لا تُبلَّغ للسلطات الحكومية أو للصحافة، إذ يخشى الأطفال والأهالي من انتقام المعلمين ومدراء المدارس. وكذلك فإن رداءة حفظ سجلات المحاكم والشرطة تجعل من الصعب تعقّب الحالات التي تم الإبلاغ عنها، إذ قد تشير سجلات الشرطة ببساطة إلى الحالات القاسية من العقاب البدني بوصفها اعتداءً أو جريمة قتل، دون الإشارة إلى إنها حدثت في المدرسة.

استجابة السلطات للحالات التي يتم الإبلاغ عنها، وإنصاف الضحايا
تحرّت منظمة هيومان رايتس ووتش في عدة حالات أوردتها الصحافة أو وثّقتها منظمات غير حكومية، عن أطفال أصيبوا بجراح خطيرة ومات بعضهم بسببها، وتأكدنا من تفاصيل بعض تلك الحالات. وفي الحالات القليلة التي وصلت إلى القضاء، أفضت المحاكمات إلى تبرئة ساحة المعلمين أو الاكتفاء بتغريمهم غرامات خفيفة. وتقريباً في كافة الحالات الموثّقة التي أدى بها الضرب إلى موت الطالب، حصل المعلمون على البراءة لأنهم لم يكونوا على علم بأن الطفل كان يعاني من ظروف صحية قبل تعرضه للضرب، تجعله معرّضاً للأصابة أكثر من غيره.
ويبدو أن وزارة التعليم لم تفعل سوى القليل لفرض فقرات أنظمة العليم (للضبط في المدارس) التي تحدد كيفية تنفيذ العقاب البدني. وقد قال بعض كبار المسؤولين الرسمين في وزارة التعليم لمنظمة هيومان رايتس ووتش إن الوزارة لا تشجّع استخدام العقاب البدني، على الرغم من أن الأنظمة تسمح به، كما قالوا إن مدير التعليم، السيد إليا نجوكا، أصدر مذكرة في العام 1996 لمنع هذه الممارسة. وبصرف النظر ما إذا كانت هذه المذكرة قد صدرت أم لم تصدر -لم تتمكن منظمة هيومان رايتس ووتش من أن تجد إي سجل رسمي لهذه المذكرة- فإن الحظر لم يفرض أبداً ، وما زالت هذه الممارسة متواصلة دون تغيير. ومع ذلك، أكّد بعض كبار المسؤولين في وزارة التعليم أن المذكّرة التي تحظر العقاب البدني لم تُلغَ. وباختصار، هناك ارتباك في المستويات العليا في وزارة التعليم فيما يتعلق بسياسة الوزارة أزاء العقاب البدني.
أمّا حملات رفع مستوى الوعي، وتدريب المعلمين على أساليب الضبط البديلة عن العقاب البدني، فهي غير موجودة عملياً. وقلّما يُعاقب المعلمون من قبل مدير المدرسة أو وزارة التعليم، حتى في حالات تسببهم بجراح خطيرة لأطفال تحت رعايتهم. كما يندر أن يُوجّه توبيخ، أو لا يوجَّه أبداً، لمدير المدرسة الذي يتغاضى عن العقاب البدني القاسي والمتواصل الذي يقوم به المعلمون. وكذلك، وفقاً لما قاله العديد من المعلمين والأهالي الذين قابلتهم منظمة هيومان رايتس ووتش، فإن الفساد منتشر في البيروقراطية التعليمية في كينيا، وأحياناً يجري تعيين المعلمين في المناطق المرغوبة فيما إذا دفعوا رشوة. وهكذا، يجري التكتّم على الإساءات من خلال دفع الرشوات.
تتمتع لجنة خدمات المعلمين في كينيا بسلطة معاقبة المعلمين من خلال إيقافهم عن العمل لفترة محددة، ونقلهم إلى مدارس أخرى، أو حتى فصلهم من العمل. ويتميز قسم التحقيق في هذه اللجنة باللامبالاة إذا كان الأمر يتعلق بالنظر في الإساءات الناتجة عن العقاب البدني. وعلى الرغم من أن الصحافة الكينية غطت بكثرة، حالات الإصابة بجراح خطيرة الناتجة عن العقاب البدني في السنوات القليلة السابقة، إلاّ أن نائب مدير لجنة خدمات المعلمين أخبر منظمة هيومان رايتس ووتش إن اللجنة تتلقى شكوى واحدة فقط كل عدة أعوام حول الاستخدام المفرط للضرب، ولم تقم اللجنة على الإطلاق بمعاقبة أي معلم بسبب استخدام الضرب بالعصا. كما أصر على أن "معظم الضرب يحدث وفقاً للتعليمات".
أما النظام القضائي فهو عموماً سبيل غير عملي لإنصاف ضحايا العقاب البدني في المدارس. فمعظم العائلات لا تستطيع تحمل مصاريف المحامين، ولهذا فإن إمكانية اللجوء إلى المحاكم ضعيفة، كما أن آمالهم بالفوز من خلال التقاضي القانوني ضئيلة، فيما إذا قرروا الخوض في ذلك. علاوة على ذلك، يتميز النظام القضائي بالضعف بسبب بطء عملية التقاضي، وصعوبة فرض أحكام القضاء.

ومما يدعو للقلق بصورة خاصة، وجود حالات عديدة لعمليات انتقام شديدة ضد الأشخاص الذين يقومون بالاحتجاج على العقاب البدني القاسي، وهذا أمر أدركته منظمة هيومان رايتس ووتش خلال مقابلاتها مع الأطفال والأهالي. فوفقاً للعديد من الأشخاص الذين قابلناهم، قد يؤدي الاحتجاج على إيقاع العقاب المفرط، إلى المزيد من العقاب القاسي في المستقبل، كما قد يتعرّض أخوة وأقارب الطفل الذي قدّم أهله الشكوى للعقاب، إلى جانب معاقبة الطفل نفسه. وقال بعض الأهالي أنهم تعرضوا للتهديد بالعنف عندما قاموا بالاحتجاج على إساءة معاملة أطفالهم.
أفاد بعض الأطفال أنهم أُجبروا على الانتقال من مدارسهم إلى مدارس أخرى للنجاة من المعلمين الحاقدين. كما قال عدة مدراء مدارس لمنظمة هيومان رايتس ووتش إنهم يخبرون أهالي الأطفال عندما يأتون لتقديم شكوى بخصوص تعرّض أطفالهم للضرب، أن عليهم نقل أطفالهم من المدرسة إذا كان الضرب لا يروق لهم. وفي الواقع العملي، وكما أقر العديد من مدراء المدارس، قد يُضطر الأطفال الذين يقدمون شكاوى حول العقاب البدني إلى التخلي عن المدرسة تماماً، إذ أن الانتقال إلى مدرسة أخرى بعد مغادرة مدرسة "لأسباب متعلقة بالضبط" -أي عدم القبول بفرض العقاب البدني- هو أقرب إلى المستحيل.



المزيد عن كينيا بالانجليزية