El Salvador
السلفادور
El Salvador

موضوعات أخرى بالانجليزية

أيدي لا تستريح:
الإساءات للأطفال العاملين في خدمة المنازل في السلفادور

I. ملخّص

    فلور ن. تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً، وتعمل ثلاث عشرة ساعة يومياً كعاملة في منْزل في مدينة سان سلفادور، ويبدأ عملها اليومي في الساعة الرابعة والنصف صباحاً. وفي مقابلة مع منظمة هيومان رايتس ووتش قالت، "إنه عمل مرهق جداً: أقوم بغسل الملابس وكيّها، وكذلك أعتني بالطفل". وعند انتهاء العمل، تتوجه إلى المدرسة المسائية حيث تدرس في الصف الخامس الابتدائي. وقالت، "أحياناً أحضر إلى المدرسة مرهقة تماماً". وكانت وهي تتحدث إلينا تشرب مشروباً غازياً، وكان يبدو عليها التوتّر من كثرة استهلاكها لمادة الكافين. وأضافت القول، "أصحو في الساعة الثانية صباحاً للذهاب إلى العمل، وأنتهي من دوام المدرسة في الساعة السابعة والنصف مساءً، ثم أصل بيتي بحدود الساعة الثامنة مساءً، ويتبقى لي خمس ساعات لتناول العشاء والنوم".

عندما تصحو في الساعة الثانية صباحاً للعودة إلى العمل، على أن تسير لمسافة كيلومتر واحد في طريق خطرة كي تصل إلى حافلة ركاب صغيرة تقلّها إلى عملها. وقالت، "في الساعة الثانية صباحاً، يتواجد في شوارع المنطقة التي أسكنها أفراد عصابات. وفي هذا الصباح كان هناك مجموعة من الأشخاص ينتمون لعصابة وحاولي سرقة قلادتي".

تتلقى فلور ن. لقاء عملها أجراً يبلغ 225 كولوني [العملة المحلية] شهرياً، أي ما يعادل 26 دولاراً أميريكي. وقالت، "أحياناً يكون هناك الكثير من الملابس لغسلها" وهنا أشارت إلى برميل نفايات كبير كي توضح لنا الحجم الذي تعنيه. وتابعت القول "في الصباح أُطعم الطفل حليباً، ثم أُعد طعام الإفطار، ثم أغسل وأكوي وأكنس". وكونها هي العاملة المنْزلية الوحيدة لأسرة مكونة من أربعة أفراد بالغين وطفل في الثالثة من عمره، فهي مسؤولة أيضاً عن تحضير طعام الغداء، والعشاء، والوجبات الخفيفة الأخرى، والعناية بالطفل. وقالت لنا "أحياناً أتمكن من تناول الطعام في البيت الذي أعمل فيه، ولكن في بعض الأوقات أكون مشغولة جداً ولا أتمكن من ذلك. لا يوجد أي وقت للراحة، أستطيع أن أجلس أحياناً، ولكن يحب أن يكون هناك عمل أقوم به أثناء جلوسي. وليس لدي سوى يوم عطلة واحد" طوال الشهر.

وقالت أيضاً "إذا ارتكبت أخطاء فإنهم يخصمون من أجري. في إحدى المرات فقدت سيدة المنْزل قلادة قالوا إن سعرها يبلغ 425 كولون [ما يعادل 48.5 دولاراً أميريكياً]. فأجبروني على دفع ثمنها، إذ قالوا إنني ألبس القلائد. فضّلت دفع النقود بدلاً من أن أخسر عملي".
    ترغب فلور ن. بالذهاب إلى المدرسة أثناء النهار، لأن مدة الحصص أطول حينذاك، ومن الممكن أن تنتبه للدروس أكثر أثناء النهار. ولكن العمل الذي يتعين عليها إنجازه لا يتيح لها ذلك، ولذلك فهي تحضر دروساً مسائية في إحدى مدارس سان سلفادور المسائية المصممة للأطفال الذين يعملون في خدمة المنازل وأعمال أخرى. [1]
إن وضع فلور ن. هو أفضل من بعض النواحي من وضع الأطفال الآخرين الذين يعملون في خدمة المنازل في السلفادور، فبعضهم يعمل ست عشرة ساعة يومياً، مع يوم أو يومي عطلة طوال الشهر. وفي دراسة مسحيّة جرت في العام 2002 من خلال البرنامج الدولي للقضاء على تشغيل الأطفال (IPEC)، التابع لمنظمة العمل الدولية، وجدت الدراسة أن ما يزيد عن 60 بالمئة من البنات اللاتي أُجريت معهن مقابلات، تحدثن عن تعرضهن لإساءة معاملة نفسية أو جسدية، من ضمنها التحرّش الجنسي، من قبل أصحاب العمل.
    وعلى العكس من فلور ن. ، لا يتمكن العديد من الأطفال العاملين في خدمة المنازل من مواصلة تعليمهم، فقد وجدت دراسة البرنامج الدولي للقضاء على تشغيل الأطفال إن الأمر المعتاد هو أن يترك هولاء الأطفال الدراسة عندما تبلغ أعمارهم ما بين خمسة عشر عاماً وسبعة عشر عاماً، والأسباب الشائعة لذلك، هو تعارض ساعات العمل مع ساعات دوام المدارس، أو بسبب تكاليف الرسوم والملابس واللوازم المدرسية، والمواصلات والتكاليف الأخرى المرتبطة بالتعليم. ويتمكن بعضهم من الالتحاق بالمدارس الليلية، ولكن التنقل من المدرسة وإليها في الليل يعرّض سلامة الأطفال للخطر. وحتى الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس أثناء النهار ويعملون بعد ذلك، قالوا إن عملهم يتعارض أحياناً مع دراستهم، وذلك عندما لا يتوفر لهم وقت لإنجاز الوظائف المدرسية البيتية، أو عندما ينامون وهم على مقاعد الدرس، أو عندما يتغيبون عن الدراسة بسبب العمل.
بالنسبة للبعض، فإن تكاليف الدراسة هي ما يدفع الأطفال للعمل في الوظائف الخطرة، فقد استمعنا لأقوال أطفال قرروا العمل في خدمة المنازل من أجل كسب بعض المال لتغطية تكاليف الرسوم والملابس واللوازم المدرسية، التي قد تصل إلى 300 دولار سنوياً للطفل الواحد.
    من الصعب أن نقدّر بدقة، العدد الكلي للأطفال الذين يعملون في خدمة المنازل في السلفادور، فهذا العمل يجري في بيوت خاصة، مما يجعل أمر تحديد أعداد العاملين في هذا المجال، أصعب مما هو في حالة العمال الآخرين في القطاع غير الرسمي. وتقول نورا هيرنانديز، وهي تعمل في منظمة لاس ديغناس التي تعنى في حقوق المرأة في السلفادور "من بين المحجوبين عن الأنظار، [هؤلاء الأطفال] هم الأكثر انحجاباً". [2]
تقوم دائرة الإحصاءات العامة في السلفادور بجمع معلومات حول العاملين في خدمة المنازل، ولكنها لا تفصّل عدد الأطفال العاملين الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً، وعدد الشباب البالغين. واستناداً إلى التقديرات الإحصائية الناتجة عن استخدام هذه المعلومات، قدّر البرنامج الدولي للقضاء على تشغيل الأطفال بأن هناك ما يقارب 21,500 شخصاً من الفئة العمرية ما بين اربعة عشر عاماً، وتسعة عشر عاماً يعملون في خدمة المنازل. وكذلك أن ما يقارب 20,800 من هذا الممجموع ، أي ما نسبته 95 بالمئة، هن من البنات والنساء. كما أوضح البرنامج الدولي للقضاء على تشغيل الأطفال أن ما يقارب ربع العاملين في خدمة المنازل ممن شملتهم الدراسة المسحية، بدأوا العمل في سن ما بين تسعة أعوام وأحد عشر عاماً؛ وتصل نسبة الأطفال الذين بدأوا العمل في سن الرابعة عشرة أو أقل، إلى 60 بالمئة.
    يبحث هذا التقرير في موضوع العمل المنْزلي الذي يقوم به الأطفال خارج منازل أسرهم أو منازل أقاربهم. يعيش العديد من هؤلاء الأطفال في منازل أصحاب العمل حيث يعملون؛ بينما يتنقّل آخرون يومياً بين أماكن عملهم وأماكن سكنهم. كلمة "طفل" في هذا التقرير تعني أي شخص يقل عمره عن ثمانية عشر عاماً. [3]
الكثير من العمل الذي يقوم به الأطفال كعاملين منْزليين، والموثّق في هذا التقرير، يتعارض مع التحاقهم بالمدارس ويتضمن استغلالاً اقتصادياً وأعمالاً خطرة، مما يشكّل انتهاكاً للقانون الدولي والقانون المحلي في السلفادور. إذ تحظر اتفاقية حقوق الطفل الاستغلال الاقتصادي وأداء أي عمل يُرجّح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه. [4] ويُعتبر تشغيل الأطفال في خدمة المنازل تحت ظروف كهذه، من أسوأ أنواع العمل التي يمكن تشغيل الأطفال بها، وذلك وفقاً لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182، وهي الاتفاقية الخاصة بأسوأ أنواع تشغيل الأطفال. وبموجب هذه الاتفاقية، يُحظر تشغيل الأطفال ممن تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً في أي عمّل من المرجّح أن يعرّض صحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم للخطر. ومن ضمن الأعمال المحظورة، العمل الذي يُعرّضهم لإساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية؛ والعمل الذي يجبرهم على العمل لساعات طويلة أو أثناء الليل؛ أو الذي يؤدي إلى احتجازهم على نحو غير معقول، في المرافق التابعة لصاحب العمل. [5] ويُذكر أن السلفادور صادقت على الاتفاقيتين المذكورتين. وإضافة إلى ذلك، ينص دستور السلفادور إن على الدولة واجب حماية الصحة البدنية والنفسية والأخلاقية للأطفال؛ كما إن قانون العمل في السلفادور يحظر تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً في أعمال خطرة أو غير صحية.
    ينكر المسؤولون الحكوميون بصورة متواصلة أن هناك أطفالاً، وخصوصاً ممن تقل أعمارهم عن أربعة عشر عاماً ويحظر القانون تشغيلهم، يعملون في خدمة المنازل بأعداد كبيرة. وقال السيد خوزيه فيكتور أورلاندو أوريلانا مازا، المدير العام لمديرية العمل، في حديث مع منظمة هيومان رايتس ووتش جرى في فبراير/شباط 2003، "إن عدد القاصرين الذين يعملون في خدمة المنازل هو عدد صغير. فقلّة قليلة من القاصريرن يعملون في خدمة المنازل، عدد صغير جداً". ثم أضاف لاحقاً خلال مقابلتنا معه، "هناك حالات معزولة لقاصرين يعملون في هذا المجال، أما عدد حالات الأطفال الذين يعملون وتقل أعمارهم عن أربعة عشر عاماً، فهو بالتحديد، صفر، فأصحاب العمل لا يتعاقدون مع قاصرين". [6]
وقال السيد بينجامين سميث، المستشار الفني الرئيسي لمنظمة العمل الدولية في السلفادور، "هذا موضوع حساس بالنسبة للحكومة، وهناك تمنّع عن إدراج هذا النوع من العمل ضمن الأنواع الأخرى لتشغيل الأطفال. نحن نعلم أن مئات [الأطفال] يتعرضون لاستغلال واضح جداً ... وبعضهم في وضع يشبه العبودية". [7]
    قانون العمل يستثني العاملين في خدمة المنازل من العديد من حقوق العمل الأساسية. فهم لا يتمتعون، على سبيل المثال، بحق العمل لثماني ساعات فقط يومياً، أو العمل لمدة أربع وأربعين ساعة أسبوعياً، والذي يضمنه قانون السلفادور، كما أنه من الشائع أن يتلقّى هؤلاء العمال أجراً يقل عن الحد الأدنى المسموح في قطاعات عمل أخرى. إن استثناء العاملين في خدمة المنازل من هذه الحقوق يحرمهم من الحماية المتكافئة أمام القانون، كما أن تأثيره الأكبر يقع على النساء والبنات، اللاتي يشكلن ما يزيد عن 90 بالمئة من العاملين في خدمة المنازل.
إن السلفادور هي البلد الوحيدة في منطقة أميريكا الوسطى، المشتركة في البرنامج المحدد زمنياً، وهو مبادرة لمنظمة العمل الدولية تهدف إلى القضاء على أسوأ أنواع تشغيل الأطفال ضمن فترة تتراواح من خمسة إلى عشر أعوام. وعلى الرغم من أن الدراسة التي أجراها البرنامج الدولي للقضاء على تشغيل الأطفال استنتجت بأن عمل الأطفال في هذا المجال خارج أماكن سكنهم، يُعتبر من أسوأ أنواع تشغيل الأطفال، إلاّ أن حكومة السلفادور لم تحدد هذا العمل بوصفة أحد المجالات التي تتمتع بالأولوية فيما تركّز عيله ضمن البرنامج المحدد زمنياً.
* * *
هذا التقرير هو التقرير العاشر الذي تعده منظمة هيومان رايتس ووتش حول تشغيل الأطفال. وقد تناولت تقاريرنا الأولى، العبودية، وعمل الأطفال الأرقّاء، وممارسات أخرى شبيهة بالعبودية تنتهك الاتفاقية الدولية لقمع تجارة الرقيق والاسترقاق؛ والاتفاقية المكمّلة الخاصة بإلغاء الرق، وتجارة الرقيق، والمؤسسات والممارسات المشابهة للاسترقاق؛ واتفاقية السخرة. وفي التقارير اللاحقة، بحثنا في أنماط أخرى من تشغيل الأطفال التي تشكّل استغلالاً اقتصادياً وعملاً خطراً، مما ينتهك اتفاقية حقوق الطفل؛ كما بحثنا في الأعمال التي تُعتبر من أسوأ أنواع تشغيل الأطفال، كما تحددها اتفاقية أسوأ أنواع تشغيل الأطفال الصادرة عن منظمة العمل الدولية. وقمنا حتى الآن، بتحرّي موضوع عمل الأطفال الأرقاء في الهند وباكستان، والامتناع عن حماية الأطفال العاملين في المزارع في الولايات المتحدة، وتشغيل الأطفال في حقول القطن المصرية، والإساءات التي تتعرّض لها البنات والنساء العاملات في خدمة المنازل في غواتيمالا، واستخدام عمل الأطفال في زراعة الموز في الإكوادور، والاتجار بالأطفال في توغو، والاستغلال الاقتصادي للأطفال كأحد تبعات الإبادة الجماعية في رواندا.

أجرت منظمة هيومان رايتس ووتش أبحاثاً ميدانية في السلفادور في فبراير/شباط 2003، وبعد ذلك تابعت البحث من خلال الهاتف والبريد الإلكتروني من مقرها في نيويورك. وقد أجرينا أثناء القيام بالبحث مقابلات مع خمسة عشر شخصاً من العاملين الحاليين والسابقين في خدمة المنازل، ومع ما يزيد عن خمسين من المعلمين وأولياء الأمور، والنشطاء، والأكاديميين، والمحامين، والمسؤولين الحكوميين.

لقد قيّمنا معاملة الأطفال العاملين في خدمة المنازل، بحسب القانون الدولي كما هو منصوص في اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية أسوأ أنواع تشغيل الأطفال، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقيات دولية أخرى. وتحدد هذه الاتفاقيات بأن للطفل حق بالحرية من الاستغلال الاقتصادي والعمل الخطر، وحق الحرية من التمييز على أساس الجنس، والحق بالتعليم، وحقوق أخرى.
__________________________

[1] مقابلة منظمة هيومان رايتس ووتش مع فلور ن. ، سان سلفادور، 18 فبراير/شباط 2003.
[2] مقابلة منظمة هيومان رايتس ووتش مع نورا هيرنادنديز، لاس ديغناس - Asociacin de Mujeres por la Dignidad en El Salvador ، سان سلفادور، 10 فبراير/شباط 2003.
[3] اتفاقية حقوق الطفل تعرّف الطفل بأنه "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه". اتفاقية حقوق الطفل، اعتُمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989، (تاريخ بدء النفاذ: 2 سبتمبر/أيلول 1990)، المادة 1. وصادقت السلفادور على الاتفاقية في 10 يوليو/ تموز 1990.
[4] المرجع السابق، المادة 32 (1).
[5] الاتفاقية رقم 182، المتعلقة بحظر أسوأ أنواع تشغيل الأطفال، اعتمدها المؤتمر العام لمؤتمر منظمة العمل الدولية في دورته الثامنة والثلاثين، بتاريخ 17 يوليو/ تموز 1999 (تاريخ بدء النفاذ: 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2000). صادقت السلفادور على هذه الاتفاقية بتاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2000.
[6] مقابلة هيومان رايتس ووتش مع خوزيه فيكتور أورلاندو أوريلانا مازا، المدير العام لمديرية العمل، وزارة العمل، سان سلفادور، 13 فبراير/شباط 2003.
[7] مقابلة هيومان رايتس ووتش مع بينجامين سميث، المستشار الفني الرئيسي، منظمة العمل الدولية، سان سلفادور، 6 فبراير/شباط 2003.




موضوعات أخرى بالانجليزية