Human Rights Watch Human Rights Watch
Egypt World Report 2002
التطورات في مجال حقوق الإنسان
الدفاع عن حقوق الإنسان
دور المجتمع الدولي
مصر
التطورات في مجال حقوق الإنسان

استمرت أحوال حقوق الإنسان في التدهور، وهو ما تمثل في انتهاك الحق في حرية التعبير وحرية التجمع وحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، والقبض على معارضي الحكومة في حملاتٍ واسعة النطاق، والاعتقال الطويل الأمد بموجب قانون الطوارئ، الذي ظل سارياً بشكلٍ متواصلٍ تقريباً منذ عام 1967، فضلاً عن المحاكمات الفادحة الجور أمام المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة.
وأُجريت انتخابات مجلس الشعب (البرلمان)، البالغ عدد مقاعده 454 مقعداً، على ثلاث مراحل خلال الفترة من 18 أكتوبر/تشرين الأول إلى 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، وهي أول انتخاباتٍ تجري تحت الإشراف الكامل للقضاء، وذلك في أعقاب التعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخاب تطبيقاً لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في يوليو/تموز 2000. وحصل "الحزب الوطني الديمقراطي" الحاكم على أغلبية كبيرة، ولكن مؤيدي جماعة "الإخوان المسلمين"، الذين لم يمكنهم التقدم للانتخابات إلا بوصفهم مرشحين مستقلين، نجحوا في الحصول على 17 مقعداً، بينما تقاسمت أحزاب المعارضة الأخرى، البالغ عددها 11 حزباً، 16 مقعداً. وبالرغم من الإشراف القضائي، فقد أسفرت المصادمات بين مؤيدي المرشحين المتنافسين ومع قوات الشرطة عن مقتل عددٍ يتراوح بين تسعة وخمسة عشر شخصاً، وإصابة عشراتٍ آخرين. وقبضت السلطات على مئاتٍ من مناصري جماعة "الإخوان المسلمين" وغيرهم من المرشحين المعارضين ومؤيديهم عشية الانتخابات، كما منعت آخرين من الوصول إلى مراكز الاقتراع.

كما قبضت السلطات على عددٍ من المرشحين المؤيدين لجماعة "الإخوان المسلمين" ومناصريهم قبيل انتخابات مجلس الشورى، والتي أُجريت في مايو/أيار ويونيو/حزيران، ومرت بسلامٍ نسبياً، وفاز بالأغلبية فيها "الحزب الوطني الديمقراطي" أيضاً.
وفي إبريل/نيسان، وافقت "لجنة شؤون الأحزاب السياسية"، المنبثقة عن مجلس الشورى والخاضعة لسيطرة الحكومة، على الترخيص لحزبٍ جديدٍ هو "حزب مصر 2000"، وكانت قد رفضت الموافقة عليه من قبل عام 1999، ولكن "محكمة الأحزاب السياسية" ما لبثت أن ألغت قرار اللجنة في 7 إبريل/نيسان. ويُذكر أن "حزب مصر 2000" هو الحزب الثاني فقط الذي يحصل على ترخيصٍ منذ تشكيل "لجنة شؤون الأحزاب السياسية" في عام 1977، بينما رُفضت عدة أحزابٍ أخرى، وكان سبب الرفض عادةً هو أن برامج تلك الأحزاب لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن برامج الأحزاب القائمة المسجلة.

واستمر الحظر قائماً على أنشطةِ ومطبوعات "حزب العمل" ذي التوجه الإسلامي، والذي جُمدت أنشطته بقرارٍ من "لجنة شؤون الأحزاب السياسية" في مايو/أيار 2000. وصدر ما لا يقل عن 11 حكماً من القضاء الإداري برفع الحظر المفروض على صحيفة "الشعب" نصف الأسبوعية التي يصدرها الحزب، على اعتبار أنه يمثل انتهاكاً لحرية الصحافة التي يكفلها الدستور. وفي 20 مارس/آذار، قضت المحكمة الإدارية بعدم قانونية امتناع الحكومة عن تنفيذ أحكامها وأسلوب المماطلة الذي تتبعه، والمتمثل في الطعن في هذه الأحكام أمام محاكم من الواضح أنها غير مختصة بنظر مثل هذه القضايا. وبالرغم من ذلك، أيدت "لجنة شؤون الأحزاب السياسية" في 21 مارس/آذار الحظر المفروض على صحيفة "الشعب" على اعتبار أنه لم يُفصل بعد في وضع "حزب العمل". وفي منتصف يوليو/تموز، أيدت هيئة مستشارين تابعة للمحكمة الإدارية العليا موقف اللجنة، رغم أنها سبق وأيدت أحكاماً لصالح صحيفة "الشعب". وقالت الهيئة إن القرارات السابقة للمحكمة الإدارية أخطأت فيما ذكرته من أن صلاحيات "لجنة شؤون الأحزاب السياسية" تجيز لها وقف أنشطة أيٍ من الأحزاب السياسية، ولكن ليس من سلطتها حظر المطبوعات. وفي هذه الأثناء، ما زالت صحيفة "الشعب" تصدر في طبعةٍ إلكترونية على شبكة الإنترنت.
وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2000، أُطلق سراح مجدي أحمد حسين، رئيس تحرير صحيفة "الشعب"، بموجب عفوٍ رئاسي، كما أُفرج عن الصحفي صلاح بديوي، ورسام الكاريكاتير عصام حنفي، اللذين يعملان بنفس الصحيفة. وكانت قد صدرت أحكام بالحبس على الثلاثة في أغسطس/آب 1999، بتهمة القذف والتشهير في حق وزير الزراعة يوسف والي. وفي مارس/آذار، انتُخب مجدي أحمد حسين أميناً عاماً "لحزب العمل"، ولكن رئيس الحزب إبراهيم شكري قرر، في أغسطس/آب، فصل مجدي أحمد حسين وعشرة آخرين من عضوية اللجنة التنفيذية للحزب، كما عيَّن شخصاً آخر بدلاً منه في رئاسة تحرير صحيفة "الشعب"، وذلك في محاولةٍ لتطهير الحزب من الإسلاميين، ومن ثم الحصول على موافقة الحكومة لاستئناف نشاطه. وواصلت الحكومة محاكمة مدنيين من المشتبه فيهم سياسياً أمام محاكم عسكرية، وأعلنت في منتصف أكتوبر/تشرين الأول أن 253 من الإسلاميين المعتقلين سوف يُحاكمون أمام المحكمة العسكرية العليا. وكان 83 من هؤلاء قد قُبض عليهم في مايو/أيار واحتُجزوا لاتهامهم بعضوية تنظيم غير مشروع، وحيازة أسلحةٍ بشكلٍ غير قانوني، والتخطيط للإطاحة بالحكومة عن طريق القوة، وتزوير مستنداتٍ رسمية. وكان من بينهم عدة مواطنين أجانب؛ وأشارت بعض الصحف المحلية إلى أنهم على صلة بشبكة "القاعدة" التي يتزعمها أسامة بن لادن، ولكن الرئيس حسني مبارك نفي ذلك لاحقاً. أما الباقون، وعددهم 170، فهم من المشتبه في انتمائهم إلى "الجماعة الإسلامية" المحظورة، وذكر محامو الدفاع أن كثيرين من هؤلاء ظلوا معتقلين بدون تهمةٍ أو محاكمةٍ لعدة سنوات. وأفادت الأنباء أن جميع المعتقلين المئة والسبعين واجهوا تهمة القيام بأعمال عنفٍ سياسي خلال الفترة من عام1994 إلى عام 1998. وأدانت جماعات حقوق الإنسان المحلية قرار إحالة مزيدٍ من المدنيين للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية، التي لا يتوفر الحق في استئناف أحكامها. وقد أدانت مثل هذه المحاكم مئات الإسلاميين منذ عام 1992، وكان ذلك في كثيرٍ من الأحيان بعد محاكماتٍ فادحة الجور وبعد تعرض المعتقلين للتعذيب خلال فترة التحقيق السابق للمحاكمة، كما أصدرت عشراتٍ من أحكام الإعدام ونُفذ كثيرٌ منها. وفي 20 سبتمبر/أيلول، اختطفت عناصر من قوات الأمن الحكومية فريد زهران، وهو مدير إحدى دور النشر ومن قيادات "اللجنة الشعبية المصرية للتضامن مع انتفاضة الشعب الفلسطيني"، وذلك للحيلولة دون قيام مظاهرةٍ يوم 28 سبتمبر/أيلول بمناسبة ذكرى مرور عامٍ على اندلاع الصراع المستمر بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية. واعتُقل فريد زهران لمدة أسبوعين، ووُجهت إليه تهمة نشر معلوماتٍ مُغرضة من شأنها تكدير الأمن العام، والتخطيط للقيام بمظاهرة، وأُفرج عنه بكفالةٍ يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول.
وظل آلافٍ الأشخاص الذين زُعم أنهم من أعضاء أو مؤيدي الجماعات الإسلامية المحظورة رهن الاعتقال بدون محاكمة، وإن كان قد أُفرج عن قلةٍ منهم، وبينهم حمدي عبد الرحمن وإسماعيل البقل، وكلاهما من قيادات الجماعة الإسلامية، وأُطلق سراحهما في يوليو/تموز بعد أن أمضيا حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً، لدورهما في عملية اغتيال الرئيس السابق أنور السادات عام 1981، بالإضافة إلى خمس سنواتٍ أخرى احتُجزا خلالها دون سندٍ قانوني.

ودأبت الشرطة على تعذيب المعتقلين أو إساءة معاملتهم، وتُوفي ثلاثة من المعتقلين في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز. وفي حالتين سابقتين من حالات الوفاة أثناء الاحتجاز اتُخذت إجراءات قضائية ضد من اتُهموا بممارسة التعذيب وصدرت أحكام ضدهم. ففي 7 فبراير/شباط، حكمت محكمة جنايات شبين الكوم على مدير سجن وادي النطرون المشدد الحراسة بالسجن عشر سنواتٍ لتسببه في وفاة سجينٍ كان محتجزاً في انتظار المحاكمة، ويُدعى أحمد محمد عيسى، تحت وطأة التعذيب. كما حكمت على ضابطٍ برتبة رائد بالسجن لمدة سبع سنواتٍ، وعلى أربعة جنودٍ برتبة رقيب بالسجن خمس سنوات، مع فصل جميع هؤلاء المحكوم عليهم من وظائفهم. وفي 25 يوليو/تموز، صدر الحكم في قضيةٍ أخرى، حيث عُوقب ضابط برتبة ملازم أول في قسم شرطة العجوزة بالقاهرة بالسجن لمدة عامين مع الشغل لإدانته بضرب معتقلٍ يُدعى أحمد إمام عبد النعيم حتى فارق الحياة.
وخلال الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 2000 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2001، أصدرت المحاكم المصرية أحكاماً بالإعدام ضد ما لا يقل عن 69 شخصاً، بعد إدانتهم بجرائم قتلٍ عمد واغتصابٍ وجرائم أخرى، ونُفذ الحكم في ثمانية منهم.

وواصلت الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة ضد النشطاء السياسيين الإسلاميين، منتهكةً حقهم في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها. ففي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، قضت إحدى المحاكم العسكرية بمعاقبة 15 من المحامين وغيرهم من المهنيين، ممن لهم صلة بجماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، بالسجن لفتراتٍ متفاوتة أقصاها خمسة أعوام بعد إدانتهم بعدة تهمٍ، من بينها الانضمام إلى تنظيمٍ غير مشروع، ولكنها برأت خمسة متهمين آخرين. وكانت السلطات قد اعتقلت، في أكتوبر/تشرين الأول، مئاتٍ من مؤيدي الجماعة في القاهرة والإسكندرية وغيرهما من المحافظات، قبل انتخابات مجلس الشعب، وكان من بينهم بعض من تقدموا للترشيح كمستقلين. كما كان من بين من احتُجزوا بعض المشاركين في الدعاية الانتخابية لجيهان الحلفاوي، وهي المرشحة الوحيدة التي لها صلة بجماعة "الإخوان المسلمين"، وبعض أعضاء حزب العمل الذين كانوا يديرون الحملة الانتخابية للمرشح مجدي أحمد حسين أثناء وجوده في السجن لتنفيذ الحكم الصادر ضده.
وتكرر نفس النمط قبيل انتخابات مجلس الشورى، حيث اعتقلت السلطات اعتباراً من منتصف إبريل/نيسان ما لا يقل عن 140 من المتعاطفين مع جماعة "الإخوان المسلمين" في أسيوط والإسكندرية والفيوم وغيرها من المحافظات، وكان من بينهم بعض من سجلوا أنفسهم في قوائم الترشيح لتوهم، مثل د. محمد السيد حبيب، الأستاذ في جامعة أسيوط وهو عضو سابق في مجلس الشعب، وأبو بكر ميتكيس. وأُفرج عن جميع هؤلاء بدون توجيه تهمةٍ إليهم عقب الانتخابات. وفي 15 يوليو/تموز، قُبض على 25 من الأعضاء البارزين الآخرين في الجماعة في حي امبابة، بزعم قيامهم بعقد اجتماعٍ غير قانوني. وكان من بينهم محمد الشاطر، وهو سجين سياسي سابق من المعروف عنه أنه عضو في "مكتب الإرشاد"، وهو أعلى هيئة لاتخاذ القرار في جماعة "الإخوان المسلمين".

كما أحالت الحكومة للقضاء عدداً من الأشخاص بسبب ميولهم الجنسية المزعومة. ففي يوليو/تموز، أحالت السلطات 52 رجلاً إلى محكمة أمن الدولة للجُنح (طوارئ)، والتي لا يتوفر فيها حق استئناف الأحكام، بتهمة ممارسة "الفجور"، وذلك بموجب "قانون مكافحة البغاء" (القانون رقم 10 لعام 1961). كما وُجهت إلى اثنين منهم تهمة "ازدراء الدين"، بموجب المادة 98 (و) من قانون العقوبات، بينما أُحيل حدث في السادسة عشرة من عمره إلى محكمة الأحداث. وكان قد قُبض على معظم هؤلاء المتهمين في القاهرة في 11 مايو/أيار، واحتُجزوا أول الأمر بمعزلٍ عن العالم الخارجي. وخلال محاكمتهم التي بدأت في 18 يوليو/تموز، رفضت المحكمة التحقيق فيما ادعاه بعض المتهمين من تعرضهم للتعذيب لإجبارهم على الإدلاء باعترافات. وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني، حُكم على 21 منهم بالحبس لمددٍ تتراوح بين عامٍ وعامين بتهمة "الفجور". أما الاثنان اللذان نُسبت إليهما تهمة "ازدراء الدين"، فحُكم على أحدهما بالسجن ثلاث سنواتٍ وعلى الآخر بالسجن خمس سنوات؛ وبرئت ساحة الآخرين. وفي 18 سبتمبر/أيلول، حُكم على الصبي القاصر بالسجن ثلاث سنوات لدى مثوله أمام محكمة الأحداث، والتي يتوفر فيها حق الاستئناف. وكان من المقرر نظر دعوى الاستئناف التي رفعها في نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2001، أفرجت السلطات عن 89 سجيناً لدواعٍ إنسانية، لحين صدور حكمٍ بشأنهم من محكمة جنايات سوهاج. وكان هؤلاء ضمن 96 من المسلمين والمسيحيين الذين حُوكموا في قضيةٍ تتعلق بحوادث العنف الطائفي في قرية الكشح في ديسمبر/كانون الأول 1999، والتي تُوفي خلالها اثنان من المسيحيين ومسلم واحد. وقد برأت المحكمة جميع المدعى عليهم سوى أربعة مسلمين حُكم عليهم بالسجن لمددٍ تتراوح بين عامٍ وعشرة أعوام، بتهمة حيازة أسلحةٍ غير مرخصة والقتل الخطأ وتخريب الممتلكات، ولكن بعض القيادات الدينية المسيحية وأهالي القتلى انتقدوا الحكم، فسارع النائب العام باستئنافه. وفي يوليو/تموز، قضت محكمة النقض بإلغاء الحكم وإعادة محاكمة جميع المتهمين، وبدأت هذه المحاكمة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي يونيو/حزيران، تظاهر آلاف المسيحيين في القاهرة على مدى أربعة أيامٍ احتجاجاً على نشر صورٍ جنسيةٍ صريحة لراهب سابق في صحيفة "النبأ" الأسبوعية، وصحيفة "آخر خبر"، وكلاهما يصدر عن نفس المؤسسة؛ وفي 4 يوليو/تموز، سحبت السلطات تصاريح نشر الصحيفتين. وقد أُصيب العديد من المتظاهرين في مصادماتٍ مع الشرطة. ووجهت السلطات إلى ممدوح مهران، رئيس تحرير صحيفة "النبأ"، تهم تهديد النظام العام، وإهانة الكنيسة القبطية، ونشر صورٍ فاضحة، بالإضافة إلى تهمٍ أخرى، وبدأت محاكمته في 24 يونيو/حزيران أمام محكمة أمن الدولة للجُنح. وفي 16 سبتمبر/أيلول، أُدين بجميع التهم المنسوبة إليه ما عدا تهمة واحدة، وحُكم عليه بالحبس ثلاث سنوات، وصدَّق الرئيس مبارك على الحكم في 30 سبتمبر/أيلول، ولكن ممدوح مهران أُصيب بأزمة قلبية ونُقل للمستشفى لتلقى العلاج تحت الحراسة. وقد طعن مهران أمام المحكمة الإدارية في قرار نقابة الصحفيين بإلغاء عضويته النقابية، وأصدرت المحكمة حكماً لصالحه، ولكن نقابة الصحفيين استأنفت الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، ولم تكن المحكمة قد فصلت في القضية حتى نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي يناير/كانون الثاني، مَثل المهندس شريف الفيلالي أمام محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ)، متهماً بالتجسس. وزعم الادعاء أنه جُند في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) عن طريق ضابط سابق في الجيش الروسي، يُدعى غريغوري سيرغيفتش، وقد حُوكم غيابياً في نفس القضية. وخلال فترة احتجازه السابق للمحاكمة لدى مباحث أمن الدولة في القاهرة، تعرض الفيلالي "لضغطٍ نفسي" لإرغامه على الاعتراف، حسبما ورد. ومع ذلك، فقد حُكم على سيرغيفتش بالسجن المؤبد، بينما برأت المحكمة ساحة الفيلالي. وقال رئيس المحكمة في حيثيات الحكم إن القانون المصري يقضي ببراءة المتهم إذا اعترف بالجرم قبل بدء التحقيق الجنائي، وهو ما حدث في حالة الفيلالي، حتى لو توفرت أدلة تكفي لإدانته. وفي 27 يونيو/حزيران، أعلنت نيابة أمن الدولة أنها سوف تطالب بإعادة المحاكمة، وهو ما يجيزه قانون الطوارئ. ويُذكر أنه لا يجوز استئناف الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا، ولكن يتعين لنفاذها أن يصدق عليها رئيس الجمهورية. وفي سبتمبر/أيلول، رفض مكتب الرئيس التصديق على الحكم، ومن ثم أعادت السلطات القبض على الفيلالي وبدأت محاكمته الجديدة في 28 أكتوبر/تشرين الأول. وفي حالة إدانته فقد يُحكم عليه بالسجن لمدةٍ أقصاها 25 عاماً مع الأشغال الشاقة.
واستمرت الحكومة في استهداف بعض الكتاب بسبب ممارستهم لحرية التعبير. ففي ديسمبر/كانون الأول 2000، قُبل طلب النيابة العامة بإعادة محاكمة الكاتب صلاح الدين محسن، بعدما حكمت عليه محكمة أمن الدولة للجُنح بالجيزة، في يوليو/تموز 2000، بالحبس ستة أشهر مع وقف التنفيذ لاتهامه بالإساءة للإسلام في كتاباته. وفي يناير/كانون الثاني 2001، أُعيدت محاكمته أمام دائرةٍ أخرى لمحكمة أمن الدولة، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة، ولا يحق له استئناف الحكم.
كما واصلت الحكومة حظر كتبٍ تعتبرها "ضارة" بالمجتمع، لأنها تتضمن مواد تُعتبر إما صريحةً جنسياً أو مسيئة للإسلام. ففي مايو/أيار، حظر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر كتابين، أولهما تأليف علاء حامد والأخر تأليف إبراهيم أبو خليل، حيث رأى فيهما إساءة للإسلام.
وتعرضت حقوق العمال للاعتداء من جراء الإجراءات التعسفية التي اتُخذت ضد نشطاء في النقابات العمالية جاهروا بالحديث عن قضايا من قبيل سلامة العمال في القطاع العام. ومن بين هذه الإجراءات، التي تهدف إلى منعهم من المشاركة في الانتخابات النقابية، نقل بعضهم إلى شركاتٍ أخرى قبل إجراء الانتخابات بوقتٍ قصيرٍ والضغط عليهم لسحب ترشيحهم. فقبيل انتخابات الاتحاد العام لنقابات العمال، التي بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول، رفع عشرات العمال الذين رفضت طلباتهم للترشيح للجان القاعدية دعاوى قضائية أمام المحاكم الإدارية للطعن في المخالفات التي شابت إجراءات الترشيح. كما مُورست ضغوط على "مركز الخدمات النقابية والعمالية"، وهو منظمة مصرية غير حكومية تعمل على رصد حقوق العمال والدفاع عنها. ففي منتصف سبتمبر/أيلول، استُدعي كمال عباس، مدير المركز، وعبد الرشيد هلال، نائب رئيس نقابة العمال بشركة الحديد والصلب وعضو مجلس إدارتها، للمثول أمام نيابة حلوان، في سياق محاولات الحكومة لإسكات الأصوات التي تنتقد أوضاع العمل والمخالفات في إجراءات الانتخابات النقابية.
وفي فبراير/شباط، انتخب أعضاء نقابة المحامين مجلساً جديداً للنقابة ونقيباً للمحامين، مما أنهى خمس سنواتٍ من الحراسة القضائية التي فرضتها الحكومة على النقابة عام 1996، بسبب ما زُعم عن مخالفاتٍ مالية ارتكبها المجلس السابق. وسادت على نطاقٍ واسعٍ توقعات بأن الحكومة تأمل أن تؤدي الانتخابات، التي أُجريت تحت الإشراف القضائي، إلى تقليص نفوذ "الإخوان المسلمين" على النقابة، ولكن الانتخابات أسفرت مرة أخرى عن اختيار مجلس يهيمن عليه "الإخوان المسلمون"، واختيار المحامي الناصري سامح عاشور نقيباً للمحامين.
وفي حكمٍ يمثل علامةً بارزة، قضت المحكمة الدستورية العليا، في 2 يونيو/حزيران، بعدم دستورية المادة 48 من قانون العقوبات، التي تفرض عقوبةً على الاتفاق الجنائي بين شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة، حتى وإن لم تُرتكب أية جريمةٍ فعلياً. وتنص هذه المادة، على توقيع عقوبة السجن لمدة لا تتجاوز 15 سنة في حالة الجنايات ولمدة لا تتجاوز ثلاث سنواتٍ في حالة الجُنح؛ وقد استُخدمت على نطاقٍ واسعٍ ضد الإسلاميين المتهمين بارتكاب جرائم أمنية، كما استُخدمت مؤخراً في قضية د. سعد الدين إبراهيم (انظر ما يلي). وفي أواخر يوليو/تموز، قرر النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد ألا يستخدم حقه في إحالة الحكم ثانيةً إلى المحكمة لإعادة النظر فيه، وأمر بالإفراج عن جميع المسجونين الذين أُدينوا بموجب المادة 48. وفي سبتمبر/أيلول، تقدم عددٌ من المحامين الموكلين عن عشراتٍ الإسلاميين بالتماساتٍ إلى محكمة أمن الدولة طالبين الإفراج عن موكليهم استناداً إلى نفس الأسباب، ولكن لم يتضح بحلول نوفمبر/تشرين الثاني ما إذا كان قد أُطلق سراح أي منهم.
go up -أعلى الصفحة
  • البيان الصحفي
  • مقدمة الشرق الأوسط
  • الجزائر
  • المغرب
  • إيران
  • العراق وكردستان العراق
  • إسرائيل والسلطة الفلسطينية
  • مصر
  • السعودية
  • تونس
  • سوريا
  • اليمن



  • Human Rights Watch Home التقارير السابقة : 1999 |2000 |2001
    الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
    الصفحة الرئيسية

    Human Rights Watch