Human Rights Watch
HRW World Report 1999
MENA Overview
Human Rights Developments
Human Rights Defenders
International Community
Algeria
Bahrain
Egypt
Iran
Iraq & Kurdistan
Israel
Saudi Arabia
Syria
Tunisia
التطورات في مجال حقوق الإنسان

واصلت الحكومة العراقية ارتكاب أنواع شتى من انتهاكات حقوق الإنسان، من بينها الاعتقالات الجماعية، والتعذيب، وحالات الإعدام الفوري، وحالات "الاختفاء"، وإعادة التوطين قسراً. كما ارتكبت الأحزاب السياسية الكردية المسلحة وقوات الأمن العراقية في منطقة كردستان العراق مختلف أشكال انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي للمشتبه في معارضتهم السياسية، والتعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء. وقد حل العام التاسع على سريان العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق، وأصدر مجلس الأمن القرار 1153 الذي ينص على زيادة كمية النفط التي يُسمح للعراق بتصديرها لتلبية احتياجاته الإنسانية، ولكن استمرت أزمة الصحة العامة التي تواجه الشعب العراقي

تطورات حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة العراقية

أشارت جماعات المعارضة المقيمة في المنفى، والأمم المتحدة، إلى وقوع حملات اعتقال جماعية وإعدام فوري للمعتقلين. وذكر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالعراق ماكس فان دير شتول أن الحكومة العراقية قامت في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 1997 بإعدام ما يربو على 1500 من المعتقلين السياسيين في سجني أبو غريب والرضوانية، في إطار "حملة تطهير السجون" التي بدأت في أعقاب الزيارة التي قام بها إليهما ابن رئيس الجمهورية قُصيّ صدام حسين. وورد أن جميع السجناء المحكوم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين 15 سنة و20 سنة، أُعدموا إعداماً فورياً؛ وقيل إن بعض الجثث التي أُعيدت إلى ذوي السجناء كانت تحمل آثار التعذيب. وذكر "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، ومقره طهران، نبأ إعدام 60 شخصاً بشكل جماعي في فبراير/شباط، وزعم أن 100 معتقل في سجن الرضوانية "قد دُفنوا أحياء"، ولكنه لم يحدد أسماء أي من الضحايا المزعومين أو يقدم أي معلومات أخرى دعماً لتلك التهمة. وذكر "الحزب الشيوعي العراقي"، ومقره لندن، أن 35 سجيناً شيعياً قد أُعدموا في مايو/أيار، وكانوا قد اعتُقلوا أول الأمر إبان انتفاضة فاشلة في عام 1991. وقد تعذر التثبت من صحة هذه الأنباء وأمثالها بسبب القيود التي يفرضها العراق على السفر، وحرية التعبير، والاتصالات مع الأجانب

ولم تتوافر أية بيانات عن مصير نحو 16500 شخص ورد أنهم "اختفوا" في السنوات العشر الماضية، ومعظمهم من ذوي الأصول الكردية، أو من الشيعة، وإن كان من بينهم أيضاً نحو 600 كويتي ورد أنهم كانوا محتجزين لدى العراق ولم يُستدل عليهم منذ حرب الخليج في عام 1991. ورغم ما زعمته الحكومة العراقية من أنها شكلت لجنة لمعالجة هذه القضية، فلم تتوافر أي معلومات تُذكَر عن أنشطتها، ولم يسمح العراق "للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي" التابع للأمم المتحدة بزيارة البلاد

واستمر القمع الذي يتعرض له السكان الشيعة في الجنوب؛ فقد ذكر "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق" من مقره في طهران أن الحكومة شنّت حملة لإحراق المنازل بغرض قمع المقاومة في الأهوار الجنوبية. وقُتل في إبريل/نيسان ويونيو/حزيران اثنان من رجال الدين الشيعيين، أحدهما إيرانيٌ يُدعى آية الله علي الغراوي، وكان له أتباع كثيرون في المنطقة الجنوبية؛ وقد سبق أن تلقى تهديدات من المسؤولين الحكوميين. ولم تُجرِ الحكومة أي تحقيق رسمي علني في الأمر، وحظرت تشييع جنازة له أو إقامة مأتم لتأبينه وتعرضت حرية الصحافة والتعبير للقمع كذلك؛ فالمنافذ الإعلامية الرئيسية في العراق تملكها الحكومة، مثل التليفزيون الوطني والإذاعة الوطنية والصحف الكبرى؛ أما أجهزة الإعلام الخاصة فقد ظلت تخضع لرقابة صارمة وعقوبات شديدة. ففي أغسطس/آب، قُبض على داود الفرحان، وهو من الصحفيين البارزين، واحتُجز شهرين، بعد أن كتب مقالات تلمح إلى تفشي الفساد في الحكومة. وفُرض الحظر على معظم المطبوعات الأجنبية، وعلى امتلاك أطباق تلقي إرسال القنوات الفضائية

وكان مجلس الأمن الدولي قد أكد بموجب القرار رقم 687 (1991) استمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق منذ قيامه بغزو الكويت عام 1990، والتي دخلت الآن عامها التاسع. وظلت العقوبات قائمة إزاء رفض العراق الامتثال للشروط التي ينص القرار على ضرورة استيفائها قبل رفع العقوبات، بما في ذلك تدمير برامج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، والسماح بتفتيش مواقع الأسلحة المحتملة دون أي عوائق أو قيود. وقد ساهمت هذه العقوبات وسياسات الحكومة العراقية في نشوب أزمة هائلة في الصحة العامة، اتسمت بسوء التغذية، وارتفاع معدل الوفيات بين الأطفال، وعودة ظهور الأمراض التي كانت قد استُؤصلت شأفتها في العراق. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1997، ذكر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن مليون طفل يعانون من سـوء التغذية المزمن، وأن معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة في عام 1996 بلغت ثمانية أضعاف معدلاتها قبل حرب الخليج. وقال فيليب هفينك، ممثل اليونيسيف في بغداد: "إن ما نشهده هو تدهور رهيب في مستوى تغذية الأطفال العراقيين منذ عام 1991؛ ومبعث قلقنا الآن هو عدم وجود أية أدلة على تحسن الأحوال منذ أن بدأ سريان قرار مجلس الأمن رقم 986"

وفي فبراير/شباط أصدر مجلس الأمن القرار 1153، الذي يسمح للعراق بتصدير ما تبلغ قيمته 5.26 مليار دولار من النفط كل ستة شهور، وهي كمية تزيد عن الكمية الأصلية التي تبلغ قيمتها ملياري دولار، والمنصوص عليها في قرار "النفط مقابل الغذاء" (رقم 986 لسنة 1995). بيد أن حقول النفط العراقية، التي تعاني من الإهمال والأضرار التي لحقت بها إبان حرب الخليج، لم تستطع، فيما ورد، إنتاج ما تزيد قيمته على ثلاثة مليارات دولار من النفط في فترة الشهور الستة (180 يوماً). وفي أواخر يونيو/حزيران، صرّح مجلس الأمن للعراق باستيراد قطع الغيار والمعدات اللازمة لزيادة صادراته من النفط حتى تبلغ الحد المسموح به، وهو 5.26 مليار دولار. وقام فريق من خبراء النفط، تحت رعاية الأمم المتحدة، بإجراء مسـح لحقول النفط العراقية في تلك الآونة، ومن ثم ذكر الفريق أنه حتى لو طلب العراق توريد قطع الغيار على الفور، فلن يستطيع زيادة طاقته التصديرية حتى ديسمبر/كانون الأول 1998؛ بل إن الزيادة لن تصل بالقيمة إلا إلى نحو 3.9 مليار دولار كل ستة شهور. وحتى شهر سبتمبر/أيلول، لم يكن العراق قد تسلم أياً من قطع الغيار اللازمة؛ كما أن انخفاض سعر النفط زاد من الصعوبة التي يواجهها العراق في زيادة دخله من الصادرات

وفي سبتمبر/أيلول أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1194، رداً على تعليق العراق للتعاون مع مفتشي اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة (أنسكوم) والوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ ويقضي القرار بإلغاء المراجعة الدورية، التي تجري مرة كل 60 يوماً، لمدى التزام العراق بشروط الأمم المتحدة لرفع العقوبات، مما جعل هذه العقوبات مفروضة، فعلياً، إلى أجل غير مسمى

واستمرت المشاكل التي تكتنف إجراءات الموافقة على عقود توريد المستلزمات الإنسانية، بموجب القرار 986 (1995)، حيث ظلت الحكومة العراقية تعارض شروط الأمم المتحدة. وفي سبتمبر/أيلول، ذكر المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة للبرنامج العراقي، بينون سيران أن مستوى السعرات الحرارية للأغذية المستهلكة يومياً ارتفع إلى ألفي سُعْر، بعد أن كان يتراوح بين 1300 و1400 سُعْر للفرد الواحد عند بدء تنفيذ برنامج التوزيع الموسع عام 1995. غير أن منسق برنامج الإغاثة التابع للأمم المتحدة دنيس هاليداي أعلن استقالته من منصبه في يوليو/تموز، وأدلى بأقوال انتقد فيها بشدة سياسة العقوبات التي ينتهجها مجلس الأمن. وقال في مؤتمر صحفي عقده في سبتمبر/أيلول بالولايات المتحدة، إن الأمم المتحدة مسؤولة عن تنفيذ العقوبات الاقتصادية في نفس الوقت الذي تنفذ فيه برنامجاً إنسانياً؛ وإن "فرض العقوبات ليس له أثر على أسلوب الحكم، بل إنه، بدلاً من ذلك، يعود بالضرر على الأبرياء من أبناء البلاد". وأشار هاليداي، استناداً إلى البيانات التي جمـعها صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وغيره من هيئات الأمم المتحدة العاملة في العراق، إلى أن "ما يتراوح بين أربعة آلاف وخمسة آلاف طفل يموتون دون داعٍ كل شهر بسبب آثار العقوبات، وبسبب انهيار مرافق المياه والمرافق الصحية، وسوء التغذية، وتردي الأوضاع الصحية الداخلية"

ونظراً للعدد المحدود من مراقبي الأمم المتحدة المسموح لهم بدخول البلد، فضلاً عن المشكلات المتعلقة بالبنية الأساسية مثل نقص الوقود، فقد تعذر على المراقبين البت فيما إذا كان توزيع مؤن الإغاثة الإنسانية يجرى بصورة منصفة. وكانت الحكومة تلجأ في بعض الحالات إلى استخدام نظام الحصص (التوزيع بالبطاقات) باعتباره وسيلة للضغط السياسي على السكان؛ فكان على الذكور أن يترددوا على "المراكز التدريبية" التابعة "لحزب البعث"، وإلا ضاعت عليهم حصصهم الغذائية؛ وقد ذكر أحد مسؤولي الأمم المتحدة أن الغرض من إنشاء هذه المراكز هو إعداد "كتائب من المقاتلين". وورد أن آلاف الأشخاص في الأهوار الجنوبية حُرموا من حصصهم الغذائية بسبب ما زُعم عن تعاونهم مع المعارضة

وتقول منظمة العفو الدولية إن سياسة "التعريب" التي تنتهجها الحكومة في إقليم كركوك الغني بالنفط لا تزال مستمرة، إذ طردت الحكومة 1468 أسرة كردية من المنطقة ورحّلتها إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد في الشمال في الفترة من 15 إبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران. ويبدو أن عدداً من أقارب الأُسَر المستهدفة قد احتُجزوا تمهيداً لطردهم، كما ورد أن السلطات العراقية قد صادرت كذلك بطاقات الحصص الغذائية وممتلكات الأسر المستهدفة

تطورات حقوق الإنسان في كردستان العراق

ظلت كردستان العراق خاضعة لسيطرة الفصيلين السياسيين الرئيسيين: "الاتحاد الوطني الكردستاني"، الذي يرأسه جلال الطالباني، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الذي يرأسه مسعود البارزاني. وقد أدى التنافس والصراع بين الحزبين إلى تزايد الاضطرابات في الإقليم الخاضع للسيطرة الكردية، فضلاً عن الدمار الذي حاق به من جراء الحملات العسكرية التركية المتكررة التي استهدفت قواعد "حزب العمال الكردستاني" في شمالي العراق. وظل المجال الجوي للمنطقة الشمالية خاضعاً لرقابة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في إطار الحظر الجوي الذي فُرض في تلك المنطقة في أعقاب حرب الخليج

ولكن تركيا لم تعبأ بالحظر الجوي في المنطقة، الذي تتولى الولايات المتحدة مراقبته، فدفعت بقوة قوامها 2000 جندي للهجوم على مواقع "حزب العمال الكردستاني"، في المناطق الخاضعة لسيطرة "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مما أسفر عن مصرع ما يزيد على 1200 شخص، ونزوح آلاف المدنيين من ديارهم. وزعم العراق و"الاتحاد الوطني الكردستاني" أن تركيا ألقت قنابل النابالم، دون تمييز، على مناطق الاتحاد المذكور التي هاجمتها، مما أدى إلى وقوع إصابات وقتلى بين المدنيين. وواصل الجيش التركي شن هجماته على المنطقة كما يشاء خلال عام 1998

وأدى القتال بين "الاتحاد الوطني الكردستاني" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، والهجمات العسكرية التركية إلى نزوح أعداد كبيرة من المدنيين، مما نجم عنه تفاقم الأزمة الإنسانية المزمنة في الإقليم. ففي شـهر واحد فقط في آخر عام 1997، فرَّ 23000 كردي من "المنطقة الآمنة" إلى داخل تركيا، وتعرض الكثير من ذوي الأصول الكردية إلى الطرد من ديارهم بسبب الاشتباه في تأييدهم لهذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع، أو إلى النزوح من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة العراقية بسبب سياسة "التعريب" التي تتبعها. وفي أغسطس/آب قام مقاتلو "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بمهاجمة المؤسسات التابعة للأقلية التركمانية في أربيل، بما في ذلك مكاتب المنظمات غير الحكومية والأحزاب السياسية. وتزعم الجماعات التركمانية أن هذه الهجمات تأتي في إطار ما وصفته بأنه حملة "تطهير عرقي" يقوم بها "الحزب الديمقراطي الكردستاني" ضد تلك الأقلية. وورد أن العلاقات بين التركمانيين و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" قد تحسنت بعد أن سمح الحزب للمؤسسات التركمانية بإعادة فتح مكاتبها في أوائل سبـتمبر/أيلول، ودفع تعويضات لها عن الأضرار التي لحقت بها خلال تلك الهجمات. وفي 18 سبتمبر/أيلول عقد البارزاني والطالباني اجتـماعاً في العاصمة الأمريكية واشنطن، اتفقا فيه على ترتيبات جديدة للمشاركة في السلطة، تهدف إلى وضع حد للقتال بين الفصائل الكردية في الشمال

Return to the Top