لم يطرأ تحسن على أوضاع حقوق الإنسان، بل إنها تدهورت في بعض المجالات، مع احتدام الصراع على السلطة بين أنصار البرنامج الإصلاحي للرئيس خاتمي وأولئك الذين يريدون بقاء السلطة في القبضة القوية لمجموعة مغلقة من الحكام الملالي المرتبطين بمرشد الجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي. وبينما ساعد التنافس السياسي بين هذه الجماعات، الآخذة في الاستقطاب بشكل مطّرد، على تسليط الأضواء على القضايا المهمة لحقوق الإنسـان، فإنه يبدو من جانب آخر وكأنه يدفع إلى انتهاك حقوق الإنسان ويشجع على ذلك، من خلال سعي المتشـددين من رجال القضاء وأعضاء المجلس التشريعي لتبديد الجهود التي يبذلها الرئيس الإيراني محمد خاتمي من أجل تطبيع العلاقات الإيرانية مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بتصريحاته المؤيدة للحقوق الأساسية ولدور القانون. وقد قُوبلت الجهود المبذولة في سبيل الإصلاح بالقمع وإطـلاق التهديدات باستخدام المزيد من العنف. ففي إبريل/نيسان، على سبيل المثال، حذر قائد فرق الحرس الثوري الجنرال يحيى رحيم صفوي الإصلاحيين قائلاً "إننا نسـعى لاستئصال المناهضين للثورة حيثما وُجدوا، وعلينا أن نقطع رقاب بعضـهم ونقطع ألسنة آخرين منهم". وبعد ذلك بأيام، هدد الجنرال صفوي قائلاً:"سوف نتعقبهم عندما يحين وقت قطافهم ... فالثمار تُجْنَى عندما تنضج، وما زالت الثمار لم تنضج بعدُ"
وقد تزايد عدد الذين أُعدموا إثر محاكمات جائرة، ويدخل في عداد ذلك حالات الرجم العلني حتى الموت. ولأول مرة منذ 1992 يتم إعداد أحد البهائيين داخل السجن. وتعرض أتباع الأقليات الدينية المختلفة إلى التمييز الطائفي والاضطهاد، ومن بينهم المسلمون السنيون والمسيحيون البروتستانت واليهود. وكان المعارضون البارزون، بما في ذلك كُتّاب وصحفيون، عرضة للاعتقال التعسفي، كما أُغلقت بعض الصحف المستقلة. وصدرت قوانين جديدة تفرق في معاملة النساء وتهدف إلى تقييد النقاش حول حقوق المرأة. واسُتخدم التعذيب على نطاق واسع في أثناء التحقيقات، وتقاعست الحكومة عن اتخاذ خطوات لإيقاف الهجمات العنيفة التي تشنها جماعات الحراس التي تعمل بمثابة منفذ لتعليمات الملالي المحافظين والمعروفة باسم "أنصار حزب الله". ومع زيادة التوتر في العلاقات مع حـكام أفغانستان من حركة "طالبان" قامت حشود من الجماهير بالهجوم على اللاجئين الأفغان وضربهم مما أدى إلى وفاة عدد منهم. ويُذكر أن في إيران أكثر من مليون لاجئ أفغاني يعيشون بها منذ سنوات عدة بعد أن فرّوا من الحرب الأهلية في أفغانستان.
وأُعدم مئات الأشخاص بعد محاكمات لم تف بالحد الأدنى من المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. ففي يونيو/حزيران، ذكرت صحيفة "هم شهري" اليومية أن أربعة من الشبان قد أُعدموا في مدينة الأهواز جنوبي البلاد، وذلك لتهجمهم على الزعيم خامنئي وارتكابهم جريمة السطو المسلح. وذكرت جماعات المعارضة أن سبعة أشخاص أُدينوا بارتكاب الزّنا وطُبق عليهم حد الرجم في أكتوبر/تشرين الأول 1997، كما حُكم على ستة آخرين بالرجم في يناير/كانون الثاني، حسبما ورد. وفي 21 يوليو/تموز، أُعدم روح الله روحاني في مدينة مشهد لاتهامه بتحويل أحد المسلمين عن دينه إلى اعتناق البهائية. وكان هذا الإعدام بداية لتدهور أوضاع الأقلية البهائية المضطهدة اضطهاداً شديداً، حيث زُج في السجون بما لا يقل عن 15بهائياً، ومن بينهم سبعة معرضون للحكم عليهم بالإعدام، وذلك بسبب عقيدتهم. وفي سبتمبر/أيلول، وقع المزيد من الاعتقالات بين صـفوف البهائيين، حيث اعتُقل عشرات منهم خلال موجة جديدة من الاضطهاد. وفي مايو/أيار، أُلقي القبض على رجل الأعمال اليهودي روح الله كاخده زاده، ثم أُعدم شنقاً في السجن. ولم تُعلن أية تفاصـيل عن جريمته ولم يُعرف شئ عن أية إجراءات قانونية اتُبعت معه، حيث أُحيط هذا كله بالسرية. وفي يونيو/حزيران، قُتل مولوي إمام بخش ناروي، إمام المسجد السنيّ في مدينة ميان كنغ بإقليم سيستان وبلوشستان في جنوب شرق إيران، مما أدى إلى اندلاع مظاهرات نظمها سكان المدينة الذين يعتقدون بأن السلطات مسؤولة عن مقتل إمامهم. ويشكل أهل السنة أقلية في إيران التي يعتنق أغلب سكانها المذهب الشيعي، لكن غالبية الأكراد والبلوش هم من السنة مما يفاقم حدة التوتر الموجود فعلاً في العلاقات بينهم وبين السلطات المركزية في الدولة التي تتخذ من المذهب الشيعي ديناً رسمياً لها.
وكان من شأن المحاولات التي بذلها رجال القضاء وغيرهم، من أنصار الإبقاء على الوضع الحالي في إيران، بهدف تشـويه سمعة كبار معاوني ومناصري الرئيس خاتمي والحط من مصداقيتهم، أن تسلط الاهتمام في الداخل والخارج على مشـكلات حقوق الإنسان التي طال أمدها. ومن أمثلة ذلك محاكمة محافظ طهران غلام حسـين كراباشي بعد توجيه تهم الفساد إليه، والتي كشفت عن استخدام التعذيب على نطاق واسع في أثناء التحقيق مع المشتبه فيهم. وقد ورد أن الموظفين القضائيين حاولوا إقامة قضية ضد كراباشي على أساس اعترافات انتُزعت بالقوة من موظفي المحافظة ومن بينهم بعض العُمَد المنتـخبين ونوابهم. وعندما أُطلق سراح هؤلاء العمد المعتقلين بادروا بالشـكوى من المعاملة السـيئة التي لحقتهم وقدموا شهادات طبية تؤيد ادعاءاتهم. وقد أوردت الجـرائد المتـعاطفة مع الرئيـس خاتمي ومحافظ طهران هذه الأقوال على نطاق واسع
وفي مارس/آذار، صرح رئيس القضاة آية الله يزدي، في معرض رده على أسئلة عدائية من مراسلين صحفيين حول المعاملة التي يلقاها المسؤولون، بأن المزاعم المثارة "هي جزء من حملة سياسية تستهدف الشرطة والقضاء"، كما هدد يزدي المراسلين بتقديمهم للمحاكمة بتهمة "توجيه اتهامات لا أساس لها ضد الجهاز القضائي"
وفي مايو/أيار، استطاع فرج سركوهي الرئيس السابق لتحرير مجلة "أدينه" (انظر: التقرير السنوي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لعام 1998)، أن يبوح بمعلومات عن صنوف التعذيب وسوء المعاملة التي عانى منها أثناء اعتقاله، والتي كان من بينها محاولات وهمية لإعدامه. وقد صدرت هذه الأقوال عن فرج سركوهي بعد إطلاق سراحه من العقوبة بالسجن عاماً واحداً بتهمة توزيع مواد دعائية ضارة، وبعد السماح له بالسفر إلى ألمانيا للحاق بأسرته. وهكذا فإن تجربة سركوهي وكذلك شهادة معاوني محافظ طهران قد أظهرتا على الملأ استمرار تفشي التعذيب في السجون الإيرانية
وأظهرت محاكمة محافظ طهران العلنية، والتي شهدها مراسلون دوليون، مشكلات أخرى طويلة الأمد يعاني منها نظام العدالة الجنائية. ففي جلسة يونيو/حزيران، انتقد الدفاع حياد المحكمة قائلاً للقاضي: "إنه أمر لا يتفق مع مبادئ العدالة أن تشغل منصب قاضي التحقيق وقاضي المحكمة في نفس القضية". ويُذكر أن مهام الادعاء قد أُوكلت أيضاً إلى قاضي المحكمة في المحاكم العامة، التي أقيمت لأول مرة في عام 1994، وهو الأمر الذي يهدر ضمانات المحاكمة العادلة (انظر التقرير السنوي لعام 1995). كما جذب المحافظ الانتباه إلى تعذيب مساعديه وإلى عدم صلاحية أي شهادات خطية انتُزعت تحت الإكراه أثناء وجود أصحابها في السجن. وقد صدر الحكم بإدانة المحافظ ومعاقبته بالجلد والسجن خمس سنوات، غير أنه لا يزال طليقاً إلى حين البت في الاستئناف ضد هذا الحكم