التطورات في مجال حقوق الإنسان الدفاع عن حقوق الإنسان دور المجتمع الدولي
التطورات في مجال حقوق الإنسان

إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق السلطة الفلسطينية
التطورات في مجال حقوق الإنسان
قُتِلَ خلالَ ثلاثة أسابيع، أكثرُ من 120 فلسطينياً، وجُرحَ أكثرُ من 4800 آخرين في مصادمات مع قوات الأمن الإسرائيلية، بدأت في 29 أيلول/سبتمبر. وكانت أغلب حالات الوفاة نتيجة لجنوح قوات الجيش الإسرائيلي والشرطة وحرس الحدود للاستعمال المفرط للقوة المفضية إلى الموت، بدون تمييز في كثير من الأحيان، ضد المتظاهرين المدنيين العُزَّل، بما في ذلك الأطفال. وكان معظم القتلى والجرحى من الجانب الفلسطيني، غير أن جنديين إسرائيليين ضُربا حتى الموت على أيدي حشد من الفلسطينيين. والعدد الكبير من القتلى والجرحى الذين سقطوا إبان المصادمات، وما نجم عن ذلك من تدهور العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والدول المجاورة، طغت إلى حد كبير على بعض التحسنات المتعلقة بحقوق الإنسان وألقت عليها بظلال من الشك، خصوصاً الانخفاض الظاهر في استعمال التعذيب من قبل المحققين الإسرائيليين، وانخفاض عدد الرهائن والمعتقلين الإداريين المحتجزين لدى إسرائيل، وانخفاض حالات إلغاء تصاريح الإقامة للفلسطينيين في القدس. وثمة بضع حالات سعت فيها الحكومة الإسرائيلية جادة من أجل إبطال مفعول قرارات المحكمة التي تساند حقوق الإنسان، عن طريق تأييد مبادرات لإضفاء شرعية على التعذيب واحتجاز الرهائن، وعن طريق تأخير سريان مفعول قرارات المحكمة ضد التمييز.
وفي 24 يوليو/تموز صوَّت البرلمان الإسرائيل (الكنيست) لتمديد حالة الطوارئ التي مضى عليها الآن 52 سنة، حتى 26 يناير/كانون الثاني 2001، لإعطاء الحكومة وقتاً لسن صلاحيات مماثلة نافذة بنص القانون.
وظل التمييز في القانون والممارسة الفعلية ضد الأقليات العرقية والدينية، وغيرها من فئات المجتمع، مشكلة كبيرة، ولا سيما فيما يتعلق بشؤون العمل والإعانات الاجتماعية والأحوال الشخصية. ولئن كانت الدعاوى القضائية ضد التمييز قد نجحت في بعض الأحيان، فإن إجراءاتـها كثيراً ما كانت تستغرق سنوات، وكثيراً ما كانت قرارات القضاء لا تنطبق على حالات أخرى، أولم تكن الحكومة تنفذها على نحو كامل. ففي 8 مارس/آذار، على سبيل المثال، بتت محكمة العدل العليا في دعوى رفعها، في أكتوبر/تشرين الأول 1995، زوجان فلسطينيان كانا مُنعا من شراء منزل في حي يهودي أقيم على أراض مملوكة للحكومة، رغم أنـهما مواطنان إسرائيليان؛ ومن المعلوم أن أكثر من 90 في المائة من الأراضي في إسرائيل هي أراضٍ حكومية، صودر كثير منها من الفلسطينيين؛ فقضت المحكمة بأنه ليس بوسع السلطات توزيع الأراضي على المواطنين على أساس دينهم فحسب، ولو أنـها أشارت إلى أن التمييز بين اليهود وغيرهم يمكن أن يكون مقبولاً في ظل "ظروف خاصة" لم تحددها. وأمر القرار الحكومة بأن تأخذ مثل هذه "الظروف الخاصة" بعين الاعتبار لدى فصلها "بسرعة مع التروي" فيما إذا كانت ستسمح للزوجين بالإقامة في الحي، ونصت المحكمة على أن قرارها في هذه الحالة لا يؤثر على تقسيمات سابقة للأراضي تنطوي على التمييز.

وواجهت النساء تمييزاً في العمل والتعليم والرعاية الصحية والأحوال الشخصية بما فيها الزواج والطلاق والميراث وكفالة الأطفال (انظر الحقوق الإنسانية للمرأة). وقد واجهت العاملات من النساء الفلسطينيات والأجنبيات تمييزاً إضافياً جعلهن على وجه الخصوص عرضة للانتهاكات. ومما ساعد على زيادة الوعي الجماهيري تسليط الضوء على عدد من حالات المتاجرة بالنساء من أجل البغاء والعنف المنزلي والمضايقات والاعتداءات الجنسية التي أبرزتـها وسائل الإعلام؛ غير أن النساء اللاتي يعانين من مثل هذه الانتهاكات كهذه لا يزلن لا يجدن سبيلاً لإنصافهن. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، خطت وزارة الدفاع بضع خطوات نحو التصدي لنمط مزمن من التحرش والمضايقات الجنسية التي تتعرض لها النساء في الجيش، على الرغم من أن عدداً من الحالات البارزة تشمل مسؤولين وزاريين. فقد صوت الكنيست في 5 يوليو/تموز لرفع الحصانة عن وزير المواصلات إسحاق مردخاي، وهو وزير دفاع سابق كان خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة ثلاث وثلاثين سنة، بعد اتهامه في مارس/آذار بالاعتداء الجنسي على ثلاث نساء تحت إشرافه منذ عام 1992. ولم تحل نهاية يوليو/تموز حتى كانت لجنة الإدارة المدنية قد تلقت 55 شكوى من المضايقات الجنسية في وزارة الدفاع، أي أكثر بخمسة من الشكاوى المقدمة في عام 1999بأكمله.
وفي 22 مايو/أيار حددت محكمة العدل العليا مهلة طولها ستة أشهر يتعين على الحكومة خلالها اتخاذ إجراءات تتيح للنساء الصلاة "وفق عاداتـهن" عند الحائط الغربي في القدس. وقد رفعت هذه القضية أمام القضاء في سنة 1989 بعد أن هاجم يهود محافظون نساء يهوديات كن يحاولن الصلاة بمحاذاة الرجال حسب العادات في التيار اليهودي الإصلاحي. وعلى الرغم من صدور قرار من محكمة العدل العليا سنة 1994 يؤيد حق النساء في العبادة عند الحائط الغربي، فلم يُسمح لهن بذلك. وفي 31 مارس/آذار وافق الكنيست على مشروع قانون يعاقب من يمارسن هذه الصلاة بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات في القراءة التمهيدية للمشروع؛ وفي أوائل يونيو/حزيران طلبت الحكومة إعادة النظر في حكم المحكمة الصادر في 22 مايو/أيار من قبل هيئة موسعة من القضاة، بدعوى أنه لم يول الاعتبار الكافي لما قد يؤدي إليه السماح للنساء بالصلاة مع الرجال من "إهانة لمشاعر أولئك الذين يصلون عند الحائط".
وقد انخفض معدل إلغاء تصاريح الإقامة الدائمة للفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية في أعقاب تصريح وزير الداخلية نتان شارانسكي في السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 1999 بأنه قد أنـهى ما يدعى سياسة "مركز الحياة" (انظر التقرير العالمي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لعام 2000). فبعد دعاوى قانونية متكررة رفعها "مركز الدفاع عن الفرد" الواقع في القدس (هاموكد) طعناً في هذه السياسة الجديدة، أمرت محكمة العدل العليا شارانسكي بتوضيح الشروط التي تنطوي عليها. وفي 15 مارس/آذار أعلن في إفادة خطية مشفوعة باليمين أمام محكمة العدل العليا، أن المقدسيين الفلسطينيين الذين يعيشون في الخارج لن يفقدوا إقامتهم الدائمة إذا ما قاموا بزيارات للقدس واحتفظوا بوثائق سفر سارية المفعول صادرة في إسرائيل. أما أولئك الذين حصلوا على جنسية أجنبية أو إقامة دائمة في أي مكان آخر فسوف يفقدون حقهم في الإقامة في القدس؛ ولم يوضح الوزير شرانسكي وضعية المقدسيين الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية. وطبقاً لمركز "هاموكد"، فإن الأشخاص الذين التمسوا إعادة وضع إقامتهم في ظل السياسة الجديدة، كثيراً ما واجهوا عقبات إدارية كأداء. وقُدِّر عدد الفلسطينيين الذين فقدوا حقهم في الإقامة بين سنتي 1996 و1999 بنحو 11000.
وظلت ظروف العمل للعمال الأجانب والفلسطينيين سيئة؛ فقد واجه الفلسطينيون تمييزاً واسعاً في العمل، بينما كان العمال الأجانب بنوع خاص عرضة لاستغلال أرباب العمل والمقاولين. وفي 22 أغسطس/آب ذكرت صحيفة "هآرتس" أن رئيس الوزراء إيهود باراك طلب زيادة في حجم ترحيل العمال الأجانب الذين ليس بحوزتـهم وثائق، ووضع حداً لأذون العمل قدره 50000 في السنة؛ وقد عورضت هذه الخطوة من قبل المجموعات المدافعة عن حقوق العمال وحتى وزارة الأمن المدني التي فضلت سياسة استهداف المقاولين القائمين بتوريد العمال. وفي ديسمبر/كانون الأول 1999، أوقفت الحكومة الترحيل مؤقتاً، في أعقاب ادعاءات بإساءة معاملة العمال الأجانب، بما في ذلك حجز الأشخاص الذين ينتظرون الترحيل لمدد طويلة، واحتجازهم مع سجناء جنائيين، واحتجاز ضحايا الجرائم لدى انتظارهم للإدلاء بشهادتـهم في قضايا جنائية. وفي مايو/أيار اعترفت وزارة الداخلية بأنـها منعت المنظمات العمالية مثل "كاف لعفود" من توزيع نشرات عن حقوق العمل للعمال الذين يصلون إلى مطار بن غوريون.
وفي 29سبتمبر/أيلول استعملت قوات الأمن الإسرائيلية القوة المفضية إلى الموت لتفريق آلاف الفلسطينيين الذين حضروا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في القدس الشرقية، بعد أن قذف بعضهم الحجارة على الشرطة وعلى المصلين اليهود عند الحائط الغربي. وكان حضر إلى المسجد عدد كبير بصورة غير معتادة من الفلسطينيين للاحتجاج على زيارة قام بها في اليوم السابق عضو الكنيست أرائيل شارون، وفسرها كثيرون على أنـها تأكيد على السيادة الإسرائيلية على المنطقة. وقتلت القوات الإسرائيلية خمسة فلسطينيين وجرحت أكثـر من 200. وقد امتدت المصادمات العنيفة بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينيين إلى أجزاء أخرى من الضفة الغربية وغزة وإسرائيل. وقُتِلَ، خلالَ ثلاثة أسابيع، أكثرُ من 120 فلسطينياً، وجُرحَ 4800 آخرون، كثير منهم نتيجة للاستعمال المفرط للقوة المميتة، بدون تمييز في كثير من الأحيان، من قبل قوات الأمن الإسرائيلية ضد مدنيين عزل. وفي عدد من الحالات بدا أن جنود الجيش الإسرائيلي يستهدفون العاملين بالمهن الطبية، الذين قتل واحد منهم على الأقل وجرح 27 حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، كان الجيش الإسرائيلي قد وسَّع بشكل كبير من استخدام الدبابات والمروحيات العسكرية المزودة بصواريخ ورشاشات من العيار المتوسط في مناطق سكنية فلسطينية.
واحتفظت إسرائيل بسيطرة شاملة على حرية جميع فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة في التنقل، وفرضت قيوداً عليهم. وقد عرقلت هذه السياسات النشاط الاقتصادي الفلسطيني وحالت بين الفلسطينيين وبين الحصول على الرعاية الصحية، والذهاب إلى المدارس والجامعات وارتياد أماكن العبادة وزيارة أفراد العائلة الواحدة المقيمين في أجزاء أخرى من المناطق المحتلة أو في السجون الإسرائيلية. وكانت إسرائيل قد فتحت في 25 أكتوبر/تشرين أول 1999 "ممراً آمناً" مما سمح بمزيد من الحركة بين قطاع غزة والضفة الغربية، غير أن الطبيعة التعسفية لمعايير إصدار تصاريح السفر، وفرضها بلا تمييز على كافة السكان، أكدت أن القيود ما زالت ضرباً من العقاب الجماعي. وبعد 29 سبتمبر/أيلول زادت إسرائيل من القيود على الحركة من وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة وداخلهما.
وكثيراً ما تعرض الفلسطينيون الذين يعبرون من خلال نقاط التفتيش الإسرائيلية للمضايقة والإيذاء البدني، وحتى التعذيب من قبل الجنود والشرطة الإسرائيلية. ففي حادثة تناقلتها وسائل الإعلام في 6 سبتمير/أيلول، على سبيل المثال، احتاج ثلاثة عمال فلسطينيين إلى علاج في المستشفى إثر تعرضهم للضرب على أيدي الشرطة عند إحدى نقاط التفتيش؛ وقام أفراد الشرطة، خلال الاعتداء، بتصوير أنفسهم مع ضحاياهم؛ وقال قائد الوحدة لصحيفة "هآرتس" لاحقاً "ما فعلناه لم يكن شيئاً خاصاً، الكل يفعله".
وثمة حوادث أخرى أسفرت عن وقوع قتلى، كما وقع في 9 يوليو/تموز عندما أطلق جنود النار على سيارة أجرة كانت تقل اعتدال معمر، فأردوها قتيلة وأصابوا زوجها وطفلين وأحد المارة. وبعد تحقيق في الأمر، قال الجيش الإسرائيلي إن القتل كان "خطأ فاحشاً"، وذكر أن جنوده إنما كانوا يردون على طلقات من سيارة أخرى. ولكن لم يُعثر على أي سيارة كهذه، كما لم توجد خراطيش فارغة في موقع الإطلاق.
وطبقاً للأرقام الحكومية، فقد ازداد بناء المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة اللذين تحتلهما إسرائيل بنسبة 96 في المائة في النصف الأول من العام 2000، وكان 860 من المباني الجديدة البالغ مجموعها 1067 في منطقة القدس. وفي الوقت نفسه، استمر هدم المنازل الفلسطينية التي بنيت بدون تصاريح في المناطق التي تحتلها إسرائيل وفي إسرائيل، كما استمر طرد الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم. وفي أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 1999 قامت السلطات الإسرائيلية بطرد نحو 700 فلسطيني ممن يسكنون في الكهوف من منطقة جبل الخليل بالضفة الغربية، وهدمت أو صادرت منازلهم وممتلكاتـهم الشخصية بما فيها المواشي.
وادعت الحكومة أن المنطقة التي كان يقطنها سكان الكهوف لعشرات العقود كانت "منطقة عسكرية مغلقة". وأسفر تحقيق قامت به منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسليم" عن أن المنطقة لم تكن تستخدم لتدريبات عسكرية، وأن الهدف من الطرد كان على الأرجح هو استرضاء المستوطنين الإسرائيليين الذين نقلتهم الحكومة الإسرائيلية حديثاً من أطراف مستوطنة غير قانونية قريبة. وقضت محكمة العدل العليا في 29 مارس/آذار بأنه بوسع سكان الكهوف الرجوع إلى المنطقة إلى حين البت في قضيتهم.
وشارك قرابة 1000 سجين فلسطيني في إضراب عن الطعام مدته شهر في مايو/أيار احتجاجاً على معاملة مسؤولي السجن التعسفية للسجناء، وظروف السجن التي تعتبر دون المستوى المقبول، والحرمان من الزيارات العائلية، واستخدام الحبس الانفرادي، وسوء الرعاية الطبية، ورفض إسرائيل الإفراج عن جميع فئات السجناء المحددة في اتفاقياتـها مع منظمة التحرير الفلسطينية. وقد أعلن عن انتهاء الإضراب في 31 مايو/أيار بعد وعد سلطات السجن بالنظر في الشكاوى وتخفيف بعض القيود عن الزوار. وطبقاً لصحيفة "هآرتس"، فإن تقريراً حكومياً صدر في يونيو/حزيران عن ظروف سجن شطة وصف ظروف المعيشة فيه بأنـها "بالغة القسوة" في الجناح الذي يُحتَجز فيه سجناء فلسطينيون من المناطق التي تحتلها إسرائيل، وخلص التقرير إلى أن الخيام المكشوفة المستخدمة لإيواء السجناء والحمامات القذرة في السجن غير صالحة للاستعمال البشري.
ووردت أنباء عن بضع حالات وفاة في السجن؛ ففي 11 أغسطس/آب توفي رامز فايز محمد راشد الريزي في سجن نفحة؛ وقال والده إنه كان يتمتع بصحة جيدة نسبياً خلال زيارة في 9 أغسطس/آب. وأخبرت عائلة لافي الرجبي "الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة"، وهي منظمة غير حكومية، أنه اتصل بـهم في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني قبيل وفاته في مركز اعتقال إسرائيلي قرب نابلس، قائلاً إن حياته في خطر. وورد أن جثته أعيدت للعائلة وبـها جروح وكدمات وآثار أسلاك على الرقبة. وورد أن معتقلاً ثالثاً، يدعى سامي أسعد، شنق نفسه في سجن كيشون في 19 يونيو/حزيران بعد سبعة أسابيع من اعتقاله. وطبقاً لصحيفة "هآرتس"، فقد خلص طبيب نفساني بعد توقيع الفحص عليه إلى أنه يعاني من اضطرابات في الشخصية، وأنه حاول الانتحار سابقاً. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لم تتلق منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أي معلومات تفيد بنشر نتائج التحقيق الرسمي في أسباب أي من تلك الوفيات.
وقضت محكمة العدل العليا في 12 إبريل/نيسان أنه ليس بإمكان إسرائيل مواصلة الاحتجاز الإداري للمواطنين اللبنانيين بغير موجب سوى اعتبارهم "أوراقاً للمساومة" على إعادة جنودها الذين فُقدوا أثناء عمليات عسكرية. وكان قد تم الإفراج عن خمسة من هؤلاء الرهائن في ديسمبر/كانون الأول 1999، كما أفرج في 5 إبريل/نيسان عن رهينة سادسة ورد أنـه مريض عقلياً. وكذلك تم الإفراج عن 13 رهينة آخرين في 19 إبريل/نيسان، غير أن إسرائيل واصلت احتجاز الشيخ عبد الكريم عبيد الذي اختطف في يوليو/تموز 1989 ومصطفى الديراني الذي اختُطف في مايو/أيار 1994، على الرغم من الطعون المتكررة في هذا الاحتجاز أمام القضاء. ووُضع كلا الرجلين قيد الحبس الانفرادي في موقع سري؛ وفي 13 مارس/آذار قدم محامي الديراني دعوى مدنية ضد الحكومة الإسرائيلية مطالباً بستة ملايين شيكل إسرائيلي جديد (1473900 دولار أمريكي) تعويضاً عن التعذيب، بما في ذلك الاغتصاب، الذي ادعى الديراني أنه تعرض له لدى وجوده في الحجز الإسرائيلي. وفي 11 يونيو/حزيران أقر مجلس الوزراء الإسرائيلي مسودة قانون يجيز احتجاز الرهائن، وكان القصد منه على وجه التحديد تسهيل تمديد احتجاز الديراني وعبيد؛ وقد أقر مشروع القانون في القراءة الأولى بالكنيست في 21 يونيو/حزيران.
وواصلت إسرائيل أيضاً احتجاز فلسطينيين لمدد طويلة بدون تـهمة ولا محاكمة. وأفادت مصادر الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل احتجزت في 12 سبتمبر/أيلول خمسة فلسطينيين رهن الاعتقال الإداري، من بينهم خالد حسين جرادات الذي ظل محتجزاً على نحو متواصل منذ 21 أغسطس/آب 1997. وانخفضت الأنباء الواردة عن حوادث التعذيب بشكل كبير على أثر قرار محكمة العدل العليا في 6 سبتمبر/أيلول 1999 بأن موظفي جهاز الأمن العام لا يجوز لهم استعمال "أساليب جسدية" ـ أي التعذيب ـ خلال التحقيق. ومع ذلك، وطبقاً للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، وهي هيئة غير حكومية، فإن جهاز الأمن العام استمر في استخدام أساليب في التحقيق تشمل الضرب، والحرمان من النوم، وتكبيل الأيدي وشدها إلى الكراسي لفترات طويلة، ووضع السجناء مع "متعاونين" يقومون بضربـهم وتعذيبهم وتـهديدهم بـهدف انتزاع اعترافات، وكذلك الاحتجازفترات طويلة بمعزل عن العالم الخارجي. وفي فبراير/شباط أذاعت الحكومة ملخصاً لتقرير مراقب الدولة للعام 1995 يظهر أن موظفين كباراً في جهاز الأمن العام تغاضَوا عن "انتهاكات خطيرة ومنظمة" من قبل محققي جهاز الأمن العام في السنوات ما بين 1988 و1992، وأنـهم كذبوا على القضاة. ولكن لم يُتَّخذ أي إجراء لملاحقة على الأفراد المسؤولين عن التعذيب، بل لقد واصل الكنيست النظر في مسودة مشروع قانون يضفي مشروعية على التعذيب في الحالات التي يعتقد فيها أن لدى المتهم معلومات من شأنـها منع وقوع هجوم وشيك.
السلطة الفلسطينية
ظلت أجهزة الأمن الفلسطينية بمنأى عن أي مساءلة أو عقاب، على الرغم من تكرار حالات التعذيب والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز المطول بلا تـهمة ولا محاكمة. وأصبحت السلطة القضائية التي لا حيلة لها أكثر ضعفاً بتدخل السلطة التنفيذية في عملها. وكثيراً ما تعرض منتقدو هذه الأمور وانتهاكات السلطة الفلسطينية الأخرى للمضايقة والاعتقال، بل لهجمات عنيفة في بعض الحالات. وقد أصدرت المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة أحكاماً بالإعدام بعد محاكمات جائرة إلى أبعد الحدود، وغير قابلة للاستئناف.
وبينما استهدفت الاعتقالات التعسفيةُ الأفرادَ الذين يدعى أن لهم انتماءات لمنظمات سياسية منتقدة لسياسة السلطة الفلسطينية، فقد كان ثمة أيضاً أنباء عن اعتقالات جماعية، كاحتجاز نحو 30 طالباً بعد مظاهرة في جامعة بير زيت في 26 فبراير/شباط. وفي يونيو/حزيران ذكرت مجموعة مراقبة حقوق الإنسان الفلسطينية غير الحكومية أنه على الرغم من وجود 73 أمراً من محكمة العدل العليا للإفراج المعتقلين أُصدِرَتْ منذ يناير/كانون الثاني 1997، فإنه لم ينفذ منها سوى أربعة فقط. فحتى وقت كتابة هذا التقرير مثلاً، ظل وائل علي فرج، الذي ألقي القبض عليه في 25 إبريل/نيسان 1996 رهن الاحتجاز رغم أمر المحكمة في 20 فبراير/شباط 1999بإطلاق سراحه.
وقد امتدت الحصانة التي تتمتع بها قوات الأمن، والتي تجعلها في حرز من المساءلة والعقاب، لتشمل تعذيب المعتقلين السياسيين والجنائيين على السواء، وإذاقتهم صنوف المعاملة السيئة. وقد ذكرت "الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة" أن القائد الأعلى للشرطة الرائد كمال الشيخ أفاد عند استجوابه بشأن حالات معينة من التعذيب في 7 أغسطس/آب بأن "اللص الذي لا يعترف يجب ضربه كسبيل أخير لإجباره على الاعتراف"؛ وربـما كانت مثل هذه المواقف قد أدت إلى وفاة خالد محمد يونس بحر البالغ من العمر 35 سنة في السجن. وطبقاً لمنظمة حقوق الإنسان الفلسطينية "القانون في خدمة الإنسان" (الحق)، فقد ألقت شرطة السلطة الفلسطينية القبض على بحر في 25 مايو/أيار بدون إذن من النيابةفيما يبدو، ومنعت عائلته من زيارته. وقبل ذلك، في 6 ديسمبر/كانون الأول 1999، توفي محمود محمد خليل حسن البجلي البالغ من العمر 33 سنة في سجن رام الله؛ وورد أن الرجلين كانا يتمتعان بصحة جيدة. وحتى وقت كتابة هذا التقرير لم تنشر السلطة الفلسطينية تقارير تشريح الجثث في هاتين الحالتين بالإضافة إلى 21 حالة وفاة أخرى في السجن وقعت في السنوات الماضية.
وخلال المصادمات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي التي بدأت في 29 سبتمبر/أيلول (انظر ما تقدم)، تقاعست قوات الأمن الفلسطينية عن التدخل بشكل مطرد وفعال لمنع المدنيين المسلحين من إطلاق النار على جنود الجيش الإسرائيلي أو مواقعه من أماكن كان يوجد فيها مدنيون. وقد عرض هذا التقاعس جموع المدنيين الفلسطينيين للخطر عندما رد الجيش الإسرائيلي بصورة مفرطة وبغير تمييز في كثير من الأحيان.
وعانى جهاز القضاء من نقص بالغ في الموارد، ومن تدخل السلطة التنفيذية، وكانت المحاكمات قاصرة بشدة عن المعايير الدولية للمحاكمات العادلة. ورفض رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات المصادقة على قانون السلطة القضائية، الذي أقره البرلمان في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1998، وأصدر بدلاً من ذلك مراسيم خاصة، بما فيها مرسوم بتاريخ 1 يونيو/حزيران يقضي بإنشاء مجلس قضائي أعلى مع صلاحيات غير واضحة، ومرسوم بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين الثاني بإنشاء منصب "نائب عام لمحاكم أمن الدولة". وقد شغل المنصب الجديد خالد القدرة النائب العام السابق الذي تعرض للتشهير ونحي عن منصبه سنة 1997 إثر شكاوى عن فساد واحتجاجاتٍ من قبل منظمات حقوق الإنسان.
وعانت معايير المحاكمة العادلة من انتهاكات فاضحة في محاكم أمن الدولة، التي كان لديها، كالمحاكم العسكرية الاعتيادية، صلاحية محاكمة المدنيين، وكانت مسؤولة عن أكثرية أحكام الإعدام الصادرة. ولم يكن ثمة مجال للاستئناف في هذه المحاكم، وكانت الأحكام أحياناً تصدر بعد ساعات معدودة من الاعتقال، كما في حالة راجي صقر، إذ حكمت إحدى محاكم أمن الدولة عليه بالإعدام في 3 يوليو/تموز لدى انعقادها ليلة 2 يوليو/تموز، بعد يوم واحد من ارتكاب الجريمة. وقد وُسِّع نطاق سلطة محاكم أمن الدولة في يونيو/حزيران ليشمل قضايا "تجارة المخدرات"، بما فيها تلك التي تصل أحكامها إلى الإعدام.
وواصلت السلطة الفلسطينية مساعيها للسيطرة على حرية التعبير وتقييدها؛ فظلت وسائل الإعلام الإذاعية عرضة للإغلاق، كما ظل الصحفيون والمعلقون عرضة للاعتقال انتقاماً منهم بسبب تقاريرهم المنتقدة لسياسات السلطة الفلسطينية. وتم الأمر بإيقاف خمس محطات إذاعية وتلفزيونية بين 5 مايو/أيار و 2 يونيو/حزيران. وفي 2 يونيو/حزيران تم اعتقال سمير قمسية رئيس مجلس محطات الراديو والتلفزيون الخاصة بعد دعوته المحطات إلى التوقف عن البث لمدة نصف ساعة احتجاجاً على الإغلاق. كما اعتقلت قوات الأمن الشخصيات الثمانية البارزة التي وقعت على عريضة السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 1999 التي تنتقد استبداد السلطة الفلسطينية وفسادها. وتم الإفراج عن ستة منهم بكفالة قدرها 50000 دينار أردني (70000 دولار أمريكي) في 19 ديسمبر/كانون الأول، ولكن أحمد دودين وعبد الستار قاسم ظلا رهن الاعتقال حتى 6 يناير/كانون الثاني. وأعيد اعتقال قاسم في 18 فبراير/شباط واحتجز حتى 28 يوليو/تموز على الرغم من أمر محكمة العدل العليا في 21 يوليو/تموز بالإفراج عنه.
وقد جازف الأكاديميون بتعريض أنفسهم للعقوبة عندما نشروا آراءً تعارض الأعراف الاجتماعية. ففي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1999 أوقفت الجامعة الإسلامية بغزة الدكتور جواد الدلو مع طالبين لنشرهم مقالة في صحيفة طلابية ذكرت أن كثيراً من المتسولين قدِموا من منطقة النزلة بغزة. وذكر بيان صدر عن الجامعة أن قرار الإيقاف اتُّخذ "مراعاةً لرغبات الوجهاء المحليين في منطقة النزلة بمعسكر جباليا".
وأصدر قائد الشرطة غازي الجبالي في 29 فبراير/شباط أنظمة جديدة تحد من حرية التجمع، تتعارض مع القانون القائم. وحظرت الأنظمة تنظيم المسيرات والمظاهرات والاجتماعات العامة بدون موافقة سابقة من قائد شرطة المنطقة، وفرضت لذلك عقاباً بالسجن لمدة شهرين أو غرامة مالية تصل إلى 50 ديناراً أردنياً (70 دولاراً أمريكياً). وأوقفت محكمة العدل العليا تنفيذ هذه الأنظمة في 29 إبريل/نيسان، ولكنها، حتى سبتمبر/أيلول، لم تقم بإلغاء هذه أو غيرها من الأنظمة التي تحد من حرية التجمع التي أصدرها الرئيس عرفات بصفته وزيراً للداخلية في 30 إبريل/نيسان.

إسرائيل والسلطة الفلسطينية
Middle East And Noth Africa Algeria Egypt Iran Iraq And Iraqi Kurdistan Israel, the Occupied West Bank and Gaza Strip, and Palestinian Authority Territories Kuwait Saudi Arabia Syria Tunisia Yemen Download
الصفحة الرئيسية  || صفحة الشرق الأوسط  || اكتب لنا  || التقرير السنوي لعام 2000