Human Rights Watch Human Rights Watch
Algeria World Report 2002
التطورات في مجال حقوق الإنسان
المدافعون عن حقوق الإنسان
دور المجتمع الدولي
الجزائر
التطورات في مجال حقوق الإنسان

الذي بات ظاهرةً متأصلةً في البلاد تنخرط فيها قوات الأمن وجماعات مسلحة تسمي نفسها إسلامية. وقد تراجعت أعداد القتلى عما كانت عليه في أواسط التسعينات، لكنها مع ذلك تدحض ما تدعيه السلطات من أن العنف غدا مجرد "رواسب". وفضلاً عن أفراد قوات الأمن والمتشددين الذين قُتلوا في اشتباكات وكمائن، كان من بين القتلى أيضاً مئات من المدنيين الذين سقطوا في هجمات استهدفتهم دون تمييز في بيوتهم، وعند حواجز الطرق، وفي أماكن عامة.

كما شهد عام 2001 أول مظاهرات شعبية واسعة منذ إعلان حالة الطوارئ عام 1992. وتركزت المظاهرات في منطقة القبائل التي يشكل البربر غالبية سكانها. وقُتل ما يزيد على 90 شخصاً في تلك الاضطرابات، حسبما ورد من منظمات غير حكومية محلية، وسقط أغلبهم ضحايا لرصاص قوات الأمن.

وفي مجال الحريات العامة تباينت ملامح الصورة الواردة من الجزائر. فقد سمحت السلطات في بعض الأحيان بتنظيم مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة، وفي أحيان أخرى حظرت تلك المظاهرات أو فضتها بالقوة. وأضحت حرية الصحافة مهددة بالتقييد بفعل تعديلاتٍ لقانون العقوبات، وإن كانت الصحف الخاصة قد واصلت انتقاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بشكلٍ يومي.
وسادت بشكلٍ كاملٍ ظاهرة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها أفراد من كل أطراف الصراع الذي راح ضحيته ما يربو على 100 ألف شخص.
وقد فشل قانون "الوئام المدني"، الذي صدر عام 1999، في طي صفحة العنف السياسي. وهو يعفي من المحاكمة أو يخفف العقوبة للمتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وهم من أُطلق عليهم اسم "التائبين". ولم يشهد العام الماضي، على ما يبدو، عدداً يُذكر من حالات الاستسلام الجديدة استجابةً لتلميح الرئيس بوتفليقة في فبراير/شباط إلى استمرار إتاحة العفو رغم انقضاء المهلة التي حددها القانون لذلك. وفي يونيو/حزيران، زاد مستوى العنف وامتد إلى مناطق كانت نسبياً بمنأى عن أعمال العنف في السنوات الأخيرة.
ونُسبت المسؤولية عن الجانب الأكبر من العنف إلى جماعتين مسلحتين رفضتا العفو، هما "الجماعة الإسلامية المسلحة" و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال". وتشير المعلومات المتاحة، التي كثيراً ما تكون محدودة، إلى أن "الجماعة الإسلامية المسلحة" دأبت على قتل المدنيين دون تمييز، بينما استهدفت "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في كثير من الأحيان أفراد قوات الأمن والميليشيا التي تدعمها الحكومة، إلا إنها أقدمت أيضاً على قتل المدنيين. وكان من الصعب في أحيانٍ كثيرة تحديد الجهة المسؤولة عن الهجمات المحددة لأن المهاجمين كانوا عادة ما يفرون دون أن تتمكن السلطات من اعتقالهم، ونادراً ما أعلنت أية جماعة مسؤوليتها عن هجوم أو فسرت دوافع مثل ذلك الهجوم.

وتواترت تلك الهجمات على وجه الخصوص في ولايات تيبازا، والمدية، والشلف، والمعسكر، بينما عانت منطقة متيجة إلى الجنوب من العاصمة من تجدد الهجمات. ففي 10 فبراير/شباط، على سبيل المثال، قتلت مجموعة من المسلحين المجهولين أربع أسر تقيم في حي فقير قرب مدينة برواغية. وكان معظم القتلى الستة والعشرين من النساء والأطفال. وفي واحد من الهجمات العديدة التي ارتكبها أشخاص أقاموا حواجز على الطرق بين المدن، قتل مسلحون يرتدون الزي العسكري 17 شخصاً يوم 12 أغسطس/آب في ولاية المعسكر. وفي 26 سبتمبر/أيلول، هاجم مسلحون حفل زفافٍ في مدينة الأربعاء، وقتلوا 13 من الحضور وتسعة آخرين صادفوهم في طريقهم، حسبما ورد في أنباء نشرتها الصحف الجزائرية الخاصة. ودفع الخوف آلاف الجزائريين إلى النزوح من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية حيث يتوفر لهم قدر من الأمان النسبي على الرغم مما يعانون فيها من مصاعب اجتماعية واقتصادية.
وقد قدم زهاء ستة آلاف من المتشددين طلباتٍ للعفو منذ سريان مفعول "قانون الوئام المدني" في يوليو/تموز 1999، حسبما ورد في البيانات الحكومية التي صدرت خلال عام 2001. وأعفت الدولة من المتابعة القضائية أعضاء الجماعتين المسلحتين اللتين وافقتا رسمياً على حل تنظيماتهما في يناير/كانون الثاني 2000. واقتضى القانون من طالبي العفو من الجماعات الأخرى الكشف عن أفعالهم الماضية "للجان الإرجاء" التي تسيطر عليها الحكومة. وكُلفت هذه اللجان بإجراء تحقيقاتٍ واتخاذ القرار بخصوص إعفاء طالبي العفو من المتابعة القضائية أو معاقبتهم بعقوبات مخففة في حالة الاشتباه في ارتكابهم جرائم خطيرة.
ونحت لجان التحقيق عملياً نحو إخلاء ساحة "التائبين" بعد استجواب مستعجل، حسبما ورد من جماعات الدفاع عن حقوق الضحايا. وأسفر ذلك، فيما ورد، عن إخلاء سبيل أشخاص يُشتبه في ارتكابهم جرائم قتل ليعودوا إلى منازلهم دون عقاب، على الرغم من أن "قانون الوئام المدني" يقضي بحرمان الضالعين في جرائم قتل أو اغتصاب من الاستفادة بالإرجاء أو العقوبة المخففة.
وفي مايو/أيار، أبلغ رئيس الوزراء علي بنفليس عضو البرلمان الأوروبي هيلين فلوتر أن زهاء 400 من المتشددين الذين استسلموا وقدموا إلى المحاكمة، ولكن لم يتسن التحقق من هذا العدد بصورة مستقلة. وكانت اللجان تحيط عملها بالتكتم، ولم يُتح للضحايا، أو أقاربهم، أو الرأي العام الاطلاع على مداولاتها. وحتى لو كان هذا العدد دقيقاً فهو لا يمثل سوى سبعة في المئة من المتشددين الذين تردد أنهم سلموا أنفسهم.
وورد أن ما يربو على 90 جزائرياً قُتلوا خلال مظاهرات الشوارع التي بدأت في 21 إبريل/نيسان واستمرت بصورة متفرقة لأشهرٍ عدة. وكان السبب المباشر لتفجر المظاهرات وفاة طالب بالمرحلة الثانوية من البربر يُدعى قرماح ماسنيسا يوم 20 إبريل/نيسان بعد إصابته بالرصاص قبل ذلك بيومين أثناء وجوده في الحجز في ثكنات الدرك الوطني. ولم يصدق الشبان في المنطقة ادعاء الدرك بأن إطلاق النار على الطالب وقع دون قصد، وزعموا أن قوات الدرك الوطني لجأت بشكلٍ مطرد إلى التضييق على سكان المنطقة في الشهور السابقة.
واتسم كثير من المظاهرات التي وقعت في منطقة القبائل بطابعٍ سلمي، لكن المحتجين ألقوا في بعض المظاهرات الحجارة أو قنابل المولوتوف على أفراد قوات الدرك، وأتلفوا مباني وممتلكاتٍ عامة فضلاً عن بعض المنشآت التابعة للقطاع الخاص. وخلال الأسبوع الأول من المظاهرات الذي شهد سقوط أكبر عدد من القتلى والجرحى، أطلق أفراد قوات الدرك النار مراراً على المحتجين دون إنذار مسبق مستخدمين الذخيرة الحية. كما تعرض بعض الجرحى وآخرين من غير المشاركين في المظاهرات للضرب على أيدي قوات الدرك، حسبما ورد في روايات كثير من شهود العيان.
وكان من بين مطالب المتظاهرين الاعتراف بلغة البربر وهويتهم الثقافية وسحب قوات الدرك الوطني من المنطقة. وفي يونيو/حزيران، امتدت مظاهرات الشوارع إلى مناطق أخرى وقد أججتها المظالم المحلية المتعلقة بالفساد والبطالة وتخصيص المساكن.
وفي 30 إبريل/نيسان، أعلن الرئيس بوتفليقة تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الأحداث. وفي 2 مايو/أيار، عين مهند إسعد، وهو من رجال القانون الذين يحظون باحترام واسع، رئيساً لتلك اللجنة. وجاء التقرير المؤقت للجنة، الذي أُعلن بعد ذلك بثلاثة أشهر، أكثر إيجابية مقارنةً بنتائج التحقيقات السابقة التي أُجريت بأمر الحكومة وكانت إما محاولاتٍ لطمس الوقائع وإما لم تصدر أصلاً. وخلصت اللجنة إلى أن سلوك قوات الدرك أدى إلى استمرار الغليان من خلال إطلاق الذخيرة الحية، وممارسة النهب والسلب، وارتكاب كل أنواع الاستفزازات، والتعدي بالشتائم، والضرب. وانتهت اللجنة في تقريرها إلى أن التعلل بالدفاع عن النفس لا يبرر إقدام قوات الدرك على قتل 50 مدنياً وإصابة 218 آخرين بالرصاص في الفترة من 22 إبريل/نيسان إلى 28 من الشهر نفسه. ولاحظ التقرير أنه خلال تلك الفترة لقي أحد أفراد قوات الدرك حتفه صعقاً بالكهرباء وأن كثيرين آخرين جُرحوا في الاشتباكات.
ولم يحدد تقرير اللجنة المؤقت أفراد قوات الدرك أو الضباط المسؤولين عن الاستخدام المفرط للقوة المفضية إلى الموت. ووعد أسعد باستئناف التحقيق في أغسطس/آب، ولكن لم ترد أية نتائج أخرى حتى مثول هذا التقرير للطباعة.
وبعد قليل من الخطاب الذي ألقاه الرئيس بوتفليقة يوم 30 إبريل/نيسان، بدأت قوات الدرك تبدي قدراً أكبر من ضبط النفس في استخدام الذخيرة الحية. كما نقلت السلطات كثيراً من الجنود الذين يُشتبه في أنهم تصرفوا بقسوة إلى مناطق أخرى، ونشرت وحدات من قوات مكافحة الشغب التي استخدمت الغاز المسيل للدموع أكثر مما استخدمت الذخيرة الحية.
وساعدت هذه العوامل في تقليص عدد القتلى والجرحى على الرغم من تعاظم المظاهرات واتساع نطاقها خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران. وفي 21 مايو/أيار و31 من الشهر نفسه نُظمت مظاهرات ضخمة في تيزي أوزو أولاً ثم في العاصمة الجزائر. إلا إنه في يوم 14 يونيو/حزيران تحولت مسيرة في العاصمة شارك فيها قرابة نصف مليون شخص، أغلبهم من البربر، إلى أعمال نهب للمتاجر واشتباكات شاركت فيها الشرطة والمتظاهرون وشبان من المنطقة. وجُرح ما يزيد على 300 شخص وقُتل أربعة آخرون. وألقت الشرطة القبض على المئات وظل مصير كثيرين منهم مجهولاً لعدة أيام، ولكن أُفرج عنهم جميعاً في نهاية الأمر.

وفي 18 يونيو/حزيران، حظر الرئيس بوتفليقة التظاهر في العاصمة الجزائر "حتى إشعار آخر." وانتشرت الشرطة بصورة مكثفة في المدينة وعلى الطرق المؤدية إليها من منطقة القبائل لمنع وصول المتظاهرين. وبهذا الأسلوب مُنعت مسيرات كان قد أُعلن عنها مسبقا أيام 5 يوليو/تموز و8 أغسطس/آب و5 أكتوبر/ تشرين الأول.
وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول التقى رئيس الوزراء علي بنفليس مع ممثلين للبربر، وأعلن أن الرئيس بوتفليقة وعد بعدة مبادرات. ومن بين تلك المبادرات تعديل الدستور لجعل الأمازيغية، لغة البربر، لغة وطنية، وتعويض ضحايا الاضطرابات، وتقديم المسؤولين عن ارتكاب جرائم وحالات قتل خلال الاشتباكات إلى القضاء، وتغيير هيكل قوات الأمن في المناطق التي وقعت فيها انتهاكات في منطقة القبائل. وحتى أكتوبر/ تشرين الأول لم تكن قد وردت معلومات يمكن التحقق منها عن محاكمة أي من أفراد قوات الأمن المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات خلال المظاهرات، بيد أنه وردت أنباء غير مؤكدة عن إلقاء القبض على بعض الأفراد.
وظلت الإذاعة والتلفزيون اللذان تسيطر عليهما الدولة بوقين للحكومة، يتجاهلان عادة المظاهرات الكبرى والمذابح التي تناولتها المحطات العربية والأوروبية المتاح مشاهدتها عبر المحطات الفضائية . وكان نصيب ساسة المعارضة من التغطية التلفزيونية ضئيلاً، أو لم يحظوا بمثل هذه التغطية أصلاً إلا خلال جلسات البرلمان التي تُذاع بانتظام.

إلا إن الصورة كانت مغايرة في الصحف الخاصة التي كثيراً ما تناولت أفعال الحكومة بالنقد، ونشرت روايات شهود العيان عن قمع قوات الدرك للمظاهرات، كما نشرت تكهنات صريحة فيما يخص مستقبل الرئيس بوتفليقة في منصبه. بيد أنها مارست رقابة ذاتية فيما يخص دور الجيش في الحياة السياسية.
وفي يونيو/حزيران، أضحت صحيفتا "الوطن" و"الخبر" أول صحيفتين يوميتين قوميتين تطبعان جانباً من نسخ العدد اليومي في مطبعةٍ يملكها القطاع الخاص. وأدى ذلك إلى تخفيف الضغوط غير المباشرة التي تتعرض لها الصحف الخاصة فيما يخص سياسة التحرير والتي تقترن باحتكار الدولة شبه التام لطباعة الصحف. ولكن التعديلات التي أُجريت على قانون العقوبات وبدأ سريان مفعولها في يوليو/تموز أطالت مدد عقوبة السجن وزادت الغرامات فيما يخص تهم ثلب أو إهانة الرئيس، أو مؤسسات الدولة، أو مسؤوليها. وبرر المسؤولون التعديلات بأنها ضرورية للحفاظ على هيبة الدولة وحماية الحريات الفردية والجماعية. وبحلول وقت إعداد هذا التقرير للطباعة لم يكن أي صحفي قد اتُهم بموجب التعديلات الجديدة التي فرضت كذلك قيوداً على الخطب في المساجد من خلال تغليظ العقوبة القصوى لإلقاء خطبٍ من شأنها الإضرار بالتماسك الاجتماعي إلى السجن خمس سنوات.

ومارست السلطات نهجاً انتقائياً في منح تأشيرات الدخول للمراسلين الأجانب، فقبلت طلباتهم في بعض الأحيان وتجاهلتها في أحيان أخرى دون إبداء تفسير. وحُرم المتخصصون في شؤون الجزائر في صحيفتي "ليبراسيون" و"لوموند" الفرنسيتين اليوميتين من زيارة البلاد خلال معظم فترات العام.
واستمر خلال العام إقبال عدد متزايد من الجزائريين على الاتصال بشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) مع انخفاض رسوم الاتصال بها وانتشار مقاهي الإنترنت. ولم يصل إلى علم منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" ما يفيد بأن السلطات أعاقت الاتصال بأي موقعٍ على شبكة الإنترنت، على الرغم من أن اللوائح المنظمة لتقديم خدمة الإنترنت تقتضي من مقدمي الخدمة المراقبة المستمرة لمحتوى المواد المتاحة للمشتركين لمنع الوصول إلى معلوماتٍ تتنافى مع المصلحة العامة أو الأخلاق. وفي أوائل عام 2001، أمرت الشرطة في مدينة بوفاريك القائمين على تشغيل مقاهي الإنترنت بأن يقدموا بانتظام قائمةً بأسماء الجهات الراعية لمقاهيهم والإبلاغ عن أي نشاط يبدو هداماً أو غير أخلاقي.
ولم يتحقق خلال العام أي تقدمٍ بشأن تحديد مكان الألوف من الجزائريين الذين "اختفوا" قسراً على أيدي قوات الأمن أو الكشف عن مصير هؤلاء الضحايا الذين "اختفى" أغلبهم في الفترة بين عامي 1994 و1996. ولم يشهد عام 2001 حالاتٍ جديدة لأشخاصٍ ظلوا مفقودين لفترات مطولة بعد احتجازهم على أيدي قوات الأمن، غير أن بعض الأسر تقدمت للإبلاغ عن حالات إضافية ترجع إلى التسعينات. وأفادت "الجمعية الوطنية لعائلات المفقودين" أن الحالات الموثقة المسجلة لديها تجاوزت سبعة آلاف حالة.
وفي خطاب ألقاه يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول، طلب الرئيس بوتفليقة من أسر "المفقودين" أن يثقوا في السلطات وأن يمتنعوا عن القيام بأي شيء من شأنه تشويه صورة البلد أو الجزائريين.
وواصل المسؤولون الحكوميون تقديم إحصاءات عن الحالات التي تقول الحكومة إنها "استوضحتها"، لكنهم لم يقدموا معلومات مفيدة للأسر أو نادراً ما قدموا مثل هذه المعلومات. فعلى سبيل المثال، يفيد تقرير أصدرته عضو البرلمان الأوروبي هيلين فلوتر في يونيو/حزيران بأن وزير العدل أحمد أويحي أبلغها في مايو/أيار أن الحكومة تلقت ثلاثة آلاف شكوى بخصوص مفقودين منها "ألف شكوى تم استيضاحها: فقد انضم 833 [من المفقودين] للجماعات المسلحة، وقُتل 93 شخصاً وكان 82 شخصاً ما زالوا رهن الاحتجاز، وعاد 74 شخصاً إلى منازلهم، واستفاد سبعة من قانون الوئام المدني."
غير أن السلطات لم تقدم للأسر أي دليل على أن مفقودين بعينهم قد انضموا إلى الجماعات المسلحة. ولم يظهر أحد تقريباً من هؤلاء المفقودين بين الألوف من أعضاء الجماعات المسلحة الذين سلموا أنفسهم للسلطات في السنوات الأخيرة، كما لم يقدم هؤلاء "التائبون" معلومات تؤيد زعم الحكومة أن كثيراً من الأشخاص الذين يُفترض أنهم "اختفوا" كانوا معهم في الجبال.
وبالمثل، لم يتحقق أي تقدم في العثور على أحد من عدة ألوف من المدنيين الجزائريين الذين قيل إن مجموعاتٍ مسلحة خطفتهم في السنوات السابقة. ولم يصل إلى علم منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أن أياً من الأسر علمت شيئاً عن أبنائها الذين خُطفوا، على الرغم من اكتشاف عدة قبور جماعية في السنوات الأخيرة يُعتقد أنها ذات صلة بالصراع، واستسلام ألوف من المتشددين الذين قد يكون لدى بعضهم معرفة بحالات الخطف.

وأفاد محامون من المدافعين عن حقوق الإنسان بأن قوات الأمن واصلت تعذيب المحتجزين الذين يُشتبه في أن لهم صلة بالجماعات المسلحة أو معرفة بها. غير أن أنباء التعذيب صارت أقل تواتراً مع تناقص حالات الاعتقال ذات الصلة بالأمن مقارنةً بالأعوام السابقة.

وفي فبراير/شباط، نشر ضابط الجيش السابق لحبيب سوايدية في باريس كتاباً بالفرنسية بعنوان: الحرب القذرة، وهو يمثل أكثر الاتهامات الموجهة لسلوك الجيش تفصيلاً حتى الآن. وعرض سويدية بالتفصيل نمطاً من التعذيب والإعدام دون محاكمة مارسته وحدات مكافحة الإرهاب ضد المشتبه بأنهم من الإسلاميين، وانتهاكات أخرى زعم أنه شاهدها بين عامي 1993 و1995. وهوَّن المسؤولون الجزائريون من شأن الكتاب ووصفوه بأنه جزء من حملة لتشويه سمعة الحكومة.
وفي تحدٍ آخر لإفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب، بدأ قاض في باريس يوم 25 إبريل/نيسان تحقيقاً في شكاوى ضد خالد نزار قدمها جزائريون يقيمون الآن في الخارج وقالوا فيها إنهم أو أقارب لهم تُوفوا قد تعرضوا للتعذيب في أوائل التسعينات عندما كان نزار وزيراً للدفاع. وكان نزار آنئذ في فرنسا بمناسبة نشر مذكراته، وقد قطع زيارته وغادر البلاد مساء اليوم نفسه بطائرة خاصة.

وفي بعض المحاكمات، ومن بينها محاكمات حساسة من الناحية السياسية، باشر القضاة الإجراءات بجدية ونزاهة، إلا إن ثمة محاكمات أخرى شابتها بعض المخالفات. ففي محاكمة استغرقت يوماً واحداً يوم 12 إبريل/نيسان أُدين فؤاد بولمية وحُكم عليه بالإعدام فيما يتصل باغتيال عبد القادر حشاني في نوفمبر/تشرين الثاني 1999. وكان حشاني وقتها أبرز زعماء "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" خارج السجون. وأبلغ بولميا القاضي بأنه تعرض للتعذيب حتى يوقع على "اعتراف" ينكره الآن، لكن المحكمة رفضت هذا الادعاء. ولم يناقش الدفاع ولا الادعاء المتهم في تلك القضية. وكان بولميا لا يزال في السجن حتى كتابة هذا التقرير.
وفي قضية أخرى أُدينت الصحفية فوزية عبابسة مدير تحرير صحيفة لوتنتيك التي تصدر يومياً بالفرنسية بتهمة القذف يوم 11 يوليو/تموز، على الرغم من أنها لم تُبلغ بالمحاكمة ولم تحضر الجلسة. وحُكم عليها بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة مالية.
وتعرضت الفتيات والنساء للخطف والاغتصاب في الحالات التي لم يُقتلن فيها على الفور خلال هجمات المجموعات المسلحة التي استهدفت فيها المدنيين دون تمييز. وأنحت جماعات حقوق المرأة باللائمة على السلطات لنقص خدمات الدعم التي تقدمها لضحايا الاغتصاب.
وفي حوادث تمثل تكثيفاً لمشكلة العنف الموجه ضد الإناث بسبب نوعهن، والتي يعاني منها المجتمع عموماً، تعرضت بعض النسوة المقيمات بمفردهن لهجماتٍ نفذتها مجموعات من الرجال الذين لا يرتبطون على ما يبدو بجماعات مسلحة. ففي مساء 13 يوليو/تموز، هاجم أكثر من مئة رجل أحد أحياء مدينة حاسي مسعود الغنية بالنفط حيث انتزعوا النساء المغتربات من بيوتهن وتركوا السكان الآخرين دون أن يمسوهم بأذى. وتعرضت النسوة للضرب بالأيدي والعصي، والطعن، والاغتصاب. واستمر هذا الهجوم حتى ساعة متأخرة من الليل على الرغم من أن قوات الأمن تراقب المدينة عن كثب. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول، أفادت صحيفة "الوطن" بأن 38 من هؤلاء الرجال اتُهموا بالاعتداء أو الاغتصاب أو بجرائم أخرى، وأن السلطات تحتجز 29 من المتهمين رهن الحبس الاحتياطي انتظاراً للمحاكمة. وتفيد إحدى الروايات أن المهاجمين من سكان المنطقة وأن دافعهم لمهاجمة النسوة هو ما نُسب لهن من "الانحلال الأخلاقي". وفي وقت لاحق من الشهر نفسه أغارت مجموعات من الرجال مرتين على حي في مدينة تبسة بشرق البلاد يعيش فيه نساء بمفردهن، فاعتدوا على ثلاث من النسوة في إحدى المرتين ونهبوا منازل في المرة الأخرى. وزعم المهاجمون الذين ألقت الشرطة القبض عليهم أنهم كانوا يحاربون "الفاحشة".

ولم يجر أي تعديل لقانون الأسرة الصادر عام 1984 والذي ينطوي على تمييز شديد بين الجنسين. وفي 8 مارس/آذار، وهو يوم المرأة العالمي، وصف الرئيس بوتقليفة القانون بأنه ينطوي على تمييز، وقال إن بعض بنوده تتعارض مع "روح الإسلام". لكنه لم يقم لا هو ولا المجلس الوطني بأية مبادرة لتعديل المواد التي تمثل تحيزاً للرجال في شؤون الزواج، والطلاق والميراث وحضانة الأبناء.
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول، صدقت الجزائر على "الاتفاقية الخاصة بحظر استعمال، وتخزين، وإنتاج، ونقل الألغام المضادة للأفراد والخاصة بتدميرها" (اتفاقية حظر الألغام) المبرمة عام 1997. وستسري هذه الاتفاقية بالنسبة للجزائر يوم 1 إبريل/نيسان 2002.
go up -أعلى الصفحة
  • البيان الصحفي
  • مقدمة الشرق الأوسط
  • الجزائر
  • المغرب
  • إيران
  • العراق وكردستان العراق
  • إسرائيل والسلطة الفلسطينية
  • مصر
  • السعودية
  • تونس
  • سوريا
  • اليمن



  • Human Rights Watch Home التقارير السابقة : 1999 |2000 |2001
    الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
    الصفحة الرئيسية

    Human Rights Watch