"وكأننا في حرب"

قمع المتظاھرين في محافظة حمص

 

خريطة محافظة حمص

 

© 2011 هيومن رايتس ووتش


خريطة مدينة حمص

 

© 2011 هيومن رايتس ووتش

 

الملخص

قتلت قوات الأمن السورية منذ بداية التظاهرات المعارضة للحكومة في مارس/آذار 2011، أكثر من 3100شخص بين متظاهرين ومارة، في إطار استخدام تلك القوات للعنف من أجل وقف التظاهرات. وقد قامت قوات الأمن بتشويه وإصابة الكثيرين واعتقلت تعسفاً الآلاف في شتى أنحاء البلاد، فعرضت الكثيرين منهم للتعذيبأثناء الاحتجاز. وقد ذكر النشطاء السوريون وفاة أكثر من 105من المحتجزين.

يركز هذا التقرير على انتهاكات قوات الأمن السورية في محافظة حمص الواقعة وسط سوريا، في الفترة من أواسط أبريل/نيسان إلى نهاية أغسطس/آب 2011، إذ وخلال تلك الفترة قتلت قوات الأمن 587 مدنياً على الأقل، وهو أعلى عدد للخسائر البشرية في أي محافظة بسوريا، طبقاً لقوائم جمعها نشطاء سوريون. أغلب أعمال القتل هذه وقعت في مدينة حمص، عاصمة المحافظة، وفي بلدات تلكلخ والرستن وتلبيسة. مع بداية كتابة هذا التقرير، كانت حملة القمع في حمص قد اشتدت، مع مقتل 207 مدنياً في شهر سبتمبر/أيلول وحده، وهو أكثر الشهور دموية حتى الآن. تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في 1 يونيو/حزيران بعنوان "لم نر مثل هذا الرعب من قبل"  يوثق انتهاكات قوات الأمن السورية في محافظة درعا، حيث اندلعت أولى الاحتجاجات.

تعتبر عملية الحصول على معلومات دقيقة عن أحداث سوريا أمراً صعباً بما أن السلطات تبذل جهوداً مضنية كي لا يتم اكتشاف الحقيقة. هذا التقرير يستند إلى مقابلات أجراها باحثو هيومن رايتس ووتش مع أكثر من 114 شخصاً من سكان حمص، ويستند أيضاً إلى مراجعة 29 مقابلة قام بتصويرها بالفيديو نشطاء سوريون. رفضت الحكومة دخول هيومن رايتس ووتش إلى سوريا، فتمإجراء المقابلات مع السكان الذين هربوا إلى بلدان مجاورة أو عن طريق الإنترنت مع شهود من داخل سوريا. كما راجعت هيومن رايتس ووتش عشرات مقاطع الفيديو التي صورها عدد من الشهود الذين تم مقابلتهم، وتدعم هذه المقاطع مصداقية رواياتهم للأحداث. تم الاطلاع على معلومات إضافية من نشطاء سوريين وثقوا الأحداث. ولضمان مصداقية الحالات المذكورة، فلم يذكر التقرير إلا الأحداث التي تؤيد صحتها عدة مصادر.

ترى هيومن رايتس ووتش أن طبيعة وحجمالانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن السورية في شتى أنحاء سوريا تشير إلى احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية. إن أوجه الشبه بينوقائع القتل غير القانوني – كإطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين دون تحذير في حالات عديدة–والاحتجاز التعسفي، والاختفاءات والتعذيب،كلها تشير إلى وجود اعتداء موسع وممنهج على السكان المدنيين، بدعم من الدولة.

ورغم ارتفاع عدد القتلى في حملة القمع السورية، كان رد الفعل الدولي على أزمة حقوق الإنسان هذه بطيئاً للغاية وغير متناسب. بينما اتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عدة إجراءات قوية – إذ تم فرض حظر سفر وتجميد للأصول على مسؤولين سوريين وبعض رجال الأعمال المقربين من السلطات، مع حظر شراء النفط السوري وتجميد أصول هيئات عامة وخاصة ذات أهمية في الدولة – وبينما أدانت تركيا وبعض الدول العربية بقوة حملة القمع السورية، فقد نجحت روسيا والصين في حماية سوريا من المزيد من الانتقادات أو الإجراءات على مستوى مجلس الأمن. ولقد وجدت التحفظات الروسية الصينية على اتخاذ الإجراءات دعماً من ثلاث نظم ديمقراطية جنوبية ذات تأثير، هي حالياً أعضاء في مجلس الأمن، وهي الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا (يُشار إليها على سبيل الاختصار بمجموعة IBSA )، وقد تبين تفضيلها لسياسة الحوار الناعم مع سوريا أملاً في أن ينفذ الرئيس الأسد الإصلاحات الضرورية.

مشكلة سياسة الحوار الناعم الخاصة بمجموعة الهند-البرازيل-جنوب أفريقيا، أنها أخفقت في وقف حملة القمع العنيفة. بعد سبعة شهور من الوعود المتكررة بالإصلاحات، تستمر قوات الأمن في إطلاق النار على المتظاهرين، وفي اعتقال النشطاء السياسيين، وفي منع منظمات حقوق الإنسان المستقلة والصحفيين من الوصول للأحداث لتغطيتها. الاستمرار في الأمل بأن الرئيس الأسد سيقوم بشكل ما بتفعيل إصلاحاته دون أي ضغوط خارجية، يعني التجاهل عن عمد لسجل السلطات السورية حتى الآن. الأسوأ، أن عدم التحرك وإخفاق المجتمع الدولي في الإجماع على إدانة الانتهاكات في سوريا، يزيد من جرأة السلطات السورية ويؤكد لها أنها ستنعم بالإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.

القتل الممنهج

منذ انتقال التظاهرات المعارضة للحكومة إلى محافظة حمص في أواسط مارس/آذار، قامت قوات الأمن والميليشيات الموالية للحكومة هناك (يُشار إليها في سوريا باسم الشبيحة) بقتل المئات. بينما يستحيل بشكل دقيق معرفة عدد القتلى بسبب القيود على زيارة سوريا وعلى تغطية الأحداث، فإن منظمات ومجموعات محلية تحافظ على قائمة بالقتلى سجلت وقوع 793 قتيلاً في محافظة حمص حتى نهاية سبتمبر/أيلول. يُرجح أن العدد الفعلي للقتلى أعلى من هذا التقدير.

وقعت الكثير من عمليات القتل أثناء الهجمات على المتظاهرين وعلى الجنازات الشعبية، مثل ما حدث في مدينة حمص، من قتل لمتظاهرين حاولوا تنظيم اعتصام عند ساحة الساعة في 19 أبريل/نيسان ومقتل 16 شخصاً أثناء مسيرة تشييع لقتلى قرب مسجد خالد بن الوليد في 29 يوليو/تموز.

وبينما حاولت قوات الأمن في بعض الحالات استخدام الغاز المسيل للدموع أولاً أو إطلاق النار في الهواء لتفريق الحشود، فقد وثقت هيومن رايتس ووتش عدة حالات لجأت فيها قوات الأمن لفتح النار مباشرة على المتظاهرين دون سابق انذار ودون بذل أي جهود لتفريق المتظاهرين بسبل غير مميتة. وفي عدة حالات، قال شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن طاردت المتظاهرين واستمرت في إطلاق النار عليهم فيما كانوا يركضون مبتعدين عن مكان التظاهر.

منذ مايو/أيار نفذت قوات الأمن عدة عمليات أمنية موسعة في محافظة حمص، أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة ووقوع إصابات كثيرة. أسفرت عمليات الأمن في بلدتي تلكلخ والرستن – التي دامت عدة أيام – عن مقتل العشرات. وفي مدينة حمص، نفذت قوات الأمن عمليات في عدة أحياء بشكل منتظم. وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن دخلت الأحياء بالدبابات والمدرعات وأطلقت النار على المتظاهرين، وأحياناً من أسلحة مُركبة فوق المدرعات والدبابات. وتم قطع الاتصالات ونصب نقاط تفتيش لتقييد التنقلات إلى داخل الأحياء ومنها، بما في ذلك التنقلات الخاصة بتوصيل الطعام والدواء.

وقال شهود إن المهاجمين كان قوامهم عادة واحد أو أكثر من أجهزة الأمن السورية التي يُشار إليها في العادة بالمصطلح الفضفاض الشامل "المخابرات"، وميليشيات مسلحة موالية للحكومة، والجيش والشرطة أحياناً.

وبناء على شهادات الشهود، يبدو أن أغلب أعمال العنف ارتكبت من قبل قوات المخابرات والميليشيات المعروفة بالشبيحة. وفي عدة مناسبات، على الأقل أثناء المراحل الأولى من الاحتجاجات، يبدو أن وحدات الجيش ترددت في إطلاق النار على المتظاهرين، بحسب نفس الروايات. وفي مناسبة واحدة على الأقل، يبدو أن عناصر المخابرات أطلقت النار فقتلت ضابط جيش رفض فتح النار على المتظاهرين.

ولقد تكرر زعم السلطات السورية بأن عصابات إرهابية مسلحة – بتحريض وتمويل من الخارج – ارتكبت أعمال العنف في حمص والمناطق الأخرى. ونشرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أسماء 53 شخصاً على الأقل ذكرت أنهم من قوات الأمن السورية (الشرطة والمخابرات والجيش) ماتوا في سوريا بين 18 مايو/أيار و5 سبتمبر/أيلول 2011. قدمت مجموعات سورية معنية بحقوق الإنسان لـ هيومن رايتس ووتش قائمة بـ 93 رجل أمن قُتلوا في حمص بين مارس/آذار و30 سبتمبر/أيلول 2011، لكن يزعمون أن الكثير منهم قُتلوا على أيدي عناصر أمن أخرى بعد رفضهم إطلاق النار على المتظاهرين.

وبحسب شهادات الشهود والنشطاء السوريين، فإن بعض المتظاهرين والمنشقين من الجيش استخدموا القوة، بما في ذلك القوة المميتة، ضد قوات الأمن السورية. على سبيل المثال، تدخل في عدة حالات أفرادمسلحون في حمص والرستن، كانوا قد انشقوا عنأجهزة الأمن،وكان تدخلهم إثر مهاجمة قوات الأمن للمتظاهرين أو بعد أن أطلقت عليهم الرصاص. الكثير من المتظاهرين المعارضين للحكومة الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش برروا هذه الهجمات بالقول بأنها كانت دفاعاً عن المتظاهرين المعرضين لهجوم غير قانوني من قوات الأمن. وقال ناشط سوري لـ هيومن رايتس ووتش إنه منذ يوليو/تموز زادت الانشقاقات في صفوف الجيش وأن في بعض الأحياء في حمص ما يتراوح بين 15 و20 منشقاً، سبق أنتدخلوا في بعض الحالات، إثر سماعهم لإطلاق نار على المتظاهرين.

لكن في أغلب الحالات الموثقة في هذا التقرير، أصر الشهود على أن القتلى والمصابين كانوا غير مسلحين، أو في بعض الحالات رموا الحجارة ولم يمثلوا تهديداً جسيماً على قوات الأمن. الأقوال التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش من عناصر الأمن المنشقين تدعم مصداقية هذا الزعم.

هناك حاجة للمزيد من التحقيق في العنف الذي يُزعَم أن المتظاهرين والمنشقين من الجيش يمارسونه، ولابد من محاسبة المسؤولين عن ايأعمال إجرامية بموجب ملاحقات قانونية. إلا أن هذه الحوادث لا تبرر بأي حال من الأحوال الاستخدام الموسع والممنهج للقوة المميتة ضد متظاهرين سلميين في الأغلب الأعم، أو العمليات العسكرية الموسعة ضد الأحياء والبلدات التي شهدت تظاهرات كبيرة معارضة للحكومة، وهي العمليات التي يبدو بوضوح أنها غير متناسبة مع أي تهديد مبعثه هذه الحشود غير المسلحة بالأساس.

إن قرار بعض المتظاهرين والمنشقين عن الجيش بأن يسلحوا أنفسهم ويردوا على إطلاق النار بمثله على قوات الأمن، يُظهر أن الخطة التي تبنتها السلطات السورية أدت لحدوث تصعيد خطير في مستوى العنف، وتلقي الضوء على الحاجة لوقف فوري لاستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين، وإلا انزلقت البلاد إلى نزاع أكثر دموية. وقال أحد المتظاهرين، وقد فقد ابن عم، قال لـ هيومن رايتس ووتش:

أطلقوا [قوات الأمن] النار علينا لمدة شهور، ونحن نردد "سلمية". قتلوا عائلاتنا وأصحابنا واحتجزونا وعذبونا وما زلنا نردد هذه الكلمة. لكن لا يمكن أن تستمر الأمور بهذه الطريقة. ما عدد الجنازات التي يمكن لشخص واحد أن يحضرها قبل أن يقرر المقاومة والرد؟[1]

الاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري

مثل باقي أنحاء سوريا، قامت قوات الأمن في محافظة حمص بممارسة التعذيب الممنهج على الآلاف من المحتجزين بعد أن تم القبض عليهم بشكل متعسف،. وقد تعرض بعض المعتقلين للاختفاء القسري.

تحدث شهود عيان من حمص وتلكلخ وتلبيسة والرستن لـ هيومن رايتس ووتش عن عمليات قامت خلالها قوات الأمن باعتقال العشرات في كل عملية، واستهدفت بالاعتقال النشطاء وأقاربهم، واعتقالات وقعت عند نقاط التفتيش وخلال مرور الدوريات في الشوارع.

من المستحيل التأكد من العدد الدقيق لكن المعلومات التي جمعتها هيومن رايتس ووتش تشير لأن قوات الأمن احتجزت ما يصل إلى 1500 شخص من تلكلخ وحدها. وقال شهود قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنه قد تم احتجاز الآلاف في مدينة حمص من أبريل/نيسان إلى أغسطس/آب 2011. بينما تم الإفراج عن الأغلبية بعد أيام أو أسابيع، فما زال المئات مفقودين، ومصيرهم وأماكنهم غير معروفة لأسرهم. عندما يتم احتجاز أي شخص من قبل الدولة أو بمساعدة منها ولا يكون احتجازه معلناً أو عندما يتم إخفاء مصيره أو مكانه بما يعني عدم كفالة حماية القانون لهذا الشخص، فإن هذا يعتبر اختفاءً قسرياً، وهي جريمة بموجب القانون الدولي.

قابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 25 سجيناً سابقاً أفادوا برؤية المئات غيرهم رهن الاحتجاز، وقالوا إن منشآت الاحتجاز كانت مزدحمة بشكل غير محتمل، مع قيام الحراس بوضع العشرات في زنزانة واحدة مخصصة لاحتجاز قلة من الأفراد، ومع وضع محتجزين آخرين في الردهات أمام الزنازن.

وفي جميع الحالات بلا استثناء تقريباً، أفاد المحتجزون السابقون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش بأنهم تعرضوا لأنواع عديدة من الإهانة والمعاملة السيئة والتعذيب رهن الاحتجاز، وشهدوا على الإساءة إلى محتجزين آخرين. قام المحققون والحراس بضرب المحتجزين بالهراوات وأسلاك الكهرباء أثناء القبض عليهم وأثناء نقلهم وأثناء تحويلهم من منشأة احتجاز لأخرى، وفي أحيان كثيرة أثناء الاستجواب. كما أفاد الشهود باستخدام قوات الأمن لقضبان معدنية ساخنة لحرقهم على مختلف أنحاء الجسد، واستخدام الصعق بالكهرباء وإجبارهم على اتخاذ أوضاع مجهدة لساعات وأيام، واستخدام أدوات خاصة مثل إطار السيارة (المعروف في سوريا باسم الدولاب) في وضع المحتجزين داخله، مما يسهل عملية الضرب على الأجزاء الحساسة من الجسد، مثل أخمص القدمين والرأس.

الموت رهن الاحتجاز

أحد السمات الأكثر إثارة للقلق في الحملة القمعية على المتظاهرين في سوريا كانت تزايد عدد الوفيات رهن الاحتجاز، حسب التقارير التي ظهرت في مختلف أجزاء سوريا، بما في ذلك محافظة حمص.

تشير البيانات التي جمعها النشطاء السوريون إلى أن أكثر من 40 محتجزاً من محافظة حمص ماتوا رهن الاحتجاز حتى نهاية أغسطس/آب. تمكنت هيومن رايتس ووتش من جانبها من جمع معلومات عن 17 حالة وفاة رهن الاحتجاز في محافظة حمص منذ مارس/آذار 2011.

وفي الغالبية العظمى من الوفيات رهن الاحتجاز التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، كان المحتجزون ضحايا للاختفاء القسري. قال أهالي الضحايا لـ هيومن رايتس ووتش إنه ليس لديهم معلومات عن مصير أقاربهم أو أماكنهم بعد اعتقال قوات الأمن لهم في مظاهرات أو نقاط تفتيش، إلى يوم تلقوا مكالمة هاتفية – عادة من المشفى العام المحلي – يُطلب منهم خلالها الحضور لأخذ جثمان قريبهم. وفي بعض الحالات تم العثور على الجثث ملقاة في الشارع.

وفي جميع الحالات حيث توفرت هذه المعلومات لـ هيومن رايتس ووتش، كانت على الجثث علامات تشير للتعرض للتعذيب، وتشمل كدمات وجروح قطعية وحروق. لم توفر السلطات للأهالي معلومات عن الظروف المحيطة بمقتل أقاربهم، وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش لم تفتح أي تحقيقات في هذا الشأن. وفي عدة حالات، اضطرت عائلات القتلى رهن الاحتجاز إلى توقيع وثائق تشير لأن "عصابات مسلحة" قتلت أقاربهم، وتفيد بالتنازل عن تنظيم جنازة كشرط للحصول على الجثة.

التوصيات

دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السورية لأن توقف على الفور استخدام القوة المفرطة والمميتة التي تمارسها قوات الأمن ضد المتظاهرين والنشطاء العُزّل، ولأن تفرج بدون شروط عن جميع المحتجزين لمجرد مشاركتهم في تظاهرات سلمية أو لانتقاد السلطات، وللكشف عن مصائر من احتجزوا أو تم إخفاءهم قسراً، وأن تتيح فوراً ودون عرقلة لمنظمات حقوق الإنسان والصحفيين الوصول إلى محافظة حمص، بما في ذلك المشافي ومراكز الاحتجاز والسجون.

كما دعت هيومن رايتس ووتش جميع أعضاء مجلس الأمن بالأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات، فردية وجماعية، من أجل حماية المدنيين، عن طريق الضغط لنشر مراقبين دوليين لحقوق الإنسان داخل سوريا، بما في ذلك محافظة حمص، من أجل مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان هناك، والضغط لفتح الباب أمام الصحفيين المستقلين ومراقبي ومحققي حقوق الإنسان، ولدعم التحقيقات والملاحقات القضائية ضد المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والمتفشية والممنهجة لحقوق الإنسان المرتكبة في سوريا منذ أواسط مارس/آذار 2011.

وفي غياب تحرك جماعي من مجلس الأمن، دعت هيومن رايتس ووتش جميع الدول أعضاء الأمم المتحدة للتحرك من خلال الجمعية العامة للمبادرة بفرض إجراءات لحماية الشعب السوري ودعت الدول والهيئات الإقليمية التي لم تتحرك بعد لأن تتبنى عقوبات مالية وحظر على السفر على الأفراد المسؤولين عن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.


I . خلفية

حملة قمع المتظاهرين في المناطق الريفية

منذ مارس/آذار 2011 انتقلت المظاهرات المناهضة للحكومة من مدينة درعا – جنوب سوريا – إلى مناطق أخرى في شتى أنحاء البلد. أخفق رد الفعل الحكومي العنيف في تهدئة التظاهرات، وكان أثر رد الفعل هذا في مناطق كثيرة في سوريا هو العكس تماماً – إذ زادت الحشود وانضمت مدن جديدة إلى التظاهرات.[2]

وحتى كتابة هذا التقرير، كانت التظاهرات ما زالت قائمة بشكل منتظم في محافظات درعا والحسكة وإدلب ودير الزور وحمص وحماة، وفي ضواحي العاصمة دمشق.

وكثيراً ما لجأت قوات الأمن السورية للقوة المميتة ضد متظاهرين سلميين، وفي الأغلب منعت المتظاهرين المصابين من الحصول على الرعاية الطبية،[3] وهذه القوات هي بالأساس أجهزة الأمن سيئة السمعة، التي يُشار إليها بشكل عام باسم المخابرات، ومعها جماعات مسلحة موالية للحكومة يشير إليها السوريون باسم الشبيحة، وقد استخدمت هذه القوات بشكل منتظم القوة – والقوة المميتة في أغلب الأحيان– ضد هؤلاء المتظاهرين. ومع استمرار حركة الاحتجاجات، قامت الحكومة أيضاً بنشر قوات الجيش، في العادة في العتاد العسكري الكامل وفي مدرعات عسكرية، بهدف وقف التظاهرات.

وبينما تكاد شهادات الشهود لا تترك أي مجال للشك في مستوى الانتهاكات الواسع وطبيعتها المنهجية، فإن عدد القتلى والمصابين على يد قوات الأمن السورية يستحيل تحديده بشكل دقيق وقاطع. ما زالت سوريا مغلقة في وجه الصحفيين الدوليين ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، والاتصالات كثيراً ما تكون مقطوعة عن المنطقة المتأثرة بالحملات القمعية. إلا أن هناك شبكة آخذة في الاتساع من الجماعات الناشطة،تتخذ شكل هيئات تنسيق محلية وتستخدم الإنترنت والشبكات الاجتماعية الالكترونية بشكل موسع، وقد جمعوا قائمة من 3121اسماً لمدنيين قُتلوا، بينهم 232 طفلاً، وذلك حتى 2نوفمبر/تشرين الثاني 2011.[4] وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول استنكرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي: "الخسائر الفادحة والوحشية في أرواح المدنيين" في سوريا، وقالت إن عدد القتلى تجاوز 3000 شخص.[5]

ولقد تكرر زعم السلطات السورية أن هذا العنف وقع على يد عصابات إرهابية مسلحة، بتحريض وتمويل من الخارج. وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول قال نائب وزير الخارجية فيصل مقداد لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن أولئك المسؤولين عن هذه الأعمال "مجرمون قتلوا أكثر من 1100 رجل شرطة ومسؤول أمن بالأسلحة التي أمدتهم بها دول مجاورة".[6]

ولقد وثقت هيومن رايتس ووتش عدة حالات لجأ فيها المتظاهرون – بدعم من منشقين عن الجيش أحياناً – إلى العنف.[7] على سبيل المثال، قام المتظاهرون بإشعال النار في بنايات خاصة بأجهزة الأمن في بلدة درعا، وجسر الشغور، وتلكلخ، وحطموا تماثيل لحافظ وبشار الأسد، وأحرقوا عدة عربات تخص أجهزة الأمن.[8] وصف الشهود بعض هذه الأحداث لـ هيومن رايتس ووتش. وقد شاهد باحثو هيومن رايتس ووتش أيضاً هذه الوقائع على مقاطع فيديو من تصوير هواة، على الإنترنت. وقال عدة شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن المتظاهرين قتلوا بعض عناصر الأمن، عادة بعد أن فتحت أجهزة الأمن النار على المتظاهرين.

إلا أن وقائع العنف هذه من قبل المتظاهرين تبقى استثنائية. تشير شهادات شهود وغيرها من القرائن الموثقة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش من شتى أنحاء سوريا منذ بدء التظاهرات، تشير لأن أغلب التظاهرات حتى الآن كانت سلمية بشكل عام. لكن هناك خطر أن تتحول قطاعات أكبر من حركة الاحتجاج إلى التسلح رداً على هجمات الأمن أو الشبيحة. طبقاً لبعض التقارير، هناك زيادة منذ أغسطس/آب في الاتجاه نحو المقاومة المسلحة من قبل المعارضة.[9]

وبالإضافة إلى إطلاق النار على المتظاهرين، شنت قوات الأمن حملة اعتقالات موسعة فاعتقلت مئات المتظاهرين تعسفاً في شتى أنحاء سوريا، وفي العادة لم تقر باحتجازهم، ولم توفر معلومات عن أماكنهم، وقامت بتعريضهم للتعذيب والمعاملة السيئة. كما اعتقلت قوات الأمن والمخابرات المحامين والنشطاء والصحفيين الذين صدقوا على صحة التظاهرات أو روجوا لها.

وثقت هيومن رايتس ووتش الاعتقالات التعسفية الموسعة، وشملت القبض على أطفال، في درعا ودمشق وضواحي دمشق وبانياس والقرى المحيطة بها واللاذقية ودير الزور وتلكلخ وحماة وحمص والزبداني وجسر الشغور ومعرة النعمان.[10] ويبدو أن أغلب الاعتقالات تعسفية، إذ لم تُنسب للمعتقلين اتهامات رسمية. أغلب المعتقلين تم الإفراج عنهم بعد أيام أو أسابيع، لكن هناك آخرين لم يظهروا بعد الاعتقال. تعتبر أغلب الحالات اختفاءً قسرياً بما أن أسر المعتقلين لم تُتح لهم معلومات عن مصير أو مكان أقاربهم المعتقلين، لفترات مطولة.[11] فضلاً عن ذلك، فقد شنت قوات الأمن حملة شملت جميع أنحاء البلاد، لاعتقال وترهيب النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، مع احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي، وإجبارهم على توقيع إقرارات بالكف عن التظاهر، وفي بعض الحالات تعرضوا للتعذيب.[12]

وقال سجناء مفرج عنهم – وبعضهم أطفال – إنهم ومعهم المئات الذين رأوهم أثناء الاحتجاز، تعرضوا للتعذيب والمعاملة المهينة. جميع السجناء السابقين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وصفوا أوضاع احتجاز صعبة، في زنازن مزدحمة للغاية، حيث في بعض الأحيان كان السجناء لا يمكنهم النوم إلا بالتناوب، مع نقص في الطعام.[13]

وفي عدة مدن، منها درعا وتلكلخ والرستن وبانياس ودير الزور وحماة وأجزاء من حمص، دخلت قوات الأمن السورية إلى الأحياء في عربات عسكرية، شملت الدبابات والمدرعات (ناقلات الجنود المدرعة) تحت حماية ستار ناري ثقيل. وقامت بنصب نقاط تفتيش ونشر القناصة فوق أسطح البنايات وتقييد تنقلات السكان في الشوارع. وفي بعض الأماكن، مثل درعا، فرضت قوات الأمن حصاراً شاملاً دام عدة أسابيع، فقطعت كافة سبل الاتصال وعرضت السكان لنقص في الطعام والمياه والدواء وغيرها من ضروريات الحياة.[14]

حمص: محافظة منتفضة

محافظة حمص هي الأكبر جغرافياً في سوريا، وتمتد من الحدود مع لبنان في الغرب إلى الحدود مع العراق في الشرق. عاصمتها هي مدينة حمص، ويربو تعدادها على المليون نسمة، هي ثالث أكبر المدن السورية وتقع في وسط غرب سوريا، ويمر بها نهر العاصي. يعكس سكانها تنوع سوريا الديني العام، إذ تتشكل من أغلبية مسلمة سنية، مع تواجد يعتد به للعلويين والأقليات المسيحية. هناك مدن أخرى في المحافظة، منها القصير والرستن وتلكلخ، بالقرب من الحدود مع لبنان.

اندلعت التظاهرات في مدينة حمص بعد بدء انتفاضة سوريا بقليل تضامناً مع التظاهرات المعارضة للحكومة التي بدأت في محافظة درعا الواقعة جنوبي سوريا.[15] وفي 18 مارس/آذار، احتشد المتظاهرون أمام مسجد خالد بن الوليد في حي الخالدية بمدينة حمص، لكن سرعان ما قامت قوات الأمن بتفريقهم.[16] انتشرت التظاهرات إلى مناطق أخرى بالمحافظة، إذ اندلعت في تلكلخ أواخر مارس/آذار، وفي الرستن وتلبيسة في أبريل/نيسان.[17] وحتى كتابة هذه السطور، كانت حركة معارضة الحكومة في حمص ما زالت قوية، إذ تخرج تظاهرات شبه يومية، مما دعى الكثير من السوريين إلى وصف حمص بأنها "عاصمة الثورة".

وفي 17 أبريل/نيسان، قتلت قوات الأمن 14 شخصاً بالرصاص من مدينة حمص، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية على جنازة في تلبيسة، مما أودى بحياة شخصين وإصابة 15 شخصاً على الأقل.[18] (للمزيد عن الهجمات على المتظاهرين، انظر الفصل الثاني أدناه).

وزادت حملة القمع من اشتعال التوترات الطائفية بين المسلمين السنة – والكثيرين منهم يدعمون الحركة الاحتجاجية – والعلويين، الذين ظلوا إلى حد بعيد موالين للحكومة السورية.[19] وقد قال الكثير من السكان السنة من المحافظة لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض العلويين شاركوا في حملة القمع، إذ قاموا على سبيل المثال بالانضمام إلى العصابات الموالية للحكومة المعروفة باسم الشبيحة.[20] ومن جانبهم، قال سكان علويون من حمص لـ هيومن رايتس ووتش إن المتظاهرين المعارضين للحكومة رددوا هتافات طائفية ضدهم أثناء التظاهرات وقتلوا وشوهوا ضباطاً ومواطنين آخرين علويين.[21]

وقد كانت التوترات محسوسة أكثر في الأحياء المتجاورة بمدينة حمص وفي مناطق محيطة بتلكلخ، وهي بلدة ذات أغلبية سنية تحيط بها قرى ذات أغلبية علوية. اندلعت التوترات الطائفية في مدينة حمص في 16 يوليو/تموز بعد أن تم العثور – حسبما أفاد مناصرون للحكومة – على ثلاث جثث منزوعة الأطراف لعلويين في شارع الحضارة. انتقاماً مما حدث، قام سكان علويون بإشعال النار في بعض متاجر السنة في ذلك الشارع.[22] وقال سكان من حمص فروا إلى لبنان ، في شهادات متسقة لـ هيومن رايتس ووتش، إنهم كفوا عن دخول الأحياء أو البلدات التي تسكنها جماعات أخرى خوفاً من الاختطاف والأذى.[23]

لقد أدت حملة قوات الأمن العنيفة وزيادة عدم الثقة بين الطوائف إلى قيام السكان في بعض أحياء مدينة حمص، لا سيما باب السباع، بتنظيم أنفسهم في لجان دفاع محلية هي في العادة مسلحة، وأغلبها معها أسلحة نارية، وفي بعض الحالات صواريخ "آر بي جي".[24] وقال أحد سكان باب السباع لـ هيومن رايتس ووتش: "هذه اللجان المشكلة من شباب الأحياء موجودة لحمايتنا من إطلاق الشبيحة النار علينا بشكل عشوائي، ولضمان عدم قتل قوات الأمن لنا أثناء التظاهر".[25]

بالتوازي مع هذه الجهود، فهناك عدد من الجنود – عددهم الدقيق غير معروف – انشقوا وتجمعوا في حمص، لا سيما في بلدة الرستن، التي ينحدر منها العديد منهم. انضم الكثيرون منهم إلى كتيبة خالد بن الوليد، وهي وحدة من المنشقين مقرها حمص وهي على اسم القائد العسكري التاريخي المعروف الذي لعب دوراً هاماً في الغزوات المبكرة للإسلام بالجزيرة العربية.[26]


II . القتل الممنهج للمتظاهرين والمارة

بسبب القيود على المعلومات المتوفرة من سوريا، فإن من المستحيل معرفة العدد الدقيق للقتلى. هناك معلومات متوفرة من نشطاء ومنظمات من داخل سوريا تشير لأن مئات الأشخاص قُتلوا في محافظة حمص منذ بدء التظاهرات هناك أواسط مارس/آذار. وقعت الكثير من عمليات القتل أثناء الهجمات على تجمعات كبيرة من المتظاهرين وعلى الجنازات الشعبية، مثل مقتل عدد من الاشخاص في ساحة الساعة الجديدة في 19 أبريل/نيسان، ومقتل 16 شخصاً أثناء مسيرة جنازة بالقرب من مسجد خالد بن الوليد في حي الخالدية في 19 يوليو/تموز (التفاصيل أدناه). وهناك عمليات قتل أخرى وقعت أثناء عمليات الاعتقال، وهناك حوادث تورطت فيها قوات الأمن والميليشيات إذ أطلقوا النار على السائرين في الشوارع أثناء مرورهم داخل سيارات.

قامت مجموعة من النشطاء السوريين بإنشاء موقع "مركز توثيق الانتهاكات"، وقد سجل المركز 793 حالة قتل لمدنيين في محافظة حمص حتى 30 سبتمبر/أيلول 2011.[27]ومما يعطي الأرقام مصداقية، وجود تفاصيل للحالات، مثل الأسماء والأماكن والأعمار، وقد تمكنت هيومن رايتس ووتش من التأكد من عدد منها بشكل مستقل. كما وثقت هيومن رايتس ووتش عمليات قتل غير واردة في القائمة، مما يعني أن القائمة غير حصرية.

طبقاً لمركز توثيق الانتهاكات، فإن أعلى عدد للقتلى تم تسجيله في مدينة حمص (149) والرستن (108) وتلكلخ (45) وتلبيسة (25). في مدينة حمص كانت الأحياء التي شهدت عدداً أكبر من عمليات القتل هي الخالدية (36) وباب عمرو (27) وباب السباع (17) والبياضة (14) وباب الدريب (12). هذه المناطق، التي تتشكل من أغلبية سنية، كانت نقاط تجمع للتظاهرات المعارضة للحكومة.

إن استخدام قوات الأمن للقوة أثناء تطبيقها للقانون لابد أن يلتزم بالمعايير الواردة في القانون الدولي. سوريا دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهناك التزامات محددة باحترام الحق في الحياة والحق في الأمن والحق في التجمع السلمي. في أغلب الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، كان استخدام الأمن وقوات إنفاذ القانون للقوة على ما يبدو مفرطاً وفي خرق لالتزامات سوريا الدولية.

مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفينالمكلفين بإنفاذ القوانين ورد فيها أن "لا يحق لمسؤولي إنفاذ القانون استخدام القوة إلا عندما تكون ضرورية وبالدرجة المطلوبة لأداء الواجب".[28]

وفي المبادئ الأساسية للأمم المتحدة الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية، أن على مسؤولي إنفاذ القانون "بقدر الإمكان، استخدام أساليب غير عنيفة قبل اللجوء لاستخدام القوة" ويحق لهم استخدام القوة "فقط إذا تبينت عدم فعالية الأساليب الأخرى".[29] وعندما تكون القوة ضرورية، فعلى مسؤولي إنفاذ القانون "ممارسة ضبط النفس في أثناء استخدام القوة وبالتناسب مع جسامة التجاوز".[30]

المادة 10 من المبادئ الأساسية تطالب مسؤولي إنفاذ القانون بأن "يقدموا تحذيراً واضحاً بنية استخدام الأسلحة النارية".[31] المادة 9 ورد فيها أن "الاستخدام العمدي للأسلحة النارية المميتة لا يُسمح به إلا إن كان لا بديل عنه بالمرة لحماية الأرواح".[32]

وقد تم التوضيح في المبادئ الأساسية أنه لا يمكن التنصل عن أي من الأحكام القانونية الواردة بالمبادئ بناء على "ظروف استثنائية مثل الاضطرابات السياسية الداخلية أو أية حالة طوارئ عامة أخرى". أي أن هذه المبادئ لا يمكن التنصل منها.[33]

الهجمات على تظاهرات وجنازات

وثقت هيومن رايتس ووتش عشرات الحالات لقيام قوات الأمن والميليشيات المدعومة من الحكومة باستخدام العنف في مهاجمة وتفريق تظاهرات سلمية في الأغلب الأعم.

بعض الهجمات التي أسقطت ضحايا أكثر والتي وثقتها هيومن رايتس ووتش هي:

  • مقتل عدد غير معروف أثناء تظاهرة بساحة الساعة في مدينة حمص، 19 أبريل/نيسان.
  • مقتل 27 شخصاً أثناء تظاهرات في مدينة حمص، 22 أبريل/نيسان.
  • مقتل 30 شخصاً أثناء تظاهرات في الرستن، 29 أبريل/نيسان.
  • مقتل 7 أشخاص أثناء تظاهرات في مدينة حمص، 17 يونيو/حزيران.
  • مقتل 5 أشخاص أثناء تظاهرات في مدينة حمص، 21 يونيو/حزيران.
  • مقتل 8 أشخاص أثناء تظاهرات في مدينة حمص وضواحيها، 24 يونيو/حزيران.
  • مقتل 5 أشخاص أثناء تظاهرات في الوعر والخالدية وباب عمرو، بمدينة حمص، 15 يوليو/تموز.
  • مقتل 16 شخصاً أثناء جنازة في مسجد خالد بن الوليد في مدينة حمص، 19 يوليو/تموز.
  • مقتل 3 أشخاص أثناء تظاهرة أمام مسجد عمر بن الخطاب، مدينة حمص، 1 أغسطس/آب.
  • مقتل 3 أشخاص أثناء تظاهرة بالقرب من مسجد خالد بن الوليد، مدينة حمص، 5 أغسطس/آب.
  • مقتل 4 أشخاص أثناء بعثة لتقييم الوضع الإنساني من الأمم المتحدة، مدينة حمص، 21 أغسطس/آب.

وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن لجأت كثيراً لاستخدام القوة المميتة حتى عندما لم يشكلالمتظاهرون أي خطر عليها. وفي عدة حالات، بادرت قوات الأمن في البداية لاستخدام الغاز المسيل للدموع أو أطلقت النار في الهواء لتفريق الحشد، لكن قامت بعد ذلك بفتح الذخيرة الحية مباشرة على المتظاهرين الذين لم يبتعدوا، على حد قول الشهود.

من الأمثلة المتكررة، تم شن هجوم في 1 أغسطس/آب على متظاهرين تجمعوا أمام مسجد عمر بن الخطاب في حي الملعب بمدينة حمص، أثناء تلك التظاهرة قُتل 3 أشخاص.[34] شهد أمجد (ليس اسمه الحقيقي) على الهجوم وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

ظهرت حافلتان فيهما نحو 50 شخصاً من قوات الأمن يرتدون الزي الأخضر، بعد أن خرج الناس من المسجد. مرت الحافلتان، فأصبحت بين قوات الأمن والمتظاهرين. كان معهم [قوات الأمن] عصي كهربية وقاموا على الفور بإطلاق ثلاث قنابل مسيلة للدموع وقنابل صوت، ما إن خرجوا من الحافلتين. أغلب المتظاهرين ركضوا مبتعدين، لكن مكث نحو 200 شخص في مكانهم. في تلك اللحظة هاجمتهم قوات الأمن. استخدموا الذخيرة الحية. راح المتظاهرون يختبئون في الأزقة المتفرعة من الشارع الرئيسي. أصيب رجل برصاصة في فخذه وأصيب آخر في خصيتيه. ونحن نعرف بإصابته لأننا عالجناه ونقلناه إلى المشفى، لكن هناك كثيرين غيرهما.[35]

قال لؤي (ليس اسمه الحقيقي) لـ هيومن رايتس ووتش في شهادة على مقطع فيديو، وكان شقيقه بين الثلاثة القتلى في 1 أغسطس/آب:

فجأة خرجت مدرعات من الشارعالمجاور لمركز تجاري صغير يُعرف باسم سمارت مول. كان معهم أسلحة آلية على السطح. لم يتبق إلا عشرة منّا حاولوا مساعدة المصابين والآخرين على الخروج من بين سحابات الغاز المسيل للدموع. بدأت المدرعات في إطلاق النار علينا ونحن نركض صوب شارع الحمرا أو الغوطة. عندما بلغنا شارع الغوطة، والرصاصات تمر بين أرجلنا، اختبأت مع طبيب في أول بناية وجدنا بابها مفتوحاً. على مسافة مترين أصيب رجل وسقط بين سيارتين. ثم قُتل أخي فيما كان يحاول الانتقال لشارع آخر لمساعدة صديقه الذي أصيب بطلق ناري في ساقه.[36]

الشاهدان قالا لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يكن مع أي من المتظاهرين أسلحة. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من معرفة إن كان المتظاهرون قد قاموا في تلك الواقعة بإلقاء الحجارة على قوات الأمن أم لا.

وفي وقائع أخرى، قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن أطلقت النار مباشرة على المتظاهرين – أو المعزين في الجنازات – دون تحذير مسبق ودون بذل جهد في البداية لتفريق المتظاهرين بأساليب غير عنيفة. محمد (ليس اسمه الحقيقي)، وابن عمه البالغ من العمر 21 عاماً من بين الـ 16 قتيلاً الذين هاجمتهم قوات الأمن والميليشيات الموالية للحكومة عندما تجمعوا في جنازة قرب خالد بن الوليد، في حمص، يوم 19 يوليو/تموز. وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

أثناء قيامنا بدفن القتلى، سمعت فجأة أعيرة نارية. تقدمت منّا أربع شاحنات صغيرة فيها أشخاص يرتدون الزي الرسمي والخوذات والدروع، وراحوا يطلقون النار على الناس من أسلحتهم الآلية والبنادق المُركبة على ظهر العربات.
بدأنا في الجري مبتعدين. قُتلت أم وشقيق أحد القتلى إلى جوار جثمانه. حاول ابن عمي سحب جثمان الأم بعيداً. سقط فجأة، لكن لم أعرف في ذلك التوقيت إنه قد اصيب. ومع ركضي مبتعداً رأيت مدرعة تطلق النار. لا أعرف إن كانوا يطلقون النار في الهواء أم على الحشد.[37]

قال محمد لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم ير أي متظاهرين يهاجمون قوات الأمن. رواية محمد للأحداث ساندتها روايتان لشاهدين آخرين.[38] وهناك مُسعف وصل إلى حي الخالدية بعد الواقعة قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه عالج بعض الرجال الذين أصيبوا في البطن والصدر: "كانت هناك إصابات كثيرة فلم يتسن علاجهم جميعاً".[39] كما راجعت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو للحادث، وتبين ظهور قافلة من الشاحنات الصغيرة وعربات الإسعاف وما يبدو أنها مدرعات، مما يدعم المزاعم بأن قوات الأمن قد تورطت في الحادث.

وفي واقعة مشابهة، هاجمت قوات الأمن متظاهرين دون تحذير في حي الخالدية بمدينة حمص في 5 أغسطس/آب 2011. ماهر (ليس اسمه الحقيقي)، وهو أحد المتظاهرين، روى الواقعة لـ هيومن رايتس ووتش:

سرنا في الشارع بعد صلاة الجمعة، مررنا بنقطة تفتيش تديرها المخابرات الجوية والقوات المسلحة. انتبهوا إلينا. بعد أن مررنا، بدأوا في إطلاق النار على الشارع. بعض الأكبر سناً مكثوا في المسجد، لكن عندما حاولوا الخروج أطلقت القوات النار عليهم، وعلى كل من يتحرك في الشارع. أطلقوا النار على رجل في ساقه. وهناك رجل آخر، أكبر سناً، حاول أن يساعده، فأصيب بعيار ناري في يده.[40]

طبقاً لماهر، فإن المتظاهرين لم يكونوا مسلحين ولم يمثلوا خطراً على قوات الأمن.

وفي مثال آخر، قامت عربتان بلا أرقام وعربات مدرعة من الجيش بفتح النار على تظاهرة سلمية مسائية في حي باب دريب، في 15 أغسطس/آب. قالت لـ هيومن رايتس ووتش امرأة شاركت في التظاهرة ومعها طفل يبلغ من العمر 3 أعوام:

خرجت الأسرة كلها في تظاهرة سلمية في باب دريب، حوالي الساعة 10:30 أو 11:00 ليلة أمس. كان الوضع هادئاً، فبدا أن الأمور على ما يرام. ثم ظهرت سيارتان فجأة وفتحتا النار، واستهدفتا الناس حتى وهم ينبطحون على الأرض لتفادي الرصاص. كانت هناك سيارتان بلون أبيض، كيا سيراتو، ونوافذ كل منهما مظللة، مثل تلك التي تستخدمها المخابرات الجوية. كان الرصاص من مدافع آلية. مال زوجي على ابننا لحمايته، لكن الرصاصة دخلت بطن الصبي. تمكن الأطباء من إزالة الرصاصة، لكنها خلفت الكثير من الضرر.
حاول الناس الاقتراب لمساعدة نحو 20 مصاباً كانوا راقدين على الأرض، لكن ظهرت دبابة [غالباً تشير إلى آلية مدرعة] من الجانب الآخر للشارع، وحصرتنا بينها والسيارتين. فتحت الدبابة النار، رصاصات كبيرة، من النوع الذي يهدم الجدران. أطلقت النار على الجدران والبيوت، بما أن الجميع اختبأوا داخل البيوت.
بعد ثلاث ساعات، ظهرت دبابات وسيارات أخرى وبدأت مرة أخرى في إطلاق النار عشوائياً. إجمالاً قُتل أربعة أشخاص، ببنادق آلية من السيارتين. لا أعرف أسمائهم، لكن هناك سيدة كانت حبلى، وطفلة تبلغ من العمر نحو عاماً ونصف، وآخر يبلغ من العمر 30 عاماً، والأخير يبلغ من العمر 25 عاماً.[41]

هناك شاهد آخر قابلته هيومن رايتس ووتش على انفراد قدم وصفاً شبيهاً لذلك الهجوم.[42] لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على أسماء القتلى في هجوم 15 أغسطس/آب.

كما فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين الذين تجمعوا بالقرب من ساحة الساعة في 21 أغسطس/آب للفت انتباه بعثة تقييم الأوضاع الإنسانية الخاصة بالأمم المتحدة. قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن قتلت 4 متظاهرين.[43] راجعت هيومن رايتس ووتش مقطعي فيديو تم تصويرهما من منطقة الساحة في ذلك اليوم، ويظهر فيهما المتظاهرون المصابون بالرصاص.[44] ليس من الواضح في مقاطع الفيديو من أطلق النار على المتظاهرين، لكن في أحد المقطعين، تبدو قوات الأمن واقفة على مسافة قريبة. لم يكن مع أي من المتظاهرين في مقطع الفيديو أية أسلحة. وفي أحد المقطعين، ظهر أن بعض المتظاهرين يلقون الحجارة على قوات الأمن، لكن لا توجد أدلة على أنهم يمثلون أي تهديد مميت أو داهم لقوات الأمن.

فيما بعد وصف أحد الصحفيين كيف أن أحد قيادات المعارضة، وكان حاضراً، قال له إن مجموعة من المنشقين من الجيش السوري تدخلوا للدفاع عن المتظاهرين وردوا على نيران قوات الأمن، فأسقطوا اثنين من القتلى من صفوف قوى الأمن.[45] لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من جانبها من التحقق من الهجوم المسلح من قبل المتظاهرين في تلك الواقعة.

وفي حالات أخرى، استمرت قوات الأمن في إطلاق النار على المتظاهرين فيما كانوا يركضون مبتعدين، مما يشير لأن القوة المميتة وبكل وضوح لم تكن ضرورية، إذ لم يمثل المتظاهرون تهديداً للقوات أثناء فرارهم. أبو وسيم (ليس اسمه الحقيقي) – وكان يصور تظاهرة في حي الخالدية في 15 يوليو/تموز – قال لـ هيومن رايتس ووتش:

فجأة راحوا يطلقون النار في الهواء ثم صوبوا الرصاص علينا. سقط أمامي ستة متظاهرين. بدأنا في الجري. وفجأة رأينا سيارتين لونهما أحمر، من سيارات الشرطة، كلاهما كيا ريو ستيشن، وحافلة بيضاء صغيرة ممتلئة بقوات الأمن. أوقفتنا السيارات وخرج ضباط الأمن من السيارات وبدأوا في إطلاق النار دون تحذير. أصيب تسعة أشخاص. وأربعة منهم كانوا في حالة حرجة، فنقلناهم إلى مشافي ميدانية. أخذ الأمن ثلاثة آخرين، ولا أعرف ما حدث للاثنين الآخرين.[46]

أمد نشطاء سوريون هيومن رايتس ووتش بأسماء خمسة متظاهرين قُتلوا في ذلك اليوم في حمص.[47]

وبناء على شهادات الشهود التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش فيما يخص عدة هجمات، فإن الجناة يشملون واحد أو أكثر من أجهزة الأمن السورية العديدة (المخابرات)، وميليشيات مسلحة موالية للحكومة يُشار إليها كثيراً بمصطلح "الشبيحة" وقوات من الجيش والشرطة أحياناً. طبقاً لشهادات الشهود، فإن من ارتكبوا أغلب أعمال العنف هم قوات المخابرات أو ميليشيات الشبيحة. وفي حالة واحدة على الأقل، في تلكلخ في 14 مايو/أيار، قال شاهد إن المخابرات قتلت ضابط جيش بعد أن رفض إطلاق النار على المتظاهرين.[48]

استخدام المتظاهرين للقوة

تكرر زعم السلطات السورية بأن العنف في حمص مرجعه عصابات إرهابية مسلحة، بتحريض وتمويل من الخارج. ونشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أسماء 53 شخصاً من قوات الأمن (الشرطة والمخابرات والجيش) ماتوا في حمص بين 18 مايو/أيار و5 سبتمبر/أيلول. طبقاً لـ سانا، فإنهم قُتلوا على يد "عصابات مسلحة" أو "إرهابيين".[49]

وفي جميع الحالات تقريباً التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، أصر الشهود على أن القتلى والمصابين كانوا غير مسلحين ولم يفرضوا أي تهديد على الأمن. وهناك شهادات من عدة أفراد من قوات الأمن المنشقين تدعم صحة هذا الزعم.[50] على سبيل المثال، قال ضابط مخابرات منشق لـ هيومن رايتش ووتش إن مسؤول مخابرات رفيع المستوى أمر الجنود بإطلاق النار على المتظاهرين في اعتصام بساحة الساعة في حمص، في 19 أبريل/نيسان، رغم أن المتظاهرين كانوا غير مسلحين. نفذ الجنود الأمر، على حد قوله. قال لـ هيومن رايتس ووتش:

جلس المتظاهرون في الساحة. قيل لنا أن نفرقهم باستخدام العنف إذا لزم الأمر. كنا هناك مع فرع أمن القوات الجوية والجيش والشبيحة. حوالي الثالثة والنصف صباحاً وصلنا أمر من العقيد عبد الحميد إبراهيم من أمن القوات الجوية بإطلاق النار على المتظاهرين. رحنا نطلق النار نحو نصف ساعة. كان هناك العشرات والعشرات من القتلى والمصابين. بعد 30 دقيقة، وصلت آليات لحفارةوعربات إطفاء. رفع الحفارون الجثامين ووضعوها على ظهر شاحنة. لا أعرف إلى أين أخذوهم. تم نقل المصابين إلى المشفى العسكري في حمص. وبدأت عربات الإطفاء في تنظيف الساحة.[51]

أكد اثنان من الشهود رواية ضابط المخابرات للأحداث.[52] قال أحد الشهود لـ هيومن رايتس ووتش، وكان في الساحة:

حوالي منتصف الليل، اقترب شيخ من المنصة تحت برج الساعة وأعلن أنه تلقى مكالمة من ضابط في قصر الرئاسة يهدد بأن على جميع المتظاهرين التفرق وإلا فهم يتحملون النتيجة. دعى الشيخ المتظاهرين للمغادرة. غادر الكثيرون، لكن مكثت مجموعة من حوالي 3000 شخص. حوالي الساعة 2:15 صباحاً، سمعنا فجأة إطلاق نار كثيف. في البداية بدا كأن قوات الأمن تطلق النار في الهواء. بدأ الناس في الركض. بدأت أركض، وسمعت الناس يصرخون بأن هناك من أصيب. حاولت قلة منّا نقله لكن الآخرون صاحوا وقتها أنه مات. لمدة 20 دقيقة لم نسمع إلا إطلاق النار بلا توقف. احتميت ببناية في شارع دبلان حتى الصباح. في السابعة والنصف صباحاً غادرت البناية ورأيت بقع الدم على الأرض. كانت هناك طواقم لتنظيف الشارع، وكأن شيئاً لم يحدث.[53]

وإلى الآن فإن عدد القتلى الدقيق لليلة 19 أبريل/نيسان ما زال مجهولاً. طبقاً للشهود، فإن العديد من المتظاهرين في الساحة عند إطلاق قوات الأمن النار، كانوا من قرى قريبة من حمص، مما صعب على النشطاء جمع أسماء القتلى. نشر موقع توثيق الانتهاكات أسماء 7 قتلى على الأقل من حمص في 19 أبريل/نيسان.[54] وأظهر نشطاء لـ هيومن رايتس ووتش تغطية فيديو لخمسة أشخاص مصابين إصابات جسيمة، أثناء علاجهم في مشفى البر. بعد الحادث أفاد نشطاء من حمص بأن 150 شخصاً من الاعتصام قد أصبحوا في عداد المفقودين. وفيما تبين أن الكثيرين من هؤلاء قد اعتقلوا، أفاد نشطاء محليون بأن أماكن 30 شخصاً على الأقل ما زالت مجهولة حتى نهاية يوليو/تموز. وطبقاً لرسالة بريد إلكتروني بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول لـ هيومن رايتس ووتش، من متحدث باسم لجان التنسيق المحلية – وهو تحالف من النشطاء المعارضين للحكومة ينظمون التظاهرات ويحشدون لها – فهناك 35 جثماناً تم العثور عليها في مكب نفايات بالقرب من مقبرة النصر، وذلك في اليوم التالي للهجوم، وتم تنظيم 45 جنازة خلال الأيام التالية.[55] لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التثبت بشكل مستقل من هذه المعلومات.

وفيما يظهر أن المتظاهرين كانوا غير مسلحين في أغلب الحالات، فقد تدخل منشقون مسلحون في بعض الحالات بعد أن تعرض المتظاهرون لإطلاق النار من قوات الأمن. أحد النشطاء المحليين أوضح لـ هيومن رايتس ووتش أنه منذ يونيو/حزيران زادت الانشقاقات في الجيش، وأن الكثير من الأحياء فيها من 15 إلى 20 منشقاً تدخلوا أحياناً عندما سمعوا إطلاق نار. روى الناشط واقعة شهد عليها بمدينة حمص في 8 يوليو/تموز:

كانت تظاهرة ضخمة جداً. آلاف المتظاهرين يسيرون من ثلاث مساجد، تجمعوا في نهاية المطاف عند دوار قريب من شارع البرازيل. في البداية استخدم الأمن الغاز، ثم أطلقوا رصاصات فارغة، قبل أن يبدأوا في استخدام الذخيرة الحية. اصيب نحو 7 متظاهرين. وفي تلك اللحظة ظهر عدة منشقين على متن دراجات نارية وقتلوا 14 إلى 15 شخصاً من قوات الأمن باستخدام الكلاشينكوف وبنادق الخراطيش. وعندما عادت قوات الأمن مصحوبة بتعزيزات، كانت التظاهرة قد انفضت.[56]

إلا أن الناشط زعم أنه لم يكن هنالك منشقين مسلحين أثناء الأسابيع الأولى من التظاهرات، أو في جنازة 29 يوليو/تموز، عندما حضر، وخلالها قُتل 16 شخصاً.[57]

وقال أحد سكان باب دريب لـ هيومن رايتس ووتش إن نحو 20 رجلاً مسلحاً، بعضهم جنود منشقين، ومعهم سكان محليين، بدأوا في حماية الحي بعد أن شنت قوات الأمن هجمة موسعة على حمص في مطلع أغسطس/آب:

إنهم [المنشقون والسكان] لا يبادرون عادة بأي هجوم ولا يحملون أسلحتهم بشكل مكشوف. لكن إذا تعرض المتظاهرون لإطلاق النار، يحاول هؤلاء الرجال إطلاق النار على قوات الأمن. الكثير منهم كانوا في باب دريب، لأن بإمكانهم الاختباء في البساتين القريبة.[58]

يستحق عنف المتظاهرين والمنشقين المزيد من التحقيق، وأي شخص مسؤول عن نشاط إجرامي لابد أن يتحمل المسؤولية ويخضع للملاحقة القضائية المشروعة على الجرائم المرتكبة. إلا أن هذه الحوادث لا تبرر بأي حال من الأحوال الاستخدام غير المتناسب والممنهج للقوة المميتة ضد المتظاهرين، والتي تتعدى بوضوح أي رد فعل قابل للتبرير على أي تهديد تفرضه حشود غير مسلحة في الأغلب الأعم.

أعمال القتل أثناء عمليات التمشيط الأمني والاعتقالات الجماعية

قامت قوات الأمن منذ مايو/أيار بشن عمليات موسعة في عدة بلدات بمحافظة حمص، بعضها أسفرت عن سقوط الكثير من القتلى والجرحى.

في الأغلب الأعم، استخدمت قوات الأمن الأسلحة الآلية الثقيلة، بما في ذلك البنادق المضادة للطائرات المركبة على ظهر المدرعات، في إطلاق النار على الأحياء لتخويف الناس قبل الدخول بالمدرعات والعربات العسكرية الأخرى. قاموا بطقع الاتصالات وإنشاء نقاط تفتيش تقيد التنقلات إلى داخل وخارج الأحياء وتقيد حركة توصيل الطعام والدواء. شملت هذه العمليات أيضاً حملات اعتقال موسعة (انظر الفصل الخاص بالاحتجاز التعسفي أدناه).

حدث القتل نتيجة لاستخدام البنادق الآلية الثقيلة من العربات العسكرية، والتي اخترقت في بعض الأحيان البيوت وأصابت الأفراد عشوائياً، وكذلك إطلاق النار من رجال الأمن الذين يشغلون نقاط التفتيش، أو القناصة عندما حاول السكان الخروج أو الدخول من أو إلى الأحياء، أو أثناء حملات الاعتقال.

يسمح القانون الدولي لمسؤولي إنفاذ القانون باستخدام القوة المميتة فقط بالدرجة الضرورية من أجل منع الضرر عن أنفسهم أو آخرين. الاستخدام العشوائي للبنادق الآلية الثقيلة في الأحياء الحضرية المأهولة بالسكان في غياب المقاومة المسلحة المستمرة، هو خرق لتلك المعايير ويعرض حق السكان في الحياة للخطر، وكذلك يضر بسلامتهم الجسدية وبأمنهم.

تلكلخ: 14 إلى 19 مايو/أيار

في 14 مايو/أيار شنت قوات الأمن عملية موسعة على تلكلخ، وهي بلدة يسكنها نحو 80 ألف شخص قريبة من الحدود مع لبنان عند الطرف الغربي من محافظة حمص. طبقاً لمسؤولين محليين منتخبين في بلدات حدودية لبنانية، فإن 3500 شخص من تلكلخ التمسوا اللجوء في لبنان حتى 20 مايو/أيار.[59] قابلت هيومن رايتس ووتش 18 شخصاً من هؤلاء السكان في مايو/أيار ويونيو/حزيران. طبقاً لمن أجريت معهم مقابلات، فقد تم تنظيم مظاهرة سلمية كبيرة في تلكلخ في اليوم السابق.[60]قالت لـ هيومن رايتس ووتش سيدة تبلغ من العمر 35 عاماً، هي أم عمر (ليس اسمها الحقيقي)، وقد رصدت التظاهرة من بيتها، على مسافة 200 متر من مسجد عمر بن الخطاب:

بعد صلاة الجمعة، خرج الناس من المسجد وساروا في مسيرة بالبلدة تعبيراً عن تضامنهم مع سكان بانياس ودعمهمللحرية. لم أشارك لأن أسرتي تلقت مكالمة هاتفية من الأمن قبل أسبوعين لتحذيرنا من التظاهر وإلا أذوا أقاربنا المعتقلين في فرع أمن القوات الجوية. لم أر أي أسلحة مع أي متظاهر.[61]

أفادت أم عمر بأن بعد بدء التظاهرة بقليل، مرت سيارة شرطة بالبلدة تحذر السكان في مكبرات صوت من أن هناك "قناصة إرهابيين" في البلدة. بعد ذلك بقليل، ظهر القناصة على أسطح المنازل في شتى أنحاء البلدة وفتحوا النار على المتظاهرين، على حد قولها، وتفرق المتظاهرون.[62]

في الرابعة صباحاً تقريباً من يوم 14 مايو/أيار، حاصرت الدبابات والمدرعات تلكلخ، على حد قول أربعة شهود من البلدة لـ هيومن رايتس ووتش.[63] حوالي السادسة والربع صباحاً بدأ السكان يسمعون صوت الرصاص والقصف. أفادت أسرة من حي البرج بأن المياه والكهرباء انقطعت حوالي الثامنة صباحاً.[64]

دفع إطلاق النار الكثيف المئات من السكان لمحاولة الهرب إلى لبنان. ستة ممن وصلوا إلى لبنان تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش، وتكلموا عن التعرض لإطلاق النار أثناء الفرار. أحد الأفراد ممن عبروا إلى لبنان سيراً على الأقدام مع جاره أفاد بالتعرض لرصاص القناصة وطلقات البنادق الآلية من رجال يرتدون الزي المموه، مما أودى بحياة الجار.[65]

وهناك رجل آخر فر في وسط نهار 14 مايو/أيار بسيارة التاكسي مع السائق وخمس نساء، قال إن السيارة تعرضت لإطلاق النار من اتجاه مشتى محلة، وهي قرية علوية تقع في منتصف الطريق بين تلكلخ والحدود اللبنانية. أفاد بأنه رأى نحو عشرة رجال يحملون بنادق آلية على تلال قريبة من البلدة. أصيبت سيدة تبلغ من العمر 25 عاماً وكانت في السيارة برصاصة في ساقها.[66]

وأفاد شاهد من لبنان رؤية مجموعة من الاسر وهم يحاولون الركض عبر الجسر عند معبر العريضة الحدودي الرئيسي، لكن تلقوا طلقات من التلال المحيطة. قال: "نزل الرصاص كالمطر". عندما بدأ إطلاق النار انبطح الجنود اللبنانيون في البداية على الأرض، لكن سرعان ما ساعدوا الأسر على عبور الحدود. قال الشاهد إنه رأى الرصاص يصيب عربات عسكرية لبنانية. قال إنه نقل امرأة كانت تنزف بغزارة إلى مشفى في لبنان.[67]

في ذلك المساء، نظمت مجموعة من سكان تلكلخ نقل المدنيين بشاحنة إلى لبنان، على حد قول سيدتين أقلتهما الشاحنة، لـ هيومن رايتس ووتش. أفادت السيدتان بأن الشاحنة كانت تحت حراسة فريق من الشبان المسلحين بالبنادق على متن دراجات نارية، في رحلة الشاحنة الأولى، التي مرت دون عواقب. عادت الشاحنة إلى تلكلخ لاصطحاب المزيد من النساء والأطفال، لكن تعرضت لإطلاق نار كثيف في المرة الثانية، على حد قولهم، عندما كانت الشاحنة تحت حماية عدد أقل من المرة الأولى.[68]

وقالت لـ هيومن رايتس ووتش سيدة كانت على متن الشاحنة في رحلتها الثانية، عندما تعرضت لإطلاق النار:

عندما وصلت الشاحنة، كان هناك الكثير من الناس مكومين على بعضهم. تعرضت الشاحنة لإطلاق النار في منتصف الطريق، وهي رحلة تستغرق 15 دقيقة، فيما كانت تمر بقرية مشتى المحلة، فأصيبت إطارات الشاحنة مما أجبرنا على إتمام باقي الرحلة على الأطر المعدنية للإطارات. ما إن بلغنا الحدود، حتى قام رجال يرتدون زياً أسود عليه شرائط حمراء بفتح النار علينا. رأيت رجلين، معز حلوم ومحمد حلوم، قُتلا فيما كانا يساعدان الناس على عبور النهر الذي يفصل سوريا عن لبنان.[69]

أفاد السكان الذين مكثوا في تلكلخ بالتعرض لإطلاق نار كثيف طوال يوم 15 مايو/أيار وصباح 16 مايو/أيار. جميع الشهود الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش كانوا مختبئين داخل بيوتهم ولم تكن لديهم تفاصيل عن الخسائر البشرية. هناك أسرة من حي البرج استفادت من حالة فوضى 16 مايو/أيار فنجحت في الهروب. قالت الأم لـ هيومن رايتس ووتش:

في الرابعة صباح الاثنين [16 مايو/أيار]، حدث قتال وغادرنا سيراً على الأقدام ومعنا أطفالنا. رأينا الدبابات في شتى أنحاء المدينة. وكانت هناك بعض الجثث في الشوارع لكن لا أعرف العدد، بما أن السماء كانت ما زالت معتمة. مع الشروق، كنا قد بلغنا قرية أخرى قريبة من الحدود، حيث استرحنا لوهلة وشربنا الماء. سمعنا الرصاص مرة أخرى وتقدمنا مسافة الـ 3 كيلومترات التي تفصلنا عن النهر الواقع على الحدود بين سوريا ولبنان. كنا 13 شخصاً في المجموعة عندما حاولنا العبور. كان الجيش السوري في التلال، على مسافة 100 إلى 500 متر من النهر. فتحوا النار علينا وراحوا يرددون الأوامر بأن نعود. ركضنا بسرعة فلمنتمكن من رؤية من نجح في العبور ومن لم ينجح.[70]

وهناك رجل غادر تلكلخ في ساعة مبكرة من 17 مايو/أيار، قال إنه أحصى أكثر من 74 دبابة ومدرعة في شتى أنحاء البلدة.[71]

وقال عدة سكان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا مختبئين ولم يعرفوا إن كانت قوات الأمن قد واجهت أي مقاومة مسلحة. قال أحد السكان لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى 8 دبابات ومدرعات معطلة فيما كان يغادر البلدة. فيما بعد سمع من بعض السكان إن رجالاً من تلكلخ أطلقوا النار على الدبابات والمدرعات، من بنادق آلية وصواريخ آر بي جي.[72]

وفي 17 و18 مايو/أيار نفذت قوات الأمن عمليات تفتيش للبيوت في تلكلخ، واحتجزوا عدداً كبيراً من الرجال والصبية، بغض النظر عن العمر. هناك رجل يبلغ من العمر 66 عاماً مكث في تلكلخ، قال لـ هيومن رايتس ووتش ما حدث عند اعتقاله في 17 مايو/أيار:

هربت أسرتي في ساعات الصباح الأولى من يوم 17 أيار. لكن قررت البقاء في البيت. في سني لم أرغب في السير وسط التلال والأنهار. في التاسعة والنصف صباحاً، داهم البيت نحو 20 رجلاً من الجيش وقوات الأمن، وأخذوني وأنا في ثياب النوم إلى المشفى، حيث أحالوني إلى مركز احتجاز. رأيت ثلاثة أطفال معتقلين معنا. كانت أعمارهم تتراوح حول 13 عاماً تقريباً. وضعونا في زنازين مزدحمة وراحوا يضربوننا عدة مرات يومياً. حماني سني إلى حد ما، لكن تعرضت للضرب على وجهي وظهري وصُعقت بالكهرباء مرتين، بعصا كهربية. تم الإفراج عني بعد سبعة أيام.[73]

قُتل 34 شخصاً على الأقل أثناء عمليات الأمن في تلكلخ بين 15 و18 مايو/أيار، طبقاً لمركز توثيق الانتهاكات.[74]

الرستن، 29 مايو/أيار – 3 يونيو/حزيران

في 29 مايو/أيار، دخلت قوات الأمن إلى الرستن، وهي مدينة يُقدر عدد سكانها بخمسين ألفاً، تقع على مسافة 20 كيلومتراً شمالي حمص، فقطعت عنها المياه والاتصالات والكهرباء. جاءت العملية إثر تظاهرة في 27 مايو/أيار، هي الأكبر في الرستن حتى ذلك التاريخ. كما دخلت قوات الأمن بلدات مجاورة هي تلبيسة وتير معلة ودير بعلبة، لتشكيل حزام حول شمالي حمص. [75]

وبحسب مقابلات هاتفية مع خمسة من سكان الرستن، وكذلك عشر شهادات لشهود على مقاطع فيديو وفرها نشطاء وسكان لـ هيومن رايتس ووتش، فقد قامت قوات الأمن بقصف المساجد ومقبرة ومخبز البلدة الرئيسي وبعض البيوت وفتحت النار على الناس في الشوارع أثناء عملية أمنية استغرقت خمسة أيام.[76] قُتل 75 شخصاً على الأقل أثناء العملية، بحسب مركز توثيق الانتهاكات.[77]

العديد من القتلى أصيبوا قبل الوفاة بعدة رصاصات. من الأمثلة على ذلك، عبد الله عبد الرزاق البالغ من العمر 14 عاماً، من بلدة باغا المجاورة. طبقاً لأحد أقاربه، وكان قد أمد هيومن رايتس ووتش بشهادة على مقطع فيديو، فإن عبد الله غادر القرية في 29 مايو/أيار ليمد الرستن بالطعام، لكنه لم يعد. بعد يومين، قال مسؤول أمني للأسرة أن تحضر لأخذ الجثة من المشفى الوطني في حمص. قال القريب في شهادة الفيديو:

ذهبنا لنأخذ الجثة من المشفى، وهناك أمرونا بأن تكون الجنازة عادية دون احتجاجات. عندما نقلنا جثمانه إلى البيت، رأينا فيه 5 رصاصات. واحدة في الرأس، وأخرى في الجانب الأيسر من الصدر واثنتان في البطن وواحدة في الساق.[78]

راجعت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو لجثمان عبد الله، يطابق وصف قريبه.

هناك شاهد آخر، قُتل ابنه أثناء العملية، وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

راح الجيش يطلق النار بشكل عشوائي. خرج ابني من البيت [الاثنين الموافق 29] متجهاً إلى المنطقة الصناعية ولم يعد. في الوقت نفسه، اشتد إطلاق النار. بدأنا نبحث عنه. كل يوم أو اثنين تصلنا أخبار من ناس يقولون إما أنه مصاب أو أطلق عليه النار أو في حيازة أحد الفروع الأمنية. بحثنا في المشافي لكن لم نعثر عليه. في 28 يونيو/حزيران، تلقينا مكالمة بأنه يوجد جثمان من الرستن لم يتم التعرف عليه، في مشرحة المشفى الوطني. اتضح أنه جثمانه. أخذنا الجثة إلى الرستن. أثناء التغسيل تحضيراً للدفن رأينا جرحين من أثر رصاصة، يبدو أنها دخلت من أذنه وخرجت من رأسه. وكان هناك جرح آخر واضح لرصاصة في بطنه، وكذلك في يده وفي كتفه.[79]

هناك مقطع فيديو للجثة راجعته هيومن رايتس ووتش، يُظهر وجود مدخل رصاصة في بطن الضحية وفي أذنه ووجود كدمات على وجهه.

قال محامٍ من الرستن لـ هيومن رايتس ووتش إن أثناء اليوم الأول للعملية العسكرية في 29 مايو/أيار، قتلت قوات الأمن نحو 20 متظاهراً وأصابت 40 آخرين. أحد هؤلاء القتلى هو ابن أحد أخوته،ويبلغ من العمر 25 عاماً، ويُدعى محمد أمين عبد الحسيب الأشتر.[80]

بحسب التقارير الإعلامية، فقد وثق نشطاء محليون مقتل خمسة اشخاص آخرين في الرستن في 31 مايو/أيار، نفس اليوم الذي شهد إصدار الرئيس الأسد عفواً عاماً يشمل أعضاء "جميع الحركات السياسية".[81] واحدة من الضحايا هي مروة حسن شكدو، تبلغ من العمر 4 سنوات.[82]

في اليوم التالي – 1 يونيو/حزيران – نقلت وكالة أنباء سانا السورية الرسمية عن مصدر عسكري أن الجيش وقوات الأمن صادرت أسلحة وذخائر في الرستن وقتلت وأصابت "عدداً من الإرهابيين المسلحين". [83] قُتل ثلاثة جنود في العملية وأصيب سبعة آخرين، بحسب وكالة أنباء سانا. في رسالة إلكترونية إلى الإعلام في 31 مايو/أيار، أعلن نشطاء من لجان التنسيق المحلية عدم صحة روايات الحكومة لعنف ونهب المتظاهرين، وزعموا أن قوات الأمن أشعلت النار في مركز للشرطة لكي يُتلفوا ملفاتهم.[84]

استمر القصف حتى 2 يونيو/حزيران. قال محام من سكان الرستن، وقد أصيب في 2 يونيو/حزيران، في شهادة مسجلة على مقطع فيديو صورها ناشط محلي:

في 2 يونيو/حزيران، كانت الرستن ما زالت محاصرة من قبل قوات الأمن. كنت أعبر الطريق الرئيسية قرب بيتي المجاور لجسر الرستن، عندما أصبت على يد قوات الأمن المتمركزة إلى جوار مشفى الرستن الوطني. بعد ذلك راحت قوات الجيش تنادي عليّ كي أقترب منها. نزلت على ركبتيّ ورفعت يدي وأنا مغطى بالدم، لأظهر لهم أنني مصاب وغير قادر على المشي. أصروا على أن أتقدم منهم وإلا أطلقوا النار عليّ مرة أخرى. استجمعت قواي ونهضت وبدأت أسير في بطء على امتداد الجسر.
ما إن اقتربت منهم حتى أمسكوني كالحيوان عندما ينقض على الفريسة، وأجبرون يعلى النوم على الأرض وقد أحاطوا بي وبدأوا في تصويري وفي سبّي، وتفتيشي بحثاً عن سلاح. فيما بعد اكتشفت أنهم استولوا على هاتفي الخلوي ونحو 7000 ليرة سورية [حوالي 140 دولاراً]، ولم يتركوا غير بطاقة هويتي. عندما اكتشفت قوات الجيش أنني محامي بدأوا في وصفي بـ "قائد المملكة الإسلامية" واتهموني بالتخطيط لهجمات إرهابية في سوريا. ثم وصلت سيارة إسعاف ونقلتني مع قوات الجيش إلى المشفى الوطني في حماة.[85]

استمرت رصاصات القناصة المتمركزين فوق الأسطح حتى 3 يونيو/حزيران، فقتلت ستة أشخاص آخرين، طبقاً لإحصاءات مركز توثيق الانتهاكات. وقال نشطاء محليون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم واثقون من أن القناصة من قوات الأمن.[86] أفاد نشطاء من لجان التنسيق المحلية في رسالة إلكترونية بتاريخ 3 يونيو/حزيران بأن قوات الأمن والجيش أطلقت الأسلحة الآلية في الرستن أثناء مداهمة البيوت لاعتقال الأفراد. كما أفادوا بتعرض بيت فاطمة أم أكرم علوان للقصف.[87]

حمص

في مدينة حمص، أجرت قوات الأمن عملياتها بشكل منتظم، فاستهدفت الأحياء المختلفة. تباينت العمليات في مداها وحدتها، وأدت العديد منها إلى سقوط مصابين وقتلى.

في الفترة بين 21 و26 يوليو/تموز على سبيل المثال، حاصرت قوات الأمن عدة أحياء، منها باب السباع والخالدية والبياضة. تم تقييد التنقلات وحاول السكان من الأحياء المجاورة تنظيم توصيل الطعام والدواء للمناطق المحاصرة. قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن المصابين كانوا يخشون العلاج في المشافي العامة وأن الحصار صعّب أكثر من إيصال المصابين للمشافي التي تُرى على أنها آمنة. تم إسعاف الكثير من المصابين في البيوت.

قال أبو آدم (ليس اسمه الحقيقي) لـ هيومن رايتس ووتش:

حاصرت قوات الأمن باب السباع تماماً [في 21 يوليو/تموز]. السيارات التي حاولت المرور كانت تتعرض لرصاص كثيف من عربات عسكرية، وتم إطلاق النار على المارة في الشارع وسائقي الدراجات من قبل القناصة. عندما حاولنا جلب الطعام والدواء إلى المنطقة صباح 21 يوليو/تموز، فتحت قوات الأمن النار. قتلوا شخصاً وأصابوا شخصاً واعتقلوا آخر.[88]

وفي مناسبة واحدة على الأقل في الأيام التالية، قامت قوات الأمن ورجال في ثياب مدنية بالسير بالسيارات وسط الأحياء وفتحوا النار على السكان الذين تصادف خروجهم إلى الشوارع. أبو أحمد (ليس اسمه الحقيقي)، من سكان حي البياضة، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى شخصاً يُقتل و20 آخرين يُصابون أثناء مرور سيارات للأمن راحت تطلق النار على المارة، في 25 يوليو/تموز. طبقاً لأبو أحمد، الذي كان جالساً أمام بيته في شارع الزير، قام رجال في ثياب مدنية ودروع جسدية، كانوا في شاحنة وتاكسي بفتح النار على الناس في الشارع، حوالي السابعة صباحاً، مما أودى بحياة خالد العوايشي، وهو من جيرانه. قال أبو أحمد لـ هيومن رايتس ووتش إنه راقب الشاحنة وهي تمر إلى قاعدة المخابرات الجوية، على مسافة 600 متر تقريباً. بعد ذلك بقليل، وصلت ثلاث مدرعات عسكرية، وفتحت بدورها النار. طبقاً لأبو أحمد، فإن أغلب الإصابات كانت بسبب رصاصات انطلقت من عربات عسكرية.[89]

وفي مثال آخر، قال نشطاء محليون لـ هيومن رايتس ووتش إن 12 شخصاً قُتلوا في عملية بدأت في 10 أغسطس/آب.[90] وقال أحد سكان حمص لـ هيومن رايتس ووتش:

بدأ الهجوم بالأمس [10 أغسطس/آب] حوالي الرابعة صباحاً، واستمر حتى اليوم [11 أغسطس/آب]. أصوات الضرب مروعة. وقع انفجار وانطلقت نيران عيار بي إم جيه [إشارة إلى رصاصات كبيرة لبنادق آلية] من باب عمرو والإنشاءات إلى جوار المخبز. هذه النيران لها صوت مميزة للغاية. ثم انطقعت لمدة حوالي وقت الإفطار [6 مساءً] ثم بدأت ثانية، لكن ليس بنفس الكثافة.
حاولت الوصول إلى تلك المناطق بالسيارة، لكن الشرطة منعتني في شارع البرازيل، على مقربة من باب عمرو. ثم بعد صلاح التراويح كنت في الملعب ولا توجد شرطة هناك، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لمنطقة الملعب. في الحال الطبيعية، تطلق الشرطة النار كل يوم في الهواء، بما أن هذه منطقة شعبية وهامة. حوالي الساعة 11 مساءً، عندما عدت إلى بيتي في الخالدية، اشتد إطلاق النار من جديد ولم يخف حتى السادسة صباح اليوم، أحياناً بكثافة شديدة وأحياناً بأسلحة صغيرة. هذا الصباح كنت في شارع دبلان وسمعت أصوات من باب عمرو. كانت قوات الشرطة وبعض الجنود يحاصرون الحي. ولم يكن هناك اتصالات في الداخل، لا هواتف ولا خلوي ولا إنترنت.
راحت قوات الأمن تفتش بحثاً عن مطلوبين مكتوبة أسمائهم في قائمة. نحن نعيش في حرب. لم أنم بالمرة ليلة أمس. أصوات إطلاق النار والقصف تنبعث من كل مكان، من الأمس وحتى اليوم.[91]

III . الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري

كما هو الحال بالنسبة لأغلب مناطق سوريا الأخرى، فإن قوات الأمن في محافظة حمص عرضت الناس للاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب الممنهج  خلال فترة الاحتجاز.

وصف شهود من مدينة حمص وتلكلخ والرستن لـ هيومن رايتس ووتش عمليات موسعة لجأت خلالها قوات الأمن لاحتجاز العشرات من الناس في كل مداهمة، واستهدفت النشطاء وأقاربهم بالاعتقال، وتم القبض على أشخاص من نقاط التفتيش وعلى يد دوريات الشوارع.

من المستحيل معرفة العدد الدقيق، لكن المعلومات التي جمعتها هيومن رايتس ووتش تُظهر أن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 1500 شخص من تلكلخ وحدها. قال نشطاء قابلتهم هيومن رايتس ووتش إن الآلاف قد اعتقلوا من أبريل/نيسان إلى أغسطس/آب في مدينة حمص. وبينما تم الإفراج عن الأغلبية بعد أيام أو أسابيع، فحتى كتابة هذه السطور، ما زال المئات مفقودين، فيما يبدو بعد أن تعرضوا للاختفاء القسري، ومصيرهم ومكانهم غير معروف لعائلاتهم.[92]

أفاد جميع المحتجزين السابقين من محافظة حمص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش بأنهم رأوا المئات غيرهم رهن الاحتجاز، وقالوا إن مراكز الاحتجاز مزدحمة بشكل غير محتمل ويقوم الحراس بحشد العشرات من المحتجزين في زنازين مخصصة لعدد أقل بكثير، ويتم وضع المحتجزين في الردهات أمام الزنازين. على سبيل المثال، قال أحد الشهود لـ هيومن رايتس ووتش إن في مركز احتجاز أمن الدولة في حمص، كان يوجد في زنزانته الصغيرة 8 محتجزين، وهناك 14 زنزانة أخرى صغيرة، كل منها تستضيف نفس عدد الأشخاص تقريباً، وهناك زنزانة كبيرة فيها عدد أكبر بكثير. فضلاً عن ذلك، وعلى حد قوله، كان بإمكانه رؤية السجناء في الردهة بين الزنازين.[93]

أغلب المحتجزين من الشبان في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، لكن قوات الأمن احتجزت أيضاً الأطفال والرجال المسنين. أفاد عدة شهود بتعرض آبائهم أو أجدادهم للاحتجاز – في الستينيات والسبعينيات من العمر. وثقت هيومن رايتس ووتش احتجاز وضرب صبيين يبلغان من العمر 13 عاماً في تلكلخ، كما أفاد محتجزون آخرون مفرج عنهم برؤية صبية في سن المراهقة داخل الحجز.

وصف شهود من مدينة حمص وبلدات مجاورة لـ هيومن رايتس ووتش مداهمات أمنية أجراها الأمن في أحيائهم السكنية إثر الاحتجاجات. قالوا إن مجموعات مشتركة من المخابرات والشبيحة كانت تتنقل داخل الأحياء فتقبض على الناس من الشوارع وتقتحم البيوت. وفي بعض الأحيان، كان معهم قوائم بأشخاص مطلوبين، وفي عدة مناسبات، عندما لم يكن المطلوب القبض عليهم في بيوتهم، كانوا يحتجزون أقاربهم. وفي مرات أخرى، راحوا يعتقلون الناس عشوائياً من الشوارع ومن البيوت.

قال شهود من تلكلخ لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن قامت بدخول البلدةبعد التظاهرات الكبيرة هناك يومي 14 و15 مايو/أيار، واعتقلت المئات من مختلف أحياء البلدة. أغلب الشهود من تلكلخ إما تعرضوا للاعتقال أو لهم أقارب أو جيران تم القبض عليهم.

أحد الشهود، علي (ليس اسمه الحقيقي)، قال إنه اختبأ لعدة أيام بعد تظاهرات تلكلخ في 14 و15 مايو/أيار، وكان يتنقل من بيت إلى بيت:

كنت أختبئ في مصرف مياه، ورأيت قوات الأمن تعتقل الناس من كل بيت في الشارع. المعتقلون أكثر من أن أقدر على عدّهم. راح رجال الأمن يلقون بهم على الأرض ويسيرون فوقهم. أحياناً، كانوا يرددون شعارات في مديح بشار الأسد قبل ربطهم بالأصفاد البلاستيكية والابتعاد بهم.[94]

هناك شاهد آخر، محمود (ليس اسمه الحقيقي)، قال إنه فر من البيت عندما جاءت قوات الأمن إلى حيّه في 15 مايو/أيار، لكنهم أخذوا والده البالغ من العمر 51 عاماً:

كنت مختبئاً في بيت على الجانب الآخر من الشارع، ورأيتهم يقتحمون بيتنا ويسحبون والدي. ألقوا به على الأرض وبدأوا في ضربه وطالبوه بأن يثني على بشار الأسد. اضطر لهذا. كانوا نحو 10 إلى 15 رجلاً، بعضهم في ثياب عسكرية، وبعضهم يضعون شارات القوات الخاصة، وبعضهم في زي رسمي أسود وحذاء رياضي أبيض، أعتقد أنهم من المخابرات. قاموا بتعصيب عينيه وأخذوه في سيارة تاكسي. ولم تصلنا معلومات عنه أو عن مكانه لمدة 24 ساعة، ثم عثر عليه عمي في السجن المركزي في حمص، وتمكن من إخراجه بكفالة. عندما تم الإفراج عنه، وجدنا أن أسنانه الأمامية قد كُسرت وانتفخ وجهه وعيناه.[95]

وقال شاهد لـ هيومن رايتس ووتش في 24 يونيو/حزيران إنه رأى رجال أمن في ثياب مدنية يخرجون من تاكسي بلوحة أرقام 747191 لاحتجاز شاب يسير أمام مدرسة عبد الحميد الزهراوي الثانوية في حي الإنشاءات في حمص. انضم إليهم سبعة رجال شرطة على متن دراجات نارية فضربوا الرجل ثم وضعوه في حافلة تخص الأمن، على حد قول الشاهد.[96]

وصف ثلاثة شهود لـ هيومن رايتس ووتش أحداث حي الملعب في 8 يوليو/تموز، عندما قام نحو 200 رجل أمن بتفريق حشد من 1000 متظاهر واحتجزوا 10 متظاهرين. قال الشهود الثلاثة إن خمسة متظاهرين حاولوا الهرب واختبأوا في بيت قريب، لكن رآهم رجال الأمن، وركضوا خلفهم، وكسروا باب البيت، وقبضوا على المتظاهرين الخمسة، بالإضافة إلى البواب، ولم يكن له أي دور.[97]

أبو أحمد (ليس اسمه الحقيقي) من سكان الخالدية، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن نحو مائة رجل من شارعه تعرضوا للاحتجاز في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأن أماكن الكثيرين منهم ما زالت مجهولة. وصف أبو أحمدهجمة للأمن شهد عليها في الحي، بتاريخ 26 يوليو/تموز:

بالأمس، حوالي الرابعة عصراً، دخلت أكثر من 12 شاحنة وحافلتين للجيش إلى شارع الشراكس في الخالدية. قبضوا على كل شخص وقعت عليه عيونهم في الشارع، أمام متجري مباشرة. مكثوا هناك عدة ساعات. مع مغادرتهم كانوا قد قبضوا على أكثر من 40 شخصاً. لا أعرف إطلاقاً إلى أين أخذوهم.[98]

وفي حمص والبلدات المجاورة، قامت قوات الأمن أيضاً باعتقالات لنشطاء مطلوبين، وأشخاص يُشتبه في قيامهم بجمع ونشر معلومات عن التظاهرات، وأطباء وممرضين ساعدوا المتظاهرين المصابين.

في 12 مايو/أيار 2011 تم احتجاز محمد نجاتي طيارة، ناشط حقوقي من حمص تحدث إلى الإعلام الدولي عن حملة القمع الحكومية، بعد أن تم القبض عليه من أحد شوارع حمص، على حد قول صديق له لـ هيومن رايتس ووتش. بحسب محامي طيارة، فقد تم وضعه في مخزن داخل قبو في سجن حمص المركزي، ومعه آخرين تم القبض عليهم أثناء التظاهرات. تمكن طيارة من مقابلة أسرته ومحاميه مرة أسبوعياً لمدة 15 و30 دقيقة، على التوالي. قال محاميه إن هناك محكمة في دمشق تنظر في احتمال نسب اتهامات إليه بـ "نشر أنباء كاذبة أو مبالغ فيها بقصد إضعاف الشعور القومي في وقت الحرب أو عند توقع نشوبها" أو "نشر أكاذيب تضر بسمعة الأمة".[99]

وفي مدينة حمص، اعتقل الأمن طبيبين، هما إياد رفاعي، جراح عظام، وجلال حسون النجار، طبيب أعصاب، في 7 و9 يوليو/تموز على التوالي. اتهمت السلطات الرجلين بتوفير المساعدة الطبية للمتظاهرين المصابين والمعلومات للمراسلين الدوليين بشأن حملة القمع، على حد قول أصدقاء له لـ هيومن رايتس ووتش. انتقل رفاعي إلى قاعدة فرع أمن القوات الجوية بعد أن وصله أمر بالهاتف بالحضور، على حد قول صديق له. قام عملاء من فرع الأمن العسكري باعتقال النجار من عيادته في حمص، وفي اليوم التالي ذهبوا إلى بيته وأخذوا حاسبه اللابتوب وهاتف خلوي.[100]

وقال نشطاء لـ هيومن رايتس ووتش إن في 13 يوليو/تموز تقدم مسؤولون من المدينة ومن اتحاد الأطباء بطلب لفرع الأمن العسكري بالإفراج عن النجار، وقالوا إن علاج المصابين ليس جريمة. طبقاً لأحد النشطاء، ردت السلطات الأمنية على مسؤول المدينة بأن النجار لم يُقبض عليه بسبب أنشطته الطبية، بل بناء على مزاعم بأنشطة سياسية. تم الإفراج عن الرجلين في 19 أغسطس/آب.[101]

بالإضافة إلى المداهمات والاعتقالات لأفراد مستهدفين أثناء وبعد الاحتجاجات، قامت قوات الأمن أيضاً بالقبض على الأفراد من نقاط التفتيش وأثناء السير في دوريات بالشوارع. في إحدى الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، في 18 مايو/أيار 2011، تم احتجاز طفلين يبلغان من العمر 13 عاماً في تلكلخ، وهما في طريقهما إلى المدرسة. قال أحدهما لـ هيومن رايتس ووتش:

كنا نمر على مقربة من ساحة أبو عرب، وكانت هناك نقطة تفتيش كبيرة في المنطقة، وفيها عدة دبابات ودشم خرسانية. أوقفنا الجيش وسألونا إلى أين نذهب. قلنا إلى المدرسة، لكن عندما سمعوا أنها مدرسة دينية، غضبوا كثيراً وبدأوا في الصياح ووصفنا بـ "خنازير يريدون الحرية". حاولنا أن نوضح أن لا علاقة لنا بالاحتجاجات لكنهم ضربونا، ثم عصبوا أعيننا ووضعونا في سيارة. أخذونا إلى حجرة ما، فيها رائحة كريهة للغاية، أمضينا فيها الساعتين التاليتين. ومن الحين للآخر يحضر من يضربنا باللكمات والهراوات الخشبية. ثم أفرجوا عنّا، أنزلونا على جانب أحد الشوارع، وقالوا إن أي شخص مار قد يأخذنا معه ويُعيدنا إلى البلدة.[102]

التعذيب رهن الاحتجاز

نمط التعذيب الممنهج والمنتشر رهن الاحتجاز الذي وثقته هيومن رايتس ووتش في درعا ومناطق أخرى من سوريا، تكرر في محافظة حمص أيضاً. وتقريباً فإن جميع السجناء المفرج عنهم الـ 25 الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش أفادوا بتعرضهم لمختلف أصناف التعذيب أثناء احتجازهم، وشهدوا على الإساءة لمحتجزين آخرين كانوا معهم.

طبقاً لمحتجزين سابقين، فإن أغلب المحتجزين في مدينة حمص والبلدات القريبة منها وُضعوا في قاعدة المخابرات العسكرية في حمص، وفي سجن بالونى العسكري– يُستخدم كثيراً كمنشأة لتحويل المحتجزين إلى المدن الأخرى أو هيئات المخابرات الأخرى، وفروع الأمن السياسي وأمن الدولة وأمن القوات الجوية.

وقد أدلى المحتجزون بشهادات متسقة فيما بينها، عن أوضاع الاحتجاز شديدة التدهور، ويشمل ذلك ازدحام الزنازين البالغ وعدم وجود منافذ تهوية ونقص الطعام والمياه وصعوبة استخدام دورة المياه.

أبو آدم، أحد الشهود، كان محتجزاً في مطلع يوليو/تموز مع 11 متظاهراً آخرين من حي الخالدية في حمص، ووصف لـ هيومن رايتس ووتش أوضاع منشأة احتجاز أمن الدولة في حمص:

الأوضاع مروعة. الزنزانة 1.7  متراً في مترين. وفيها ثمانية محتجزين. هناك نافذة صغيرة عالية في الجدار، لكنها لا توفر أي ضوء أو هواء. نتناوب في النوم على أكتاف بعضنا. ولا يوجد مكان كافي للرقاد. كنت أتصبب عرقاً من الرأس إلى أخمص القدمين. كنا نأخذ رغيفي خبز يومياً نتشارك فيهما ومعهما زجاجة مياه. ونذهب مرتين يومياً إلى دورة المياه لمدة 10 ثواني.[103]

عمر (ليس اسمه الحقيقي) سجين سابق آخر، تم احتجازه للمرة الأولى في سجن بلوني في حمص، ثم في قاعدة المخابرات العسكرية في حمص مع والده وخمسة أشقاء. قال لـ هيومن رايتس ووتش:

في اليوم الثالث والعشرين من أيام الاحتجاز، نقلونا إلى قاعدة المخابرات العسكرية، حيث تم حشر كل 50 منّا في حجرة صغيرة. كان بإمكاننا الوقوف لا أكثر، وكنا متلاصقين لدرجة يصعب معها التنفس. مكثنا هكذا 10 ساعات. كاد أبي البالغ من العمر 73 عاماً أن يموت – أخرجوه بعد 40 دقيقة.[104]

هناك محتجز سابق آخر احتجزه الأمن العسكري في مركز احتجازه في حمص، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن وضعته مع محتجزين اثنين آخرين في زنزانة صغيرة مساحتها 0.9 متراً في مترين، وأنهم تناوبوا على النوم. قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان هناك 20 زنزانة مماثلة لزنزانته، في كل منها 3 أشخاص.[105]

قام المحققون والحراس بشكل متكرر بتعريض المحتجزين للضرب بالهراوات والكابلات أثناء الاعتقال والنقل وأثناء الاستجواب. كما أفاد الشهود بالتعرض لأشكال أخرى من التعذيب، منها حرق أجزاء مختلفة من الجسد بقضبان معدنية ساخنة، واستخدام الصدمات الكهربية، وإحداث ثقوب في الجسد، واستخدام الأوضاع المجهدة بأنواعها لساعات أو لأيام، واستخدام أدوات تعذيب مرتجلة، مثل إطارات السيارات (الدولاب) في تثبيت أجساد المحتجزين وتيسير ضربهم على مناطق حساسة مثل أخمص القدمين والرأس والظهر. وأمد الشهود هيومن رايتس ووتش بمواد بصرية وسمعية تُظهر آثار أشكال التعذيب هذه على أجساد المحتجزين المفرج عنهم، وكذلك على أجساد محتجحزين ماتوا رهن الاحتجاز (انظر أدناه).

وليد (ليس اسمه الحقيقي) وهو أحد الشهود، وصف التعذيب الذي تعرض له هو ومحتجزين آخرين في قاعدة المخابرات العسكرية بمدينة حمص:

نقلوني إلى مكان أحسست أنه حجرة كبيرة فيها الكثير من الناس. كنت معصوب العينين لكن سمعت الناس حولي يصرخون ويتوسلون في طلب المياه. كنت أسمع صوت صواعق كهرباء وأوامر من المحققين بتعليق الناس من أيديهم. ما إن وصلوا إليّ حتى بدأوا في الاستهزاء بي، وقالوا: "مرحباً يا زعيم الثورة" وسألوني عما يحدث في تلكلخ. قلت لا أعرف، ثم بدأ التعذيب.
ضربوني بالكابلات ثم علقوني من يديّ إلى ماسورة تحت السقف، فكانت قدمي تلامسان الأرض بصعوبة. ظللت معلقاً هكذا ست ساعات، رغم أنه من الصعب معرفة الوقت. ضربوني، وسكبوا عليّ المياه، ثم استخدموا صواعق الكهرباء.
وفي الليل، وضعوني في زنزانة، مساحتها حوالي 3 في 3 أمتار، ومعي نحو 25 محتجزاً آخرين. احتشدنا جميعاً داخلها. في الصباح التالي نقلوني لاستجواب آخر. هذه المرة قاموا بطي جسدي، وضعوا ساقي ورأسي في إطار، وقلبوني على ظهري، وبدأوا في جلدي على قدمي.[106]

باسل (ليس اسمه الحقيقي) شاهد آخر قدم رواية مشابهة بالتعرض للتعذيب، في مركز احتجاز المخابرات العسكرية في حمص:

عندما لم أجب على جميع أسئلتهم أثناء الاستجواب، نقلوني إلى حجرة التعذيب. كنت معصوب العينين، لكن أذكر أنني مشيت خمس خطوات. استخدموا الأصفاد في ربط يدي إلى ماسورة تحت السقف، وتركوني معلقاً هكذا، وقدميّ تكاد تلامس الأرض. تركوني لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات. فعلوا هذا على مدار 8 أيام. كانوا يعذبون في أي وقت من 5 إلى 6 محتجزين. لم أتمكن من رؤيتهم لكن كنت أسمع صراخهم. أحياناً كانوا يضربونني وأنا معلق. أصبت بألم بالغ في معصمي وذراعي وكتفي، لدرجة أنني حاولت مرة أن أكسر ذراعي حتى يُنزلوني.[107]

قال باسل إن بعد ثلاثة أيام من التعذيب، لم يعد قادراً على ثني ساقيه وأصيبت قدماه بانتفاخ مقلق. أرسلت قوات الأمن في طلب طبيب ليعطيه مضاد التهاب. قال باسل إنه قابل محتجزين اثنين تم خلع أظافر كل منهما وآخرين تعرضوا للصعق بالعصي الكهربية.

عمر (ليس اسمه الحقيقي) شاهد آخر قال لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض المحتجزين تعرضوا لمعاملة قاسية بشكل استثنائي:

بعد أربعة أيام من نقلنا إلى قاعدة المخابرات العسكرية في حمص، أخذ الحراس أحد المحتجزين، هو عبد الحليم [تم تغيير اسمه] للاستجواب. عندما عادوا به إلى الزنزانة بعد ساعتين، كان نصف ميتاً. إذا لمست أي مكان في جسده يصرخ من الألم. كانت على جسده علامات سوداء وحمراء من صعقات الكهرباء، على يديه وساقيه وظهره. نزعوا أظافر يديه. كما استخدم المحققون عليه المثقاب الكهربائي، فرأيت حفراً من المثقاب على يديه وفخذيه وركبتيه وقدميه. راح ينزف بغزارة. طلبنا من الحراس توفير مساعدة طبية له لكنهم رفضوا.
تم نقلي إلى مركز احتجاز آخر بعد ذلك بقليل، ولا أعرف إن كان قد نجا من الموت.[108]

لم يعف المحققون المحتجزين المصابين أثناء الاعتقال – وهم فئة المحتجزين الأكثر عرضة للضرر– من المعاملة السيئة.  وسام (ليس اسمه الحقيقي)، محتجز سابق تعرض لإصابة بسكين في ظهره أثناء القبض عليه. قال إنه ومحتجزين آخرين تعرضوا لمختلف صنوف التعذيب في المشفى العسكري في حمص:

بعد أن قام الممرضون بعمل غرز جراحية دون أي مخدر، أخذني الحراس إلى مركز احتجاز في المشفى، ورموني على الأرض، وبدأوا في ضربي. قلت لهم إنني مصاب وبكيت، وطلبت منهم أن يكفوا عن الضرب، لكنهم لم يتوقفوا. ثم وضعوني في سرير، ونزعوا عصابة العين، فرأيت خمسة محتجزين آخرين، جميعهم مصابون برصاصات، على الأسرة المحيطة بي.
بعد ساعتين دخل أحد الحراس، وضربني مرة أخرى. ثم رأيته يسخن قضيباً معدنياً على سخان غاز. أحسست بالرعب من أن يستخدم ذلك الشيء عليّ، لكنه تقدم من رجل آخر، وكان عارياً ومقيد اليدين. وضع الحارس القضيب المعدني الساخن على خصيتيه. صرخ الرجل وقال إنه بريء. قام الحارس بضربه بنفس القضيب، ثم عاد لتسخينه مرة أخرى، هذه المرة حرق قدميه.[109]

المحتجزون الذين تم القبض عليهم في تلكلخ قالوا إن قبل توصيلهم إلى مركز الاحتجاز، عرجت بهم قوات الأمن على قرية علوية قريبة، حيث شجعوا السكان على ضرب وإهانة المحتجزين. قال وائل لـ هيومن رايتس ووتش:

كنت في حافلة مع 50 محتجزاً آخرين تقريباً. تقدمت بنا قوات الأمن إلى قرية علوية غير بعيدة عن تلكلخ. كان الناس في القرية مستعدين، كانوا نحو 150 شخصاً، في انتظارنا. قال لهم الشبيحة، الذين كانوا يحرسوننا في الحافلة: "تعالوا اضربوا هؤلاء الخونة، وإذا مات أي خنزير تخلصوا منه". فبدأ سكان القرية في ضربنا بأيديهم وأرجلهم وبالمجارف وهم يقولون: "تريدون الحرية.. خذوا حرية!".[110]

وهناك محتجز آخر من تلكلخ، يُدعى عمر، وصف تجربة مماثلة لـ هيومن رايتس ووتش، إذ قال إنه عندما نقله الحراس إلى قرية علوية، حاول السكان في البداية قلب الحافلة وبداخلها المحتجزين، ثم عندما فتح الحراس الباب الخلفي، بدأوا في رمي الحجارة على الحافلة والبصق على المحتجزين وسبهم.[111]

يبدو أن إجراء الإفراج عن المحتجزين تعسفي بقدر تعسف عملية الاحتجاز. جميع السجناء المفرج عنهم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش قالوا إنه في عدة مناسبات أثناء احتجازهم وهم معصوبي الأعين وضع المحققون أصابعهم على بعض الأوراق لأخذ بصماتهم. كان المحتجزين معصوبي الأعين وقتها ولم يتمكنوا من معرفة ماهية الأوراق. أغلب المحتجزين السابقين قالوا إنهم لم يمثلوا أمام قاضٍ مطلقاً. ذكر بعضهم أنه تم إخلاء سبيلهم بعد أن دفع أقارب لهم رشاوى لرؤساء مركز الاحتجاز. وقال آخرون إن بعد أسابيع من الاحتجاز تم نقلهم إلى محكمة، لكن بدلاً من أن يمثلوا أمام القاضي، سُمح لهم ببساطة أن يخرجوا.

هناك شهود قابلتهم هيومن رايتس ووتش أفادوا بوقوع اعتقالات كثيرة في حمص على يد قوات الأمن. مثل مناطق سوريا الأخرى، أغلب المعتقلين تم القبض عليهم أثناء التظاهرات أو من بيوتهم وقضوا عدة اسابيع رهن احتجاز المخابرات. هناك محامٍ تعامل في عدة قضايا احتجاز قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم ير أي محتجز تم الإفراج عنه إلا وعلى جسده علامات تعذيب.[112]

قال أبو آدم لـ هيومن رايتس ووتش إن في مطلع يوليو/تموز شارك في احتجاجات قرب مسجد العمري، وفتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين. ركض مبتعداً لكن تم القبض عليه، ومعه 11 متظاهراً آخرين. قال إنه نُقل إلى مركز لأمن الدولة قريب من مكان المظاهرة:

نقلني ثلاثة من عناصر الأمن إلى حجرة وبدأوا في ضربي. ضربوني بأيديهم والهراوات والكابلات. استمر الضرب ثلاث أو أربع ساعات. لا أعرف تحديداً. فقدت الإحساس. لم يكن هناك جزء واحد في جسدي خالٍ من الضرب. دخل محقق وبدأ في سؤالي من أين أنا وما الذي يردده المتظاهرون، وما نوع الأسلحة التي معنا ومن أين نأتي بها.. حتى رغم أنه لم يكن معنا أي أسلحة. كنت محظوظاً لأنني لم تكن معي أي صور أو مقاطع فيديو للتظاهرة على هاتفي. من كان معهم هذه الأشياء تعرضوا لقدر أكبر بكثير من الضرب. خشيت على حياتي فبدأت في مجاراتهم في كل شيء يقولونه. كنت لأعترف بأنني أمتلك دبابة إذا سألوني.[113]

طبقاً لأبي آدم، كان هناك 14 زنزانة صغيرة مجاورة لزنزانته، في كل منها نحو 8 محتجزين، وهناك زنزانة واحدة كبيرة، فيها عدد أكبر بكثير.[114]

قال أبو آدم إنه تم الإفراج عنه بعد ستة أيام من الاحتجاز لأن أسرته دفعت رشوة 3000 دولار لرئيس مركز الاحتجاز.[115]


 

IV . الموت رهن الاحتجاز

أحد أسوأ تداعيات حملة القمع المشددة على المتظاهرين في سوريا هي تزايد عدد الوفيات رهن الاحتجاز، من حالات تم الإبلاغ عنها من مختلف أنحاء سوريا، بما في ذلك محافظة حمص.

يظهر من البيانات التي جمعها نشطاء محليون ومنظمة العفو الدولية أن هناك أكثر من 40 شخصاً كانوا محتجزين في محافظة حمص فارقوا الحياة أثناء احتجازهم.[116]

من جانبها جمعت هيومن رايتس ووتش معلومات عن 17 حالة وفاة رهن الاحتجاز في محافظة حمص، منذ مارس/آذار 2011.

في جميع الحالات تقريباً، قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يكن لديهم معلومات عن مصير أو مكان أقاربهم بعد أن احتجزتهم قوات الأمن من تظاهرات أو نقاط تفتيش، حتى يوم تلقوا مكالمة، هي عادة من المشفى العام المحلي، يُطلب منهم فيها الحضور لأخذ جثمان القريب. في حالات أخرى، تم العثور على الجثث ملقاة في الشارع ثم تم تعرضها على الأهالي للتعرف اليها.

في 12 حالة على الأقل راجعت فيها هيومن رايتس ووتش صوراً أو مقاطع فيديو للجثث، كانت عليها علامات تشير بوضوح للتعرض للتعذيب، ويشمل ذلك الكدمات والجروح القطعية والحروق.

سوريا مُلزمة بالتحقيق في ومحاسبة المسؤولينعن جميع الوفيات رهن الاحتجاز. هذا الالتزام ينبع من واجب حماية الحق في الحياة، وتوفير التعويض والإنصاف الفعالين على الانتهاكات لدى وقوعها. مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بالوقاية الفعالة والتحقيق في عمليات الإعدام خارج إطار القانون والقتل المتعسف أو بإجراءات موجزة، ورد فيها أن "لابد من إجراء تحقيق مستفيض وفوري ومحايد في جميع حالات الاشتباه في الإعدام خارج إطار القانون أو الإعدام التعسفي أو بإجراءات موجزة" ويشمل ذلك جميع حالات الموت رهن الاحتجاز.[117]

إلا أن السلطات لم تمد الأهالي بأي معلومات عن الملابسات المحيطة بمقتل أقاربهم، وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش، لم تفتح أي تحقيقات، مما يجعل من المستحيل معرفة السبب الدقيق للوفاة.[118] وفي بعض الحالات، اضطر أهالي المحتجزين القتلى لتوقيع وثائق تزعم أن "عصابات مسلحة" قتلت أقاربهم مع التنازل عن عقد جنازات عامة كشرط للحصول على الجثة.

حالات الوفاة رهن الاحتجاز التي وثقتها هيومن رايتس ووتش تتركز في مدينة حمص وتلكلخ، وتشمل أفراد احتجزتهم المخابرات العسكرية وفرع أمن القوات الجوية وأمن الدولة.

قال أحد سكان باب السباع في حمص لـ هيومن رايتس ووتش إنه حضر جنازة طارق زياد عبد القادر، 23 عاماً، وكان قد أعيد جثمانه إلى أسرته في 16 يونيو/حزيران بعد أن مات على ما يبدو رهن الاحتجاز. قال:

أصيب [طارق] برصاصة في الساق وتم احتجازه مع صديق له من عائلة عبارة. ثم مات رهن الاحتجاز. كان الاثنان يبلغان من العمر 23 عاماً. بعد يوم تقريباً تم أخذه، بدأ أبواه في السؤال عنه في المشافي، دون رد. اتصل المشفى الوطني بأبويه في 16 حزيران لإخبارهما بأن يحضرا لأخذ جثمانه. عندما سألا من سلّم الجثمان للمشفى، قال موظفو المشفى إنهم لا يعرفون.
فيما بعد تبينوا أنه مات إثر احتجازه لمدة 10 أيام تقريباً. تبينوا هذا من طول لحيته – وكان قد ذهب إلى الحلاق، وهو ابن عمه، يوم الجمعة 6 أيار، ليحلق لحيته قبل أن يذهب للمسجد. عندما تم تسليم جسده، كانت لحيته قد نمت بشكل يوحي بأنه قد مرت 10 أيام بعد حلاقتها.[119]

في نهاية مايو/أيار وبداية يونيو/حزيران، أعيدت جثامين ثمانية أشخاص كانوا قد احتجزوا أثناء العمليات الأمنية في تلكلخ في 17 مايو/أيار، إلى أهلهم.[120] وثقت هيومن رايتس ووتش تفاصيل الحالات الثماني، بما في ذلك ظروف احتجازهم. قال شاهد لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى الأشخاص الثمانية رهن احتجاز الحكومة.[121] كما تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات عن وفاة أحمد حمشو رهن الاحتجاز. هذه الحالات موثقة تفصيلاً في تقرير العفو الدولية الصادر في يوليو/تموز 2011 بعنوان "قمع في سوريا: رعب في تلكلخ".[122]

في 17 يونيو/حزيران احتجز الأمن العسكري عبيدة عياد أكرم، يبلغ من العمر 23 عاماً ومن سكان حي البياضة في حمص، فيما كان في تظاهرة بحي الخالدية، بحسب أقارب له ونشطاء محليين.[123] قال أحد المتظاهرين لأسرته إن أكرم لم يتمكن من الهرب من قوات الأمن لأنه أصيب بعبوة غاز مسيل للدموع.[124] لم تحصل أسرته على معلومات عن مكانه حتى تلقوا مكالمة في 27 يونيو/حزيران من المشفى الوطني في حمص يطلبون منهم الحضور لأخذ جثمانه. هناك مقطع فيديو للجثمان راجعته هيومن رايتس ووتش، يظهر فيه وجود نقطة دخول رصاصة تحت أذنه، وكدمات شديدة على وجهه.[125]

فادي (ليس اسمه الحقيقي) من بلدة قصير، على مقربة من حمص، أخبر هيومن رايتس ووتش بوفاة صديق للأسرة، هو أحمد المصري البالغ من العمر 35 عاماً. قال إن المصري كان معاق ذهنياً وفي أواخر مايو/أيار أو مطلع يونيو/حزيران قبضت عليه قوات الأمن فيما كان يسير في الشوارع، يردد بشكل عشوائي الشعارات المناهضة للحكومة التي سمعها في التظاهرات. قال فادي:

بعد احتجازه بأسبوع، أعيد جثمانه إلى أبويه. رأيت الجثمان وهم يجلبونه. كان مغطى بالكدمات والعلامات الحمراء والزرقاء المعروف أنها بسبب الصدمات الكهربية، أغلبها على ظهره. كانت ضلوعه مكسورة، وبعض الضلوع تبرز من جسده.
قال والده إنه استدعي إلى المنشأة المركزية للمخابرات العسكرية في حمص واضطر أن يوقع بياناً يقول فيه إن أحمد قُتل على يد "متطرفين". قال إن قوات الأمن هددته بأنه إن لم يوقع فسوف يحتفظون بالجثة، وأيضاً "يلاحقون بناته". من ثم لم يكن أمامه إلا أن يوقّع.[126]

أمد فادي هيومن رايتس ووتش بمقطع فيديو لجثمان المصري، تبدو عليه آثار تدعم روايته لهذه الواقعة.

وفي 1 أغسطس/آب قام عناصر من أمن الدولة باحتجاز خالد مراد، 35 عاماً وجمال الفتوة، 29 عاماً، وهما في سيارة بالقرب من دوار الغوطة في حمص، بحسب أقوال أقارب لهما ونشطاء محليون يعرفون الواقعة.[127] كان الاثنان ناشطين في جهود حشد المتظاهرين ويبدو أنهما تم القبض عليهما ومعهما مكبرات صوت وكاميرات في السيارة. هناك شخص كان محتجزاً مع مراد أخبر قريب له بأن مراد تعرض لقصور في التنفس أثناء احتجازه بعد أن تم ضربه ضرباً مبرحاً، وأنه في زنزانة في السجن مساحتها 3 في 8 أمتار وفيها 70 سجيناً.[128] في 9 أغسطس/آب تمت إعادة جثة مراد إلى أسرته. أما جثمان جمال الفتوة، فقد أعيد لأسرته في 12 أغسطس/آب. هناك شاهد رأى جثمان الفتوة قبل دفنه ووصف وجود إصابات رضية كثيرة على مختلف أجزاء الجسد.[129] يظهر في مقطع فيديو للجثة آثار تتفق مع تعرضه للضرب على الظهر والذراعين والساقين وكذلك إصابات على قدميه.[130] سبب الوفاة المحدد في الحالتين غير معروف، إذ لم يتم إجراء تشريح لفحص الجثث.

كما تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات عن وفاة أشخاص رهن الاحتجاز في حمص، هم: محمد ممتاز حلو، 28 عاماً، وحسام السيد علي، ومرهف السيد، لكن لم تتمكن من مقابلة أقارب لهم أو شهود مباشرين على الوفاة.

هناك سكان من حمص قابلتهم هيومن رايتس ووتش كشفوا عن مزاعم بإلقاء جثث مشوهة لأشخاص كانوا رهن الاحتجاز في حدائق عامة ومناطق أخرى في المدينة. أحد الشهود، من سكان حي البياضة في حمص، وصف حالة من هذا النوع لـ هيومن رايتس ووتش:

سمعت أكثر من مرة عن الجثث التي يُعثر عليها في المدينة، لكن حتى اليوم [27 يوليو/تموز] لم أر واحدة بنفسي. هذا الصباح عثرنا على جثة جارنا، علي ّ البالغ من العمر 35 عاماً، في حديقة غير بعيدة عن بيته.
تعرض للاحتجاز في تظاهرة كبرى في شارع مساكن المعلمين، قبل شهرين ونصف تقريباً. راحت أسرته تبحث عنه في كل مكان، لكن كل أجهزة الأمن راحت تنقله من فرع للآخر، فلم يتمكنوا من معرفة أي معلومات عن مكانه. لم تكن في الجثة أي آثار لرصاصات، يبدو أنه ضُرب ضرباً أفضى لموته. لم يتم إجراء تشريح عليه، لكن يبدو أنه مات قبل التخلص من جثمانه في الحي مباشرة. هناك كدمات وجروح قطعية على مختلف أجزاء جسده.[131]

V . رد الفعل الدولي

مقارنة بالخسائر الفادحة في الأرواح بسبب حملة القمع السورية، كان رد الفعل الدوليعلى هذه الأزمة الحقوقية بطيئاً للغاية وغير مناسب على الإطلاق، رغم التحركات القوية من قبل بعض الدول والاتحاد الأوروبي. قامت حكومات أستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء وتركيا والولايات المتحدة بإصدار إدانات للعنف ضد المدنيين، وأبدت الاستعداد لإقران هذه الكلمات بالأفعال الهادفة إلى الضغط على حكومة الأسد كي تغير مسار سياستها.

والأجدر بالذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض حظراً على واردات النفط الخام السوري والمنتجات النفطية ومنع الاستثمار في صناعة النفط بسوريا في سبتمبر/أيلول.[132] نحو 95 في المائة من صادرات سوريا النفطية (وتبلغ نحو 150 ألف برميل يومياً) تذهب إلى أوروبا، بالأساس إلى إيطاليا وهولندا وفرنسا وألمانيا. في وقت لاحق من الشهر نفسه، حظر الاتحاد الأوروبي استثمارات معينة في صناعة النفط السورية وفرض حظراً جديداً على البنكنوت والعملة المعدنية السورية.[133] وفيما لم تبدأ بعض أحكام هذه العقوبات إلا مؤخراً، فهناك تقارير عن أن الإجراءات المتخذة كان لها أثر على القطاع المالي العام في سوريا.[134] وكذلك فرضت كندا وسويسرا والولايات المتحدة حظراً على واردات النفط السوري. فضلاً عن ذلك، قام الاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا والولايات المتحدة بفرض عقوبات على أفراد، مثل تجميد الأصول وحظر السفر على قوائم معينة بالمسؤولين والكيانات داخل أروقة الحكومة السورية والمقربة منها، بما في ذلك في بعض الحالات، البنك التجاري السوري.

وهناك عدة دول عربية انضمت إلى إدانة حملة القمع السورية. في أغسطس/آب، قامت السعودية والبحرين والكويت وتونس بسحب السفراء من دمشق للتشاور.[135] وفي أغسطس/آب صوتت جامعة الدول العربية لصالح إدانة حملة القمع ودعت لإنهاء العنف، وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول، إثر مبادرة من دول مجلس التعاون الخليجي، دعت إلى الحوار بين الحكومة والمعارضة في ظرف 15 يوماً بمقر جامعة الدول العربية في مصر.[136] أما تركيا فكانت حتى وقت قريب حليف وشريك تجاري هام لسوريا، وتكررت إدانتها لحملة القمع السورية وأوقفت على الأقل شحنتي سلاح من الوصول إلى سوريا. وقامت قيادات تركية بتهديد سوريا بعقوبات إذا لم تتوقف حملة القمع العنيفة، واستضافت تركيا العديد من اللقاءات للمعارضة السورية.

وبعد شهور من عدم التحرك إزاء الانتهاكات السورية، اتفق مجلس الأمن على بيان رئاسي بتاريخ 3 أغسطس/آب. ورد في البيان إدانة "الانتهاكات الموسعة لحقوق الإنسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية"، ودعى سوريا إلى الالتزام بالكامل بحقوق الإنسان، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.[137] لكن للأسف كان هذا أعلى إجراء يتخذه مجلس الأمن في الرد على الأزمة.

وطوال الأزمة، كانت روسيا مترددة في تعريض حليفتها المقربة – سوريا – للانتقاد، ولم تكن مستعدة لاتخاذ أقل الخطوات للرد على العنف، مثل وقف توفير الأسلحة لسوريا. وكان رد الفعل الصيني شبيهاً بالرد الروسي، والصين تعارض في العادة تحرك مجلس الأمن في "الشؤون الداخلية"، مثل أزمة حقوق الإنسان الجسيمة في سوريا.

لكن الملفت للنظرأن رد الفعل الروسي الصيني وجد دعماً في ثلاث دول هامة من دول الجنوب، هي حالياً من أعضاء مجلس الأمن: الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا. هذه البلدان الثلاث وفرت بشكل مستمر الغطاء لروسيا والصين، إذ امتنعت عن دعم رد مجلس الأمن على الأزمة السورية. كما أنها أعطت مصداقية غير مستحقة لمزاعم الحكومة السورية بممارسة ضبط النفس، ووعود الإصلاح ومزاعم اشتعال احتجاجات المعارضة بسبب "عصابات إرهابية مسلحة" و"تدخلات أجنبية وحملات إعلامية مضللة". ولقد برروا هذا الرد الضعيف بالزعم بأنهم يريدون ألا يتكرر ما حدث في ليبيا، إذ ترى هذه الدول أن الناتو تجاوز ولاية مجلس الأمن بحماية المدنيين إلى ما هو أبعد. إلا أن هذه الدول أخفقت في دعم الحلول البديلة، مثل فرض العقوبات والحظر على الأسلحة، والتي من شأنها أن تساعد على وقف العنف.

وبدلاً من ذلك، أرسلت مجموعة الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وفداً إلى سوريا بعد بيان مجلس الأمن. قابل الوفد الرئيس بشار الأسد ووزير خارجيته في 10 أغسطس/آب، لكن لم يتنقل خارج دمشق، ولم يقابل شخصيات المعارضة، ولم تزد زيارته لسوريا عن 48 ساعة. إثر اجتماعات المجموعة، أشار وفد الهند – البرازيل – جنوب أفريقيا لأنه لم يطالب الحكومة السورية بالتعاون مع بعثة تقصي الحقائق، وإن دعى إلى أن ينظر لقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/1 بشكل "إيجابي".[138]

رد فعل مجلس الأمن المتواضع على الأزمة وصل إلى أضعف حالاته في 4 أكتوبر/تشرين الأول، عندما استخدمت الصين وروسيا حق الفيتو ضد مشروع قرار برعاية أوروبية يدين العنف، وامتنعت الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا عن التصويت.[139] نال القرار دعم أغلب أعضاء مجلس الأمن، ومنهم نيجيريا، التي كانت تتولى رئاسة المجلس ذلك الشهر. وأدان مشروع القرار بقوة "استمرار انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة والممنهجة واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية" ودعى إلى الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان.

هزيمة القرار الذي لم يزد عن تقنين البيان الرئاسي الذي وافق عليه المجلس قبل شهرين، تعتبر أمراً مقلقاً للغاية. نُظر إلى فيتو كل من روسيا والصين على أنه إضفاء للشرعية على الانتهاكات السورية، مع فتح الباب أمام المزيد من القمع. وكان صمت الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا مقلقاً للغاية بدوره. مع تجاهل الحقائق على الأرض وتلك الموثقة من قبل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، استمرت مجموعة الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا في الاعتراض على تحرك مجلس الأمن، وفي الوقت نفسه لم توفر بديلاً يتمتع بالمصداقية لإنهاء إراقة الدماء. السلبية والصمت من قبل مجلس الأمن جرأت الحكومة السورية، كما عرضت للخطر جهود المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، المعترف بها كجرائم بموجب القانون الدولي.

تحركات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

بنهاية أبريل/نيسان، عقد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان جلسة خاصة عن سوريا، انتهت بتبني قرار دعى لأن يرسل المجلس بعثة لسوريا للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان "بغرض تفادي الإفلات من العقاب وضمان المحاسبة الكاملة".[140] طالب القرار الحكومة السورية بالتعاون بالكامل مع البعثة، والسماح لها بالدخول إلى سوريا، ورفضت الحكومة أي تعاون. أغلب الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان ساندت القرار (26 صوتاً لصالحه) وصوتت ضده 9 أعضاء فقط من 47 عضواً، ومن عارضوا شملوا روسيا والصين. وفي التقرير المبدئي المعروض على مجلس حقوق الإنسان في 15 يونيو/حزيران، وصف المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الموقف في سوريا بأنه صعب للغاية، مع وجود انتهاكات مزعومة على نطاق واسع لدرجة الحاجة لتحقيق مستفيض والمحاسبة الكاملة. شدد المفوض السامي على ضرورة أن تتيح الحكومة السورية الزيارة للبعثة. [141]

وفي 18 أغسطس/آب نشر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان تقريره النهائي وشمل بعض الانتهاكات في محافظة حمص.[142] وفي إشارة إلى الموقف بشكل عام، توصلت البعثة إلى "وجود نمط من انتهاكات حقوق الإنسان هو عبارة عن هجمات موسعة أو ممنهجة ضد السكان المدنيين، وهو ما قد يرقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية كما ورد في نص المادة 7 من اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية".[143] طالب التقرير مجلس حقوق الإنسان بـ "دعوة مجلس الأمن... للنظر في أمر إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية".[144] وفي 18 أغسطس/آب، تحدثت نافي بيلاي – مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان – أمام مجلس الأمن في الشأن السوري، ودعت المجلس إلى إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وفي 23 أغسطس/آب، أعرب مجلس حقوق الإنسان في جلسته الثانية الخاصة عن سوريا عن قلقه العميق إزاء نقص التعاون من جانب الحكومة السورية مع بعثة تقصي الحقائق، وقلق شديد على ما خرجت به البعثة من نتائج. كما قرر أنه مطلوب إرسال لجنة مستقلة لتقصي الحقائق إلى سوريا "للتحقيق في جميع مزاعم انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان منذ مارس/آذار 2011.... للتوصل إلى حقيقة الأمر والملابسات التي ربما ترقى إلى انتهاكات للقانون الدولي ومعرفة حقيقة الجرائم المرتكبة، وكلما أمكن، التعرف على المسؤولين عنها بغرض ضمان محاسبة الجناة للجرائم وبينها ما تعتبر جرائم ضد الإنسانية".[145] في هذه الحالة، تم تبني القرار بأغلبية الأصوات، 33 عضواً لصالحه، والصين وكوبا والإكوادور وروسيا فقط ضدجه. بعثة تقصي الحقائق التي لم تنل أي تعاون من السلطات السورية حتى تاريخه، مطلوب منها نشر تقريرها بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2011.

الخطوات التالية

هناك عدد من الإجراءات التي يجب على المجتمع الدولي اتخاذها لحماية المدنيين في سوريا ولا تشمل التدخل العسكري. هذه الخطوات هي:

  • إتاحة دخول المراقبين المستقلين دون إعاقة: مع تزايد صعوبة تغطية الأحداث في سوريا والتباين البالغ لتفسير الدول  المختلفةللأحداث على الأرض في سوريا، هناك حاجة لوجود مراقبين مستقلين يمكنهم توثيق ونشر ما يحدث. لابد أن تقوم الدول ذات التأثير على سوريا بالعمل من أجل الضغط على حكومة الأسد كي تسمح بدخول بعثة تقصي الحقائق المعينة من مجلس حقوق الإنسان إلى سوريا، مع التعاون الكامل من قبل السلطات السورية أثناء إجراءها للتحقيقات.
  • نشر مراقبين: خطوة أخرى قادرة على إحداث فارق كبير على الأرض، وهي النشر الفوري لمراقبين لحقوق الإنسان في سوريا. وجود المراقبين المستقلين كفيل بالمساعدة على توضيح الموقف على الأرض، وضمان الردود السريعة على تقارير الانتهاكات، وتوفير مصدر معلومات موثوق بشأن الانتهاكات الجارية، وكذلك تناول موضوعات من قبيل مجال استخدام المتظاهرين للقوة. فضلاً عن ذلك، فإن وجود المراقبين في المناطق الساخنة داخل سوريا قد يؤدي إلى ممارسة قوات الأمن لقدر أكبر من ضبط النفس، وتقليل معدلات العنف. نشر المراقبين الدوليين في نيبال في أبريل/نيسان 2005 نموذج جيد على ما يمكن لعدد صغير من المراقبين المستقلين فعله في المساعدة على استقرار الأوضاع في مناطق النزاعات ومنع الانتهاكات.
  • تنفيذ الإصلاحات: ليست إصلاحات الرئيس الأسد موثوقة طالما قوات الأمن تطلق النار على المتظاهرين وتحتجز النشطاء. على المجتمع الدولي أن يضع خريطة زمنية بالإصلاحات ويحمل السلطات السورية مسؤولية احترام هذه الخريطة. لابد من إجراء بعض الإصلاحات فوراً، مثل الإفراج عن جميع المحتجزين لمجرد تظاهرهم سلمياً أو للخوض في نشاط سياسي، والكشف عن مصير المحتجزين ومن هم رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.

يمكن لمختلف الفاعلين الدوليين الإسهام في تنفيذ هذه الإجراءات. مع تماثل هذا التقرير للطبع، ردت سوريا على عرض جامعة الدول العربية بعقد قمة في القاهرة، بالموافقة على سماح لوفد من وزراء الخارجية العرب بزيارة دمشق. على جامعة الدول العربية أن تجعل من أولوياتها الضغط من أجل إتاحة الزيارة لبعثة تقصي الحقائق. على جامعة الدول العربية أن تدعم فكرة انتشار المراقبين داخل سوريا في المناطق الحساسة، وأن تبدي دعمها لأي بعثة من هذا النوع بقيادة الأمم المتحدة. وأخيراً، من الضروري أن تتدخل جامعة الدول العربية لضمان تنفيذ بعض الإصلاحات. وكبادرة رمزية، لابد من أن تصر الجامعة على الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.

ولمجموعة الهند – البرازيل – جنوب أفريقيا مصلحة خاصة في ضمان فتح سوريا لأبوابها أمام بعثة تقصي حقائق الأمم المتحدة كي تحقق في انتهاكات جميع الأطراف منذ بدء الأزمة في مارس/آذار، إذ أن المجموعة تعلن عن قدر أكبر من الثقة في الروايات الرسمية السورية للأحداث، أكثر مما تعطي لروايات منظمات حقوق الإنسان، وتتلخص الرواية السورية في أن الجماعات المسلحة هي المسؤولة عن قدر وافر من العنف.

روسيا والصين – بعد أن قاومت جهود انتقاد سوريا في مجلس الأمن – عليها مسؤولية خاصة تتمثل في حماية المدنيين داخل سوريا. إذا كانت كل منهما تريد حقاً الاستقرار في سوريا، فلابد من دعم نشر مراقبين لحقوق الإنسان، من شأن تواجدهم تقليل معدلات العنف.


 

VI . الجرائم ضد الإنسانية

ترى هيومن رايتس ووتش أن طبيعة ومعدلات الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن السورية في شتى أنحاء سوريا، وفي محافظة حمص، تشير إلى وقوع جرائم تشمل القتل والتعذيب والحبس غير القانوني والاختفاءات القسرية، مما يرقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية.[146] يظهر من التشابهات في عمليات القتل غير القانوني – وتشتمل على أدلة على إطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين دون تحذير في مواقف كثيرة – والاحتجاز القسري والاختفاء القسري والتعذيب، يظهر من كل ذلك وجود هجوم موسع أو ممنهج على السكان المدنيين، بدعم من الدولة.[147]

وعلى خلاف جرائم الحرب، فإن الجرائم ضد الإنسانية يمكن ارتكابها في أوقات السلم أيضاً، إذا كانت جزءاً من هجمة موسعة أو ممنهجة،وتستهدف مجموعة من السكان المدنيين.[148]

بالنسبة للأفراد الذين يتبين ارتكابهم لجرائم ضد الإنسانية، فلابد لتحقق أركان الجريمة أن يكونوا على دراية بطبيعة الجريمة.[149] أي أن الجناة كانوا على علم بأن أفعالهم تعتبر جزءاً من هجوم موسع أو ممنهج على السكان المدنيين.[150] وبينما ليس من الضروري ألا يكون الجناة على ارتباط بسياسة أو خطة نتج عنها ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، فلابد على الأقل أن يكونوا قد شاركوا في هذه السياسة أو الخطة عن علم منهم.[151]

لا يمكن للأفراد المتهمين بجرائم ضد الإنسانية الدفاع عن أنفسهم بالقول بأنهم كانوا ينفذون أوامر لرؤساء لهم.[152] وفي الوقت نفسه إن من كانوا في منصب عسكري أو قيادي آخر ولم يمنعوا الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها من هم تحت قيادتهم، فمن الممكن محاسبتهم جنائياً، أو أن يُحالوا للمقاضاة إذا كانوا على علم بما وقع أو كان لهم أن يعلموا ولم يمنعوه.[153] ولأن الجرائم ضد الإنسانية تعتبر جرائم ذات اختصاص قضائي عالمي، فجميع الدول مسؤولة عن تقديم المسؤولين عنها للعدالة. تنص مبادئ وأسس القانون الدولي على أن المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية – وكذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان – لابد ألا يُمنحوا العفو عن هذه الجرائم.

ولقد وقعت سوريا على نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية وإن لم تصدق عليه، من ثم فهي مُلزمة بالامتناع عن الأعمال التي تؤدي إلى "إهدار الهدف والغرض من الاتفاقية".[154] على ضوء نتائج هيومن رايتس ووتش الخاصة بوقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية في حمص ومناطق أخرى من سوريا، وعلى ضوء عدم المحاسبة على هذه الجرائم في سوريا، فإن هيومن رايتس ووتش تساند دعوة مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية. كما ترى هيومن رايتس ووتش أن المحكمة الجنائية الدولية هي الجهة الأكثر قدرة في ظل الظروف الحالية على التحقيق بفعالية والملاحقة القضائية لمن يتحملون مسؤولية أي جرائم ارتُكبت وتحقيق المحاسبة لصالح الشعب السوري. ومع عدم تصديق الحكومة السورية على نظام روما، أو إحالتها الوضع بنفسها إلى المحكمة الجناية الدولية، تحتاج المحكمة إلى إحالة من مجلس الأمن كي تبدأ تولي الوضع هناك. إلا أن في حال استمرار تباطؤ مجلس الأمن، تُذكر هيومن رايتس ووتش بأن الجرائم ضد الإنسانية تخضع للاختصاص القضائي العالمي، وتدعو الدول الأخرى إلى النظر في أمر ممارسة الاختصاص القضائي العالمي فيما يخص الجرائم المرتكبة في سوريا.


VII . التوصيات

 

إلى الحكومة السورية

  • يجب على الفور وقف استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين وغيرهم من الأفراد.
  • يجب نشر قائمة بجميع المعتقلين والتحقيق فوراً في أماكن ومصائر الأشخاص غير المعروفة أماكنهم ومن ربما وقعوا ضحايا للاختفاءات القسرية.
  • يجب تنفيذ تحقيقات مستقلة وشفافة في الاستخدام المفرط للقوة وإطلاق النار على المتظاهرين من قبل أجهزة الأمن. وبما يتناسب مع جسامة الجرائم ومستوى المسؤولية، يجب تأديب أو ملاحقة المسؤولين عن الجرائم بغض النظر عن الرتبة، أمام محاكم تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
  • يجب التحقيق في مزاعم الاختفاءات القسرية والمعاملة السيئة والتعذيب والإساءة إلى المحتجزين ومقاضاة المسؤولين عن هذه التجاوزات أمام محاكم مستوفية للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
  • يجب الإفراج دون شرط عن جميع المحتجزين الذين لا توجد بحقهم أدلة موثوقة على ارتكاب أعمال عنف. يشمل ذلك أولئك الذين تم القبض عليهم لمجرد مشاركتهم في تظاهرات سلمية، ومن انتقدوا السلطات السورية، أو من قاموا بأنشطة مشروعة بمجال حقوق الإنسان.
  • يجب وقف أعمال القمع والترهيب ضد الأعضاء والمؤيدين للمعارضة السياسية ونشطاء المجتمع المدني والصحفيين ومحاميّ حقوق الإنسان، من قبل أعوان الشرطة وأجهزة الدولة الأخرى.
  • يجب إتاحة زيارة بعثة تقصي الحقائق دون عرقلة وبشكل فوري، وهي البعثة المنشئة بموجب قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتاريخ 23 أغسطس/آب 2011، وكذلك المنظمات الدولية، وآليات الأمم المتحدة الخاصة، والدبلوماسيين داخل سوريا، وإتاحة زيارتهم للمشافي ومراكز الاحتجاز.
  • يجب فتح سوريا أمام الإعلام الدولي والمراقبين المستقلين، كي يراقبوا بحرية التطورات وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
  • يجب تيسير استخراج الجثث والتعرف عليها وإعادتها للأهالي، تلك التي تخلصت منها أجهزة الأمن في مناطق حمص، وذلك تحت إشراف دولي.

إلى مجلس الأمن

  • يجب دعوة السلطات السورية لتحمل مسؤوليتها الخاصة بالحماية وأن تكف فوراً عن القتل الممنهج واستخدام التعذيب والاحتجاز غير المشروع للمدنيين.
  • يجب دعوة سوريا للتعاون الكامل مع بعثة تقصي الحقائق المشكلة بموجب قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وأن تفتح المجال للبعثة دون إعاقة أو تأخير، كي تزور سوريا، لاسيما أماكن الاحتجاز.
  • يجب المطالبة بإتاحة البعثات الإنسانية، وإتاحة دخول الصحفيين الأجانب والمنظمات المستقلة لحقوق الإنسان إلى سوريا.
  • يجب إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
  • يجب مطالبة الدول بتجميد كل الصفقات العسكرية مع سوريا والمساعدات العسكرية، إذ أن هناك خطر قائم بقوة أن يتم استخدام هذه المعونات والأسلحة في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
  • يجب مطالبة أمين عام الأمم المتحدة بالإبلاغ بشكل دوري عن الوضع في سوريا، وبشأن التزام السلطات السورية بأي قرار أو بيان يتبناه المجلس.
  • يجب دعوة الحكومة السورية إلى التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في نشر مراقبي حقوق الإنسان في سوريا، والعمل بنشاط على ضمان الانتشار السريع لهذه البعثة.
  • يجب أن يقوم الأعضاء الذين لم يتبنوا بعد العقوبات على المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والمتفشية والممنهجة للقانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا منذ أواسط مارس/آذار 2011، أن يقوموا بتبني هذه العقوبات.

إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة

  • يجب على جميع الدول الأعضاء بشكل فردي أو جماعي عن طريق الآليات الإقليمية إن وجدت، أن يتبنوا عقوبات فردية على المسؤولين السوريين المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والمفتشية والممنهجة للقانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا منذ أواسط مارس/آذار 2011.
  • يجب تبني قرار يدعو لوضع حد للعنف القائم والانتهاكات في سوريا، مع المطالبة بالتعاون الكامل مع بعثة تقصي الحقائق وفتح المجال أمام الإعلام الدولي والمراقبين المستقلين كي يراقبوا بحرية التطورات وانتهاكات حقوق الإنسان داخل سوريا، ومطالبة الأمين العام بإحالة تقرير بعثة تقصي الحقائق – الذي سيتم تقديمه في نوفمبر/تشرين الثاني – إلى مجلس الأمن، مع مطالبة الأمين العام بتعيين مبعوث خاص بسوريا.
  • يجب دعوة الحكومة السورية إلى التعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في إنشاء بعثة لمراقبة حقوق الإنسان في سوريا، والعمل بنشاط على ضمان الانتشار السريع لهذه البعثة.

إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ودوله الأعضاء

  • يجب الاستمرار في الاطلاع على الموقف طالما استمر قمع التظاهرات السلمية والمنتقدين، بما في ذلك من خلال الجلسات الدورية لإطلاع المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان على تطورات الأوضاع.
  • يجب ضمان المتابعة فيما يخص تنفيذ التوصيات التي يتمخض عنها التحقيق الخاص بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والذي تم الإعلان عنه في 29 أبريل/نيسان 2011، وغيرها من هيئات الأمم المتحدة التي تتعامل مع الموقف.
  • يجب الرد سريعاً على أي تقارير موثوقة عن أعمال انتقامية من السلطات السورية ضد من تعاونوا أو وفروا معلومات للتحقيق وغير ذلك من هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.
  • المطالبة والعمل بنشاط على مسار ضمان تعاون السلطات السورية مع بعثة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان.
  • دعوة الحكومة السورية للتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إرسال مراقبين لحقوق الإنسان إلى سوريا، والعمل على ضمان الانتشار السريع لهذه البعثة.
  • دعوة مجلس الأمن لأن يحيل الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون

  • يجب تعيين مبعوث خاص لسوريا على وجه السرعة والمطالبة بأن يُسمح له بالتنقل في سوريا بلا عرقلة.
  • يجب إبلاغ مجلس الأمن بمستجدات الموقف في سوريا بشكل منتظم أو كلما وقعت تطورات هامة، وإذا لزم الأمر، دعوة المجلس لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
  • يجب الاستمرار في الإدانة لانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا واستخدام مكانتكم لدى السلطات السورية في دعوتها لوضع حد للعنف والتعاون مع مبعوثكم ومع محققي مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
  • يجب دعوة الحكومة السورية إلى التعاون مع مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تواجد مراقبي حقوق الإنسان داخل سوريا، والعمل بنشاط على ضمان الانتشار السريع لهذه البعثة.

إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان

  • يجب نشر مراقبين لحقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك المناطق التي شهدت انتهاكات موسعة لحقوق الإنسان، مثل مدينة حمص والرستن وتلكلخ.

إلى جامعة الدول العربية

  • يجب المطالبة بقوة وعلناً بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة السورية، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة والقوة المميتة غير الضرورية ضد جميع الأفراد، وإفلات قوات الأمن من العقاب على الانتهاكات، والاعتقالات التعسفية للنشطاء والمتظاهرين، واستخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ومناخ القمع العام الذي يتعرض له المواطنون السوريون. يجب الدعوة لمثول المسؤولين عن هذه الأعمال أمام العدالة.
  • يجب دعوة سوريا للإفراج عن جميع السجناء السياسيين وتعويض ضحايا حملة القمع الحكومية.
  • يجب دعوة سوريا لفتح الباب دون إعاقة أمام محققي الأمم المتحدة ومراقبي حقوق الإنسان والصحفيين.
  • يجب دعوة الحكومة السورية للتعاون مع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في فرض تواجد لمراقبي حقوق الإنسان داخل سوريا، والعمل بنشاط على الانتشار السريع لهذه البعثة.
  • يجب على الدول الأعضاء تبني عقوبات فردية على المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن الانتهاكات القائمة الجسيمة والمتفشية والممنهجة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، في سوريا منذ أواسط مارس/آذار 2011.
  • يجب تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية إذا استمرت الحكومة السورية في شن الهجمات على المدنيين.

إلى تركيا

  • يجب الاستمرار في إبداء الدعم لصدور قرار قوي من مجلس الأمن يدين بأقوى العبارات انتهاكات السلطات السورية الممنهجة لحقوق الإنسان، والمطالبة بفتح المجال أمام البعثات الإنسانية والصحفيين الأجانب ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة، وأن يُذكر بوضوح أن أولئك الذين ارتكبوا جرائم جسيمة لابد أن يُحملوا المسؤولية، ومطالبة الدول بمنع تسليم الأسلحة لسوريا.
  • يجب ممارسة دور ريادي في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل اتخاذ إجراء جماعي من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة يهدف لحماية الشعب السوري من الانتهاكات المتفشية والممنهجة لحقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية.
  • يجب دعوة الحكومة السورية إلى التعامل بحسن نية وأن تفتح الباب أمام بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق والمراقبين المستقلين والإعلام الدولي، بحيث يتم توثيق حقيقة ما يحدث في سوريا وأن يتوفر علناً لصالح تقييم الوضع تقييماً سليماً.
  • يجب توفير الدعم الفعال والعلني لنشاط مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبعثة تقصي الحقائق التي شكلها ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في سوريا، ومتابعة التقارير والتوصيات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.
  • بناء على الحقائق التي جمعها المفوض السامي لحقوق الإنسان وبعثة تقصي الحقائق، لابد من ضمان رد فعل قوي على أساليب الحكومة السورية ضد شعبها، وأن يُوضح للحكومة أنه إذا وقعت جرائم ضد الإنسانية فلابد من ملاحقة المسؤولين عنها بشكل كامل.
  • يجب دعوة الحكومة السورية للتعاون مع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في إرسال مراقبين لحقوق الإنسان إلى سوريا، والعمل بنشاط على ضمان الانتشار السريع لهذه البعثة.
  • يجب تبني عقوبات فردية على المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والمتفشية والممنهجة القائمة بحق القانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا منذ أواسط مارس/آذار 2011.

إلى الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا

  • في غياب موقف متفق عليه بشأن العمل الجماعي من مجلس الأمن، يجب بدء الحوار بشكل فردي وجماعي بين الدول الثلاث، مع الحكومة السورية، للمطالبة من حيث المبدأ بوقف فوري لأي استخدام للقوة المميتة والمفرطة ضد المتظاهرين، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب.
  • يجب دعوة السلطات السورية إلى التعامل بحسن نية وأن تفتح الباب أمام بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق والمراقبين المستقلين والإعلام الدولي، بحيث يتم توثيق حقيقة ما يحدث في سوريا وأن يتوفر علناً لصالح تقييم الوضع تقييماً سليماً.
  • يجب توفير الدعم الفعال والعلني لنشاط مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبعثة تقصي الحقائق التي شكلها ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في سوريا، ومتابعة التقارير والتوصيات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.
  • بناء على الحقائق التي جمعها المفوض السامي لحقوق الإنسان وبعثة تقصي الحقائق، لابد من ضمان رد فعل قوي على أساليب الحكومة السورية ضد شعبها، وأن يُوضح للحكومة أنه إذا وقعت جرائم ضد الإنسانية فلابد من ملاحقة المسؤولين عنها بشكل كامل.
  • يجب دعوة الحكومة السورية للتعاون مع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في إرسال مراقبين لحقوق الإنسان إلى سوريا، والعمل بنشاط على ضمان الانتشار السريع لهذه البعثة.
  • يجب ممارسة دور ريادي في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل اتخاذ إجراء جماعي من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة يهدف لحماية الشعب السوري من الانتهاكات المتفشية والممنهجة لحقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية.

إلى روسيا والصين

  • يجب إبداء الدعم لصدور قرار قوي من مجلس الأمن يدين بأقوى العبارات انتهاكات السلطات السورية الممنهجة لحقوق الإنسان، والمطالبة بفتح المجال أمام البعثات الإنسانية والصحفيين الأجانب ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة، وأن يُذكر بوضوح أن أولئك الذين ارتكبوا جرائم جسيمة لابد أن يُحملوا المسؤولية، ومطالبة الدول بمنع تسليم الأسلحة لسوريا.
  • يجب بدء الحوار بشكل فردي وجماعي بين روسيا والصين، مع الحكومة السورية، للمطالبة من حيث المبدأ بوقف فوري لأي استخدام للقوة المميتة والمفرطة ضد المتظاهرين، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب.
  • يجب دعوة السلطات السورية إلى التعامل بحسن نية وأن تفتح الباب أمام بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق والمراقبين المستقلين والإعلام الدولي، بحيث يتم توثيق حقيقة ما يحدث في سوريا وأن يتوفر علناً لصالح تقييم الوضع تقييماً سليماً.
  • يجب توفير الدعم الفعال والعلني لنشاط مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبعثة تقصي الحقائق التي شكلها ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في سوريا، ومتابعة التقارير والتوصيات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.
  • بناء على الحقائق التي جمعها المفوض السامي لحقوق الإنسان وبعثة تقصي الحقائق، لابد من ضمان رد فعل قوي على أساليب الحكومة السورية ضد شعبها، وأن يُوضح للحكومة أنه إذا وقعت جرائم ضد الإنسانية فلابد من ملاحقة المسؤولين عنها بشكل كامل.
  • يجب دعوة الحكومة السورية للتعاون مع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في إرسال مراقبين لحقوق الإنسان إلى سوريا، والعمل بنشاط على ضمان الانتشار السريع لهذه البعثة.
  • يجب مطالبة الدول بوقف كافة مبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية للحكومة السورية، إذ أن هناك خطر قائم بأن تُستخدم هذه الأسلحة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
  • يجب دعم الجمعية العامة للأمم المتحدة في اتخاذ قرار يهدف لحماية الشعب السوري من الانتهاكات المتفشية والممنهجة لحقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية.

 

VIII . شكر وتنويه

أجرى بحوث هذا التقرير وكتبه فريق من باحثي هيومن رايتس ووتش.

راجع التقرير كل من توم بورتيوس، نائب مدير قسم البرامج، وجو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و أشلنج ريدي ، مستشار ة قانونية أولى. حضر التقرير للنشر كل من آدم كوجل، المنسق بقسم الشرق الأوسط وشمال أرفيقيا، وغريس شوي، مديرة المطبوعات، وآنا ليبريور، مديرة القسم الإبداعي، وفيتزروي هوبكنز، مدير الإنتاج. نسق عمرو خيري الترجمة إلى اللغة العربية وساعد في إنتاج التقرير.

نتقدم بالامتنان والشكر للأفراد الذين أطلعونا على شهاداتهم الشخصية للأحداث، وكذلك للنشطاء الذين وافقوا على إجراء مقابلات معهم، رغم الخوف من التعرض لعواقب وخيمة لذلك من السلطات.



[1] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش في بيروت، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2011.

  [2] للاطلاع على خلفية أوسع وأكثر تفصيلاً عن بدء حركة الاحتجاجات ورد الفعل الحكومي، يُرجى زيارة: هيومن رايتس ووتش "لم نر مثل هذا الرعب من قبل"، 1 يونيو/حزيران 2011، الفصل 1: http://www.hrw.org/ar/node/100719/section/4 .

[3] انظر: "سوريا: قوات الأمن تُخرج المصابين من المشفى"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 8 سبتمبر/أيلول 2011: http://www.hrw.org/ar/node/100719/section/4 وانظر: "سوريا: التعرض للعاملين بالهلال الأحمر" بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 14 سبتمبر/أيلول 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/09/14 .

[4] قائمة القتلى يتم تحديثها يومياً على الموقع التالي: http://www.vdc-sy.org/ لم تنشر السلطات السورية حتى الآن قائمة بالقتلى.

[5] انظر: “Pillay urges united international action to protect Syrians,” OHCHR press release, October 14, 2011, http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=11493&LangID=E (تمت الزيارة في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[6] انظر: “Syria lashes out at critics in UN Human Rights Council review of rights record,“ Washington Post, October 7, 2011, http://www.washingtonpost.com/world/middle-east/syria-lashes-out-at-critics-in-un-human-rights-council-review-of-rights-record/2011/10/07/gIQAKh7DSL_story.html (تمت الزيارة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[7] انظر: رايتس ووتش "لم نر مثل هذا الرعب من قبل"، 1 يونيو/حزيران 2011، http://www.hrw.org/reports/2011/06/01/we-ve-never-seen-such-horror-0 ص 27.

[8] السابق

[9] انظر على سبيل المثال: Nir Rosen, “Syria: The revolution will be weaponised,” Al Jazeera English, September 23, 2011, http://english.aljazeera.net/indepth/features/2011/09/2011923115735281764.html (تمت الزيارة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2011)، وانظر: Nir Rosen, “Armed defenders of Syria’s revolution,” Al Jazeera English, September 27, 2011, http://english.aljazeera.net/indepth/features/2011/09/2011927113258426922.html (تمت الزيارة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2011)، و: Anthony Shadid, “Key Syrian City Takes on the Tone of a Civil War,” The New York Times, October 1, 2011 (تمت الزيارة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[10] انظر على سبيل المثال: "سوريا: اتساع حملة الاعتقالات الجماعية"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 20 يوليو/تموز 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/07/20 و: "سوريا: إطلاق نار واعتقالات عقب احتجاجات حماة"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 6 يوليو/تموز 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/07/06-0 .

[11] الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. (وثيقة رقم: Doc.A/61/488. C.N.737.2008.TREATIES-12 بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2008) تُعرف الاختفاء القسري بأنه: "الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية من قبل عملاء الدولة أو أفراد أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بصلاحيات السلطة، بدعم أو بتسامح من الدولة، إثر رفض الإقرار بحرمان الشخص من الحرية أو إخفاء مصيره أو مكانه، مما يعني أن هذا الشخص أصبح خارج نطاق حماية القانون" (مادة 2). المادة 1 من الاتفاقية تنص على: "لا يمكن بموجب أي ظرف من الظروف الاستثنائية، سواء كانت الدولة في حالة حرب أو نزاع داخلي أو اضطرابات سياسية أو أي طوارئ عامة أخرى، أن يتم التذرع بتلك الظروف كمبرر للإخفاء القسري". وبالنسبة لكونها جريمة بموجب نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فإن المادة 7 (2) ( i ) تعرف الاختفاء القسري بأنه "اعتقال أو احتجاز أو اختطاف شخص، من قبل الدولة أو بتصريح منها أو بدعم أو تسامح، أو من قبل منظمة سياسية، إثر رفض الإقرار بحرمانه من حريته أو رفض تقديم معلومات عن مصير المختفين أو أماكنهم، بقصد إبعادهم عن مجال حماية القانون لفترات مطولة".

[12] انظر على سبيل المثال: "سوريا: اعتقالات تستهدف نشطاء بكامل أنحاء البلاد"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 15 مايو/أيار 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/05/15 .

[13] هيومن رايتس ووتش "لم نر مثل هذا الرعب من قبل"، ص 34. وانظر: "سوريا: تعذيب متفش للمتظاهرين المعتقلين"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش 15 أبريل/نيسان 2011، على: http://www.hrw.org/ar/news/2011/04/15-1 .

[14] السابق، ص 44.

[15] تشير مجموعة الأزمات الدولية لأن دعم حمص المبكر للتظاهرات "جاء مدهشاً للجميع نظراً لوضع المدينة المتميز على مدار السنوات الأخيرة. تزوج بشار وشقيقه ماهر من عائلات تنحدر من حمص (الأخرس وجدعان) وقد اختار الرئيس محافظاً لحمص صديقاً مقرباً، هو إياد غزال". انظر: International Crisis Group, The Syrian People’s Slow-motion Revolution, July 6, 2011, p. 18 .

[16] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان حمص، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2011. انظر أيضاً: “In Syria, Crackdown After Protests,” The New York Times, March 18, 2011, http://www.nytimes.com/2011/03/19/world/middleeast/19syria.html?scp=1&sq=homs&st=nyt (تمت الزيارة في 2 سبتمبر/أيلول 2011). لمزيد من المعلومات عن احتجاجات درعا، يُرجى زيارة: هيومن رايتس ووتش "لم نر مثل هذا الرعب من قبل""، يونيو/حزيران 2011، ص 8.

[17] انظر: Amnesty International, Crackdown in Syria: Terror In Tell Kalakh, July 2011, p.5

[18] انظر: “In Sometimes Deadly Clashes, Defiant Syrians protest,” The New York Times, April 17, 2011, http://www.nytimes.com/2011/04/18/world/middleeast/18syria.html?scp=13&sq=homs&st=nyt (تمت الزيارة في 2 سبتمبر/أيلول 2011).

[19] للاطلاع على مناقشة موجزة لدعم العلويين لعائلة الأسد، انظر: Nir Rosen, “Assad's Alawites: The guardians of the throne,” October 10, 2011 http://english.aljazeera.net/indepth/features/2011/10/20111010122434671982.html (تمت الزيارة في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[20] ا لشبيحة مصطلح بدأ يُستخدم في الثمانينيات من القرن العشرين لوصف عصابات من الشبان تشارك في أنشطة التهريب والعمل لصالح أعضاء عائلة الأسد الممتدة، لا سيما منذر وجميل الأسد. ليس للشبيحة صلاحيات رسمية، لكن يُستخدمون على صلة بأقارب الأسد في الالتفاف حول قوانين الدولة.  وقد قامت السلطات السورية في واقع الأمر بمواجهتهم في التسعينيات، ولفترة تمت السيطرة على الشبيحة. وقد استخدم مصطلح الشبيحة في الانتفاضة الحالية إشارة إلى أفراد ليسوا رسمياً من أعضاء من قوات الأمن، لكن يساعدون السلطات السورية على قمع التظاهرات عن طريق ضرب المتظاهرين وإطلاق النار عليهم. انظر أيضاً: Tony Badran, “Who Are the Shabbiha?.” Weekly Standard, April 12, 2011, http://www.weeklystandard.com/blogs/who-are-shabbiha_557329.html (تمت الزيارة في 8 سبتمبر/أيلول 2011).

[21] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع قيادي علوي محلي، تم حجب الاسم، 20 أغسطس/آب 2011. مقابلات هيومن رايتس ووتش مع خمسة من سكان حمص تمت مقابلتهم في دولة مجاورة في مواعيد مختلفة في أغسطس/آب 2011.

[22] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان حمص، في بيروت، 22 أغسطس/آب 2011. للاطلاع على بعض التغطيات الصحفية عن التوترات الطائفية في حمص، انظر: “Sectarian Clashes Deepen Tensions in Syria,” Wall Street Journal, July 20, 2011, http://online.wsj.com/article/SB10001424052702304567604576455900757775550.html (تمت الزيارة في 8 (سبتمبر/أيلول 2011). ; “Deaths in Syria Tied to Rift Between Sects,” The New York Times, July 18, 2011, http://www.nytimes.com/2011/07/19/world/middleeast/19syria.html (تمت الزيارة في 8 سبتمبر/أيلول 2011). Agence France Presse, “Activists claim 30 killed in Syrian clashes,” July 17, 2011

[23] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان حي الوعر في حمص [يوسف]، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2011. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان باب السباع في حمص [منير]، 9 سبتمبر/أيلول 2011، مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان تلكلخ، 4 أغسطس/آب 2011.

[24] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عدد من السكان الذين فروا إلى لبنان، أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2011.

[25] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان باب السباع في حمص [منير]، 9 سبتمبر/أيلول 2011.

[26] للكتيبة صفحة على الفيس بوك ينشرون عليها معلومات عن أنشطتهم العسكرية: https://www.facebook.com/Army.KalidBinWalid

[27] قائمة مركز توثيق الانتهاكات م توفرة على: http://www.vdc-sy.org/ (تمت الزيارة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[28] انظر: United Nations Code of Conduct for Law Enforcement Officials, adopted December 17, 1979, G.A. res. 34/169, annex, 34 U.N. GAOR Supp. (No. 46) at 186, U.N. Doc.A/34/46 (1979) مادة 3.

[29] انظر: Basic Principles on the Use of Force and Firearms by Law Enforcement Officials, adopted by the Eighth United Nations Congress on the Prevention of Crime and the Treatment of Offenders, Havana, 27 August to 7 September 1990, U.N. Doc. A/CONF.144/28/Rev.1 at 112 (1990), المبدأ الرابع.

[30] السابق. مبدأ 5 (أ). المبدأ 9 من المبادئ الأساسية ينص على: "يجب ألا يستخدم مسؤولي إنفاذ القانون الأسلحة النارية ضد الأفراد إلا دفاعاً عن النفس أو للدفاع عن آخرين ضد خطر قائم يتهدد الحياة أو خطر الإصابة الجسيمة، أو لمنع الجاني لجريمة جسيمة شملت تهديد جسيم للحياة من الهرب أو لاعتقال شخص يفرض هذا الخطر ويقاوم السلطات أثناء القبض عليه، أو لمنعه من الهرب، فقط عندما تكون السبل الأقل غير كافية لتحقيق هذه الأهداف. وعلى كل حال، فإن الاستخدام المميت عمداً للقوة لا يستقيم إلا عندما لا يكون عنه بديل لحماية الأرواح".

[31] السابق، مبدأ 10.

[32] السابق، مبدأ 9.

[33] السابق، مبدأ 8.

[34] القتلى الثلاثة هم: أحمد الفاخوري، 17 عاماً، وعدنان عبد الدايم، 27 عاماً، وأسامة الغفاري (العمر غير معلوم).

[35] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش على سكايب (الإنترنت)، 2 أغسطس/آب 2011. تم حجب الاسم.

[36] شهادة على مقطع فيديو، اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، تم حجب الاسم.

[37] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 25 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[38] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 19 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان، وشهادة في مقطع فيديو مقدمة لـ هيومن رايتس ووتش.

[39] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 19 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[40] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 11 أغسطس/آب 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[41] مقابلة هيومن رايتس ووتش على سكايب (الإنترنت)، 16 أغسطس/آب 2011، تم حجب الاسم.

[42] مقابلة هيومن رايتس ووتش على سكايب، 16 أغسطس/آب 2011، تم حجب الاسم.

[43] مقابلات هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش، 21 أغسطس/آب 2011، تم حجب الأسماء.

[45] انظر: Nir Rosen, Al Jazeera English, “The Tides of Mosques,” August 2, 2011, http://english.aljazeera.net/indepth/features/2011/10/2011101143646274931.html (تمت الزيارة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[46] السابق.

[47] نور الدين ماهر الكحيل، جمال رجوب، عامر ياسين حوصة (ينحدر من اللاذقية)، عدنان الزير، خالد حلاك، 16 عاماً.

[48] طبقاً لأصلان (ليس اسمه الحقيقي)، الذي قال إنه كان يقف على مسافة 100 متر، قام ضابط مخابرات بإطلاق النار على ضابط جيش عندما التفت، فيما يبدو رفضاً لأمر بإطلاق النارعلى المتظاهرين. قال صديق مشترك فيما بعد [لاصلان] إن الضابط المقتول هو أحمد حربة. مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[49] انظر على سبيل المثال: http://www.sana.sy/eng/337/2011/08/25/366014.htm; http://www.sana.sy/eng/337/2011/09/29/372440.htm; http://www.sana.sy/eng/33/2011/05/10/345673.htm

[50] انظر: "المنشقون يصفون تلقي أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين العُزل"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 9 يوليو/تموز 2011، http://www.hrw.org/ar/news/2011/07/09-1 .

[51] مقابلة هيومن رايتس ووتش، طرابلس لبنان، 16 يونيو/حزيران 2011، تم حجب الاسم.

[52] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011. تم حجب الاسم والمكان. مقابلة هيومن رايتس ووتش، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2011.

[53] مقابلة هيومن رايتس وتش، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2011.

[54] موقع مركز توثيق الانتها كات: http://www.vdc-sy.org/

[55] رسالة إلكترونية لـ هيومن رايتس ووتش، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2011.

[56] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 26 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[57] السابق.

[58] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[59] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع اثنين من المخاتير، مسؤولين محليين منتخبين، 16 و19 مايو/أيار 2011.

[60] مقابلات هيومن رايتس ووتش، 16 إلى 19 مايو/أيار. وادي خالد، تم حجب الأسماء اللبنانية. نشر المتظاهرون تغطية فيديو لمظاهرة 13 مايو/أيار على يوتيوب: http://www.youtube.com/watch?v=CDYPDKq6q3c (أكد سكان محليون صحة هذا المقطع).

[61] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011، وادي خالد، لبنان.

[62] السابق.

[63] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع أربع سيدات، 16 مايو/أيار 2011. مقابلة مع سيدة، 16 مايو/أيار 2011. مقابلة مع سيدة، 17 مايو/أيار 2011. مقابلة مع سيدة، 17 مايو/أيار 2011، مقابلة مع زوج وزوجة، 17 مايومأيار 2011، مقابلة مع رجل مسن، 16 يونيو/حزيران 2011. أجريت جميع المقابلات في وادي خالد، لبنان.

[64] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زوج وزوجة، 17 مايو/أيار 2011. الدبابية، لبنان.

[65] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011. وادي خالد، لبنان.

[66] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار، 2011، وادي خالد، لبنان.

[67] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011، وادي خالد، لبنان.

[68] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 و17 مايو/أيار 2011، وادي خالد، لبنان.

[69] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011، وادي خالد، لبنان.

[70] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011، وادي خالد، لبنان.

[71] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011، وادي خالد، لبنان.

[72] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011، وادي خالد، لبنان.

[73] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 16 مايو/أيار 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[74] قائمة مركز توثيق الانتهاكات: http://www.vdc-sy.org/

[75] LCC email on May 29, 2011, Syrian troops encircle Rastan town, kill 2-witness, Reuters, May 29, 2011 http://www.reuters.com/article/2011/05/29/syria-town-attack-idUSLDE74S03S20110529 (تمت الزيارة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[76] أجريت مقابلات هيومن رايتس ووتش في الفترة من 28 يونيو/حزيران إلى 4 أغسطس/آب. شهادات الفيديو سُلمت على ثلاث دفعات: 20 يوليو/تموز، 2 سبتمبر/أيلول و29 سبتمبر/أيلول.

[77] قائمة مركز توثيق الانتهاكات: http://www.vdc-sy.org/

[78] شهادة فيديو، حصلت عليها هيومن رايتس ووتش في 20 يوليو/تموز 2011.

[79] شهادة فيديو، حصلت عليها هيومن رايتس ووتش في 20 يوليو/تموز 2011.

[80] مقابلة هيومن رايتس ووتش على سكايب مع محامٍ، 28 يونيو/حزيران 2011.

[81] ا نظر: Reuters, “Syria's Assad grants amnesty as 5 killed in crackdown,” May 31, 2011, http://www.reuters.com/article/2011/05/31/us-syria-idUSLDE73N02P20110531 (تمت الزيارة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[82] قائمة مركز توثيق الانتهاكات.

[83] sana.sy/eng/337/2011/06/01/349922.htm .

[84] رسالة بريد إلكتروني من لجان التنسيق المحلية.

[85] شهادة فيديو، حصلت عليها هيومن رايتس ووتش في 20 يوليو/تموز 2011.

[86] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع ناشط من الرستن، 18 أغسطس/آب 2011.

[87] رسالة من لجان التنسيق المحلية، 3 يونيو/حزيران 2011.

[88] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 27 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[89] عندما تجمع نحو 500 شخص في مقبرة تل النصر وقت الظهيرة من اليوم نفسه لدفن الرجل الذي قُتل أثناء مرور تلك السيارة، تقدمت أربع مدرعات عسكرية من المقبرة وفتحت النار دون تحذير. طبقاً لأبو أحمد، فلم يُصب أحد، لكن هرب الجميع، وتركوا حارس المقبرة لكي يُنهي الدفن. مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش، 27 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[90] فرحان شمدين، ماهر الخالد، عبد الباسط الخالد، غسان الدوش، محمود الغنتاوي، شعف العلوين، خالد السوسلي، خالد الفريج، ابنة فرحان شمدين، خالد السعود، مرهوف جودت السيد، تامر الشاموري.

[91] مقابلة هيومن رايتس ووتش على سكايب، 11 أغسطس/آب 2011، تم حجب الاسم. الإفطار المقصود هنا هو إفطار رمضان.

[92] مقابلات هيومن رايتس ووتش، 27 إلى 29 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[93] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش، 26 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[94] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[95] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[96] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 25 يونيو/حزيران 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[97] "سوريا: اتساع حملة الاعتقالات الجماعية"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 20 يوليو/تموز 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/07/20

[98] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 27 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[99] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محامٍ، 26 مايو/أيار 2011.

[100] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش على سكايب مع أصدقاء للنجار ورفاعي، 10 و17 يوليو/تموز 2011.

[101] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش على سكايب مع أصدقاء للنجار ورفاعي، 19 أغسطس/آب 2011.

[102] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[103] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 26 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[104] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[105] مقابلة هيومن رايتس ووتش، بيروت، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2011.

[106] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 28 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[107] مقابلة هيومن رايتس ووتش، بيروت، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2011.

[108] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[109] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 28 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[110] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 28 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[111] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 30 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[112] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 26 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[113] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 26 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[114] السابق.

[115] السابق.

[116] انظر قائمة مركز توثيق الانتهاكات: http://www.vdc-sy.org وانظر العفو الدولية: Amnesty International, Deadly Detention: Deaths in Custody amid Popular Protest in Syria, August 31, 2011, http://www.amnesty.org/en/news-and-updates/report/syria%E2%80%99s-surge-deaths-detention-revealed-2011-08-30 .

[117] انظر: E.S.C. res. 1989/65, annex, 1989 U.N. ESCOR Supp. (No. 1) at 52, U.N. Doc. E/1989/89 (1989), principle 9.

[118] فتحت السلطات السورية تحقيقاً في وفاة حمزة الخطيب رهن الاحتجاز، وهو طفل يبلغ من العمر 13 عاماً مات في درعا في أبريل/نيسان، بعد أن عُرفت هذه الواقعة إثر حملة استنكار عالمية وداخلية قوية.

[119] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش على سكايب، 20 يونيو/حزيران 2011، تم حجب الاسم.

[120] أسماء الاشخاص الثمانية المحتجزين في 17 مايو/أيار هي: ماجد وصعدات الكردي، عبد الرحمن، أحمد أبو لبدة، محمد عبد الحلوم، كفاح حيدر، عقبة الشعار ومحمد الرجب.

[121] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 28 يوليو/تموز، تم حجب الاسم والمكان.

[122] "قمع في سوريا: رعب في تلكلخ"، العفو الدولية، يوليو/تموز 2011: http://www.amnesty.org/ar/library/asset/MDE24/029/2011/ar/8fc33eb1-c59b-47c6-99b2-1459b9e6d5d0/mde240292011ara.pdf (تمت الزيارة في 2 سبتمبر/أيلول 2011).

[123] مقابلات هيومن رايتس ووتش على سكايب، 29 و30 يونيو/حزيران 2011.

[124] مقابلة لـ هيومن رايتس وتش على سكايب، 30 يونيو/حزيران 2011.

[125] مقطع فيديو اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش في 26 أغسطس/آب 2011.

[126] مقابلة هيومن رايتس ووتش، 29 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[127] مقابلات هيومن رايتس ووتش، 24 أغسطس/آب 2011، تم حجب الاسم والمكان. مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش على سكايب، 16 أغسطس/آب 2011.

[128] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش، 24 أغسطس/آب 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[129] السابق.

[130] الفيديو على: http://www.youtube.com/watch?v=KrOlXoSV0Ys&NR=1 (تمت الزيارة في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[131] الشاهد لم يرغب في تعريف هيومن رايتس ووتش بالاسم الحقيقي للشخص المقتول، خوفاً على سلامة أسرته. مقابلة هيومن رايتس ووتش. 27 يوليو/تموز 2011، تم حجب الاسم والمكان.

[132] انظر قرار مجلس الاتحاد الأوروبي: EU Council Decision 2011/522/CFSP (amending Decision 2011/273/CFSP concerning restrictive measures against Syria),  September 2, 2011, http://eur-lex.europa.eu/LexUriServ/LexUriServ.do?uri=OJ:L:2011:228:0016:0018:EN:PDF (تمت الزيارة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[133] انظر: EU Council Regulation No 950/2011 (amending Regulation (EU) No 442/2011 concerning restrictive measures in view of the situation in Syria), September 23, 2011, http://eur-lex.europa.eu/LexUriServ/LexUriServ.do?uri=OJ:L:2011:247:0003:0007:EN:PDF (تمت الزيارة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[134] انظر على سبيل المثال: “Ban forces Syria to cut oil production,” Financial Times, September 26, 2011, http://www.ft.com/intl/cms/s/0/c9d67952-e823-11e0-9fc7-00144feab49a.html#axzz1bipApReb (تمت الزيارة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2011). وانظر: Syria Forward Magazine, “Syria’s oil sector feels the pain,” October 10, 2011,  http://www.forwardsyria.com/story/429/Syria%E2%80%99s%20oil%20sector%20feels%20the%20pain (تمت الزيارة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[135] انظر: “3 Arab Countries Recall Ambassadors to Syria,” The New York Times, August 8, 2011, http://www.nytimes.com/2011/08/09/world/middleeast/09syria.html?pagewanted=all (تمت الزيارة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[136] انظر: Reuters, “Arab League expresses "growing concern" about Syria,” August 7, 2011, http://in.reuters.com/article/2011/08/07/idINIndia-58660720110807 (تمت الزيارة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[137] بيان رئيس مجلس الأمن: Statement by the President of the Security Council, S/PRST/2011/16, August 3, 2011, http://www.un.org/ga/search/view_doc.asp?symbol=S/PRST/2011/16 (تمت الزيارة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[138] انظر البيان الصحفي: Press Statement - IBSA Delegation Visit to Syria, August 10, 2011, available at http://www.indianembassysyria.com/english/whats-new/327.html

[139] انظر: UN Department of Public Information, “Security Council Fails to Adopt Draft Resolution Condemning Syria’s Crackdown on Anti-Government Protestors, Owing to Veto By Russian Federation, China,” October 4, 2011, http://www.un.org/News/Press/docs/2011/sc10403.doc.htm (تمت الزيارة في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[140] قرار رقم: Resolution A/HRC/RES/S-16/1 on “The current human rights situation in the Syrian Arab

Republic in the context of recent events,” adopted by the Human Rights Council on April 29, 2011, http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/specialsession/16/docs/A%20-HRC-RES-S-16-1.pdf (تمت الزيارة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[141] Preliminary Report of the High Commissioner on the Situation of Human Rights in the Syrian Arab

Republic, A/HRC/17/CRP.1, June 14, 2011, para. 15, http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/docs/17session/A.HRC.17.CRP.1_Englishonly.pdf (تمت الزيارة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2011).

[142] تقرير بعثة تقصي الحقائق في سوريا بناء على قرار مجلس حقوق الإنسان رقم S-16/1 ، 17 أغسطس/آب 2011، ص 44 إلى 47.

[143] السابق، ص 72.

[144] السابق، ص 17.

[145] قرار رقم: A/HRC/RES/S-17/1 صادر عن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أقر في 23 أغسطس/آب 2011. في 12 أغسطس/آب 2011 قام رئيس مجلس حقوق الإنسان بتعيين ثلاثة خبراء رفيعي المستوى كأعضاء لبعثة تقصي الحقائق: السيدة ياكين إرتورك، السيد سيرجيو بينيرو والسيدة كارين أبو زيد.

[146] المادة 7 من نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية تعرف الجرائم ضد الإنسانية بصفتها بعض الجرائم الجسيمة، وتشمل القتل والتعذيب وغيرها من الأعمال اللاإنسانية المرتكبة في إطار هجوم موسع أو ممنهج على السكان المدنيين.

[147] يعرف نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية "الهجوم على السكان المدنيين" بأنه "نهجاً سلوكياً يتضمن الارتكاب المتكرر للأفعال المشار إليها [مثل القتل وغيره من الجرائم المحتملة ضد الإنسانية] ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، عملاً بسياسة دولة أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم، أو تعزيزاً لهذه السياسة"، نظام روما، مادة 7 (2) (أ).

[148] الهجمات التي تعتبر جرائم ضد الإنسانية لابد أن تكون ممنهجة أو واسعة النطاق، ولا يجب أن تكون ممنهجة وواسعة النطاق في الوقت نفسه. انظر قضية: Prosecutor v. DuskoTadic , ICTY, Case No. IT-94-1-T, Opinion and Judgment (Trial Chamber), May 7, 1997, فقرة 646 ("من المعروف أن... الأعمال المعنية... قد تكون إما موسعة أو ممنهجة. أي من هاتين الخصلتين كاف لاستبعاد كونها أعمال متفرقة أو عشوائية الطابع"). "موسعة" تعني معدل الأعمال المرتكبة أو عدد الضحايا. أكايسو يعرف الموسعة بأنها "إجراءات واسعة النطاق أو متكررة أو تُمارس بشكل مكثف، يتم تنفيذها بشكل جماعي بقدر كبير من الجدية وتكون ضد عدد كبير من الضحايا". قضية: Prosecutor v. Akayesu , ICTR, Case No. ICTR-96-4-T, Judgement (Trial Chamber I), September 2, 1998, para. 579; see also Prosecutor v. Kordic and Cerkez, ICTY, Case No. IT-92-14/2, Judgement (Trial Chamber III), February 26, 2001, para.179; Prosecutor v. Kayishema and Ruzindana, ICTR, Case No.ICTR-95-1-T, Judgement (Trial Chamber II), May 21, 1999, para. 123. المقصود بـ "الهجوم الممنهج" "نمط محدد أو خطة منهجية". قضية: Prosecutor v. DuskoTadic , ICTY, Case No. IT-94-1-T, Opinion and Judgment (Trial Chamber), May 7, 1997, para. 648. في قضية "الادعاء ضد كوناراتش وكوفاتش وفوكوفيتش" ذكرت دائرة الاستئناف بالمحكمة أن "أنماط الجرائم – أي كون الجرائم لم تتكرر بشكل عشوائي بما يفيد بتماثل السلوك الإجرامي بشكل منتظم – هي ما يُقصد بـ "الطبيعة الممنهجة". انظر قضية: Prosecutor v. Kunarac, Kovac and Vokovic , ICTY, Case No. IT-96-23 and IT-96-23-1A, Judgement (Appeals Chamber), June 12, 2002, para. 94.

[149] انظر: Prosecutor v. Kupreskic et al. , ICTY, Case No. IT-95-16, Judgement (Trial Chamber), January 14, 2000, para. 556.

[150] انظر: See Prosecutor v. Kupreskic et al., ICTY, Case No. IT-95-16, Judgement (Trial Chamber), January 14, 2000 فقرة 2000. "لتحقق أركان الجريمة ضد الإنسانية لابد من (1) وجود النية لارتكاب الفعل الإجرامي، مقترناً بـ (2) المعرفة بالنسق الأوسع الذي وقعت فيه الجريمة". انظر أيضاً: Prosecutor v. DuskoTadic , ICTY, Case No. IT-94-1, Judgement (Appeals Chamber), July 15, 1999, para.271; Prosecutor v. Kayishema and Ruzindana, ICTR, Case No. ICTR-95-1-T, Judgement (Trial Chamber II), May 21, 1999, paras. 133-134.

[151] انظر: Prosecutor v. Blaskic , ICTY, Case No. IT-95-14-T, Judgement (Trial Chamber), March 3, 2000, para. 257. Blaskic (paras. 258-259) ورد فيها العوامل التي يمكن بموجبها استنتاج المعرفة بالسياق العام: (أ) الظروف التاريخية والسياسية التي وقعت فيها أعمال العنف (ب) مهام الشخص المتهم لدى وقوع الجريمة (ج) مسؤولياته في إطار التسلسل السياسي أو العسكري (د) الصلة المباشرة أو غير المباشرة بين تسلسل القيادة السياسي والعسكري (هـ) معدل وجسامة الأعمال المرتكبة (و) طبيعة الجرائم المرتكبة ولأي درجة هي معروفة بشكل عام كونها جرائم.

[152] نظام روما، مادة 33.

[153] نظام روما، مادة 28.

[154] انظر المادة 18 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، 1969، الأمم المتحدة: Treaty Series , vol. 1155, p. 331, سوريا انضمت للاتفاقية في 1970. وقعت سوريا نظام روما في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2000.