Skip to main content

رسالة إلى وزير الخارجية المصري بشأن سوريا والمحكمة الجنائية الدولية

سيادة وزير الخارجية محمد كامل عمرو

وزارة الخارجية

كورنيش النيل

القاهرة – مصر

 

سيادة وزير الخارجية،

 

نكتب إلى سيادتكم التماساً للحكومة المصرية لكي تدعم مبادرة بقيادة سويسرا لمطالبة مجلس الأمن بالأمم المتحدة بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. تشير الرسالة المقرر أن تقدمها سويسرا للأمم المتحدة في 14 يناير 2013 إلى سجل من انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة في سوريا - مع عدم توفر فرصة لإحقاق العدالة على المستوى الداخلي - مشفوعة بطلب إلى مجلس الأمن لأن يتحرك بناء على هذا على مسار المحاسبة. لقد حان الوقت لكي تنضم مصر إلى أكثر من 50 دولة – بينها تونس وليبيا – دعمت هذه الدعوة والمبادرة الموجهة لكافة الأطراف في سوريا، ومفادها أن أيام الإفلات التام من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة قد ولّت.

 

كما تعرفون سيادة الوزير، فقد وقعت خروقات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في سوريا. تستمر السلطات السورية في شن غارات جوية وهجمات مدفعية على مناطق سكنية، وتستمر في احتجاز وتعذيب وإعدام المدنيين تعسفاً. في أغسطس 2012 أصدرت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا تقريرها الثالث، وفيه توصلت لوجود أسس مقبولة للاعتقاد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا. ولقد وثقت هيومن رايتس ووتش من جانبها وأدانت انتهاكات جسيمة منها الاختطاف والتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء من قبل قوات المعارضة.

 

إن الوضع الإنساني في سوريا في غاية الصعوبة. يظهر من تحليل مبدئي من أخصائيين في تحليل البيانات بتكليف من مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان أن أكثر من 60 ألف شخص قد قُتلوا في سوريا حتى الآن. هناك نحو 2 مليون نسمة ضحايا للنزوح الداخلي في سوريا، وأكثر من 600 ألف من اللاجئين في المخيمات وغيرها من الأماكن في تركيا والأردن ولبنان والعراق ومصر.

 

كانت مصر من أشد المؤيدين لإيقاف الأعمال الوحشية المرتكبة في سوريا. ولقد ساعدت الجهود المصرية الخاصة بإصدار قرارات قوية بشأن سوريا من جامعة الدول العربية ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في لفت الانتباه إلى وقف العنف ضد المدنيين وتحريك الجهود على هذا المسار. ومؤخراً، على حد علمنا عملت مصر على استصدار قرار الجمعية العامة في أغسطس 2012 بدعم من 133 دولة، وشدد على أهمية محاسبة المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، مع تشجيع مجلس الأمن على البحث في أمر فرض الإجراءات اللازمة في هذا الصدد. وفي مقابلة مع محطة الـ سي إن إن في 6 يناير أعلن الرئيس المصري محمد مرسي دعم دعوات السوريين المُطالبين بالعدل الدولي. إن دعم مصر لهذه الدعوة العالمية من شأنه أن يكون متسقاً مع الجهود المصرية المبذولة في سوريا ودفعة لهذه الجهود.

 

إلا أننا على حد علمنا لم تقم مصر حتى الآن بالتوقيع على الرسالة التي تدعو فيها سويسرا مجلس الأمن للتحرك وإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

 

إن دعم مصر لهذه المبادرة يعد بمثابة رسالة مهمة عن كيفية تعامل مجلس الأمن مع الوضع المتدهور في سوريا. إننا نعتقد أن الدعم العريض لهذه المطالبة بما في ذلك من دول المنطقة قد يسهم في فرض ضغوط أقوى على من بيدهم في سوريا وقف العنف. وبالفعل فإن التهديد بالملاحقة الجنائية الجادة هو إجراء يرسل رسالة قوية للأكثر مسؤولية عن الأعمال الوحشية التي تشهدها سوريا.

 

لقد طالبت أطراف أخرى في المجتمع الدولي بالعدالة من خلال المحكمة الجنائية الدولية. أوصت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عدة مرات بأن يحيل مجلس الأمن الوضع في سوريا إلى المحكمة. وفي الملاحظات الختامية التي تم إقرارها في ديسمبر 2012 طالب مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي مجلس الأمن بأن يتصدى على وجه السرعة للوضع في سوريا، بما في ذلك بإحالة الوضع هناك إلى المحكمة الجنائية الدولية.

 

إننا نفهم أنه ربما تكون هنالك مخاوف عن كيف قد تؤثر العدالة على  احتمالات التوصل لتسوية سلمية في سوريا. لكن يظهر من سجلات النزاعات الأخرى، مثل ما حدث في البلقان، أن الاتهام الجنائي لكبار الساسة والعسكريين وقادة التمرد قد يعزز في واقع الأمر من جهود السلام عن طريق تهميش ونزع الشرعية ممن يقفون في طريق تسوية النزاع. كما أن الإخفاق في محاسبة الجناة على الجرائم الدولية الأكثر جسامة قد يؤدي إلى وقوع انتهاكات أخرى في المستقبل.

 

ترى هيومن رايتس ووتش أن اتخاذ مجلس الأمن لموقف قوي هو أمر تأخر كثيراً وطال انتظاره، بما في ذلك الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية. إننا ندعو الحكومة المصرية لأن تعلن موقفاً مؤيداً للمبادرة السويسرية على وجه السرعة. بينما أشار المجتمع الدولي إلى الحاجة للمحاسبة، فلم يحدث تحرك ملموس لتحقيق المحاسبة بعد. إن التأخر في اتخاذ إجراءات ملموسة له آثار مدمرة على الشعب السوري، إذ تستمر انتهاكات حقوق الإنسان بشكل يومي. إن الوضع في غاية الخطورة على ضحايا الأعمال الوحشية في سوريا وعلى الجهود العالمية لوقف الإفلات من العقاب على أكثر الجرائم خطورة.

 

 

مع بالغ التقدير والاحترام،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

ريتشارد ديكر

مدير برنامج العدل الدولي

 

 

 

نسخة إلى: سيادة السفير معتز أحمدين خليل، مندوب مصر الدائم بالأمم المتحدة 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة