Lebanon Lebanon |
I.ملخص تنفيذي
تدرس هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير العمليات العسكرية التي قام بها كلٌّ من إسرائيل وحزب الله في لبنان خلال النزاع المسلح الذي استمر من 12 يوليو/تموز إلى 14 أغسطس/آب 2006. وقد أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً سابقاً عن هذا النزاع أجريت الأبحاث الخاصة به وتم نشره أثناء الحرب. وبسبب قلقنا حول سلوك طرفي النزاع أثناء الحرب، وكذلك بسبب صعوبة إجراء الأبحاث في خضم القتال، أجرت هيومن رايتس ووتش أبحاثاً إضافيةً هامة في بيئة ما بعد الحرب التي تتسم بقدرٍ أقل من الصعوبات.
وطبقاً للأبحاث الجديدة، قُتل في النزاع ما لا يقل عن 1109 لبنانياً أغلبيتهم العظمى من المدنيين، فضلاً عن 4399 جريحاً، وما يقدر بنحو مليون من المشردين. وأما هجمات حزب الله الصاروخية العشوائية ضد إسرائيل، وهي موضوع تقريرٍ مستقل لـ هيومن رايتس ووتش بعنوان "مدنيون تحت الهجوم: هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل أثناء حرب 2006"، فأدت إلى مقتل 43 مدنياً إسرائيلياً إضافةً إلى 12 جندياً، فضلاً عن جرح مئات المدنيين الإسرائيليين.
ونفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية في لبنان نحو 7000 غارة قصف بالقنابل أو الصواريخ، إلى جانب عددٍ كبير من جولات القصف المدفعي والبحري.1 وسببت الغارات الجوية الإسرائيلية تدميراً كاملاً لعشرات الآلاف من المنازل اللبنانية، مع إلحاق أضرارٍ جسيمة بعشرات الألاف من المنازل أيضاً. وفي بعض القرى، بلغت أعداد المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي كلياً المئات: 340 منزلاً تم تدميرها بالكاملً في صريفا؛ و215 منزلاً تم تدميرها بالكاملً في صديقين، و180 منزلاً تم تدميرها بالكامل في ياطر؛ و160 منزلاً تم تدميرها بالكامل في زبقين، وأكثر من 750 منزلاً تم تدميرها بالكاملً في عيتا الشعب؛ وأكثر من 800 منزلاً تم تدميرها بالكامل في بنت جبيل؛ و140 منزلاً تم تدميرها بالكامل في الطيبة. وتطول هذه القائمة كثيراً في مختلف أرجاء جنوب لبنان.
ويسعى هذا التقرير إلى الإجابة على ثلاثة أسئلةٍ مركزية:
وبغية الإجابة على هذه الأسئلة، حققت هيومن رايتس ووتش في أكثر من 94 حادثاً منفصلاً من حوادث القصف الجوي والمدفعي والبري الإسرائيلي، والتي أسفرت عن سقوط 510 قتيلاً مدنياً و51 مقاتلاً من حزب الله؛ وهذا ما يكاد يعادل نصف عدد القتلى اللبنانيين في هذا النزاع. ويبين بحثنا أن السبب الأول لارتفاع عدد القتلى المدنيين اللبنانيين هو امتناع إسرائيل المستمر عن التقيد بالالتزامات الأساسية التي تفرضها قوانين الحرب: واجب التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية التي من المشروع مهاجمتها، وبين المدنيين الذين ليسوا موضوعاً للهجوم. وترافق هذا مع امتناع إسرائيل عن اتخاذ الحمايات الكافية لتفادي وقوع الإصابات المدنية.
ولا يعني وقوع إصابات مدنية بالضرورة وجود انتهاك للقانون الإنساني الدولي؛ لكنه نقطة البدء في التحقيقات. وقد خلصت تحقيقات هيومن رايتس ووتش المكثفة في لبنان إلى أن إسرائيل كانت غالباً ما تهاجم أهدافاً لا يمكن اعتبارها أهدافاً عسكرية تصح مهاجمتها بموجب قوانين الحرب. وفي الحالات حيث كان وجود هدف عسكري مشروع أمراً واضحاً، وجدت تحقيقاتنا مراراً أن الخسائر المدنية الناجمة قد تكون مفرطةً بالمقارنة بالمكسب العسكري المرجو من الهجوم. ومن نواحٍ بالغة الأهمية، اتسمت إدارة إسرائيل للحرب بلا مبالاةٍ متهورة إزاء مصير المدنيين اللبنانيين وانتهكت قوانين الحرب.
ويصر المسؤولون الإسرائيليون على أن سبب ارتفاع نسبة الوفيات لم يكن بسبب القصف العشوائي من جانب القوات الإسرائيلية، بل بسبب ما يُزعم من ممارسة حزب الله المعتادة للاختباء بين المدنيين واستخدامهم "دروعاً" في القتال. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن اللوم يقع على حزب الله إذا أدت الهجمات الإسرائيلية ضده إلى مقتل المدنيين وتدمير منازلهم أيضاً. إلا أن الأدلة التي كشفتها هيومن رايتس ووتش في تحقيقاتها على الأرض تدحض هذه الحجة.
وقد انتهك حزب الله قوانين الحرب أحياناً من حيث نشر قواته في لبنان. كما انتهكها مراراً في قصفه الصاروخي ضد إسرائيل، وهو موضوع تقرير مستقل صدر عن هيومن رايتس ووتش بعنوان "مدنيون تحت الهجوم". وفي بعض الحالات، بينت أبحاثنا أن حزب الله أطلق الصواريخ من مناطق مأهولة وسمح لمقاتليه بالاختلاط مع السكان المدنيين، أو قام بتخزين أسلحته في مناطق مأهولة على نحوٍ ينتهك القانون الإنساني الدولي. إلا أن هذه الانتهاكات لم تكن واسعة الانتشار: إذ وجدنا أدلةً قوية على أن حزب الله خزن معظم صواريخه في أعشاشٍ ومراكز تخزين أسلحة تقع في وديان وحقول غير مأهولة، وعلى أن مقاتليه غادروا في الغالبية العظمى من الحالات المناطق المدنية المأهولة فور بدء القتال، وكذلك على أن حزب الله أطلق الغالبية العظمى من الصواريخ من مواقع أعدها مسبقاً خارج القرى. أما بصدد السؤال عما إذا كان حزب الله استخدم المدنيين "دروعاً" على نحوٍ متعمد (أي ما إذا كانت قواته لم تقتصر على تعريض المدنيين للخطر خلافاً لواجب اتخاذ جميع الاحتياطات المعقولة لتجنيبهم أخطار النزاع المسلح، بل انتشرت بين صفوفهم قصداً بهدف حماية نفسها من الهجوم)، وهذا انتهاك خطير لقوانين الحرب، فقد عثرنا على عددٍ من الحالات إلا أننا لم نجد ما يشير إلى ممارسة هذا الأمر على نحوٍ واسع.
وللأسباب التي نعرضها أدناه، لا يؤيد تقييم هيومن رايتس ووتش لسلوك حزب الله الرأي الإسرائيلي القائل بأن انتهاكات حزب الله هي السبب الرئيسي في الإصابات المدنية اللبنانية. وتقع مسؤولية ارتفاع حصيلة قتلى الحرب المدنيين في لبنان بوضوح على سياسات إسرائيل وقرارات الاستهداف التي اتخذتها في مجرى عملياتها العسكرية.
السياسات الإسرائيلية التي ساهمت في حصيلة القتلى المدنيينفي الغالبية الساحقة من الحالات الموثقة في هذا التقرير، أصابت الغارات الجوية الإسرائيلية أهدافاً مدنية، أو أماكن قريبة منها، فتسببت في مقتل كثيراً من المدنيين في بيوتهم أو سياراتهم. ومع وجود حالاتٍ كان مقتل المدنيين فيها "أضراراً مرافقة" نجمت عن هجماتٍ مشروعة ضد أهدافٍ عسكرية، فإننا لم نجد دليلاً على تواجد عسكري لحزب الله أو أسلحته أو أي هدف عسكري آخر يبرر الغارات، وذلك في الغالبية العظمى من الغارات القاتلة التي حققنا فيها. وقد وجدت هيومن رايتس ووتش في الزيارات التي قامت بها إلى المقابر في القرى أن ضحايا هذه الغارات دفنوا بصفتهم مدنيين، ولم يجر تكريمهم بصفتهم "مقاتلين" أو "شهداء" من قبل حزب الله أو أية جماعةٍ مقاتلةٍ أخرى؛ وذلك رغم ما يجده حزب الله من فخرٍ في إطلاق هذه الصفة. ويمثل الأطفال والنساء غالبيةً كبيرة بين ضحايا الغارات الإسرائيلية التي تم توثيقها. فثمة 302 امرأة وطفلاً من أصل 499 إصابة مدنية لبنانية تمكنا فيها من تأكيد الجنس والعمر.
ولا يمكن تفسير هذا الفشل المتكرر في التمييز بين المدنيين والمقاتلين بأنه مجرد سوء إدارة للحرب، أو بأنه مجموعةٌ من الأخطاء. فدراسات الحالة التي أجريناها تبين أن السياسات الإسرائيلية هي المسؤول الأول عن هذا الفشل القاتل. افترضت إسرائيل أن جميع المدنيين اللبنانيين تقيدوا بإنذارها لهم بإخلاء القرى الواقعة جنوب نهر الليطاني؛ وبالتالي فإن كل من بقي في المنطقة يعتبر مقاتلاً. وبموجب هذا الافتراض اعتبرت إسرائيل أن أي شخص تتم مشاهدته، أو أية حركة للأشخاص أو الآليات، جنوب الليطاني أو في وادي البقاع، فهذا ليس إلا تحركاً عسكرياً لحزب الله يجوز لها استهدافه. وبالمثل، نفذت إسرائيل قصفاً واسعاً على جنوب لبنان تضمن استخداماً مكثفاً للذخيرة العنقودية قبيل وقف إطلاق النار المرتقب، وذلك على نحوٍ ينطوي على عدم التمييز بين أهداف مدنية وعسكرية.
وخلال الحرب، وجهت إسرائيل إنذارات متكررة إلى سكان جنوب لبنان لإخلاء المنطقة الواقعة جنوب الليطاني. وقد بثت هذه الإنذارات عبر منشورات باللغة العربية أسقطتها من الطائرات، وعبر رسائل إذاعية بالعربية بثتها في جنوب لبنان، وكذلك عبر رسائل صوتية تم إرسالها إلى بعض الهواتف الخلوية في لبنان، إضافةً إلى استخدام مكبرات الصوت على امتداد خط الحدود. وبعد بث هذه الرسائل، أدلى كثيرٌ من المسؤولين الإسرائيليين بتصريحاتٍ (انظر أدناه) مفادها أن كل من بقي في المنطقة مرتبطٌ بحزب الله، وبالتالي فهو هدفٌ مشروعٌ للهجوم. وفي الأيام والأسابيع اللاحقة، كثفت إسرائيل قصفها على جنوب لبنان فأصابت آلاف المنازل فيه.
ولعله يجدر التساؤل عما إذا كان المسؤولون الإسرائيليون مقتنعين حقاً بافتراضهم القائل بعدم بقاء أي مدني لبناني في جنوب لبنان، أو أنهم يعلنون هذه القناعة لمجرد الدفاع عن أفعالهم. إلا أن من المؤكد أن ثمة أدلة تشير إلى معرفة المسؤولين الإسرائيليين بعدم صواب افتراضهم. فأثناء الغارات الإسرائيلية في جنوب لبنان، كان الإعلام الإسرائيلي والدولي زاخراً بقصصٍ كثيرة عن مقتل المدنيين اللبنانيين في الغارات الإسرائيلية أو بقائهم عالقين في جنوب لبنان. وفضلاً عن ذلك، كانت السفارات الأجنبية دائمة الاتصال بالدبلوماسيين الإسرائيليين التماساً لمساعدتهم في إخلاء مواطنيها العالقين في القتال الجاري في الجنوب. وفي بعض الحالات، بدا أن إسرائيل تعرف تماماً عدد المدنيين الباقين في كل قرية. فعلى سبيل المثال، قدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس في 24 يوليو/تموز أن هناك 500 من سكان بنت جبيل ما زالوا فيها رغم إنذارات الجيش الإسرائيلي لهم بمغادرتها.2
ولابد أن إسرائيل تعرف أيضاً من خلال حروبها السابقة في جنوب لبنان أن السكان المدنيين نادراً ما يكونون مستعدين لمغادرة منازلهم، أو قادرين على ذلك، طبقاً للجدول الزمني الذي تضعه قوةٌ عسكرية تشارك في الحرب.3 وفي تقريرٍ لها قبل 10 سنوات عن القتال بين حزب الله وإسرائيل في يوليو/تموز 1993، وجدت هيومن رايتس ووتش أنه كان "يمكن التوقع منطقياً أن قسماً من السكان قد لا ينزحون؛ ومن الممكن التوقع تماماً أن كبار السن والفقراء خاصةً لن يتمكنوا من إخلاء منازلهم، وخاصةً بالنظر إلى قصر المهلة الفاصلة بين الإنذارات الأولى وبين بدء القصف".4 وكما كانت الحال عام 1993، كان من بين القتلى والجرحى في حرب 2006 كثيرٌ من كبار السن والفقراء. وكان حرياً بإسرائيل أن تعرف أن أعداداً كبيرة من المدنيين ستبقى في القرى خلال الحرب كلها. وعلى أقل تقدير، كان على القوات الإسرائيلية واجب التحقق من المناطق التي تستهدفها؛ وخاصةً بعد أن اتضح أن المدنيين يتعرضون للقتل بأعدادٍ كبيرةٍ للغاية.
وحتى إن كان تأييد حزب الله هو ما حمل الباقين على البقاء (وهو زعمٌ تدحضه أبحاثنا؛ لأن معظم من بقوا كانوا ممن منعهم التقدم في السن أو المرض أو شدة الفقر من المغادرة) فليس من المُبَرر لإسرائيل أن تهاجمهم. ولا شأن للميول السياسية للمدنيين في منطقةٍ أو قريةٍ ما بالأمر عندما يتعلق الموضوع بصفتهم المدنية. وطالما أن المدنيين لا يشاركون في الأعمال العدائية مباشرةً، أي لا يقومون بأعمالٍ يًُرجح بسبب طبيعتها أو غايتها أن تساهم في إيقاع الأذى بجنود العدو أو معداته، فهم يظلون مستفيدين من الحماية التي تنبع من صفتهم المدنية بموجب القانون الإنساني الدولي. ومن هنا، فإن الهجمات الموجهة ضد المدنيين الذين يناصرون حزب الله سياسياً فقط لا تختلف من حيث عدم مشروعيتها عن الهجمات المباشرة ضد المدنيين.
ويكون الأشخاص الذين يرتكبون انتهاكاتٍ خطيرة لقوانين الحرب مع توفر القصد الجرمي مسؤولين عن جرائم حرب. ويجب أن يقرر التحقيق الجنائي في هذه الهجمات ما إذا كان الأشخاص المسؤولون عنها قد هاجموا مناطق بقي فيها المدنيون عن قصد أو عن إهمال. أي أن القائد العسكري الذي أدرك عدم صحة الافتراض القائل بأن المدنيين غادروا المنطقة ثم واصل استهدافها على نحوٍ عشوائي يتحمل مسؤوليةً جنائية عن توجيه الأمر بشن هجومٍ غير مشروع.
وخلال النزاع، استهدفت الطائرات الإسرائيلية المركبات المدنية على الطرقات وفي المنازل مفترضةً أنها تحركاتٌ عسكرية لحزب الله. وكان من الهجمات القاتلة ضد المدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار من منطقة القتال مقتل 23 مدنياً بينهم 14 طفلاً و7 نساء من قرية مروحين يوم 15 يوليو/تموز؛ وكذلك مقتل 6 مدنيين وجرح 9 أثناء نزوحهم من عيترون يوم 19 يوليو/تموز؛ ومقتل ثلاثة مدنيين وجرح 14 أثناء نزوحهم من الطيرة في 23 يوليو/تموز؛ ومقتل اثنين من المدنيين وجرح 4 أثناء نزوحهم من المنصوري يوم 23 يوليو/تموز؛ وجرح 6 من سائقي سيارات الإسعاف وثلاثة ركاب في قانا يوم 23 يوليو/تموز؛ ومقتل مدني على دراجة آلية كان ذاهباً لشراء الطعام والدواء يوم 24 يوليو/تموز؛ ومقتل 7 مدنيين أثناء نزوحهم من مرجعيون في 11 أغسطس/آب؛ ومقتل 7 مدنيين وجرح ستة في وادي البقاع يوم 14 أغسطس/آب. وفي جميع هذه الحالات، لم يقم دليلٌ على وجود عسكري لحزب الله يمكن أن يبرر هذه الهجمات.
وغالباً ما كانت أية حركةٍ بسيطةٍ للأشخاص أو المركبات كافيةً للتسبب في غارةٍ قاتلة. ففي 19 يوليو/تموز، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية أربعة أفراد من عائلة درويش في عيناتا، وذلك فور رجوع هؤلاء المدنيين إلى بيوتهم في سيارتهم بعد شراء الخبز وتوزيعه في القرية. وفي 4 أغسطس/آب، أدت غارةٌ إسرائيلية على مزرعة فاكهة نائية في قرية القاع بشمال وادي البقاع إلى مقتل 25 عاملاً زراعياً من الأكراد السوريين. ومن الواضح أن الجيش الإسرائيلي رصد مغادرة شاحنة مبردة تلك المزرعة قبل الغارة بزمنٍ قصير فقام بقصف المباني دون التثبت مما إذا كانت هدفاً عسكرياً مشروعاً أو لا. وفي 7 أغسطس/آب، قتلت غارةٌ جوية إسرائيلية خمسة مدنيين في أنصار بعد تجمع عدد من الأقارب والجيران في أحد المنازل بغرض الزيارة ثم مغادرتهم إياه في المساء. وفي 25 يوليو/تموز، أطلقت طائرة إسرائيلية بدون طيار صاروخاً على سعدى نور الدين في الغسانية بعد ذهابها إلى بيتها لجلب إمدادات غذائية، وذلك عندما كانت تقود سيارتها إلى ملجأ القرية حيث تقيم مع 40 مدنياً غيرها. وفي 10 أغسطس/آب، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزلاً في رب الثلاثين فتسببت في مقتل أربع نساء بعد وقتٍ قصير من قيام ثلاث منهن بنقل قريبتهن الرابعة الجريحة من منزلٍ إلى منزلٍ آخر.
وتدحض طبيعة حملة القصف الإسرائيلي بجنوب لبنان الحجة الإسرائيلية القائلة بحصول إسرائيل على أدلة مباشرة تربط أهدافاً بعينها بقوات حزب الله قبل القيام بضربها. فقد خلصت تحقيقات هيومن رايتس ووتش الميدانية إلى أن معظم الحالات لم تشهد وجود هدف عسكري ظاهر في القرى التي استهدفتها الهجمات الإسرائيلية. إلا أنه، وحتى عند وجود أهداف عسكرية حقيقية في الجوار القريب، فإن الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني على الهجمات العشوائية، يمنع الأطراف المتقاتلة من معاملة البلدة أو القرية كلها بصفتها هدفاً عسكرياً واحداً يجوز استهدافه بالقصف العامً. أي أن مجرد وجود قوات حزب الله في مكانٍ ما من القرية أو البلدة لا يبرر التدمير الشامل للبلدات أو القرى على النحو الذي قام به الجيش الإسرائيلي. كما لا يجوز تنفيذ هجماتٍ يمكن لها، أو مُتوقع منها، إيقاع أذى عشوائي بالسكان المدنيين.
ومما زاد المشكلة تعقيداً استهداف إسرائيل أشخاصاً أو منشآت على صلة ما بالهيكليات العسكرية أو السياسية أو الاجتماعية لحزب الله (بصرف النظر عما إذا كانت تمثل أهدافاً عسكريةً مشروعة بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي)، وكذلك امتناعها عن اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتفادي إصابة المدنيين عند مهاجمة أهدافٍ تشتبه بأنها تابعةٌ لحزب الله.
وخلال الحرب، صرّح المسؤولون الإسرائيليون مراراً أنهم يعتبرون جميع أقسام حزب الله (جناحه العسكري إضافةً إلى فروعه السياسية والاجتماعية والخيرية الواسعة) جزءاً من منظمةٍ إرهابيةٍ متكاملة، وأنهم يرون في أي شخص أو مكتب على صلة بحزب الله هدفاً عسكرياً مشروعاً. وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة دان غيلرمان لمجلس الأمن في 21 يوليو/تموز إن حزب الله "سرطانٌ ينبغي استئصاله تماماً"، ورفض أي تمييزٍ بين الهيكليات العسكرية والسياسية في حزب الله قائلاً إن "لدى عضو المجلس النيابي [عن حزب الله] والإرهابي الذي يطلق الصواريخ من التلال ضد المدنيين الإسرائيليين عين الإستراتيجية والهدف. ولا يجوز السماح لهذه الصفات بأن تمنح شرعيةً لهذه العصابة من السفاحين"5.
وقد أدى القرار الواضح باستهداف جميع جوانب عضوية حزب الله وبنيته التحتية إلى مقتل عددٍ من المدنيين الذين لا صلة لهم بحزب الله، إضافةً إلى عددٍ من أعضاء حزب الله الذين لم يكونوا مشاركين في العمليات العسكرية. ويعد الهجوم الذي يستهدف، عن قصدٍ وعن علم، أشخاصاً ليسوا بالمقاتلين ولا بالمدنيين المشاركين مباشرةً في الأعمال العدائية، انتهاكاً خطيراً لقوانين الحرب. وطالما أن الهجمات قد تم شنها مع المعرفة بوجوب معاملة الهدف بصفته عيناً مدنية بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن المسؤولين عن الهجوم يرتكبون جرائم حرب.
وتشير أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى أن عدداً كبيراً من المنازل الخاصة العائدة لأعضاء مدنيين في حزب الله قد تم استهدافها أثناء الحرب، إضافةً إلى عددٍ من مؤسسات حزب الله المدنية كالمدارس والمؤسسات الخيرية والمصارف والمتاجر والمقار السياسية، إضافةً إلى البنية التحتية العسكرية للحزب وإلى منازل مقاتليه. وجاءت حصيلة القتلى المدنيين الناجمة عن هذه الهجمات منخفضة لأن جميع مسؤولي الحزب وأعضائه تقريباً، بل جيرانهم في معظم الأحوال أيضاً، أخلوا منازلهم تحسباً لهذه الغارات الإسرائيلية. إلا أن هيومن رايتس ووتش قامت بتوثيق عدد من الحالات التي لاقى فيها مدنيون حتفهم في غاراتٍ على أهدافٍ مدنية ذات صلة بحزب الله. ففي 13 يوليو/تموز مثلاً، وهو اليوم الأول للغارات الجوية الضخمة، دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل الشيخ عادل محمد عكاش، وهو رجل دين شيعي تلقى علومه في إيران ويوجد اعتقاد بأنه على صلةٍ دينية بحزب الله. وأدى الهجوم إلى مقتل الشيخ وزوجته وأطفاله العشرة الذين تتراوح أعماهم بين عامين و18 عاماً، إضافةً إلى خادمتهم السري لانكية. وما من دليلٍ على مشاركة الشيخ عكاش في النشاط العسكري لحزب الله (لم تزعم إسرائيل ذلك علناً)؛ ويقول أهل قرية الدوير إنه لم يكن إلا زعيم ديني في قريتهم. وفي 23 يوليو/تموز، أطلقت طائرة إسرائيلية في النبي شيت النار على منزل د. فايز شكر، وهو عضو قيادي في حزب البعث اللبناني ومناصر سياسي لحزب الله، مما أدى إلى مقتل والده البالغ 71 عاماً.
ويتضح التعريف الإسرائيلي الفضفاض للأهداف المشروعة العائدة لحزب الله من خلال نمط الهجمات على ضواحي بيروت الجنوبية كثيفة السكان، وخاصةً "الضاحية الجنوبية". ففي مهاجمته هذه المنطقة التي يغلب فيها الشيعة وتزدحم بالأبنية السكنية المرتفعة، لم يقتصر هجوم الجيش الإسرائيلي على أهداف حزب الله العسكرية فحسب، بل استهدف أيضاً مقار منظماته الخيرية ومكاتب أعضاء المجلس النيابي المنتمين للحزب، ومركز الأبحاث العائد له، ومباني سكنية متعددة الطوابق في مناطق تعتبر مؤيدةً لحزب الله. وتحمل تصريحات المسؤولين الإسرائيليين إشاراتٍ قوية إلى أن هجمات الجيش الإسرائيلي الضخمة في جنوب بيروت لم تكن موجهةً ضد أهداف عسكرية تابعة لحزب الله (كما يقتضي القانون الدولي)، بل كانت موجهةً ضد أحياء كاملة باعتبارها مواليةً للحزب. وتشير بعض تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، ومنهم وزير الدفاع عامير بيريتز وقائد الأركان دان حالوتس، إلى أن بعض الغارات على جنوب بيروت قد تكون انتقاماً غير مشروع من هجمات حزب الله ضد إسرائيل.
وفي كثيرٍ من الحالات التي وقع فيها قتلى مدنيون أثناء محاولة إسرائيل استهداف مقار مدنية (وحتى عسكرية) لحزب الله، كان السبب الأول في هذه الوفيات هو استخدام إسرائيل معلومات استخباراتية قديمة أو غير دقيقة أدت إلى الخطأ في تحديد المباني التي تعتبرها على صلةٍ بحزب الله، أو كان السبب هو عدم اتخاذ الاحتياطات الكافية للحد من إصابات المدنيين أثناء الغارات التي طالت أهدافاً يفترض أنها لحزب الله، وخاصةً منازل من يُشتبه في أنهم من مقاتلي الحزب.
ففي 13 يوليو/تموز، أصاب عددٌ من الصواريخ الإسرائيلية منزل مصطفى خشب البالغ 43 عاماً فتسببت في مقتله مع زوجته ووالده وشقيقته وطفليه البالغين 14 و16 عاماً. ولم تكن لمصطفى أية علاقةٍ بحزب الله؛ وكان يقيم إقامةً دائمة في ألمانيا. ولعل من الممكن أن الغارة كانت تستهدف شقيقه صافي خشب، فهو من كبار مسؤولي الحزب إلا أنه كان قد غادر القرية في الليلة التي سبقت الغارة كما لم يكن يسكن في المنزل المستهدف. وثمة مثالٌ مشابه على الفشل في استهداف أعضاء حزب الله الذي أفضى إلى مقتل مدنيين، وهو الهجوم الإسرائيلي على بلدة الغازية يومي 7 و8 أغسطس/آب وأدى إلى مقتل 26 مدنياً. ويبدو أن الهدف في هجمات الغازية كان أمين خليفة، أحد القياديين في حزب الله من هذه البلدة؛ لأن القنابل الإسرائيلية أصابت منزل جاره ومنازل أشقائه ومتاجرهم. وطبقاً لجميع المؤشرات، لم يكن أمين خليفة في الغازية أثناء الحرب، بما في ذلك أثناء اليومين اللذين شهدا تلك الهجمات.
كما ساهمت أخطاء الاتصالات والأخطاء الاستخباراتية في كثيرٍ من حالات الاستهداف الخاطئ من جانب الجيش الإسرائيلي مؤديةً إلى إصابة مدنيين. ففي 16 يوليو/تموز، قتلت غارةٌ جوية إسرائيلية على مبنى متعدد الطوابق في صور 14 مدنياً، إلا أن ذلك المبنى لم يكن "مقر حزب الله في صور" كما زعمت الاستخبارات الإسرائيلية؛ فقد كان مقراً للدفاع المدني اللبناني، وهو مؤسسةٌ يحميها القانون الإنساني. وفي 25 يوليو/تموز، دمر صاروخ إسرائيلي موجه مركز مراقبة تابع لمجموعة مراقبي الأمم المتحدة في لبنان (OGL) قرب بلدة الخيام فقتل أربعة من مراقبي الأمم المتحدة، وذلك بعد اتصال مسؤولي الأمم المتحدة بالجيش الإسرائيلي لتحذيرهم من أنهم يقصفون على مقربةٍ شديدة من موقع الأمم المتحدة. ورغم أن هذا التقرير يوثق حالاتٍ كثيرة قام فيها مقاتلو حزب الله، على نحوٍ غير مشروع، بإطلاق صواريخهم من أماكن قريبة من مواقع الأمم المتحدة، فإن حزب الله لم يكن لديه تواجد قرب موقع الأمم المتحدة في الخيام عندما أصابه الصاروخ الإسرائيلي. وفي آخر يومٍ من الحرب، أي 13 أغسطس/آب، نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية إحدى أكبر الغارات التي شهدتها الحرب ضد مجمع الإمام الحسن في حي الرويس جنوب بيروت، فدمرت ثمانية مباني مؤلفة من 10 طوابق وتسببت في مقتل 36 مدنياً على الأقل، إضافةً إلى أربعة أعضاء من مراتب متدنية في حزب الله. ومن الواضح أن ذلك جرى بسبب معلوماتٍ غير دقيقة (انظر أدناه) تفيد أن مسؤولاً كبيراً من حزب الله كان موجوداً في ذلك المجمع السكني.
***
وكما يوثق تقرير قادم لـ هيومن رايتس ووتش الاستخدام الكثيف الموسع للذخيرة العنقودية من جانب الجيش الإسرائيلي أثناء النزاع المسلح في لبنان6 خاصةً أثناء الأيام الثلاثة الأخيرة منها عندما تبين للطرفين أن ثمة تسويةًً وشيكة، كان عشوائياً وغير متناسبٍ في آنٍ واحد؛ وذلك في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي. وقد ذكر جيش الدفاع الإسرائيلي أنه في غالبية الحالات كان يطلق الذخيرة العنقودية على أهداف عسكرية في مناطق مفتوحة وعلى أهداف بالقرب من مناطق مبنية "نحو مواقع محددة كانت صواريخ حزب الله تأتي منها لتصيب غسرائيل، وبعد اتخاذ احتياطات خاصة لتحذير المدنيين بمغادرة المنطقة.7 وقد أظهرت أبحاث هيومن رايتس ووتش الميدانية في لبنان أن الجيش الإسرائيلي قد شن هجمات بالذخيرة العنقودية كثيراً على أو بالقرب من بلدات أو قرى، وفي بعض الحالات ضد قوات حزب الله، لكن في حالات أخرى كثيرة دونما وجود هدف عسكري ظاهر.
وقد أدى أسلوب الجيش الإسرائيلي في استخدام الذخيرة العنقودية واعتماده على ذخيرة قديمة (الكثير منها يعود لعهد حرب فيتنام) إلى نسبة عطالة مقدرة بما يتراوح بين 30 إلى 40 في المائة من الذخيرة. وخلف هذا ما يقدر بمليون قذيفة عنقودية صغيرة لم تتفجر بعد، شغلت الحقول والبساتين وعشرات البلدات والقرى في الجنوب اللبناني، مما هدد عودة السكان المدنيين إلى ديارهم.8 وحتى 20 يونيو/حزيران 2007، تسببت القذائف العنقودية العاطلة التي لم تتفجر مع الارتطام منذ وقف إطلاق النار، في مقتل 24 مدنياً وإصابة 183 آخرين.9 وقد ألحقت خسائر فادحة باقتصاد المنطقة بأن حولت الحقول الزراعية إلى حقول ألغام وتداخلت سلباً مع زراعة محاصيل التبغ والحمضيات والموز والزيتون.
***
ويتناول هذا التقرير، في شطره الأعظم، تحقيقاتٍ في الوفيات المدنية الناجمة عن القصف الجوي. على أننا وثقنا أيضاً خلال التحريات التي أجريناها حالتين مقلقتين قتلت فيهما القوات البرية الإسرائيلية مدنيين لبنانيين عزلاً وكان حرياً بالجنود الإسرائيليين إدراك أنهم لا يشكلون أي خطر. ففي 6 أغسطس/آب، قتلت القوات البرية الإسرائيلية الزوجين العجوزين نصر الله (ليست على صلة بأسرة زعيم حزب الله حسن نصر الله)، البالغين 83 و81 عاماً، مع ابنهما (54 عاماً) وابنتهما (58)، وذلك عند عودتهم لتفقد منزلهم في الطيبة الذي كان الجنود الإسرائيليون يحتلونه دون علم أصحابه. وفي 27 يوليو/تموز، قتل الجنود الإسرائيليون مريم خنافر البالغة 36 عاماً أثناء خروجها من بيتها الذي كان الجنود يحتلونه، حاملةً وعاء الفضلات الخاص بابنتها. ومع أن هاتين الحادثتين لا تبدوان نتيجة قرار اتخذه مسؤولون إسرائيليون، فإن ظروفهما تستدعي التحقيق فيهما، وكذلك الملاحقة القضائية إن وجبت.
***
والسياسات الإسرائيلية التي لخصناها أعلاه هي ما قاد خطى عمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان أثناء الحرب. ومن الواضح تماماً أنها تعكس سياسة إسرائيل وليس مجرد سلوك أشخاص في الجيش الإسرائيلي، وهو ما يبين من تصريحات مسؤولي الحكومة الإسرائيلية وقادة الجيش التي تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يشوش قصداً على التمييز بين المدنيين والمقاتلين. وفي تصريحٍ من هذا النوع صدر في 27 يوليو/تموز 2006، قال وزير العدل الإسرائيلي حاييم رامون إن "جميع من في جنوب لبنان الآن إرهابيون لهم صلةٌ ما بحزب الله".10 وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يعقوب دلال لأسوشييتد برس:
وفي هذا الإطار، يبدو ما تقوله إسرائيل من أنها تستهدف الأهداف العسكرية فقط مجرد مزاعم فارغة.
وفي السياسات الإسرائيلية الخاصة بكيفية خوض الحرب عنصرً مشترك يتمثل في محاولة إسرائيل تحديد مجال واسع من المدنيين والأهداف المدنية بصفته مجالاً للأهداف العسكرية. ويعترف المسؤولون والقادة العسكريون الإسرائيليون اعترافاً ظاهرياً بمقتضيات القانون الإنساني القائلة إن بوسعهم استهداف الأهداف العسكرية فقط؛ إلا أنهم يقومون على نحوٍ غير مشروع بتوسيع نطاق ما يمكن اعتباره هدفاً عسكرياً مشروعاً. ومن خلال ذلك قاموا بعددٍ كبير من الهجمات التي جاءت عشوائيةً وغير متناسبة وغير مبررة. وتعد هذه الهجمات انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي. وبقدر ما تكون مُنفذة مع علمٍ أو لامبالاةٍ طائشة بالطبيعة المدنية لمن يجري استهدافهم، فإن القصد الجرمي يكون متوفراً لدى من أمروا بها، وذلك بما يرقى إلى ارتكاب جرائم الحرب كما جاء في تعريف القانون الإنساني الدولي لها.
وبقدر ما يكون كبار المسؤولين والقادة العسكريين عارفين بأن ثمة جرائم حرب تُرتكب، وبقدر ما يكونوا في مواقع سلطة تسمح لهم بوقف تلك الهجمات أو معاقبة المسؤولين عنها، ثم لا يقومون بذلك؛ بقدر ما يتحملون المسؤولية عن جرائم الحرب من زاوية مسؤولية القيادة وفقاً لمقتضيات القانون الإنساني الدولي.12
سلوك حزب الله أثناء الحربوثق بحثنا في لبنان عدداً من الحالات قام فيها مقاتلو الحزب بوضع الأسلحة أو الذخيرة داخل المنازل المدنية أو القرى، إضافةً إلى بعض حالات إطلاق الصواريخ من مناطق كثيفة السكان.13 وترد أدناه أمثلةٌ تبين ذلك. وهذا السلوك ينتهك بالحد الأدنى الواجب القانوني في اتخاذ جميع الاحتياطات المعقولة لتفادي إصابة المدنيين. وأما حيث حاول مقاتلو حزب الله استخدام المدنيين لحماية ممتلكاتٍ عسكرية من الهجوم، فإن القصد الجرمي اللازم لجريمة الحرب المتمثلة في اتخاذهم دروعاً يكون متوفراً. إلا أن هذه الممارسات، كما أشرنا منذ قليل، لا تكاد تقترب من الصورة التي رسمتها الروايات الإسرائيلية الرسمية أو بعض روايات الصحافة المستقلة. فقد وجد باحثونا أن مقاتلي حزب الله لم يختلطوا بالسكان المدنيين ولم يقوموا بأفعالٍ أخرى من شأنها المساهمة في جعل إسرائيل تستهدف منزلاً بعينه أو مركبةٍ بعينها، اللهم إلا في عدد محدود من الحالات التي حققنا فيها.
وفي بضع حالات، أدى سلوك حزب الله غير القانوني إلى مقتل مدنيين. فعلى سبيل المثال، دمرت غارةٌ إسرائيلية يوم 13 يوليو/تموز منزلين في برعشيت فتسببت في مقتل نجيب حسين فرحات (45) وابنته زينب (16). وكان حزب الله قد أقام، من غير علم الأسرة، مخزناً كبيراً للأسلحة في منزلٍ مجاورٍ مهجور دُمر في الغارة أيضاً.
وعلى نحوٍ مماثل، وخلال عدة مناسبات أثناء الحرب، قامت قوات حزب الله بإطلاق الصواريخ من مناطق مدنية مأهولة مثيرةً ردوداً إسرائيلية قاتلة. ففي 18 يوليو/تموز، أصابت غارة إسرائيلية منزلين مدنيين في عيترون فتسببت في مقتل تسعة أفراد من عائلة عواد؛ وذلك بعد نحو ساعتين من قيام حزب الله بإطلاق الصواريخ من مسافة تناهز 150 متراً عن منزلهم. وقد أطلعنا أحد أهالي يارون (وهي قريةٌ حدودية مسيحيةٌ شيعية مختلطة) على عدة أماكن داخل القرية قام حزب الله بإطلاق صواريخه منها مستثيراً غاراتٍ إسرائيلية مضادة بالغة التدمير.
وفي حالةٍ من حالات السلوك غير القانوني من جانب حزب الله أدت إلى مقتل مقاتلين فقط، أدت غارةٌ جوية إسرائيلية استهدفت منزلاً في ياطر يوم 16 يوليو/تموز إلى مقتل ثلاثة من مقاتلي الحزب. وكان هؤلاء المقاتلين قد خبؤوا قاعدة إطلاق صواريخ استخدموها مؤخراً داخل ذلك المنزل. وعلى نحوٍ مماثل، وفي قرية مروحين الحدودية التي يغلب السنة على سكانها، قاد مقاتلو حزب الله في 13 يوليو/تموز شاحنة بيضاء محملة بالأسلحة إلى داخل القرية وأوقفوها في مكانٍ قريبٍ من الجامع ثم خزنوا الأسلحة والصواريخ في منزلٍ يعود لأحد أهل القرية. وبعد يومين رأى شهود عيان مقاتلي حزب الله في القرية وهم ينقلون الأسلحة مخبأةً في بطانيات.
كما حصلت هيومن رايتس ووتش أيضاً على أدلةٍ معقولة تفيد بأن حزب الله كان يقيم مراكز تخزين أسلحة في مباني سكنية بجنوب بيروت، وأنه استخدم المدنيين في نقل بعض هذه الأسلحة إلى مواقع مختلفة من بينها ملجأٌ مدنيٌّ واحد على الأقل ضمن مبنى سكني. وقام حزب الله أيضاً بإطلاق أسلحته من أماكن في جوار مراكز الأمم المتحدة، وذلك على نحو يومي تقريباً. وغالباً ما أدى ذلك إلى غاراتٍ إسرائيليةٍ مضادة أفضت إلى مقتل وجرح عدد من أفراد الأمم المتحدة. وتنتشر مراكز الأمم المتحدة عموماً على قمم التلال من أجل مهام المراقبة. وهذه القمم مواقع ملائمة أيضاً من أجل إطلاق صواريخ حزب الله على إسرائيل. إلا أن، وبقدر ما عمد مقاتلو حزب الله وقادته إلى اختيار هذه المواقع من أجل إطلاق الصواريخ لأن قربها من أفراد الأمم المتحدة يجعل تنفيذ الغارات المضادة أمراً صعباً، فإن هذا يمثل جريمة حرب هي اتخاذ الدروع البشرية. وأما وجود دوافع مختلطة لدى مقاتلي الحزب فهو لا يلغي الطابع الجنائي لأفعالهم. كما أن لابد من إجراء تحقيقات، من بينها تحقيقاتٌ من جانب الأمم المتحدة، لتقرير ما إذا كانت قوات الحزب قد تصرفت على نحوٍ غير مشروع من خلال استخدام أفراد الأمم المتحدة "دروعاً بشرية" على نحوٍ مقصود، أو من خلال تعريض أفراد الأمم المتحدة إلى مخاطر غير ضرورية عبر انتشار مقاتلي الحزب في الجوار.
ويستخدم بعض المعلقين مسألة إطلاق الصواريخ من أماكن قريبة من المناطق المأهولة على سبيل تأييد الزعم القائل بأن حزب الله يستخدم المدنيين "دروعاً بشرية" على نحوٍ متكرر. ولا يحظر القانون الإنساني الدولي القتال في مناطق يوجد فيها مدنيون، ولا يحظر وجود القوات في هذه المناطق. ولم تكن الجيوش ملزمةً في يومٍ من الأيام بالقتال في العراء من غير ساترٍ يحميها. إلا أن القانون الإنساني الدولي يفرض على جميع الأطراف في النزاع اتخاذ جميع الاحتياطات المعقولة لحماية المدنيين من آثار القتال. وتقول "تعليقات على البروتوكولين الإضافيين" الصادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن وفود عدة دول إلى المؤتمر الدبلوماسي الذي صاغ بروتوكولي 1977 الملحقين باتفاقيات جنيف سعت إلى تعريف عبارة "كل ما هو معقول" بوصفها تشمل "جميع الظروف ذات الصلة بنجاح العمليات العسكرية". إلا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر رأت أن هذا المعيار "فضفاضٌ جداً":
وعلى أطراف النزاع أن تتجنب، قدر المستطاع، وضع أهداف عسكرية (أفراد ومعدات وأسلحة) في مناطق كثيفة السكان. وكما تشير تعليقات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "لا يجوز مثلاً بناء ثكنات أو تخزين معدات عسكرية أو ذخائر في وسط مدينة".15 إذن، ومع أن استخدام الذخائر في قريةٍ أثناء القتال يمكن أن يكون مشروعاً بموجب القانون الإنساني (رغم أن وجود الذخائر يحول الموقع إلى هدفٍ مشروع)، فإن تخزين هذه الذخائر في القرية ليس مشروعاً.
وعلى أطراف النزاع أيضاً، قدر المستطاع، نقل ما تحت سيطرتها من السكان المدنيين بعيداً عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية.16 وينص "القانون الإنساني العرفي الدولي " الصادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أن هذا الواجب "مهمٌ على نحوٍ خاص حيث يصعب الفصل بين الأهداف العسكرية وبين المناطق كثيفة السكان".17 وبالتالي، فإن على أطراف النزاع التي تعتزم الانتشار في مناطق مأهولة أن تتخذ تدابير تضمن نقل المدنيين إلى أماكن أكثر أمناً.
وفي حين أن الامتناع عن اتخاذ التدابير لحماية المدنيين انتهاكٌ للقانون الإنساني، فإن استخدام المدنيين قصداً لتحصين القوات أو المواقع العسكرية من الهجمات يعتبر انتهاكاً أشد خطورةً، إذ يعني اتخاذهم "دروعاً بشرية". وبما أن تعريف "اتخاذ الدروع البشرية" يتضمن فكرة القصد، فإن كل شخص يأمر به يرتكب جريمة حرب، وذلك في جميع الحالات تقريباً.
ومع أننا وثقنا حالاتٍ قام فيها حزب الله بخزن الأسلحة داخل المنازل المدنية أو بإطلاق الصواريخ من داخل مناطق مأهولة، فإن تحرياتنا حتى اليوم لا تشير إلا إلى عددٍ قليلٍ نسبياً من الحالات التي يمكن أن يكون الحزب قصد فيها تحديداً استخدام وجود المدنيين لحماية نفسه من الهجمات المضادة. ومن المؤكد أن هذه الحالات غير كافية للحديث عن نمط سلوك منهجي أو واسع الانتشار. إلا أن ثمة استثناءً هاماً هو كثرة إطلاق حزب الله الصواريخ من جوار مراكز الأمم المتحدة إذ تشير الأدلة بقوةٍ إلى أن أحد السببين المرجحين لقيامه بذلك هو استخدام أفراد الأمم المتحدة غير المقاتلين دروعاً لحماية حزب الله من الهجمات المضادة.
وحتى حيث قام حزب الله بتعريض المدنيين للخطر من خلال تنفيذ عملياته العسكرية على نحوٍ غير مشروع بالقرب من مناطق كثيفة السكان، فإن قوانين الحرب لا تبرر لإسرائيل الرد من خلال هجماتٍ غير متناسبة. ويحظر القانون الإنساني الدولي على الأطراف المتحاربة شن هجماتٍ تكون الخسائر المدنية المرتقبة فيها غير متناسبةٍ مع الميزة العسكرية المنتظرة، حتى وإن كان الطرف الآخر يرتكب انتهاكاتٍ لقوانين الحرب.
ومع أن القانون الإنساني النافذ أثناء النزاع بين إسرائيل وحزب الله لا يفرض على المشتركين في الأعمال العدائية ارتداء لباسٍ موحد،18 فإن الظهور المتكرر لمقاتلي حزب الله بالملابس المدنية وامتناعهم عن حمل أسلحتهم على نحوٍ ظاهر أدى إلى تعريض السكان في لبنان إلى الخطر. فبما أن مقاتلي الحزب عادةً ما يستخدمون الملابس المدنية، فإن هذا يجعل من الصعب على القوات الإسرائيلية التمييز بين المقاتلين وغيرهم من الذكور المدنيين الذين في سن القتال؛ وتزيد هذه الصعوبة من خطر عمليات الجيش الإسرائيلي على السكان المدنيين في لبنان. إلا أن امتناع مقاتلي حزب الله عن تمييز أنفسهم بصفتهم مقاتلين لا يعفي القوات الإسرائيلية من واجب التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين، ومن واجب استهداف المقاتلين فقط.19 وأما كون هذه المهمة صعبةً في بعض الأوقات فهو لا ينفي وجود الالتزام. وإذا ثار الشك حول ما إذا كان شخصٌ ما مدنياً أم غير مدني فإن ذلك الشخص يعد مدنياً وليس هدفاً عسكرياً مشروعاً.20
خلاصة بمنهجية البحث وبالأخطاء التي جرى تصحيحهايأتي هذا التقرير امتداداً لتقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في أغسطس/آب 2006 بعنوان "الضربات القاتلة: هجمات إسرائيل العشوائية ضد المدنيين في لبنان". وهو يمثل أوسع دراسةٍ لوفيات المدنيين في لبنان حتى الآن، ويستند إلى أبحاثٍ ميدانية واسعة. فخلال خمسة أشهر من البحث المتواصل في لبنان وإسرائيل، حققت هيومن رايتس ووتش في مقتل أكثر من 561 شخصاً أثناء الغارات الإسرائيلية الجوية والبرية، وجمعت معلومات إضافية موجزة عن 548 وفاة أخرى، أي بما يبلغ مجموعه 1109 حالة (بين مدني ومقاتل) خلال النزاع الذي استمر 34 يوماً. كما قابلت هيومن رايتس ووتش على انفراد أكثر من 355 من ضحايا وشهود الهجمات، وجمعت معلومات من المستشفيات والمنظمات الإنسانية والصحفيين والخبراء العسكريين والمؤسسات الحكومية. وزارت أكثر من 50 قرية، حيث أجرت تحريات في الموقع. كما أجرت هيومن رايتس ووتش أبحاثها في إسرائيل أيضاً؛ وتحرت عن استخدام إسرائيل للأسلحة، وناقشت سلوك القوات مع مسؤولي الجيش الإسرائيلي.
وقد طلبت هيومن رايتس ووتش معلوماتٍ من المسؤولين الإسرائيليين في عددٍ من المناسبات. وعقد باحثونا اجتماعات كثيرة مع مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وفي الجيش، ووزارة العدل. كما بعثنا في 8 يناير/كانون الثاني 2007 برسالةٍ إلى وزير الدفاع آنذاك عامير بيريتز طالبين معلوماتٍ تفصيلية عن الحالات الموصوفة في التقرير، وهذه الرسالة ملحقةٌ بالتقرير. وتحدثت هيومن رايتس ووتش أيضاً مع جنود وضباط إسرائيليين لمعرفة المزيد عن الأوامر التي وجهها الجيش الإسرائيلي إلى جنوده وعن الاحتياطات التي اتخذها لتفادي إصابة المدنيين.
ولا يتناول هذا التقرير مهاجمة إسرائيل البنية التحتية اللبنانية؛ وهو ما جرى تناوله في تقارير أخرى.21 ولا يتناول أيضاً استخدام إسرائيل الذخيرة العنقودية إذ تناولنا هذا الأمر على نحوٍ مستقل في تقرير آخر يصدر قريباً وهو لا يتناول أيضاً هجمات حزب الله الصاروخية ضد إسرائيل، فقد جرى تناولها في تقريرٍ مستقل بعنوان "مدنيون تحت الهجوم: هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل خلال حرب 2006".
ويقوم هذا التقرير بتصحيح اثنين من الأخطاء الرئيسية، وعدداً من حالات عدم الدقة الثانوية، في تقريرنا السابق الصادر أثناء حرب 2006 بعنوان "الضربات القاتلة":
وتعبر هيومن رايتس ووتش عن أسفها لهاتين الحالتين من عدم الدقة في تقرير "الضربات القاتلة". وقد صححنا عدداً من الأخطاء الصغيرة المتصلة بتواريخ الغارات، وبأسماء الضحايا وأعمارهم، وبما لم نذكره سابقاً من وجود مكتب مدني فارغ لحزب الله في مبنى استهدفته غارة جوية إسرائيلية في بنت جبيل وقتل فيها اثنان من المدنيين. والهوامش الواردة في هذا التقرير تحدد المعلومات التي جرى تصحيحها تحديداً واضحاً.
وبغية تجنب وقوع أية أخطاءٍ من هذا القبيل في تقريرنا هذا، أعدنا دراسة جميع الحالات الواردة في "الضربات القاتلة"، وأجرينا مزيداً من المقابلات والتحريات في الموقع والزيارات إلى المقابر للتثبت مما إذا كان القتلى مدنيين أم مقاتلين. وفضلاً عن ذلك، حققنا في 71 حالة أخرى على النحو ذاته من التفصيل. ومن هنا، فإن النتائج التي خلصنا إليها لا تستند بأي حالٍ من الأحوال إلى دليلٍ وحيد أو شهادةٍ واحدة؛ بل إلى عددٍ من الأدلة تمثل إجمالاً المعلومات اللازمة للتثبت من ظروف كل هجوم ومن هوية ضحاياه. وتؤكد نتائج هذا التقرير النتيجة الأساسية التي خلص إليها تقرير "الضربات القاتلة"، وهي: المدنيون اللبنانيون هم الضحية الأولى للقصف الإسرائيلي على لبنان؛ وقد لاقوا حتفهم بالأساس بسبب الطبيعة العشوائية للغارات الإسرائيلية لا بسبب ممارسات حزب الله.
1 لم تقدم السلطات الإسرائيلية رقماً إجمالياً لغاراتها على لبنان. وطبقاً لتقديرات مركز الأمم المتحدة لتنسيق عمليات إزالة الألغام (UNMACC)، استخدمت إسرائيل في ضرباتها الجوية والبرية خلال أسابيع الحرب الأولى ما يصل إلى 3000 قنبلة وصاروخ وضربة مدفعية يومياً، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 6000 مع اقتراب الحرب من نهايتها. انظر: http://www.maccsl.org/War%202006.htm. 2 حنان غرينبرغ، "حالوتس: سيفكر نصر الله جيداً في كلماته في خطابه القادم"، (חלוץ: בנאום הבא נסראללה יחשוב טוב על מילותיו)، يينيت نيوز، 24 يوليو/تموز 2006، http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-3280528,00.html (تمت زيارة الصفحة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2006). 3 انظر هيومن رايتس ووتش، "رهائن مدنيون: انتهاكات قوانين الحرب واستخدام الأسلحة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية" (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 1996)؛ هيومن رايتس ووتش، "عملية عناقيد الغضب" (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 1997). 4 "رهائن مدنيون: انتهاكات قوانين الحرب واستخدام الأسلحة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية" (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 1996)، ص 92. 5 تصريح للسفير دان غيلرمان، الممثل الدائم لإسرائيل في الأمم المتحدة، أثناء انعقاد النقاش المفتوح حول "الموقف في الشرق الأوسط ومنه المسألة الفلسطينية"، مجلس الأمن، نيويورك، 21 يوليو/تموز 2006، وثائق الأمم المتحدة S/PV.5493 6 يقدر مركز تنسيق عمليات إزالة الألغام التابع للأمم المتحدة في جنوب لبنان الذخيرة العنقودية الإسرائيلية التي تم إطلاقها بأنها تحتوي على 4 مليون قطعة ذخيرة عنقودية صغيرة انتشرت على مساحة 36.6 كيلومتر مربع في لبنان، ومنها مساحة 4.3 كيلومتر مربع من المناطق الحضرية و4.7 كيلومتر مربع من كروم الزيتون، وقد أصابت 916 نقطة إصابة منفصلة، تقرير مايو/أيار 2007 عن مركز تنسيق عمليات إزالة الألغام التابع للأمم المتحدة في جنوب لبنان، ص 1، على: http://www.maccsl.org/reports/Monthly%20Reports/Monthly%202007/Monthly%20Report%20May%2007.pdf (تمت زيارة الموقع في 17 يوليو/تموز 2007)؛ أيضاً برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تلوث الأراضي، حتى 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، "حرب 2006: 916 ضربة بالقذائف العنقودية، خريطة، حتى 20 يوليو/تموز 2007"، على: http://www.maccsl.org/War%202006.htm (تمت زيارة الموقع في 17 يوليو/تموز 2007). 7 رد إسرائيل على اتهاماتٍ باستهداف مواقع مدنية في لبنان خلال "حرب لبنان الثانية"، وثيقة وردت في رسالة إلكترونية من جيل هاسكل، وزارة الخارجية الإسرائيلية، إلى هيومن رايتس ووتش، مايو/أيار 2007، وذلك رداً على رسالةٍ بعثت بها هيومن رايتس ووتش إلى وزير الدفاع عامير بيريتز في 8 يناير/كانون الثاني 2007. 8 مركز تنسيق عمليات إزالة الألغام التابع للأمم المتحدة في جنوب لبنان (NACC SL)، ورقة معلومات حول القنابل العنقودية بجنوب لبنان في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، http://www.maccsl.org/reports/Leb%20UXO%20Fact%20Sheet%204%20November%202006.pdf (تمت زيارة الصفحة في 18 مارس/آذار 2007)؛ وحتى 5 يونيو/حزيران 2007 قام العاملون بالتعاون مع مركز الألغام في لبنان من مقاولين ومهندسين تابعين لقوة الأمم المتحدة في لبنان والقوات المسلحة اللبنانية، بإخلاء وتدمير أكثر من 118700 قذيفة عنقودية صغيرة عاطلة لم تكن قد تفجرت لدى الارتطام. تقرير مايو/أيار 2007 عن مركز الألغام. 9 مركز الألغام، الإصابات (المدنيين وإزالة الألغام) في الجنوب اللبناني منذ 14 أغسطس/آب 2006 إلى 20 يونيو/حزيران 2007، على: http://www.maccsl.org/reports/Victims/Casualties%20Tables.pdf (تمت زيارة الموقع في 16 يوليو/تموز 2007). 10 "إسرائيل تقول إن العالم يؤيد هجومها"، أخبار بي بي سي على الإنترنت، 27 يوليو/تموز 2006. 12 مع أن مصطلح "جريمة الحرب" يُستخدم على نحوٍ شائع للدلالة على أي انتهاكٍ فاضح لقوانين الحرب من قبل الأشخاص المتحاربين أو الأطراف المتحاربة، فإن هيومن رايتس ووتش تستخدمه بمعناه الفني القانوني حصراً. إن جريمة الحرب انتهاكٌ خطير لقواعد القانون الإنساني الدولي يرتكبه أشخاص مع توفر القصد الجنائي (أي مع توفر القصد أو اللامبالاة). وجرائم الحرب محددةٌ في الاتفاقيات النافذة، ومنها المخالفات الخطيرة لأحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام 1977 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي محددة كذلك في القانون الإنساني الدولي العرفي. 13 نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً مستقلاً حول الهجمات الصاروخية التي نفذها حزب الله ضد إسرائيل في انتهاك للحظر الذي يفرضه القانون الإنساني على الهجمات المتعمدة أو العشوائية ضد المدنيين والأعيان المدنية. وعنوان التقرير: "مدنيون تحت الهجوم: هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل أثناء حرب 2006". 14 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "تعليقات على البروتوكولين الإضافيين ليونيو/حزيران 1977 الخاصين باتفاقيات جنيف في 12 أغسطس/آب 1949 (جنيف: مارتينوس نيجوف للنشر، 1987)"، ص 681 – 682. 15 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "تعليقات على البروتوكولين الإضافيين"، ص 694. 16 انظر البروتوكول الإضافي على اتفاقيات جنيف في 12 أغسطس/آب 1949، والبروتوكول الأول في 8 يونيو/حزيران 1977، 1125 U.N.T.S.3، دخل حيز النفاذ في 7 ديسمبر/كانون الأول 1978، المادة 58(أ). 17 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "القانون الدولي الإنساني العرفي" (مطبعة جامعة كامبردج، 2005)، ص 76. 18 تنص المادة 44 من البروتوكول الأول على: "يلتزم المقاتلون، إزكاءً لحماية المدنيين ضد آثار الأعمال العدائية، أن يميزوا أنفسهم عن السكان المدنيين أثناء اشتباكهم في هجوم أو في عمليةٍ عسكرية تجهز للهجوم". لكن إسرائيل ليست طرفاً في البروتوكول الأول؛ كما لا تعتبر المادة 44 معبرةً عن القانون الإنساني الدولي. 19 البروتوكول الأول، المادة 48. 20 البروتوكول الأول، المادة 50(1). 21 انظر منظمة العفو الدولية، "تدميرٌ متعمد أم ’أضرار مصاحبة‘؟: هجمات إسرائيل ضد البنية التحتية المدنية"، (لندن: منظمة العفو الدولية، أغسطس/آب 2006)؛ مركز إنفوبرو للمعلومات الاقتصادية، "الأثر الاقتصادي لحرب يوليو/تموز 2006، والخطوات الرامية إلى الخروج من هذا الوضع"، (بيروت، إنفوبرو، 2006)؛ معهد أبحاث اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز، "شاهد عيان في لبنان، يوليو/تموز ـ أغسطس/آب 2006: بحثٌ في القانون الدولي"، (واشنطن، دي سي: معهد أبحاث اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز، يونيو/حزيران 2007).
|